كيف نجح ولي العهد السعودي في وضع المملكة على سكّة التحديث؟


الدار/ افتتاحية

التجربة التي يقودها وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان ملهمة ومثيرة للإعجاب وجديرة بالتحليل والدراسة من أجل استخلاص الدروس والعبر، التي قد تفيد بلدانا أخرى تبحث عن طريقها في عالم جديد ومتقلب تبرز فيه قوى صاعدة وتحالفات مختلفة وتحديات اقتصادية وبيئية غير مسبوقة. عندما تولّى هذا الشاب الطموح المسؤولية تعرّضت صورته في البداية إلى خدش بسبب أزمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في سفارة المملكة العربية السعودية بتركيا. كان العديد من المراقبين يعتقد أن هذه الحادثة ستشكل نهاية الصعود السياسي للأمير محمد بن سلمان، لكن الذي حدث فاجأ كل التوقعات.

لقد نجح الأمير الشاب بسرعة في إعادة سكة الاهتمام الدولي والإقليمي إلى التركيز على ما يقدمه لبلاده من آفاق جديدة مبهرة سواء على صعيد التغيير الثقافي والاجتماعي، بفتح المجتمع السعودي أمام المؤثرات الحضارية العصرية أو على صعيد مواجهة الفكر الوهّابي المتحجر الذي كان لعقود طويلة لصيقا بالقرار السياسي في البلاد ومؤسسات الدولة وتوجهاتها واختياراتها. لم يكن من السهل على أمير شاب في ظل أجواء سياسية متقلبة إقليميا ودوليا أن يخطو هذه الخطوة الجريئة ويطلق ورش التحديث في المملكة العربية السعودية، ليس فقط على مستوى البنيات والهياكل الاقتصادية والتكنولوجية بل على صعيد بنية المجتمع الفكرية وتوجهاته المذهبية والدينية. هذه الخطوة في حد ذاتها دخلت سجلّ منجزات هذا الرجل وستُحسب له في المستقبل.

سيذكر التاريخ أن الأمير محمد بن سلمان هو الذي ألغى الكثير من القرارات والقوانين الجائرة التي كانت تضع المملكة في مصاف الدول التي تضيّق على حقوق الإنسان والمرأة على الخصوص. أشهر هذه القوانين التي كانت بمثابة نكتة يتداولها الغربيون في الماضي عن المملكة هي حرمان المرأة السعودية من سياقة السيارة. كان ذلك بناء على فتوى رجعية ومتخلفة من بعض رجال الدين، وكم عانت صورة المملكة العربية السعودية من الاتهامات المتعصّبة بسبب هذه الفتوى التي تمثل مجرد نموذج واحد من بين عشرات النماذج عن ذلك التصور المتحجّر للدين وعلاقته بالمجتمع. وسيذكر التاريخ أيضا أن عهد محمد بن سلمان شهد هذا الانفتاح غير المسبوق للمجتمع السعودي على الكثير من ميادين الفن والثقافة والترفيه، بعد أن أضحت اللجنة المختصة في هذا المجال، التي يرأسها صديقه ومستشاره تركي آل الشيخ من بين أنشط الهيئات في البلاد، ونجحت في ظرف وجيز في خلق وتنظيم أحداث فنية عالمية خطفت الأضواء. وسيذكر التاريخ أيضا أن المملكة تحوّلت في ظرف وجيز إلى قبلة لنجوم كرة القدم العالمية وأصبح الدوري السعودي واحداً من أكثر دوريات كرة القدم التي تحظى باهتمام الجماهير عبر العالم.

محمد بن سلمان قائد يدرك جيدا أن للمملكة العربية السعودية طاقات ومؤهلات هائلة تتجاوز الاحتياطي العالمي الأكبر من النفط. السعودية في نظره ليست مجرد خزان بترول يغرف منه العالم دون أن ينضب. إنه يؤمن أن المملكة تمتلك ثروات أخرى لا تقل قيمة بل هي أثمن بكثير من الثروة النفطية. المملكة العربية السعودية قادرة إذاً وفقا لرؤية بن سلمان على تنويع اقتصادها وتعزيز مصادر دخلها، باعتبارها محجاً وقبلة لملايين المسلمين وبوصفها جوهرة سياحية غنية بالمواقع الطبيعية والتاريخية التي يحبس النظر إليها الأنفاس. من كان يعرف قبل محمد بن سلمان أن للمملكة مواقع تاريخية مبهرة مثل مدينة العلا التي أضحت اليوم قبلة للمشاريع السياحية الطموحة؟

منذ عام 2016 فقط، تاريخ إطلاق بن سلمان مشروعَ رؤية 2030 نجحت المملكة في تحطيم أرقام قياسية على مستوى الاستثمارات والنمو والتنمية في شتى المجالات. لقد تجاوزت القيمة الإجمالية للمشاريع العقارية والبنية التحتية في السعودية، التي تم إطلاقها منذ إعلان الرؤية، نحو 1.25 تريليون دولار، فيما بلغت قيمة المشاريع التي نفذت منها 250 مليار دولار، بحسب تقرير صادر حديثا. وأصبحت المملكة العربية السعودية من أسرع الدول نموا في مجموعة العشرين؛ وأضحت تنافس الهند من حيث سرعة معدلات النمو. كما حققت السعودية أعلى معدل نمو ضمن مجموعة دول العشرين العام الماضي، حيث سجل اقتصادها نموا بنسبة 8.7 في المئة، وهو الأعلى منذ 2011.

هذه المعطيات ليست مجرد أرقام، إنها رؤية وتصور عميق ومدروس لهذا الأمير الشاب الذي سيبهر العالم قريبا من خلال إطلاق وشيك لرؤية 2040 لتصبح المملكة العربية السعودية في مصاف الدول العشر الأوائل على مستوى القوة الاقتصادية وخلق الثروات والتأثير في النمو العالمي. وهذا النوع من الرؤى التنموية الطموحة للغاية هي التي تمتّع بعض القادة والسياسيين بما يجعلهم ضمن الشخصيات الأكثر تأثيرا في العالم، على غرار ما استطاع قادة دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازه في بلادهم. لقد ولّى زمن الاعتماد على النفط، وستدخل المملكة العربية السعودية كدولة الإمارات عصر تنويع الأنشطة الاقتصادية وتعزيز الموارد وبناء بلد حديث ومؤثر يستثمر استثمارا فعالا كل المؤهلات التي يحفل بها.

تاريخ الخبر: 2023-09-22 12:26:57
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:24:54
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

أعضاء مجلس الأمن يعربون عن قلقهم بشأن تصاعد التوتر في السودا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:22:28
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

اعتقال عشرات المؤيدين لفلسطين في عدد من الجامعات الأمريكية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:22:33
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

بسبب انخفاض الذكور.. 90% في اليابان يدعمون فكرة تولي امرأة م

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:22:38
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

وزارة الدفاع تعلن وظائف عسكرية للجنسين - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:23:59
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 52%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية