ملامح انطلاقة جديدة في العلاقات بين المغرب وإسبانيا خلال سنة 2024


 

بعد اتخاذ المملكة الإسبانية موقفا تاريخيا في 14 مارس 2022، بتأييد المقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء، دخلت العلاقات بين البلدين منعطفا آخر، بعيدا عن كل أشكال الصراع والتجاذب الذي حدث قبل تاريخ الاعتراف بالمبادرة المغربية، بسبب استقبال إسبانيا زعيم البوليساريو إبراهيم غالي بجواز سفر مزور باسم “بن بطوش” في سنة 2021.

 

وشكلت خارطة الطريق التي وقعتها كل من مدريد والرباط في أبريل 2022، مناخا إيجابيا لإرساء العلاقات الثنائية بين البلدين، وبدأ مرحلة جديدة غير مسبوقة في تاريخ المملكتين. فما هي التحديات التي ستواجه العلاقات المغربية الإسبانية خلال هذه السنة (2024)؟ وكيف يمكن للبلدين أن يعملا على تطوير هذه العلاقات؟

 

جوابا على السؤالين، قال أحمد نور الدين، الخبير في الشؤون المغاربية، إن “الانطلاقة الجديدة التي تعرفها العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد، بعد أزمة “ابن بطوش” سمحت للبلدين بالتخلص من الطابوهات والمسكوت عنه، وقد انعكست هذه الحالة الذهنية على البنود الست عشرة التي تضمنتها خارطة الطريق في أبريل 2022. ومن مظاهر هذه الأجواء الايجابية أنه تم تشكيل فرق عمل في عدة مجالات نصص عليها البيان المشترك”.

 

وأضاف أحمد نور الدين، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “كان ذلك قبل الإعلان عن تنظيم البلدين إلى جانب البرتغال لمونديال 2030. وهذا ما يجعل من تنظيم هذا الحدث أهم ملف سيحظى بالاهتمام سنة 2024، من أجل وضع تصور شامل يشمل اللجان التنظيمية المشتركة، ويضع الخطط التفصيلية في كل ما له صلة بهذا الحدث العالمي، سواء في البنيات التحتية المشتركة، القائمة والمزمع إنجازها، والترتيبات اللوجستية والنقل والتنقل والإيواء والأمن وحفل الافتتاح والحفل الختامي، وغير ذلك من البرامج الدقيقة والمفصلة التي لا تدع شيئا للصدفة”، مضيفا أنه “يمكن أن يشكل المونديال محفزا لبناء النفق الرابط بين القصر الصغير وطريفة، وهو مشروع قابل للتنفيذ خلال 5 سنوات وتكلفة تصل إلى 6 مليارات دولار، اذا قارناه بمشاريع دولية مماثلة”.

 

وأشار المحلل السياسي إلى أنه إذا “تحقق هذا الربط فسيعطي دفعة قوية لتدفقات السلع والمسافرين وخطوط وأنابيب نقل الطاقة النظيفة وخطوط الكهرباء عالية التردد وكابلات الانترنيت، التي يمكن أن تكون مكملة ورديفة للمشروع الأساسي للنفق، مما سيحول مضيق جبل طارق إلى واحد من أهم المفاصل الاقتصادية واللوجستية والطاقية وتكنولوجيا الاتصالات، وأكثرها قيمة استراتيجية على الصعيد العالمي”، مؤكدا على أن “هذا هو الرهان الحقيقي للمونديال المشترك في ظل التحولات والتحديات الجيوسياسية التي يعيشها العالم”.

 

“كما تقول الحكمة المغربية “كبرها تصغار”، سيكون رفع سقف المونديال إلى هذا المستوى الاستراتيجي، عاملا مساعدا على مناقشة هادئة للنقاط الخلافية، واعني بها على الخصوص ملفات سبتة ومليلية والجزر المحتلة، لا أقول بأننا سنحل كل الملفات العالقة خلال الست سنوات القادمة، ولكن يمكننا أن نضع تصورا مندمجا لحل يحترم روح العصر ويستفيد من التجارب الدولية”، يقول المتحدث، لافتا إلى أن “التصور العام يمكن أن نكون مرنين في الأجندة التنفيذية التي قد تستغرق خمسين سنة كما كان عليه الحال مثلا في هونغ كونغ بين بريطانيا والصين”.

 

وزاد: “المهم أن نتحلى بالحكمة وبعد النظر، وأن نمتلك الشجاعة السياسية لطرح كل الملفات، وألاّ نفصل ملفاً أو مبدأ عن الآخر، تحصينا لمستقبل العلاقات بين البلدين وتجنيباً لها من الانتكاسات”.

 

ويرى نور الدين أن “أقرب طريق لتطوير العلاقات الثنائية هو تعزيز مناخ الثقة المتبادلة، واحترام الالتزامات المشتركة الموقعة في الاتفاقيات الثنائية، حتى لا تتكرر أزمة “ابن بطوش”، ومن هذا المدخل أشير إلى أن هناك بنودا في خارطة الطريق الموقعة في الرباط، لم يُعلَن إلى حدود الساعة عما تم التوصل إليه بشأنها، ومنها المباحثات حول تدبير المجالات الجوية وتحديد المجال البحري، وتحيين معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون لسنة 1991، على أساس المستجدات ما بعد 18 مارس 2022”.

 

وأوضح المتحدث نفسه أنه “لا يجب أن يتم تأجيلها إلى ما لا نهاية بدعوى أنها قد تثير خلافات حول قضايا السيادة والجيوب المحتلة. على العكس تماما يجب استثمار أجواء التفاهم والتقارب بين البلدين من اجل تفكيك كل الألغام التي قد تنفجر في وجه الأجيال القادمة، وإزالة كل المطبات التي قد تعترض طريق التعاون والشراكة”، موردا أنه “هناك مطالب إسبانية على المستوى الأمني والتجاري وملف الهجرة وإمكانية استغلال مشترك وفق شروط للجرف القاري والمنطقة التجارية الخالصة على الأطلسي”.

 

واعتبر المحلل السياسي أنه من “حق المغرب أن يربط النقاش على الحدود البحرية الأطلسية بملفات سبتة ومليلية والجزر الأحد عشرة المحتلة، كما من حق المغرب أن يربط الملف الامني ومكافحة الارهاب، بوقف الأنشطة الانفصالية المعادية للمغرب فوق أراضي إسبانيا لأنها تهدد أمن المغرب، ومن حق المغرب أن يربط التطور التجاري الذي فاق 20 مليار أورو بزيادة الاستثمارات الخارجية الإسبانية بالمغرب التي لازالت نسبتها ضعيفة مقارنة مع مجمل الاستثمارات الخارجية الاسبانية عبر العالم. وهكذا في كل الملفات”.

تاريخ الخبر: 2024-01-02 12:10:55
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 75%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية