باتت تتوجس مختلف الجهات الحكومية التي تدبر أهم القطاعات الحيوية من صدور أي نظام أساسي، مخافة من وقوع “بلوكاج” مثل ما حدث في قطاع التربية والتعليم الأولي. وبعد “التأزم” و”الانسداد” الذي شهدته وزارة بنموسى، توارت إلى الخلف مجموعة من الوزارات على رأسها وزارتي التعليم العالي والعدل، في انتظار ما ستسفر عنه الحوارات القطاعية التي تباشرها الحكومة مع النقابات والتنسيقيات التعليمية.
أزمة الأنظمة الأساسية بالمغرب، أصبحت تطرح أكثر من سؤال حول طريقة التدبير الحكومي لهذه الملفات، ومدى قانونية هذه الأنظمة التي تستنفر أقوى الوزارات وأكثرها حساسية. في حين لازالت علامات الاستفهام تطرح حول “المقاربات” التي تعتمدها الحكومة في صياغة هذه الأنظمة المثيرة للجدل.
عبد العلي حامي الدين، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، يقول إنه من “الناحية الدستورية، فإن القانون يختص بالتشريع في عدد من الميادين التي ينص عليها الدستور بصفة حصرية، ومن ذلك القانون المتعلق بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية كما ينص على ذلك الفصل 71 من الدستور”.
وأضاف حامي الدين، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الفصل 5 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية فتح الباب أمام إمكانية إصدار أنظمة أساسية خاصة بواسطة مراسيم”، مشيراً إلى أن الفصل 5 نص على ما يلي: “لتطبيق أحكام هذا النظام الأساسي العام، تصدر مراسيم بمثابة أنظمة أساسية خاصة بهيئات الموظفين الممارسين لنفس المهام أو مهام مماثلة، أو عند الاقتضاء، أنظمة أساسية تفرضها خصوصيات بعض القطاعات الوزارية”.
وتابع المتحدث عينه: “لذلك فإن المشكلة ليست في الدستور أو في القانون أو في المرسوم، ولكن المشكلة تكمن في المقاربة السياسية المعتمدة من قبل الحكومة والتي يمكن اعتبارها مقاربة ضعيفة ومرتبكة”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن ذلك يتجلى في “غياب المقاربة التشاركية مع المعنيين وعدم تفعيل مبدأ التشاور العمومي كما يحث على ذلك الدستور، وضعف الحس السياسي وعدم تقدير التداعيات والسيناريوهات الناجمة على القرارات المتخذة، وأيضا غياب النظرة الاستباقية للمخاطر، ثم غياب دراسات الجدوى وعدم تقدير العواقب”.
ولفت حامي الدين إلى أن “ترويض النقابات وإضعاف دورها عن طريق استخدام بعض الأساليب للتأثير في استقلاليتها، وهو ما انعكس على مصداقية النقابات وساهم في تعميق الأزمة”.
