أكد موسيقيون ومهتمون بالشأن الموسيقي أن حسن الصوت من مستلزمات الغناء العربي، خلافًا للغناء الغربي الذي يركز على الجهورية واللين في الصوت، وليصبح العربي مطربًا متميًزًا أن يكون ذا حس مرهف، وإلمامه بعلم النغمات، وما يحسن الصوت النوم الكافي والرياضة، والعيش في مكانة نظيف وهواء نقي، والاعتناء بالصحة العامة، والإكثار من الغناء، وبالأخص في الفترة الصباحية، وما يضر الأصوات التعب المفرط، والسهر الطويل، والدخان، والماء المثلج، والمقليات بالزيت، والمخللات.

الصولفيج والفركاليز

أبان الموسيقي والمدرب في العلوم الموسيقية، صابر المضحي، في أمسية بعنوان «نشر الوعي الموسيقي»، أن الموسيقى ليست فقط للترفيه والطرب فقط، بل إنها علوم تتفرع منها مدارس تدرس فيها أصول المعرفة، ومعنى كلمة «موسيقى» الملهمة عند الإغريق، وللموسيقى دور في تجسيد اللحن على كلمات الشاعر، إذ أن الشخص الواعي بالموسيقى يجيد تمامًا كيف يجسد اللحن على الكلمة، ومن هنا يأتي دور ثقافة الفنان ومعرفته، وأن الفنان الواعي يجب أن يرتكز على 3 محاور، حتى تنمو موهبته، وهي: الاطلاع، والاستماع، والممارسة، وللموسيقى عدة علوم من بينها: الصولفيج، والفركاليز، ودورها في تحسين الصوت وزيادة مساحته، و3 عوامل مؤثرة في الصوت، وهي: العادات، والأطعمة والبيئة.

ربط الموسيقى بالطرب

قال المهتم بالشأن الموسيقي، الدكتور علي النحوي: مما يدل على أهمية الموسيقى التي تشكل جانبًا جماليًا فاعلًا في حياتنا أن منظومة العلوم العربية تعود إلى القرن الخامس الهجري، حيث العالم الموسوعي كانت لا تطلق صفة العالم على عبقري ما إذا لم يتقن علم الموسيقى؛ وذلك لارتباط فن الموسيقى وأدواتها بعلوم أخرى كالرياضيات والفيزياء وسواهما. ومن ناحية أخرى هناك من يتحرج من ربط الموسيقى بالطرب والغناء، وهما في الواقع مرتبطان بها عبر حبل سري لا يمكن بتره أو قطعه؛ لأن الموسيقى والغناء نشآ معًا على ضوء ظلال صدى السير بالإبل في الصحراء، وحركة الموج في البحر، وحفيف الأشجار وخرير الماء في المزارع، وعلى ضوء هدهدة الأم لطفلها، أي على ضوء الحراك اليومي للإنسان، إذن مهما كان لا يمكن أن نجرد الموسيقى من الطرب والغناء؛ لأننا بذلك سنشوهها، ونذهب بمعناها بعيدًا، قد يقول بعضهم هناك سيمفونيات مجردة من الأغنية، لكن هناك منظومة أغان مختبئة في أمشاجها، يدركها العارفون بالموسيقى، ويحسها المتلقي العادي الذي سيبني نصًا موازيًا لتلك اللحون عبر مخيلته أو أحاسيسه.

الأفراح والأتراح

أضاف المهتم بالشأن الموسيقي، عصام البقشي، عندما خرج الإنسان البدائي من كهفه وجلس على حجر صوان أملس على أطراف الغابة يتأمل جمال ما حوله من طبيعة عذراء كان تغريد الطيور يملأ المكان، يصاحبه عزف من حفيف أوراق الشجر، وخرير لجدول ماء بالجوار مع كورال جميل لمجموعة من مخلوقات الغابة، كل هذا التناغم أنتج سيمفونية من أجمل السمفونيات في الطبيعة، هنا تحركت الغريزة الأصلية لهذا الإنسان البدائي، وصادف أن كان في يده عود قصب، بدأ ينفخ فيه بشكل متناغم مع هذه المعزوفة الجميلة، وبدأ يطرق بيده الأخرى على الحجر الذي كان يجلس عليه مندمجًا ومتفاعلًا مع هذه الألحان الجميلة، من هنا كانت النواة الأولى لاكتشاف إنسان ما قبل التاريخ جماليات الموسيقى وروعتها.