لماذا يدعو الاتحاد الاشتراكي إلى ملتمس رقابة ضد الحكومة؟


الدار/ افتتاحية

من المؤكد أن الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ادريس لشكر أول من يعلم أن دعوته إلى تقديم ملتمس رقابة ضد حكومة عزيز أخنوش مجرد مناورة سياسوية ودعاية إعلامية لا أقل ولا أكثر. يبدو خطاب اليسار، وعلى رأسه حزب الاتحاد الاشتراكي هذا الأيام مفعما بزخم مختلف بعض الشيء. تصريحات عضو المكتب السياسي للحزب نفسه لحبيب المالكي التي تحدث فيها عن ضرورة مواجهة الفساد والانهيار الأخلاقي لا تخلو أيضا من المزايدات الشعبوية. فما سرّ هذه السخونة الاتحادية في هذا التوقيت بالضبط؟

هناك طبعا سياق تنظيمي مرتبط بانعقاد أشغال المجلس الوطني للحزب مؤخرا، وهو بمثابة برلمان للاتحاد الاشتراكي يتبادل فيه أعضاء الحزب وجهات النظر بخصوص القضايا الداخلية والوطنية ويدلون بمواقفهم السياسية تجاه ما يعتمل في الساحة. بعبارة أخرى مطالبة ادريس لشكر وتصريحات لحبيب المالكي لا تخرج عن كونها موجهة أساسا للاستهلاك الداخلي، في حزب فقد الكثير من بريقه وحضوره في الميدان منذ أن خاض غمار تجربة المشاركة في تدبير الشأن العام سنة 1998 مع أول حكومة للتناوب. كيف يمكن أن يدعو حزب يمتلك 20 نائبا في مجلس النواب إلى تقديم ملتمس رقابة ضد الحكومة؟ تبدو دعوة ادريس لشكر إذاً مجرد صيحة في واد.

هي مجرّد صيحة أيضا لأن حزب الاتحاد الاشتراكي كان حريصا قبل سنتين على المشاركة في التحالف الحكومي الحالي، ولم يخرج من دائرة المفاوضات إلا في آخر اللحظات، ولم يفعل ذلك حسبما تسرّب حينها بسبب الاختلاف حول مواقف أو توجهات أو سياسات، بل فقط لأن قيادة الأغلبية لم تجد له موطئ قدم. من الغريب إذاً أن تحاول قيادة الاتحاد الاشتراكي تغيير موقفها في هذه اللحظة بالضبط وتقديم الحزب باعتباره معارضا شرسا. صحيح أن الاتحاد الاشتراكي ينتمي في الوقت الراهن إلى صف المعارضة البرلمانية لكن لا بد من التساؤل فعلا عن أدوار المعارضة الحقيقية التي يقوم بها هذا الحزب. هل هي معارضة فعلية مؤسَّسة أم مجرد ومضات موسمية كهذه التي يعبّر عنها اليوم؟

هناك احتمال آخر وراء هذا التصعيد الكلامي الذي يعبر عنه قادة الاتحاد الاشتراكي هو الرغبة في تقديم عرض سياسي بديل مستقبلا. بالنظر إلى التململ الذي تشهده أحزاب الأغلبية بين الحين والآخر، وكثرة توقّعات المنجّمين باحتمال إجراء تعديل حكومي ليس له أيّ أسس واقعية ومنطقية، يحاول حزب الاتحاد الاشتراكي أن يرسل إشارات إلى الدولة باعتباره هيئة سياسية جاهزة في أيّ وقت لتحمّل المسؤولية والإسهام في بناء عرض سياسي جديد. بعبارة أخرى تصريحات لشكر هي من قبيل المعنى الذي ينطوي عليه المثل الدارج “يخ منّو عيني فيه”. لكن هل لا زال لدى الاتحاد الاشتراكي عرض حقيقي يمكن أن يفيد من خلاله عملية التدبير السياسي وتحقيق التوازنات المطلوبة؟

من المؤكد أن الاتحاد الاشتراكي الذي قاد الحكومة في بداية الألفية الجديدة لا علاقة له بحزب الاتحاد الاشتراكي الحالي. على الأقل على مستوى الأطر والكفاءات التي تنشط فيه وتتحمّل المسؤوليات في مختلف هيئاته. كان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبر تاريخه الطويل خلية نحل لا تهدأ ومختبر أفكار لا تنضب. كان مدرسة حقيقية تخرّج فيها الآلاف من الأطر والكوادر التي ساعدت في تدبير الشأن العام، وأنتج الكثير من رجال الدولة المشهود لهم بالولاء والكفاءة والتميّز. لكن ماذا عن الواقع البشري الحالي لهذا الحزب؟ من المؤكد أن أجيال الكفاءة التي كانت تدير الشأن الاتحادي في الماضي لم تنجح في ترك خلَف مناسب؟ والدليل على ذلك اجتياح ظاهرة الأعيان الذين أصبحوا اليوم عمادا من أعمدة الحزب في الانتخابات.

تاريخ الخبر: 2024-01-31 00:26:15
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 65%

آخر الأخبار حول العالم

بوريطة يتباحث ببانجول مع نظيره المالي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 03:24:56
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

بركة : مونديال 2030.. وضع خارطة طريق في مجال البنيات التحتية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 03:24:53
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية