لماذا تصاعدت مستويات العنف بين الفلسطينيين وإسرائيل في الفترة الأخيرة؟

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة،

فلسطينيون يلقون بالحجارة على مركبة عسكرية إسرائيلية خلال مداهمة بالقرب من الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، 1 سبتمبر/أيلول، 2023.

قتلت القوات الإسرائيلية ستة فلسطينيين وأصابت العشرات في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة خلال هجمات ومواجهات عسكرية خلال اليومين الماضيين ووسط إطلاق كثيف لقنابل الغاز.

وأكدت المصادر الفلسطينيية مقتل أربعة من الفلسطينيين في غارة إسرائيلية على جنين باستخدام طائرة مفخخة، وأخرى على أريحا أدت إلى مقتل شاب فلسطيني.

وقتل أربعة فلسطينيين في غارة عسكرية في وقت متأخر من الليل على مخيم جنين للاجئين، وأصيب فيها أيضاً نحو 30 شخصاً، بحسب مسعفين فلسطينيين.

فيما قتل شاب فلسطيني آخر خلال غارة إسرائيلية في أريحا، صباح الأربعاء.

وقتل الشاب الفلسطيني السادس خلال مظاهرات عنيفة مساء الثلاثاء بالقرب من السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل.

ويأتي ذلك مع تصاعد العنف قبل أول اجتماع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن.

وكان قتال عنيف اندلع ليلة الثلاثاء في مخيم جنين، الذي يعتبر معقل المسلحين الفلسطينيين الذين يشنون هجمات على إسرائيل، حيث شن الجيش الإسرائيلي أكبر عملية له منذ سنوات في الضفة الغربية في يوليو/تموز الماضي.

وقالت القوات الإسرائيلية إن قواته تبادلت إطلاق النار مع مسلحين محليين ونفذت ضربة نادرة باستخدام طائرة انتحارية بدون طيار.

وأشارت الى أنه وأثناء مغادرتها المعسكر، انفجرت عبوة ناسفة أسفل إحدى مركباتها، ما أدى إلى إنقاذ من كانوا بداخلها. ولم يصب أي جندي بأذى.

وجميع الفلسطينيين الأربعة الذين قتلوا هم رجال في العشرينات من العمر، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وقالت الجماعات الفلسطينية المسلحة إن ثلاثة من القتلى هم من أعضائها.

  • "قبل عامين كان هناك عشرات المسلحين في جنين والآن هناك المئات منهم"
  • ماذا نعرف عن مدينة جنين ومخيمها؟
  • مقتل ضباط من السلطة الفلسطينية في اشتباك مع الجيش الإسرائيلي
تخطى البودكاست وواصل القراءة

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات

البودكاست نهاية

وبعد وقت قصير من انسحاب القوات الإسرائيلية من مخيم اللاجئين، قالت السلطة الفلسطينية إن مسلحين أطلقوا النار على مجمعها في جنين.

وإراقة الدماء في جنين هي الأحدث في تصاعد أعمال العنف في الضفة الغربية، حيث يقول الجيش الإسرائيلي إنه يقوم بأنشطة لمكافحة الإرهاب خلال العام ونصف العام الماضيين.

وشهدت جنين في العام الماضي، اقتحامات عسكرية إسرائيلية متكررة، ربطت قوات الأمن الإسرائيلية بين الفلسطينيين في المدينة ومخيمها وبين هجمات إطلاق نار متعددة استهدفت إسرائيليين.

وصرّح المتحدث باسم قوات الدفاع الإسرائيلية، المقدم نير دينا، للصحفيين حينها بأن جنين كانت ملجأً آمناً للإرهابيين.

وقال حينها: "قبل أسابيع قليلة كانت هناك محاولة لإطلاق صاروخ من جنين باتجاه إسرائيل، وفشل وسقط داخل الضفة الغربية، نحن قلقون جداً من أن يصبح هذا نوعاً من الظواهر".

وشهد صباح الأربعاء غارة عسكرية إسرائيلية دامية على مخيم عقبة جبر للاجئين في أريحا.

وقال المستشفى المحلي إن شاباً يبلغ من العمر 19 عاماً توفي برصاصة في الرأس.

كما اعتقلت القوات الإسرائيلية خلال الليل 12 فلسطينياً من أنحاء متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، وقال نادي الأسير الفلسطيني إن الاعتقالات تركزت في مدن جنين وطوباس ورام الله وأريحا والخليل وطولكرم ونابلس والقدس.

وجاء في بيان الجيش الإسرائيلي أن قواته تعرضت إلى إطلاق نار وإطلاق عبوات ورشق بالحجارة وإطلاق مفرقعات نارية.

ارتفاع في مستويات العنف؟

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة،

متظاهرون فلسطينيون يتجمعون بالقرب من الجدار الحدودي خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية على الحدود الشرقية لقطاع غزة، 15 سبتمبر/أيلول 2023.

على الرغم من أن جولات العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين ليست جديدة وهي مستمرة منذ سنوات، إلا أنه يمكن رسم مرحلة جديدة منها، بدأت في عام 2021، مع محاولة تهجير الفلسطينيين في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية في أبريل/نيسان والتي كانت إسرائيل قد احتلتها في حرب عام 1967.

