مولد السلام
مولد السلام
ظهر نجم في السماء دالا علي مولده فجاء مجوس من الشرق وقدموا الهدايا ذهبا ولبانا ومرا مشيرين بذلك إلي أنه ملك كاهن وإلي ما سيتحمله من عذاب, وانزعج هيرودس ملك اليهود وخشي علي ملكه ظانا أنه جاء ليزاحمه فيه, ولم يعلم أن ملكه ملك سماوي روحي, وحتي يزيح منافسه من الوجود أمر بذبح أطفال بيت لحم لكل من كان أقل من سنتين ـ فلجأت أمه العذراء مريم حاملة وليدها ـ يسوع المسيح له المجد ـ يرافقها يوسف النجار, إلي مصر بلد السلام فأقاموا بها حتي مات هيرودس فعادوا بالسيد المسيح إلي أرض فلسطين حيث نما وتربي وتعلم إلي أن بدأ التبشير بملكوت السماوات وبرسالة المحبة بين الناس.
وهكذا كانت مصر دائما ومنذ الأزل بلد السلام والمحبة والخير والاطمئنان, لا تلجأ للحرب إلا دفاعا عن ترابها أو استخلاصا له من يد المعتدي, يلوذ بها كل هارب من الظلم والطغيان, فاستضافت من قبل إبراهيم ويوسف ويعقوب والأسباط فأنزلهم فرعون في جاسان من إقليم الشرقية فنموا بكل خيرات مصر ومكثوا فيها ما يقرب من أربعة قرون.
لقد رفض السيد المسيح كل ما يتصف بالقوة والعنف وبارك السلام والعاملين من أجل السلام, وقال للجموع في خطابه المشهور من جبل الزيتون وأنا أقول لكم إن كل من يغضب علي أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم, ثم عاد يقول أيها السامعون أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم, صلوا من أجل الذين يسيئون إليكم ـ مؤكدابذلك دعوة المحبة والسلام في المجتمع حتي يعيش الناس في تآخ وسعادة وهناء بعيدين عن شرور الخصام والحرب والتناحر وما تسببه من تعاسة لبني البشر.
وإيمانا بهذه المبادئ التي أقرتها جميع الديانات ذهب الرئيس المؤمن محمد أنور السادات إلي أورشليم حاملا مبادرة السلام, ومحطما لحاجز الشك والحذر وعدم الثقة الذي استمر قائما أكثر من ثلاثين سنة, داعيا الأطراف المتحاربة إلي نبذ الحروب, واعتبار حرب أكتوبر المجيدة آخرها, والجلوس كمتحضرين للتفاوض والمناقشة للوصول إلي تحقيق السلام الدائم القائم علي العدل بما يتيح لشعوب وأمم الشرق الأوسط العيش الهنئ في إطار المحبة والوئام.
وبعد هذه المبادرة الشجاعة التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ, نصلي جميعا لله عز وجل أن يحقق السلام العادل للمنطقة, وليسود العدل وتعود الطمأنينة إلي شعوب المنطقة لتعيش في محبة وتآخ وسعادة.
في هذا العيد المجيد, عيد مولد ملك السلام أتقدم بالتهنئة الخالصة لقداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث وأحبار الكنيسة والشعب القبطي في مصر وسائر أنحاء العالم داعيا الله عز وجل أن يعيده علي الجميع بالخير والبركات ويكون العام الجديد عام السلام والمحبة بين الناس.
وكل عام وأنتم بخير