افتتحت اليوم الخميس، بمقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط، أشغال ندوة دولية حول موضوع “هنري ماتيس والمغرب: المنعطف والأصداء” ينظمها المعهد الأكاديمي للفنون، التابع للأكاديمية، وتسلط الضوء على تأثير المغرب على المسار الفني لهذا الرسام العالمي الكبير.
وتشكل هذه الندوة، المنظمة على مدى يومين بمشاركة ثلة من الأساتذة الباحثين المتخصصين في الأعمال التشكيلية لهنري ماتيس (1869 – 1954)، فرصة لتسليط الضوء على الأعمال التي أنجزها هذا الرسام الكبير في المغرب، والذي شكلت زيارتاه لمدينة طنجة، سنتي 1913-1912 مرحلة مفصلية في مساره الفني وفي تجديد أسلوبه الإبداعي، وتركت آثارا ظاهرة على تاريخ الممارسة التشكيلية العالمية والوطنية.
كما يهدف هذا اللقاء الأكاديمي إلى تدارس الأثر الكبير للمغرب في المسار الفني لهذا الفنان العالمي، باعتباره فضاء جاذبا جعله فنانون كبار موضوعا لإبداعهم، وفرصة لإجراء انعطافات كبرى في مسارهم الفني والجمالي، من خلال تفاعلهم مع عوالمه المتعددة.
وفي كلمة له بالمناسبة، قال أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، عبد الجليل لحجمري، إن هذه الندوة تتناول السياقات التاريخية والسياسية والشخصية لزيارتي ماتيس لطنجة، وإعادة عرض أعماله المنجزة في المغرب، والآثار المتنوعة التي ترتبت عن هذه التجربة، سواء على مستوى تاريخ الفنون التشكيلية والرسم في العالم.
وأضاف أن اللوحات التي أنجزها هنري ماتيس في مدينة طنجة سنتي 1913-1912، تعكس طريقة مختلفة في إدراك أضواء المغرب، وألوانه، وإنسانه، مبرزا أن الأعمال الفنية والإبداعية التي أنجزها الأجانب في بلادنا، وكتبوا عن اكتشافاتهم لفضاءاتها وأسرارها وألوانها، تشكل جزءا من تراثنا، ما دام الأمر يتعلق بصور المغرب وبتاريخه، وبمجتمعه.
وأشار إلى أن أكاديمية المملكة المغربية تولي أهمية كبيرة للمجالات الإبداعية والفنية في مسار الثقافة المغربية المعاصرة، وللفنون التراثية المغربية في مختلف تعبيراتها.
من جانبه، قال مدير المعهد الأكاديمي للفنون، محمد نور الدين أفاية، إن هذه الندوة الدولية تبرز علاقة بعض الفنانين الكبار العالميين بالمغرب، كموضوع وكفضاء، والذي بفضل طبيعته أثر بشكل كبير على المسار الإبداعي لمجموعة من الفنانين التشكيليين العالميين، على غرار أوجين دولاكروا وهنري ماتيس.
وأضاف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن أكاديمية المملكة المغربية تسعى لتملك مثل هذه الأعمال الإبداعية وإدراجها ضمن التراث الفني للمغرب، ونظرة الأجانب له.
وفي تصريح مماثل، أعرب مدير الدراسات بمدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بباريس، جاك لينهارت، عن سعادته بالمشاركة في هذه الندوة الفكرية، للحديث عن الرسام هنري ماتيس، “الذي تأثر كثيرا بعدد من العناصر المكونة للفن الإسلامي خلال زيارته لمدينة طنجة سنتي 1913-1912، ما شكل منعطفا حاسما في تطور أسلوبه الإبداعي”.
وتم خلال افتتاح هذا اللقاء العلمي الدولي توزيع الجوائز على المتفوقين في مسابقتي “أفضل ملصق” و”أفضل مقال نقدي” حول أعمال هنري ماتيس، اللتين أطلقهما المعهد الأكاديمي للفنون لتشجيع الفنانين والباحثين الشباب على الاهتمام بالتاريخ الفني لهنري ماتيس، حيث آلت جائزة “أفضل ملصق” للشاب ياسين أيوب، في حين فازت بجائزة “أفضل مقال نقدي” للشابة يسرا عبد المومن.
وتتوزع أشغال اليوم الأول لهذه الندوة الدولية على جلستين يتم خلالها تقديم ومناقشة عروض متنوعة، تتناول الأولى السياق التاريخي والتصويري والأدبي للزيارة التي قام بها الرسام الفرنسي هنري ماتيس لمدينة طنجة، فيما تستعرض الثانية الأثر الكبير الذي خلفته اللوحات المغربية، التي رسمها ماتيس خلال سفره الأول إلى طنجة سنة 1912، في المسار الفني لهنري ماتيس وفي أسلوبه الإبداعي.
وتتواصل هذه الندوة الدولية أشغالها غدا الجمعة، بتنظيم جلستين علميتين أخريين، تتناول الأولى الأسلوب الفني لهنري ماتيس، قبل سفره إلى طنجة وبعده، سواء من حيث الألوان أو الأضواء أو الأشكال، وجلسة أخيرة تتطرق لأصداء الأعمال الفنية للرسام هنري ماتيس عند الفنانين العرب وفي الفن المغاربي بصفة عامة.
المصدر: الدار– وم ع
