وافقت 26 من أصل 27 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي، أمس، على بدء مفاوضات انضمام أوكرانيا إلى التكتل، فيما هدد رئيس الوزراء المجري بتعطيل طويل المدى لمنح مساعدات لهذا البلد إذا لم تفرج بروكسل عن كل الأموال المجمدة المخصصة لبلاده.
بعد ليلة طويلة من المفاوضات في بروكسل التي لم تفض إلى رفع حق النقض الذي استخدمته المجر على حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا بقيمة 50 مليار يورو، طالب فيكتور أوربان أمس، بأن تدفع للمجر "جميع الأموال الأوروبية" العائدة إليها والبالغة مليارات الدولارات، التي لا تزال مجمدة باليورو قبل أن يدرس إمكان التراجع عن معارضته حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا.
وقال الزعيم المجري في مقابلة مع الإذاعة الرسمية "لطالما قلت إننا إذا مضينا في تعديل ميزانية الاتحاد الأوروبي.. ستغتنم المجر الفرصة للمطالبة بوضوح بما تستحقه. ليس نصف ذلك ولا الربع بل الكل".
وأرجئ هذا الاستحقاق إلى القمة الأوروبية المقبلة في فبراير موضحا "يفترض أن يكون لدينا عندها فكرة أفضل عما يحدث للأموال".
وأعلن شارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي، أن دول الاتحاد الأوروبي ستستأنف "مطلع العام المقبل" المفاوضات حول تقديم مساعدة جديدة لأوكرانيا.
قال مارك روته رئيس وزراء هولندا "توصلنا لاتفاق ضمن 26 دولة. ليس هناك اتفاق من جانب المجر في الوقت الحالي، لكنني واثق أننا سنتوصل إلى اتفاق العام المقبل". وعد الكرملين الجمعة أن المجر "تدافع عن مصالحها" من خلال تعطيل منح المساعدات الأوروبية لأوكرانيا. وقال ديميتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين "إن المجر دولة ذات سيادة. لديها مصالحها الخاصة. وعلى عكس كثير من الدول الأوروبية، تدافع المجر بحزم عن مصالحها، وهو ما يثير إعجابنا". غير أن مسار التوصل إلى تسوية يبدو شاقا.
ووافق الاتحاد الأوروبي على منح أوكرانيا مساعدات بقيمة 50 مليار يورو هي 33 مليار يورو على شكل قروض و17 مليار يورو على شكل هبات على أربعة أعوام ابتداء من 2024.
وتعد هذه الشريحة الجديدة حاسمة بالنسبة لكييف التي لا تزال تنتظر إفراج الكونجرس الأمريكي عن 60 مليار دولار معطلة بسبب معارضة مسؤولين جمهوريين.
لا تتوافر المعايير
في المقابل وافق رئيس الوزراء المجري الخميس على عدم تعطيل فتح مفاوضات انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد. وغادر القاعة خلال التصويت على هذه المسألة.
وقال مسؤول أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته لـ"الفرنسية" إن الزعيم المجري "لم يكن في القاعة حين تم تبني النص، وتم الاتفاق عليه معه". وأضاف "إنه حل عملي.. وقد أرسلت الإشارة السياسية".
في مقطع فيديو نشر على فيسبوك في وقت لاحق، شرح فيكتور أوربان أن بلده لا يريد أن "يتقاسم مسؤولية" هذا القرار "الذي لا معنى له" مع الدول الأعضاء الـ26 الأخرى لذلك "امتنع" عن الحضور. وقرر القادة المجتمعون في بروكسل "فتح مفاوضات الانضمام مع أوكرانيا ومولدافيا"، بحسب ما أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، مضيفا "إنها إشارة أمل قوية لمواطني هذين البلدين ولقارتنا".
وعد الكرملين الجمعة أن انضمام أوكرانيا ومولدافيا قد "يزعزع" الاتحاد الأوروبي لأن هذين البلدين "لا تتوافر فيهما المعايير".
من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن هذا القرار بمنزلة "انتصار لأوكرانيا ولأوروبا برمتها وهو انتصار يحفز ويلهم ويعزز القوة"، فيما رحب البيت الأبيض بـ"قرار تاريخي".
وأضاف بعد ساعات من حضه الأوروبيين على اتخاذ القرار أن "التاريخ يكتبه أولئك الذين لا يتعبون أبدا من النضال من أجل الحرية".
وحثت أوكرانيا الاتحاد الأوروبي على إقرار المساعدات المالية البالغة 50 مليار يورو في يناير، بعدما استخدم رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان حق النقض لمنع إقرارها. وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان "نتوقع الانتهاء من جميع الإجراءات القانونية اللازمة في يناير 2024، ما سيسمح لنا بتلقي التمويل في أقرب وقت ممكن".
مع أن عملية المفاوضات ستكون طويلة، يحمل هذا القرار رمزية كبيرة لأوكرانيا التي تخوض حربا مع روسيا منذ 24 فبراير 2022.
وتحدث المستشار الألماني أولاف شولتس عن "إشارة دعم قوية" لأوكرانيا تمنح "أفقا" لهذا البلد الذي يشهد نزاعا.
وكان زيلينسكي ينتظر، على غرار ملايين الأوكرانيين، إشارة إيجابية من الأوروبيين في وقت تتزايد الإشارات السلبية من واشنطن.
وتتوالى الأخبار السيئة على أوكرانيا منذ أسابيع، فقد فشل هجومها العسكري المضاد في تحقيق اختراق حاسم، كما تعطلت المساعدات الغربية الضرورية للمجهود الحربي.
وتزامنا مع بدء القمة الحاسمة في بروكسل، أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ثقته بانتصار بلاده في هذه الحرب، قائلا إن "قواتنا المسلحة تحسن مواقعها على طول خط المواجهة".
من جانبه، حذر ينس ستولتنبرج الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ناتو" من أنه "في حال انتصر بوتين في أوكرانيا فثمة خطر فعلي ألا ينتهي عدوانه هناك. دعمنا ليس صدقة، بل هو استثمار في أمننا".
وأكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن "استمرار وزيادة" المساعدات لأوكرانيا هما "مسألة وجودية" بالنسبة للتكتل. كذلك، منح الاتحاد الأوروبي جورجيا وضع المرشح وقرر فتح مفاوضات انضمام مع البوسنة الهرسك وفق شروط محددة. يشار إلى أن اتخاذ قرار بشأن تقديم حزمة مساعدات جديدة إلى أوكرانيا أصبح أكثر صعوبة بسبب حقيقة مفادها أن الدعم المالي المستمر لكييف يشكل جزءا من اقتراح تشريعي لمراجعة شاملة لميزانية الاتحاد الأوروبي طويلة الأجل.
ويعمل الاتحاد الأوروبي بنظام موازنة مدتها سبعة أعوام، على أن تمتد الفترة الحالية للموازنة المشتركة حتى 2027.
يذكر أن المفوضية الأوروبية وافقت الأسبوع الجاري على الإفراج عن ثلث التمويل البالغ 30 مليار يورو (33 مليار دولار) الذي تم تجميده بسبب مخاوف تتعلق بسيادة القانون والفساد، بعدما أدخلت المجر تعديلات مرتبطة بالقضاء وتعزيز استقلال المحاكم.
وذكر محللون لدى بنك "أو تي بي" في بيان، أمس، أن الإفراج الجزئي عن التمويل الأوروبي أحدث انخفاضا "سريعا لأقصى حد" في عائدات سندات المجر.
