تتمتع بلاد النوبة بثراء ثقافي وتراثي مثير للاهتمام، وانعكست جغرافيتها المميزة على تراثها وعلى أبنائها، فبموقعها على ضفاف نهر النيل اتخذت من انسيابه الروح الهادئة والبساطة والنقاء، وترك جمال النيل على وجوه أبنائها ابتسامة جذابة في وجه أسمر بشوش.  

واكتسب أهل النوبة من النيل العظيم، الكرم العطاء والجود، كما هو من قديم الأزل، ولهذه الخصوصية لبلاد النوبة، وحرص محمد صبحى الذي يعمل مرشدًا سياحيًا ومؤرخا لتراث بلاد النوبة على توثيق كل ما يخص مسقط رأسه في متحف أقامه بالجهود الذاتية في بيته. 

ويقع المتحف على ضفاف النيل في جزيرة إلفنتين، وهي واحدة من جزر عِدة داخل مدينة أسوان جنوب مصر، واقتنى في هذا المتحف رموزًا تخص تراث النوبة الغني.

ويقول صبحى إن المتحف يجسد فيه كل المعلومات عن النوبة "تاريخها، جغرافيا، عاداتها، معتقداتها، حتى البيولوجي الخاص بها، حتى الحيوانات والطور والأسماك" وصنف المتحف من أهم وأول المزارات التي يأتي إليها السائحون في أسوان، فالجزيرة ما هي إلا قطعة أثرية كاملة، وتعبر من أغنى الأماكن في أسوان بالآثار.

لبلاد النوبة حروف لغوية حيرت العالم، ويقول "صبحى": اللغة النوبية تخلف كليًا عن اللغة العربية، فمثلًا جملة كيف حالك؟ تنطق بالمصرى "إزيك" أما بالنوبى "فتقول: "مينى بو"، شعر "سِير" وبحبك "إيكادولي" وغيرها من الكلمات النوبية التي تجذبك حين تسمح حروفها.

اللغة النوبية تنطق وتكتب، هي مأخوذة من اللهجة القبطية، حيث أضاف النوبيون ثلاث أحرف من اللغة القبطية على اللغة النوبية القديمة، حتى أصبحت 26 حرف كتبت بها الراوية النوبية الحديثة، هذا كما ذكر المؤرخ محمد صبحى ابن جزيرة الفينتين.

وللمرأة أهمية قصوى أكثر من الرجل في بلاد النوبة، ويقول المؤرخ: في بلاد النوبة هجر الرجال من الجنوب وذهبوا إلى الشمال للبحث عن العمل، فكانت المرأة تقوم بكل الأنشطة من خبيز وعجين وطبخ للأولاد، ترسم البيوت بالألوان المبهجة. تجهز للأفراح وتهتم بالحنة فتعتقد أنها تطرد الرواح الشريرة، لذلك تجد المرأة النوبية تستخدم الحنة في كافة المناسبات والاحتفالات.

والمعتقدات الخاصة بأهل النوبة كثيرة ومختلفة منها معتقد الاحتفال بيوم عاشوراء، حيث يعتقد أهل النوبة أن هناك ملائكة طيبة تعيش في النيل فيقدمون لها البلح وطبق العاشوراء والأرز باللبن، مربة البلح، فيعتقدون أنها تهبهم الصحة والسعادة  والخصوبة والزواج.

ومن الأكلات النوبية "الأسلاد"، وهى من أشهر الأكلات، وتعد من لحم يتم "تحميره" بالتوابل والبهارات ويحتفظ به لمدة أسبوع، وهى وجبة شهية جدًا، وفتة "الجاكود" وهي مرقة الضأن مع الأرز والجبز الشمسى مضاف إليه الخضرة "الكسبرة والشمر" ويوضع الشوربة والبهارات، وهذه أكلة الأعياد.