اتسعت دائرة الاحتقان الاجتماعي بالمغرب خاصة في الآونة الأخيرة، مما أصبح ينذر بأزمة اجتماعية خانقة، عقدت معها الحياة السياسية والاجتماعية بفعل الاحتجاجات المتوالية في العديد من القطاعات، الأمر الذي قد يؤدي إلى “تعويق مسلسل الإصلاحات الذي بدأ بعد الجائحة”.
وإلى حدود اليوم وبعد شهور من الاحتجاج، أبانت الحكومة على أنها غير قادرة على وقف الاحتقان الذي يسود مختلف القطاعات الحيوية (التعليم والصحة والفلاحة والجماعات)، والاستمرار في “الإصلاح الاجتماعي” علما أن الحكومة الحالية مقبلة على تنزيل قوانين واصلاحات مهمة ومحاربة المعاملات الريعية ومكافحة الفساد.
وأفرزت هذه التحولات التي أعادت من جديد سؤال الثقة في الأحزاب والحكومة والنقابات، استفسارات عدة وتساؤلات كثيرة حول مستقبل الحكومة في امتلاك مبادرة الإصلاح، في ظل التوترات السياسية والاجتماعية الحالية.
ميلود بلقاضي، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “المغرب في عهد حكومة بنكيران وأيضا حكومة أخنوش عرف عدة مظاهر إجتماعية في مقدمتها اتساع ظاهرة الاحتجاج في أكثر من قطاع، ويمكن قراءة هذا الوضع من زوايا متعددة”.
وأضاف بلقاضي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “اتساع ظاهرة الاحتجاجات وظهور هياكل تنظيمية جديدة كالتنسيقيات، يدل على أن المغرب هو مجتمع دينامي وحركي قابل على أن يتفاعل مع الأحداث من أجل تحقيق أهدافه، لكن هذه الاحتجاجات الأخيرة أصبحت تشير إلى أن الوسائط التقليدية (الأحزاب والنقابات) باتت متجاوزة وتعيش الموت البطيء”.
وتابع المتحدث عينه أن “الدولة المغربية يجب أن تعيد النظر في دور الأحزاب السياسية والنقابات، وأن الحكومة تعيش مجموعة من التحديات في ظل ظهور هيكل التنسيقيات في مختلف القطاعات”، مؤكدا على أنه “يجب عليها إرساء مفهوم العدالة الاجتماعية، وأيضا الاستجابة لتطلعات ومتطلبات المواطن المغربي الذي يعيش أزمة قاسية”.
وأشار المحلل السياسي عينه إلى أنه على الحكومة “احتواء هذه الاحتجاجات لتأخذ منحى آخر، لكي لا تستغل من طرف أعداء المغرب، وعلى الحكومة أن تعيد النظر جوهريا ومنهجيا في تدبير السياسات العمومية التي تهم الطبقات الفقيرة والمتوسطة”.
“الحكومة يجب أن تتعامل بذكاء مع الحوارات القطاعية والابتعاد على المقاربة الأمنية، التي أدى عنها المغرب أثمنة باهضة” يشدد بلقاضي مبرزا أن مواطن 2024 ليس هو مواطن السبعينات والثمانينات، وعلى الحكومة أن تقوم بتعديل وزاري، خاصة في المواقع التي لها ارتباطات اجتماعية.