الجزائر.. 50 مليار دولار من مداخيل المحروقات وأزمة قطاني لا تنتهي


الدار/ افتتاحية

50 مليار دولار هو رقم قيمة المداخيل التي حقّقها نظام الكابرانات خلال سنة 2023 من تصدير المحروقات إلى الخارج. وفقا لوزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب الذي أعلن عن هذا الرقم فإن هذه المداخيل شهدت انخفاضا مقارنة بسنة 2022 حيث بلغت حينها 60 مليار دولار. المفارقة الاقتصادية الواضحة هي أن صادرات الجزائر من المحروقات تزايدت من حيث الحجم خلال سنة 2023 لتصل إلى 97 مليون طن، لكن مقابلها المادي تراجع بنسبة 16 في المائة. النحس الذي يطارد قادة هذا النظام يحوّل هذه الثروة الهائلة التي يمتلكها الشعب الجزائري إلى مجرد مصروف جيب بالنسبة لهذا النظام العسكري. لكن السؤال الحقيقي الذي يطرح نفسه: على الرغم من انخفاض هذه المداخيل، فإلى أين ذهبت 50 مليار دولار التي اعترف بها نظام الكابرانات في الوقت الذي يعيش فيه المواطنون الجزائريون أزمات على كافة الأصعدة؟

أليست سنة 2023 التي شهدت تحقيق 50 مليار دولار من المداخيل هي نفسها السنة التي شهدت أزمة تموينية في الحمص والعدس والفول وقوت الدراويش الجزائريين؟ من حقّ المواطن الجزائري أن يطرح هذا السؤال على حكومته، ويعرف حقاً إلى أين تذهب ثرواته وأمواله. في الوقت الذي تزيد فيه الطاقة التصديرية للمحروقات من غاز وبترول وترتفع فيه المداخيل من العملة الصعبة، تتفاقم المعضلة الاقتصادية والاجتماعية وتتزايد الأزمات في مختلف المجالات المرتبطة بالمعيش اليومي للجزائريين. على سبيل المثال لا الحصر: يعيش الجزائريون منذ سنوات طويلة معاناة حقيقية في الحصول على سيارات أو أيّ نوع من المركبات التي يرغبون فيها. حتّى إن كنت شخصا غنيا في الجزائر ولديك ما يكفي من المال فإنك لن تستطيع الحصول على السيارة التي تريدها.

هذه المليارات التي تهطل على الخزينة الجزائرية من ريع المحروقات لم تمكّن أبدا من بناء اقتصاد عصري وتنافسي ومنتج يستجيب على الأقل إلى احتياجات السوق الداخلية. الاقتصاد المتطوّر هو الذي يستطيع أولا وقبل كل شيء تلبية الطلب في هذه السوق قبل أن يبحث عن أوهام التجارة الخارجية والتصدير، التي لا تتجاوز حناجر الإعلاميين والصحافة الدعائية. هذا البلد الذي أصبح نموذجا حيا لمعنى الطوابير في كل الميادين الاستهلاكية هو نفسه الذي يحاول ترويج صورة زائفة عن مشاريع وهمية للتجارة الخارجية مع الجيران في موريتانيا ودول الساحل، علما أن اقتصاده لا يكاد ينتج شيئا يذكر غير هذه المحروقات التي جاد بها باطن الأرض. أكثر من 95 بالمائة من صادرات هذا النظام عبارة عن براميل نفط وأمتار مكعبة من الغاز.

أين تذهب إذا هذه الأموال؟ الجواب عندنا في المغرب معروف وجاهز، بل هو مثبت ومؤكد بالأدلة والبراهين. جزء كبير من هذه المداخيل يذهب طبعا إلى تمويل صفقات السلاح العديمة الجدوى، والجزء الآخر يموّل نزوات العجرفة الكاذبة التي تستضيف بعض اللقاءات والمؤتمرات الدولية أو الإقليمية، والجزء الأكبر يذهب طبعا إلى تمويل المنظمات الانفصالية وتأجيج الصراع في بعض بؤر التوتر في الجوار وعلى الصعيد الإفريقي. هذا يعني على سبيل المثال أن جزء كبيرا من ثروات الجزائريين وخيراتهم يذهب إلى عصابة البوليساريو التي يتمتع عناصرها بالإقامات الفاخرة في إسبانيا ونيويورك على حساب حقوق المواطن الجزائري البسيط.

إذا كان هذا الأخير يجد معاناة بالغة في الحصول على احتياجاته الأساسية، فإن الانفصاليين الصحراويين الذين يدعمهم نظام الكابرانات يعيشون في بحبوحة تضمنها فوائض البترودولار الجزائري ويتنعّمون بهذه الموارد وليس لهم أيّ مصلحة في أن ينقطع هذا النهر السخيّ من التمويل المفتوح. لكن إلى متى سيظل كابرانات الجزائر قادرين على توجيه ثروات هذا الشعب نحو قضايا ومناطق وجهات لا علاقة لها بأولويات الشعب الجزائري المسحوق؟ ما ينتظره هذا المواطن هو ضمان كرامته لأنه من العار أن يقف، ونحن في العقد الثالث من الألفية الثالثة، في طابور صباحي يومي من أجل الحصول على لتر من الحليب، بينما تذهب أمواله وثرواته وخيراته إلى تمويل تسليح الانفصاليين ورحلاتهم في الدرجة السياحية وغرف الفنادق من فئة 5 نجوم. المواطن الجزائري يريد أن تظلّ أمواله في خدمته وخدمة مصالحه واحتياجاته، فهو الأولى بزيارة هذه الفنادق وركوب هذه الرحلات.

تاريخ الخبر: 2024-03-16 00:25:35
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:01
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 57%

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:05
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية