أصدر وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، حزمة من الإجراءات الصارمة عبر دورية وجهها إلى الولاة والعمال، لتشديد المراقبة على مستعملي المياه، لتفادي سيناريوهات السنوات الماضية، في ظل الظروف المائية الصعبة التي تعيشها البلاد.
وكشف وزير الداخلية أن “توالي سنوات الجفاف أثر سلبا على احتياطات البلد من المياه، وأضعف قدرات الإمداد بهذه المادة الحيوية، إلى جانب قلة التساقطات المطرية والانخفاض المهول في معدلات ملء السدود”.
وأكد لفتيت على ضرورة عقد الولاة وعمال الأقاليم اجتماعات مع موزعي المياه في الأسبوع الأول من كل شهر لتحديد وتحديث الخريطة الاستهلاكية للمياه بانتظام قصد تحديد الأحياء الأكثر استهلاكا للمياه استنادا إلى المتوسط اليومي للترات المستهلكة للفرد، ومواجهة استغلال الموارد المائية بطرق غير قانونية.
تعليقا على هذا الموضوع، قال محمد التفراوتي، كاتب وإعلامي بيئي ورئيس مركز آفاق بيئية للإعلام البيئي والتنمية المستدامة، أنه “لا بد من الإشادة بيقظة الدوائر المسؤولة عن الجوانب المحددة لإشكالية شح المياه المتنامية، واتخاذ هذه الإجراءات ولو أنها تبدو آنية ومرحلية ولا تعالج معضلة تناقص المياه على المدى البعيد”.
وأضاف محمد التفراوتي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الاستهلاك سيبقى هو نفسه، لذلك يجب معالجة الموضوع بشكل راديكالي وفق تصور يستشرف الأفق الغير الواضح، لكن الأهم هو الالتفات إلى التسربات في شبكات مياه الشرب، حيث يتم فقدان عدد هائل من ملاييـن الأمتار المكعبة كل عام، دون الدخول في الأرقام والاحصائيات الي يعرفها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب”.
وتابع المتحدث نفسه أن “الإجراءات المتخدة من قبيل إغلاق صنابير المياه عن بيوت المواطنين لا بد أن يتبعه بل يسبقه حملات توعوية لإشراك المستهلك المغربي بحقيقة الإشكالية التي تنذر بسوء العقبة والتي تتضح جديا من خلال نضوب مياه السدود”.
وأشار الخبير البيئي إلى أن “الوضع المناخي الحالي الذي يشهد على غياب الثلوج في أوج موسمها وفصلها، فضلا عن النشرات الجوية للأيام القادمة، لا تبشر بسقوط أمطار وثلوج كعادة كل سنة، مما يخفف أو يؤجل وقوع كارثة وفقدان هذه المادة الحيوية التي لا غنى عنها”، مضيفا أنه “يستوجب على القطاع المعني بتدبير المياه البحث عن كيفية علاج تسريبات القنوات المتهالكة رغم أنها مكلفة، لكن هذا ورش مهم يستلزم المباشرة وتخصيص اعتماد ولو على مراحل”.
وأوضح أيضا أن “تسرب مياه الشرب عبر الشبكة لا يمكن الاستهانة به، فمقابل كل خمسة لترات، مثلا، من المياه الموزعة، يعود لتر واحد إلى البيئة الطبيعية دون المرور عبر المستهلك”.
“فالعمر المستخدم لتقييم الحاجة إلى التجديد يقدر ما بين 50 إلى 80 عاما لكن قنواتنا معمرة جدا، ويرتبط تقادم الأنابيب بتآكل الأختام، كما أن التآكل الناتج بشكل طبيعي عن الماء يؤدي أيضا إلى إتلاف الأنابيب وهشاشتها”، يقول المتحدث.
وأردف التفراوتي أن “الهزة الأرضية التي شهدتها بعض مناطق المغرب يمكن أن تسببت في إتلاف قنوات الشبكة”، موردا أن “المغرب تضرر بشكل كبير من موجة حر شديدة في الصيف الماضي فاقمت من وضعية الجفاف الهيكلي الذي يعرفه المغرب”.
وأكد الخبير البيئي على أن من “جانب سقي المساحات الخضراء بربوع تراب المملكة، يتطلب تعميم وتشييد محطات لمعالجة المياه العادمة بالجماعات الترابية، بصيغة إلزامية مع توفير الدعم المالي والتقني في إطار شراكات مع القطاعات الأخرى المعنية”.
