عيد الميلاد المجيد هو رأس الأعياد
عيد الميلاد المجيد هو رأس الأعياد
استمع فيها ساكنو الأرض لهتاف السمائيين فكانت بشائر الحب الأقدس…والإيمان الأوثق وتحقيق الرجاء…استمع له رعاة امناء ساهرين علي رعيتهم فسمعوا البشارة المفرحة بميلاد رب المجد.
ويقول الكتاب المقدس
وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما. فقال لهم الملاك:لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب:إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب(لوقا2:9-11).
ميلاد السيد المسيح له المجد…هو رسالة سلام
الميلاد المجيد هو فارق زمني…بين أزمنة ظلام وتجبر…وأزمنة حب وبذل…كان هناك جبروت وبطش الدولة الرومانية والسياسات المستخدمة بالقوة للحفاظ علي سلطانهم فكانوا يخشون ملك السلام الآتي, لأن السيد المسيح أتي برسالة سلام فقام هيرودس الملك وتحقق من النبوات بميلاد السيد المسيح في بيت لحم وقتل الأطفال في بيت لحم من ابن سنتين فما دون ظنا أنه قضي علي مولود بيت لحم الذي هو ملك السلام, لأنه لايريد أن يملك علي مملكته…مولود بيت لحم هو ملك سماوي…جاء يملك علي القلوب بالحب والسلام…ورغم أن اليهود كانوا مستعبدين الرومانيين…وتحت جبروتهم وكانت النبوات تشير إلي ميلاد السيد المسيح…وأخذ قادة اليهود يعلمون الشعب النبوات العديدة عن مجيء المسيا المنتظر وعن موعده, وكان يوحنا المعمدان يصرخ أمام السيد المسيح له المجد.
هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم(يو1:29)
واليهود بهتوا من تعاليم رب المجد وقالوا لم نشهد مثل هذا من قبل…إنه يعلم بسلطان ويصنع الأشفية والمعجزات ويقيم الأموات ويخرج الشياطين…وهو صانع سلام…وصانع خير….وكان يجول يصنع خيرا للجميع…قيل عنه في الكتاب المقدسلا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته(مت12:19).
باسم الله القوي
قال عن اليهود في سفر إشعياء النبي
لايعرفون ولا يفهمون لأنه قد طمست عيونهم عن الإبصار وقلوبهم عن التعقل(إش44:18)
وأظلمت قلوبهم تجاه السيد المسيح وجحدوه…ونصبوا له العداوة…واشتكوا عليه ظلما…وتآمروا عليه زورا وحكموا عليه.لا جهلا منهم بل خوفا علي مراكزهم وإبقاء علي مجدهم الباطل…فهربت العائلة المقدسة وأتت بأمر إلهي إلي أرض مصر.أرض الأمان فحلت البركة علي أراضينا.
فرسالة السيد المسيح كانت تبكيتا لظلم اليهود…وإنارة لتعاليمهم الحرفية القاتلة…وتصحيحا لسلوكهم المعوج…ولكن رفضوه وحقدوا عليه…واضطهدوه منذ طفولته…وحاولوا الإيقاع به…واشتكوا عليه زورا وأخيرا صلبوه, وهو بلا خطيئة ولا توجد فيه علة للموت…ولم يفهموا رسالته السامية لأجل غلاظة قلوبهم…وتنبأ عنهم هوشع النبي وقال:قد هلك شعبي من عدم المعرفة لأنك أنت رفضت المعرفة أرفضك أنا حتي لا تكهن لي. ولأنك نسيت شريعة إلهك أنسي أنا أيضا بنيك(هو4:6).
وقال عنهم السيد المسيح في الإنجيل
يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا, هوذا بيتكم يترك لكم خرابا لأني أقول لكم:إنكم لاترونني من الآن حتي تقولوا:مبارك الآتي باسم الرب(مت23:27-39).
فرسالة السيد المسيح له المجد رسالة سلام وبنيان وقبول للآخر.
سلام يرفض الأحقاد والكراهية والصراعات. سلام يرفض الأنانية والانفرادية والذاتية والتحكم والتسلط…والقوة الغاشمة.
باسم الله القوي
سلام يقوم علي القيم الإنسانية وخدمة الإنسان لأخيه الإنسان يقدم البذل والتضحية من أجل إسعاد الإنسانية جميعها….سلام يرفض الظلم والعدوان, ويحترم هوية المجتمعات…سلام لايقبل ترويع المسالمين ولايقبل قتل الأبرياء ولايقبل تهجير ساكني الأوطان.
سلام لا يحد من حرية الفرد حتي يذهب بعيدا في متاهات الخصومات والمنازعات والحروب والأطماع وفرض السلطان علي الآخرين.
سلام المسيح له المجد
أتي للعالم أجمع يحقق راحة للفرد والجماعة ويحقق السعادة…ويوفر الرفاهية ويضع كل نضج وتقدم فكري أو علمي لخدمة البشرية كلها.
سلام يتأكد معه حرية الفكر والعبادة والمواطنة…وقبول الآخر…سلام يسعد به الناس جميعا خلال ما لهم من قدرة علي التفكير والتغيير والتطوير للنهوض بالبشرية وإسعادها.
فننظر منذ بدء الخليقة…أن الله جل اسمه القدوس
خلق الناس جميعهم أحرارا…ووهبهم حرية الاختيار فلا يتسلط شعب علي شعب ويفقد السلام بل يصون حسن الجوار, فسلام المسيح له المجد ليس له نهاية.
كان سلام لحظة البشارة…وسلام وقت الميلاد…وتهلل السمائيون مع الأرضيين في نشيد الحب والسلام وهتفوا:المجد لله في الأعالي, وعلي الأرض السلام, وبالناس المسرة(لو2:14).
وسلام وقت الصلب…فغفر لصالبيه وعلمنا التسامح والمغفرة…ومسالمة الآخرين
وسلام بعد القيامة, وقال للتلاميذها أنا معكم كل الأيام إلي انقضاء الدهر(مت28:20).
باسم الله القوي
ولكن العالم افتقد السلام…لأنه سعي نحو المادية والأطماع الهيولية واعتبرها مصدرا لشبعه فاستباح القتل والحرب والدمار وعرض الآمنين للمحن والأزمات
علينا أن نتفاعل مع رسالة السلام…ونكون كلنا صناع سلام…وكن أنت صانع سلام مع كل إنسان تتعامل معه في محيط أسرتك…وفي محيط عملك…وفي محيط بلدك.
فكلنا نعيش في ملء السلام ونسعي جميعا أفرادا وجماعات ودولا…من أجل السير علي الطريق الذي يحقق لنا السلام, فنتذكر الوعد الإلهي:سلاما أترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا(يو14:27), وأيضا قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام(يو16:33).
نطلب من ملك السلام
أن يهب السلام لوطننا مصر وللبلاد المجاورة لنا…وسلام يعم كل إنسان…وكل أسرة مصرية…وسلام للرؤساء والمرؤوسين ويعيش الجميع في سلام ووئام ونتمتع بخيراته لرفاهية شعوبنا ورقي أوطاننا.
ويعم السلام المبني علي القيم الأخلاقية النبيلة ويحفظ ناموس الأسرة وترابطها من التدهور والانفلات…والانحلال
ويحفظكم جميعا من كل شر
المجد لله في الأعالي
وعلي الأرض السلام,
وبالناس المسرة(لو2:14)
بنعمة الله
ثيئودوسيوس
أسقف الجيزة