بعد أن تداول نُشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي عددا من مقاطع الفيديو الموجهة للنساء اللواتي يعانين من تساقط الشعر أو بطء نموه، والتي تنصح باستخدام الدواء الشهير لعلاج ضعف الانتصاب «الفياجرا» مع الشامبو الخاص بهن. وذلك عن طريق طحن حبات الفياجرا ومزجها بالشامبو واستعمالها أكثر من مرة في الأسبوع، بهدف الحدّ من تساقط الشعر وزيادة نموّه.

وللمعلومات حول فعالية ذلك، أوضح الأستاذ المشارك بقسم الصيدلانيات، في كلية الصيدلة بجامعة جازان أسامة مدخلي: أنه يمكن للباحثين أن يجدوا استخدامات جديدة «خارج التسمية» للأدوية الموجودة، وهي استخدامات ليست جزءًا من الموافقة الأصلية للدواء، ولكن يتطلب بحثًا دقيقًا وتجارب سريرية لتأكيد الفعالية والأمان.

‏أكد مدخلي أن فكرة سحق الأقراص مثل السيلدينافيل وخلطها مع الزيوت أو الشامبوهات لتحفيز نمو الشعر ليس لها سند علمي لعدة أسباب:

الخلط مع الشامبو والزيوت

أولا: طريقة الإيصال غير المناسبة: حيث تم تصميم أدوية مثل السيلدينافيل ليتم تناولها عن طريق الفم أو عن طريق الوريد لضمان استقلابها بشكل صحيح من قبل الجسم، وقد يؤدي سحقها وخلطها مع الزيوت إلى منتج غير فعال، حيث قد لا يتم امتصاص العنصر النشط بشكل صحيح من خلال فروة الرأس.

ثانيا: مخاوف تتعلق بالسلامة: يمكن أن يكون للأدوية آثار جانبية وتفاعلات مع أدوية أخرى، واستخدامها دون وصفة طبية يمكن أن يؤدي إلى مخاطر غير متوقعة، على سبيل المثال، يمكن أن يؤثر السيلدينافيل على ضغط الدم وهو ليس آمنًا للجميع، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض قلبية معينة أو أولئك الذين يتناولون أدوية النترات.

ثالثا: نقص الأدلة: لا يوجد دليل سريري على أن السيلدينافيل أو أدوية الضعف الجنسي الأخرى، عند تطبيقها موضعيًا، يمكن أن تعزز نمو الشعر أو تمنع تساقط الشعر وما يتداول عن الموضوع عبارة عن دراسات مبدئية تحتاج للكثير من التجارب لإثبات فعاليتها. غالبًا ما تفتقر ادعاءات نمو الشعر في مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي إلى التحقق العلمي ويجب النظر إليها بحذر والتأكد من كل ما يعرض فيها.

رابعا: الموافقة التنظيمية: يتم تنظيم الأدوية بشكل صارم؛ إن أي تطبيق جديد لدواء موجود، خاصة بالنسبة لحالة مثل تساقط الشعر، يتطلب بحثًا شاملًا وتجارب سريرية للحصول على موافقة الهيئات التنظيمية مثل هيئة الغذاء والدواء.

الفياجرا ونمو الشعر

‏أوضح مدخلي أن هناك أدوية معتمدة من هيئة الغذاء والدواء مثل مينوكسيديل (موضعي) وفيناسترايد (عن طريق الفم) والتي أثبتت فعاليتها في علاج تساقط الشعر، وتعمل هذه الأدوية من خلال آليات مختلفة، حيث يحفز المينوكسيديل بصيلات الشعر ويحسن تدفق الدم، بينما يثبط فيناسترايد إنتاج داي هدروتستوسترون (Dihydrotestosterone)، وهو هرمون يمكن أن يقلص بصيلات الشعر ويؤدي إلى تساقط الشعر.

وفيما يخص الدراسات التي تُشير لاستخدام الفياجرا في علاج تساقط الشعر أو زيادة نموّه، أبان مدخلي بوجود عدد من الدراسات لعلّ أشهرها هي دراسة كورية أجريت عام 2018 ونشرت في مجلة «Biochemical and Biophysical Research Communications»، والتي أثبتت أن السيلدينافيل الذي يعمل على تثبيط الفوسفودايستريس اي 5 (Phosphodiesterase-5)، قام بتحفيز الخلايا المسؤولة عن نمو الشعر وذلك بتحفيز عاملين هما: عامل نمو بطانة الأوعية الدموية، وعامل النمو المشتق من الصفائح الدموية.

وهذان العاملان لهما دور كبير في تعزيز نمو الشعر، ودراسة أخرى قامت بمقارنة السلدينافيل مع المينوكسيديل ووجدت الدراسة نموا ملحوظا للشعر وكثافته ولكن بدرجة أقل من المينوكسديل.

الأدوية المعتمدة

ينصح مدخلي أنه في حال الرغبة في استعمال علاجات لنمو الشعر أو منع تساقطه، فمن الضروري الاعتماد على الأساليب والأدوية المبنية على الأدلة والمعتمدة من قبل متخصصي الرعاية الصحية، ونوّه بأنه لا يُنصح بالعلاج الذاتي باستخدام الأدوية المطحونة في الزيوت وقد يكون خطيرًا. ويجب استشارة الطبيب المختص لمعرفة خيارات العلاج الآمنة والفعالة للمخاوف المتعلقة بالشعر.

استخدامات أخرى

أضاف: «بصرف النظر عن استخدامه المعروف لعلاج ضعف الانتصاب، فإن «السيلدينافيل» «المعروف باسمه التجاري الفياجرا، تمت الموافقة عليه أيضًا لعلاج ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي». وهذه حالة خطيرة تتميز بارتفاع ضغط الدم في الشرايين التي تغذي الرئتين، مما قد يؤدي إلى أعراض مثل ضيق التنفس، والدوخة، والتعب، في حالة ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي، يعمل السيلدينافيل عن طريق استرخاء الأوعية الدموية في الرئتين، مما يسمح بتدفق الدم بسهولة أكبر. ‏وبيّن مدخلي أن الأبحاث حول الاستخدامات المحتملة الأخرى للسيلدينافيل تشمل دراسات عن أمراض القلب، وظاهرة رينود (وهي حالة تؤثر على تدفق الدم إلى أجزاء معينة من الجسم)، وحتى داء المرتفعات، ومع ذلك، فإن هذه الاستخدامات غير معترف بها على نطاق واسع دون مزيد من الأدلة وموافقة هيئة الغذاء والدواء.