في خطوة تعكس تحولًا لغويًا متزايدًا جاريًا في المستعمرات الفرنسية السابقة في جميع أنحاء إفريقيا، وسعت الجزائر برنامجًا تجريبيًا لتعليم اللغة الإنجليزية، بعد مرور أكثر من عام على إطلاقه في المدارس الابتدائية، وتشيد البلاد به بوصفه ناجحا.

وسيشارك الطلاب العائدون إلى الفصول الدراسية بالصفين الثالث والرابع هذا الخريف في فصلين للغة الإنجليزية أسبوعيا، مدة كل منهما 45 دقيقة، حيث تنشئ البلاد برامج جديدة، لتدريب المعلمين في الجامعات، وتتطلع إلى المزيد من التغييرات التحويلية في السنوات المقبلة.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل البلاد على تعزيز إنفاذ القانون الموجود مسبقًا ضد المدارس الخاصة التي تعمل باللغة الفرنسية بشكل أساسي.

خيار إستراتيجي

ومع تضاؤل ​​نفوذ فرنسا الاقتصادي والسياسي في جميع أنحاء إفريقيا، أصبحت الجزائر من بين قائمة طويلة من البلدان التي تتحول تدريجيا نحو اللغة الإنجليزية، بوصفها لغتها الأجنبية الرئيسية.

وقال وزير التربية والتعليم عبدالكريم بلعابد: «تعليم اللغة الإنجليزية خيار إستراتيجي في سياسة التعليم الجديدة للبلاد»، مشيدا بهذه الخطوة بوصفها نجاحا هائلا.

اللغة الإنجليزية هي اللغة الأكثر انتشارا في العالم، وتمثل غالبية المحتوى على الإنترنت، وتظل لغة مشتركة في الأعمال والعلوم.

تغيير الدستور

وهذا العام، غيّرت مالي المجاورة دستورها، لإزالة الفرنسية من قائمة اللغات الرسمية، بينما جعل المغرب دروس اللغة الإنجليزية إلزامية في المدارس الثانوية.

لكن الأسئلة حول وضع اللغة الفرنسية في المجتمع الجزائري كانت مستقطبة منذ فترة طويلة، كما يعترف المعلمون ومسؤولو السياسة التعليمية السابقون.

ويعتقد مدير المدرسة الثانوية المتقاعد محمد أرزقي فردي أنه كان على الجزائر أن تبدأ التحول إلى اللغة الإنجليزية منذ عقود. وأطلق المبادرة الحالية الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي تولى السلطة في 2019. وحاول الزعماء السابقون أيضا توسيع نطاق اللغة الإنجليزية، لكنهم فشلوا في التغلب على النخب المتعلمة بالفرنسية التي طالما سيطرت على السلطة في البلاد.



وقال فردي: «لقد فقدنا الكثير من الوقت. كان ينبغي علينا إدخال اللغة الإنجليزية في المدارس الابتدائية عندما طرح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إصلاحاته بعد وصوله إلى السلطة في 1991. لكن في ذلك الوقت، كانت الفصائل الناطقة بالفرنسية في الجزائر تتمتع بسلطة كبيرة في اتخاذ القرار بالمؤسسات».

يأتي التوسع في تعلم اللغة الإنجليزية مع تصاعد التوترات بين فرنسا والجزائر، بينما يشترك الاثنان في المصالح الأمنية بشأن الاضطرابات السياسية التي تشكل غرب إفريقيا المعاصرة. ومع ذلك، تشاجرا مرارا وتكرارا في السنوات الأخيرة حول الهجرة، وتسليم المجرمين، وكيفية إحياء كل دولة ذكرى الاستعمار، والحرب الوحشية التي أدت إلى استقلال الجزائر في 1962.

وتخطط الجزائر لتوسيع برنامجها الحالي إلى الصف الخامس السنة المقبلة، وستواصل تعليم الطلاب باللغة الفرنسية ثلاث ساعات كل أسبوع في المدارس الابتدائية.

دورات تقنية

وعندما بدأ تعلم اللغة الإنجليزية العام الماضي، أكد المسؤولون الجزائريون التزامهم باللغة الفرنسية. وقالوا إنهم سيستمرون في تدريسها على نطاق واسع. لكن في تصريحاته هذا الأسبوع في بداية العام الدراسي، قال كمال بداري، وزير التعليم العالي الجزائري، إن توسيع البرنامج يستهدف تمكين طلاب المدارس الابتدائية من تلقي دورات تقنية في وقت لاحق باللغة الإنجليزية، وليس الفرنسية.

وعلى الرغم من أن قليلين يشككون في أهمية اللغة الإنجليزية، فإن البعض يشعر بالقلق بشأن كيفية تنفيذ الجزائر مثل هذا التحول، والحذر من إعلان النصر في وقت مبكر جدا. يعتقد أحمد تيسا، المستشار السابق لوزارة التعليم الجزائرية، أن جعل الطلاب يتقنون اللغة الإنجليزية لا يمكن أن يحدث إلا بشكل تدريجي، ومن المرجح أن يتطلب أكثر من مجرد إضافة فصول دراسية.

وأضاف: «نحن بحاجة إلى العودة إلى الأساسيات. هذه ليست مهمة صغيرة».

وبغض النظر عن مدى سرعة تحول المدارس إلى اللغة الإنجليزية، فإن علامات التراجع ضد اللغة الفرنسية واضحة في أماكن أخرى. عدد الناطقين بالفرنسية في الجزائر يفوق عدد المتحدثين في جميع الدول باستثناء فرنسا نفسها وجمهورية الكونغو الديمقراطية.



يتحدث بها ما يقرب من 15 مليونًا من سكان البلاد، البالغ عددهم 44 مليون نسمة، وفقا للمنظمة الدولية للغة الفرنسية.

يصور مسؤولوها دروس اللغة الإنجليزية على أنها تحول عملي وليس سياسيا، مشيرين إلى أهمية اللغة في المجالات العلمية والتقنية.

بطأت السلطات استبدال اللغة الإنجليزية باللغة الفرنسية في الألقاب الرسمية بمختلف الوزارات الحكومية.