كيف حولت الرؤية المستقبلية العلاقات المغربية الإماراتية إلى نموذج يحتذى به؟


الدار/ تحليل

الزيارة التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى الإمارات العربية المتحدة تمثل محطة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين ونقلة نوعية في مشهد التعاون الثنائي المشترك، لكنها تمثل في الوقت نفسه امتدادا لماضٍ مشرق من العمل المغربي الإماراتي المتلاحم منذ عهد الراحلين الملك الحسن الثاني والشيخ زايد. هذا هو العنوان الكبير الذي يمكن أن يلخص التطورات الهائلة التي تعرفها العلاقات بين البلدين في السنوات القليلة الماضية: اعتزاز بالتاريخ وسباق طموح نحو المستقبل. تدل على ذلك أيضا مذكرات التفاهم التي وُقعت على هامش هذه الزيارة وشملت قطاعات كثيرة قاسمها المشترك هو اقتحام جريء لصناعات المستقبل وميادينه ومجالاته الاقتصادية والتنموية والعلمية.

إنها تعكس على وجه التحديد روح الانتقال والتحول التي تكتسيها السياسات العمومية في البلدين. رؤية الانتقال إلى مستقبل أفضل وأكثر تطورا وذكاء وانفتاحا جزء لا يتجزأ من فلسفة قائدي البلدين. ولهذا ركزت مذكرات التفاهم على قضايا الانتقال في مجالات التجهيزات التحتية والمواصلات والموانئ والسكك الحديدية والطاقة وغيرها. الإمارات العربية المتحدة تؤكد من خلال هذه المرحلة الجديدة من الشراكة بين البلدين أنها قادرة على مواكبة التحول الذي يشهده المغرب في مجال التنمية ومستعدة للإسهام فيه عن طريق الاستثمارات المالية الكبرى والمساهمات في شتى القطاعات والمؤسسات العمومية والخاصة وتقديم كل ما باستطاعتها لإنجاح الأوراش الكبرى التي انطلقت في بلادنا ومن بينها على سبيل المثال ورش القطار الفائق السرعة الرابط بين الدار البيضاء ومراكش وأكادير.

هل يتعلق الأمر إذاً بمجرد شراكات استثمارية تدر الربح المالي على الشريك الأول وتعزز البنيات التحتية لدى الشريك الثاني؟ هذا جزء لا يتجزأ من هذا الاتفاق الجديد، لكن الشراكة الحقيقية بين الإمارات العربية المتحدة والمغرب أعمق من ذلك بكثير في الحقيقة. فهي شراكة أخوة وتعاون قوامها الأساسي ثقة متبادلة لم تزحزحها محن المنطقة والاختبارات القاسية التي عاشتها منذ أكثر من عقد من الزمن. لقد اجتازت العلاقات المغربية الإماراتية كل العواصف السياسية العاتية التي عصفت بالوطن العربي وخرجت منها سالمة، بل غانمة أيضا لهذه الرؤية المستقبلية الطموحة التي يحملها الشيخ محمد بن زايد والملك محمد السادس. وفي الحقيقة هذه الرؤية هي التي تغذي هذه العلاقات وتثبّت أسسها وتجعلها قادرة على التكيّف مع كل المستجدات، بما في ذلك تنسيق المواقف السياسية في الكثير من القضايا القومية والإسلامية.

بل إننا نكاد نقول إن ما وُقع من مذكرات تفاهم ليس سوى غيض من فيض الإمكانات الهائلة التي تعد بها العلاقات بين أبو ظبي والرباط. هناك انسجام كامل في المواقف والقضايا المشتركة، وهناك قواسم مشتركة لا حدود لها سواء من حيث الثقافة أو طبيعة النظام السياسي أو ميزة الاستقرار الثابت الذي لا تنال منه المؤامرات أو الظروف السياسية العاصفة. الانسجام الحاصل اليوم بين الشيخ محمد بن زايد والملك محمد السادس لا يختلف عن ذلك الانسجام التاريخي الذي كان بين الشيخ زايد والملك الحسن الثاني. لذا سيرى الأشقاء والأصدقاء، وحتّى الأعداء، عمّا قريب ثمار هذه الشراكة الاستثنائية التي تجمع بين البلدين وهي تتحول إلى مشاريع هائلة سيكون لها الدور البارز في الجيل الجديد من الأوراش التي تعرفها بلادنا استعدادا لاحتضان كأس العالم 2030 بمشاركة إسبانيا والبرتغال.

والأهم من ذلك أن هذه الشراكة السياسية والأمنية والثقافية والاقتصادية الناجحة بين البلدين تكرس لا محالة نموذجا جديدا يحتذى لا سيّما في المنطقة العربية حيث ما تزال الكثير من الخلافات السياسية والتصدعات التاريخية تعطّل العمل العربي المشترك وتحول دون استثمار قدرات البلدان العربية أفضل استثمار في اتجاه إرساء الرخاء والسلام والأمن. وهذه بالضبط هي التجربة التي تريد العلاقات المغربية الإماراتية تجسيدها بوضوح، لإثبات إمكانية التعاون العربي البيني المثمر، الذي لا يعرقله توجه أيديولوجي أو حسابات سياسوية وأمنية ضيقة.

تاريخ الخبر: 2023-12-06 12:25:56
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

جماعة البيضاء ترفع تسعيرة الترامواي من 8 إلى 9 دراهم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 15:26:34
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

إسبانيا لمواطنيها: "تندوف منطقة خطيرة وجب تجنبها"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 15:26:29
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 50%

جماعة البيضاء ترفع تسعيرة الترامواي من 8 إلى 9 دراهم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 15:26:32
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية