الصورة الخاطئة
الصورة الخاطئة
(1) : الخبر المفرح !!
قال أحد الأصدقاء: اتفقت مع زوجتي وابني علي الخروج للنزهة بعد ظهر أحد الأيام وبعد أن تهيأت زوجتي للخروج, وهي تمني نفسها بوقت طيب تقضيه بعيدا عن أعمال المنزل, تعطلت سيارتنا الصغيرة, وقضيت مساء اليوم كله في إصلاحها. وعندما عدت أخيرا إلي البيت وجدت زوجتي تحس بكآبة شديد, وقالت: ليس الأمر مجرد نزهة ضاعت منا, لكن انظر.. إن بالوعة الحمام مسدودة, وقد قضيت ساعات أمنع المياه من التسرب إلي بقية غرف البيت. وعندما أدرت التليفزيون شاهدت حريقا في عمارة ضخمة راح ضحيته عدد كبير من الناس الأبرياء, وألقيت نظرة علي صحيفة فقرأت أخبارا عن ارتفاع الأسعار ونقص أنابيب البوتاجاز وانفجار البراكين واستمرار الحروب في أماكن كثيرة من العالم. لقد أصبحت في حاجة شديدة, ولو لمرة واحدة, إلي أن أسمع خبرا مفرحا.
فما كان من ابننا إلا أن قال: في يوم الثلاثاء القادم, سأكمل عشر سنوات!!.
(2) : خذ حجرا وضعه في الحفرة !!
باع بخيل كل ما يملك واشتري سبيكة من ذهب. ثم أخذ السبيكة ودفنها في حفرة في الأرض, وكان يذهب كل يوم لينظر إليها. ولاحظ أحد عماله تردده علي ذلك الموضع, فتبعه يوما وعلم بأمر الكنز المخبوء. وعندما جاء الليل تسلل العامل إلي مكان السبيكة وأخذها. وعندما أقبل البخيل كعادته ليري كنزه لم يجده, فأخذ يشد شعره ويصرخ صراخا عاليا, فأسرع إليه أحد جيرانه. وعلم الجار سبب حزن البخيل فقال له: لا تستسلم للأحزان. خذ حجرا وضعه في الحفرة, وتخيل أن الذهب لايزال في موضعه, وسيقوم الحجر مقام الذهب. ثم همس الجار لنفسه: إن عدم استخدامنا لإمكانياتنا ومواهبنا فيما يفيدنا ويفيد الآخرين, يساوي تماما عدم وجودها أصلا.
(3) : الصورة الخاطئة
في طفولة غاندي, الزعيم الهندي الكبير, لم يكن يجد الوقت للاشتراك في النشاط الرياضي المدرسي, لأنه كان يساعد والده في عمله. كان الوقت المخصص للرياضة البدنية لا يبدأ إلا بعد انتهاء وقت الدراسة, فكان غاندي يفضل الانصراف مباشرة إلي منزله. وذات يوم, طلب منه مدير المدرسة أن يعود في فترة بعد الظهر للاشتراك في النشاط الرياضي. وأخطأ غاندي الصغير في تقدير الوقت, فوصل إلي المدرسة بعد أن انتهي ذلك النشاط!
وفي اليوم التالي, استدعاه مدير المدرسة, ليسأله عن سبب تخلفه عن النشاط في اليوم السابق. وأخذ الفتي الصغير يبرر غيابه, لكن الناظر لم يقتنع, وقال له: إني أعرف أنك لا ترحب بالاشتراك في هذه الألعاب, وما تقوله لتخلفك ليس إلا كذبا!! وصعق الفتي الصغير.. فهو حريص علي قول الصدق, فكيف يتهمه ناظره الآن بالكذب؟!
وفي هذه السن المبكرة, أدرك غاندي أن الإنسان الذي يحب الحقيقة لابد أن يهتم أيضا بأن يكون حريصا, وإلا فإن الإهمال قد يؤدي إلي حمل الآخرين علي تكوين فكرة خاطئة عن الإنسان, حتي لو كان صادقا بالفعل.
يعقوب الشاروني
Email: [email protected]