من زلزال الحوز إلى حرب غزة تنكشف سياسات ماكرون وإعلامه


الدار/ افتتاحية

لم تتحمل حكومة إيمانويل ماكرون أن تسمع صوتا مغايرا للأسراب التي تغرّد كل يوم في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة وهي تروي ما يجري في غزة من زاوية نظر واحدة دون أن تلتفت إلى ما يُرتكب من جرائم ضد المدنيين الفلسطينيين. بالنسبة لفرنسا وحكومتها وإعلامها الرسمي الإدانة يجب أن تُوجَّه فقط تجاه ما ارتكبته حركة حماس ضد المدنيين الإسرائيليين أمّا الضحايا الذين يسقطون هذه الأيام بالمئات في غزة بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل فلا مجال للتضامن معهم أو الإصغاء إلى محنتهم. والعنف الذي تعاملت به السلطات الفرنسية مع المظاهرات والمسيرات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني كشف بجلاء حقيقة ماكرون وحكومته.

وبلغ الأمر حد جلد حزب فرنسا الأبية الذي يرأسه المناضل جان لوك ميلونشون لأنه وصف ما ارتكبته حماس بجريمة الحرب ورفض وصفها بالحركة الإرهابية. حتى هذا الخلاف القانوني المعترف به في مجال التشريعات الدولية تدوس عليه سياسة فرنسا الماكرونية اليوم على الرغم من كل المزاعم السابقة بالدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان وحمايتها. وبلاتوهات الإعلام الفرنسي أكبر شاهد على هذه المفارقة الصارخة المؤسفة التي تُظهر ازدواجية صارخة في المعايير وتحيّزا يخرج الصحافة الفرنسية من دائرة المصداقية والموثوقية التي تفرضها القواعد المهنية الأصيلة. ولقد عشنا في المغرب قبل أسابيع قليلة التجاوزات الصارخة لهذا الإعلام خلال تغطيته لحدث كارثة الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز.

من زلزال الحوز إلى زلزال غزة عورة الإعلام الفرنسي تُكشف وتُفضح وتظهر على حقيقتها. إعلام غير مهني ومتحيّز ولا يتمتع بأيّ استقلالية ويخضع لتوجيه واضح وصارخ من طرف السلطات السياسية حرصا على توحيد الرواية ومنطق تحليل الأحداث ولو كان ذلك على حساب أخلاقيات مهنة المتاعب ومبادئها السامية. لم يعد هناك إذاً أيّ مجال بعد اليوم لتصديق المزاعم والادعاءات الفرنسية التي تتخفّى وراء قيم لا تحترمها أبدا ولا تحرص على تطبيقها لكنّها لا تخجل من الدعوة إليها ونصح بلدان أخرى باتباعها. قبل أن تنصح فرنسا باحترام حقوق الإنسان والحريات ينبغي لها أن تفعل ذلك وتسمح للمتظاهرين الذين يرغبون في التظاهر تضامنا مع الشعب الفلسطيني وسكان قطاع غزة بممارسة حقهم.

لكنّ الذي يثلج الصدر هو هذا الوعي الكبير المتنامي في أوساط الجاليات العربية والمسلمة المقيمة في فرنسا وبين بعض الأحزاب والهيئات السياسية المنصفة التي قررت بشجاعة وجرأة أن تتحدّى التوجيهات الرسمية الهادفة إلى التموقع مرة أخرى إلى جانب طرف واحد على حساب الطرف الآخر، وتجاهل المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون تحت وقع الاحتلال والحصار منذ أكثر من عشرين عاما في قطاع غزة. كان أولى بالرواية الفرنسية أن تحاول على الأقل الحفاظ على نوع من التوازن في مقاربة الأحداث والأخبار القادمة من عين المكان بدلا من ترديد بروباغندا أكل عليها الدهر وشرب، وبدأ المواطنون الفرنسيون أنفسهم يشككون في مصداقيتها وحقيقتها.

يضرب هذا السلوك المتحيّز من الحكومة الفرنسية والإعلام الفرنسي مرة أخرى مسمارا جديدا في حكومة ماكرون وولايته الحكومية الثانية التي أفقدتها الكثير من المواقف والخروقات والتجاوزات السياسية والإعلامية والأخلاقية مصداقيتها منذ أن قرّر الرئيس الفرنسي أن يحوّل قصر الإيليزيه إلى خلية تعمل ليل نهار لضرب قيم الجمهورية المعلنة وإظهار حقيقة التوظيف السياسوي لها للحفاظ على مصالح فرنسا في الخارج، لا سيّما بعد الانتكاسات الكبرى التي تعرض لها نفوذ بلاده في حدائقه الخلفية السابقة بغرب إفريقيا. وعندما يوعز ماكرون لوزيره في العدل أن يهدد المتظاهرين الراغبين في إعلان تضامنهم مع ضحايا الحرب على غزة بعقوبات سجنية قد تصل إلى 7 سنوات ندرك أن الرئيس المراهق سائر لا محالة نحو القضاء على البقية الباقية من سمعة فرنسا وإشعاعها.

تاريخ الخبر: 2023-10-13 21:25:26
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

فرحة عارمة لابن الطبيب التازي بعد الإعلان عن مغادرة والده للسجن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:26:00
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 62%

فرحة عارمة لابن الطبيب التازي بعد الإعلان عن مغادرة والده للسجن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:25:52
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 61%

هكذا كانت ردة فعل عائلة الدكتور التازي بعد النطق بالحكم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:26:03
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 68%

هكذا كانت ردة فعل عائلة الدكتور التازي بعد النطق بالحكم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:26:08
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية