التهاب دواعم السن الذروي، هوردة عمل الجسم الدفاعية تجاه خطر الاجتياح البكتيري القادم من القناة الجذرية. تعد خلية الدم البيضاء مفصصة النواة، والتي تُعهد بالخلية المتعادلة، من الأعضاء البارزة في الخطوط الدفاعية للجسم المضيف. تتلخص وظيفة الخلية المتعادلة في إيجاد وتدمير الميكروبات المتطفلة داخل الجسم -في أي مكان في الجسم- وتمثل السمة المميزة للالتهاب الحاد.

ردة عمل الجسم تجاه الاجتياح الميكروبي

تهجر الخلايا المتعادلة جهاز الدوران بأعداد كبيرة وتتجمع بعدها في مسقط النسيج المصاب. تنجذب هذه الخلايا إلى مسقط الإصابة بعمل عملية الانجذاب الكيميائي، متبعةً ممالًا لهجريز الجزيئات الكيميائية الجاذبة حتى وصولها لمسقط الهجريز الأعظم، وهومسقط الإصابة وتواجد الميكروبات. وعند وصولها إلى المكان المطلوب، يعمل التأثير المضاد للميكروبات الموجود في جميع من الأكسيد الفائق وبيروكسيد الهيدروجين على محاربة الاجتياح الميكروبي، إذ تنتج هذه المواد الكيميائية من العمليات الأيضية للخلايا المتعادلة. تحتشد الخلايا المتعادلة في مسقط الإصابة لقتل الميكروبات بالدرجة الأساس، إلا أنها تتسبب بضرر بالغ لأنسجة الجسم المستضيف أيضًا. على الرغم من عدم بقاء الخلايا المتعادلة على قيد الحياة لمدة طويلة، فإن التكدس المفرط للخلايا المتعادلة الميتة في مكان الإصابة وتحريرها لمجموعة من الإنزيمات المُحللة هوالسبب الرئيسي في تفكك الأنسجة في المراحل الحادة من التهاب دواعم السن الذروي.

تدخل الخلايا البلعمية بعد بداية الالتهاب بفترة وجيزة، وفي حالة عدم السيطرة على الاجتياح الميكروبي بواسطة الهجوم الأولي للخلايا المتعادلة، فإنه سيقابل هجمة ثانية من قبل خلايا الدم البيضاء هذه، مدعمةً بالخلايا اللمفاوية. تُشكل هاتان الخليتان معظم آفة التهاب دواعم السن الذروي وتلعب دورًا هامًا في الفترة المزمنة من التهاب دواعم السن الذروي؛ إذ يُمكن لها العيش لأشهرٍ عديدة. يفترض بعض الباحثين عدم اشتراك الخلايا البلعمية في هذه الفترة من الالتهاب، وذلك لأنها غير قادرة على التمييز بين الكيانات المُعدة للبلعمة، بالإضافة إلى حتى الخواص المنسوبة للخلايا البلعمية في الفترة الأولية للاستجابة الالتهابية عائدة في الحقيقة للخلايا اللمفاوية المعروفة بالخلايا التغصنية. ليس من الواضح فيما إذا كانت الخلايا التغصنية منحدرة من فئة مستقلة من الخلايا أوأنها سلالة متخصصة من الخلية البلعمية.

عند حصول عدوى مماثلة ولكن في منطقة أخرى من الجسم، يستطيع الجهاز المناعي، والذي ينتقل في داخل الجسم من خلال جهاز الدوران، من الوصول إلى مكان العدوى ومحاربتها بشكل ملائم. يُحاط لب السن، وهومن الأنسجة الغنية بالأعصاب والأوعية الدموية، بمجموعة من الأنسجة كنسيج العاج، والتي ليس لها القابلية على التمدد. يُغذى لُب السن بواسطة أوعية دموية انتهائية ويتصل بالدورة الدموية للجسم من خلال الثقبة القمية بواسطة أوعية دموية صغيرة وذات قطر ضيق. تُعيق هذه الصفات الأداء الدفاعي لأنسجة اللُب وتقيد من قدرته على لقاءة الاعتداءات الميكروبية المتنوعة التي قد يتعرض لها. بالنتيجة، تتغذى البكتيريا الإمراضية على المواد الغذائية التي يزودها بها النسيج النخري الموجود في داخل الحجرة اللبية والأقنية مساعدًا إياها على النمووتكوين آفة حول ذروية. يشكل السن المصاب بالعدوى مكانًا مثاليًا لتكاثر ونموالبكتيريا من الناحيتين الفسيولوجية والبيوكيميائية، ويعمل هذا السن بمثابة مأوى تنطلق منه التعزيزات البكتيرية لتدعيم الآفة حول الذروية. يُعتبر هذا المفهوم أساسًا للعلاج اللُبي التقليدي؛ إذ حتى الإجراءات الإنضارية الكيميائية والميكانكية مهمة جدًا في تعطيل وإزالة النظام البيئي البكتيري المُسبب للسقم. لذا فعند إزالة اللب ومعالجة القناة وحشوها بطريقة مماثلة أومتلائمة مع رد العمل الفسيولوجي، فيمكن لنا تسقط نجاح نسبة مُرضية من العمليات اللبية.

طفرة في فهم الجراثيم

ويلوبي دايتون ميلر، والذي يُعتبر أحد رواد فهم ميكروبات الفم، هوأول من ربط حصول الداء اللُبي مع وجود البكتيريا وذلك في عام 1890. أُكد هذا من قبل كاكيهاشي، والذي أثبت من خلال إجرائه لدراسات على نماذج حية حتى السبب في حصول أمراض اللُب وما حول الجذر هوالبكتيريا؛ إذ تم كشف لُب الأسنان في جميع من الفئران الطبيعية والفئران الخالية من الجراثيم، لم تُظهر أفواه الفئران الخالية من الجراثيم أي تغير باثولوجي، في حين أدى تعرض لُب الأسنان المكشوف في الفئران الطبيعية للنبيت الجرثومي الفموي الطبيعي إلى نخر لُبي وتكوين آفة حول جذرية. تماثلت الفئران الخالية من الجراثيم إلى الشفاء بغض النظر عن شدة الكشف اللبي، مما يشير إلى حتى وجود البكتيريا من عدمها هوالعامل المحدد لحصول الأمراض اللبية وحول الذروية.

بالإضافة لهذا كله، وُجد حتى عدوى لُب السن ناتجة عن ميكروبات متعددة. في الواقع، تتطابق أنواع البكتيريا المسببة لعدوى لب السن مع البكتيريا المسببة لالتهاب دواعم السن. وقد أظهرت الدراسات حتى بعض أنواع الإنزيمات التي تُصدرها البكتيريا ضارة جدًا بالجسم المضيف، ويُمكن لها حتى تزيد من القابلية التدميرية للإنزيمات المُحررة من قبل الخلايا المتعادلة الميتة. أظهرت الأبحاث الحديثة وجود جينٍ لإنزيم كولاجيناز، والمسؤول عن تكسير الروابط الببتيدية للكولاجين، في لطخةٍ لبكتيريا وحيدات الخلية البورفيرينية اللثوية، والتي تعد أحد أنواع البكتيريا المُسببة للعدوى اللبية والتي تشهجر أيضًا في حصول التهابات دواعم السن. أثبت وجود ارتباطٍ إيجابي بين عدد البكتيريا في القناة الجذرية الملتهبة وحجم الكثافة الإشعاعية حول الجذرية الناتجة في صورة الأشعة السينية.

يجب على الطبيب المعالج، عند محاولته لعلاج آفة حول ذروية ذات أصل لُبي، حتىقد يكون على دراية كاملة بهذه القواعد الأساسية للتمكن من مقارعة العدوى بشكل فعال. لا يمكن معالجة العدوى اللبية والحول ذروية بشكل مناسب دون مراعاة مسببات حصولها؛ إذ يحتاج التدبير العلاجي الفعال للمريض تشخيصًا سليمًا وإزالة سبب العدوى القادم من اللب، وذلك للتخلص من الآفة حول الذروية المرافقة له. تُسبق الآفة حول الذروية بآفة لبية في معظم الأحيان، لذا سيؤدي الإنضار الكيميائي والميكانيكي للأقنية الجذرية الملتهبة وشق ونزح الانتفاخات حول الجذرية المرافقة إلى تحسن سريع وملحوظ في علامات وأعراض المريض. يُمكن الحصول على نتائج مماثلة من خلال قلع السن المُصاب بالعدوى.

مصدر العدوى

على الرغم من حصول التغيرات حول الذروية كاستجابة لتغيرات لُبية في أغلب الأحيان، فإنه من المهم فهم مسار السقم بشكل متسلسل. في حالة كان السقم لُبي المصدر، فسيُفرغ النخر وغيره من نتاجات العدوى من خلال الثقبة القمية ومن خلال قناة ثانوية، والتي يُمكن حتى تظهر باستخدام الأشعة السينية على شكل إسفاف إشعاعي حول جذري أومُنفرقي. يُمكن حتى يؤدي هذا إلى إصابة أفرُقية من خلال فقدان المُرتكز الإكلينيكي والعظم السِنخي. يُمكن لفحص سريري خاطف وتحليل لصورة الأشعة السينية حتى يضع الطبيب المعالج على المسار السليم لعلاج الآفة بالشكل المناسب. قد تُغفل العدوى اللبية في بعض الأحيان وخاصة في حالة عدم توليد السن لأي أعراض. بشكل مماثل، يُمكن لخرّاج دواعم السن حتى يظهر وكأنه لُبي المنشأ، ولكنه ليس كذلك في الواقع. وبغض النظر عن النسيج الأصل، عند تقرير الطبيب المعالج لوجود سقم لُبي مرافق لالتهاب دواعم السن، يجب عليه السيطرة على العدوى اللبية قبل البدء بالتدابير العلاجية الخاصة بالتهاب دواعم السن، وخاصة في حالة تقريره القيام بإجراءات تعويضية أواستخدام تقنيات التطعيم العظمي.

المراجع