هل أهدرت رحلة وفد الوزيرة ليلى بنعلي إلى “كوب 28” المال العام وخرقت قواعد الالتزام البيئي؟


الدار/ تحليل

الاستفسار الذي تقدّم به النائب محمد أوزين حول تكاليف تنقل الوفد المغربي المشارك في مؤتمر كوب 28 بالإمارات العربية المتحدة يمثل سؤالا منطقيا يشغل بال المغاربة جميعا لا سيّما في هذا التوقيت الذي يتميز بالكثير من الإكراهات الاقتصادية والحاجة الماسة إلى تعزيز آليات الترشيد والتدبير الناجع للموارد العمومية. التقديرات التي وضعها النائب الحركي لكلفة تنقل وفد ضخم مكون من أكثر من 800 شخص مفزعة جدا ومثيرة للكثير من التساؤلات. يقدّر أوزين كلفة الرحلة بما يتراوح بين 5,76 و12,34 مليون درهم. هل من المعقول أن تستنزف رحلة واحدة لوفد وزاري هذه المبالغ الطائلة في عملية التنقل فقط؟

السؤال الكتابي الذي قدمه محمد أوزين طرح الكثير من الإشكالات المهمة من بينها تكلفة التنقل وجدوى مشاركة عدد هائل من الأشخاص الذين سافروا جميعا على حساب المال العام من مختلف الجهات الحكومية أو المنتخبة. الوزيرة المسؤولة عن قطاع الطاقة ليلى بنعلي مطالبة بتقديم التوضيحات والتفاصيل الخاصة بهذه الرحلة التي ضمت وفدا هائلا بهذا الحجم على حساب جيوب دافعي الضرائب، ومطالبة أيضا بتقديم حصيلة مشاركة أكثر من 800 شخص ضمن هذا الوفد. ربما يكون هؤلاء قد تمكنوا من تحقيق اختراق دبلوماسي أو إنجاز إشعاعي غير مسبوق لفائدة بلادنا!! ثم متى كان لدى مختلف الهيئات التي قدمت مشاركين في هذا الوفد هذا الاهتمام بهذا الحجم بقضايا البيئة والتغير المناخي؟

هذا السؤال البرلماني ليس شأنا حكوميا أو سياسيا داخليا. إنه في حقيقة الأمر حديث بضمير المواطن الذي لم يعد يقبل هذه النوعية من الممارسات غير المسؤولة ممن أوكلت لهم مهمة تدبير المال العام والحرص على موارد البلاد وتصريفها بأسلوب منطقي وناجع وفعال. من الطبيعي أن تجد الوزيرة المسؤولة عن القطاع البيئي الكثير من المبررات لسفر هؤلاء جميعا لكن المطلوب ليس هو التبرير وإنما التفسير. ما الداعي أصلا إلى حشد هذا العدد الهائل من المشاركين بينما كان من الممكن حصر القائمة في 50 أو 100 شخص على أقصى تقدير؟! علما أن حماية البيئة والتصدي للتغير المناخي يتطلبان بالمناسبة التقليل من حركة الطيران الذي يعد من بين المصادر الأساسية للانبعاثات المسببة لهذه الظاهرة.

الوفد الذي استدعى تنقله تخصيص طائرة إير باص ضخمة كان من الممكن أن يسافر في إطار الرحلات النظامية المفتوحة للعموم لو تم تقليصه إلى عدد منطقي ومقبول من المشاركين. الحرص على البيئة ليس مجرد شعارات وخطابات جوفاء بل هو سلوك وممارسة ذكيين ونزوع نحو التوفير والتقليص والحد من أسباب التلوث وعوامل تفاقمه. هذا يعني أن هذه الرحلة الضخمة اقترفت هفوتين قاتلتين: هفوة تبذير المال العام وصرف موارد البلاد على بعض المحظوظين. وهفوة الإسهام في ثقافة التلويث والإضرار بالبيئة عبر رحلات الطيران التي تعتمد طائرات ضخمة وملوثة.

الوفد المغربي كان من حيث الحجم ثاني وفد إفريقي في مؤتمر كوب 28. لكنه تناقضَ للأسف تناقضا مستفزا مع قواعد الالتزام البيئي والنجاعة المالية، وقدم مرة أخرى صورة داخلية سلبية عن بيروقراطية انتهازية تبحث فقط عن رفاهية بعض المسؤولين الزائدة في الوقت الذي تنتظر منهم الدولة التعبير عن حس عالٍ من الكفاءة الإدارية والالتزام الأخلاقي، وينتظر منهم المواطن حرصا أكبر على موارده ومقدّراته لا سيّما في هذه الظرفية التي تتميز بتضخم غير مسبوق وإجهاد مائي كبير، وانتظارات اجتماعية هائلة بدأت تطفو على السطح مع شروع الحكومة في تنزيل مشروع الدعم المالي المباشر وتعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية. نتوقع إذاً من المسؤولين الحكوميين والمحليين الإجابة عن هذه التساؤلات كلها للتقليل من ضغط الاستفزاز الذي تمثله هذه الرحلة الشبيهة بسفينة نوح.

تاريخ الخبر: 2023-12-25 15:26:43
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:05
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:01
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية