ضبط النفس لن يطول في مواجهة بؤرة التوتر التي تريد الجزائر خلقها


الدار/ افتتاحية

نفَس القوات المسلحة الملكية طويل جداً وصبرها لا حدود له لكنه ليس أبديا أمام الاستفزازات التي تحرص جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر على ممارستها في الآونة الأخيرة باستمرار. منذ الهجوم الإرهابي الذي ضرب مدينة السمارة أواخر شهر أكتوبر الماضي وأسفر عن قتلى وجرحى من المدنيين الآمنين، تتكرر من حين لآخر محاولات الاستفزاز التي تسعى من خلالها المنظمة الإرهابية إلى اختبار صبر المغرب والمغاربة ومحاولة الزج بالمنطقة في مسلسل تصعيد عسكري ينسف كل ما تحقق على المستوى السياسي والدبلوماسي منذ وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة سنة 1991. هذه الاستفزازات المتكرّرة التي يشهد عليها المينورسو أيضا تنطوي على رسائل واضحة نابعة من ارتباك نظام الكابرانات.

الزيارة الأخيرة التي قام بها الدبلوماسي الأميركي جوشوا هاريس وزيارة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية بالجزائر التي قادتها إلى مخيمات تندوف تركت لدى النخبة الجزائرية والنظام الحاكم شعورا بأن ثمة توجها أميركيا ومن ثم دوليا نحو البحث عن حلّ سياسي نهائي لقضية الصحراء المغربية، لإنهاء هذا النزاع الذي طال أكثر من اللازم. هذه الأجواء الدبلوماسية الإيجابية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية وضعت الكابرانات في موقف حرج بين الخوف من إغضاب الراعي الأميركي والتخلّي عن ورقة الانفصال التي يوظفها هذا النظام محليا وإقليميا لتحقيق مكاسب أمنية وسياسية والحفاظ على مبررات وجوده واستمراره. اللواء الأسير السابق السعيد شنقريحة ورئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يواجهان اليوم مأزقا حقيقيا في ظل هذا التحوّل الجديد.

رداً على هذا المأزق لن يجد الكابرانات أفضل من خلق أجواء أمنية مربكة وغير مستقرة في المنطقة للإيحاء بأن النزاع حول الصحراء ما يزال قضية حية وذات أولوية ينبغي على المنتظم الدولي أن يلتفت إليها ويركز عليها، لا سيّما بعد التطورات الأخيرة التي شهدها الشرق الأوسط منذ هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر. لدى الكابرانات رغبة شديدة في جعل قضية الصحراء على رأس أولويات الأمم المتحدة، وهو أمر مستحيل بالمناسبة نظرا إلى أن أسس الملف واهية أصلا ولا يرتكز على أيّ واقع تاريخي أو جغرافي أو ثقافي مقنع، لا سيّما أن غالبية الصحراويين يعيشون في الأقاليم الجنوبية آمنين مطمئنين تحت راية بلادهم وسيادتها، ولا مجال لمقارنة أوضاعهم بأوضاع بؤر توتر دولية أخرى.

هذا هو المنطق الذي يفسر ما يحدث من استفزازات إرهابية وعسكرية. تريد الجزائر أن تحوّل منطقة الصحراء إلى بؤرة توتر مشتعلة في محاولة للضغط على الأمم المتحدة وعلى القوى العظمى لإحراج المغرب والدفع نحو إطلاق دينامية الصراع التي خفتت منذ زمن طويل بعد أن استقرت الأقاليم الجنوبية في ظل مغربها وتحت سيادتها الطبيعية ودخلت مرحلة البناء والتعمير والتنمية بعيدا عن أصوات المدافع وهدير المقاتلات وأزيز الرصاص. هذا ما يريد الكابرانات سماعه مجددا في منطقة الصحراء، أزيز الرصاص وأصوات المدافع التي يدفعون ثمنها من ثروة الشعب الجزائري لتمويل عصابة إرهابية تطلق قذائفها بصفة عشوائية لتقتل المدنيين والأبرياء.

لكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر أكثر مما هو عليه. لن تقف القوات المسلحة الملكية مكتوفة الأيدي على الرغم من ضبط النفس الكبير الذي تتحلّى به في الوقت الراهن. هناك آلية ردع لا يمكن أن تتأخر عندما يتعلق الأمر باختراق المنطقة العازلة أو انتهاك الحدود أو الاقتراب من المناطق المأهولة بالسكان المدنيين. ولعلّ أزيز الطائرات المسيّرة الذي يخيف اليوم إرهابيي البوليساريو لن ينقطع في الأيام القادمة ولن يتردد في أن يكون إيذانا بحصد رؤوس الإرهابيين المسؤولين عن العملية الإرهابية التي استهدفت المدنيين في السمارة. وهذه الرسالة ليست موجهة إلى مرتزقة البوليساريو فحسب بل هي رسالة إلى نظام الكابرانات الذي يحركهم ويوفر لهم الغطاء السياسي والمأوى والسلاح والتمويل. الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه، والقوات المسلحة الملكية جاهزة ومستعدة أتم الاستعداد للقيام بأدوارها الدفاعية في أيّ وقت تلحظ فيه تهديدا للحدود أو سلامة المواطنين المغاربة.

تاريخ الخبر: 2023-12-22 09:25:47
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

بركة : مونديال 2030.. وضع خارطة طريق في مجال البنيات التحتية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 03:24:53
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 64%

بوريطة يتباحث ببانجول مع نظيره المالي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 03:24:56
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية