“بيت الروبي” تجتاحه عواصف وسائل التواصل بقسوة.. فهل تنجح في تحطيمه!


من فوق ربوة عالية ينحدر طريق إلى أسفل مشقوقاً بين الجبال.. حتى تصل إلى بيت نائي عليه لافتة (بيت الروبي).. تحاول فتاة صغيرة جميلة غلق بابه عدة مرات.. ولا تنجح.. فيحاول الأب إصلاحه وقفله.

بهذا المشهد المبدئي المتميز في التصوير والإخراج تتجسد الفكرة.. إذ يجعلك تتساءل على الفور… ماهي شكل هذه الحياة التي يعيشها سكان هذا البيت البعيد عن العمران (إبراهيم\ “كريم عبد العزيز” وزوجته ايمان\ “نور” وأبنائهما.. )؟ ولماذا؟

تكتشف مع مرور الوقت أثر تغوّل مواقع التواصل الاجتماعي في حياة إبراهيم وايمان.. واضطرارهما للهرب لمكان معزول من تنمر الناس والمجتمع عليهم!

ربما فكرة.. قسوة اجتياح عواصف وسائل التواصل الاجتماعي حياة وبيوت الناس بقسوة.. لدرجة تحطيمها أحياناً.. قد تناولها عدد من الأعمال السينمائية من قبل.. ولكن الجديد والجميل جدا في بيت الروبي أنه نجح في عرض القضية بشكل كوميدي محبب.. من خلال نجوم خفيفة الظل ومحبوبة مثل كريم عبد العزيز وكريم محمود عبد العزيز.. ومن خلال أيضاً المفارقات المقصودة بالأحداث، مثل كيفية استغلال إنفلونسر على وسائل التواصل كريم عبد العزيز ورفعه للسماء وصنع نجم منه يحصد الشهرة والمال، ثم قصفه فجأة بالأرض، عندما انتشر فيديو يشهر بزوجته!

وقد جسدت النجمة المحبوبة “نور دور زوجته الطبيبة إيمان ” أثر التشهير بها عليها.. بدون أي مبالغة في الأداء بشكل تراجيدي.. لتعبر عن واقع كثيرين من الأطباء الذين قد يتسبب أحد الناس في دمارهم،. بالتشهير بهم نتيجة أية مضاعفات قد تحدث لأي إنسان بأي عملية… ويحطمون مستقبله وحتى تاريخه الذي يكون قد عالج فيه بالفعل الآلاف من المرضى.

جانب مهم آخر طرقه الفيلم من خلال شخصية بهيرة أو “تارا عماد”.. وكيف نسى الناس ماذا تعنى جملة “حياة خاصة”.. فأصبحت كل لحظة في حياتها وحياة من حولها مصورة.. لتذيعها لايف على السوشيال ميديا لتصبح تريند!!

ولأنه كما تدين تدان.. أصبحت هي نفسها هدفاً بعد ذلك لتصوير الناس لها وهي تلد في الشارع.. عندما اضطرتها الظروف لذلك، حتى تصبح هي نفسها تريند لمن صورها.. بهدف تكثيف المشاهدة والتربح القميء من التشهير بخصوصيات ناس آخرين!

هناك أيضاً شخصيات الأطفال الأبناء “معاذ جاد” الذي لم يسلم هو نفسه من تجربة مؤلمة مع السوشيال ميديا، رغم صغر سنه، عندما خدعه أصدقائه – غيرة من تميزه بالسباحة_ بحساب مزيف لفتاة تواصلوا معه بإسمها!

بينما قدمت شقيقته شمس “أوسيندا سليمان” صورة جميلة لنقاء الفطرة، التي جبل الله عليها الإنسان.. حيث كانت تطالب دائما بالعودة إلى بيتهم النائي “بيت الروبي” وسط منحدرات جبال “طابا” الساحرة.. بعيداً عن كل ضجيج وقسوة والتهاء الناس بالسوشيال ميديا بالمدن الكبرى.

وهناك أيضاً الشخصيات التي قدمت مساحة ممتعة من الكوميديا بالفيلم تخدم نفس الفكرة، وهم محمد عبد الرحمن وحاتم صلاح ومصطفى أبو سريع.

من اللفظات المميزة وذات المغزى الجميل.. آخر لقطة بالفيلم.. لما عكسته من روح التحدي الإيجابي لسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي والتي قرر أن يسير عليها رب الأسرة ” إبراهيم ” مع كامل أسرته، بدلاً من مجرد الهروب والانعزال من تأثيرها، بل والعمل على تطويعها إيجابياً لصالح أسرته وعمله.

الفيلم بشكل مختصر.. يحفزنا على لحظة تفكير يجب أن تتوقف عندها.. هل تصح الحياة على المدى البعيد إن بقينا نشهر بحياة بعضنا البعض ونحطمها من أجل ربح قبيح؟ ألن نحتاج يوما.. نحن أو أولادنا لعلاج الطبيبة التي حطمناها أو لعلم أستاذ ترك تعليم أولادنا ليهرب وينعزل ليحمي أسرته؟

“بيت الروبي” ، يطلق صفارة إنذار ، ولكن بصوت غير متشنج أو زاعق .. كي لا ندفع بعضنا بعضا من فوق تلال الحياة الإنسانية الكريمة بسبب سيرنا كالقطيع وراء ما تبثه منصات التواصل الاجتماعي على أنه حقائق.. مع أن للحقيقة أوجه كثيرة، وليست مطلقة يظن الكثيرون وهماً أنهم يمتلكوها.

يذكر أن الفيلم قد حقق نجاحا جماهيريا وماديا ساحقاً عند عرضه العام الماضي، وقد أشارت مجلة «فارايتي» الأميركية إلى أنّ الفيلم استطاع إحداث مفاجأة في شباك التذاكر السعودي، محققاً خامس أعلى افتتاحية لفيلم عربي بمبلغ 1.1 مليون دولار أميركي في أسبوع عرضه الأول.

الفيلم من إخراج المخرج المتميز بيتر ميمي، ومن تأليف محمد الدباح وريم القماش، اللذين عبرا بذكاء عما نعيشه في عالمنا المعاصر من تسلط لهذه الأداة الصغيرة التي تدعى “تليفون ذكي” على حياة الناس ومصائرهم ليمنح الشهرة لكل من هب ودب على حساب الخصوصية، لتغتال معنوياً وربما حياتياً الكثيرين بسبب كثرة الهجوم والتنمر والانسياق دون تفكير في قذف احجار على المتنمر عليه.

كان المركز الكاثوليكي موفقا كعادته في اختيار فيلم بيت الروبي لعرضه اليوم الاثنين ضمن افلام المهرجان المتميزة بدورته الـ72 لهذا العام.

تاريخ الخبر: 2024-02-26 21:21:37
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:01
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 57%

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:05
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية