احتوى المتحف الوطني القطري بالدوحة على آلية عرض مميزة لإحدى الحقب الزمنية التي مرت بها قطر منذ الأزل، وتربط الزوار بتجارب الشعب القطري بين البر والبحر. وتشرك جميع الحواس عبر مزيج إبداعي من المشاهد والأصوات وحتى الروائح المفعمة بالحيوية.

واطلعت "الوطن" خلال جولتها الميدانية على المعرض وصالات العرض التي تضمنت عروضا وأفلاماً لمخرجين عالميين بارزين قدموا صناعة تجارب حية وغامرة، تم عرضها بحجم كبير وجودة فائقة على جدران صالات العرض.

وقد شيد المتحف حول القصر القديم للشيخ عبد اللّه بن جاسم آل ثاني، الذي كان منزل عائلته ومقر الحكومة لمدة 25 عاماً، وقد تم ترميم المبنى الذي يُعدُّ رمزاً وطنيّاً بارزاً ليكون معلماً متميّزاً في قلب متحف قطر الوطني يستمتع الزوار والأجيال القادمة بزيارته.

وتضمنت صالة العرض الأولى بالمتحف بداية القصة التي تعود بنا إلى أكثر من 700 مليون سنة، حين تشكلت شبه جزيرة قطر بفعل القوى الجيولوجية الهائلة، وأصبحت بعد ذلك موطناً لعدد من الكائنات البرية والبحرية المنقرضة. ففي فترات زمنية كانت محاطة باليابسة، وفي فترات أخرى غطاها الماء، ولم تبرز بشكلها الحالي إلا قبل 4000 سنة تقريباً.



وتم عرض فيلما فنيًّا رائعا يقدم فيه تصوّرا لعملية التشكل الجيولوجي لشبه جزيرة قطر، ويعرض لقطات لبعض الكائنات المنقرضة، مثل قطرابسيس ديبروفندس، وهي نوع من الأسماك المدرعة. يحاكي النموذج المعروض في الصالة جزءاً من أحفورة السمكة التي اكتشفت في قطر خلال فترة الستينيات في بئر للتنقيب عن النفط، يبلغ عمقه أربعة كيلومترات تقريباً. وقد عاشت هذه السمكة قبل حوالي 400 مليون عام في العصر الديفوني.

تتضمن المعروضات الرئيسية أحافير لحيوانات ونباتات تنتمي لسبع فترات زمنية مختلفة. وذلك بالإضافة إلى معرض تفاعلي يعرض للزوار معلومات مفصلة عن العمليات الجيولوجية المعقدة التي أدت إلى تشكل شبه جزيرة قطر.

كما أن فيلم "البدايات" يأخذك في رحلة مشوقة لتتعرف من خلالها على عجائب الكون والخلق، وتكتشف كيف بدت الأرض قبل مئات ملايين السنين، وكيف كانت قطر في ذلك الوقت.

وتم عرض البيئات الطبيعية المتنوعة في قطر، حيث يعيش عدد لا يحصى من الكائنات الحية النباتية والحيوانية، التي تكيفت تماماً مع هذه البيئات.

وحول الآثار ترك سكان قطر آثاراً تدل على أسلوب حياتهم في هذا المكان في الماضي، بداية من المستوطنين الأوائل في الخيام قبل آلاف السنين، وصولاً إلى التجار في المدن والبلدات التي ازدهرت في القرن التاسع عشر

وفي المتحف تم عرض التنقل كعنصر أساسي في هوية أهل قطر، الذين كانوا يتنقلون موسميّاً بين البر والبحر بحثاً عن الماء والمرعى، وبيع وشراء السلع المختلفة.

وتربط الشاشات الانتقالية صالة العرض الأولى بالثانية، حيث تظهر قطر على خارطة الطرق التجارية القديم

كما روى لنا المتحف مشهد الحياة في البر، حيث أدت قسوة البيئة وتحدياتها إلى خلق روابط وعادات اجتماعية قوية، ومعارف وقيم متنوعة تناقلتها الأجيال

ويشاهد الزائر عند نزوله باتجاه صالة العرض الخاصة بالحياة على الساحل نموذجاً كبيراً لموقع الزبارة الأثري، المدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، كما تم إبراز جمالية اللؤلؤ الذي تم جمعه من مياه قطر عبر القرون. ويتضمن المتحف عرض فيلم يستحضر "ظلال من التاريخ" شخصيات تاريخية، ويعرض قصة مساهمتها في تأسيس دولة قطر بأسلوب شاعري وجميل.

وأبرز المتحف ما شهدته قطر من تطور غير مسبوق نتيجة لتصدير النفط وتطوير إنتاج الغاز الطبيعي المسال، بين سبعينيات القرن الماضي وأوائل القرن الحالي. كما أظهر المعرض الرئيسي في هذه المساحة نموذجاً جميلاً لمدينة الدوحة، يبرز توسع المدينة خلال الأربعين عاماً الأخيرة، مع تطور العمران والبنية التحتية.