اجتياح رفح .. سيناريو ما قبل الجحيم


– شروط الهدنة مفاوضات مأزومة بين حماس واسرائيل

– خبير عسكري اسرائيلي يحذر: مصر “عدو غير قابل للإيقاف”

– سامح شكري: سيناريو رفح سيكون له آثار عميقة على الأمن القومي المصري ويعرض السلام في الشرق الأوسط للخطر

الحرب على غزة تحاصرها حتى آخر نقطة على حدود رفح، وتدفع بالمنطقة كلها الى مصير مجهول، بعد اصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو على اجتياح رفح وإجلاء السكان الفارين، وإزاحتهم الى الحدود المصرية، لإن سيناء جغرافياً وخلال معبر رفح هي نقطة الخروج الوحيدة للمحاصرين في جنوب قطاع غزة، إذا ما نفذت اسرائيل عمليتها البرية في رفح الفلسطينية، فلن يكون أمام النازحين سوى الفرار نحو الحدود المصرية، في كارثة إنسانية غير مسبوقة، تصفها الأعراف الدولية بانها تطهير عرقي صريح. والمشهد الإقليمي شديد القتامة، ونيتانياهو يصم أذنيه عن التحذيرات المصرية، والدعوات الأممية لإسرائيل بالتراجع عن اجتياح رفح، بل ويؤكد أن “ذلك الاجتياح أمر لا تراجع فيه حتى لو تم الإفراج عن جميع الرهائن لدى حماس” عازما على تنفيذ هجوم بري بحجة القضاء على حماس، مضحياً حتى بحلفائه الذين رافقوه طريق الحرب منذ البداية – امريكا- فحينما زادت ضغوط الرئيس الامريكي جو بادين على نيتانياهو قال الاخير: “كل من يريد أن يمنعنا من تنفيذ عملية في رفح يقول لنا بالأساس اخسروا الحرب. لن أستسلم لذلك”.، وفي مؤشر إلى إصراره، أكد نتانياهو أن الجيش سينفذ عمليته في رفح حتى لو تم التوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح جميع الرهائن، وقال “حتى إذا أنجزنا ذلك، سندخل رفح”. وهكذا يشتد المشهد قتامة يوماص بعد يوم.

زادت ليال الرعب وتفاقمت الكوارث، في مخيمات اللاجئين التي تنمو سريعا عند حدود رفح، هرباً من غزو بري واجتياح اسرائيلي وشيك على أهل غزة الفارين من الجحيم الى الجحيم، بعد أن طوقتهم قوات الاحتلال بأحزمة نارية في كل مكان فروا اليه، ورفح هي آخر ملجأ متاح لما لا يقل عن 1.3 مليون فلسطيني فروا من منازلهم منذ أكتوبر. بعد أن تم تهجيرهم مراراً وتكراراً من بقية الأراضي المحتلة، وشقوا طريقهم إلى منطقة صنفها الجيش الإسرائيلي – كذباً- بأنها آمنة. وبقدر ضغط اليأس على الفارين وبقدر التعاطف مع قضيتهم، بذات القدر ترفض مصر تركهم الأرض، واستبدال الوطن الفلسطيني بوطن بديل في سيناء كما تخطط اسرائيل، لأن فتح معبر رفح وادخالهم الى سيناء، يعني تسليم غزة للاحتلال مرة اخرى والتخلي عن الأرض. وليس فقط ذلك بل يعني أيضا تهديد أمن وسلامة مصر، وتحويل سيناء لمسرح عمليات عسكرية بين حماس وإسرائيل، ومصر آخر ما تريده على عتبة بابها، كيان ديني متشدد تديره حماس، “حركة المقاومة الإسلامية ” وثيقة الصلة بالإخوان المسلمين، فالبرغم من أن حماس هي المقاومة الأساسية اليوم للدفاع عن أهل غزة، إلا أننا لا يمكننا إسقاط ايديولجيتها، من الحساسبات الوطنية.

لكن عدد القتلى والمفقودين والجرحى خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي دامت أربعة أشهر، تجاوز 100 ألف شخص، نزح نحو 1.9 مليون شخص – أكثر من 85% من سكان غزة – داخلياً. والغالبية العظمى منهم محشورون على الحدود مع مصر، وسكان غزة ليسوا حماس، ويواجهون كارثة إنسانية غير مسبوقة، ومصر الجارة المتضررة من اجتياح رفح لن تسمح لجيش الاحتلال بالتعدي على السيادة المصرية، لأن رفح منطقة مصنفة بأنها منزوعة السلاح وفقاً لمعاهدة كامب ديفيد للسلام، الموقعة عام 1979 بين مصر وإسرائيل، وأي تعد من اسرائيل على هذه المنطقة هو خرق للإتفاقية.

