شنت بعض وسائل الإعلام الإسبانية في الأيام القليلة الماضية، هجوما حادا ضد صادرات الفراولة المغربية، بعدما حذّر نظام الإنذار السريع للأغذية والأعلاف التابع للاتحاد الأوروبي (RASFF) من وجود فيروس “التهاب الكبد الوبائي أ” في شحنة من “الفريز”.
وفي الوقت ذاته استغل الحزب اليميني الإسباني المتطرف “فوكس” المعروف بسياسته العدائية تجاه المملكة المغربية نفس الورقة للضغط على الحكومة الإسبانية، حيث طالب من سلطات بلاده المنع الفوري لدخول هذا المنتوج ومراقبة فورية لباقي الصادرات الفلاحية المغربية.
هذه الحملة التي اعتبرها البعض “ممنهجة” في حق الصادرات الفلاحية المغربية خاصة الموجهة إلى الجارة الشمالية، تأتي بعد أسابيع من “ثورة الفلاحين الإسبان”، الذين تعرضوا للشاحنات المغربية المحملة بالمنتجات الزراعية، رافضين السياسة الزراعية الأوروبية باعتبارها فاقدة للمنافسة العادلة.
واعتبر بعض المراقبين أن “التهويل” الذي قامت به الصحف الإسبانية في حق صادرات الفراولة المغربية ليس عاديا، لاسيما أن الإنذارات الصحية أمر مألوف في هذا المجال، وتعالت بعض الأصوات المختصة رافضة استخدام المعطيات الصحية لكسر المنافسة المغربية داخل الأسواق الأوروبية.
تعليقا على هذا الموضوع، قال الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، إن “شحنة من الفراولة المغربية يقدر وزنها بـحوالي 1500 كيلوغرام تم حجزها من طرف السلطات الإسبانية بداعي حملها لبعض الملوثات التي تسبب التهاب الكبد الوبائي “أ”، وعادة هذا الفيروس ينتقل بين الأطفال والشيوخ”.
وأضاف حمضي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “هذا الفيروس ينتقل إما عن طريق الأكل أو المياه الملوثة، وأن هذه الشحنة التي أثارت ضجة كبيرة في الأيام القليلة الماضية لم يتم ترويجها سواء داخل الأسواق الإسبانية أو خارجها”.
وتابع المتحدث عينه أنه “يتم إطلاق عشرات الإنذارات الصحية من طرف الوكالة الأوروبية في اليوم، إما بسبب الميكروبات أو التعفنات أو البلاستيك أو غيرها، وهذه التنبيهات هي مسألة عادية في المجال الصحي”، مشيرا إلى أن “التهاب الكبد الوبائي “أ” سبق وأن شهدته أوروبا في سنة 2018 دون معرفة مصدره الحقيقي، وأيضا في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والعديد من الدول الغربية”.
وأشار الباحث في السياسات والنظم الصحية إلى أن “وسائل الإعلام الإسبانية تراجعت عن هذا “التهويل” وأكدت بأن الإنذارات الصحية هي عادية في هذا المجال وأن الجمعيات الفلاحية بإسبانيا تمارس ضغوطا كبيرة على حكومتها من أجل كسر المنافسة الفلاحية المغربية”، مشددا على أنه “لا يجب استعمال المعطيات الصحية كفزاعة لبلوغ أهداف أخرى، ومن الطبيعي أن تكون مثل هذه الإنذارات الصحية لأن الصادرات المغربية تزداد كل سنة نحو أوروبا، وهذه التنبيهات تعتبر سلاحا لمواجهة الفلاحة المغربية بالخارج”.
وأكد الطبيب المغربي على أن “التهاب الكبد الوبائي “أ” بسبب الفراولة لا يعني أنه تم سقي حقول هذه المادة بالمياه الملوثة أو مياه الصرف الصحي، مثلما تداولته الصحف الإسبانية، فالحقول المغربية مراقبة من طرف خبراء الشركات الفلاحية الأجنبية التي توجه إليها هذه الصادرات”.
وأوضح أيضا أن “مرض التهاب الكبد الوبائي “أ” تظهر أعراضه على جسم المصاب من 7 إلى 14 يوما، وأن الشخص الحامل لهذا المرض قد ينقله إلى أطراف أخرى دون معرفته بذلك”.
وخلص حمضي في تصريحه قائلا: “المواد الغذائية الفلاحية المغربية مراقبة بشكل كبير من طرف السلطات الصحية، والمغرب يصدر آلاف الأطنان من المواد الفلاحية ويبقى صدور تنبيهات صحية أمر عادي”.
