دعا أمس، أساتذة ومحاضرون خلال ندوة أقيمت بجامعة صالح بوبنيدر بقسنطينة، بمناسبة اليوم الوطني للهجرة، إلى استحداث وسائل إعلام تهتم بالذاكرة الوطنية، وكذا الاهتمام بدراسة المقاييس المتعلّقة بالتاريخ لترسخ هذا الجانب وسط الأجيال الجديدة.
وأجمع الحاضرون خلال المناسبة التي احتضنتها كلية علوم الإعلام والاتصال والسمعي البصري، على أهمية الحفاظ على التاريخ الثوري للبلاد وترسيخ الذاكرة الوطنية، ذلك أنّ الجزائر تملك من التاريخ الكثير الحافل بالتضحيات، ومن بينها ذكرى مجازر 17 أكتوبر 1961، التي أعطت فيه بلادنا من خلال مهاجريها بعدا آخر للثورة ونقلتها إلى أرض المستعمر الفرنسي، خاصة مع محدودية وسائل الإعلام آنذاك من حيث الزّخم وإعاقة دوره.
وتطرّق الأستاذ بالكلية عبد القادر بلعربي في محاضرته التي حملت عنوان «مجازر 17 أكتوبر 1961 استحضار للتاريخ وترسيخ للذاكرة الوطنية»، إلى أهمية تنظيم مثل هكذا مناسبات ودورها في استذكار الأحداث، مشيرا إلى أنّ السلطات العليا في البلاد عملت بعد الاستقلال على تثبيت الاحتفال بالأيام الوطنية تماشيا مع المسعى المتمثل في الحفاظ على الذاكرة الثورية والتاريخية، مشجّعا الطلبة على ضرورة الاهتمام بدراسة المقاييس المرتبطة بالتاريخ والذاكرة وكذا تأسيس وسائل إعلامية تختص بهذا المجال تحديدا.
من جهتها تحدّثت أستاذة التاريخ الحديث والمحاضرة بكلية علوم الإعلام والاتصال رقية عليوش، في مداخلتها الموسومة بـ «مظاهرات المهاجرين في فرنسا 17 أكتوبر 1961 بين الأهمية والحضور في الكتابات التاريخية»، عن دور المهاجرين الجزائريين في تنوير الرأي العام والتعريف بالثورة، بالرغم من البعد الجغرافي والتضييق والظروف المعيشية الصعبة في أرض المستعمر، إلا أنهم ظلوا مرتبطين بالقضية وقاموا بدعمها ماديا ومعنويا.
وشرحت المتحدّثة أنّ هجرة الجزائريين آنذاك كانت لظروف معيّنة، بسبب تجريدهم من الأراضي والممتلكات وبسبب قوانين تعسفية جعلتهم دون عمل، إضافة إلى مرحلة تجنيدهم الإجباري مطلع الحرب العالمية الأولى، كما أبرزت التخوّف الذي ساد آنذاك من تزايد هجرتهم، وترسيخ أفكار الانتماء للوطن لديهم، إذ تم تأسيس نقابة العمال المغاربة والتي تحوّلت فيما بعد إلى نجم شمال إفريقيا، واعتبرت أولى محطات الدّعم من قبل المهاجرين.
وقالت عليوش إنّ المهاجرين عانوا من ظروف معيشية صعبة، بالإضافة إلى الرقابة الصارمة التي مارسها جهاز الشرطة عليهم، والمشكل من الحركى الذين نقلوا إلى فرنسا، ومارسوا أساليب تعسفية في حق الجزائريين دون التعرّض إلى المساءلة من الشرطة الفرنسية، فضلا عن قرار حظر التجوّل الذي فُرض من الثامنة ليلا إلى الخامسة صباحا، بهدف عرقلة نشاط جبهة التحرير الوطني وقطع سبل التواصل ومعرفة الأخبار.
ولجأت جبهة التحرير الوطني إلى إنزال المهاجرين إلى الشارع بعد الثامنة ليلا، كرد فعل عن الوضع والتطورات الحاصلة، في مظاهرات سلمية منظمة، أدت إلى اعتداءات وجرائم نتج عنها مقتل أكثر من 200 جزائري.
إسلام.ق
