أستاذ الصداقة
أستاذ الصداقة
مقال كتبه قبل رحيله في 2023/11/23
(1) : مكافأة مليون دولار
كان صاحب أحد مصانع الصلب الكبري في أمريكا يدفع لمدير مصانعه مليون دولار مكافأة سنوية.
لم يكن هذا المدير يعرف عن الصلب أكثر مما يعرف من يعملون معه, بل لقد قال ذلك المدير إنه استخدم أشخاصا ليعملوا تحت قيادته, يعرفون عن إنتاج الصلب أكثر مما يعرف وأكثر خبرة منه.
لكن هذا المدير كان يحصل علي هذا المرتب أولا وقبل كل شيء لمقدرته علي معاملة الناس.
كان ذلك المدير يقول: إنني أعتبر مقدرتي علي بث الحماس في نفوس الناس هي أعظم مواهبي, وذلك عن طريق التقدير والتشجيع. إنني لا أفتش عن الأخطاء, بل أبحث دائما عن عناصر التقدير والتشجيع, لأثير عن طريقها حماس الناس وحبهم لعملهم.
(2) : أستاذ الصداقة
قال أحد كبار المؤلفين: إذا أردت أن تتعلم كيف تكسب الأصدقاء, وكيف تحافظ عليهم, فعليك أن تراقب أكبر أستاذ في هذا الفن. قد تقابله غدا وأنت تعبر الطريق.. فإذا اقتربت منه, سيبدأ في هز ذيله لك تعبيرا عن سروره. وإذا وقفت ومررت بيدك علي ظهره, ستراه يتقافز ويكاد يطير ليعبر لك عن مقدار حبه وامتنانه.
ولا يوجد وراء هذا الحب الذي يظهره غرض ولا هدف, فهو لا يريد أن يبيع لك أرضا, ولا يسعي أن يقترض منك نقودا, هذا هو الكلب..
إن الكلب هو الحيوان الوحيد الذي لا يعمل شيئا من أجل اكتساب رزقه: فالدجاجة تبيض, والبقرة تعطينا اللبن, والبلبل يغرد بصوت جميل.. أما الكلب فلا يحسن إلا الحب!!
(3) : ماذا فقدوا؟
اجتمع ثلاثة أصدقاء, وكانت تبدو عليهم مظاهر الكآبة والحزن, وبدأ كل واحد منهم يسأل الآخر عن سبب حزنه, فقال الأول: لقد ضاعت كل ثروتي, وأنا الآن مفلس لا أملك شيئا. إنني أبحث عن طريقة لاستعادة ثروتي.
وقال الثاني: أما أنا فقد فصلوني من عملي, ولست أدري كيف أواجه الالتزامات المتعددة التي يجب الوفاء بها كل شهر, لكنني آمل أن أجد عملا آخر عما قريب. هناك قال الثالث: إن ما أصابكما هين بالنسبة إلي ما حل بي. فأحدكما يعمل لاستعادة ثروته الضائعة, والآخر لديه أمل في العثور علي عمل جديد, أما أنا فقد فقدت شيئا أعظم, فقدت حماسي للعمل, وعندما يفقد الإنسان الحماس والأمل, تصبح الحياة كلها لا معني لها ولا جمال!
سمع شيخ حكيم هذه الواقعة, فقال: إذا فقد الإنسان كل شيء, ولم يفقد الحماس والأمل, فهو لم يفقد أي شيء.
يعقوب الشاروني
Email: [email protected]