مستقبل غزة قبل نهاية الحرب.. قرار إسرائيلي أم مجرد حرب نفسية؟


الدار/ افتتاحية

بدأت إسرائيل تطرح النقاش حول مستقبل الحكم في قطاع غزة قبل نهاية العدوان، والمواجهات الطاحنة التي تدور رحاها بين الجيش الإسرائيلي ومقاومي حركة حماس. وبينما يعيد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التأكيد مرار وتكرارا أن حماس لن يكون لها مكان في غزة بعد نهاية الحرب تتحفظ واشنطن على حديثه عن الاحتفاظ بالمسؤولية الأمنية في القطاع، وكأنها تفهم من ذلك أن تل أبيب تعتزم احتلال غزة مرة أخرى. لكن هذا الحديث السابق لأوانه يبدو نوعا خارج سياق الواقع الميداني الذي يتميز بمواجهات ضارية بين الطرفين وسقوط المزيد من القتلى في صفوف الجنود الإسرائيليين.

يؤكد الخبراء أن فكرة القضاء على حركة حماس تظل مجرد دعاية حربية لا أقل ولا أكثر، ويفترضون أن اجتثاث هذا التنظيم المسلح من وسط مليونين ونصف من سكان القطاع أمر مستحيل تماما، وقد يتطلب في أحسن الأحوال حربا لا نهاية لها. وهذا يعني ضرورة استعداد إسرائيل لحرب تتطلب النفَس الطويل والغطاء السياسي الدولي اللامحدود والإجماع الداخلي الذي لا تشوبه شائبة. إلى أي حدّ تستطيع إسرائيل إذاً أن تسير في خيار الحرب والعدوان؟ هذا الأمر يظل رهينا بتحقيق الأهداف المعلنة بالأساس. إذا لم ينجح الجيش الإسرائيلي في اقتناص أهداف ثمينة في أقرب الأوقات فمن الصعب إقناع الرأي العام الغربي والإسرائيلي بجدوى استمرار هذه الحرب لا سيّما إذا لم يتحقق أيّ تقدم في مفاوضات إطلاق الأسرى الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين.

بقاء حماس أو رحيلها رهين إذاً بنتيجة هذه المواجهة التي قد تشهد في أيّ لحظة مفاجآت أو تطورات غير منتظرة. يكفي على سبيل المثال أن تتعرض القوات الإسرائيلية لاستهداف نوعي يؤدي إلى مقتل عدد كبير من أفرادها حتّى يحدث التغيير الجذري في المواقف الرسمية والشعبية الإسرائيلية. من نقاط ضعف المجتمع الإسرائيلي أنه يريد تحقيق الأمن وإنجاز المهمات العسكرية بنجاح لكنّه يتوجس كثيرا من الثمن البشري الذي يمكن أن يدفعه مقابل ذلك. في الجبهة المقابلة لا تمتلك حركة حماس ما تخسره في الوقت الراهن. الانفصال القائم بين الجناح السياسي الذي يقيم قادته خارج البلاد والجناح العسكري الذي تمثله كتائب القسام، داخل قطاع غزة يمثل نقطة قوة لصالح هذا التنظيم.

من الصعب إقناع الكتائب بقرار سياسي قادم من قيادات الخارج علما أن أفراد الكتائب هم الذين يتابعون تقدم الحرب ميدانيا ويمتلكون قرار تقدير الموقف عن كثب. ومن الواضح أن القيادة العسكرية التي أشرفت على هجوم 7 أكتوبر المزلزل قد وضعت في حسبانها أسوأ السيناريوهات بما في ذلك سيناريو المواجهة الانتحارية التي يمكن أن تتواصل دون توقف. بعبارة أخرى إذا كانت إسرائيل تخسر رصيد الدعم الدولي والإجماع الوطني وتتأثر كثيرا بالخسائر البشرية والاقتصادية للحرب فإن كتائب القسام محصنة إلى حدّ بعيد من أيّ ضغوط تفرض عليها الاضطرار لخيار الاستسلام وتسليم السلاح. لذا فإن الذي سيقرر فعلا مستقبل غزة بعد الحرب ليس هو إسرائيل بل هو حماس نفسها.

من الممكن أن تختار حركة حماس الذهاب إلى أبعد حدّ في هذه المواجهة مهما كان ثمنها، ما دام التنظيم العسكري مجرد جناح تنفيذي لفكرة أو توجه مقاوم يؤمن بالقوة والسلاح. انهيار القوة العسكرية لحماس لا يعني أبدا نهايتها، لأن إيديولوجيا هذا التنظيم ستظل حاضرة في أوساط أجيال عريضة من الفلسطينيين لا سيّما من أبناء قطاع غزة. وإذا رحلت القيادات الحالية مثل يحيى السنوار أو محمد الضيف فهل ستضمن إسرائيل وواشنطن عدم انبعاث قيادات جديدة تحمل اللواء نفسه وتواصل المعركة ذاتها؟

تاريخ الخبر: 2023-11-13 09:27:11
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين مدينتي أكادير والرباط

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 03:25:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية