إبراهيم حجازي … شاهد علي العمل الإعجازي (3)
إبراهيم حجازي … شاهد علي العمل الإعجازي (3)
ماذا حدث عند انطلاق ساعة الصفر, الثانية بعد الظهر يوم السبت 6 أكتوبر 1973؟… بداية النهاية لأسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر… يتم تسطير تاريخ جديد عظيم يذهل العالم ويثبت أن مصر لا تعرف المستحيلا ولا ترضي بالخلود بديلا… وكل ذلك ليس صعبا أو بعيدا مادام خير أجناد الأرض هم جيشها العظيم… ومن هم خير أجناد الأرض؟
** القوات البرية: 31 لواء مشاة, 3 لواءات مظلات, 10 لواءات مدرعة, لواء صواريخ أرض/ أرض… إجمالي أسلحتها 1700 دبابة, 200 عربة مدرعة, 2500 مدفع هاون, 700 قاذف صاروخي مضاد للدبابات, 1900 مدفع مضاد للدبابات.
** القوات الجوية: 610 طائرات منها 305 قتال, 95 تدريب, 70 نقل, 140 هليكوبتر.
** القوات البحرية: 12 غواصة, 34 قطعة بحرية تضم 5 مدمرات, 3 فرقاطات, 14 كاسحة ألغام, 17 قاربا للصواريخ, 30 طوربيدا, 14 قارب إنزال.
** وصلنا ساعة الصفر في الثانية بعد الظهر, وعندها عبرت 220 طائرة فوق القناة إلي عمق سيناء لضرب ثلاث قواعد جوية للعدو وعشرة مواقع صواريخ دفاع جوي وثلاثة مراكز قيادة وعدد من محطات الرادار ومرابض المدفعية بعيدة المدي… العدو فوجئ تماما بالضربة الجوية التي لم يتوقعها ولم تكتشفها راداراته, لأن نسور مصر الجوية دخلت سيناء علي وش الأرض تقريبا تلك البراعة نتاج ما حصلوا عليه من تدريب. هذه الضربة الجوية أصابت أهدافها بنسبة تفوق 90% الأمر الذي جعل القيادة المصرية تعدل عن توجيه الضربة الثانية التي كان مقررا لها الرابعة بعد الظهر, لأن جميع الأهداف تم تدميرها بالفعل في الضربة الأولي… نجحنا بامتياز بفضل الله والتدريب الهائل طوال ست سنوات والتخطيط الرائع… الطائرات دخلت سيناء فوق القناة وخرجت من الأجناب فوق خليج السويس والبحر المتوسط لإفساح المجال للمدفعية لتقول كلمتها.
* التمهيد النيراني للمدفعية بدأ بعد دقيقتين فقط من دخول الطائرات إلي سيناء, لأجل أن تكون سائر أهداف العدو تحت القصف في آن واحد: صواريخ الطائرات للأهداف البعيدة ودانات المدافع للأهداف القريبة حتي 10 كيلومترات في عمق سيناء… لحظتها تم رفع شباك التمويه عن 2000 مدفع لتفجر بركان الغضب علي طول الجبهة بمعدل 10500 دانة في الدقيقة ولمدة 53 دقيقة لتتحول ساحة القتال في الشرق إلي جحيم أوقف أي عمل مضاد للعدو, وإجباره علي الاختباء في الخنادق لتجنب تأثير تفريغ الهواء الناجم عن انفجار دانات المدفعية.
** إجبار العدو علي الاختباء هدفه تأمين عبور لواءات النسق الأول التي مهمتها تأمين الضفة الشرقية للقناة حتي تتمكن وحدات المهندسين من تأدية مهامها في تجريف 81 فتحة في الساتر الترابي وإنشاء المعابر والكباري والمعديات عبر القناة… وسارت الأمور كما تم التخطيط لها بفضل الله.
** تحركت الموجة الأولي من القوارب المطاطية المقاومة للحريق, 1600 قارب تحمل 8000 مقاتل وصلت الشاطئ الشرقي للقناة في 7 دقائق, ولم تكن الموجة الأولي هي الوحيدة ولكنها الأولي في 12 موجة مماثلة تنقسم كل منها إلي مغارز للاستطلاع ومغارز ملاحظة المدفعية ومغارز صاعقة لنصب الكمائن للعدو في عمق سيناء ومغارز لحصار نقاط خط بارليف القوية من الخلف ومغارز لتأمين الساتر الترابي ومنع دبابات العدو من الصعود إلي المصاطب المخصصة لها فوقه ومغارز من أطقم اقتناص الدبابات لصد أي هجوم مضاد… كل هذا طبقا للخطة الموضوعة لضمان السيطرة علي الضفة الشرقية للقناة من أول لحظة وتحقيق المبادأة بعد أن حققنا المفاجأة.
** 50% من نقاط خط بارليف تم الاستيلاء عليها تماما يومي 6 و7 أكتوبر والباقي سقط واستولينا عليه يومي 8 و9 أكتوبر عدا نقطة واحدة سقطت يوم 13 أكتوبر… البعبع الدفاعي الذي شيده العدو في سيناء وقالوا عنه إنه أعظم خط دفاعي عرفته الحروب في العالم انفرط عقده بعد 125 دقيقة من بداية الحرب.
** المعابر والكباري وفتحات الساتر الترابي بدأ العمل فيها بعد 50 دقيقة من بداية الحرب, بدأ المهندسون العسكريون ملحمة في الغرب للربط بين شاطئ القناة بعشرة كباري للدبابات والمدرعات ومثلها للمشاة مع المعديات والمعابر… المهندسون جرفوا أول فتحة في الساتر الترابي في الخامسة والنصف مساء بعد أن أزالوا 1500 متر مكعب من الرمال بواسطة 4 طلمبات نفاثة وكانت الحصيلة المجمعة لهذا الجهد الخارق تمزيق الساتر عن طريق 81 فتحة بإجمالي تجريف لثلاثة ملايين متر مكعب رمالا… وتبع ذلك الانتهاء من أول معدية في الساعة السادسة والنصف مساء وأول كوبري في الساعة الثانية والنصف مساء يوم 6 أكتوبر.
** أول مقاتل مصري حملته الموجة الأولي من القوارب المطاطية وصل إلي قمة الساتر الترابي ورفع علم مصر عليه كان بعد 37 دقيقة من بداية الحرب, وبعدها توالي رفع الأعلام المصرية علي الساتر… الساعة الثالثة بعد الظهر كانت قواتنا في الشرق قوامها 800 ضابط و13500 جندي تزايد حتي وصل في الخامسة والنصف إلي 2000 ضابط و30ألف جندي. وفي العاشرة مساء كان سلاح المهندسين قد انتهي من فتح 60 ثغرة من أصل 81 في الساتر الترابي وأنشأ 8 كباري ثقيلة و4 كباري خفيفة و31 معدية… وفي منتصف الليل قبل أن ينتهي يوم 6 أكتوبر كان لجيش مصر 80 ألف مقاتل في سيناء نجحوا في الاستيلاء علي ثلث خط بارليف كما نجحوا في تدمير جميع الدفاعات الإسرائيلية شرق القناة وإنشاء رؤوس كباري بعمق 5 كيلومترات في الشرق… انتهي أول يوم قتال والحرب مستمرة والمفاجآت قادمة.