جنون نيتانياهو

الأمر معقد جداً ولا يمكن لأحد ايقاف ذلك التهديد الكارثي سوى امريكا، لكن كل المؤشرات تؤكد ان ذلك لا يحدث، بل وأن اجتياح رفح لن يكون المحطة الأخيرة لجنون نيتانياهو؟ لأنه سيجر المنطقة بأكملها الى جحيم تلوح بوادره في الأفق، فالحرب الدائرة الآن في غزة بدعم أمريكي غربي، إذا هددت دول الجوار لن تبقى الأطراف المتضررة صامتة، ولن تبقى الجماعات الجهادية المسلحة صامتة، فالجبهات مفتوحة على هضبة الجولان في سوريا ومن حزب الله في لبنان، ومن الحوثيين في البحر الأحمر، وجماعات اخرى في المنطقة مدعومة من ايران وغيرها، اعلنت مؤخراً انها مستمرة في شن هجمات في البحر الأحمر .

وبناء على ذلك أعلن الوسيط القطري في المفاوضات مع إسرائيل، أن المفاوضات بين إسرائيل وحماس للوصول إلى هدنة وتبادل معتقلين ورهائن “لم تكن واعدة” في الأيام الأخيرة.، إذ قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مؤتمر ميونيخ للأمن “أعتقد أنه يمكننا التوصل إلى اتفاق قريبا جدا. لكن النسق الذي ساد في الأيام القليلة الماضية لم يكن واعدا جدا حقا”، مضيفا “سنظل دائما متفائلين وسنواصل الضغط دائما”.مضيفاً أن “المعضلة التي وقعنا فيها وللأسف أساءت دول كثيرة استخدامها، ومفادها أنه من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فإن من الضروري التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن. ينبغي ألا يكون ذلك مشروطا”.

وكما هو متوقع تمسكت حماس بشروطها وتعليق مشاركتها في المفاوضات إذا لم يتم تسليم المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في شمال قطاع غزة.، وأكد رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، مجددا أن حركته متمسكة بوقف النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.، لكن إسرائيل رفضت المطلبين، وبينما يشق عناد اسرائيل وحماس الحجب الأخيرة للأمان، يروج البيت الأبيض لروايته الوهمية حول نفاذ صبر بادين على نيتانياهو – في خدعة لا تنطلي حتى على حديثي العهد بالسياسة- إذ تظل أمريكا ملتزمة بدعم اسرائيل لمواصلة الحرب على غزة وليس أدل على ذلك من أن مجلس الشيوخ وافق الثلاثاء الماضي على مساعدات عسكرية بقيمة 14 مليار دولار أمريكي لإسرائيل، ولا تفعل شىء حقيقي صادق لوقف نزيف الدماء، أو منع نشوب حرب اقليمية بالمنطقة، والنتيجة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن بشكل قاطع مصادقته على خطة اجتياح مدينة رفح، مؤكدا أن الضغوط المصرية والغربية بقيادة الولايات المتحدة دفعت حكومة الاحتلال إلى تأجيل العملية وليس إلغائها بشكل نهائي.

شروط الهدنة

يتوقف قرار الهدنة قبل حلول رمضان على اتفاق كل الاطراف على شروط عادلة، لكن للأسف للعدالة وجوه كثيرة، وليس كل ما يطلق عليه العدل عدلاً، فحماس تضع شروطاً تؤكد انه لا رجعة عنها، واسرائيل لا تقبل الشروط، وهكذا يتم تعليق الهدنة وسفك مزيد من الدماء، وأي تأجيل لاجتياح رفح يتوقف على قبول حركة حماس شروط الهدنة وإطلاق سراح المحتجزين لديها، فتمسك حماس بأهدافها الاستراتيجية الثلاثة المتمثلة في إيقاف الحرب بصورة نهائية وإطلاق سراح آلاف المعتقلين الفلسطينيين، وإعادة إعمار غير مشروط لقطاع غزة بمشاركتها.- وفقاً لرأي العميد محمود محيي الدين، الخبير العسكري- ونيتانياهو رفض الشروط الثلاثة التي وضعتها حركة حماس نظير الهدنة متهما إياها بالانفصال عن الواقع، ووزير الدفاع الإسرائيلي، يؤاف جلانت رد على طلبات حماس بتحذير جديد، مهدداً باجتياح رفح حال عدم قبولها الهدنة، بدون شروط، وقال ان الاجتياح سيتم في غضون أسبوعين. مع حلول شهر رمضان، ومع مزيد من التعقيدات في مشهد الحرب الذي سيدفع ثمنه اطراف عديدة بخلاف اسرائيل وفلسطين، تستمر ضغوط الوسطاء وعلى رأسهم مصر، لإعادة التفاوض على شروط الهدنة في العاصمة القطرية الدوحة.

تصريح نادر

وسط تلك التعقيدات يبدو أن حراكاً أممياً غير مسبوق يجري بخصوص ما تفعله إسرائيل بسلام العالم، فبعد التحذيرات الأممية التي اطلقها انطونيو جويتريش الأمين العام للأمم المتحدة، والقرارات التي أصدرتها محكمة العدل الدولية منذ أسابيع بشأن اتخاذ تدابير تضمن حماية المدنيين والتحقيق في شأن ما إذا كانت إسرائيل ارتكبت جريمة إبادة جماعية من عدمه، يخرج تصريح نادر جداً عن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، يشير ضمنا إلى أن الهجوم الأخيرعلى رفح، والذي حدث قبل اسبوع، وكذلك الاجتياح المزمع، قد يرقى إلى مستوى جرائم حرب بموجب اختصاص المحكمة.

كان هذا تصريحًا ملحوظًا من خان، الذي ظل صامتًا في أغلب الأحيان تجاه التصرفات الإسرائيلية خلال الحرب الحالية في غزة، والذي يقع تحت قيادته تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المرتكبة في فلسطين إلى حد كبير، والمحكمة الجنائية الدولية تختص بملاحقة الأفراد ومجرمي الحرب وهي تختلف عن محكمة العدل الدولية التي تعني بشأن الدول، وهو ما يضعنا امام حقيقة لا لبس فيها وهي أن ما يجري حالياً من محاولات تهجير قسري وإجلاء لاهل غزة الى الحدود هو تطهير عرقي صريح.

وبما إن إسرائيل تتم محاكمتها حاليا بالتحقيق فيما ارتكبته بمدنيي غزة ما إذا كان جريمة إبادة جماعية من عدمه، فقد ضربت عرض الحائط بكل شىء وأقدمت على تنفيذ التطهير العرقي، وفي ظل الوضع الداخلي في الأراضي المحتلة، ومع تأزم تداعيات الحرب، وتزايد الكراهية العالمية تجاه النظام الصهيوني،. أصبحت أزمة نتنياهو أكثر وضوحا، ومع تحديد موعد نهائي حتى 23 فبراير لتقديم تقرير إلى محكمة العدل الدولية بشأن امتثاله للأوامر الستة التي أصدرتها محكمة لاهاي لمنع “الإبادة الجماعية”؛ فإن الغزو البري المصحوب بغارات جوية موسعة في رفح، يضمن استمرار الصراع، لأن في انتهاء الصراع نهاية لولاية نتنياهو. وبالتالي، فهو يرى أن الحرب والقتل الجماعي، هما الوسيلة الوحيدة للبقاء وهكذا لم يعد أمام سكان غزة أي خيار: إما البقاء والتعرض للقتل، أو الخضوع فعلياً، وفقاً للسيناريو القديم للنظام الصهيوني، للتطهير العرقي والانتقال إلى صحراء سيناء إلى أجل غير مسمى.

التطهير العرقي

وبالرغم من أن التطهير العرقي لم يُعترف به كجريمة مستقلة بموجب القانون الدولي، حسب الأمم المتحدة – إلا أن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة المكلفة بالنظر في انتهاكات القانون الإنساني الدولي، عرفت التطهير العرقي بأنه جعل منطقة متجانسة عرقياً باستخدام القوة أو الترهيب لإبعاد الأشخاص منها، وسياسة مقصودة صممتها مجموعة عرقية أو دينية لإبعاد السكان المدنيين في مجموعة أخرى باستخدام وسائل عنيفة ومثيرة للرعب” . مجموعة عرقية أو دينية من مناطق جغرافية معينة. ، تشكل جرائم ضد الإنسانية ويمكن دمجها في جرائم حرب محددة. علاوة على ذلك، فإن مثل هذه الأفعال يمكن أن تندرج أيضًا ضمن معنى اتفاقية الإبادة الجماعية.

واستُخدم مصطلح “التطهير العرقي” في قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، كما تم الاعتراف به في الأحكام ولوائح الاتهام الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، وعلى الرغم من أنه لم يشكل إحدى التهم التي تستوجب الملاحقة القضائية. لم يتم تقديم تعريف أبدا.

حُمى الحرب

وفي هذا حذّرت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، إن “الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل وصل إلى درجة الحمى”.وقالت ان الفلسطينيين يواجهون خطرًا جسيمًا من التطهير العرقي الجماعي، ودعا المجتمع الدولي إلى التوسط بشكل عاجل لوقف إطلاق النار بين حماس وقوات الاحتلال الإسرائيلي المتحاربة. مضيفة أنه: “يجب على الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها تكثيف الجهود للتوسط في وقف فوري لإطلاق النار بين الطرفين، قبل أن نصل إلى نقطة اللاعودة”. “يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية منع وحماية السكان من الجرائم الفظيعة. وأضافت: “يجب أيضًا متابعة المساءلة عن الجرائم الدولية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي وحماس على الفور”.

السيادة المصرية خط احمر

وسط كل ما يجري تتحلى مصر منذ اللحظات الأولى لاندلاع شرارة الحرب في غزة، بالالتزام بسياستها الحكيمة وضبط النفس تجاه المصالح المصرية والإقليمية، ومعاهدة السلام، لكن ذلك لم يمنع مصر أبداً من اعلان رفضها التام لمخططات إسرائيل، وحماية سيادتها وأمنها فاطلقت مصر تحذرايتها عدة مرات، حتى ان وزير الخارجية د. سامح شكري وجه مؤخراً تحذيرا شديد اللهجة من التبعات الوخيمة لأي اجتياح بري إسرائيلي لمدينة رفح . وأكد أن معبر رفح هو الملاذ الأخير لنحو 1.4 مليون نازح فلسطيني، وأي عمليات من هذا القبيل ستتجاوز كل حدود المبادئ الإنسانية والقوانين الدولية.وشدد كذلك على أن ظهور مثل هذا السيناريو سيكون له آثار عميقة على الأمن القومي المصري ويعرض السلام في الشرق الأوسط للخطر

جدار عازل قديم

وكان موقف مصر حاسما منذ البداية، لكن بعض المنابر الإعلامية المنحازة لاسرائيل، او ذات المصلحة اطلقت منذ ايام شائعات حول رصد الاقمار الصناعية لاماكن تشيدها مصر لإيواء النازحين الغزيين، وهو دفع ضياء رشوان الهيئة العامة للاستعلامات لاصدار بيان شديد اللهجة، قال فيه: “موقف مصر الحاسم منذ بدء العدوان هو… الرفض التام والذي لا رجعة فيه لأي تهجير قسري أو طوعي للأشقاء الفلسطينيين من قطاع غزة إلى خارجه، وخصوصا للأراضي المصرية، لما في هذا من تصفية مؤكدة للقضية الفلسطينية وتهديد مباشر للسيادة والأمن القومي المصريين”.

وأضاف “لدى مصر بالفعل، ومنذ فترة طويلة قبل اندلاع الأزمة الحالية، منطقة عازلة وأسوار في هذه المنطقة، وهي الإجراءات والتدابير التي تتخذها أي دولة في العالم للحفاظ على أمن حدودها وسيادتها على أراضيها”.، وتابع قائلا: “مصر بموقفها المعلن والصريح هذا، لا يمكن أن تتخذ على أراضيها أي إجراءات أو تحركات تتعارض معه، وتعطي انطباعا يروج له البعض تزويرا بأنها تشارك في جريمة التهجير التي تدعو إليها بعض الأطراف الإسرائيلية”، مشيرا إلى أن مصر ستتخذ كل الإجراءات اللازمة للحيلولة دون حدوث ذلك.

أما محمد شوشة محافظ شمال سيناء، فقد نفى قيام مصر بتجهيز “منطقة عازلة في سيناء” لاستقبال اللاجئين. مؤكداً أن الأشغال الجارية هدفها “حصر المنازل المهدمة خلال الحرب على الإرهاب لتقديم تعويضات مناسبة لأصحاب هذه البيوت”.

سيناريو مخيف

لكن هل ستكون رفح هي المحطة الأخيرة لجنون نيتانياهو؟ الكل يعلم انها لن تكون كذلك، فبمجرد اجتياح رفح ستجد التنظيمات المسلحة، والتنظيمات الإرهابية وداعش، ارضاً خصبة للنمو والازدهار من جديد، بفضل ذلك الجنون الجامح، وهذا ليس من عندياتي، فوفقاً لأستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس وعضو اللجنة المركزية لحزب العمل الإسرائيلي مئير مصري هذه العملية “سوف تكون السطر الأخير في المرحلة الثانية فقط من الحرب التي سوف تكرّس إعادة احتلال إسرائيل الكامل للقطاع، إذا ما اعتبرنا أن العمليات الجوية التي سبقت الدخول البري كانت المرحلة الأولى”.، ويضيف مصري أنه “بعد تطهير المنطقة الجنوبية، وعلى رأسها رفح، ستبدأ في تقديري المرحلة الثالثة من الحرب.

وستكون عمليات كر وفر بين الجيش الإسرائيلي والتنظيمات المسلحة، التي ستنمو وتترعرع هناك، ومن الممكن أن تستمر لمدة عام أو أكثر”. وجميعنا يعلم ماذا فعلت تلك التنظيمات بمثلث الهلال الخصيب سوريا والعراق ولبنان حينما تمكنت منه، حيها ستكو لها مشروعية شعبية لدى المساكين الذين لا يملكون الدفاع عن انفسهم ولا يملكون السلاح، لذلك فان نيتانياهو حلفاؤه يشرعنون الارهاب ويمنحون التنظيمات المسلحة كارت مرور للمنطقة وهم اول الخاسرين لأن ايديولجية تلك التنظيمات دينية مثل اسرائيل تماماً. لذلك سيكون القتال ضارياً.

السيناريوهات المحتملة

والسيناريوهات المحتملة خلال الأيام القادمة عديدة، منها مثلاً أن يكون اجتياح رفح مجرد تهديدات من حكومة جيش الاحتلال للضغط على حماس لكي تغير شروطها في شأن تنفيذ مبادرة الهدنة وإطلاق سراح باقي الرهائن.، خاصة وان نيتانياهو رفع سن الاحتياط في الجيش الاسرائيلي لخمسين سنة ويحتاج لتدريب المستدعين للاحتياط وهو ما ينبىء بان العملية على الاقل لن تحدث في الوقت الحالي، كما انه استدعى مليون و200 الف جندي في طلب تعجيزي من وززير الدفاع يؤاف جلانت، لانه لا يملك كل هذا العدد من الجنود –وفقادكتور لماك شرقاوي الباحث السياسي بواشنطن.

اما السيناريو الابشع وهو الاجتياح، وسيكون شديد الخطورة في حال تنفيذ جيش الاحتلال مخططه باجتياح رفح جنوب غزة، ما سيسفر عنه سقوط الآلاف من الضحايا الذين سبق أن تم إجبارهم على التنقل من شمال غزة وخان يونس في وقت سابق – وفقا للدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية- وهو سيناريو معقدا جدًا بالنسبة لمصر، وسوف يعيد فتح ملف ترحيل أهالي غزة إلى سيناء كمحاولة لوضع مصر في موقف محرج في حال غلق حدودها أمام الفلسطينيين الهاربين من مذابح جيش الاحتلال، كما أنه من الصعب إطلاق النيران على فلسطيني اقتحم الحدود المصرية هارب من الموت برصاص جيش الاحتلال.

كامب ديفيد والسلام المهدد

في ذات الوقت اذا تم الاجتياح ستكون اسرائيل قامت بخرق اتفاقية السلام مع مصر، وبالرغم من ان مصر جاهزة لك السيناريوهات، إلا أن ذلك يمثل تعقيداً اضافياً، فاتفاقية كامب ديفيدـ اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل، تتيح تواجد قوة عسكرية إسرائيلية محدودة من أربع كتائب مشاة لا يتجاوز عدد جنودها 4 آلاف، في المنطقة “د”، وتحصينات ميدانية محدودة، فضلا عن مراقبين من الأمم المتحدة. ولا تتضمن القوة الإسرائيلية في هذه المنطقة أي دبابات أو مدفعية أو صواريخ فيما عدا صواريخ فردية أرض/جو، فوفقاً لرئيس المؤسسة العربية الاستراتيجية العميد سمير راغب، فإن المنطقة “د” تمتد بعمق 2.5 كيلومتر، من الحدود الإسرائيلية مع مصر، وتشمل كذلك الشريط الحدودي داخل قطاع غزة مع مصر.، وكانت القوات الإسرائيلية تسيطر على الشريط الحدودي مع مصر داخل غزة بما يشمل المنطقة الحدودية المتاخمة للحدود المصرية والمعروفة بمحور فيلادلفيا التي تمتد بطول 14 كم، حتى انسحابها من القطاع بشكل أحادي عام 2005.

ووقّعت إسرائيل مع مصر بروتوكولًا سُمي “بروتوكول فيلادلفيا” ملحق باتفاقية السلام، وفلادلفيا محور ضيق تحت السيادة المصرية، يسمح البروتوكول لمصر بنشر 750 جنديا في المنطقة المشار إليها بالمنطقة “ج” على امتداد حدودها مع غزة والملاصقة للمنطقة “د”، وهي ليست قوة عسكرية بل شرطية لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود.، وكان الاتفاق الأصلي في عام 1979 قد منع انتشار قوات عسكرية مصرية في المنطقة “ج” وحصر الوجود الأمني فيها بالقوات متعددة الجنسيات والمراقبين وعناصر الشرطة المدنية المصرية المسلحة بأسلحة خفيفة.

ويتيح الملحق الأول في معاهدة السلام، تعديل ترتيبات الأمن المتفق عليها بناء على طلب أحد الطرفين وباتفاقهما.، وأعلنت مصر وإسرائيل عام 2021 تعزيز الوجود العسكري المصري في المنطقة “ج” ونشرت دبابات ومدرعات وناقلات جند لدواعي الحرب على الإرهاب والتهديدات التي مثلها وجود عناصر تنظيم الدولة في شمال سيناء.

ماذا يعني خرق للاتفاق

بالإشارة لما سبق فإنه لا يحق لإسرائيل نشر أي جندي إضافي في المنطقة “د” دون الحصول على موافقة الجانب المصري ولدواعي حماية الأمن القومي للدولتين ولغرض استمرار السلام، ووفقاً للدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية فإن مجرد قيام إسرائيل بنشر مكثف لقواتها العسكرية على الحدود الدولية مع مصر ومن دون وقوع أي اشتباكات أو عمليات عسكرية ذلك يعد خرقا لبنود اتفاقية السلام وملاحقها الأمنية باعتباره عملاً عدائيًا يهدد الأمن القومي لمصر، ويحق لمصر في ظروف استثنائية أو قهرية تمثل تهديدا لأمنها القومي، أن تقوم بمراجعة أو تجميد الاتفاقية مع إسرائيل وذلك استنادًا إلى اتفاقية “فيينا” لقانون المعاهدات الدولية المبرمة في 1969 التي تتيح لأي طرف في معاهدة دولية إلغاءها أو تجميدها كليا أو جزئيا بسبب وجود أي تهديد مباشر للسيادة الوطنية أو استقلال الدولة الطرف في المعاهدة.

وحتى الاسرائيليون انفسهم يعلمون جيداً ان ما يفعله ننيتانياهو من استفزازات اقليمية ومشاكسات جيرانية، اسرائيل في غنى عنها، لأن مصر تمتلك اقوى جيش في المنطقة، ولن تسمح بالتعدي على سيادتها، وهو ما دفع اللواء الإسرائيلى المتقاعد اسحق بريك لتحذير بنيامين نتنياهو من خرق معاهدة كامب ديفي، او انهيار السلام مع مصر، مؤكداً بحسب ما نشرته صحيفة جيروزاليم بوست من أن ذلك سيجعل من مصر “عدو غير قابل للإيقاف”.، وقال بريك : لديهم أقوي جيش في الشرق الأوسط اليوم .. 4 آلاف دبابة وألفي دبابة حديثة ومئات الطائرات الأكثر تقدماً وبحرية من الأفضل على الإطلاق.. لسنوات، كانوا يبنون الطرق السريعة المؤدية إلى سيناء ونحن الهدف، إنهم لا يبنون الجيش لأي مكان آخر”.

تاريخ الخبر: 2024-02-28 09:21:20
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

ما خسائر قطاع النقل والمواصلات نتيجة الحرب في غزة؟

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:22:07
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

يعيش في قلق وضغط.. هل تُصدر المحكمة الجنائية مذكرة باعتقال ن

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:22:01
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 70%

إبادة جماعية على الطريقة اليهودية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:06:57
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 92%

تعليق الدارسة وتأجيل الاختبارات في جامعة جدة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:23:55
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية