وقال أكونين الذي يعيش في المنفى لوكالة فرانس برس في مقابلة عبر الفيديو "من الواضح أن نظام بوتين قرر اتخاذ خطوة جديدة مهمة للغاية في توجهه من دولة بوليسية استبدادية إلى دولة شمولية". وأضاف أن "توسيع القمع ليشمل مجال الأدب في بلد يمثل الأدب تقليديًا محورًا له مثل روسيا، يعد خطوة كبيرة".
في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، انتقلت السلطات بحملتها القمعية إلى مستوى جديد، ففرضت الرقابة وأغلقت وسائل الإعلام المستقلة.
وأحدثت السلطات صدمة هذا الأسبوع لدى الأوساط الأدبية الروسية من خلال إضافة اسم أكونين إلى قائمة "الإرهابيين والمتطرفين" وفتح تحقيق جنائي ضده بسبب انتقاده للغزو الروسي.
جاء ذلك بعد وقت قصير من إعلان بوتين ترشحه لولاية خامسة في عام 2024.
وفي إشارة إلى تصنيفه بأنه "إرهابي"، قال أكونين "لم يحدث هذا منذ عهد ستالين وزمن الرعب الكبير". حتى أن النائب أندريه غوروليف من حزب روسيا المتحدة الحاكم وصفه بأنه "عدو" وقال إنه يجب "تدميره".
أكونين هو الاسم المستعار لغريغوري تشخارتيشفيلي، أحد أشهر كتاب روسيا وأكثرهم نجاحًا على المستوى التجاري وهو اشتُهر برواياته البوليسية التاريخية.
لم يتردد في انتقاد بوتين وغادر روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.
وأوضحت دار النشر الروسية الكبرى AST، هذا الشهر إنها لن تنشر بعد الآن كتب أكونين وكاتب آخر معارض للكرملين هو ديمتري بيكوف. وداهم المحققون دار نشر أخرى رفضت أن تفعل بالمثل.
وقال أكونين مازحا إن رجال إنفاذ القانون يتعبون أنفسهم من خلال مصادرة كتبه. وأضاف الرجل البالغ من العمر 67 عاما "المضحك أيضا في الأمر هو أن المدعين سيقرأون الآن كل كتبي للبحث عن التطرف. أنا كاتب غزير الإنتاج، لقد ألفت 80 كتابًا".
وأكد أكونين إنه يخشى أن تستخدم السلطات حملة التشهير به لصرف انتباه الروس عن المعارض المسجون أليكسي نافالني الذي لا يُعرف مكان وجوده منذ أسبوعين.
وأضاف "أود حقا أن يرسل قادة العالم إنذارا لبوتين.. أرِنا نافالني حيا. هذا في غاية الأهمية".
وتوقع أكونين أيضًا أن تكون حملة القمع ضده وضد بيكوف مجرد البداية. وهو حذر قبل فترة وجيزة الروس الذين غادروا البلاد بعد الحرب من العودة، وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي أن "الليل سيزداد قتامة".
وقال إنه كما هي الحال في أي نظام استبدادي، فإن روسيا بوتين ستواصل دوامة الهبوط، معربًا عن خشيته من أن تسيطر السلطات بعد ذلك تمامًا على الإنترنت وتفرض على المواطنين الاستحصال على تأشيرات خروج.
وتابع "خطوتان أخريان وستصير روسيا دولة شمولية تماما".
- خوف -
صرح أكونين إن قادة الغرب ارتكبوا "خطأ استراتيجيا" بإساءة فهم المنطق التاريخي لتطور الدولة الإمبراطورية الروسية، موضحًا إن أي قائد آخر مكان بوتين كان سيتصرف "بالطريقة نفسها تماما. ... أمضيت 10 سنوات في كتابة تاريخ الدولة الروسية في 10 مجلدات. وأنا أفهم هيكلية الدولة الروسية على نحو أفضل الآن".
ورأى أن الدول الغربية ترتكب خطأ أيضا من خلال عدم احتضان الروس المناهضين للكرملين الذين فروا من روسيا. وأوضح "المأساة هي أن العالم الذي سارعوا إليه بحثًا عن ملاذ لم يكن ودودا. والكثير من الناس في الخارج وجدوا أنفسهم في وضع صعب جدًا".
وأضاف "بعضهم يعودون الآن ببساطة لأن لا أحد يحتاج إليهم في أي مكان. وهذا يرعبني جدًا، لأنهم يعودون إلى مكان حيث الأمور على وشك أن تصبح فيه مخيفة حقًا".
وقال أكونين إن الروس المناهضين للكرملين هم أفضل أمل لإسقاط بوتين وتغيير روسيا التي قد تصبح قريبا إما "شمال إيران" أو "غرب الصين".
وتابع "أعتقد أنه بات من الواضح أنه لن يكون من الممكن هزيمة نظام بوتين عسكريا"، مضيفا أن التغيير سيأتي من الداخل. وأضاف "هذا النظام أكثر هشاشة مما يبدو".
وأكد أكونين الحاصل على الجنسية البريطانية إنه يعتبر الآن ثلاث دول مواطن له وهي بريطانيا وفرنسا وإسبانيا. وقال "أنا أعتمد بشكل كبير على البيئة المحيطة بي، وعلى عبقرية المكان. أكتب كتبًا واقعية في لندن. وأكتب الأدب الجاد في أرض شاتوبريان، وأعمل على الأدب الترفيهي تحت شمس إسبانيا".
ورغم أنه ليس من السهل أن يكون المرء كاتباً روسياً هذه الأيام، لكنه يرفض أن يتخلى عن جذوره. وقال "ليس لدي أي شيء آخر في حياتي سوى الثقافة الروسية".
© 2023 AFP
