” الولادة الجديدة بالماء والروح ” ( يوحنا ٣ : ١ – ٢١ )


سر المعموديّة المقدّس هو ركيزةُ الحياة المسيحيّة كلّها ورتاجُ الحياة في الروح، والباب الذي يوصلُ إلى الأسرار الكنسية السبعة الأخرى.

فبالمعموديّة نُعتَقُ من الخطيئة ونولدُ ثانيةً ميلاد أبناء الله، ونصيرُ أعضاء للمسيح، ونَندمجُ في الكنيسة ونصبحُ شركاء في رسالتها.
المعموديّة هي سرّ الولادة الجديدة بالماء والرُّوح ” الحقّ الحقّ أقولُ لكَ : ما من أحدٍ يُمكِنُه أن يَدخُلَ ملكوتَ الله ، إلاَّ إذا وُلِدَ مِنَ الماء والرُّوح . فَمَولودُ الجَسَدِ يكونُ جَسَداً ، ومَولودُ الرُّوحِ يَكُونُوا روحاً ” ( يوحنا ٣ : ٥ – ٦ )

إنّ الرّوح القدس يأتي من مكان أبعد ممّا نعتقد، ثم ينقلنا الى ما هو أبعد من تفكيرنا. إنّه يأتي من قلب الله ليُلهمنا عن فيض حبّه ثمّ يُوجّهنا نحو فيض الله الذي هو الحبّ الذي ينتظرنا. “فالرِّيحُ تَهُبُّ حَيثُ تَشاء، فتَسمَعُ صَوتَها، ولكنَّكَ لا تَدْري مِن أَينَ تَأتي، وإِلى أَينَ تَذهَب. تِلكَ حاَلةُ كُلِّ مَولودٍ لِلُّروح” ( يوحنا ٣ : ٨ ). حينها يصبح أقوى من العالم وأكبر من العالم. لماذا؟ لأنّ مصدره هو أسمى من العالم وهو المصدر الذي خلق العالم ثم يأتي ليزور العالم كي يضع فيه حياة جديدة والتي ستجرف كل شيء.

لماذا الولادة الجديدة تتم في المعموديّة ؟

نُطلقُ عليها اسم : ” معموديّة ” نظراً إلى الطقس الأساسي الذي يتحقّق به سرُّ
العماد . فالتعميد هو ” التغطيس ” في الماء . ” فالتغطيس ” في الماء يرمزُ إلى دفن الشخص الراغب في العماد ، ونسميه ” الموعوظ ” أي الشخص الذي استعدَّ وتحضرَّ بالتعليم المسيحي لقبول هذا السر ، والدخول في الحياة المسيحية ، في موت المسيح وخروجه ، بالقيامة معه ، فيصبح ” خليقة جديدة ” ( قورنتس الثانية ٥ : ١٧ و غلاطية ٦ : ١٥ ) . ويُدعى هذا السرّ أيضًا ” غسل الميلاد الثاني والتجديد بالروح القدس الذي أفاضه علينا وافراد بيسوعَ المسيحِ مُخَلِّصِنا ” (طيطس ٣ : ٥ – ٦) لأنّه يلهمُ ويحقّق هذا الميلاد من الماء والروح الذي بدونه ” لا يستطيعُ أحدٌ أن يدخلَ ملكوت الله ” (يوحنا ٣ : ٥).

” هذا الغسل يُسمّى أيضًا إستنارة، لأنّ الذين يتلقّون هذا التعليم في ” الكرازة ” يستنيرُ به ذهنهم ” كما يقول القدّيس يوستينوس . فعندما يتلقّى المُعمَّد الكلمة، ” النور الحقيقي المُنير كلّ إنسان ” (يوحنا ١ : ٩) يصبح ، ” بعدما أُنيرَ ” (عبرانيين ١٠ : ٣٢)، ” إبنًا للنور والنهار ” (تسالونيقي الأولى ٥ : ٥)، بل يصبح هو نفسه ” نوراً ” (أفسس ٥ : ٨).
يقول القديس غريغوريوس النزينزي : المعموديّة هي : ” أجمل وأبهى عطيّة من عطايا الله (…) نُسمّيها عطيّة ونعمة ومسحة وإستنارة وثوب عدم الفساد وغسل الميلاد الثاني ، وختماً وكلّ ما هو أنفس النفائس . فهي عطيّة ، لأنّها تُمنَح للذين لا يأتونَ بشيء .

وهي نعمة، لأنّها تُعطى حتّى للمُذنبين . وتغطيس، لأنّ الخطيئة تُدفَن في الماء؛ ومسحة، لأنّها مقدّسة وملكيَّة (على غرار المسحاء) . وإستنارة ، لأنّها ضياء سنيّ . وثوب، لأنّها تَستُر خِزيَنا . وغسل ، لأنّها تُطهِّر . وختم، لأنّها تَحمينا ولأنّها علامة سيادة الله ” .

+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك

تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:21:43
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية