بات التطور العسكري الذي تشهده القوات المسلحة الملكية المغربية يزعج شيئا ما الجارة الشمالية إسبانيا، خاصة بعد نهج المغرب سياسة “تعدد الشركاء” مع مختلف القوى العسكرية وأبرزها التعاون المغربي الإسرائيلي الذي بدأ العمل به في السنوات الأخيرة، وذلك منذ إعلان البلدين في 10 دجنبر 2020، استئناف علاقاتهما الدبلوماسية.
ونشرت الصحف الإسبانية تقارير إعلامية كثيرة حول “تخوف” الجارة الإسبانية من التوهج الذي يعيشه الجيش المغربي الذي سيجري قريبا مناورات “الأسد الإفريقي” متعددة الجنسيات نهاية ماي الجاري، خاصة بعد تعزيز علاقات التعاون والشراكة العسكرية بين المغرب وإسرائيل.
ودشنت تيل أبيب والرباط علاقتهما العسكرية بالتوقيع على مذكرة تفاهم أمنية خلال زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الأولى إلى الرباط، بهدف تنظيم التعاون الاستخباراتي والمشتريات الأمنية والتدريب المشترك.
وبعدها قام المفتش العام للقوات المسلحة المغربية (الجيش) بلخير الفاروق بزيارة وصفت بـ”غير المسبوقة” إلى إسرائيل، شارك من خلالها في مؤتمر دولي حول الابتكار في المجال العسكري.
وتعليقا على هذا الموضوع، قال هشام معتضد، مستشار في الشؤون السياسية والاستراتيجية، إن “التخوف الإسباني من التعاون الثنائي العسكري بين إسرائيل والمغرب راجع بالأساس إلى رغبة مدريد في الحفاظ على مسافة القوة العسكرية التي تفصل الجيش الإسباني عن القوات المسلحة الملكية”.
وأضاف معتضد، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الحسابات الجيوستراتيجية والعسكرية في فضاء مدريد الجغرافي يعطي لها تفوقا تكتيكيا وتقنيا وتكنولوجيا على المستوى الدفاعي والأمني في العديد من الفرق والتخصصات المرتبطة بالقوة العسكرية”، مشيرا إلى “تخوف القيادة في مدريد من تقليص هذا التفوق لصالح الرباط وهو الأمر الذي يُقلق مسؤوليها العسكريين والأمنيين”.
وتابع أن “التعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل يعطي دفعة مهمة للتموين الدفاعي والأمني المغربي ويساهم ليس فقط في تحديث آليات عتاده العسكري ولكن يعد أيضا قناة من قنوات دعم المغرب في إرساء لبنات صناعاته الحربية محليا وهو ما سيعزز وزن القوات المسلحة الملكية في الارتقاء على مستوى مؤشر التنافسية العسكرية والأمنية في المنطقة”.
وأكد المستشار في الشؤون السياسية والاستراتيجية أن “النقلة النوعية والتحديث التقني بالإضافة إلى التطور المهني الذي يشهده القطاع الحربي المغربي يخيف ليس فقط جارته الشمالية ولكن أيضا فضاءه القاري والضفة المتوسطية الشمالية”، مبينا أن “التغييرات والتحولات التي تشهدها منصة المغرب العسكرية سيكون لها إنعكاسات على ميزان القوة الإستراتيجية في المنطقة وهو ما يخلق نوع من الترقب والتوجس لدى مجموعة من الفاعلين في المنطقة وعلى رأسهم مدريد”.
وأفاد معتضد، أن “المحطات العسكرية للدرون، خاصة تلك التي سيتم إنشاؤها في شمال المملكة تثير قلق بعض المكونات العسكرية والمسؤولين الأمنيين الإسبان نظرا لتكنولوجيا الدورن جد المتطورة”، معتبرا أن “هذا ما يفسره ارتفاع الأصوات داخل بعض التنظيمات الإسبانية من أجل دفع حكومة بلدهم لإعادة حساباتها فيما يخص محور توازن القوة مع المغرب”.
وأشار معتضد، إلى أن “هناك في إسبانيا من يحاول أيضا تسييس هذا الملف من أجل تحقيق أهداف سياسية وأخرى إنتخابوية”، منبها إلى أن “بعض الأطراف الإعلامية تسعى للركوب على هذا المعطى الإستراتيجي الجديد لدى الرباط من أجل الإستهلاك الإعلامي وفي بعض الأحيان التضليل العام لأغراض إيديولوجية وديماغوجية”.