واندلعت جراء محاولات التهجير هذه واقتحام إسرائيل للمسجد الأقصى، حرباً بين اسرائيل وحركة حماس في مايو/أيارعام 2021، أطلقت خلالها حماس أكثر من 4 آلاف صاروخ على مناطق في إسرائيل، وانتهت بعد وساطات وضغوط دولية.

وازدادت التوترات، بعد هروب 6 سجناء فلسطينيين من سجن جلبوع شديد الحراسة في 6 سبتمبر/أيلول من خلال نفق حفر في زنزانة السجن.

وشكلت عملية الهروب، حرجاً شديداً لإسرائيل حيث كشفت وسائل الإعلام، العديد من الثغرات الأمنية في نظام السجون الإسرائيلي.

وكان هذا الهروب هو الأول الذي تشهده السجون الإسرائيلية منذ 20 عاماً، وحدث نتيجة ما وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بأنه سلسلة من "الأخطاء الفادحة" التي وقع فيها مسؤولون إسرائيليون.

وقامت إسرائيل بإعادة القبض على السجناء الهاربين على مدى أسبوعين، وألقت القبض على السجينين الأخيرين منهم بالقرب من مدينة جنين.

وتصدر مخيم جنين عناوين الأخبار في العام 2021 مع ظهور جماعة مسلحة جديدة هي "كتيبة جنين" التي يقول مراقبون إنها تضم عناصر من تنظيمات الجهاد الإسلامي وحركتي فتح وحماس، إضافة إلى عناصر لا تنتمي إلى أي تنظيمات سياسية.

ويعتقد أن مؤسس الكتيبة هو جميل العموري، الذي اغتالته إسرائيل في 10 يونيو/ حزيران من العام نفسه، داخل المخيم، وكان العموري قيادياً بارزاً في سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.

ومنذ ذلك الحين، ازداد أعداد المسلحين في مخيم جنين وازداد نشاطهم ضد الأهداف الإسرائيلية.

وفي أغسطس/آب من العام 2022، قال نادي الأسير الفلسطينيّ إن قوات الإسرائيلية قتلت عشرات الفلسطينيين كما اعتقلت نحو 400 آخرين من محافظة جنين وبلداتها ومخيمها منذ بداية العام 2022.

وأضاف النادي أن القوات الإسرائيلية هدمت أيضاً منذ مطلع العام نفسه، سبعة منازل في جنين، تعود إلى معتقلين ومسلحين كانوا قتلوا خلال اشتباكات سابقة معها.

ويقول مراقبون إن ذلك زاد من أعداد الشبان الذين انضموا الى كتيبة جنين وإنه ولّد نوع من الحقد أو الثأر الشخصي بين الشبان داخل المخيم والقوات الإسرائيلية، خصوصاً وأن الشبان الفلسطينيين فقدوا أخوة أو أقرباء أو أصدقاء، مما دفعهم الى الانضمام للكتيبة.

واستمرت جولات العنف في جنين منذ بداية العام 2023، حيث قتلت القوات الإسرائيلية 77 فلسطينياً، فيما كان يرد الفلسطينيون في عمليات انتقامية، إما باستهداف مستوطنات بالضفة الغربية أو بعمليات في داخل اسرائيل. وقتل في العمليات هذه 35 إسرائيلياً.

ويأتي تدهور الأمن في الضفة الغربية، وهي إحدى المناطق التي يسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولتهم عليها، وسط عراقيل مستمرة منذ نحو عشر سنوات في عملية صنع السلام التي ترعاها الولايات المتحدة، وصعود حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة من جهة وتزايد في عدد المقاتلين الإسلاميين من جهة أخرى.

ويبدو أن التوترات تمتد الآن إلى غزة التي تشهد منذ أيام احتجاجات عنيفة بالقرب من السياج الفاصل، حيث قالت القوات الإسرائيلية إن العشرات من الفلسطينيين تجمعوا حوله وقاموا بتفجير عبوات ناسفة، مما اضطرها الى الرد عليه "بوسائل مكافحة الشغب ونيران القناصة".

وأبقت إسرائيل معبر إيريز مع غزة مغلقاً بشكل شبه كامل منذ عطلة رأس السنة اليهودية يوم الجمعة، رداً على تجدد التظاهرات مؤخراً بالقرب من السياج. ومُنع آلاف العمال الفلسطينيين من دخول إسرائيل.

وتصاعدت الاحتجاجات في غزة مساء الثلاثاء، وتمكن بعض المتظاهرين من اختراق السياج.

ويقول محللون إن حركة حماس، التي تحكم غزة، سمحت باستمرار الاحتجاجات في الوقت الذي تحاول فيه الحصول على أفضلية وتقدم في المحادثات غير المباشرة مع إسرائيل بوساطة قطر.

وتصاعدت التوترات الأخيرة في غزة نتيجة لتأخير المساعدات القطرية التي تسمح إسرائيل بدخولها إلى المنطقة.