يبدو أن صدر وزير العدل عبد اللطيف وهبي لم يعد يتسع لحضور الصحافيين لأشغال لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، حيث يتجه إلى المطالبة بسرية اجتماعات اللجنة التي ستشهد مناقشة عدة مشاريع قوانين مهمة في النصف الثاني من الولاية التشريعية الجارية.
وخلال اجتماعها الأخير بداية الأسبوع، أكد وهبي، أنه سيقدم طلبا من أجل منع الصحافيين من تغطية أشغال لجنة العدل والتشريع، قائلا: “سأطالب بسرية هذه اللجنة، وهذا من حقي”، وذلك بعدما عبر عن انزعاجه من تناول بعض المنابر الإعلامية موضوع انسحابه من اجتماع اللجنة بعد سجال قانوني بين النواب بخصوص قانونيته قبل أن يعود بعد اتفاقهم على استئنافه.
أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط محمد غزالي، أرجع موقف وهبي بخصوص سرية لقاءات اللجان الدائمة إلى “موقعه القوي داخل الحكومة كأحد مؤسسي التحالف الحكومي وأعمدته، بالإضافة إلى خلفيته المهنية التي ترجح تغليب الرؤية القانونية على المقاربة السياسية في تدبير الشأن العام ومنه العلاقة مع وسائل الإعلام”.
وأفاد غزالي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه من الناحية القانونية فالأصل في اجتماعات اللجان الدائمة لمجلس النواب أنها سرية حسب منطوق الفصل 68 من الدستور الذي ينص على أن “جلسات لجان البرلمان سرية، ويحدد النظام الداخلي لمجلسي البرلمان الحالات والضوابط التي يمكن أن تنعقد فيها اللجان بصفة علنية، وهو ما أكدته المادة 96 من النظام الداخلي للمجلس، لهذا فالأصل في اجتماعات اللجان هو السرية أما الانعقاد العلني فهو الاستثناء”.
وأوضح غزالي، أن ما يمكن أن تحظى به الصحافة هو ما ورد بالنظام الداخلي بخصوص “إمكانية أن يدلي رئيس كل لجنة دائمة عقب كل اجتماع، إذا دعت الضرورة لذلك، بتصريح لوسائل الإعلام”، مبينا أن “هذا ما أكدته المحكمة الدستورية بمناسبة بتها في دستورية النظام الداخلي للمجلس لسنة 2017، حيث اشترطت أن يتم هذا التصريح مع مراعاة مبدأ عدم الإخلال بالصبغة السرية الواجبة كأصل عام لاجتماعات تلك اللجان”.
وأردف أن النظام الداخلي لمجلس النواب، ينص أيضا على تخصيص حيز زمني للنقل التلفزي المباشر لوقائع اجتماعات اللجان الدائمة المنعقدة حين يتعلق الأمر بقضايا وطنية وجهوية تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني.
لكن، وبعيدا عن القراءة القانونية، يقول غزالي إن “مجلس النواب خلال الولاية التشريعية السابقة دشن انفتاحا غير مسبوق ببث جلسات اللجان عبر الأنترنيت، حيث سجل هذا البث متابعات وتفاعلا هاما من طرف الجمهور المغربي”.
وتابع أن هذا الانفتاح على وسائل الإعلام يساهم في اطلاع الجمهور على الجهود التي يبذلها البرلمانيون داخل المؤسسة التشريعية، وفي إرساء وتثبيت ثقافة متابعة ورقابة الناخبين على منتخبيهم، فضلا عن إسهامه في مصالحة المغاربة مع السياسة، عبر محو الصورة النمطية للنائب الغائب أو النائب النائم على مقاعد الجلسات العامة للمجلس.
وخلص غزالي إلى أن “رياح انتخابات 8 شتنبر 2021، جرفت معها عدة أشياء، من بينها انفتاح المؤسسة البرلمانية، مقابل استعمال عصا القانون الغليظة لتدبير العلاقة بين المؤسسة البرلمانية والإعلام”.
