الوزير والنحلتان
الوزير والنحلتان
(1) : النملة وعود القش
كان هناك رجل, رغم نجاحه في الحياة, يشكو دائما من المتاعب والمصاعب التي يقابلها.
وذات يوم, شاهد نملة تحمل في مشقة عودا من القش. وأثناء سيرها, وصلت إلي حفرة كان من الصعب عليها أن تعبرها وهي تحمل حملها الثقيل, فوقفت, وأخذت تتلفت حولها تبحث عن طريقة للخروج من هذه المشكلة. وأخيرا وصلت النملة إلي الحل المناسب, إذ وضعت عود القش فوق الحفرة, وصنعت منه قنطرة عبرت فوقها. ولما وصلت إلي الناحية الأخري, رفعت العود, وواصلت طريقها في أمان.
قال الرجل لنفسه: إن المتاعب والمصاعب التي تقابلنا في حياتنا, كثيرا ما تكون قناطر نعبر عليها, لنتقدم في طريقنا.
(2) : سليمان الحكيم القاضي
كان يوجد في مدينة بألمانيا, قاض يعرفه الجميع باسم قاضي الشيكولاتة, لأنه حكم علي فتاة صغيرة سرقت قطعة من الشيكولاتة, بشراء قطعة منها في كل أسبوع, والتبرع بها لملجأ أيتام. لكن عقلاء المدينة كانوا يسمونه سليمان الحكيم, لأنه كان السبب المباشر في هبوط عدد الجرائم بنسبة 40%. لقد حكم علي صبي خباز سرق بعض المال من مخدومه, بخبز كمية من الكعك مجانا في العيد, وتوزيعها علي الأطفال المرضي بمستشفي المدينة.
وحكم علي غلامين بسبب استيلائهما علي دراجتين بخاريتين ليتنزها بهما, بشراء عشر نسخ كل شهر من إحدي المجلات التربوية, والذهاب بها إلي السجن لتوزيعها علي المسجونين.
وقد قال لهما القاضي: علي كل منكما أن يفكر في كل مرة يذهب بالمجلات إلي السجن, كيف يكون حاله لو أنه داخله ليقضي فيه بضع سنوات!.
(3) : الوزير والنحلتان
غضب ملك من أحد وزرائه فجلس الوزير عند مجري ماء يفكر فيما سوف ينتهي إليه أمره, فرأي نحلة تطير فوق المجري ثم سقطت في الماء. ورأتها نحلة أخري وأرادت أن تنقذها فسقطت مثلها في الماء. أشفق الوزير علي النحلتين, فأسرع ومد غصنا في الماء عبرت فوقه النحلتان إلي بر السلامة.
ثم استدعي الملك الغاضب وزيره, وقال له: أمامك باقتان من الورد, إحداهما من الورد الصناعي والأخري من الورد الطبيعي, فإذا استطعت أن تفرق بينهما عفوت عنك, وإذا فشلت حكمت عليك بالموت. كانت الباقتان متشابهتين تماما شكلا ولونا ورائحة, فأحس الوزير بالتردد والاضطراب.
في تلك اللحظة أقبلت النحلتان اللتان أنقذهما الوزير ووقفتا فوق الورد الطبيعي. وعرف الوزير الجواب الصحيح, ونجا من الموت وهو يهمس لنفسه: لا يضيع المعروف حتي لو فعلناه لأصغر المخلوقات وأضعفها.
يعقوب الشاروني
Email: [email protected]