أكاديمي:التحولات العميقة بمجتمعات الضفة الجنوبية المتوسطية أثرت على بنية الأسرة


 أكد محمد الصغير جنجار، عضو مقيم بأكاديمية المملكة المغربية، أن التحولات العميقة التي شهدتها مجتمعات الضفة الجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط أثرت على بنية الأسرة.

وأبرز الأكاديمي، في كلمة ألقاها أمام صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، خلال دورة تنصيب الأعضاء الجدد لأكاديمية المملكة المغربية في إطار هيكلتها الجديدة، والتي ترأسها سموه، اليوم الأربعاء، أن هذه التغيرات حصلت في وقت وجيز بالمقارنة مع ما حدث في أوروبا، ومست القاعدة الأنثروبولوجية لتلك المجتمعات، وأثرت على بنية الأسرة ووظائفها والعلاقات بين أفرادها، وأنماط الحياة والتنشئة الاجتماعية بداخلها.

وأوضح السيد جنجار، في الكلمة التي ألقاها نيابة عن الأعضاء المقيمين بالأكاديمية، حول موضوع هذه الدورة “الأسرة وأزمة القيم”، أن تحدي “أزمة القيم” لم يعد رهانا منحصرا في المجتمعات الصناعية المتقدمة، إذ تعرف باقي المجتمعات، بما فيها تلك الموجودة في الضفة الجنوبية لحوض البحر المتوسط، تحولات عميقة كالانتقال الديموغرافي، والتحول السريع والمكثف للساكنة من البوادي نحو المدن، وانتشار التعليم.

كما سجل نائب مدير مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية أن الديناميات التي حملتها العولمة وثورة تكنولوجيا الإعلام والاتصال، أضفت على موضوع هذه الدورة راهنية خاصة.

وتابع بالقول “إلى جانب المنظومة القيمية التقليدية المستندة لنمط الأسرة الممتدة المنتظمة وفق بناء أبوي، بدأت تظهر منظومات معيارية جديدة مواكبة لظاهرة استقلال الفرد، وبروز السلوكات الفردانية، وانتشار (إيطيقا) مساواتية داخل بعض الشرائح الاجتماعية، مع توجه نحو إعادة النظر في نمط توزيع وممارسة السلطة داخل الأسرة، وتنامي الطلب على أساليب تربوية جديدة ت عنى بشخصية الطفل ومتطلباته”.

وعلى ضوء هذه التحولات، يضيف المتحدث ذاته، يلاحظ الباحثون بوادر شرخ في الاجماع الموروث عن المنظومة القيمية التقليدية، مع مظاهر تعدد قيمي في مجتمعات جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط على غرار ما حدث في المجتمعات المصنعة الحديثة منذ ستينيات القرن الماضي.

وبهذه المناسبة، تقدم السيد جنجار بأصدق عبارات الشكر والتقدير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على العناية المولوية التي يوليها جلالته لأكاديمية المملكة المغربية، وحرص جلالته على النهوض بها بغية أداء رسالتها وتحقيق الأهداف المعرفية والحضارية التي أنشئت من أجلها.

من جهته، قال سليمان بشير ديان (السنغال)، عضو أكاديمية المملكة المغربية، إنه “لا يمكن اختيار موضوع أفضل من (الأسرة وأزمة القيم) للتأملات التي سنطرحها، وذلك لأنه يقع في صلب الأسئلة المتعددة التي يطرحها العصر الذي نعيشه في جميع البلدان، وفي شتى النطاقات”.

واستلهاما من فكر الفيلسوف أفلاطون، أوضح السيد ديان أن أزمة القيم هي أزمة انتقال، يمكن أن تحدث في أي عصر وفي أي مجتمع بمجرد توقف تسلسل الأجيال، عندما تحول قوى التفكك دون حركة التنشئة الاجتماعية المستمرة مع مرور الوقت.

وأضاف “هناك معنى آخر يمكن قراءته اليوم في كلمات أفلاطون، وهو الطريقة التي يحيل بها الفضاءان المتميزان لحركة التنشئة الاجتماعية المستمرة هذه، وهما الأسرة والمدرسة، مسؤولية التمزقات على بعضهما البعض (…). وسنركز هنا على الأسرة نظرا للمسؤولية والدور البارز الذي يقع عليها والذي لا يمكنها التملص منه وإحالته إلى المعلمين”.

وأشار إلى أنه “بدلا من الاكتفاء باتهامها بعدم ممارسة واجبها، وبالتالي جعلها عاملا في أزمة القيم، سيتم، قبل كل شيء، تدارس الطريقة التي تعرضت بها هي نفسها للتأثير المدمر للأزمة التي يمكن أن نسميها أم جميع الأزمات؛ ألا وهي الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفشية بسبب العولمة النيوليبرالية، مما أدى إلى تفاقم أوجه عدم المساواة داخل الأمم وفيما بينها”.

وفي هذا الصدد، أبرز السيد ديان أن “الموضوع، كما اقترح علينا، يعني ضمنا أن أزمة الأسرة تترجم إلى أزمة قيم كما العكس: أزمة قيم ذات تأثير مدمر على الأسرة”، معتبرا أن “مسألة القيم وانتقالها تحتم علينا العودة إلى سؤال بسيط: ماذا يعني بالنسبة للفرد أن يتم انتظاره ثم احتضانه في أسرة؟”.

وأوضح أنه “بفضلها، تبدأ عملية التحول إلى شخص، والتربية على أن نصبح الإنسان الذي ينبغي أن نكون عليه”، مؤكدا أن “القيمة الأولى التي تغرسها الأسرة بهذه الطريقة هي حس الإنسانية. القيمة الجوهرية، التي تقوم عليها كل القيم الأخرى، ألا وهي الإنسانية”.

وخلص إلى القول إن “القيم التي تقوم عليها الأسرة، والتي يعلمنا إياها القرآن، هي المودة والرحمة والسكينة”.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدورة تميزت بالرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى أعضاء أكاديمية المملكة المغربية، والتي تلاها أمين السر الدائم للأكاديمية، عبد الجليل الحجمري.

وفي هذه الرسالة السامية، أكد صاحب الجلالة أن أكاديمية المملكة المغربية أصبحت اليوم منارة للفكر والبحث المعرفي والثقافي العابر للقارات.

وبغية تمكينها من النهوض بالمهمة النبيلة المنوطة بها على أكمل وجه، يقول صاحب الجلالة “حرصنا منذ سنة 2015، على تفعيل الأكاديمية وتجديد هيكلتها، بما ينسجم مع أهداف ومقتضيات دستور المملكة، الرامية إلى صون هويتنا الوطنية، بمكوناتها العربية-الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية، وروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية”.

المصدر: الداروم ع

تاريخ الخبر: 2023-11-22 18:26:24
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

الركراكي يحظى باستقبال خاص في مقر نادي إشبيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 15:25:43
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

الركراكي يحظى باستقبال خاص في مقر نادي إشبيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 15:25:52
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية