فلسطين.. مهد الحضارات وموطن الأنبياء


الدار/ فردوس الزعيم

ولنا في التاريخ عبرة.. عبارة فرضت علينا مراجعة التاريخ لمعرفة الحاضر الذي تعيشه أحد البقاع المقدسة وأكثرها جدلا.

فمن أرض كنعان الى اليوم تروي أرض فليطسن قصة لم يروها الكثيرون، قصة ارض مرت بما لم تمر به أرض أخرى.

فما هي قصة فلسطين عبر التاريخ؟

فلسطين.. اولي القبلتين.. ثالت الحرمين.. دولة عربية شرق أوسطية، إحدى دول الشام الخمس، تقع في الجزء الآسيوي من العالم العربي، لها مكانة مقدسة دينيا لوجود المسجد الأقصى فيها، بالإضافة إلى قبر إبراهيم عليه السلام، ولكونها مهد المسيح عليه السلام.
تعاقبت على فلسطين إمبراطوريات وحضارات… شهدت حروبا ونزاعات للسيطرة على موقعها الجغرافي المتميز وما يحويه من خيرات… كان آخرها الانتداب البريطاني الذي أسفر عن احتلال واستيطان إسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وعن هجرة كثيفة لليهود إليها، خاصة من أوروبا.

موقعها الجغرافي جعلها حلقة وصل برية بين قارتي آسيا وأفريقيا، وبين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر.
تبلغ مساحة فلسطين التاريخية 27027 كيلومترا مربعا، بما في ذلك بحيرتا طبريا والحولة ونصف مساحة البحر الميت.

يعد موقع فلسطين الجغرافي مهما على عدة أصعدة، فهي ممر للقوافل التجارية القادمة من آسيا والهند وشبه الجزيرة العربية، التي تصل إلى موانئ فلسطين على البحر المتوسط ومنها إلى أوروبا.
وفي فترات السلم التي شهدتها فلسطين، كانت مزدهرة تجاريا واقتصاديا.

وفي فترة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، لا تزال موانئ حيفا ويافا وغزة ذات دور كبير في التجارة، خاصة ميناء حيفا الذي يصدر من خلاله النفط العراقي إلى أوروبا.

وعلى الصعيد الديني… تكمن أهمية فلسطين في قدسية أرضها التي تضم المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، إضافة إلى مسجد قبة الصخرة.

وعلى الصعيد الإستراتيجي والحضاري، شكلت فلسطين عبر التاريخ مطمعا للغزاة والمستعمرين لموقعها الذي يربط بين أوروبا وأفريقيا وآسيا.

وفي القرن العشرين تأكد للاستعمار الأوروبي وخاصة بريطانيا وفرنسا أن المحافظة على المصالح الاستعمارية في المنطقة العربية لا تتم إلا من خلال السيطرة على فلسطين، وتم ذلك بتأسيسهم وطنا قوميا لليهود فيها.

ويشكل المسلمون نسبة 96.5% من مجموع سكان فلسطين.. من أتباع المذاهب السنية.

وتسكن أيضا فلسطين طوائف من المسيحية، التي كانت معتقدا يدين به معظم سكان الأراضي الفلسطينية قبل الفتوحات الإسلامية، ولهم تشكيلة كنائس في القدس والناصرة وبيت لحم.

ففي فلسطين 15 كنيسة معترف بها، أكبرها كنيسة الروم الأرثوذكس، تليها كنيسة روما الكاثوليكية، والروم الكاثوليك “الملكيون”، والكنائس البروتستانتية “اللوثرية والأنغليكانية”، ومن ثم الكنيسة الأرمينية.

عرفت فلسطين تاريخيا بأرض كنعان، لكون الكنعانيين هم أشهر من سكنها، وتقول بعض الروايات إن اسم فلسطين مشتق من كلمة “فلستيا”، نسبة إلى قوات “فلستو” التابعة للملك الآشوري أديزاري الثالث.
وفي العصر الروماني أصبح اسم فلسطين يطلق على كل الأراضي المقدسة، وانتشر استعمال الاسم في الكنيسة المسيحية انتشارا واسعا.

وتشير الاكتشافات الأثرية في الشام والعراق إلى أن الشعوب السامية كانت من أقدم الشعوب التي عرفت الحياة على أرض فلسطين، كما تشير إلى أن سكان فلسطين كانوا عربا منذ القدم.
وكان هؤلاء العرب قد هاجروا من جزيرة العرب إثر الجفاف الذي حل بها، فعاشوا في وطنهم الجديد “كنعان” ما يزيد على ألفي عام قبل ظهور النبي موسى عليه السلام.

تاريخ الهجرة الكنعانية من جزيرة العرب يعود إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، ويذهب باحثون آخرون إلى أبعد من ذلك، حيث يشيرون إلى وجود الكنعانيين قبل 7 آلاف سنة، وذلك من خلال تتبع الآثار في مدنهم القديمة، وأقدمها مدينة أريحا الباقية حتى اليوم، التي تقول بعض الروايات إنها أقدم مدينة في العالم.

وتعاقبت الدول والإمبراطوريات على فلسطين، فحكمتها الإمبراطورية الفارسية فترة، ثم الرومانية، تلا ذلك عهد الفتح الإسلامي، الذي كانت فلسطين تابعة لإماراته كلها منذ عهد الخلافة الراشدة وحتى العهد العثماني.

وواجهت في تلك الفترة حروبا من أبرزها الحروب الصليبية، والحملات التي شنها الصليبيون أوقعت فلسطين تحت سيطرتهم لفترة، ومن أبرز أحداث تلك المرحلة سقوط الجيش الصليبي بقيادة ريتشارد قلب الأسد على يد جيش القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين الشهيرة.
وفي العهد العثماني كان لليهود أن يقيموا في فلسطين بصفتهم مواطنين بمرسوم من الباب العالي، لأن الدولة العثمانية كانت ترفض هجرة اليهود الاستيطانية إلى أرض فلسطين.

ورغم ذلك، تنامت القوى السياسية الصهيونية في فلسطين إثر “الهجرة الثانية” لليهود، التي كانت ما بين عامي 1904 و1914، وساعد على ذلك فساد بعض أجهزة الدولة العثمانية في ذلك الوقت وتواطؤ بعض موظفيها مع الحركة الصهيونية.

وبعد عام 1870، برزت الفكرة الصهيونية في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وتم ذلك بعد التعاقد الشهير بين الصهاينة والاستعمار الأوروبي عبر وعد بلفور، الموقع في الثاني من نوفمبر عام 1917، في ظل الحرب العالمية الأولى وتفكك الدولة العثمانية.

ووضح وعد بلفور أن الحكومة البريطانية آنذاك ملتزمة بدعم استيطان اليهود في فلسطين، ضد إرادة أصحاب الأرض من الفلسطينيين العرب.

وفي الفترة ما بين 1923 إلى 1948 كان الانتداب البريطاني على فلسطين، وفي عام 1924، أصدر المندوب السامي البريطاني آنذاك هربرت صموئيل مشروع نقد فلسطيني جديد، وصدر قانون بمنح الجنسية الفلسطينية لليهود المقيمين في فلسطين، قبل أن يخلفه ويكمل مشروعه الصهيوني اللورد هربرت تشارلز بلومر.

وخلال السنوات العشر الأولى من الانتداب البريطاني دخل فلسطين ما يقارب 76400 مهاجر يهودي، غالبيتهم من بلدان أوروبا الشرقية، ومع نشاط الهجرة المتزايد إلى فلسطين أدرك العرب ضرورة مقاومة الصهيونية وتحيز السلطات لها.

ومن تلك المرحلة بدأت المقاومة، وكانت بداية الثورة وشرارتها ثورة البراق عام 1929، حيث حاول اليهود الاستيلاء على الجدار الغربي للمسجد الأقصى الذي يملكه المسلمون، وهو ما أسفر عن حشد التأييد العربي للقضية الفلسطينية.

كانت فلسطين أحد أهم مراكز الحضارة القديمة، مما يعني أن ثراءها بالآثار والمعالم لن يكون غريبا، خاصة مع تميزها بالقدسية الدينية.

فقدسيتها تنبع من كونها مهد المسيح عليه السلام، ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأول قبلة للمسلمين.

تاريخ الخبر: 2024-01-19 12:27:15
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية