فرضية تعدد النمط الظاهري المعاكس

عودة للموسوعة

صاغ جورج كريستوفر وليامز فرضية تعدد النمط الظاهري المعاكس لأول مرة في عام 1957 كتفسير تطوري للشيخوخة. تعدُّد النمط الظاهري، ظاهرة تحكُّم جينٍ واحد بأكثر من سمة مظهرية في الكائن الحي. يحصل تعدد النمط الظاهري المعاكس عندما يتحكم الجين في أكثر من سمة، بحيث تكون واحدة على الأقل من هذه السمات مفيدة في صلاحية الكائن الحي التطورية وواحدة على الأقل مضرة بها. كانت فكرة وليام حول تعدد النمط الظاهري المعاكس أنه إذا تسبب الجين في زيادة التكاثر في الفترة المبكرة من الحياة وزيادة الشيخوخة في الفترة المتأخرة من الحياة، فستكون الشيخوخة قابلة للتكيف في التطور. على سبيل المثال، تشير إحدى الدراسات إلى حتى استنزاف الجُريبات المبيضية في إناث البشر يتسبب في حدوث دورات أكثر انتظامًا في الحياة المبكرة وفقدان الخصوبة في وقت لاحق من العمر من خلال انقطاع الطمث، وهذا مما يمكن انتقاءه بسبب تفوق فوائده المبكرة على تكاليفه المتأخرة.

عائق على طريق الكمال

تُعد فرضية تعدد النمط الظاهري المعاكس أحد الأسباب الكثيرة التي يقدمها فهماء الأحياء التطورية لتبرير عدم تمكن الكائنات الحية أبدًا من الوصول إلى الكمال من خلال الانتقاء الطبيعي. الجينات متعددة النمط الظاهري المعاكس هي التفسير لمفاضلات صلاحية الأحياء. وهذا يعني حتى الجينات متعددة النمط الظاهري هي التي تتحكّم في ظهور بعض الصفات المفيدة وبعض الصفات الضارة؛ وبالتالي، إذا نجحت في البقاء من خلال الانتقاء الطبيعي، فإن هذا سيمنع الكائنات الحية من الوصول إلى الكمال لأنها إذا كانت تمتلك فوائد الجين، فيجب حتى تمتلك عيوبه أوأخطاءه أيضًا. مثال على ذلك هوالقوارض الأنثوية التي تعيش في العش ذاته مع إناث أخرى وقد ينتهي بها الأمر إلى إطعام صغار ليسوا من ذريتها بسبب نزعتها الأبوية الشديدة. سيتم انتقاء هذه النزعة الأبوية الشديدة، لكن الكائنات الحية ستظل تخطئ في إطعام الشباب الذين ليسوا أبناءهم وبالتالي يستمرون في هدر مواردهم.

الفوائد والتكاليف

تنوع تعدد النمط الظاهري المعاكس له عواقب سلبية عديدة. يؤدي إلى تأخر التكيف، وتغير مسار التطور، وتقليل تكيف السمات الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يتم تقليل الفائدة الإجمالية للأليلات بشكل ملحوظ (بمقدار النصف) عن طريق تعدد النمط الظاهري. ومع ذلك، فإن تعدد النمط الظاهري المعاكس له بعض الفوائد التطورية. في الواقع، يرتبط حفظ الجينات ارتباطًا مباشرًا بالطبيعة التعددية للكائن الحي. هذا يعني حتى الجينات التي تتحكم في سمات متعددة، حتى لوكان للسمات آثار مختلفة على صلاحية الكائن الحي التطورية، لديها المزيد من القدرة على "البقاء" في سياق تطوري.

دور في الانتقاء الجنسي

من المقبول عمومًا حتى تطور الخصائص الجنسية الثانوية يستمر إلى حتى يصل فترة تؤثر فيها فوائد النجاح التناسلي على التكاليف النسبية للبقاء على قيد الحياة. على مستوى الجينات، هذا يعني المفاضلة بين التغاير والتعبير عن السمات المحددة. يجب حتى يؤدي الانتقاء الجنسي القوي والمستمر إلى انخفاض التغاير الوراثي لهذه الصفات. ومع ذلك، أشارت تقارير إلى مستويات أعلى من التغاير في السمات المنتقاة جنسيًا مقارنة بالسمات غير المنتقاة جنسيًا. هذه الظاهرة واضحة بشكل خاص في تزاوج أنواع (ليك)، حيث لا تمنح الذكور أي ميزة مباشرة للإناث. يُفترض حتى انتقاء الإناث يعتمد على الترابط مع مظاهر الذكور (الخصائص الجنسية الثانوية) بالجودة الوراثية الكاملة. إذا كان هذا الانتقاء الجنسي الاتجاهي يستنزف التباين في الذكور، لما يستمر انتقاء الإناث في الوجود،يا ترى؟ يجيب (رو) و(هولي) على هذا السؤال (مفارقة ليك) باستخدام مفهوم الالتقاط الوراثي، والذي يربط بين السمات المختارة جنسيا والحالة العامة للكائن الحي. حيث يفترضون حتى الجينات ذات الخصائص الجنسية الثانوية يجب حتى ترتبط بالحالة ارتباطًا ذا نمط ظاهري متعدد، والتي هي مقياس لمدى صلاحية الكائن الحي. بمعنى آخر، يتم الحفاظ على التغاير الوراثي في الخصائص الجنسية الثانوية عن طريق التباين في حالة الكائن الحي.

دور في السقم

إن بقاء الكثير من الاضطرابات الوراثية الخطيرة في تاريخنا التطوري الطويل دفع الباحثين إلى إعادة تقييم دور تعدد النمط الظاهري المعاكس في التسبب بالأمراض. إذا تم تعريف الاضطرابات الوراثية على أنها وجود أليلات ضارة، فإن الانتقاء الطبيعي الذي يعمل على مدار فترة التطور قد يؤدي إلى انخفاض وتيرة الطفرات عما هوملاحظ حالياً. في منطق صدر حديثًا، إنسان (كارتر) و(نجوين) الكثير من الاضطرابات الوراثية، مجادلين بأنه بعيدًا عن كونه ظاهرة نادرة، فقد يحدث تعدد النمط الظاهري المعاكس آلية أساسية لبقاء هذه الأليلات غير المثالية.

في إحدى هذه الدراسات، تمت مراقبة 99 شخصًا من المصابين بمتلازمة لارون (وهوشكل نادر من التقزم) جنبًا إلى جنب مع أقاربهم غير الأقزام لمدة عشر سنوات. يمتلك سقمى متلازمة لارون واحدًا من ثلاثة أنماط وراثية لجين مستقبلات هرمون النمو(GHR). معظم السقمى لديهم طفرة موضع لصق من الأدينين إلى الغوانين في الموضع 180 في الإكسون السادس. ويمتلك البعض الآخر طفرة لا تؤدي إلى إنتاج بروتين (R43X)، في حين حتى البقية هم متغايرواللواقح للطفرتين. عانى سقمى متلازمة لارون من انخفاض معدل وفيات السرطان والسكري مقارنة بأقاربهم غير الأقزام. هذا يشير إلى دور لتعدد النمط الظاهري المعاكس، حيث يتم الحفاظ على طفرة ضارة في جماعات احيائية لأنها لا تزال تعطي بعض الفوائد في البقاء على قيد الحياة.

يتجلى مثال آخر لتعدد النمط الظاهري المعاكس في سقم هنتنغتون، وهواضطراب تدهور عصبي نادر يتسم بعدد كبير من تسلسلات قواعد سايتوسين-غوانين-أدينين النيتروجينية يتكرر داخل جين هنتنغتون. عادة ما تتم ملاحظة بداية سقم هنتنغتون في سن ما بعد الإنجاب وعادة ما يتضمن تشنجات عضلية لا إرادية وصعوبات إدراكية ومشاكل نفسية. عَرَضيًا، يرتبط العدد المرتفع من تكرار تسلسلات قواعد سايتوسين-غوانين-أدينين بزيادة نشاط P53، وهوبروتين يثبط الأورام ويشارك في موت الخلايا المبرمج. لذا فقد تم افتراض حتى هذا يفسر انخفاض معدلات الإصابة بالسرطان بين سقمى هنتنغتون. يرتبط سقم هنتنغتون أيضًا بالخصوبة العالية.

بالإضافة إلى ذلك، وُجِد حتى الأفراد الذين لديهم نسبة أعلى ممهدة للالتهابات TNFα / IL-10 كانت لديهم حالات وفاة أعلى بشكل ملحوظ بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية في الشيخوخة. ومع ذلك، تم الافتراض بأن هذا النمط الوراثي كان سائدًا لأن النسب الأعلى من TNFα / IL-10 تسمح للأفراد بمكافحة العدوى بشكل أكثر فعالية خلال سنوات الإنجاب. فقر الدم المنجلي، والثلاسيميا من نوع بيتا، والتليف الكيسي هي بعض الأمثلة الأخرى على الدور الذي يمكن حتى يلعبه تعدد النمط الظاهري المعاكس في الاضطرابات الوراثية.

الانتشار

على الرغم من وجود الكثير من التأثيرات السلبية المرتبطة بالجينات التي تكون متعددة النمط الظاهري المعاكس، إلا أنها لا تزال موجودة بين معظم أشكال الحياة. في الواقع، يعد تعدد النمط الظاهري المعاكس واحدة من السمات الأكثر شيوعًا التي تمتلكها الجينات عمومًا. بالإضافة إلى ذلك، تتعرض الجينات متعددة النمط الظاهري المعاكس إلى اصطفاء تثبيتي قوي.

المراجع

  1. ^ Williams G.C. (1957). "Pleiotropy, natural selection, and the evolution of senescence". Evolution. 11 (4): 398–411. doi:10.2307/2406060. JSTOR 2406060.
  2. ^ Cheverud J (1996). "Developmental integration and the evolution of pleiotropy". American Zoology. 36: 44–50. CiteSeerX = 10.1.1.526.8366 10.1.1.526.8366. doi:10.1093/icb/36.1.44.
  3. ^ Wood, J.W., K.A. O'Conner, D.J. Holman, E. Bringle, S.H. Barsom, M.A. Grimes. 2001. The evolution of menopause by antagonistic pleiotropy. Center for Demography and Ecology, Working Paper.
  4. ^ Elena S.F.; Sanjuán R. (2003). "Climb every mountain?". Science. 302 (5653): 2074–2075. doi:10.1126/science.1093165.
  5. ^ Alcock, J. 2005. Animal Behavior: eighth edition
  6. ^ He X.; Zhang J. (2006). "Toward a Molecular Understanding of Pleiotropy". Genetics. 173 (4): 1885–1891. doi:10.1534/genetics.106.060269. PMC 1569710. PMID 16702416.
  7. ^ Otto S.P. (2004). "Two steps forward, one step back: the pleiotropic effects of favoured alleles". Proc. Biol. Sci. 271 (1540): 705–714. doi:10.1098/rspb.2003.2635. PMC 1691650. PMID 15209104.
  8. ^ Bolstad, Geir; Pelabon, Cristophe; Larsen, Line-K; Fleming, Ian A.; Viken, Aslaug; Rosenqvist, Gunilla (2012). "The Effect of Purging on Sexually Selected Traits through Antagonistic Pleiotropy with Survival". Ecology and Evolution. 2 (6): 1184–191. doi:10.1002/ece3.246. PMC 3402193. PMID 22833793.
  9. ^ Pomiankowski, A; AP Moller (1995). "A Resolution of the Lek Paradox". Proceedings of the Royal Society of London. 260 (1357): 21–29. doi:10.1098/rspb.1995.0054. مؤرشف من الأصل في 04 مارس 2016.
  10. ^ Rowe, L; D. Houle (1996). "The Lek Paradox and the Capture of Genetic Variance by Condition Dependent Traits". Proceedings of the Royal Society of London. 263 (1375): 1415–1421. doi:10.1098/rspb.1996.0207. مؤرشف من الأصل في 03 مارس 2016.
  11. Carter, Ashley; Andrew Q. Nguyen (2011). "Antagonistic Pleiotropy as a Widespread Mechanism for the Maintenance of Polymorphic Disease Alleles". BMC Medical Genetics. 12: 160. doi:10.1186/1471-2350-12-160. PMC 3254080. PMID 22151998.
  12. ^ Guevara-Aguirre, J.; Balasubramanian, P.; Guevara-Aguirre, M.; Wei, M.; Madia, F.; Chang, C.W.; Hwang, D. (2011). "Growth Hormone Receptor Deficiency is Associated with a Major Reduction in Pro-aging Signaling, Cancer, and Diabetes in Humans". Science Translational Medicine. 3 (70): 70ra13. doi:10.1126/scitranslmed.3001845. PMC 3357623. PMID 21325617.
  13. ^ Van Den Biggelaar, AH (2004). "Inflammation underlying cardiovascular mortality is a late consequence of evolutionary programming". Federation of American Societies for Experimental Biology. 12 (9): 1022–1024. doi:10.1096/fj.03-1162fje. PMID 15084512. مؤرشف من الأصل في 20 فبراير 2020.
  14. ^ Gann P.H.; Hennekens C.H.; Ma J.; Longcope C.; Stampfer M.J. (1996). "Prospective Study of Sex Hormone Levels and Risk of Prostate Cancer". Journal of the National Cancer Institute. 88 (16): 1118–1126. doi:10.1093/jnci/88.16.1118. PMID 8757191.
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:16:49
التصنيفات: علم الوراثة, نظريات الشيخوخة, مقالات يتيمة منذ أكتوبر 2019, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة طب/مقالات متعلقة, بوابة علم الأحياء/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مصرفي يكشف تفاصيل السيناريوهات أمام لجنة السياسة النقدية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:21:50
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

جاليرى بيكاسو يستضيف معرضين تشكيليين لـ«الدويحى» و«منصور» (صور)

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:22:01
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 60%

الثلاثاء.. البرلمان يواجه وزير الزراعة بطلبات الإحاطة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:21:45
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 66%

برلمان جديد فى الأفق.. هل يكتب الصندوق نهاية إخوان تونس؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:21:40
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 62%

محمد نجاتى: لا أقبل أن تكون زوجتى فى لوكيشن وأنا فى البيت

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:21:30
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 52%

مجلس النواب يناقش الإجراءات الضريبية الأسبوع المقبل

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:21:44
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 60%

“الرمادي” يعلن قائمة مباراة سيراميكا فى الدورى

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:22:10
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

مبابي ورفقائه على موعد مع الأسطورة ميسي في نهائي المونديال

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:22:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 65%

موعد مباراة الأهلى وفيوتشر بالدوري والقناة الناقلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:22:34
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 48%

«ميسي» يلمح اعتزاله الدولي و إنهاء رحلته بخوض مباراة النهائي

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:22:10
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 65%

شاهد.. أهداف فرنسا في منتخب المغرب والصعود لنهائي كأس العالم

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:22:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 69%

الأرجنتين تشعر بالبرد .. عاصفة الديوك تهب بقيادة «مبابي»

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:22:13
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 60%

«حكيمي» و «مبابي».. تبادل القمصان ومواساة الأصدقاء

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:22:13
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 53%

الإثنين.. مجلس النواب يناقش تعديل بعض أحكام قانون هيئة قناة السويس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:21:46
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 64%

الخياط: مصر خصصت 5200 كيلومتر مربع لمشروعات الطاقة المتجددة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:21:48
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

أول تعليق من «حسام حسن» بعد العودة لتولي قيادة المصري

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 00:22:16
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 65%

تحميل تطبيق المنصة العربية