منذ أن عملت الهيئة التي كلفها الملك محمد السادس بمراجعة مدونة الأسرة، على استلام المقترحات من طرف الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية والمنظمات ذات الصلة بالموضوع، ظهرت على سطح هذا الملف الاجتماعي الحساس تصريحات مثيرة ونقاشات حادة لقيادات حزبية حملت معها مسؤوليات كبيرة لأحد أعضاء هاته الهيئة.
ولا يمكن ذكر تفاصيل هذا الموضوع دون الحديث عن التصريحات النارية التي أطلقها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، في حق عبد اللطيف وهبي، بصفته زعيما لحزب الأصالة والمعاصرة، خاصة في ما يتعلق بتعديلات مدونة الأسرة التي تقدم بها هذا الأخير، والتي اعتبرها قائد حزب المصباح “خارجة عن المرجعية الإسلامية للمملكة المغربية”.
ويرى مراقبون سياسيون أن الصراعات الحاصلة في موضوع مدونة الأسرة “أمر مقبول”، نظرا لاختلاف الإيديولوجيات الحزبية، غير أنه يمكن أن يؤثر هذا التجاذب الحزبي على مسار إصلاح القانون الأسري وتحقيق عدالة أسرية دائمة.
عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول بسطات، قال إن “موضوع مدونة الأسرة في العالم العربي والاسلامي، يعتبر موضوعا خلافيا بين الحساسيات السياسية والاجتماعية، والمغرب هو جزء من هذه المنظومة، وبالتالي ما يظهر من تصريحات وتصريحات مضادة بين أطراف سياسية ذات منطلقات إيديولوجية مختلفة، أمر عادي وصحي ويوضح أن المغاربة يحسمون خلافاتهم بالحوار والنقاش المجتمعي”.
وأضاف اليونسي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الفرق الذي حدث اليوم هو أن الطرف الإيديولوجي حاضر في المؤسسات الدستورية ويصرف مواقفه من خلالها” مشيرا إلى أن “الأصل أن عمل اللجنة ينبغي أن يكون محايدا ولا تأثير عليه، ينبغي أن تعمل وفق ما يمليه عليها ضميرها الوطني وبتأطير توجيهات أمير المؤمنين، لأننا أمام نص قانوني ارتآه المغاربه بخلفية دينية”.
وتابع المتحدث ذاته أن “وزير العدل عبد اللطيف وهبي كانت له مواقف حزبية تجاه قضايا معينة في المدونة، لذلك يجب أن يعبر عنها حزبه في اللقاء مع اللجنة”، معتبرا أن “رئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان حولت المؤسسة الدستورية إلى حزب سياسي أو كيطو إيديولوجي منغلق على الرأي الواحد”.
وبالنسبة لحزب العدالة والتنمية الذي لا يتوقف عن مهاجمة وهبي وبوعياش بسبب توجهاتهما بهذا الشأن، يرى اليونسي أن الحزب “يحاول سياسيا استعادة بعضا من جمهوره المحافظ، وبالتالي يظهر في مواجهته لهاتين المؤسستين أنه صوت هذا الطيف الواسع من المحافظين من داخل اللعبة السياسية”.
وخلص اليونسي حديثه قائلا: “بطبيعة الحال هذا التجاذب في قضية ذات علاقة بالمرجعية سيكون له تأثير على مسار إعداد المدونة، وما بعد اعتمادها وفق المسطرة الدستورية للتشريع”.
