نشر المعهد الأمريكي المتخصص في الأمن القومي والسياسة الخارجية، شيلبي كولوم ديفيس، التابع لمؤسسة “هيرتايدج الأمريكية”، تقريرا مهما في الأيام الأخيرة تحت عنوان “إعادة ضبط سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في غرب إفريقيا”، رصد من خلاله مزايا العلاقات العسكرية والاستخباراتية التي تجمع الرباط وواشنطن، في ظل الاضطرابات السياسية والنزاعات التي تعرفها المنطقة.
وحسب التقرير الذي نشر على نطاق واسع، نظرا للظرفية الحالية التي تعرفها المنطقة الغربية والشمالية للقارة الإفريقية، فإن “المغرب يُعتبر بلدا مهما للولايات المتحدة على مختلف الأصعدة، خاصة مع تزايد متانة العلاقات بين الطرفين خلال فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي كان وراء الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة”.
وأضاف التقرير، بأن المغرب يُعتبر محورا أساسيا للجهود الأمنية الأمريكية في شمال وغرب إفريقيا، نظرا للقدرات التي تتوفر عليها الرباط، من بينها القدرات العسكرية القوية، وقدرات التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، علاوة على ذلك “الموقع الاستراتيجي الهام للمغرب على طول المحيط الأطلسي البحر الأبيض المتوسط”.
وتعليقا على هذا الموضوع، قال عصام العروسي، أستاذ العلاقات الدولية وخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، إن “التقرير رصد مزايا العلاقات المغربية الأمريكية في الإطار العسكري والاستخباراتي، حيث بين أهمية الأجهزة العسكرية بالنسبة للعقيدة الأمريكية وأيضا التحالفات التي تتبناها واشنطن في منطقة شمال إفريقيا”.
وأكد العروسي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “القارة الإفريقية أصبحت تحتضن قوات الأفريكوم وأيضا نقلت معداتها إلى المغرب، إضافة إلى الزيارات المتتالية للمسؤولين الأمريكيين إلى المملكة المغربية والمناورات العسكرية القوية أبرزها مناورات الأسد الإفريقي متعددة الجنسيات”.
وتابع أن “كل هذه الأمور تجعل من المغرب فاعلا أساسيا من خلال تقاطبات أساسية وازنة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فإن الرباط تعتبر الضامن الأساسي للاستقرار بالمنطقة على اعتبار الأدوار المتمثلة في بناء السلم والسلام الدوليين”.
وأشار الخبير الأمني إلى أن “المغرب يلعب أدوارا أساسية في حل الأزمات ووسيط نزيه في النزاعات المسلحة والحروب، كما ينهج مبادرات فاعلة أخرها المبادرة الملكية الأطلسية التي ستمكن دول الساحل الأربعة من الاستفادة من مياه المحيط الأطلسي، وستوحد 23 بلادا في الوقت ذاته”.
ويرى العروسي، أن “وجود مبادرة الأسد الإفريقي متعددة الجنسيات تزعج الجوار، لأن هذا يدل على الثقة الأمريكية في المغرب باعتباره فاعلا عسكريا مهما، مما يُدخل الجزائر في دوامة البحث عن تحالفات بديلة، وكذلك فقدانها للمكانة العسكرية والاستراتيجية”، لافتا إلى أن “الجزائر لم تستطيع فك الأزمات كأزمة ليبيا ومالي، في حين تمكن المغرب من الوصول إلى حلول مع هذه الدول لحلحلة مشاكلها الداخلية الأمر الذي أزعج الجارة الشرقية”.
