الدكنور عبد المنعم سعيد في حوار خاص ل ” وطني”


– نحتاج خلق مساحة حوار مشتركة مع اسرائيل .. و لدينا 6 دول عربية موقعة معاهدة السلام و دول أخرى مستعدة لتطبيع العلاقات

– مصر أكثر القوى العاقلة فى الصراع .. و بحاجة للدفع نحو اعادة اعمار غزة فور وقف اطلاق النار

– غير مبرر ان تدعى ” حماس ” بانها حركة كفاح وطنى و تقوم بحفر 1300 نفق فى اتجاه مصر .. وهى الدولة المؤيدة للقضية الفلسطينية بشكل كبير

– عملية 7 أكتوبر بتدبير ” السنوار ” ليثبت ان ” غزة ” لاتزال مستعدة لكفاح مسلح .. و كان الرد كارثى بالانتقام من أهل القطاع

– اسرائيل تستهدف القضاء على ” حماس ” كتنظيم مسلح .. و تخطط لتهجير الفلسطينين من اراضيهم كما حدث فى مذبحة دير ياسين عام 1948

– نجحت اسرائيل فى اقناع الغرب بأنها ضحية مقاومة حركة ” ارهابية ” مع الاجيال القديمة .. أما اليوم فالمشهد اختلف

– تصاعد الصراع فى غزة كشف عن هشاشة الموقف الامريكى و التناقض فى تعاملها مع قضايا حقوق الانسان على الصعيد الدولى

– جهد واضح تشكر عليه مصر و القيادة السياسية بسد الطريق أمام المخطط الاسرائيلى للدفع بالنكبة فى اتجاهنا

اجرت الحوار : ليليان نبيل

أكثر من شهر مضى و لاتزال الحرب مستمرة بين إسرائيل و ” حماس ” لتصبح غزة بطلة العالم اليوم و محط انظارها .. تلك المدينة الصغيرة تقام من اجلها مظاهرات و مباحثات و مؤتمرات و مفاوضات على كافة الأصعدة العربية و الدولية لدعمها و مساندتها في مصر

مواجهة مخططات العدو الصهيونى بعدما تجاوزت اعتداءاته القانون الانسانى الدولى و تخطى كل ما له علاقة بالغيظ أو الكراهية أو الانتقام لترتكب ابشع المذابح الوحشية فى حق مدنيين هم الشعب الغزاوى لتزداد كل يوم الخسائر البشرية والمادية , و لعل استمرار المشاهد الدموية داخل القطاع وصور الشهداء و القتلى و الجرحى من الأطفال والنساء و هدم المنازل , و التجرأ باحتلال مستشفيات و ضربها و تعطليها عن الخدمة بدواعى مطاردة عناصر حركة مقاومة ارهابية ” حماس ” خير دليل على حالة الضغط المتبع و الدفع باتجاه مخطط تهجير الفلسطينين من أراضيهم قسرا و العودة بهم لعقود سابقة من اجل تصفية القضية الفلسطينية و التغاضي عن الاعتراف بكيان الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس بجانب الدولة الإسرائيلية .

70عاما على ذكرى الألم .. الدم .. التهجير لنكبة فلسطين عام 1948 و لا تزال القضية الفلسطينية عالقة دون حل لتتكرر تلك المشاهد المؤسفة كلما تفجرت أزمة من جديد .. و في كل مرة نجد موقف المجتمع العربي والدولى الداعم و المساند لاشقاءنا للصمود من أجل تحرير فلسطين و انهاء الاحتلال حتى ينالون الحرية و الاستقلال .

للوقوف حول طبيعة الأزمة الحالية، وموقف المجتمع العربي و الدولي ؟ , و ما السبيل لكسر الجمود القائم لتحريك الصراع وإحياء اتفاق اوسلو للسلام ؟ و هل من ضغط دولى سيجبر إسرائيل على وقف الحرب في غزة ؟ , كان ل ” وطنى ” لقاء مع دكتور عبد المنعم سعيد عضو مجلس الشيوخ و رئيس المركز المصري للفكر و الدراسات الاستراتيجية , فكان هذا الحوار …

+ كيف ترى الانتهاكات غير المقبولة للقانون الإنساني الدولي التى ترتكبها اسرائيل في حق مدنيين داخل غزة ؟

++ ما يحدث حرب، ودائما الحروب لا تراعي القانون الإنساني الدولي, جميعنا تابعنا حرب اوكرانيا و ما شابها من تجاوزات انسانية كثيرة منها التهديد باستخدام السلاح النووي إلى جانب ازاحة حوالى 6 مليون اوكراني لبلاد أخرى اوروبية بخلاف ما حدث من إزاحة داخلية، و من ثم لا توجد حرب لطيفة، فالحروب يشوبها صراعات و انتهاكات .. و لا مبرر للحديث عن أين المجتمع الدولي ؟ أين القانون الدولي ؟! لكون العالم لا يحكمه حكومة و المجتمع الدولي يتحرك من تلقاء نفسه حينما يشعر بمظلومية كبيرة , و العالم اليوم فى تعامله مع حرب غزة بيعمل فى اتجاه حشد المجتمع الدولي تجاه القضية واتخاذ موقف واضح حيالها من خلال تنظيم مظاهرات للتنديد بما يحدث داخل القطاع في حق مدنيين , كل للتأثير على حكوماته , و لها صدى إيجابي .

اتذكر نفس الوضع تم خلال حرب 1956 وقت العدوان الثلاثى على مصر و انفجارالعالم بمظاهرات بما فيها بريطانيا و فرنسا , الدول المشاركة بالعدوان للتأثير على حكوماتها , ايضا الحال اثناء حرب فيتنام و التى امتدت لعام بضربها من قبل فرنسا و امريكا و خروج مظاهرات لوقف التدمير , ليتكرر ذات المشهد للمرة الثالثة بالأوضاع فى غزة و انتفاض العالم بمظاهرات لوقف الانتهاكات .

+ هل ارتكبت حماس ” حماقات ” أو اخطاء يوم السابع من أكتوبر الماضى حتى تستمر اسرائيل فى اغتيال الحياة فى غزة بهذه الوحشية ؟

++ كافة ما تنتهجه ” حماس ” من سلوكيات خطأ , اولها انقضت على السلطة الوطنية الفلسطينية و قسمتها لتعد اول جريمة كبرى ارتكبتها فى حق الشعب الفلسطينى , كما لا نغفل ما اقترفه الأخوان المسلمين و احداثه انقسام داخلى فى الدولة و نيتهم فى الحكم بأحكام و تفسيرات تتلعق بالدين . ايضا من غير المبرر ان تدعى ” حماس ” بانها حركة كفاح وطنى و تقوم بحفر 1300 نفق فى اتجاه مصر , تلك الدولة المؤيدة للقضية الفلسطينية بشكل كبير . ناهيك عن تدريب ارهابين و دخلوهم يوم 25 يناير و اقتحامهم السجون و القيام بأعمال مضادة .

أما ما ارتكبته يوم 7 أكتوبر الماضي، فهي بتدبير ” السنوار ” حاكم الحركة فى غزة لعله منذ 20 عاما وقت ان كان في السجن كان يخطط و يدبر لتلك العملية ليجد الفرصة ناجحة من الناحية العسكرية ليشن أعنف هجوم عسكري على إسرائيل بكونه يوم إجازة و احتفال لكى يثبت ان ” غزة ” لاتزال مستعدة لكفاح مسلح، و كانت مكيدة منه بعد إدعائه كذبا و تصريحاته مع الصحافة العالمية عن تطلعاته بتحويل غزة لتصبح ستغافورة رمز السلام .

العملية كان يمكنها تكون مقبولة نتيجة الضغوط الكبيرة التى يتعرض لها الفلسطينين و ما يحدث داخل المسجد الاقصى و كنيسة القيامة و غيرها مما تفرضه اسرائيل داخل الضفة الغربية , لكن كان الرد كارثى فى اليوم التالى 8 أكتوبر باعتداء على اناس مدنيين و أخذ اسرى ليس لهم علاقة بالحرب و معاملتهم بطريقة غير انسانية لينتقموا من اهل غزة .

+ لأى مدى بقوة الإعلام نجحت اسرائيل فى اقناع الغرب بأنها ضحية مقاومة حركة ” ارهابية ” لتستمر فى مذابحها الوحشية فى غزة ؟

++ نجحت مع الاجيال القديمة و تحديدا مع من عانوا من أحداث 11 سبتمبر و ربط الأعمال الأرهابية بالإخوان المسلمين، لكن المشهد اليوم اختلف مع الاجيال الجديدة وأصبح هناك حالة من الاستنكار لما تفعله إسرائيل داخل غزة و حرمان أطفال رضع من الأكسجين وضرب مستشفيات و غيرها من الأعمال الاجرامية .. و الدليل كم المظاهرات فى كل دول العالم داخل نيويورك , سان فرانسيسكو , لوس انجيلوس , بوسطن و بلاد كثيرة و جامعات كبيرة مثل ” هارفارد ” للتكاتف و دعم غزة فى مواجهة الاعمال الاسرائيلية التى تجاوزت معها كل ما له علاقة بالغيظ أو الكراهية أو الانتقام لنجد ارتفاع معدل الضحايا من الجانب الفلسطينى بين كل 11 قتيل فلسطينى يقابله ضحية واحدة من الجانب الاسرائيلى , الى جانب تدمير حوالى 45% من العمران فى غزة .

+ كيف تتحدث القيادة الإسرائيلية عن القضاء على” حماس ” بينما تعلم أن الحركة ضمن الشعب الفلسطيني في غزة .. هل هذا يعنى القضاء على كامل الشعب الفلسطيني داخل القطاع ؟

++ استخدام إسرائيل تعبير القضاء على ” حماس ” بأكثر من جانب يعني في مقامها الأول القبض على القيادات الكبيرة للحركة امثال ” السنوار ” و ” محمد ضيف ” باعتبارهم هم من دفعوا بحماس للقيام بعملية 7 أكتوبر , أيضا هناك معنى آخر و هو القضاء على ” حماس ” كتنظيم مسلح أى نزع السلاح , و اعتقد هذا هو المخطط الارجح ان يتم القضاء على ” حماس ” كتنظيم مسلح و القيام بنكبات جديدة و العمل على تهجير الفلسطينين من اراضيهم مثلما حدث سابقا في أحداث 1948 حيث مذبحة دير ياسين و غيرها من المذابح التي استهدفت عمليات إبادة و طرد جماعي للفلسطينين , و ها هو يتكرر المشهد بهدف خفض التواجد الفلسطيني على أرض فلسطين .

+ صرحت بأن إسرائيل لن تستطيع هزيمة حماس و الحديث عن ضرب غزة بالنووى يظهر حالة اليأس ؟

++ ما نشر غير دقيق ، فما أقصده أنه يعكس حالة من الضيق بعدم قدرتهم على حسم الموضوع على وجه السرعة , كما انه لم يكن هناك صراع لم يلوح فيها باستخدام النووى مثلما حدث فى ازمة فيتنام ولم يحدث و مؤخرا تصريح ” بوتين ” باستخدم السلاح النووى في أوكرانيا و لم يحدث , و من ثم فهو بمثابة حديث للتهديد و الترويع لا أكثر .

+ كيف ترى موقف إسرائيل الآن و لاى مدى أصبحت في حالة حرجة..لا يستطيع الاسرائيليون مفاوضة حماس و لا هزيمتها أيضا ؟

++ من الصعب التكهن و استقراء المشهد , و لا أحد يزعم بعدم قدرتها على هزيمتها لكن القضية تكمن في أن اسرائيل ترفع سقف الهزيمة، بدأت برغبتها في الانتقام من عملية 7 أكتوبر و بالفعل تم لكنها لم تكتفى بذلك و حاليا تتم عملية الدفع بالسكان للجنوب و التدمير , و لا ننكر دفعهم الثمن ايضا ليس فقط في عدد الضحايا رغم قلة عددهم و انما فى كم اللاجئيين النازحيين اليهم بعدما فرغوا السكان من المنطقة المحيطة لغزة و هجرتهم للوسط بما يصل عددهم لحوالى 500 ألف نازح فلسطينى لاسرائيل . فضلا عن محاولة اسرائيل و اعتمادها على التعبئة لحساب جيشها و زيادة عدده , فيعرف ان جيشها قوامه صغير يتراوح ما بين 100 الى 150 ألف و بامكانهم تعبئة نصف مليون و استقطاب ناس من القوى العاملة بعد تعويضهم ماديا من الحكومة بجانب ما ترسله امريكا من مساعدات مادية .

+ فلسطين مازالت لسنين جبهتان: فتح و حماس و هو الانقسام الذي يعطي إسرائيل ذريعة أن الفلسطينيين منقسمون , فمع من نجلس للتفاوض ؟

++ تفاوضنا مع منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها السلطة الوطنية الفلسطينية المعترف بها لدينا , و جميعنا موقعين على كونها الممثل الشرعى و الوحيد للشعب الفلسطينى و بالتالى أى جهة أخرى أو مفوض يعتبر مدعى لا يعتد به .

+ لأي مدى تصاعد الموقف في غزة بامكانه اشعال منطقة الشرق الأوسط ؟

++ الاحتمال كان قائم في بداية الحرب إلى أن بدأت تقل وطأتها مع صفقة تبادل الرهائن و احتمالية الخروج من الأزمة خاصة انه من تجارب الحروب السابقة سواء مع ” حزب الله ” فى لبنان أو مع ” حماس ” في فلسطين نجد أنه عادة تستمر الحرب من 4 الى 6 أسابيع , ربما الوضع مع غزة زادت الى 7 أو 8 أسابيع لكنها لم تمتد كحرب أوكرانيا لتصبح مفتوحة .

دائما الضغط على العالم في منطقة حرجة مثلنا يصبح عائده الضغط على وقف القتال باعتبارها خطوة فى طريق الحل لان اشتعال الوضع يعنى احتمالية توسعه و مازال الوضع قائم بتوجيه ” حزب الله ” صواريخ ليرد عليه اسرائيل ايضا و ان كان الاثنين محددين سقف لاستخدام الأسلحة حتى هذه اللحظة .

+ في رأيك ما أسباب فشل مجلس الأمن في وضع حد لمأساة الفلسطينين ؟

++ بسبب الفيتو الأمريكى و في أوقات سابقة الفيتو الروسي , وبالتالي عجز مجلس الأمن على التوصل إلى اتفاق .

+ ماذا عن قراءتك للموقف الأمريكى تجاه ما يحدث في قطاع غزة ؟

++ أمريكا ترغب في انتهاز الفرصة لتعود للشرق الأوسط و وجدت منالها فى حرب غزة بوجود قوة عسكرية كبيرة مثل إسرائيل بكونها ستحسم الأمر لصالحها بالقضاء على أحد اعداء امريكا أى ” حماس ” و ” حزب الله ” و ” الاخوان المسلمين ” لما لديهم من عداء مع الغرب , و من ثم يصبح لدى اسرائيل الحق في ظل حدوث جريمة كبيرة , تصفية الحساب .

كما أنها فرصة لحل موضوع الصراع العربى الاسرائيلى باعتباره نزيف , و نجد تصريحات البيت الابيض واضحة بالتأكيد على حكم الفلسطينين لانفسهم من خلال السلطة الوطنية الفلسطينية في مواجهة ما ادلاه ” بوتين ” بدخول غزة و عدم تركها و عدم السماح للفلسطينين بالحكم .

+ لماذا إصرار الولايات المتحدة على رفض وقف إطلاق النار..وإعلان دعمها ل “هدنات إنسانية” ؟

++ حتى لا تلوم إسرائيل أمريكا بكونها حرمتها من تصفية الخصم، و من ناحية أخرى رغبة امريكا في إدخال مساعدات كبيرة كما اتفقت مع مصر و أصدرت تصريحات ترفض هجرة الفلسطينين من أراضيهم، لكن ما يحدث في غزة و الانتهاكات الصارخة المتبعة في حق مدنيين دليل واضح أن أمريكا لم تقف في صف النكبة .

+ اتخذت إدارة “بايدن” مقاربة صامتة إزاء الصراع مع إظهار الدعم للجانب الإسرائيلي مما خلق حالة من الانتقادات الدبلوماسية على الصعيدين المحلي والدولي لتوجهات الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط ؟

++ أعتقد إعلان تأييدها لإسرائيل كى تضغط عليها فيما بعد لقبولها الإعتراف بدولة فلسطينية إلى جانب الدولة الإسرائيلي، و لاشك أن إسرائيل عزيزة على الإدارة الأمريكية ككل وليس فقط على “بايدن ” وإنما على كل الساسة والمجتمع الأمريكي، فإسرائيل بالنسبة لهم هى أمريكا الشرق الأوسط .. و لعلهم مدركين وضع القضية الفلسطينية وكم تجرح في المجتمع والدول الإسلامية من ناحية أيضا من الجانب المسيحي في المنطقة، و من قبل الحرب كشفت عن الوجه القبيح لإسرائيل ممثلا في الأصليين اليهود الذين لديهم موقف من المسيحية و بالتأكيد موقف من الإسلام و بدأوا يجروا المجتمع ليصبح حتى ضد نفسه ضد العلمانيين الاسرائيلين والتي أدت لحدوث انفجار مظاهرات على مدى عام بأكمله داخل إسرائيل، بما يعني أنه لو تركت إسرائيل لذاتها حاليا أي الأصولية الدينية اليهودية ستحدث كارثة داخل المجتمع الإسرائيلي ذاته .

+ خبراء يرون أن “بايدن” يقامر بمصالح الولايات المتحدة من أجل إسرائيل ؟

++ لعلها تهمة قائمة منذ عام 1948 من وقت الاعتراف باسرائيل , بما يعد أمر قائم فى الصراع العربي الإسرائيلي من ضمنها أنه مصالح الولايات المتحدة، و لا أعتقد شعور أحد داخل أمريكا بذلك على اعتبار مد المنطقة بالسلاح وبالقمح وغيرها ومن ثم مثلما يحتاج العالم لأمريكا، فهي أيضا تحتاج للعالم .

+ لأي مدى تصاعد الصراع في غزة كشف عن هشاشة الموقف الأمريكي و التناقض في تعاملها مع قضايا حقوق الإنسان على الصعيد الدولي ؟

++ بالتأكيد كشف عن حالة التناقض، فأمريكا من الناحية الاستراتيجية البحتة بتضيع على العالم بأكمله ما حققه خلال العقود الماضية من حيث التقدم التكنولوجى و العولمة فى الافكار و العولمة في الموسيقى بما يعني أن العالم أصبح أفضل حالا خلال ال 20 أو 30 سنة الماضية بعد انتهاء الحرب الباردة بكونها تخلق نوع من الاستقطاب الجديد حول فكرة حقوق الإنسان والديمقراطية في ناحية والسلطاوية و الظلم في ناحية أخرى .

أعتقد أن الفكرة الأمريكية بالأساس يشوبها مفسدة بكونها خلقت نوع من نزع الشرعية عن كل الحكم في العالم ماعدا الدول الغربية، و لا مجال لتقييمها ما اذا كانت مجدية من عدمه فكل مجتمع ينمو و يتطور من خلال قوانينه الخاصة وتاريخه و جغرافيته .. و لكن كيف يتسنى حديث الولايات المتحدة عن الحرية كما لو كانوا يتنفسوا حرية طول الوقت و هناك تجاوزات تتبع و تفرقة عنصرية , و تاريخ أمريكا يشهد بعد حرب الاستقلال الأمريكية اقرارهم النص على العبودية في الدستور , أيضا منع الصحفيين من نقل أخبار تتعلق بالثورة الفرنسية و تداولهم لأخبار تتنافى مع مفهوم الحرية , ليصل الحال للقبض عليهم .

و لا نغفل أثناء الحرب الأهلية حدوث 3 تعديلات دستورية تعطي الحق للسود في الترشيح وفي التصويت وفي ممارسة الحياة السياسية بشكل عام لكن ليس بامكانهم الدخول للنوادي أو أن يعلمهم أحد و غيرها و لم يحصلوا على الحقوق المدنية سوى في عام 1965 أىدي بعد 100 عام من انتهاء الحرب الأهلية .. و لا ألوم أمريكا , فكل مجتمع يضبط ذاته كما يشاء , و من ثم لا حرج على أمريكا في عدم تدخلها في شئون الغير بطريقة نموها و ما يحكمها سواء كان حزب أو ديكتاتور أو جماعة أو … .

+ هناك محاولات عربية لدعم غزة لكنها تصطدم ب ” تعنت أمريكي و منها مؤتمر القاهرة للسلام واجتماع عمان ومؤتمر القمة العربية بالرياض و غيرها , ما تعليقك ؟

++ أجدها جزء من المظاهرة العالمية لتأييد الشعب الفلسطيني وبالفعل أحدثت صدى و الموقف الأمريكي في تحسن و غيرها من الدول العظمى , وأصبح هناك محاولة للبحث عن حلول للخروج من الأزمة بدأت بمفاوضات بشأن القضية تتلخص في الإفراج عن الرهائن مقابل وقف العدوان كخطوة أولى للتعامل مع الأزمة و محاولة حلها , إلا أن حاليا الخلاف على الرهائن برغبة إسرائيل الإفراج عنهم بالكامل مقابل عدد أقل من أيام وقف إطلاق النار و العكس صحيح , و لاتزال ” حماس ” تطلق صواريخ بما يعطي انطباعا بسياسة النفس الطويل وأنه لا مانع من استمرار الحرب ليدفع الثمن الشعب الغزاوي .

+ مؤتمر القاهرة للسلام .. هل خرج بتوصيات تصنع الأساس لحل قضية فلسطين ؟

++ بالطبع كان بداية المعادلة لوضع أساس لحل المشكلة، و جاء في توقيته وسط كل الحديث عن الحرب و التعهد بالقتل و التدمير, و وسط زخم الأحداث واعتقاد البعض وقتها أن “حماس” انتصرت و إسرائيل ستقع و أن المسألة مسألة وقت لانهاء القضية وإطلاق المزايدات على عنانها , كان مؤتمر القاهرة للسلام يبدو أمر استثنائي ليحدث نوع من أنواع الفرملة في ظل تواجد الأوروبين و الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي , لتظهر و كأنها مظاهرة مضادة ضد المظاهرتين الأخرتين ممثلة في “إسرائيل” و “حماس” .

+ ماذا عن مؤتمر القمة العربية بالرياض، و هل من دور لتهدئة الأوضاع في غزة ؟

++ قمة الرياض تعد امتداد لقمة القاهرة للسلام، و لاحظنا التحسن في الخطاب الموجه و التكاتف معا لحل الصراع، و عدم الانقلاب بشأن التقارب السعودي الإسرائيلي و محاولة إلغاء القمة أيضا رغم الخطاب الخشن لرئيس إيران ولرئيس سوريا إلا إنه لم ينسحب أحد من المؤتمر، وخرج مؤتمر القمة ببيان نهائي مقسم إلى جزئين, أحدهما يدور حول الأسس أو الأصول فنجده يستنكر و يطالب , أما الجانب الآخر إجرائي أي السعى إلى المحكمة الجنائية الدولية واللجوء إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرارات بعينها و المطالبة بأمور خاصة بالاغاثة ..أي اتخاذ أمور اجرائية , تنفيذية , عملية , و لعل الدول العربية منظمة لجان و بعثات للدفع بمساعدات إنسانية و إغاثة .

+ ما السبيل لاحياء اتفاق أوسلو للسلام ؟

++ أول خطوة وقف إطلاق النار، فبدونها لا يتعين إجراء أي شىء، أيضا تصبح السلطة الوطنية الفلسطينية هي السلطة الوطنية لغزة و الضفة الغربية , كما يصبح داخل غزة بعض الدعم و بداية إعمار من أجل سريان الحياة داخل القطاع . إلى جانب حدوث انتخابات على الجانب الفلسطيني يقابلها في نفس الوقت تشجيع لحدوث انتخابات على الجانب الإسرائيلي لكون لدينا عرب داخل إسرائيل و آن الاوان أن نوحدهم حتى يصبح لدينا ما بين 18 أو 20 مقعدا على الأقل، و هو ما يعتبر فارق ليس بقليل في الانتخابات الإسرائيلية . فضلا عن تشجيع الوسط ببدء الحوارات بشأن أوسلو من جديد لاسيما بعدما كانت القوى الإسرائيلية قلقة من التيار الديني و تقول أن ” نتنياهو ” و من قبله فرطوا في أوسلو و من ثم فالتوصل لحل مع الفلسطينين , أمر يحتاج لتشجيع .

+ هل يتعين على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات ملموسة في الصراع لتحسين صورتها و وقف انتهاكات حقوق الإنسان للفلسطينيين ؟

++ أمريكا تعمل على ذلك بالفعل لكني لا أرغب في الاعتماد على أمريكا أو غيرها لأن تلك الدول لديها مصالح عالمية و كونية نحن جزء منها غير ان حرب اوكرانيا أكثر اهمية من حرب الشرق الاوسط , و بالتالى ما يهمنى هو الاعتماد على انفسنا و خلق لغة حوار قائمة , فالقضية تكمن فى كيفية التعامل مع اسرائيل و فى تقديرى ان السلام الذي حدث وقت الرئيس السادات كان نتيجة الحديث مع الاسرائيلين مباشرة بمقابلته مع المعارضة الاسرائيلية و لقائه ” وايزمان ” و ” دايان ” فى النمسا .. نحن بحاجة بعدما حدث الزلازل الأخير , خلق مساحة حوار مشتركة مع اسرائيل و اعادة تقييم خاصة و ان هناك 6 دول عربية موقعة معاهدة السلام مع اسرائيل و هناك دول أخرى مستعدة لتطبيع العلاقات , ايضا اعادة صياغة للدولة الفلسطينية .

+ كيف ترى تهديد إيران الصريح للولايات المتحدة بالتدخل حال عدم إيقاف الحرب في غزة ؟

++ أرى أنه جزء من إمكانية امتداد الحرب إلى حرب إقليمية , و أن كنت لا أراها تسير في هذا الاتجاه .. ربما كان لإيران يد فيما حدث بغزة لاستشعارها أن التوازن الاستراتيجي في المنطقة سيتغير حال حدوث الصلح السعودي الإسرائيلي لاسيما وأن أمريكا متضامنة معه بما يعطي ضمانة للسعودية مثل ضمانات حلف الأطلنطي وعليه ترغب إيران في أن يدفع آخرون الثمن و هنا لا مانع لها من التحالف مع “حزب الله ” بشكل أقوى مما هو عليه حاليا, كما أن لديها قوات الحشد الشعبي التي بتقوم بضرب أمريكا و القواعد الأمريكية في سوريا و العراق أيضًا توجيه الحوثيين صواريخ ل ” آيلات ” , و مع ذلك لم تكن في مقدرتها مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة .

+ كيف ترى الجهود المصرية و مساعيها لاحتواء الأزمة و الدفع نحو ادخال المساعدات الإنسانية و الإغاثات لقطاع غزة ؟

++ جزء إنساني ليس بجديد على مصر باعتبارها أكثر القوى العاقلة في هذا الصراع , تحاول تهدئته , و وضعه على طريق السلام مع التأكيد على الرفض التام بعدم السماح بالدفع بالنكبة في اتجاهنا و سد الطريق أمام المخطط الإسرائيلي لتصفية القضية على حسابنا أو تهجير الفلسطينين للأراضي المصرية .. و هو جهد تشكر عليه مصر و القيادة السياسية .

+ جميعنا نقدر موقف الرئيس السيسي الثابت .. ولكن ماذا إذا استمر الحال، هل نرى أشقاءنا يموتون على الحدود ونصمت ؟

++ لم نصل لتلك المرحلة و أمامنا أكثر من حل , أولها بالفعل مصر تتبعه و هو القيام بمساعدات إنسانية وإغاثة للقطاع من أدوية و أكسجين و مياه و كهرباء و مواد غذائية إلى جانب تقوية جبهة الاتصالات على الحدود , إضافة إلى 18 رحلة جوية من السعودية و غيرها من المساعدات التي تقدمها مختلف الدول للدعم و المساندة .

و لا نغفل دور مصر في إعمار غزة خلال فترات سابقة وإعداد خرائط هندسية، نحن بحاجة للدفع نحو إعادة إعمار ما دمرته و لاتزال تدمره الحرب في غزة بعد وقف إطلاق النار حتى يمكنها أن تكون مأوى من جديد للفلسطنين و عدم تهجيرهم من اراضيهم .

تاريخ الخبر: 2023-12-04 12:21:55
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

الهيئة الملكية في ينبع تقيم لقاء رواد الاعلام السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-16 03:23:53
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

التشهير بـ10 متحرشين خلال 25 يوما السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-16 03:23:55
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 53%

القمة العربية.. عزيز أخنوش يتباحث بالمنامة مع الرئيس العراقي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 03:25:32
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

القمة العربية.. عزيز أخنوش يتباحث بالمنامة مع الرئيس العراقي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 03:25:42
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية