الدولة الحمدانية

عودة للموسوعة

الدَّولَةُ الحَمَدَانِيَّةُ أوالإِمَارَةُ الحَمَدَانِيَّةُ أودَوْلَةُ بَني حَمدَان، وتُعهدُ اختصارًا وفي الخِطاب الشعبي باسم الحَمَدَانِيُّون، هي إمارة إسلاميَّة شيعيَّة أسَّسها أبومُحمَّد الحسن بن أبي الهياتى الشهير بِلقب «ناصر الدولة» في مدينة الموصل بِالجزيرة الفُراتيَّة، وامتدَّت لاحقًا باتجاه حلب وسائر الشَّام الشماليَّة وأقسامٌ من جنوب الأناضول.

قامت هذه الدولة عندما ولَّى الخليفة العبَّاسي أبوالفضل جعفر المُقتدر بِالله ناصر الدولة على الموصل وأعمالها. وكان ناصرُ الدولة صاحب طُموحٍ سياسيٍّ واسع، فراح مُنذ حتى تولَّى تلك المنطقة من الجزيرة الفُراتيَّة يسعى حثيثًا لِتكوين إمارة خاصَّة به، فاستعان بِالقُوَّة العسكريَّة في سبيل تحقيق رغبته وسيطر على عددٍ من بلاد شمال العراق، ثُمَّ طلب الأمان من الخليفة والاعتراف بِسُلطته على المناطق التي فتحها، فوافق الخليفة على طلبه وقلَّدهُ حُكم تلك البلاد مُقابل مبلغٍ من المال يدفعه وفق نظام الضمان. وما لبث ناصر الدولة حتى عمل على تدعيم سُلطته وتقوية نُفوذه في شمال العراق، فأجرى عدَّة إصلاحات اقتصاديَّة أدَّت إلى انتعاش إمارته وزيادة ثروته وأتباعه، ثُمَّ استبدَّ بِالسُلطة واستأثر بِالمداخيل، ووقفت الخِلافة عاجزة عن التصدي له. ولمَّا استولى البُويهيُّون على الحُكم في بغداد، وتسلَّطوا على الخِلافة، أجبروا الحمدانيين على الانكماش في الموصل، ودفع الجزية لِمُعز الدولة البُويهي. أمَّا سيف الدولة، أخوناصر الدولة، فقد غادر الموصل وتوجَّه إلى شمالي الشَّام، حيثُ انتزع مدينة حلب وضواحيها من أيدي الإخشيديين سنة 944م. وحاول سيف الدولة حتى يُوسِّع مساحة دولته باتجاه الجنوب، فاستولى على حِمص، ولكنَّهُ لم يستطع انتزاع دمشق من الإخشيديين. وقد ذاعت شُهرة سيف الدولة في التاريخين العربي والإسلامي بسبب نضاله ضدَّ الروم البيزنطيين الذين كانوا قد أرهقوا قادة العبَّاسيين بِغاراتهم على شمالي الشَّام، كما تعود إلى تشجيعه الأُدباء والعُلماء، والأشعار البُطوليَّة والملحميَّة التي نُظمت في عهده.

دامت دولة الحمدانيين في الموصل وحلب 77 سنة، منها 59 سنة في حلب وحدها التي شهدت عصر الدولة الحمدانيَّة المضىي، وذلك في عهد مؤسس الإمارة الحلبيَّة سيف الدولة، كما كان العصر المضىي لِلدولتين الطولونيَّة والإخشيديَّة في عهد مُؤسس كُلٌ منهما: أحمد بن طولون ومُحمَّد بن طُغج الإخشيد. وورث الدولة الحمدانيَّة، بعد وفاة سيف الدولة، كُلٌ من ابنه سعد الدولة، ثُمَّ حفيده سعيد الدولة. وبعد سنة 969م خلفت الدولة الفاطميَّة في مصر الدولة الإخشيديَّة، وبسط الفاطميُّون حُكمهم على فلسطين ودمشق ولُبنان، وحاولوا حتى يمُدُّوا هذا الحُكم إلى الشَّام الشماليَّة، ولكنَّ سعد الدولة وقف في وجه الجيش الفاطمي، فلم يخسر إلَّا حِمص التي انضمَّ واليها الحمداني إلى الفاطميين. ولمَّا خلف سعيد الدولة أباه سعد الدولة، أوفد الفاطميُّون جيشًا كبيرًا لِمُعاودة الكرَّة على البلاد الحمدانيَّة، فلم يكن من سعيد الدولة إلَّا حتى استنجد بِالبيزنطيين الذين أوفدوا إليه قُوَّة عسكريَّة كبيرة، ولكنَّها هُزمت على يد الفاطميين الذين ضربوا الحصار على حلب مُدَّةً طويلةً دون حتى تستسلم. استمرَّت الإمارة الحمدانيَّة قائمة إلى حتى تُوفي سعيد الدولة سنة 1003م، فانقضَّ الفاطميُّون على حلب ودخلوها فاتحين، لِتزول بِذلك الدولة الحمدانيَّة في الشَّام، بعد حتى كانت قد زالت في الموصل قبلًا وعادت إلى كنف الدولة العبَّاسيَّة الواقعة تحت الحماية البويهيَّة.

أصل الحمدانيين

ديار ربيعة شمال غرب العراق، حيثُ وفدت قبيلة تغلب للسكن بِقيادة سيِّدهم عُلقمة بن سيف التغلبي.

ينتسب الحمدانيُّون إلى جدِّهم أبي العبَّاس حمدان بن حمدون التغلبي، فهم من قبيلة تغلب العربيَّة العدنانيَّة، وحمدان بن حمدون هوأقدم فرد في هذه الأُسرة لهُ دورٌ تاريخيّ، فكأنَّ الأُسرة الحمدانيَّة تبدأ به. أنجب حمدان ثمانية أولاد هم: أبوإسحٰق إبراهيم، وأبوعلي الحُسين، وأبوالسرايا نصر، وأبوالهياتى عبدُ الله، وأبوالعلاء سعيد، وأبوسُليمان داود، وأبوالوليد سُليمان، وعليّ. اشتهر من هؤلاء الإخوة أبوالهياتى عبد الله الذي أنجب ولدين هُما الحُسين ناصر الدولة، وهومُؤسس فرع الأُسرة الحمدانيَّة في الموصل، وعليّ سيفُ الدولة وهورأس الأُسرة الحمدانيَّة في حلب، أمَّا الإخوة الآخرون فلم يكن لهم إلَّا أدوارٌ ثانويَّة في تاريخ الأُسرة. كانت مساكن تغلب في الجاهليَّة هضاب نجد والحجاز وتُخوم تُهامة، ويبدوأنَّ مواطنها قد ضاقت بها بِعمل تكاثُرها، ثُمَّ أنَّ الحُرُوب الطويلة والمُتواصلة التي خاضتها القبيلة مع كُلٍ من بني بكر وبني يُربُوع من تميم وبني شيبان وبني سعد بن تميم؛ أجبرها على النُزوح شمالًا إلى المجرى الأدنى لِنهر الفُرات في ديار ربيعة، وذلك في القرن السادس الميلادي، وتمركزت القبيلة في القرن الأوَّل الهجري المُوافق لِلقرن السابع الميلادي في وسط الجزيرة الفُراتيَّة بين قرقيساء وسنجار ونصيبين والموصل شمالًا وعانة وتكريت جنوبًا، وهي منطقة خصبة تتخلَّلُها أنهار الخابور ودجلة والفُرات، كما تتميَّز بِمسقطها المُتوسِّط بين الشرق والغرب، وكوَّنت جسرًا يربط طُرق المُواصلات بين الخليج العربي والبحر المُتوسِّط، ما أعطى لها حتى تُشارك في الأحداث المُهمَّة في تاريخ العراق والشَّام.

شجرة السُلالة الحمدانيَّة انطلاقًا من جدِّهم حمدان بن حمدون التغلبي.

اعتنق بنوتغلب الديانة المسيحيَّة في الجاهليَّة بِعمل اتصالهم بِالروم، وظلَّ أكثرُهم على هذه الديانة بعد ظُهُور الإسلام وفتح العراق وفارس والشَّام. وبِعمل مسقط منازل القبيلة، في منطقة الصراع بين القوى الكُبرى، وقف بنوتغلب إلى جانب الفُرس خِلال الفُتُوح الإسلاميَّة المُبكرة، كما حاربوا الجُيُوش الإسلاميَّة إلى جانب الروم، وحقَّق كُلٌ من خالد بن الوليد والمُثنَّى بن حارثة الشيباني فوزًا عليهم في معارك عدَّة، وما جرى بعد ذلك من انهيار الجبهتين الفارسيَّة والبيزنطيَّة في العراق والشَّام، انعكس على وضع القبيلة التي خضعت لِلمُسلمين في عهد ثاني الخُلفاء الراشدين عُمر بن الخطَّاب، وعندما أراد حتى يفرض على أفرادها الجزية أُسوةً بِغيرهم من الذين اختاروا البقاء على دينهم وعدم الدُخول في الإسلام، أخذتهُم العزَّة، وأوفدوا إلى الخليفة في المدينة المُنوَّرة يطلبون منه حتى يُضعِّف عليهم الصدقة التي تؤخذ من المُسلمين في كُل سائمةٍ وأرض، ويستبدلها بِالجزية أوحتى يسمح لهم بِاللحاق بِأرض الروم، فقبل حتى يُضعِّف عليهم الصدقة وأن يبقوا في ديارهم ويعمروها، وصالحهم على حتى لا يصبغوا (يُعمِّدوا) صبيًّا ولا يُكرهوه على المسيحيَّة إذا اختار هوالإسلام بِإرادته. وناصر بنوتغلب الخليفة عليّ بن أبي طالب في بداية الأمر، غير أنَّهُم ما لبثوا حتى انحازوا إلى الأُمويين، فحاربوا مع مُعاوية بن أبي سُفيان في صفِّين، ولعلَّ مرد هذا التحوُّل أنَّهم نقضوا العهد من واقع تعميدهم لِأبنائهم ما دفع الخليفة عليّ إلى تهديدهم بِالقتل والسبي. وكان كثيرٌ منهم، في خِلافة عبد الملك بن مروان، ما زالوا يُدينون بِالمسيحيَّة، وهووضعٌ دينيٌّ خاص كان يُحتِّمُ عليهم اتخاذ مواقف مُعيَّنة لِلدفاع عن النفس.

وعندما زالت الدولة الأُمويَّة التي أيَّدها بنوتغلب وساندوها، وحازوا في ظلِّها العطف والرعاية والمناصب المُهمَّة، ضاع هؤلاء كغيرهم من القبائل في خضم الأحداث السياسيَّة والعسكريَّة الكُبرى التي تلت قيام الدولة العبَّاسيَّة، حيثُ ذاب الصراع القبلي بِعمل اعتماد العبَّاسيين على العناصر الأعجميَّة من فُرسٍ وتُركٍ وديلمٍ وفراغنةٍ وبربرٍ، ولم يعُد العُنصر العربي سوى أحد العناصر التي يتألَّف منها الجيش العبَّاسي. والواقع أنَّ الحمدانيين الذين انحدروا من بني تغلب استفادوا من تاريخ القبيلة الحافل بِالنشاط السياسي والعسكري، بِالإضافة إلى الظُروف السياسيَّة التي نشأت في العصر العبَّاسي الثاني، فعمدوا إلى إنشاء قُوَّاتٍ عسكريَّةٍ خاصَّة مكَّنتهم من تأسيس إمارتين في الموصل وحلب.

خلفيَّة تاريخيَّة

بُروز حمدان بن حمدون على المسرح السياسي

الجزيرة الفُراتيَّة وشمال العراق أواخر القرن التاسع الميلادي. وهي المناطق التي شهدت خِلال تلك الفترة نزاعات بين العبَّاسيين والخوارج، وبين أُمراء العبَّاسيين ووُلاتهم بعضهم ببعض.

برز الحمدانيُّون على مسرح الحياة السياسيَّة في مطلع النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، حيثُ شارك زعيمهم حمدان بن حمدون في الأحداث السياسيَّة في الموصل التي أثارها الخوارج والوُلاة العبَّاسيُّون، وهويطمع في الاستئثار بِالسُلطة أُسوةً بما كان يجري في ولايات الأطراف، وكان قد وحَّد عشيرته وأضحى مرهوب الجانب. كانت الحركة الخارجيَّة قد انقرضت من العراق وما جاوره في العصر العبَّاسي الثاني باستثناء فتنًا محليَّة محدودة سُرعان ما أُخمدت. وغدا ممضى الخوارج مُجرَّد فرقة من الفرق الدينيَّة ليس لها نشاطٌ ملحوظ أوانتشارٌ واسع، ومن بين هذه الفتن تلك التي قام بها مُساور بن عبد الحميد البجلي الموصلِّي، ولا يظهر أنَّ لِخُروجه علاقة بِالناحية الممضىيَّة بِقدر ما ارتبط بِالناحية الأُسريَّة، ذلك أنَّ الحُسين بن بكير، مُلتزم شركة الموصل لِبني عُمران، وأُمراء المدينة، قبضوا على ابنٍ لهُ يُدعى حوثرة، وسجنوه بِالحديثة، وكان حوثرة جميلًا فاستغلَّهُ الحُسين لِأغراضٍ دنيئة، فخط إلى أبيه يشرح له وضعه السيِّء، فغضب وخرج ثائرًا، فهاجم الحديثة وأطلق سراح ابنه، فتصدَّى لهُ عامل المدينة الحسن بن أيُّوب التغلبي بِجيشٍ ضخم كان حمدان بن حمدون أحد قادته، وهوصاحب النُفوذ في الموصل وما حولها من القلاع. استمرَّ الصراع حول الموصل مُحتدمًا بين مُساور الخارجي والوُلاة العبَّاسيين حتَّى مقتل مُساور في سنة 263هـ المُوافقة لِسنتيّ 876 - 877م، أثناء تصدِّيه لِجيشٍ عبَّاسي كان قد خرج لِوضع حدٍ لِثورته، حيثُ تحوَّل إلى صراعٍ بين الوُلاة العبَّاسيين في ظل تراجع قُوَّة الخوارج بِعمل الانقسام الذي حصل آنذاك في صُفوفهم. واشهجر حمدان بن حمدون في الأحداث التي جرت في سنة 266هـ المُوافقة لِسنتيّ 879 - 880م مُتحالفًا مع إسحٰق بن أيُّوب التغلبي ووالي الموصل علي بن داود ضدَّ إسحٰق بن كُنداج، الذي خرج على الخِلافة بِسبب إسنادها ولاية ديار ربيعة إلى قائدٍ يُدعى «أتامش» وكان يطمع فيها، وجرى اللقاء بين الطرفين بِالقُرب من الموصل وأسفر عن فوز ابن كُنداج الذي استولى على الموصل وديار ربيعة، وفرَّ حمدان بن حمدون إلى نيسابور. وأوفد الخليفة مبعوثون إلى الموصل لِإقرار ابن كُنداج على ولايته لِقاء 200,000 دينار يدفعها سنويًّا إلى بيت المال.

رسمٌ قديمٌ لِلمُوصل: قصبة الجزيرة الفُراتيَّة وأهم مُدُنها ومحور الصراعات التي جرت في تلك المنطقة خِلال العصر العبَّاسي الثاني.

والواقع أنَّ حمدان بن حمدون لم يكن لِيرضى حتى يتولَّى غيرهُ إمارة الموصل، لِأنَّهُ يعُدَّها منطقة نُفوذٍ له، فجدَّد تحالُفه مع إسحٰق بن أيُّوب في العام التالي وانضمَّ إليهما عيسى بن الشيخ الشيباني، واصطدم الجميع بابن كُنداج، غير أنَّهم تعرَّضوا لِلهزيمة، فهربا إلى نصيبين ثُمَّ إلى آمُد، فتعقَّبهُم ابن كُنداج وهزمهم في معارك مُتفرِّقة حتَّى اضطرَّهُم إلى طلب الأمان، فمنحهم أيَّاه وأقرَّهُم على ما بِأيديهم. وكان الخوارج قد انقسموا بعد وفاة مُساور في ظل الصراع على الزعامة بين هٰرون بن عبدُ الله البجلي ومُحمَّد بن خرزاد الشهرزوري، ففاز الأوَّل وانفرد بِزعامة الخوارج بِفضل مُساندة بني تغلب له، فكثُر أتباعه وغلب على القُرى والرساتيق وجبى خِراجها. والواقع أنَّ التحالُف بين حمدان بن حمدون وهٰرون بن عبدُ الله البجلي كان متينًا واستمرَّ أعوامًا طويلةً نسبيًّا، بِالمُقارنة مع تدنِّي قيمة العُهُود والمواثيق لدى قادة ذلك العصر، لِأنَّ الارتباطات كانت تقوم على مصالح آنية تزول بِمُجرَّد زوالها. ففي سنة 272هـ المُوافقة لِسنة 885م دخلا الموصل، وصلَّى هٰرون بِجماعته في المسجد الجامع. وما وقع في سنة 279هـ المُوافقة لِسنة 892م من عُبُور بني شيبان الزاب قاصدين نينوى من أعمال الموصل، لِلإغارة عليها وعلى بلد، الواقعة شمالي الموصل على بُعد سبعة فراسخ، ما شكَّل خطرًا على وضع هٰرون بن عبدُ الله البجلي ودفعهُ إلى مُحاربتهم، فالتمس مُساعدة حمدان بن حمدون وانضمَّ إليه مُتطوِّعة أهلُ الموصل وغيرهم، وعبر الجميع إلى الجانب الشرقي وساروا إلى نهر الخابور حيثُ منازل بني شيبان، فاصطدم الطرفان واقتتلوا، فانهزمت بنوشيبان وتبعهم حمدان والخوارج، وملكوا بُيُوتهم وانهمكوا بِالنهب، فاستغلَّ الشيبانيُّون هذه الفُرصة وكرّوا عليهم وهزموهم، وقُتل كثيرٌ من أهل الموصل ومن معهم.

أمام كثرة الفتن والقتل والمشاكل في الجزيرة الفُراتيَّة، نهض الخليفة العبَّاسي أبوالعبَّاس أحمد المعتضد بالله، وهوالذي اتصف بِالشدَّة والحزم حتَّى هابهُ النَّاس والقادة، وكرَّس وقتهُ في القضاء على تلك المشاكل وقمع الحركات المُعارضة وإنهاء مصادر الاضطرابات الثلاثة: القبائل البدويَّة وبِخاصَّة بني شيبان الذين كانوا يُهاجمون المُدن ويقتُلون ويسلبون، والخوارج، وبنوحمدان وعلى رأسهم حمدان بن حمدون الذي يطمع في تأسيس إمارة له. ففي 1 صفر 280هـ المُوافق فيه 22 نيسان (أبريل) 893م، خرج المُعتضد من بغداد على رأس الجيش مُيممًا وجهه شطر الجزيرة الفُراتيَّة قاصدًا بني شيبان في المكان الذي يجتمعون فيه، في الموصل وبلد، فلمَّا بلغهم خُروجه إليهم، وأدركوا عجزهم عن مُقابلته، طلبوا منه الأمان والعفو، وجمعوا لهُ الأموال وبذلوا لهُ الرهائن، فأجابهم إلى طلبهم. وجدَّد الخليفة حملتهُ في العام التالي قاصدًا حمدان بن حمدون، بعد حتى بلغهُ أنَّهُ استقلَّ بِماردين ومال إلى ثائرٍ يطمع في منصب الخِلافة يُدعى «هٰرون الشاري» ونادى له، فعدَّ ذلك تآمُرًا على الخِلافة وإضعافًا لِموقفها. وقاتل الخليفة جميع القبائل العاصية من عربٍ وكُردٍ ثُمَّ سار لِقتال حمدان بن حمدون، فهرب الأخير من ماردين وتحصَّن في قلعة باسورين بِجوار الموصل، شرقيّ دجلة. ومال الخليفة إلى استعمال السياسة مع ابن حمدون وإسحٰق بن أيُّوب التغلبي، فأوفد كتابًا إلى كُلٍ منهُما يطلب منهما الاستسلام، فرفض الأوَّل في حين وافق الثاني. استوعب الخليفة عندئذٍ أنَّ حمدان بن حمدون يرغب في اقتطاع جُزءٍ هام من أملاك الخِلافة لِيستقل به ما يُشكِّلُ خطرًا مُباشرًا على وضع الدولة العبَّاسيَّة، نظرًا لِقُرب منطقة الجزيرة الفُراتيَّة من بغداد، لِذلك لا يُمكن السماح لهُ بِتحقيق رغبته، فحشد الجيش وعيَّن عليه خيرة قادته، وأمرهم بِمُطاردته والقبض عليه. هرب حمدان بن حمدون من قلعته سالِفة الذكر وعبر إلى ديار ربيعة، والتجأ إلى خيمة حليفه القديم إسحٰق بن أيُّوب مُستجيرًا به، فأجارهُ هذا بدايةً، إلَّا أنَّهُ نكث بِعهده وسلَّمهُ إلى الخليفة الذي زجَّ به في السجن، وطارد أنصاره وأقربائه وغلمانه من العرب والكُرد على حدٍ سواء، وألقى القبض عليهم أجمعين، مُنهيًا بِذلك عصيان ابن حمدون على الخِلافة.

الحُسين بن حمدان

بعد القضاء على عصيان حمدان بن حمدون، ظلَّ هٰرون الشاري الخارجي وحدهُ في ميدان المُقابلة مع الخِلافة في الجزيرة الفُراتيَّة، وكان قويّ الشخصيَّة، واشتهر بِقُوَّة إيمانه وصلابة عقيدته، فلم يهتز عندما أوفد لهُ نصر القشوري والي الموصل كتابًا يُهدِّده ويتوعَّدهُ بِقُرب وُصُول الخليفة، وأجاب بِكتابٍ تضمَّن ردًا عنيفًا أثار غضب الخليفة، ولمَّا كان هٰرون يُشكِّلُ خطرًا جديًّا على الخِلافة في الجزيرة الفُراتيَّة، كان الفضاءُ التَّام عليه ضرورةً سياسيَّة وعسكريَّة، لِذلك خرج الخليفة بِنفسه في سنة 283هـ المُوافقة لِسنة 896م لِلقضاء عليه، غير أنَّهُ وقف عاجزًا أمامه، فعمد عندئذٍ إلى تكليف الحُسين بن حمدان بن حمدون بِحربه، ويبدوأنَّهُ استهدف استقطاب الأُسرة الحمدانيَّة واتخاذها حاجزًا يقيه الهجمات القادمة من الشمال، ووضع حدا لِتحالُفها مع هٰرون لِإضعافه. انتهز الحُسين وضع الخليفة الحرج وشدَّة رغبته في القضاء على هٰرون الشاري، ووافق على القيام بِهذه المُهمَّة مدفوعًا بِعاملين: حُبِّه لِأبيه ورغبته في تحريره، وطُمُوحه في حتىقد يكون لهُ شأن لدى الخليفة، بِدليل أنَّهُ طلب منه، إذا هونجح في القبض على هٰرون وسلَّمه أيَّاه، حتى يُطلق سراح والده ويحمل الإتاوة عن بني تغلب وإثبات خمسُمائة فارس من قومه ينضمُّون إليه. وافق الخليفة على هذا الطلب ونطق له: «لَكَ ذَلِك، فَامضِ». اختار الحُسين بن حمدان ثلاثُمائة فارس ثُمَّ انطلق في أثر هٰرون يتعقَّبه من مكانٍ إلى آخر حتَّى قبض عليه وأتى به أسيرًا إلى الخليفة المُعتضد الذي سُرَّ من تخلُّصه من عدُوٍّ خطير، فخلع على الحُسين خلعًا شرَّفه بها وطوَّقهُ بِطوقٍ من مضى، وأطلق سراح حمدان بن حمدون وأزال الأتاوة عن بني تغلب وأثبت خُمسُمائة فارسٍ منهم ينضمُّون إليه، وأمر بِصلب هٰرون بعد حتى شهَّر به.

قد تقدَّمت كُتُبي إلى الوزير أعزَّهُ الله في خبر القُرمُطيّ وأشياعُه... فلمَّا رأى بعضُنا بعضًا حمل الكردوس الذي كان في ميسرتهم ضربًا بِالسياط، فقصد الحُسين بن حمدان، وهوفي جناح الميمنة، فاستقبلهم الحُسين - بارك الله عليه وأحسن جزاءُه - بِوجهه وبِموضعه من سائر أصحابه بِرماحهم، فكسروها في صُدُورهم، فانفلُّوا عنهم، وعاود القرامطةُ الحمل عليهم، فأخذوا السُيُوف، واعترضوا ضربًا لِلوُجوه، فصُرع من الكُفَّار الفجرة ستُمائة فارس في أوَّل سقطة، وأخذ أصحابُ الحُسين خمسُمائة فرس وأربعمائة طوق فضَّة، وولُّوا مُدبرين مغلولين، واتَّبعهم الحُسين، فرجعوا عليه، فلم يزالوا حملةً وحملة، وفي خِلال ذلك يصرع منهم الجماعة بعد الجماعة؛ حتَّى أفناهم الله عز وجل، فلم يفلت منهم إلَّا أقل من مائتيّ رجل.
—مُحمَّد بن سُليمان المحرر

أمضى الحُسين بن حمدان فترةً طويلةً من حياته في خدمة الخِلافة العبَّاسيَّة، ففي سنة 283هـ المُوافقة لِسنة 896م، خرج على الخِلافة أخوان من بني دُلف العُجيليين في إقيلم الجبال، هُما بكر وعُمر ابنا عبد العزيز بن أبي دُلف العجلي، فتمكَّن الخليفة بِمُساعدة الحُسين بن حمدان من إخضاع عُمر ومُلاحقة بكر حتَّى أصفهان وهزيمته وإخضاعة. وأدَّى الحُسين بن حمدان دورًا كبيرًا في القضاء على يحيى بن زكرويه القُرمُطي، المعروف بِصاحب الشَّامة، الذي كان قد اجتاح الشَّام في سنة 290هـ المُوافقة لِسنة 903م، وعاث فيها فسادًا وتخريبًا. فقد أوفد الخليفة أبوأحمد علي المُكتفي بِالله جيشًا بِقيادة مُحمَّد بن سُليمان المحرر وضمَّ إليه بعض القادة الكِبار أمثال الحُسين بن حمدان لِتحرير الشَّام واستئصال القرامطة منها، فالتقى الطرفان في مكانٍ قريبٍ من حماة، وجرت بينهُما رحة معركةٍ طاحنة فيستة مُحرَّم 291هـ المُوافق فيه 29 تشرين الثاني (نوڤمبر) 903م أسفرت عن فوز الجيش العبَّاسي، وأُسر صاحب الشَّامة وسيق إلى بغداد حيثُ شُنق مع أصحابه. وأبلى الحُسين بن حمدان بلاءً حسنًا في هذا القِتال بحيثُ أنَّ مُحمَّدًا بن سُليمان المحرر، القائد الأعلى لِلجيش، أشاد بِدوره في الكتاب الذي أوفده بعد الفوز إلى الوزير. وعندما عاد الجيش إلى بغداد خلع الخليفة المُكتفي على قادته ومن بينهم الحُسين بن حمدان، فطُوِّقوا وسُوِّروا وصُرفوا إلى منازلهم. لكن على الرُغم من هذا الفوز، استمرَّت الحركة القُرمُطيَّة ناشطة، إذ ظهر قائدٌ قُرمُطيٌّ آخر بعد مقتل صاحب الشَّامة هوأبوغانم عبد الله بن سعيد، وهاجم مع جماعة من القرامطة الشَّام واستولوا على أجزاءٍ واسعةٍ من أراضيها، فأوفد الخليفة الحُسين بن حمدان على رأس قُوَّة عسكريَّة لِلتصدِّي لهم، فالتقى بهم قُرب دمشق وأجبرهم على الفرار، وطاردهم حتَّى هيت على الفُرات وأجبرهم على الفرار مُجددًا، وعندما شعروا باقتراب الجيش العبَّاسي، ثار فريقٌ منهم على عبد الله بن سعيد وقتلوه، وأوفدوا رأسه إلى بغداد واستقرُّوا في عين التمر، فعفا الخليفة عنهم. واستمرَّ فريقٌ آخر على موقفه المُعادي لِلخلافة العبَّاسيَّة، فكلَّف الخليفة الحُسين بن حمدان بِمطاردة هؤلاء المُعاندين واجتثاث أصلهم، فتعقَّبهم وشتَّتهم وقتل بعضهم، وأوفد منهم مجموعةً من الأسرى إلى بغداد.

الدولة الطولونيَّة (بالوردي) وما جاورها من أراضٍ عبَّاسيَّة (بالرمادي). ساهم الحُسين بن حمدان بِإسقاطها وإعادة مصر إلى حظيرة الدولة العبَّاسيَّة.

استمرَّ الحُسين بن حمدان في خدمة الخِلافة العبَّاسيَّة، يُكلِّفه الخليفة بِمُهمَّاتٍ عسكريَّةٍ لِلقضاء على المُعارضين والثائرين، وقد أسند إليه في سنة 292هـ المُوافقة لِسنة 904م مُهمَّةً أُخرى هي حرب الطولونيين والقضاء عليهم وإعادة مصر إلى حظيرة الدولة العبَّاسيَّة. شارك الحُسين بن حمدان في الجيش الذي قاده مُحمَّد بن سُليمان المحرر لِلقضاء على الطولونيين، وكان معهُ ثلاثة قادة آخرين من بني حمدان هم: داود بن حمدان المُلقَّب بِالمُزرفن، وسُليمان بن حمدان المُلقَّب بِالحرون، ومُحمَّد بن الغمر بن حمدون. ولمَّا تحقق النصر لِلجيش العبَّاسي وسقطت الدولة الطولونيَّة، عرض الخليفة ولاية مصر على الحُسين بن حمدان، فرفض العرض كونه لم يكن يُريد الابتعاد عن مركز الخِلافة لِيُحافظ على نُفوذه ومركزه، وكان يطمح في حتى يولِّيه الخليفة الموصل وديار ربيعة، وهي بلاد آبائه وأجداده. اتسع نشاط الحُسين بن حمدان في السنوات الأخيرة من حياة الخليفة المُكتفي، الذي أقدم في شهر مُحرَّم سنة 293هـ المُوافق فيه شهر تشرين الثاني (نوڤمبر) 905م على تعيين أخ الحُسين أبا الهياتى عبد الله بن حمدان على الموصل، وما لبث هذا الخليفة حتى تُوفي في 12 ذي القعدة 295هـ المُوافق فيه 13 آب (أغسطس) 908م، وبعد وفاته رشَّح القادة التُرك والوزير العبَّاس بن الحسن أبوالفضل جعفر بن عليّ لِيكون خليفة المُسلمين، فيما رشَّح القادة العرب وعلى رأسهم الحُسين بن حمدان ومُحمَّد بن داود بن الجرَّاح صاحب الديوان، عبدُ الله بن مُحمَّد المعتز بالله لِتولِّي الخِلافة. وحاول الحُسين بن حمدان حتى يقوم بانقلابٍ عسكريٍّ على أبوالفضل جعفر بن عليّ (الذي لُقِّب بِالمُقتدر بِالله) بعد حتى تمَّ تنصيبه، فمضى في اليوم التالي لِتنصيبه إلى دار الخِلافة على رأس قُوَّة عسكريَّة لِيقبض على المُقتدر، غير أنَّهُ جوبه بِمُقاومةٍ عنيفةٍ من جانب الحرس، فهرب وتوجَّه إلى الموصل لِيحتمي بِأخيه أبي الهياتى عبد الله. واضطرَّ أبوالهياتى حتى يُقاتل أخيه ويقبض عليه بناءً على أمر الخليفة، فرأي الحُسين بن حمدان حتى يتفاهم مع الخليفة، فأوفد أخاه إبراهيم إلى الوزير ابن الفُرات لِيتوسَّط له، فأقنع الأخير الخليفة بِالعفوعن الحُسين بن حمدان، ويبدوأنَّ لِذلك علاقة باستفحال أمر الصفَّاريُّون في فارس وسجستان وخُراسان، إذ لم يكن في دار الخِلافة قائد على مُستوى الحُسين بن حمدان يتصدَّى لِخُروجهم، فولَّاه الخليفة أعمال الحرب في قُم وقاشان.

الدُّول الإسلاميَّة المُتعددة التي نشأت بعد ضعف الدولة العبَّاسيَّة والتي عاصرها الحُسين بن حمدان.

وفي سنة 298هـ المُوافقة لِسنتيّ 910 - 911م، عاد الحُسين بن حمدان إلى بغداد، فاستقبلهُ الخليفة وأكرمهُ وعيَّنهُ واليًا على ديار ربيعة وجعلهُ في منصب الشريك مع أخيه أبي الهياتى الذي كان يتولَّى الموصل وأعمالها، في سبيل صد غارات الروم والأرمن على ديار الإسلام. وما وقع بعد ذلك من عزل الخليفة لِأبي الهياتى ثُمَّ مُحاولته ضرب الأخوين الحمدانيين ببعضهما البعض لِلحيلولة دون مُحاولتهما الاستقلال، دفع الحُسين بن حمدان إلى إعلان الثورة على الخِلافة سنة 303هـ المُوافقة لِسنة 914م، مُستغلًا انهماك الخليفة بِالتصدي لِلغزوالفاطمي لِمصر ومُتذرعًا بِعدم وفاء الوزير بِضمانات كان قد ضمنها له. فأوفد الخليفة جيشًا كبيرًا إلى ديار ربيعة هزم الحُسين بن حمدان وأجبره على الهرب حتَّى أرمينية، ثُمَّ طارده حتَّى قبض عليه مع أهله وأكثر أنصاره في 15 شعبان 303هـ المُوافق فيه 23 شُباط (فبراير) 916م. وسيق الحُسين بن حمدان إلى بغداد وسُجن بعد حتى شُهِّر به، وقبض الخليفة على أخويه أبي الهياتى عبد الله وإبراهيم وباقي الأُسرة الحمدانيَّة وسجنهم، إلَّا أنَّهُ ما لبث حتى عفا عنهم في سنة 305هـ المُوافقة لِسنة 917م، فأخرجهم من السجن وخلع عليهم، باستثناء الحُسين لِشدَّة خوفه منه وحقده عليه، ثُمَّ أمر بِإعدامه في شهر جُمادى الأولى سنة 306هـ المُوافق فيه شهر تشرين الأوَّل (أكتوبر) سنة 918م، بعد حتى وصلتهُ أخبارٌ مُؤكَّدة تُفيد بأنَّهُ تآمر مع الوزير ابن الفُرات من خلف قُضبان السجن على التخلُّص من الخليفة. وعلى هذا الشكل كانت نهاية الحُسين بن حمدان.

التاريخ

إمارة الموصل

يَرجع تاريخ قيِام إمارة الموصل الحَمدانية إلى سنة 293 هـ، حيث تَولى أبوالهياتى عبد الله بن حمدان إماِرة الموصل إلا حتى بعض المورخين لايعتبرون أبا الهياتى عبد الله بن حمدان مؤسساً للدولة الحمدانية لأن أبا الهياتى لم يسَتقر في الموصل فما استطاعَ حتى يُرسي قواعد دولته كما وقد عزَلته الخلافة العباسية عدة مرات وولته حكم بعض المناطق الأخرى كذلك لم تتوفر له الظروف والإمكانيات لكي يعلن استقلاله، قُتَل أبوالهياتى عبد الله بن حمدان سنة 317هـ أثناء الفتنة التي قامت لخلع الخليفة العباسي المقتدر.

قيام الإمارة الحمدانيَّة في الموصل

في سنة 317هـ ولَّى الخليفة العبَّاسي أبوالفضل جعفر المُقتدر بالله الحسن بن عبد الله بن حمدان (ناصرُ الدولة) على الموصِل والمناطِق الأخرى التي كاَن يحكمُها والده الذي توّفي أثناء الفتنة التي قامت لخلعِ الخليفة العباسي المقتدر، يُمكن اعتبار هذا التاريخ تاريخاً لبدايَة وتأسيس الدولة الحمدانية، كان للحسن بن عبد الله (ناصرُ الدولة) طُموحٍ سياسي، إلا حتى الحسن لم يكد حتى يَستقر في ولايتِه حتى ثارت عليه الفتن مثل فتنة ابن مطر الذي سقط أسيراً بعد معركة ضارية بينه وبين الحسن بن عبد الله (ناصرُ الدولة)، بعدما استقر ناصر الدولة في الموصل عمل على تدعيم مركزه هناك، قام ناصر الدولة بإصلاحاِت زراعية التي كان هدفها زيادة الثروة، كان لهذه الإصلاحات الأثر الكبير في ازدياد ولج الموصل فزادت ثروته وكثر أتباعُه، بسَط ناصر الدولة سُلطته على جَميع أراتى ديار بكر وديار ربيعة وأجبر الخليفة العباسي الراضي على الإعتراف بسلطتِه على تلكَ المناطق، استبد ناصر الدولة بالسلطةِ ولم يكن يهتم بالخلافة العباسية، الذي خلق عدة نزاعات مَع الخلافة العباسية أثناء حكم الخليفة العباسي الراضي.

الصراع مع البيزنطيين على أرمينية

الممالك والإمارات الأرمنيَّة المُجاورة لِلدولة الحمدانيَّة والخِلافة العبَّاسيَّة. حمل عليها سيف الدولة الحمداني عدَّة حملات في مُحاولةٍ لِإعادتها إلى ديار الإسلام.

خِلال تلك الفترة من العصر العبَّاسي الثاني التي شهدد تفكُّك أوصال الدولة العبَّاسيَّة وضعفها، بدأت فترة عُرفت بِـ«اليقظة البيزنطيَّة»، وهي الفترة التي حكمت خِلالها الأُسرة المقدونيَّة الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة (253 - 449هـ \ 867 - 1057م)، وشهدت تلك الفترة هُجوم البيزنطيين على الحُصُون الإسلاميَّة الواقعة على الفُرات مثل ملطيَّة والرها وانتزاع أرمينية من المُسلمين بعد حوالي قرنين ونصف من الفتح الإسلامي لها. وظهر في تلك الفترة أيضًا سيف الدولة الحمداني، شقيق ناصر الدولة، الذي أخذ على عاتقه مُقابلة البيزنطيين والدفاع عن حُدود الدولة العبَّاسيَّة وديار الإسلام، فانطلق مدفوعًا بِعاطفته الدينيَّة لِحربهم ومنعهم من التقدُّم أكثر في بلاد المُسلمين، وحمل راية الجهاد لاسترجاع الأراضي التي استولى عليها الروم في الجزيرة الفُراتيَّة وأرمينية، وذلك بِالنيابة عن أخيه. قام سيفُ الدولة بِأولى غزواته في سنة 312هـ المُوافقة لِسنة 924م، وهوفي الحادية والعشرين من عُمره، حين خرج لِصد الدمستق يُوحنَّا كوركواس عن آمد وسُميساط، غير أنَّهُ فشل في مُهمَّته، ودخل الدمستق سُميساط، ونصب خيمته في مسجدها الكبير، وقرع النصارى النواقيس وسبوا وانقلبوا عائدين، فطاردهم المُسلمون واستردُّوا بعض الغنائم وأسروا نسيب الإمبراطور البيزنطي وأوفدوه إلى بغداد. وبِتاريخ 26 ذي القعدة 326هـ المُوافق فيه 24 أيلول (سپتمبر) 938م، خرج سيف الدولة إلى حصن زياد بِأرض أرمينية بين آمد وملطيَّة، فأقام عليه تسعة أيَّام حتَّى شارف على فتحه، لولا حتى هاجمه يُوحنَّا كوركواس على رأس جيشٍ كثيف، فاضطرَّ سيف الدولة إلى الانسحاب، تحت ضغط القتال، إلى سُميساط، فطاردتهُ القُوَّات الروميَّة، ففرَّ إلى ضيعةٍ تُعهد بِـ«المُقدَّميَّة» حيثُ أعاد تنظيم قُوَّاته واستعدَّ لِجولةٍ أُخرى مع البيزنطيين، ثُمَّ انتقل إلى مكانٍ مُلائمٍ لِلقتال بين حصنيّ زياد وسلام في أرمينية، وجرى اللقاء بينه وبين يُوحنَّا كوركواس في هذا المكان وأسفر عن فوزٍ واضحٍ لِلمُسلمين، وسقط سبعون قائدًا أسرى في يد سيف الدولة، الذي استولى أيضًا على سرير الدمستق وكُرسيه. وفي سنة 328هـ المُوافقة لِما بين سنتيّ 939 - 940م، خرج سيف الدولة غازيًا أرمينية، فنزل ملاذكرد يُريدُ نطقيقلا من نواحي خلاط، وكان الروم قد بنوا بِجوارها مدينة سمُّوها «هفجيج»، فلمَّا فهموا بِمسيره أحرقوها وغادروا المنطقة، فعاد سيفُ الدولة إلى أرزن، ومكث فيها حتَّى انحسار الثلج، ثُمَّ خرج إلى خلاط وتوغَّل فيما وراءها، واضطرَّ كُلٌ من ملك أرمينية آباص الأوَّل وخُرذان ملك الكرج إلى الاعتراف بِسيادته، ثُمَّ اجتاز الأراضي التي خضعت له، وظهر في بلاد الأرمن البيزنطيَّة، فهاجم موش، من ناحية خلاط، فخرَّبها، وهدم قلاعًا منيعة، ووطئ أماكن لم يطأها أحد من المُسلمين قبله؛ ما أثار الإمبراطور البيزنطي، فخط إليه مُتوعدًا ومُنذرًا، فردَّ عليه سيف الدولة بِمُهاجمة قلونية في آسيا الصُغرى، فأحرق ربضها واستولى على ما في ضياعها، وخط إلى الإمبراطور من هُناك ما أفزعه، فأوفد جيشًا لِصدِّه ولكنَّهُ تعرَّض لِلهزيمة، وبدا أنَّ سيف الدولة يفترض أن يُسيطر على تام أرمينية ويُعيدُها إلى حظيرة الخِلافة الإسلاميَّة، غير أنَّ ما وقع من نزاعاتٍ داخليَّةٍ في عاصمة الخِلافة والصراع بين العبَّاسيين والإخشيديين في الشَّام منعهُ من المضيّ في غزواته، فعاد كي يستأنف التدخُّل في أوضاع الخِلافة في بغداد، ما منح الفُرصة لِبيزنطة لِمُهاجمة الأراضي الإسلاميَّة، فاقتربت قُوَّاتُها في سنة 330هـ المُوافقة لِسنتيّ 941 - 942م من حلب، فنهبت وخرَّبت وسبت نحوخمسة عشر ألف نسمة من حمشوش.

العلاقة مع العبَّاسيين

دينار إسلامي مضىي طبع عليه لقب الحسن بن حمدان «ناصر الدولة» ولقب علي بن حمدان «سيف الدولة».

كانَت علاقة الحمدانيون مَع الخلافة العباسية تمتاز بالجذب والشد، خاصةً في فترِة الخليفة العباسي الراضي، فقد كان ناصر الدولة يَستُبد بالسلطةِ في الموصِل ويستأثر بأموالها لنفسه ولا يكترث بِالخلافة في بغداد، حتى حتى الخلفية العباسي الراضي جهز جيشًا لاستعادة الموصل بقيادة الوزير ابن مقلة وما حتى وصَل الوزير وجيشه إلى الموصل حتى رَحل ناصر الدولة عنها، واستطاع الوزير حتى يجمع أربعمائة ألف دينار من المدينة. لما طال بقاء ابن مقلة في الموصِل استطاع بعض مناصري الحمدانيون حتى يقنعوا ابن الوزير ابن مقلة بمراسلِة أباه وإخباره بضرورة العَودة إلى بغداد مدعيًا حتى أمورًا خطيرةً قد تحدث في عاصمة الخِلافة. عَاد الوزير ابن مقلة إلى بغداد وخلف نائبًا له على الموصِل كذلك عاد ناصر الدولة إلى الموصِل واستطاع هزم وطرد نائب الوزير منها، بعدها راسل ناصر الدولة الخليفَة الراضي واعتذر له فقبَل الخليفة اعتذاره شرط حتى يدفع خمسمائة درهم. مرة أخرى امتنع ناصر الدولة عن تسديد الأموال إلى الخلافة التي كانت بأمس الحاجة إلى المال كون خزينة الدولة العباسية كانت فارغة في ذلك الوقت، لذلك اتفق الخليفة العباسي الراضي مع بجكم الهجري أمير الأمراء على مهاجمة ناصر الدولة وانتزاع أمواله بالقوة. بالعمل استطاع بجكم الفوز على ناصر الدولة وحكم الموصل، فأوفد بجكم كتاب إلى الخليفة يبشره بدخول الموصل فسارَ الخليفة إليها بنفسه. أثناء فترة غياب الخليفة العباسي الراضي حدثت فتنة في بغداد بقيادة ابن رائق، أما ناصر الدولة فقد أوفد إلى بجكم كتابًا يعاهده فيها بدفع الأموال المستحقة إلى الخلافة في بغداد. رفض الخليفة الراضي في البداية التوقيع على المعاهدِة لكن بعد ضغط مستمر من قَبل بجكم اقتنع بالتوقيع عليها، وفي الواقع كان بجكم يرُيد الصلح مع الحمدانيين لكي يستطيع التفرغ لمنافسه في بغداد ابن رائق. أثناء ذلك أوفد ابن رائق رسائل إلى الخلفية الراضي الذي كان ما يزال متواجدًا في الموصل واتفق الطرفان على حتى يخرج ابن رائق من بغداد ويتولى ديار مضر، وبالعمل خرجَ ابن رائق من بغداد وعاد الخليفة الراضي وبجكم لها وكذلك عاد ناصر الدولة إلى الموصلِ ليستعيد سلطته ويعيد تنظيم أمور دولته. أما في عصر الخليفة العباسي المتقي لله تحسنت العلاقات مع الحمدانيون فقد ولَّى الخليفة العباسي المتقي ناصر الدولة إمرة الأمراء ولقبه المتقي بلقبه الشهير «ناصر الدولة» ولقب أخاه علي «سيف الدولة» وأمر حتى ينقش إسميهما على الدنانير والدراهم.

نظرت فإذا الدنيا لا تفي برزق جند بجكم ومؤونتي وإن هذه المستخلصة التي في يدي أحتاج حتى أتمم فيها مال أصحابه فقلت نسير إلى الموصل وهي الناحية العامرة، وأكثرها ضياع آل حمدان فأقبضها كلها وأنفرد بأولئك وأجعلها لبجكم وأصحابه وهي كافية وفاضلة عنهم ويخلص لي مال ضياعي فأوسع على الناس منه وأعطي من حرمت وأجعل في بيت المال شيئًا يرجع الناس إليه.
—الخليفة العباسي الراضي

استطاع الحمدانيون من خلالِ منصب أمير الأمراء حكم أغلب مناطق العراق وعملوا على صد الهجومات عنه منها هجمات البريديين على بغداد وكذلك عمل الحمدانيون على تثبيت مركزههم في بغداد. وصلت العلاقة ذروتها بين الحمدانيون والخلافة العباسية حين تزوج ابن الخليفة المتقي بابنة ناصر الدولة وكانت هذه المصاهرة تدعيمًا لمركز الحمدانيون. لكن سرعان ما ساءت تلك العلاقة بين الطرفين مجددًا بسسب استئثار ناصر الدولة بالسلطة وتضييقه الأموال على الخليفةِ، فتجمعت جميع الظروف السيئة في آن واحد الأمر الذي نادى ناصر الدولة إلى مغادرة بغداد والرجوع إلى الموصل. وفي تلك الفترة قام توزون الهجري بتمرد ضد الخليفة العباسي المتقي لله مما دعى الخليفة إلى طلب مساعدة ناصر الدولة فأوفد جيشًا إلى تكريت بقيادته لكنه هزم مرتين، بعدها تصالح الحمدانيون والخليفة العباسي مع توزون وعاد الخليفة المتقي لله إلى بغداد مرةً أخرى.

العلاقة مع البُويهيين

بعد وصِول البويهيين للسلطةِ في بغداد، حيثُ أصبح أحمَد بن بويه (مُعز الدولة) أميرًا للأُمِراء سَنة 334هـ الموافق 945م، بَعد استئثار معز الدولة بِالسُلطة في بغداد وتضييقه على الخليفة العباسي المُطيع، جهز ناصر الدولة جيشًا لاستعادة بغداد من الحكم البويهي وتقابل الجيشان في عكبرا، على أنَّهُ تمَّ الصُلح بين الحمدانيين والبويهيين وكانت بنود الاتفاق تعترف بسلطة ناصر الدولة على البلاد المُمتدَّة من تكريت وإلى الشام. لم يكن تُرك جيش ناصر الدولة يفهمون بِالصلح بينه وبيَن معز الدولة فلما فهموا ثاروا عليه وجهزوا لقتال ناصر الدولة فطلب الأخير المُساعدة من معز الدولة وبالعمل أوفد معز الدولة جيشاً إلى الموصل بقيادة وزيره الصميري، الذي استطاع وجيشه هزم التُرك في تلك المعركة. في سنة 237هـ، لم يدفع ناصر الدولة الأموال للبويهيون لذا جهز البويهيون جيشًا لاستعادة الموصل من الحمدانيين الذين تنحوا عن المدينة إلى نصيبين، فدخل البويهيون الموصل وعزم معز الدولة على نزع الأراضي الباقية من حكم الحمدانيين، على حتى هؤلاء صالحوا البويهيين شرط حتى يلتزم ناصر الدولة بدفع الضمان عن الموصل والشَّام جميع سنة ثمانية ملايين درهم. بعد هذا الصلح عاد البويهيون إلى بغداد وسكنت الحرب بين الطرفين لفترة من الزمن. لكن ما دام هذا السكون طويلاً حتى أشعلت الحرب سنة 346هـ مرةً أخرى لنفس السبب وهوتأخر الحمدانيون عن دفع الضمان إلى البويهيون، فغضب معز الدولة وصمم على المسير إلى الموصل مُجددًا، وما حتى وصل إليها حتى هجرها ناصر الدولة إلى نصييبن وبعد معارك عدة خاضها ناصر الدولة مع معز الدولة تَّم الصلح بتوسط من سيف الدولة، فعاد بعد ذلك الصُلح معز الدولة إلى بغداد وكذلك عاد ناصر الدولة إلى الموصل بعد حتى قدَّم أخوه سيف الدولة ضمانًا إلى معز الدولة.

سجن ناصر الدولة والتنازُع الأُسري بعد وفاته

أثار قلعة الرحبة التي تنازع على ملكيتها أبوتغلب بن ناصر الدولة وأخيه حمدان بن ناصر الدولة.

أرَاد أولاد ناصر الدولة التَقدم إلى بغداد وانتزاعها من البويهيين إلا أنَّ ناصر الدولة لم يوافق على ذلِك ناصحًا إياهم بالتريثِ والترويِ، فغضب أبُوتغلب على أبَيه ناصر الدولة وسَجنه، فغَضب حمدان بن نَاصر الدولة على أخيهِ أبوتغلب بسبب عملته مَع أبيهما، بَعث حمدان إلى أخيِه يَستنُكر عليهِ ما فَعلّ ويُطالبه بإطلاِق سراح والدهِ، هكذا أنقَسم البيت الحَمدانيّ إلى فريقين أحدهما مؤيّد لأبي تغلب والأخر مؤيّد لحمدان، فِي تِلكَ الأثناء اتصل أبوتغلب بِعز الدولة بختيار البويهي وطَلب منه تَجديد الضمان فوافَق عز الدولة شرط دفعِ مليونا ومائَتي ألف درهم جميع سنةٍ. بعد ذلكَ تَواصل حمدان وأبوتغلب واصطلحا على مضض، ظلّ أبوهما ناصر الدولة فِي سجنِه حتى توَفّي سنة 358 هـ. رَغم ذلِكَ الصُلح بينهما إلا حتى أبا تغلب ظلّ يُضيق على حمدان وعماله في المناطِق التي تَحت سيطرتُه، حتى بَعث أبوتغلب أخاه أبا البركات لقتالِ عمال حمدان فسار أبوالبركات بجيشٍ كبير إلى بختيار الذي وعدهُ بالتوسطِ بينه وبين أخيه حمدان، بالعمل تمَّ الصُلح بتوسط أبي أحمد الحُسين بن مُوسى نقَيبُ الطالبيّن، وأرَسل أبوتغلب بطلبِ أخيه حمدان لكن حمدان رفَض ذلِكَ فأرَسل أبوتغلب جيشاً بقيادة أبي البركات لطردِ حمدان من الرحبةِ فاستولى أبوالبركات عَلى الرحبةِ وعين عليها واليًا، فعاد حمدان إلى الرحبة وهاجَمها واسَتطاعَ استرِدادها. لمّا عَلم أبوالبركات بأن حمدان أسَتردَ الرحبَة عاَد إليه وتراسلا ليَصطلحا لكن لم يتم الصلح فدارت مَعركةٌ بيَنهُما انتصر فيها حمدان وقُتِل أبوالبركات، فلما فهم أبوتغلب بمقتلِ أخيه أبي البركات أقسَم على الإنتقامِ من حمدان فأوفد جيشًا بقيادة أخوه هبةُ الله إلى الرحبةِ لاستعادتها من حمدان فَلما وصَل هبة الله إلى الرحبةِ هرب حمدان إلى بغداد ومن ثُمَ إلى واسط حيثُ كاَن يسُكن بختيار البويهيّ. لم يكتفِ أبوتغلب بمطاردةِ أخيه حمدان فقط بل قبَض على أخيه أبي الفوارس وسجنه وكان آنذاك والي نصيبين، ثم سَار أبوتغلب مرةً أخرى إلى أخيه حمدان وأخذ قلعة ماردين واستولى على ما كان فيها من أموالهُ وحرمُه ونقلها معهُ إلى الموصلِ، ثُمَّ استَطاعَ أبوتغلب الإمساك بحمدان وسجنَه ثُم قتله.

سُقُوط الإمارة الحمدانيَّة في الموصل

بعد مقتل حمدان، سار بخيتار البُويهي إلى الحديثة، فاجتمع مع أبي تغلب وسارا معًا إلى بغداد على رأس خمسةٍ وعشرين ألف مُقاتل، واصطدما بِعضُد الدولة عند قصر الجص قُرب سامرَّاء في 18 شوَّال 367هـ المُوافق فيه 29 أيَّار (مايو) 987م، وتعرَّضا لِلهزيمة وأُسر بخيتار في المعركة وقُتل بعد ذلك بِقليل بِأمرٍ من عضُد الدولة، وانسحب أبوتغلب نحوالموصل. بعد حتى قضى عضُد الدولة على ابن عمِّه بخيتار وقتله قرَّر القضاء على حليفه أبي تغلب، والمعروف أنَّ سياسته العامَّة تجاه الحمدانيين تسيرُ على المُخطط البُويهي الذي رسمه مُعز الدولة وهوالقضاء على هؤلاء وانتزاع الجزيرة الفُراتيَّة منهم. وما إذا تقدَّم نحوالموصل حتَّى غادرها أبوتغلب جريًا على عادة الحمدانيين المُتَّبعة، وأخلاها من المُؤن والمال والخطة ورؤساء الدواوين، ممَّا يعني أنَّهُ كان عاجزًا عن المُقاومة، فدخلها عضُد الدولة ومعهُ عددٌ من رجال الموصل القاطنين في بغداد وتكريت وسائر الأطراف، فعيَّنهم في المناصب الإداريَّة، ورفض العرض الذي قدَّمهُ أبوتغلب بِعقد الصُلح، وحتَّى يبتر عليه كُل أمل بِالعودة أجابه: «هَذِهِ البِلَادُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ العِرَاقِ». وأوفد عضُد الدولة فرقه العسكريَّة لِمُطاردة أبي تغلب، فتعقَّبهُ من مدينةٍ إلى أُخرى حتَّى التجأ إلى آمُد. واستولت القُوَّات البُويهيَّة على ديار ربيعة وديار بكر ، ففتَّ ذلك في عضُد أبي تغلب، ومال إلى الصُلح، فأوفد إلى عضُد الدولة يستعطفه فاشترط عليه القُدوم إليه، فرفض أبوتغلب خشيةً على حياته. ووسَّعت القُوَّات البُويهيَّة في غُضون ذلك رُقعة انتشارها حين تقدَّمت إلى ديار مضر، وكان سعد الدولة الحمداني أمير حلب قد أعرب ولاءه لِعضُد الدولة مُنذُ انهيار بخيتار، فهجر لهُ عضُد الدولة أغلب الأنطقيم التي كان يحكُمها تعبيرًا عن المودَّة والرضى. نتيجة نُزول الكوارث بِالحمدانيين، وبِعمل أنَّهُ فقد كُلَّ أملٍ في النصر أوالصُلح، رحل أبوتغلب إلى الشَّام على أمل حتى يجد فيها من يُساعده، وقد طمع في الاستيلاء على دمشق، فمنعهُ واليها وصدَّهُ عنها، فرحل إلى طبريَّا وخط إلى الخليفة الفاطمي أبي منصور نزار بن معد العزيز بِالله يطلب منه إمداده بِتعزيزاتٍ عسكريَّة لِفتح دمشق على حتى يحكُمها باسمه، فماطلهُ وطلب منهُ القُدوم إلى مصر، إلَّا أنَّهُ رفض ذلك خشيةً على حياته. وبِجميع الأحوال فإنَّ أبا تغلب عاد ورفض عرضًا من القائد الفاطمي الفضل بن أبي الفضل المُرسل من قِبل الوزير يعقوب بن كلَّس لاستخلاص دمشق من واليها وتسليمها لِأبي تغلب، لِأنَّ الأخير يظهر أنَّهُ لم يرغب في حتىقد يكون تابعًا لِلفاطميين. ومهما يكن من أمر فقد تحالف أبوتغلب مع بني عُقيل، وحاول الاستيلاء على الرملة، فاشتبك في معركةٍ مع واليها دغفل بن المُفرج بن الجرَّاح والقائد الفاطمي الفضل بن أبي الفضل، فانهزم هزيمةً قاسية، وسقط أسيرًا في يد دغفل الذي قتله، وأوفد الفضل رأسه إلى الخليفة الفاطمي بِالقاهرة، وصُلبت جُثَّته ثُمَّ أُحرقت. فانتهت بِذلك حياة أميرٍ حمدانيٍ قويّ، ولم يبقَ من الأُسرة الحمدانيَّة من يملأ مكانه، وقد هجر ولدين هُما أبوالهياتى أحمد وأبوالنصر نصر الله.

استعاد الحمدانيُّون بعد عشر سنواتٍ نُفوذهم في الجزيرة الفُراتيَّة، ولكن لِمُدَّة محدودة تُعدُّ بِمثابة صحوة ما قبل الموت. فبعد مقتل أبي تغلب رحل أخواه أبوطاهر إبراهيم وأبوعبد الله الحُسين إلى بغداد ودخلا في خدمة شرف الدولة أبي الفوارس بن عضُد الدولة البُويهي، فلمَّا تُوفي وخلفه أخوه بهاء الدولة، استأذناه بِالذهاب إلى الموصل، فأذن لهُما، فسارا حتَّى نزلا بِظاهر المدينة، فرحَّب بهما أهلها وثاروا على التُرك والديلم الذين أرهقوهم بِالضرائب والتعدِّي والسلب والنهب، فصادروا أموالهم ومُمتلكاتهم. ودخل ابنا حمدان الموصل ورحَّلوا واليها «خواشاذة» ومن معهُ إلى بغداد، ووفدت عليهما القبائل العربيَّة مُرحِّبة وبِخاصَّةً بنوعُقيل. كانت الظُروف السياسيَّة مُهيأة لِلأخوين لِإعادة إحياء الإمارة الحمدانيَّة في الموصل، فقد ساندتهُما العامَّة والقبائل العربيَّة، كما كان باستطاعتهما تجنيد ثلاثين ألف مُقاتل من الغلمان الحمدانيَّة؛ غير أنَّهُما لم يُحسنا التصرُّف، فقد خشيا عواقب الصراع العُنصري والعرقي، فخطا إلى الإدارة المركزيَّة في بغداد يُبديان ولاءهما لِلسُلطان البُويهي. وظهرت آنذاك في الأُفق السياسي قُوَّةً جديدةً غيَّرت موازين القُوى بِشكلٍ لافت هي قُوَّة الأكراد بِزعامة باذ بن دوستك الكُردي، الذي استوعب ما وصلت إليه أوضاع الأُسرة الحمدانيَّة من تردِّي في ظل عجز رجالها عن أداء دورٍ سياسيٍّ وعسكريٍّ فعَّال، فقرَّر وراثتها بعد حتى قوي نُفوذه في الجزيرة الفُراتيَّة ومَلَك ديار بكر والكثير من نواحيها ومُدُنها.ولمَّا حاول باذ ن دوستك الاستيلاء على الموصل باغته الأميران الحمدانيَّان مع بني عُقيل وهزموه وقتلوه. خلف الحسن بن مروان خاله باذ في زعامة الأكراد وخاض حربًا أخيرةً مع الحمدانيين، فهزمهم وأسر الحُسين وأساء مُعاملته وضيَّق عليه حتَّى شفع لهُ الخليفة الفاطمي العزيز بِالله، فأطلق سراحهُ، فمضى إلى مصر حيثُ قلَّده الخليفة ولاية حلب، فأقام هُناك حتَّى تُوفي. أمَّا إبراهيم فقد انسحب إلى نصيبين مُلتجئًا إلى الأمير العُقيلي مُحمَّد بن المُسيَّب، غير أنَّ هذا قبض عليه مع ابنه عليّ وقتلهما، ثُمَّ سار إلى الموصل واستولى عليها، وأقرَّ بهاء الدولة البُويهي أخاه المُقلَّد بن المُسيَّب عليها. وعلى هذا الشكل، انتهى حُكم الحمدانيين في الموصل والجزيرة الفُراتيَّة، وآلت السُلطة إلى العُقيليين.

إمارة حلب

حلب القديمة، أكبر مُدن الشَّام الشماليَّة وأهم النقاط الاستراتيجيَّة في الصراع الإسلامي البيزنطي، وإحدى المُدن التي سعى الحمدانيُّون وغيرهم من السُلالات المُسلمة إلى السيطرة عليها بسبب مسقطها المُهم وخيراتها الكثيرة.

التفت ناصر الدولة، بعد تثبيت أقدامه في الموصل، إلى توسيع رقعة أراضيه عن طريق ضم الشَّام، فاستغلَّ وفاة مُحمَّد بن رائق في 21 رجب 330هـ المُوافق فيه 11 نيسان (أبريل) 942م لِيُهاجم هذه البلاد، وقد عدَّ نفسهُ وريثًا لابن رائق ويجب حتى تنتقل أملاكه إليه. والمعروف أنَّ الأمير الحمداني نظر إلى الشَّام على أنَّها منطقة نُفُوذ له ومجاله الحيوي ورفض حتى يُنازعه عليها أحد، ولاحت مطامحه في حلب وضواحيها، وتُعدُّ هذه المدينة ذات أهميَّة بالغة لأيَّة قيادة عسكريَّة وسياسيَّة تسعى لِمُقابلة البيزنطيين وتبُّوء مركز مُتقدِّم في العالم الإسلامي، بِفضل ما تتمتَّع به من حصانة عسكريَّة ومركز مُتميِّز وإمكانات اقتصاديَّة وبشريَّة وسياسيَّة هامَّة، بِالإضافة إلى مسقطها على خُطوط المُواصلات بين فارس والعراق من جهة والشَّام وآسيا الصُغرى من جهةٍ أُخرى، وغدت مُنذُ عهدٍ طويل قاعدة لا يُمكن من دونها السيطرة على الجهات الشماليَّة والوُسطى من الشَّام، في الوقت الذي يُمكنها فيه الاتصال بِالقوى الإسلاميَّة المُنتشرة في الجزيرة الفُراتيَّة والأناضول وشمالي الشَّام وأواسطه، ما يُعدُّ أساسًا حيويًّا لاستمرار حركة الجهاد ضدَّ البيزنطيين، لِذلك كان ضمُّها إلى الموصل بِمثابة فتح الطريق أمام ناصر الدولة لِيتبوَّأ مركزًا مُتقدمًا في العالم الإسلامي. وساعدت الظُرُوف السياسيَّة، التي كانت تمُر بها الشَّام بِعامَّة وحلب بِخاصَّة بعد وفاة ابن رائق، ناصر الدولة لِتحقيق تطلُّعاته حيثُ استقلَّ نُوَّاب ابن رائق بما تحت أيديهم. فقد انفرد مُحمَّد بن يزداد الشهرزوري بِحُكم دمشق، وانضوى تحت جناح مُحمَّد بن طُغج الإخشيد، فأقرَّهُ هذا على عمله، وحكم أحمد بن عليّ بن مُقاتل مدينة حلب ومعهُ مُزاحم بن مُحمَّد بن رائق كمُساعدٍ لهُ في إدارة شُؤونها. ونهض ناصر الدولة لِضم حلب إلى الموصل، فعيَّن أحد أتباعه، ويُدعى عليّ بن خلف، واليًا على ديار مضر والشَّام، وأوفدهُ لانتزاعها من يد أحمد بن عليّ بن مُقاتل، وطلب من أمير دمشق يانس المُؤنسي حتى يُساعده. اجتمع القائدان في منبج، وأوفد يانس المُؤنسي محرره ومعهُ غُلامه نذير إلى حلب وحمَّلهُما رسالة إلى أحمد بن علي بن مُقاتل يدعُوه فيها إلى طاعة الحمدانيين، فرفض هذا دعوته وكان يرغب بالاستقلال بِحلب، واستعدَّ لِمُقابلة القُوَّات الحمدانيَّة، فاصطدم بها على شاطئ الفُرات ثُمَّ في وادي بطنان بين منبج وحلب، إلَّا أنَّهُ تعرَض لِلهزيمة. ودخلت القُوَّات الحمدانيَّة مدينة حلب وضمَّها ناصر الدولة إلى الموصل.

النزاع مع الإخشيديين

حُدود الدولة الإخشيديَّة (البُني والبُرتُنطقي والبنفسجي المُظلل) بعد اعتراف الخِلافة العبَّاسيَّة بِما ضمَّهُ مُحمَّد بن طُغج الإخشيد من بلاد الشَّام والحجاز ومصر إلى وِلايته.

أثار ضمُّ حلب إلى الموصل مُحمَّد بن طُغج الإخشيد، فنهض لاستعادة نُفُوذه في شماليّ الشَّام وتثبيت أقدامه فيها، فدخل مُحمَّد بن يزداد الشهرزوي في طاعته وسلَّم إليه دمشق، فأقرَّهُ عليها، ثُمَّ تقدَّم باتجاه حلب، فخشي عليّ بن خلف على مركزه فيها في ظل انهماك ناصر الدولة في مُحاربة البريديين في البصرة والأهواز وواسط، فهجر طاعة الحمدانيين وانضمَّ إلى الإخشيد الذي استوزره، وارتفع شأنه عنده، حتَّى إذا رأى فيه الإخشيد الحملة وكثرة الأتباع، أمر بِالقبض عليه وسجنه، وظلَّ مسجونًا حتَّى وفاة الإخشيد في شهر ذي الحجَّة سنة 334هـ المُوافق فيه شهر تمُّوز (يوليو) 946م. وتسلَّم يانس المُؤنسي ولاية حلب حتَّى سنة 331هـ المُوافقة لِسنة 942م، فاعترف بِسيادة الإخشيد وخطب لهُ على المنابر في المناطق الواقعة تحت نُفوذه. لم ييأس ناصر الدولة من استعادة سيطرته على حلب، فأجرى في سنة 332هـ المُوافقة لِسنة 943م مُباحثاتٍ مع أمير الأُمراء توزون لاقتسام مناطق النُفوذ بينهُما، أسفرت عن اتفاق يقضي بِأن يتولَّى ناصر الدولة الأراضي في الموصل إلى آخر أعمال الشَّام، وأن يُسطر توزون على أعمال السن إلى البصرة بِالإضافة إلى ما يفتحه من وراء ذلك، وأن لا يتعرَّض أحدهُما لِعمل الآخر. ونتيجةً لِهذه القسمة، ولَّى ناصر الدولة أبا بكر مُحمَّد بن علي بن مُقاتل، حلب وديار مضر والعواصم، وكان قد استقطبه، فسار إليها من الموصل، إلَّا أنَّهُ لم يتمكَّن من دُخُول المدينة، لِذلك عهد ناصر الدولة إلى أحد أفراد البيت الحمداني القيام بِذلك. فعيَّن ابن عمِّه الحُسين بن سعيد بن حمدان واليًا على المنطقة وما يفتحهُ من بلاد، فتوجَّه إلى الشَّام في شهر رجب سنة 332هـ المُوافق فيه شهر آذار (مارس) 944م يُرافقه أبوبكر مُحمَّد بن علي بن مُقاتل، فاستولى على الرقَّة عنوةً بعد حتى منعهُ أهلها من دُخولها وأسر واليها مُحمَّد بن حبيب البلزمي، وأحرق قسمًا من البلدة وقبض على زُعمائها، ثُمَّ توجَّه إلى حلب. استوعب والي حلب يانس المُؤنسي أنَّهُ عاجزٌ عن التصدِّي لِلقُوَّات الحمدانيَّة، فهرب منها وطارده الأمير الحمداني إلى معرَّة النُعمان ثُمَّ إلى حِمص فدخل المدينة وهرب منها واليها إسحٰق بن كيغلغ، وأخضع الحُسين القبائل العربيَّة المُجاورة وعاد إلى حلب.

الأجناد والثُغور الشَّاميَّة التي طمع سيف الدولة الحمداني بانتزاعها من الإخشيديين وإخضاعها لِحُكمه، ولم يتمكَّن من ذلك إلَّا بعد مُغادرة الإخشيد للشَّام وعودته إلى مصر.

أقام الأمير الحمداني مُدَّة قصيرة في حلب حيثُ تعرََّض لِهُجومٍ نفَّذهُ مُحمَّد بن طُغج الإخشيد، واضطرَّ تحت ضغط القتال إلى مُغادرتها إلى الرقَّة ولكنَّهُ لم يتمكَّن من دُخولها، لِأنَّ الخليفة المُتَّقي لم يأذن لهُ بِذلك، وكان قد وصل إليها هاربًا من توزون ومعهُ سيفُ الدولة الحمداني الذي فارق أخاه ناصر الدولة لِخلافٍ سقط بينهُما، وأُغلقت أبواب المدينة في وجهه، وتوترت العلاقات بينه وبين ابن عمِّه سيف الدولة، فتوسَّط الخليفة بينهما، ثُمَّ غادرها إلى حرَّان فالموصل. واختبأ مُحمَّد بن مُقاتل حتَّى ولج الإخشيد مدينة حلب، فخرج من مخبئه واستأمنه، فقلَّدهُ الإخشيد أعمال الخِراج والضياع في مصر. واجتمع الخليفة المُتقي مع الإخشيد في الرقَّة، فاعترف لهُ ولِأبنائه من بعده بِحُكم الشَّام قاطعًا بِذلك الطريق أمام الحمدانيين لِلوُلوُج إلى هذه البلاد، وأضحى الإخشيد من القُوَّة ما مكَّنهُ من إعادة بسط سيطرته على تام البلاد، واستقطب كُلًّا من عليّ بن خلف ويانس المُؤنسي وعليّ بن مُقاتل. ومرَّ الإخشيد أثناء عودته من الرقَّة بِمدينة حلب، فعيَّن عليها أبا الفتح عُثمان بن سعيد الكلابي، وولَّى أخاه مدينة أنطاكية. وأدرك الحمدانيُّون بعد هذه التطوُّرات السياسيَّة أنَّ الشَّام لا تؤخذ إلَّا بِالقُوَّة المُسلَّحة، فلم يُعيروا تقليد الخليفة لِلإخشيد أي اهتمام، كما لم يكن لهُ أي تأثير سلبي على مطامعهم فيها. وبرز آنذاك سيف الدولة الحمداني كرجُلٍ طموحٍ يسعى إلى تأسيس إمارة مُستقلَّة لهُ تُشبع نزوته السياسيَّة، إذ لم يقتنع بِتبعيَّته لِأخيه ناصر الدولة والعمل في ظلِّه، وأمل، بما حقَّقه من إنجازات وما قدَّمهُ من خدماتٍ جليلةٍ إلى الأُسرة الحمدانيَّة، حتى يُكافئه بِولايةٍ يحكُمها، لكن خاب أمله عندما ولَّى أخوه ابن عمِّه الحُسين بن سعيد إمارة الثُغُور والعواصم وما يفتحهُ من بلاد الشَّام، ما كان لهُ أثرٌ سيِّءٌ في نفسه. ويبدوأنَّ ناصر الدولة انتابه القلق من أخيه سيف الدولة ووُجوده معه، وبخاصَّةً بعد حتى بدت ملامح الشجاعة والطُمُوح السياسي تظهر عليه، وارتاب في نواياه لِذلك راح يُفكِّر بِالتخلُّص منه من واقع إبعاده عن الموصل والجزيرة الفُراتيَّة، فلفت نظره إلى الشَّام مُدركًا في الوقت نفسه ما يُعيط بِهذه البلاد من مصاعب بِسبب التنازُع عليها بين الخِلافة والإخشيديين، وكانت هزيمة ابن عمِّه الحُسين بن سعيد أمام الإخشيد في حلب لا تزال ماثلة أمام عينيه. والواقع أنَّ سيف الدولة تطلَّع إلى حُكم الشَّام مُنذ سنة 331هـ المُوافقة لِسنة 942م، وكان آنذاك نائبًا لِأخيه ناصر الدولة في واسط، فحاول حتى يُزهِّد التُرك في العراق ويُرغِّبُهم في قصد الشَّام، إلَّا أنَّهُ فشل في ذلك بِعمل بُعد الشَّام عن العراق، وقد نضجت ظُروف الاستيلاء عليها في سنة 333هـ المُوافقة لِسنة 944م، بعد حتى غادرها الإخشيد عائدًا إلى مصر وهجر فيها نُوَّابًا ضعافًا، غير أنَّهُ كان بِحاجةٍ إلى الرجال والمال، فطلب من أخيه حتى يُمدَّه بِألف رجُلٍ وبقدرٍ من المال، فرفض ناصر الدولة طلبه وردَّ عليه بِجفاء، وفشلت مُحاولاته الكثيرة في إقناعه حتَّى أنَّهُ لجأ إلى زوجته فاطمة الكُرديَّة علَّها تؤثِّر عليه قليلًا.

عند ذاك، انتابت سيف الدولة الريبة من أخيه، فغادر الموصل على عجلٍ إلى بلد. ويبدوأنَّ ناصر الدولة استدرك الواقع السياسي، وشعر بِأنَّهُ أخطأ بِحق الأُسرة الحمدانيَّة وبِحق أخيه، بِعمل أنَّ طُمُوح الأُسرة يتعدَّى الموصل وإقليم الجزيرة الفُراتيَّة إلى الشَّام ومصر، وأنَّ أي نجاحٍ يُحقِّقهُ أحد أفرادها يصب في المصلحة العامَّة، كما أنَّ أخاه كان ساعده الأيمن وساندهُ بِإخلاص في كُل ما صادفهُ من صِعاب، فتراجع عن موقفه وأوفد إلى أخيه ما يلزمهُ من الرجال ومعهم خمسين ألف دينار، وشجَّعهُ على المسير إلى الشَّام، ونصحهُ باستغلال فُرصة الاضطراب التي كانت تشهدُها، لِأنَّ أهلها يُساندون من يُنقذهم من هذه الحالة. إلى غير ذلك هيَّأ ناصر الدولة لِأخيه الجيش الي استولى بِواسطته على حلب وأسَّس الإمارة الحمدانيَّة في شماليّ الشَّام. وما وقع من حسد إخوة الوالي أبي الفتح عُثمان بن سعيد الكلابي نائب الإخشيد، وحقدهم عليه بِسبب عُلُوّ مكانته، أعطى لِسيف الدولة حتى يدخُل المدينة، فقد استنادىه الكلابيُّون ووعدوه بِتسليمها له، فسار نحوها. وأدرك أبوالفتح عُثمان بن سعيد أنَّهُ عاجزٌ عن التصدِّي له في ظل انفضاض الكلابيين من حوله وافتقاره إلى حاميةٍ إخشيديَّةٍ، وحتَّى يُحافظ على حياته، خرج من المدينة واجتمع بِسيف الدولة على نهر الفُرات وأعرب ولاءه له، فأكرمهُ سيف الدولة من دون إخوته وأركبهُ معهُ العماريَّة (الهودج). ودخل الأمير الحمداني المدينة يوم الإثنينثمانية ربيع الأوَّل 333هـ المُوافق فيه 26 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 944م، وأعرب قيام الإمارة الحمدانيَّة. وأخذ سيف الدولة يُوطِّدُ نُفوذه في حلب، فعزل قاضيها أحمد بن مُحمَّد بن ماثل وولَّى أبا حصين عليّ بن عبد الملك الرقِّي، واستولى على ما حولها من المُدن والقُرى، ثُمَّ أقام الخطبة لِلخليفة العبَّاسي أبوالقاسم عبدُ الله المُستكفي بِالله ولِأخيه ناصر الدولة ولِنفسه من بعدهما، ووجد الخليفة نفسهُ عاجزًا عن التدخُّل والحد من نُفُوذ سيف الدولة، فاعترف بِالأمر الواقع، فبارك خطوته وأوفد إليه الخُلع.

توسيع رقعة الإمارة في الشَّام

الحُدود التقريبيَّة لِلإمارة الحمدانيَّة في الجزيرة الفُراتيَّة وفي الشَّام خِلال ذُروة اتساع الدولة، بعد ضم عدَّة مُدن ومناطق شاميَّة على يد سيف الدولة الحمداني.

التفت سيف الدولة، بعد حتى ثبَّت أقدامه في حلب وجوارها إلى التوسُّع، فاستولى على قنَّسرين والثُغُور الشَّاميَّة وأنطاكية وحِمص، واستعدَّ لِلزحف نحودمشق، في ظل ضعف الخِلافة العبَّاسيَّة وضعف النُفُوذ الإخشيدي في الشَّام الذي اقتصر على حُكم وُلاةٍ ضعاف. وصلت أنباء هذه التطوُّرات إلى مُحمَّد بن طُغج الإخشيد في مصر، فرأى أنَّ أطماع سيف الدولة قد تجاوزت الحد، فتدخَّل لدى الخليفة العبَّاسي أبوالقاسم عبدُ الله المُستكفي بِالله وشكا لهُ ما أقدم عليه الأمير الحمداني، وطلب منهُ حتى يحُد من اندفاعه، إلَّا أنَّ الخليفة كان عاجزًا عن التأثير المُثمر، وحتَّى يُهدئ من روع الإخشيد ويُعبِّر لهُ عن ثقته به أوفد الخِلع لهُ ولِابنه أُنوجور. كان من الطبيعي، بعد هذا التطوُّر السلبي، حتى ينهض مُحمَّد بن طُغج الإخشيد لِلدفاع عن نُفوذه في الشَّام وينتقم من سيف الدولة ويطرده من أملاكه التي استولى عليها بِالقُوَّة، فأوفد جيشًا ضخمًا إلى الشَّام بِقيادة أبي المسك كافور ويانس المُؤنسي. والتقى الجيش الإخشيدي بِسيف الدولة عند الرستن، في مُنتصف الطريق بين حمص وحماة، وجرى بينهما قتالٌ ضارٍ أسفر عن هزيمة الجيش الإخشيدي، وغرق بعض أفراده في نهر العاصي عندما ازدحموا على جسر الرستن، وسقط بيده أربعة آلاف أسير إخشيدي، فأكرمهم وأحسن استقبالهم ولم يتعرَّض لهم بِأي سوء، ثُمَّ أمر بِإطلاق سراحهم، فمضى هؤلاء وشكروا فضله، ما أكسبهُ سُمعةً طيِّبةً لدى الإخشيد وحاشيته في مصر وبين عُمُوم المُسلمين. كانت دمشق الهدف التالي لِسيف الدولة، وبِخاصَّةً أنَّ حاميتها باتت ضعيفة بعد الهزيمة التي مُني بها الجيش الإخشيدي، وأصبحت مدينةً مفتوحةً أمامه، فتقدَّم إليها على رأس قُوَّاته، ووصل إلى مشارفها. ويبدوأنَّ الدمشقيين كانوا مُتخوفين منه وقد شعر هوبِذلك، وحتَّى يُطمئنهم خط إليهم كتابًا تعهَّد لهم فيه بِالمُحافظة على أرواحهم وأموالهم ومُمتلكاتهم مُبينًا دوره في جهاد البيزنطيين. واستغلَّ التأثير الديني في نُفوسهم فأوحى إليهم أنَّهُ لم يأتِ طامعًا أوغازيًا وإنما مُدافعًا عنهم ضدَّ عدوِّهم وعدوالله، ونادىهم إلى المواظبة على حياتهم العاديَّة. وقُرئ الكتاب على منبر الجامع الأُموي وأُرسلت نسخة منه إلى مُحمَّد بن طُغج الإخشيد في مصر، ثُمَّ ولج سيف الدولة إلى المدينة في شهر رمضان من سنة 333هـ المُوافق فيه شهر أيَّار (مايو) سنة 945م.

مضى الجيش الإخشيدي إلى مصر عن طريق الرملة، وأوفد كافور وهوبِالمدينة سالِفة الذِكر رسالة إلى سيِّده في مصر يُخبره بِتطوُّرات الوضع العسكري في الشَّام وهزيمته أمام سيف الدولة. حاول مُحمَّد بن طُغج الإخشيد التفاهم مع سيف الدولة ومُصالحته كي يتفرَّغ لِلخطر الفاطمي الآتي من المغرب، فأوفد إليه يطلب المُوادعة والوفاق واقتسام الشَّام على حتى يحتفظ سيف الدولة بِالأراضي الواقعة شمالي دمشق، وتكون دمشق وما يليها جنوبًا تحت سيطرة الإخشيد. رفض سيف الدولة سياسة التفاهم مع الإخشيد وردَّ عليه ردًا قاسيًا هدَّدهُ فيه بالزحف إلى مصر واستخلاصها منه. أمام هذا الرد لم يكن أمام الإخشيد سوى الخُروج بِنفسه إلى الشَّام لِلثأر لِهزيمة جيشه عند الرستن وطرد سيف الدولة من الأراضي التي اغتصبها. فغادر مصر على رأس جيشٍ ضخم واستقطب مُعظم وُلاته وعُمَّاله السَّابقين الذين دخلوا في طاعة سيف الدولة، في الوقت الذي كان فيه الأخير في الشماسية لِإخضاع بعض الأعراب. ونادى الإخشيد أهالي دمشق إلى الدُخول في طاعته مُجددًا، فاستجابوا له مدفوعين بكُرههم لِسيف الدولة، رُبما لِأسبابٍ ممضىيَّةٍ. وكان لِهذا التوجُّه الدمشقي أثرٌ في انهزامه، إذ عندما عاد إلى دمشق بعد قضائه على ثورة الأعراب، منعهُ أهلها من الدُخُول، فانسحب إلى حِمص في طريقه إلى حلب، ويبدوأنَّهُ شعر بِتفوُّق الإخشيد عليه في العتاد والعدد وبِخاصَّةً بعد حتى انضمَّ إليه مُعظم أفراد جيشه.

الصُلح مع الإخشيديين

... إفهم أنَّ عليّ بن حمدان محررناهُ من الرَّملة فبذلنا لهُ فلم يعمل، ومحررناهُ من طبريَّا، فامتنع، ثُمَّ سرنا إليه ورزقنا الله تعالىٰ النَّصر عليه وعلى أصحابه الظفر، فلم ينصرف وخيَّم حذاءنا بِوجهٍ صفيقٍ وقلَّة حياء، فتوقَّفتُ عنه، فنطق لي الغلمان: «دعنا نمضي تلقاءه»، ففكَّرتُ في قولهم، ولم أخلُ من أحد وجهين: إمَّا حتى يهزمنا ويُرزق علينا النصر فتكون الفضيحة، وإمَّا حتى نُرزق عليه النَّصر فنأخُذه، فإيش أعمل به،يا ترى؟ هل هوأكثر من حتى أُنزلهُ في مضربٍ يُشبهُه وأُنفق عليه ما يصلح لهُ، ثُمَّ أُجهِّزه وأرُدَّهُ إلى أخيه وأهله لِأنَّهُم لا يترُكونه،يا ترى؟ وأقلَّ ما كان يكفيني له مائتا ألف دينار، ثُمَّ لا أُطيقُ غلماني من إذلالهم والشَّجب والتجنِّي عليَّ بما عملوه، ويطلبون منِّي الأعمال والولايات، فرأيتُ أنَّ مُسالمته ومُصالحته أفضل وأصلح...
—مُحمَّد بن طُغج الإخشيد

طارد الإخشيد وجيشه فُلُول الحمدانيين واصطدم بهم في قنَّسرين وهزمهم هزيمةً نكراء، فانسحب سيف الدولة ناجيًا بنفسه وتوجَّه إلى الجزيرة الفُراتيَّة حيثُ ولج الرقَّة. ودخل الإخشيد وأصحابه مدينة حلب فأفسدوا في جميع النواحي، وانتقم الجُنُود الإخشيديُّون من السُكَّان لِميلهم إلى سيف الدولة، وبالغوا في إيذائهم. لم يتمكَّن الإخشيد من البقاء طويلًا في حلب، وبِخاصَّةٍ بعد حتى تقدَّم سيف الدولة إليها وقد عسكر في مُقابلة قُوَّاته، فأدرك أنَّ الحرب ستدوم إلى حتى يقضي أحد الطرفين على الآخر، فعاد إلى دمشق ومال إلى التفاهم، وقد عدَّهُ الطريق السليم لِكلا الإمارتين ولِلدولة العبَّاسيَّة ولِعُموم المُسلمين، فتردَّدت الرسائل بينهما، وأدَّى الحسن بن طاهر العلوي دورًا هامًّا في تقريب وجهات النظر، وتوصَّل معهُما إلى عقد اتفاق صُلح في شهر ربيع الأوَّل سنة 334هـ المُوافق فيه شهر تشرين الأوَّل (أكتوبر) سنة 945م تضمَّن أربعة بُنُود: حتىقد يكون لِسيف الدولة البِلاد المُمتدة من قرية جوسية إلى حِمص وسائر أعمالها، وأنقد يكون لِلإخشيد جميع البِلاد المُمتدَّة من دمشق وما بين يدها إلى آخر أعمالها، وأن يدفع الإخشيد أتاوة لِسيف الدولة عن دمشق، وأن تتصاهر الأُسرتان الحمدانيَّة والإخشيديَّة، فيتزوَّج سيف الدولة فاطمة ابنة أخي الإخشيد عُبيد الله بن طُغج. عارض أركانُ حرب الإخشيد ما أقدم عليه من الصُلح، وكانوا يودون مُواصلة القتال لِلقضاء على سيف الدولة، فطلبوا من شيخ شُيُوخ دمشق، وكان الإخشيد يأنس به، حتى يلومه على ما أقدم عليه من الصُلح والمُصاهرة مع سيف الدولة، فلمَّا حدَّثهُ الشيخ برَّر تصرُّفه بأنَّ المُسالمة والصُلح هي أفضل من الهزيمة والفضيحة على يده، وأيضًا أفضل من المصاريف التي تتوجب على خزينة الدولة الإخشيديَّة بِحال الفوز. والواقع أنَّهُ كان لِلإخشيد من الدوافع ما جعلهُ يُقدم على عقد الصُلح في ظل ظُروفٍ سياسيَّةٍ مُعقدة على الرُغم من فوزه، لعلَّ أهمها الحركات الانتفاضيَّة التي قامت في مصر آنذاك، وتذبذب الخِلافة العبَّاسيَّة في تعامُلها مع الإخشيديين، وقُوَّة الحمدانيين الكبيرة في الشَّام وميل الكثير من السُكَّان العرب إليهم وتفضيلهم على التُرك (كالإخشيديين) والفُرس، ولعب الحمدانيين دور حرس حُدود ديار الإسلام ضدَّ الغزوات البيزنطيَّة وصدَّهم هذا الخطر المُشهجر على جميع الإمارات والدُويلات الإسلاميَّة بِما فيها الإخشيديَّة، وبالتالي فإنَّ المصلحة الإخشيديَّة الخاصَّة والمصلحة الإسلاميَّة العامَّة تقضي في تنمية هذه القُوَّة الفتيَّة وتشجيعها. هدأت الأوضاع، مُؤقتًا، في الشَّام بعد عقد اتفاق الصُلح بين سيف الدولة والإخشيد، وتفرَّغ الأوَّل لِلجهاد ضدَّ البيزنطيين.

عودة النزاع مع الإخشيديين والصُلح مُجددًا

بلاد الشَّام الجنوبيَّة: محور الصراع بين الحمدانيين والإخشيديين بعد وفاة مُحمَّد بن طُغج الإخشيد.

تُوفي مُحمَّد بن طُغج الإخشيد في دمشق يوم 22 ذي الحجَّة 334هـ المُوافق فيه 25 تمُّوز (يوليو) 946م، ونُقل جُثمانه إلى بيت المقدس ودُفن هُناك. وعلى أثر وفاة الإخشيد خلفهُ ابنه أُنوجور، وكان في دمشق مع وصيِّه كافور، لكنَّ أُمورًا طارئة حدثت في مصر استدعت عودتهما، فانسحبا مع مُعظم قُوَّاتهما من دمشق، فخلت المدينة من حاميةٍ قويَّةٍ ترُدُّ عنها الحمدانيين، فاستغلَّ سيف الدولة هذه الفُرصة وهاجمها، ناقضًا بِذلك الاتفاق المعقود مع الإخشيديين، ودخلها في شهر صفر سنة 335هـ المُوافق فيه شهر أيلول (سپتمبر) سنة 946م، واستسلم حاكمها الإخشيدي يانس المُؤنسي، ثُمَّ توجَّه سيف الدولة إلى الرملة واستولى عليها، وراودتهُ أفكارٌ في مُواصلة الزحف إلى مصر وانتزاعها من الإخشيديين، لكنَّ أوضاع دمشق المُضطربة دفعتهُ إلى التوقُّف عن الزحف والعودة إلى المدينة، ذلك أنَّ سياسته الماليَّة واشتطاطه في طلب الأموال، من واقع مُطالبة الدمشقيين بِودائع الإخشيد، بِالإضافة إلى مُحاولة مُصادرة الأملاك العامَّة وتحويلها إلى ملكيَّة خاصَّة له؛ أثارت الدمشقيين، ويروي المُؤرخون أنَّ سيف الدولة كان يتنزَّه يومًا في الغوطة بِظاهر دمشق مع الشريف العُقيلي، أحد وُجهاء المدينة، فأعجبتهُ ونطق لِلعُقيلي: «والله ما تصلحُ هذه الغوطة إلَّا لِرجُلٍ واحدٍ». فنطق لهُ العُقيلي: « هي يا مولاي لِأقوامٍ كثيرة». فنطق لهُ سيف الدولة: «لئِن أخذتها القوانين السُلطانيَّة لِتبرَّأون منها». فأسرَّها الشريف في نفسه، وأفهم أهل دمشف بذلك، فخشوا حتى يُصادر سيف الدولة أملاكهم، فمحرروا كافور يستدعونه لِيُخلِّصهم من طُغيانه، فاستغلَّ كافور هذه الفُرصة الثمينة لِكي يسترد ما فقده الإخشيديُّون من الأراضي في الشَّام، فغادر مصر على رأس جيشٍ ضخم واصطحب معهُ أُنوجور. وخرج سيف الدولة من دمشق لِلتصدي له وعسكر في اللجون، على بُعد عشرين ميلًا من طبريَّا، وأقام أيَّامًا في مُقابلة الجيش الإخشيدي. وحدث يومًا حتى تفرَّق العسكر الحمداني في القُرى بحثًا عن العلف والقُوت، فداهمتهم القُوَّات الإخشيديَّة، وجرى قتالٌ ضارٍ بين الطرفين أسفر عن انهزام الجيش الحمداني ومقتل وأسر الكثير من أفراده، واضطرَّ سيف الدولة إلى الانسحاب إلى دمشق، فأخذ أهله وأمواله ومتاعه وسار خفيةً إلى حِمص من دون حتى يفهم به أحد من الدمشقيين، فأعاد تنظيم صُفُوف قُوَّاته، وجمع جيشًا كبيرًا من الأعراب من بني عُقيل ونُمير وكلب وكلاب، وخرج على رأسه من حِمص للاصطدام بِالجيش الإخشيدي، غير أنَّهُ تعرَّض لِخسارةٍ جسمية اضطرَّتهُ إلى الانسحاب إلى حلب ثُمَّ إلى الرقَّة بعد حتى تتبَّعهُ الجيش الإخشيدي وسيطر على المدينة. عيَّن كافور يانس المُؤنسي واليًا على حلب بعد حتى استماله، وولَّى بدر الإخشيدي على دمشق، ثُمَّ عاد مع أُنوجور إلى مصر. لم يمكث يانس المُؤنسي في حلب أكثر من شهر، فقد هاجمه سيف الدولة وهزمه وأجبره على الهرب إلى سرمين. ثُمَّ مال الطرفان الحمداني والإخشيدي إلى الصُلح، وتردَّدت الرُسل بينهُما، واتَّفقا على إعادة إحياء صُلح سنة 334هـ \ 945م مع إلغاء البند المُتعلِّق بِدفع الإخشيديين الضريبة عن دمشق، لِأنَّ كافور رفض حتى يدفعها، فتوقَّف المد الحمداني باتجاه جنوبيّ الشَّام، واستقرَّ السلام بين الطرفين وتفرَّغ سيف الدولة لِلجهاد ضدَّ البيزنطيين انطلاقًا من حلب.

ثورة صاحب الخال

قابل سيفُ الدولة خِلال حياته السياسيَّة أخطارًا داخليَّةً عدَّة نجمت عن خُرُوج الأعراب وثورات القرامطة على حُكمه، وقد هدَّدت كيان إمارته. والواقع أنَّ سياسة الحمدانيين العامَّة الماليَّة والاقتصاديَّة القاسية، أثارت القبائل العربيَّة سواء في الجزيرة الفُراتيَّة أوفي الشَّام، والمعروف أنَّ الحمدانيين عمدوا إلى توفير المال اللازم لِلإنفاق على مشروعاتهم العُمرانيَّة وحُروبهم التي لا تنبتر ضدَّ الروم البيزنطيين بِالأخص، وخُصُومهم المُسلمين في أحيانٍ أُخرى، وبلاطهم الفخم؛ فنهبوا أموال الناس. أمَّا ثورات القرامطة فقد اتصفت بِالفرديَّة بِعمل الطُمُوح الشخصي وانتشار الممضى القُرمُطيّ والخارجيّ بين قبيلة كلب بشكلٍ خاص. ففي سنة 336هـ المُوافقة لِسنة 947م ظهر قُرمُطيٌّ في الشَّام، دعى نفسهُ «صاحبُ الخال»وتلقَّب بِالهادي وسُمِّي بِالمُبرقع، فادَّعى النُبُّوَّة وراح يدعوالناس بِدعوته فساندتهُ قبائل طيء وكلب، وأخذ يُهاجم المُدن والقُرى. وحدث حتى خرج بعضُ الأعراب، وعاثوا في أعمال حِمص، واعتصموا بِقرية الحدث، إحدى الثُغُور الجزريَّة، فخرج أبوتغلب داود بن حمدان، ابن عم سيف الدولة ونائبه على حِمص، لِإخضاعهم، فتصدَّى لهُ صاحبُ الخال وأسره. وما حتى فهم سيفُ الدولة بما جرى لابن عمِّه حتَّى خرج من حلب لِلتصدِّي لِصاحب الخال وتحرير ابن عمِّه، فمرَّ بِمعرَّة النُعمان، وسار منها إلى حماة ثُمَّ إلى حِمص، والتقى بِصاحب الخال في قرية وادي العرب على بُعد خمسين ميلًا من حِمص، فهزمهُ وقتلهُ وحرَّر ابن عمِّه، وهدم قرية الحدث، وغرَّم أهلها خمسة آلاف دينار لِتمرُّدهم عليه.

الصراع مع البيزنطيين على شمالي الشَّام

الروم بِقيادة ليون فوقاس يهزمون المُسلمين بِقيادة مُحمَّد بن ناصر الدولة.

انتقل الصراع بين الحمدانيين والبيزنطيين من أعالي الجزيرة الفُراتيَّة وأرمينية إلى شماليّ الشَّام على أثر انتنطق سيف الدولة إلى حلب وتأسيسه إمارة له في رُبُوعها في سنة 333هـ المُوافقة لِسنة 944م. والمعروف أنَّ الحُدود بين الدولتين، الحمدانيَّة والبيزنطيَّة، تبدأ من نُقطة على الفُرات تقع شماليّ سُميساط، وتمُرُّ بين حصن منصور وزبطرة، وشمالي الحدث ومرعش، وقد اتبعت سلسلتيّ جبال طوروس حتَّى أبواب قيليقية ونهر اللامس، واتَّجهت، من ناحية، نحوالشمال إلى شرقيّ سُميساط فأرمينية. وفي سنة 334هـ المُوفقة لِسنة 945م تولَّى قسطنطين السابع العرش البيزنطي وافتتح عهدهُ مع المُسلمين بالاتفاق على تبادل الأسرى، وقد جرى التبادل في شهر ربيع الأوَّل سنة 335هـ المُوافق فيه شهر تشرين الأوَّل (أكتوبر) سنة 946م. استأنف البيزنطيُّون نشاطهم العسكري في سنة 336هـ المُوافقة لِسنة 947م، فأغاروا، بِقيادة الدمستق برداس فوقاس، على أطراف الشَّام، فسبوا وأسروا، فطاردهم سيف الدولة واستردَّ منهم ما أخذوه. وفي سنة 338هـ المُوافقة لِسنة 949م استولى البيزنطيُّون على مرعش وزحفوا نحوطرسوس بِقيادة ليون بن برداس فوقاس، فتصدَّى لهم مُحمَّد بن ناصر الدولة عند بوقا شمالي أنطاكية، إلَّا أنَّهُ تعرَّض لِلهزيمة وقُتل أربعمائة من جُنده وأُسر الكثير.

ليون فوقاس يهزم الحمدانيين في درب الجوازات وفرار سيف الدولة عبره.

أثارت فوزات البيزنطيين سيف الدولة، فقرَّر حتى يثأر ويستعيد الأراضي الإسلاميَّة التي استولوا عليها، فجهَّز جيشًا ضخمًا بلغ تعداده ثلاثين ألف مُقاتل، وخرج على رأسه في 15 ربيع الأوَّل 339هـ المُوافق فيه 1 أيلول (سپتمبر) 950م غازيًا الأراضي البيزنطيَّة، واصطحب معهُ ثلاثة من الشُعراء هُم المُتنبي وأبا فراس وأبا زُهير المُهلهل، وانضمَّ إليه أربعة آلاف مُقاتل من طرسوس بِقيادة القاضي أبي حصين، فهاجم إقليم قباذق (كبادوكيا) واستولى على كثيرٍ من مُدُنه وقتل وسبى كثيرًا من البيزنطيين، فاخترق قيصريَّة وسمندووخرشنة، ووصل إلى صارخة الواقعة على بُعد سبعة أيَّام من القُسطنطينيَّة مُهددًا العاصمة البيزنطيَّة، وانتصر على قُوَّةٍ عسكريَّةٍ بِقيادة ليون بن برداس فوقاس، وأسر عددًا من قادتها وكثيرًا من جُنودها، وغنم أموالًا طائلة. عند هذه النُقطة من التوغُّل الحمداني، رأى سيف الدولة حتى يتوقَّف ويعود أدراجه إلى حلب، وبِخاصَّةً أنَّهُ ولج فصلُ الشتاء الذي لا يُمكن معهُ مُواصلة الحملات العسكريَّة، مُتخليًا عمَّا حقَّقهُ من إنجازات. وكان ليون بن برداس فوقاس يُراقب تحرُّكات سيف الدولة عن كثب، وعندما فهم بِعودته أسرع إلى جبال طوروس لِيسُدَّ عليه الطريق، وحشد جيشهُ في منطقة خرشنة، وكمن لهُ في درب الجوزات بين البستان والحدث، وهُوالدَّربُ الذي أراد حتى يخرج منه، وضيَّق عليه المسالك. وإذ حصره ليون في هذا الدرب الصعب وعزله عن مُقدِّمة جيشه؛ تخلَّى عنهُ عددٌ من جُند الثُغُور، واقتلع الجُنُود الروم الأشجار وسدُّوا بها الطُرُق، كما ألقوا الحجارة الضخمة من قمم الجبال على الجُنُود المُسلمين، في الوقت الذي كان فيه ليون يضرب ساقة الجيش الإسلامي بِعُنف. ووجد سيف الدولة نفسهُ في مأزقٍ حرجٍ وخطير، فقتل الأسرى البيزنطيين الذين في حوزته حتَّى لا يُشكلون قُوَّة تنقلبُ عليه، وعقر جِماله وكثيرًا من دوابه، وتخفَّف من أحماله، وقاتل ببسالة، ونجا بِأُعجوبة مع نفرٍ يسيرٍ من جُنده، وقُتل الباقون أوأُسروا، واستردَّ البيزنطيُّون ما بقي من السبي الذي كان المُسلمون قد غنموه، وعاد سيف الدولة إلى حلب.

مُنمنمة بيزنطيَّة تُظهر وفاة قسطنطين فوقاس في حلب (يسار الرسم العلوي) ووالده برداس يأمر بِإعدام الأسرى المُسلمين (الرسم السُفلي) في القُسطنطينيَّة ظنًا أنَّ ولده توفي مسمومًا.

عاث البيزنطيُّون فسادًا في ديار المُسلمين بعد هذه السقطة، فصمَّم سيف الدولة على الثأر وخرج على رأس جيشٍ في جُمادى الأولى سنة 340هـ المُوافق فيه تشرين الأوَّل (أكتوبر) 951م، فأحرق القُرى حتَّى عربسوس قُرب المصيصة، وفهم أنَّ جيشًا بيزنطيًّا مُحتشدًا في سمندوفي وسط آسيا الصُغرى وتعداده أربعين ألف جُندي، فأراد حتى يُهاجمه، فتهيَّب جُنده الإقدام على ذلك وكارثة درب الجوازات ما زالت ماثلة أمامهم. وفي سنة 341هـ المُوافقة لِسنة 952م جدَّد سيف الدولة الاستحكامات وأقام الأسوار حول المُدن الحُدوديَّة وتلك التي تقع على الطريق المُؤدي إلى حلب، وأعاد بناء مرعش التي دمَّرها الروم قبل بضع سنوات، فحاول قسطنطين بن برداس فوقاس حتى يمنع سيف الدولة من ذلك، فردَّهُ الأخير وهزمه، الأمر الذي دفع بِالروم إلى التحوُّل إلى الجزيرة الفُراتيَّة، فاستولوا على مدينة سُرُوج، وهاجموا آمد، غير أنَّهم ارتدُّوا على أعقابهم بِفضل جُهُود أميريّ ميافارقين وآمد. وتُعدُّ الحملة التي قام بها سيف الدولة في سنة 342هـ المُوافقة لِسنة 953م ضدَّ الأملاك البيزنطيَّة، من أبرز الحملات التي قام بها في حياته؛ إذ جعل هدفه مدينة ملطية التي تُشكِّلُ مصدر خطرٍ على الأملاك الإسلاميَّة في الجزيرة الفُراتيَّة. ولمَّا سار إليها كمن لهُ الدمستق برداس فوقاس في درب مردان قُرب ملطية، واصطدم به. استطاع سيف الدولة حتى يستدرج عدُوَّه إلى ميدانٍ مُلائمٍ، فتفوَّق عليه وهزمه وأرغمه على الانسحاب ودخل سُميساط، إلَّا أنَّهُ انسحب منها بعد ذلك عندما علِم أنَّ برداس فوقاس استغلَّ غيابه وهاجم أطراف الشَّام. وأدرك الأمير الحمداني عدوُّه بِناحية مرعش عند نهر سيحان، فاصطدم به وانتصر عليه أيضًا وقُتل في المعركة القائد ليون بن الملائين، وسقط قسطنطين بن برداس فوقاس في الأسر، فحملهُ سيف الدولة معهُ إلى حلب، وكان مريضًا، فاعتنى به سيف الدولة بِنفسه، مُبرهنًا عن فُروسيَّةٍ نادرةٍ، غير أنَّ قسطنطين لم يلبث حتى تُوفي، فاهتمَّ سيف الدولة بِتجهيزه ودفنه وفقًا لِلمراسم المسيحيَّة تحت إشراف البطاركة والقساوسة الحلبيين، وخط إلى أبيه يُعزِّيه. وعلى الرُغم من هذه المُعاملة الحسنة، فقد شاع في القُسطنطينيَّة بِأنَّ قسطنطين توفي مسمومًا، وترتَّب على ذلك ما جرى من إساءة مُعاملة الأسرى المُسلمين وقتل بعضهم الآخر.

التفت سيف الدولة، في سنة 343هـ المُوافقة لِسنة 954م، إلى تشييد حصن الحدث، ففاجأه الدمستق برداس فوقاس على رأس جيشٍ ضخمٍ يُقدَّر بِخمسين ألف مُقاتل من الأرمن والتُرك والروس والبلغار والصنطقبة والخزر، وجرى قتالٌ عنيف بين الطرفين استمرَّ من أوَّل النهار إلى وقت العصر، وأسفر عن فوز سيف الدولة، وقُتل ثلاثة آلاف مُقاتل من جيش الدمستق وسقط عددٌ كبيرٌ في الأسر، كان من بينهم صهره تُيُودوس الأعور وابن ابنته وعدد من القادة، واستطاع برداس فوقاس حتى ينجوبنفسه، واختبأ ابنه نقفور في سقاية الحدث حتَّى جنَّ الليل، فخرج ولحق بِأبيه، وعاد سيف الدولة إلى حلب عن طريق سمندوبعد حتى أنهى بناء حصن الحدث ومعهُ الأسرى في شهر رجب المُوفق فيه شهر تشرين الثاني (نوڤمبر). وحاول برداس فوقاس، في السنة التالية، استرجاع الحدث، فحاصرها ونقب سورها، لكنَّهُ فكَّ الحصار عنها وغادر المنطقة عندما فهم بِقُدُوم سيف الدولة لِقتاله. ترتَّب على الهزائم التي تعرّّض لها البيزنطيُّون حتى مال الإمبراطور قسطنطين السابع إلى التفاهُم مع سيف الدولة، فأوفد إليه سفارة تلتمس منهُ الصُلح. غير أنَّ سيف الدولة رفض الاستجابة لِطلبه، لِأنَّ البيزنطيين كانوا قد قتلوا الأسرى المُسلمين الذين سقطوا في أيديهم ومنهم أشخاص من الأُسرة الحمدانيَّة. وما جرى بعد ذلك من الاستغناء عن خدمات برداس فوقاس بِسبب كِبر سنِّه، وتعيين ابنه نقفور مكانه في شؤون الحرب والقتال، وبِفضل مُساعدة أخيه ليون، عادت السياسة البيزنطيَّة إلى انتهاج سياسة التوسُّع في الشرق على حساب المُسلمين.

ثورة الأعراب

وفي سنة 343هـ المُوافقة لِسنة 954م، ثارت قبيلة بني كلاب وعاثت في نواحي بالس، وكان سيفُ الدولة مُنهمكًا في حرب البيزنطيين، فهجر الجبهة البيزنطيَّة وسار إلى بالس وأخضعها، ولم يُسئ إلى أسراها وبِخاصَّةً النساء، فأكرمهُنَّ وأعادهُنَّ إلى أهلهنَّ. ومن المعروف أنَّ سيف الدولة كان يضع نصب عينيه أنَّه أميرٌ عربيّ وأنَّ ولاء القبائل لهُ يأتي من واقع كونه من العرب الأقحاح، بعد حتى تعبت تلك القبائل في العصر العبَّاسي الثاني من جور وظُلم وتعسُّف الكثير من القادة التُرك والفُرس، وكبُر الإحساس الشُعُوبي في أنفُسهم، لِذا كان عليه التهاون مع تلك القبائل في الكثير من الأحيان كي يُحافظ على مركزه. وتكتَّلت في السنة التالية قبائل عامر بن صعصعة، وهي عُقيل وقُشير والعجلان وأبناء كعب من ربيعة بن عامر وكلاب بن عامر، ضدَّ سيف الدولة. وعقد هؤلاء مُؤتمرًا في سلميَّة قُرب حِمص، وقد عبَّروا عن سخطهم وغضبهم ممَّا نالهم من ظُلمٍ وطُغيانٍ من سيف الدولة ممَّا لم يتعوَّدوه، وقرَّروا القيام بالاضطرابات والفتن في أراضي إمارته. وشُغل سيف الدولة عنهم بِعمل قُدوم وفد بيزنطي لِطلب الصُلح، فاستغلَّ الثائرون هذه الفُرصة وتمادوا في عبثهم في أطراف الإمارة، وقتلوا والي قِنَّسرين الصباح بن عمارة، فغضب سيف الدولة ونهض لِوضع حد لِتعدِّياتهم، فخرج في 11 صفر 344هـ المُوافق فيهستة حُزيران (يونيو) 955م إلى قِنَّسرين ونفَّذ عمليَّة مُطاردة ضدَّ الثائرين، فاستسلمت بنوكلاب، فعفا عنهم، وتابع تعقُّب بقيَّتهم، فاشتبك معهم في معارك عدَّة وهزمهم في سلميَّة، ففروا إلى بادية السماوة وتوغلوا فيها، فطاردهم حتَّى تدُمر وضيَّق عليهم حتَّى اضطرُّوا إلى الاستسلام وطلب العفو، فعفا عنهم، وفرَّقهم في الجزيرة الفُراتيَّة، وعاد إلى حلب.

ثورة أهالي حرَّان ثُمَّ عاملُها

بُيُوت ومنازل حرَّان القديمة. شهدت عصيانًا واسعًا على سيف الدولة الحمداني من قِبل أهلها أولًا ثُمَّ عاملُها هبة الله بن ناصر الدولة، ثُمَّ القائد الحمداني وغُلام سيف الدولة المدعو«نجا».

تعرَّض حُكمُ سيفُ الدولة لِثورةٍ أُخرى في سنة 352هـ المُوافقة لِسنة 963م قام بها أهلُ حرَّان ضدَّ عامله هبة الله بن ناصر الدولة بِسبب ظُلم مُوظفيه، فانتهزوا فُرصة غيابه عند عمِّه في حلب وطردوا هؤلاء المُوظفين، وعندما حاول هبة الله دُخول المدينة إثر عودته من حلب صدَّهُ أهلها وأغلقوا الأبواب في وجهه، فاضطرَّ حتى يلتمس المُساعدة من عمِّه، فقدم سيف الدولة على رأس جيشه، فدخل المدينة، واستسلم الحرَّانيُّون. وما وقع في تلك السنة لدى عودة سيف الدولة من غزوةٍ لهُ ضدَّ الروم حيثُ أصابتهُ غشية، وظنَّ الناس أنَّهُ مات، فاستغلَّ هبة الله الفُرصة لِيبتر ما تيسَّر من أراضي الإمارة، فدخل حرَّان وأعرب العصيان، وأوهم أهلها بِأنَّ عمَّهُ سيفُ الدولة قد تُوفي وأنَّهُ خط إلى أبيه ناصر الدولة لِيُنجده بِجيش، وطلب منهم حتى يُساندوه ويقفوا معه ضدَّ كُل من يُحاربه، وأن يُقسموا على ذلك، وهذا يعني أنَّهُ لم يكن يثق بهم، فحلفوا على الإخلاص له، إلَّا أنَّهم استثنوا عمَّه من القسم. وعندما أفاق سيف الدولة من غشيته أُخبر بِعصيان ابن أخيه فغضب وأوفد غُلامه نجا إلى حرَّان لِلقبض عليه، وما حتى وصل إليها حتَّى غادرها هبة الله إلى والده ناصر الدولة في الموصل، فدخل نجا المدينة وأعاد سُلطة سيف الدولة فيها، واشتطَّ في جباية الأموال، وصادر منهم مليون درهم، ففاق بِتعسُّفه هبة الله. واغترَّ نجا بما تجمَّع لديه من أموال وأعرب عصيانه على سيِّده، وسار إلى ميافارقين تاركًا حرَّان من دون والٍ، وقصد أرمينية، فقتل واليها أبا الورد، واستولى على خلاط وملاذكرد، واتصل بِمُعز الدولة البُويهي، وكان آنذاك في نصيبين، وعرض عليه التحالف ضدَّ سيف الدولة.

لم يركن سيف الدولة إلى الهُدوء، وهويرى خُرُوج أحد غلمانه عليه، فخرج من حلب لِإخضاعه، ولمَّا وصل إلى ميافارقين، خشي نجا على نفسه فهرب من بين يديه، وملك سيف الدولة الأراضي والقِلاع التي أخذها من أبي الورد. لم ينجُ نجا بِعملته، فقد وثب عليه غلمان سيف الدولة وقتلوه بين يديه في داره بِميافارقين في شهر ربيع الأوَّل سنة 354هـ المُوافق فيه شهر آذار (مارس) سنة 965م، وقيل أنَّ سيف الدولة حزن حُزنًا شديدًا، وقتل قاتلُه، وقيل أيضًا بِأنَّ سيف الدولة أمر بِقتله شخصيًّا.

ثورة مروان العُقيلي ثُمَّ رشيق النسيمي

قلعة حلب. ضرب عليها رشيق النسيمي حصارًا دام ثلاثة أشهُر ولم يقدر على اقتحامها لِشدَّة مناعتها.

ثار في سنة 354هـ المُوفقة لِسنة 965م قُرمُطيٌّ يُدعى مروان العُقيلي وكان قد استأمن من سيف الدولة، ورافقهُ في بعض حملاته الجهاديَّة ضدَّ البيزنطيين، وتولَّى السواحل نيابةً عنه، فاستولى على حِمص وما جاورها، فأوفد إليه الحاجب قرغويه غلامه بدر فاشتبك معهُ في غربيّ كفرطاب بين معرَّة النُعمان وحلب، ورمى بدرًا مروان بِنشَّابة مسمومة أثناء القتال، غير أنَّهُ سقط في أسره، وقتلهُ مروان صبرًا، وتُوفي بعد أيَّام من إثر ضربة بدر، وعاد قرغويه إلى حلب. وشهدت نفس السنة أيضًا ثورة أُخرى هدَّدت الإمارة الحمدانيَّة في الصميم قادها رشيق النسيمي، وكان هذا القائد قد فرَّ إلى أنطاكية بعد سُقُوط طرسوس في يد الروم. وكان في أنطاكية آنذاك رجُلٌ مغمورٌ يُدعى حسن الأهوازي يعمل على ضمان المُستغلَّات لِسيف الدولة، فاجتمع بِرشيق النسيمي وحرَّضهُ على الثورة على سيف الدولة مُستغلًّا غيابه عن حلب، في ميافارقين، بعد خسارته أمام البيزنطيين، وأنَّهُ لن يعود. فاستجاب رشيق النسيمي له، وأعرب الثورة. وحتَّى يُقوِّي موقفه اتصل بِالإمبراطور البيزنطي والتمس مُساعدته مُقابل مبلغ ستُّمائة ألف درهم سنويًّا، وساندهُ الأهالي، فطردوا عُمَّال سيف الدولة من أنطاكية، وزوَّر كتابًا ذكر فيه أنَّ الخليفة العبَّاسي قلَّدهُ أملاك سيف الدولة وجميع أعماله، فقُرئ على منابر المساجد في أنطاكية. واستغلَّ حسن الأهوازي ما تجمَّع لديه من المال وكوَّن فرقةً عسكريَّةً، واستأمن إليه «دزبر بن أونيم الديلمي» وجماعةً من الديلم الذين كانوا مع الحاجب قرغويه في حلب. وطمع رشيق النسيمي في توسيع رقعة نُفُوذه بالاستيلاء على حلب، فتقدَّم نحوها على رأس خمسة آلاف مُقاتل، وهزم مُقدِّمة الجيش الحمداني الذي حاول وقف تقدُّمه ودخل المدينة في 1 ذوالقعدة 354هـ المُوافق فيه 29 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 965م، لكن امتنعت عليه القلعة، فحاصرها ثلاثة أشهر تخلَّلها قتالٌ بين الطرفين، قُتل خلالهُ رشيق النسيمي، فقد طعنهُ أبويزيد الشيباني فسقط عن حصانه، فتلقَّاهُ أحد المُقاتلين وقتلهُ وحزَّ رأسهُ ومضى به إلى الحاجب قرغويه، الذي عاد إلى حلب. فرَّت قُوَّاتُ رشيق النسيمي إلى أنطاكية واختار أفرادُها دزبر بن أونيم خلفًا له، وعقدوا له الإمارة فاستوزر أبا علي الأهوازي، وحاول حتى يصبغ حركته بِالصبغة العلويَّة لاستقطاب الشيعة هُناك وتقوية موقفه، والمعروف أنَّ المبادئ الشيعيَّة كانت تلقى صدى واستجابة لدى العامَّة، فخرج قرغويه من حلب إلى أنطاكية لِلقصاء عليه إلَّا أنَّهُ تعرَّض لِلهزيمة واستسلم كثيرٌ من أفراد جيشه، فعاد إلى حلب وتحصَّن بِقلعتها. واستولى دزبر على المدينة في شهر جُمادى الأولى سنة 355هـ المُوافق فيه شهر أيَّار (مايو) سنة 966م، واستقرََّ بها، وأقام وزيره مع جُنده في قنَّسرين فانضمَّ إليه بنوكلاب، وجبى الخِراج من حلب وحِمص، وعيَّن الوُلاة والقُضاة والشُيُوخ والعُمَّال على الولايات، ما استدعى تدخُّل سيف الدولة شخصيًّا، فزحف على رأس قُوَّاته إلى حلب فدخلها، وبات فيها مريضًا، قد أصابه الفالج وبطُل شقَّهُ الأيسر، فتحامل على نفسه ونفَّذ عمليَّة مُطاردة لِلثائرين حتَّى تل سبعين، شرقيّ حلب. وعندما رأى بنوكلاب سيف الدولة انحازوا إلى صُفوفه ما أضعف موقف دزبر. وجرى اللقاء الدامي بين الطرفين عند هذه القرية وأسفر عن فوز سيف الدولة، وسقط دزبر والأهوازي في أسره، فقتل الأوَّل من يومه واستبقى الثاني أيَّامًا ثُمَّ قتله.

عودة الحرب مع الروم

ليون فوقاس يُرسلُ أبوالعشائر الحُسين بن عليّ بن حمدان أسيرًا إلى القُسطنطينيَّة حيثُ تمَّ إذلاله إلى حتى تُوفي.

في سنة 345هـ المُوافقة لِسنة 956م غزا سيف الدولة بطن مدينة هِنزيط بِالأناضول، ونزل على شاطئ أرسناس، وعبر إلى الجانب الآخر، فهاجم يانس بن زمسكيس في تل بطريق وهزمه وفتح الحصن، وعاد إلى آمد. واصطدم أثناء عودته بِالدمستق ويانس اللذين سدَّا عليه الدرب، فانتصر عليهما وأجلاهُما عنه، وتابع طريقه. وكان سيف الدولة قد خلَّف ابن عمِّه أبا العشائر الحُسين بن عليّ بن حمدان في دلوك من نواحي حلب، وكلَّفهُ بِمُهاجمة حصن عرمدا، وعمارة عرنداس، فتصدَّى لهُ ليون بن الدمستق وانتصر عليه وأسره، وحملهُ إلى القُسطنطينيَّة، وتُوفي في الأسر. وفي ذات السنة غزا سيف الدولة الأراضي البيزنطيَّة مع أهل الثُغُور، وأوفد سريَّة إلى سمندواصطدمت بِالقائد البيزنطي استراتيگوس بن البلنطس وأسرته، ثُمَّ هاجم سيف الدولة حصن زياد وحاصره، غير أنَّهُ فك الحصار عنهُ وعاد إلى حلب لِيتصدَّى لِلدمستق الذي كان يزحف على الشَّام. وخرَّب سيف الدولة في هذه الغارات مواضع بيزنطيَّة كثيرة مثل خرشنة، وصارخة، غير أنَّ البيزنطيين تمكنوا من دُخُول طرسوس، فأحرقوها وسبوا ما صادفوه من أهلها. وما كاد سيف الدولة يستقر في حلب حتَّى هاجم البيزنطيُّون ميافارقين، فأحرقوا قُراها، وسبوا أهلها، وعادوا إلى مُعسكرهم.

حصار الروم لِربض الخندق عاصمة إمارة إقريطش ومعقلها الرئيس.

نتيجة الفوزات الإسلاميَّة المُتوالية وفشل البيزنطيين في وقف الغارات الحمدانيَّة، بدَّل البيزنطيُّون خططتهم السياسيَّة والعسكريَّة لِتتلائم مع التطُّور الجديد، فقرَّروا التخلُّص من سيف الدولة عن طريق التآمُر، فمحرروا في شهر جُمادى الأولى سنة 346هـ المُوافق فيه شهر آب (أغسطس) سنة 975م بعض غلمانه بِالقبض عليه وتسليمه إلى الدمستق عند قُدومه لِمُحاربته. وامتدَّت الخيانة إلى الحرس الأميري الذي أبدى أفرادهُ استعدادًا لِتسليم سيف الدولة إلى ليون فوقاس في الوقت المُناسب، لكنَّ المُؤامرة ما لبثت حتى اكتُشفت، فقد أبلغ بعض الغلمان القائد ووالي مصر السَّابق أحمد بن كيغلغ بِالمُؤامرة، فأفهم سيف الدولة، الذي ألقى القبض على المُتآمرين وعاقبهم بِأن اغتال منهم مائة وثمانين، وقبض على وهاء مائتيّ غُلام، وكان مُعظمهم من الأرمن والتُرك كان قد اشتراهم وأدخلهم في عداد جيشه. كما انتهج الروم تدمير المناطق الحُدوديَّة وإفراغها من الوُجود العسكري الإسلامي، فهاجموا، بِقيادة الدمستق نقفور فوقاس، حصن الحدث، واستولوا عليه صلحًا، فأجلوا أهله عنه وهدموه. والواقع أنَّ هذا الأُسلوب الجديد في التعامل السياسي والعسكري كان فاشلًا ولم يُحقق الهدف المُرتجى، بِدليل استمرار الغارات الحمدانيَّة على الأراضي البيزنطيَّة والتصدي الحمداني لِلغارات البيزنطيَّة المُضادة. ففي سنة 347هـ المُوافقة لِسنة 958م، جرت عدَّة سقطات بين الروم والمُسلمين كانت الغلبة فيها للروم، الذين توغلوا في الأراضي الإسلاميَّة وفتحوا حُصونًا عدَّة حتَّى امتدَّت حُدود الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة إلى ما وراء الفُرات، وأضحى الطريق إلى طرسوس وأنطاكية وبيت المقدس مفتوحًا أمامهم. وفي سنة 350هـ المُوافقة لِسنة 961م، نجح القائد نقفور فوقاس في انتزاع جزيرة إقريطش (كريت) من المُسلمين، كما تمكَّن الروم من اجتياح طرسوس والاستيلاء على حصن الهارونيَّة وأسر مُحمَّد بن ناصر الدولة الحمداني. كان لِهذه الهزيمة ردّ عملٍ عنيف من جانب المُسلمين، حتَّى أنهم أعربوا الجهاد في أنحاء الدولة العبَّاسيَّة، خُصوصًا في المشرق، وهاجم المُسلمون في مصر كنائس النصارى، وركب كافور الإخشيدي إلى دار الصناعة لِيطرح مركبًا عظيمًا كان بها بِالبحر، إيذانًا بِبدء الحرب ضدَّ البيزنطيين، كما دفعت سيف الدولة إلى حتى يعبر بجيشٍ كبير الحُدود البيزنطيَّة مُستغلًا فراغ الثُغُور الروميَّة من الجُند الذين اشهجر أغلبهم في حملة إقريطش، ورُبما كان من بين دوافع سيف الدولة أيضًا تخفيف الضغط البيزنطي عن أمير إقريطش عبدُ العزيز بن عُمر بن شُعيب، بِدليل أنَّ حملة الأمير الحمداني بدأت في الوقت الذي أخذت فيه الحملة البيزنطيَّة في النُزول إلى الجزيرة.

المناطق الحُدوديَّة الإسلاميَّة - البيزنطيَّة، ومناطق الثُغُور، حيثُ اشتعلت حربٌ دمويَّة بين المُسلمين والروم خِلال ما عُرف بِفترة صحوة الإمبرطوريَّة البيزنطيَّة وفي أواخر عهد سيف الدولة الحمداني.

خرج سيف الدولة في سنة 349هـ المُوافقة لِسنة 960م على رأس جيشٍ كبير، تعداده ثلاثون ألف مُقاتل، وتوغَّل في الأراضي البيزنطيَّة حتَّى خرشنة، وهويقتل ويسبي ويحرق ويفتح الحُصُون من دون حتى يحفل بما خلَّفه وراءه ليون من جُندٍ في الشَّام، فكلَّفهُ ذلك غاليًا لاحقًا. وكمن البيزنطيُّون لِلمُسلمون في درب مغارة الكُحل، وهوإحدى دُروب جبال طوروس التي كان المُسلمون يعبرون من خلالها من الشَّام إلى الأناضول والعكس. ونصح الطرسوسيُّون سيف الدولة بألَّا يسلُك هذا الدرب أثناء عودته لأنَّ البيزنطيين ملكوه من خلف ظهره، لكنَّهُ رفض نصيحتهم، ويبدوأنَّ رفضه ناجمٌ عن اعتزازه بنفسه وإعجابه بِرأيه ولِتفادي القول بِأنَّهُ أصاب بِرأي غيره. وما حتى تقدَّم سيف الدولة بمن معهُ من الأسرى وبما يحملُ من الغنائم، انقضَّ عليه ليون بِقُوَّاته، فدارت بين الطرفين معركة في 15 رمضان المُوافق فيهثمانية تشرين الثاني (نوڤمبر) تعرَّض فيها سيف الدولة لِخسارةٍ جسيمة وصلت إلى حد الكارثة، فلم ينجُ إلَّا بِثلاثمائة مُقاتل من المُسلمين، وعاد إلى حلب تاركًا أثرًا سلبيًّا في نُفُوس المُسلمين الذين وضعوا كُل ثقتهم به في مُقابلة الروم. وفي ذات السنة، عُيِّن نقفور فوقاس دمستقًا جديدًا في الشرق بعد حتى عاد مُنتصرًا من إقريطش، فنقل الحرب من مناطق الحُدود إلى قلب الدولة الحمدانيَّة، فاستولى بدايةً على قيليقية ومدينة عين زربة، وارتكب جُنُوده كثيرًا من الأعمال الوحشيَّة، وأظهر من الشَّدة والصرامة والقسوة ما ألقى الرُعب في قُلُوب الأهالي المُسلمين بِهذه الجهات وعلى الأطراف، فانجلى الكثير منهم عن بلادهم، وتعرَّض بعضهم للتهجير والقتل والتشريد والعذاب ما أدَّى إلى هلاك عدد كبير منهم، ولم تنجُ الأشجار والنباتات من يد التخريب، فأمست المناطق المُجاورة لِعين زربة خرابًا يبابًا.

الدمستق، ثُمَّ الإمبراطور البيزنطي نقفور فوقاس، صاحب الحملات الكثيرة على ديار الإسلام، بما فيها إقريطش وحلب.
البيزنطيُّون يستولون على مدينة حلب عاصمة الإمارة الحمدانيَّة في الشَّام.

توَّج نقفور فوقاس نشاطه العسكري في شمال الشَّام باستيلائه على حلب، فاستولى في ربيع الأوَّل سنة 351هـ المُوافق فيه نيسان (أبريل) 961م على المُدن والحُصُون التابعة لِإمارة حلب، في خُطوةٍ مُتقدمةٍ لِلوُثوب إلى حلب نفسها، فسقط في يديه وأيدي قادته من المُدن: دلوك ورعبان ومرعش وعينتاب، وأوفد قُوَّة عسكريَّة بِقيادة ابن أُخته تُيُودور استولت على منبج وأسرت أميرها الشاعر أبا فراس الحمداني الذي كان خارجها، وأوفدهُ نقفور فوقاس إلى القُسطنطينيَّة حيثُ ظلَّ في الأسر مُدَّة أربعة أعوام، حتَّى فداهُ سيف الدولة. وخرج سيف الدولة من حلب ومعهُ الأهالي لِلجهاد والدفاع عن مدينتهم ضدَّ الروم القادمين من الشمال، وكانوا قليلي العدد، فلم يستطيعوا الصُمُود بِوجه البيزنطيين، فتكبَّدوا خسائر فادحة في الأرواح، وانسحب سيف الدولة إلى قنِّسرين، فيما تقدَّم الروم وحاصروا المدينة يوم السبت 18 ذي القعدة 351هـ المُوافق فيه 18 كانون الأوَّل (ديسمبر) 961م، ثُمَّ اقتحموها ليلة الثُلاثاء 22 ذي القعدة المُوافق فيه 22 كانون الأوَّل (ديسمبر)، فوضعوا السيف في النَّاس، وارتكبوا مجزرة رهيبة مضى ضحيَّتها كثيرٌ من السُكَّان الأبرياء، وأطلقوا سراح أسراهم الذين كانوا في المدينة، وعددهم ألف ومائتا رجل، وسبوا بضعة آلاف صبيّ وصبيَّة من المُسلمين، ونهبوا الأموال والمتاع، ونهبوا وأحرقوا المساجد والأسواق وأكثر دُور المدينة، واستمرَّت أعمال القتل والحرق والنهب ثمانية أيَّام. انسحب نقفور فوقاس من حلب بعد ثمانية أيَّامٍ من الاحتلال خوفًا من هُجومٍ إسلاميٍّ شاملٍ على المدينة بعد حتى بلغهُ احتشاد المُسلمين في دمشق وفي مصر والعراق ومُناداتهم بِالجهاد ونُصرة الحلبيين وسيف الدولة، كما رغب حتىقد يكون قريبًا من البلاط البيزنطي خوفًا من أي مُؤامرةٍ تُدبَّر ضدَّه كما كان يجري دائمًا ضدَّ قائدٍ مُنتصر، كذلك وصلت أنباء تُفيد عن تدهور صحَّة الإمبراطور رومانوس الثاني ما جعلهُ وسائر القادة في آسيا الصُغرى يتطلُّعون إلى العرش. وما كادت الجُيُوش البيزنطيَّة تنحسب من حلب حتَّى عاد إليها سيف الدولة لِيجدها خرابًا، فانصرف إلى إزالة آثار العدوان من واقع إعادة تعميرها، وحرص حتى يُعيد إليها ما تفرَّق من سُكَّانها، ونقل إليها ما استطاع جمعه من سُكَّان قنَّسرين لِيُعوَض النقص الكبير في جُمهرتها، وأعاد عمارة أسوارها، وشيَّد من حديث ميناء أنطاكية، ثُمَّ التفت إلى تنظيم حملاتٍ عسكريَّةٍ لِلثأر من البيزنطيين. استمرَّت الحرب بين المُسلمين والبيزنطيين سجالًا طيلة عامين، وكان النصرُ فيها لِلمُسلمين تارة ولِلبيزنطيين تارة، وفي تلك الفترة تولَّى نقفور فوقاس عرش الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وتوقَّف سيف الدولة عن الخُروج مع الجُيُوش بعد حتى أقعده السقم، فتولَّى أُمراء الثُغُور قيادة الجهاد ضدَّ البيزنطيين، لكنَّهم لمقد يكونوا بِكفائة سيف الدولة، كما انتهج الإمبراطور الجديد نهج العُنف والإرهاب والقسوة مع مُدن الثُغُور الإسلاميَّة، فاستولى في ربيع سنة 353هـ المُوافقة لِسنة 963م على عين زربة وأضنة، وفي السنة التالية ألحق بها مدينتيّ المصيصة وطرسوس، واتخذ الأخيرة قاعدةً لِلوُثُوب على الشَّام، وحوَّلها إلى مدينةٍ مسيحيَّة وأزالها ما بها من معالم حضاريَّة وثقافيَّة إسلاميَّة، وتنصَّر بعضُ أهلها. وبِعمل التطوُّر العسكري الذي مال لِصالح البيزنطيين، وسيطرة الإمبراطور البيزنطي على المُدن الرئيسيَّة في قيليقية، مال الأمير الحمداني إلى الهُدوء وتبادُل الأسرى، ولمَّا نفذ منهُ أسرى الروم، افتدى من تبقَّى من أسرى المُسلمين بِمائتين وأربعين ألف دينار. ولكن رُغم ذلك استمرَّ البيزنطيُّون يُغيرون على أطراف الشَّام والعراق حتَّى قرَّر نقفور فوقاس تبريد الجبهة الإسلاميَّة والتفرُّغ لِقتال البلغار في أوروپَّا.

وفاة سيف الدولة والنزاع الأُسري بعده

اشتدَّ السقم على سيف الدولة في أواخر أيَّامه حتَّى انتهى إلى غاية الضعف، لكنَّهُ رُغم ذلك استمرَّ يُرسل العساكر لِحرب الروم ودفعهم بعيدًا عن حُدود إمارته وحُدود الدولة العبَّاسيَّة عُمومًا. وفيعشرة صفر 356هـ المُوافق فيه 15 كانون الثاني (يناير) 967م، تُوفي سيف الدولة في حلب، ونُقل جُثمانه بعد الصلاة عليه إلى ميافارقين حيثُ وُري الثرى إلى جانب والدته وشقيقته، وقيل أنَّ طوبةً وُضعت تحت رأسه في قبره صُبَّت من بقايا درعه الذي تكسَّر لِكثرة ما تلقَّاه من ضربات في معاركه المُتكررة خِلال حياته. شكَّلت وفاة سيف الدولة خسارة جسيمة ألمَّت بِالمُسلمين بِعامَّة، والعرب بِخاصَّة، لأنَّهُ كان قائدًا شُجاعًا مُحنَّكًا، قضى حياته مُجاهدًا ومُدافعًا عن الحُدود الإسلاميَّة ضدَّ البيزنطيين، واستطاع بِفضل مهارته العسكريَّة حتى يتصدَّى لِأعدائه في الداخل والخارج، ولم يكن ابنه وخليفته على المُستوى نفسه من الإقدام والشجاعة والتدبير، ما أدَّى إلى ضعف الإمارة الحمدانيَّة وتراجُع قوَّتها، فطمع فيها عُمَّالها الذين تنازعوا فيما بينهم وخرجوا على أسيادهم، وجيرانها الروم البيزنطيُّون الذين استغلُّوا تفكُّك وحدتها للاستيلاء على المزيد من الأراضي الإسلاميَّة، والفاطميُّون الطامعون في ضمِّ الشَّام ونشر نُفوذهم وممضىهم الشيعي الإسماعيلي في رُبوعها.

طابع سُوري قديم يظهر عليه رسم لِأبي فراس الحمداني، خال سعد الدولة وأبرز ضحايا النزاع الأُسري الحمداني بعد وفاة سيف الدولة.

خَلَف سعد الدولة أبوالمعالي شريف أباه سيف الدولة بعد وفاته، وهوالابن الوحيد الباقي على قيد الحياة من أولاده، وكان يُقيم في ميافارقين نائبًا عن أبيه على ديار بكر. وفي 20 ربيع الأوَّل 356هـ المُوافق فيهخمسة آذار (مارس) 967م ولج سعد الدولة إلى حلب، فاستقبلهُ سُكَّانها بِكُل مظاهر الترحيب، فزيَّنوا المدينة وضربوا القباب. قابل سعد الدولة في بداية حياته السياسيَّة مشاكل خطيرة كان أوَّلها خُروج ابن عمِّه حمدان بن ناصر الدولة على حُكمه، وكان يتولَّى نصيبين وماردين والرَّحبة من أعمال الجزيرة الفُراتيَّة، فاستغلَّ وفاة عمِّه وأضاف إلى أملاكه الرِّقَّة والرافقة، من أعمال ديار مضر التابعة لِلإمارة الحمدانيَّة في حلب. لم يكن سعد الدولة في وضعٍ يسمح لهُ بِالتصدِّي لابن عمِّه، في ظل عدم استقرار الوضع الداخلي لِلإمارة، غير أنَّ الصراع الداخلي في الموصل بين أبناء ناصر الدولة أجبر حمدان على هجر مدينتيّ الرِّقَّة والرافقة. ولم يمضِ ثمانية أشهر على وفاة سيف الدولة حتَّى قابل سعد الدولة مُشكلة أكثر خُطُورة، فقد خرج عليه خاله أبوفراس، وكان آنذاك في حِمص، وإذ بعث إليه بِالحُضُور فرفض، انحاز إلى قرية صدد وتحصَّن فيها. ويبدوأنَّهُ أبى حتىقد يكون مُجرَّد عامل لابن أُخته، وهوأكبر منهُ سنًّا وأقدر على إدارة الشُؤون العامَّة، وبِخاصَّةٍ أنَّ لهُ فضائل في الحفاظ على كيان الإمارة الحمدانيَّة، كما استاء من تحكُّم الغلمان واستبداد الحاجب قرغويه بِشُؤون الإمارة في ظل ضعف سعد الدولة. ومهما يكن من أمر، فقد ارتاب سعد الدولة في تصرُّف خاله ورفض الحُضُور إلى مجلسه، وشكَّ في أمره، فقرَّر التخلُّص منه، والواقع أنَّهُ دُفع لِلقيام بِذلك من قِبل قرغويه الحاجب الذي خشي من طُمُوح أبي فراس الذي يُشكِّلُ خطرًا على نُفُوذه ولعلَّهُ أوهمه بِأنَّ خالهُ يطمع في حُكم الإمارة. وخرج سعد الدولة من حلب مُتوجهًا إلى سلميَّة التي اتخذها قاعدة انطلاقٍ لِحرب خاله، فجمع حوله الأعراب ثُمَّ أوفد الجيش بِقيادة قرغويه إلى صدد للاصطدام بِخاله. وبعد مُناوشاتٍ لم تستمر طويلًا هال أنصار أبي فراس ضخامة جيش قرغويه، فاستأمن مُعظمهم وانحازوا إليه. ولمَّا عثر أبوفراس نفسهُ مع قلَّةٍ من أعوانه خشي على نفسه، فاختلط مع الذين استأمنوا، لكنَّ قرغويه عهده، فأمر أحد غلمانه بِقتله، فضربه بِدبُّوسٍ مُضرَّسٍ على رأسه، فسقط من على دابَّته، ونزل الغُلام فحزَّ رأسه، وحمله قرغويه إلى سعد الدولة، وذلك يوم السبت في 2 جُمادى الأولى 357هـ المُوافق فيه أربعة نيسان (أبريل) 968م، والرَّاجح أنَّ قرغويه تصرَّف بِعمليَّة القتل من دون فهم سيِّده. وقيل أنَّ خبر مقتل أبا فراس لمَّا بلغ شقيقته أُمُّ الحسن والدة سعد الدولة كاد حتى يُفقدها صوابها، بحيثُ ندبته ولطمت نفسها حتَّى فقئت عينها.

استيلاء البيزنطيين على أنطاكية بِقيادة بُطرس فوقاس الطربازي، المرسوم وهويتسلَّق السُلَّم لِيتخطَّى الأسوار.

كان قرغويه الحاجب يُخطط للاستقلال عن الإمارة الحمدانيَّة مُنذُ وفاة سيف الدولة، وطمع بِخلع طاعة الأُسرة الحمدانيَّة وطردها من حلب والاستقلال بِهذه المدينة، فاستغلَّ ضعف سيِّده الذي فقد ثقة شعبه واحترامه بِعمل عدم جديَّته في الجهاد والتصدِّي لِلبيزنطيين، الذين كانوا يُهاجمون الأراضي الإسلاميَّة، واستقطب الحلبيين بعد حتى أوقفهم على ما تتعرَّض له مدينتهم من الخطر البيزنطي، وبما قام به من إصلاحات في القلعة وتحصينها وعمارة أسوار البلدة وتقويتها. ثُمَّ عاد وانتهز خُروج سعد الدولة إلى بالس في سنة 357هـ المُوافقة لِسنة 968م لِصدِّ البيزنطيين، فاغتصب السُلطة وخط إلى سعد الدولة يقول: «امْضِ إِلَى وَالِدَتِك، فَإِنَّ أَهلَ حَلَب لا يُرِيدُونَك، وَلا يَترُكُونَكَ تَعُودُ إِليهِم». وتعاون قرغويه مع غُلامٍ آخر يُدعى «بكجور» على تطبيق هذه المُؤامرة، وذلك في شهر مُحرَّم سنة 358هـ المُوافق فيه شهر كانون الأوَّل (ديسمبر) سنة 968م، واقتسما السُلطة في حلب، وجرى الدُعاء لهُما على المنابر. ظلَّت بعض المُدن في شمالي الشَّام على ولائها لِسعد الدولة، وتُدين بِالطَّاعة له، منها معرَّة النُعمان التي يحكُمها أحد غلمان سيف الدولة المدعوزُهير، فاستدعى سيَّدهُ من حماة حيثُ كان قد التجأ، فلبَّى سعد الدولة دعوته، فسار إلى منبج، فجمع فيها أنصاره وتوجَّه إلى حلب لِطرد قرغويه وبكجور منها، وحاصرها في شهر رمضان 358هـ المُوافق فيه شهر تمُّوز (يوليو) 969م، ويبدوأنَّ قرغويه كان عاجزًا عن التصدِّي لِقُوَّته، فالتمس المُساعدة من البيزنطيين، فأوفدوا إليه جيشًا بِقيادة بُطرس فوقاس الطربازي، ولمَّا فهم سعد الدولة بِقُدوم الروم فكَّ الحصار عن حلب وانسحب إلى معرَّة النُعمان. استغلَّ أبوتغلب بن ناصر الدولة حرج موقف ابن عمِّه سعد الدولة، فاستولى على حرَّان وانتزع ميافارقين. كما هاجم البيزنطيُّون في 14 ذي الحجَّة 358هـ المُوافق فيه 28 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 969م أنطاكية مُستغلين تفتيت وحدة الإمارة الحمدانيَّة بِعمل النزاع الأُسري، وضياع هيبة الدولة. وما لبث الشقاق حتى سقط بين قرغويه وبكجور بِسبب الاسئثار بِالسُلطة، فقبض الثاني على الأوَّل وأودعهُ السجن في قلعة حلب، في ظل انصراف الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة عن تأييد قرغويه، نظرًا لِما ساد من الفتن الداخليَّة في بيزنطة بعد وفاة الإمبراطور يُوحنَّا زمسكيس. واستدعى أنصار قرغويه سعد الدولة إلى حلب، وكان آنذاك في حِمص يُراقب تطوُّر الأحداث، فسار إليها مع أنصاره وضرب الحصار عليها طيلة أربعة أشهر، ثُمَّ دخلها بِمُساعدة أهلها الذين ملُّوا الفتن والاضطرابات، كما أنَّهم استاءوا من تعاون بكجور مع الروم وقد مكَّنهم من البلاد. واستسلم بكجور لِسعد الدولة مُقابل الأمان لهُ ولِأهله، وتوليته على حِمص، فمنحهُ سعد الدولة ما طلبه، واستقرَّ هوبِحلب.

سُقُوط الإمارة الحمدانيَّة في حلب

خارطة الدولة الحمدانيَّة تُظهر الحُدود التقريبيَّة لِلدولة في أواخر سنواتها.

بعد استقرار الأمر لِسعد الدولة في حلب، تعرَّض لِضغطٍ بيزنطيٍّ ضمن مُحاولة الروم السيطرة على حلب أوفرض حُكمٍ مُوالٍ لهم فيها كي تجعل بيزنطة بينها وبين العالم الإسلامي حاجزًا يقيها أي هُجوم على آسيا الصُغرى، فاضطرَّ سعد الدولة إلى التماس رضى الخليفة الفاطمي أبومنصور نزار بن معد العزيز بِالله من جهة وكسب تأييد الفئة الشيعيَّة الإسماعيليَّة القويَّة في حلب من جهةٍ أُخرى، في سبيل حِماية إمارته، فاعترف بِسيادة الفاطميين، وخطب لهم على المنابر، وأضاف إلى الآذان عبارة: «حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَل، مُحَمَّد وَعَلِيّ خَيرِ البَشَر». والحقيقة أنَّ سياسة الفاطميين في الشَّام انطلقت من عاملين: عقائدي وسياسي. فمن حيث العامل العقائدي، فقد استهدفت الدولة الفاطميَّة السيطرة على العالم الإسلامي وإسقاط الخِلافة العبَّاسيَّة، وشكَّلت حلب طريقًا طبيعيًّا إلى العراق. ومن حيثُ العامل السياسي، كانت السياسة الفاطميَّة استمرارًا لِلسياسة الخارجيَّة لِأي حاكمٍ اتخذ من مصر مقرًّا له مُنذ أقدم العُصُور، تجاه الشَّام، فكان على أيِّ حاكمٍ قويٍّ يحكم في مصر حتى يحكم في الشَّام لِحماية حُدوده الشماليَّة الشرقيَّة ولِلاستفادة من بعض الموارد الطبيعيَّة الشَّاميَّة المحرومة منها مصر، مثل الأخشاب وبعض أنواع الزراعات؛ فنجح الفاطميُّون في بسط سيطرتهم على جنوبي الشَّام، وفشلوا في حُكم الشمال، لأنَّهم قابلوا عقبات عدَّة لم يكن بِإمكانهم تجاوُزها، لعلَّ أهمَّها: بُعد القاهرة عن حلب، وتراجُع القُوَّة الفاطميَّة بِسبب المُشكلات الداخليَّة ونُمُوّ قُوَّة الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة خِلال القرن الحادي عشر الميلادي، وكراهيَّة الشِّوام لِلفاطميين لِأسبابٍ ممضىيَّة - دينيَّة واقتصاديَّة وإداريَّة. أرغمت هذه الظُروف الصعبة الدولة الفاطميَّة على التغاضي عن سياستها الممضىيَّة، وتبنِّي سياسة واقعيَّة، وقد عبَّر عن هذه السياسة الوزير الفاطمي يعقوب بن كِلِّس في وصيَّته لِلخليفة العزيز بِالله، حيثُ نطق: «سَالِم الرُّومَ مَا سَالَمُوك، واقنِع مِنَ الحَمَدَانِيَّةِ، أُمَرَاءَ حَلَب، بِالدَّعوَةِ وَالسَّكَّة...». وعلى هذا الأساس تساهلت الدولة الفاطميَّة في قيام حُكم مُستقل في حلب. وعندما تراجع الضغط البيزنطي، نبذ سعد الدولة طاعة الفاطميين وأعرب ولاءه لِلعبَّاسيين في بغداد، فأوفد وفدًا إلى عاصمة الخِلافة لِتهنئة عضد الدولة البُويهي القائم على حماية الخِلافة والمُهيمن عليها بفوزه على بختيار، فاتىه الرد من الخليفة أبوبكر عبد الكريم الطائع لله بِتوليته على ما في يديه من الأعمال، ومنحهُ خلعًا تباهى بها. وِبذلك أضاع سعد الدولة استقلال الإمارة الحمدانيَّة في حلب وأضحى تابعًا لِدار الخِلافة، ونائبًا لِلعبَّاسيين في الشَّام.


هذه الموضوعة جزء من سلسلة الإسلام عن:

استاء الخليفة الفاطمي العزيز بِالله من انتظام العلاقة بين سعد الدولة والخِلافة العبَّاسيَّة، فتطلَّع إلى الاستيلاء على إمارة حلب، كما أنَّ بيزنطة كانت تتحيَّن الفُرص لِلتدخُّل مُجددًا في شُؤون الإمارة؛ فأوفد الإمبراطور باسيل الثاني قُوَّة عسكريَّة من اللاذقيَّة أغارت على مُدن السَّاحل الشَّامي. وقام الفاطميُّون بِالرد على هذه الغارات، ووصلوا إلى نواحي أنطاكية، غير أنَّ قُوَّاتهم رُدَّت على أعقابها، ووصلت فُلُولهم إلى طرابُلس الشَّام، فقام واليها بِمُهاجمة اللاذقيَّة، وتمكَّن من إلحاق الهزيمة بِالقائد البيزنطي وأسره، واستولى على المدينة، وذلك في سنة 372هـ المُوافقة لِسنة 982م. أعطى هذا الفوز لِلفاطميين بِأن يُخلِّصوا المُدن والحُصُون الساحليَّة من أيدي الروم، وتمكَّنوا من الاستيلاء على حصن بانياس. وقع ذلك في الوقت الذي ساءت فيه العلاقة بين سعد الدولة وبين عامله على حِمص بكجور، الطامع في استعادة سيطرته على حلب، فأجبرهُ الأمير الحمداني على التخلِّي عن حُكم حِمص، فخط بكجور إلى الخليفة الفاطمي العزيز بِالله يطلب منهُ منحه ولاية دمشق ومُساعدته في الاستيلاء على حلب، فاستجاب لِطلبه، وخط إلى والي دمشق أفتكين التُركي وإلى منشَّا بن إبراهيم الفرَّار، محرر الجيش هُناك، بأن يُسلِّما دمشق لِبكجور، وأن يمُدَّاه بِقُوَّةٍ عسكريَّةٍ من دمشق لِقتال سعد الدولة وقصد بلاده. وعبَّأ بكجور قُوَّاته وزحف إلى حلب وحاصرها. لم يكن أمام سعد الدولة، لِدرء هذا الخطر الذي هدَّد حُكمه، سوى التماس المُساعدة من البيزنطيين، لِأنَّ البُويهيين كانوا آنذاك مُنهمكين في نزاعاتهم الداخليَّة التي أفقدتهم وحدتهم، فلم يستطيعوا التدخُّل في مجرى الأحداث التي كانت تجري لِغير صالحهم في شمالي الشَّام، فخط إلى الإمبراطور البيزنطي بِشأن ذلك، وخوَّفه من أنَّ الفاطميين إذا نجحوا في أخذ حلب، فإنَّهم يفترض أن يُهاجمون أنطاكية. ولمَّا كان استيلاء الفاطميين على حلب يُهدِّدُ الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة بِشكلٍ خطيرٍ لِقُربها من حُدودها، فقد خط إلى برداس فوقاس، قائد جُيُوش الشرق، يأمُره بِمُساعدته، ما اضطرَّ بكجور إلى الارتداد عن المدينة، وعاد إلى دمشق حيثُ أقام الدعوة لِلخليفة الفاطمي في قنِّسرين وحِمص. وحدث في سنة 376هـ المُوافقة لِسنة 986م حتى اعترف سعد الدولة مرَّة أُخرى بِسيادة الخليفة الفاطمي العزيز بِالله، وأمر بِذكر اسمه في الخِطبة، ولعلَّ هذا التقارُب بين العاهلين إنَّما وقع بعد حتى حلَّت الهزيمة بِالجُيُوش البيزنطيَّة في البلقان على يد البلغار، وتردَّد صداها في سائر أنحاء المشرق. وفي تلك الفترة أيضًا أقدم الخليفة الفاطمي على عزل بكجور لِسوء سيرته وتذمُّر الدمشقيين منه، فتوجَّه الأخير إلى سعد الدولة وطلب منهُ حتى يُعيده إلى ولايته السَّابقة حِمص، فرفض طلبه. فما كان من بكجور إلَّا حتى خط إلى العزيز بِالله في مصر يُطمعه في حلب، ونطق لهُ أنَّ حلب دهليز العراق، متى ما أُخذت كان بعدها أسهل، وطلب منهُ المُساعدة، فأمر العزيز بِالله نزَّال والي طرابُلس، وسائر وُلاته في الشَّام حتى ينهضوا لِمُساعدته، عندئذٍ التمس سعد الدولة المُساعدة من الإمبراطور البيزنطي باسيل الثاني. وفي شهر مُحرَّم سنة 381هـ المُوافق فيه شهر نيسان (أبريل) سنة 991م، جرت بين الطرفين رحى معركة ضارية في الناعورة على مسافة ثمانية أميال من حلب، دارت الدائرة فيها على بكجور وحُلفائه، وانتهت بِمقتله. وقبض سعد الدولة على آل بكجور وصادر أموالهم وأهان رسول الخليفة الفاطمي الذي أتى يطلب منه إزالة ما ألحقه بآل بكجور من الأذى وتسييرهم إلى مصر، واتخذ موقفًا مُتشددًا من طلبه وتوعَّده بِغزومصر.

خريطة توضِّح مسار الفُتوحات الفاطميَّة، انطلاقًا من إفريقية إلى المغرب الأقصى غربًا ومصرًا ثم الشَّام والحجاز شرقًا، فانتهاءً بِحلب.

تُوفي سعد الدولة ليلة الأحد في 26 رمضان 381هـ المُوافق فيهستة كانون الأوَّل (ديسمبر) 991م، بِسبب ما أصابه من الفالج، وكان قد عهد إلى ابنه أبي الفضائل - سعيد الدولة - من بعده، على حتى يتولَّى كبير الغلمان أبومُحمَّد لؤلؤ الجراحي السيفي الوصاية عليه. أضحى لؤلؤ السيفي الحاكم العملي لِلإمارة الحمدانيَّة في ظل حُكم صبيٍّ قليل الخبرة، وفي عهده تجدَّدت مُشكلة تدخُّل الغلمان في شُؤون الدولة، وانحاز بعض قادة الدولة مع أنصارهم إلى الفاطميين. على أنَّ سعيد الدولة اكتسب محبَّة الناس بعد حتى أجرى بعض الإصلاحات الماليَّة والاقتصاديَّة، وحمل الظُلم عن السُكَّان بِأن ردَّ إليهم ما كان جدُّه سيف الدولة ووالده سعد الدولة قد صادره منهم من الأملاك، وردَّ الخِراج إلى رسمه الأوَّل. تأرجحت سياسة سعيد الدولة الخارجيَّة في المُواربة بين القُوَّتين الكبيرتين في المنطقة: الفاطميَّة والبيزنطيَّة، لِيُحافظ على أراضي إمارته، فحتَّى يُقابل تزايُد الضغط الفاطمي على إمارته، تقرَّب من الخِلافة العبَّاسيَّة، وحصل منها على ولاية ديار مضر، لكن هذه الخِلافة كانت ضعيفة، ولم تستطع تقديم المُساعدة المطلوبة لِلحمدانيين، مادفع سعيد الدولة إلى التقرُّب من البيزنطيين، وعندما كان يزداد الضغط البيزنطي يرتمي في أحضان الفاطميين. وبدت في عهد سعيد الدولة مظاهر الضعف بِشكلٍ أوضح بكثير على جسم الإمارة، بحيثُ أضحى زوالها أمرٌ مُحتَّم. والواقع أنَّ المعلومات عن سعيد الدولة تُصبح شحيحة بعد سنة 386هـ المُوافقة لِسنة 996م، أي بعد وفاة الخليفة الفاطمي العزيز بِالله، إلَّا أنَّ لؤلؤ الكبير كان يُدير أمر حلب خِلال أيَّام الخليفة الفاطمي التالي أبوالحُسین منصور الحاكم بِأمر الله. تُوفي سعيد الدولة ليلة السبت 15 صفر 392هـ المُوافق فيه 2 كانون الثاني (يناير) 1002م مع زوجته مسمومين إمَّا على يد إحدى جواريهما أوبِإيعازٍ من لؤلؤ الكبير، كانت وفاة سعيد الدولة بِمثابة النهاية العمليَّة لِحُكم الأُسرة الحمدانيَّة بِحلب، بِعمل أنَّ لؤلؤ أضحى حاكم الدولة، يحكم باسم ولديّ سعيد الدولة الصغيرين أبي الحسن علي وأبي المعالي شريف، من دون حتىقد يكون لِأيٍّ منهُما أثرٌ في السُلطة، ولمَّا تُوفي لؤلؤ استبدَّ ابنه منصور بِالحُكم، وكان قصير النظر في السياسة، كما كان مغرورًا وسكِّيرًا وظالمًا، فأبغضه الحلبيُّون، ولم يلبث حتى قامت بِوجهه فتنة انطلاقًا من قلعة حلب ذاتها أشعلها قائد القلعة، فهرب مع أولاده وإخوته وبعض غلمانه إلى أنطاكية، ولم يلبث ذلك القائد، ومسماه فتح القلعي، حتى أعرب ولائه لِلفاطميين، فشكره الحاكم وعيَّنهُ واليًا على المدينة وأطلق توقيعًا لِأهل حلب بِإطلاق المُكُوس والمظالم والتخلّي عمَّا هومُقرَّر عليهم من الخِراج. ثُمَّ ما لبث الحاكم بِأمر الله حتى عزل القلعي من منصبه وولَّاه صور، وعيَّن واليًا فاطميًّا على حلب يُدعى فاتك ولقَّبهُ «أميرُ الأُمراء عزيزُ الدولة»، فدخل المدينة يوم الأحد في ثلاثة رمضان 407هـ المُوافق فيه ثلاثة شُباط (فبراير) 1017م، وهوأوَّلُ والٍ فاطميٍّ مُعيَّن على مدينة حلب، وبذلك أصبحت المدينة جُزءًا من الدولة الفاطميَّة، وانقرضت الإمارة الحمدانيَّة بعد حتى عمَّرت زهاء سبعين عامًا.

مصير الأُسرة الحمدانيَّة

ذكر المُؤرِّخ الكبير أبوالفداء إسماعيل بن علي بن محمود الأيُّوبي في مُؤلَّفه حامل عنوان «المُختصر في أخبار البشر»، أنَّ بني حمدان لمَّا سقطت دولتهم في حلب، انتقل قسمٌ منهم إلى مصر مع الجُيُوش الفاطميَّة، وفي عهد الخليفة أبي تميم معد بن عليّ المُستنصر بالله كانت نهايتهم. ففي تلك الفترة كان ناصر الدولة بن حمدان، وهومن أحفاد ناصر الدولة مُؤسس الإمارة الحمدانيَّة، قد تولَّى منصبًا قياديًّا عسكريًّا في الجيش الفاطمي، وأصبح من كبار القادة العسكريين في مصر، فلمَّا تسلَّطت والدة الخليفة المُستنصر على الحُكم في الدولة، انقسم الجيش والقادة، فصار العبيدُ الزُنُوج حزبًا والمماليك التُرك حزبًا آخر وجرت بينهم حُرُوب، واجتمع التُرك إلى ناصر الدولة المذكور، وجرت بينهم وبين العبيد عدَّة سقطات، وحاصر ناصر الدولة القاهرة وبتر عنها الميرة (المؤونة) حتَّى أجبر الخليفة الفاطمي على الاستسلام له، فدخل المدينة وشتَّت من كان بها من العبيد في البلاد، واستبدَّ بِالحُكم، وبالغ في إهانة المُستنصر، وحجَّم نُفُوذه بِشكلٍ كبير، ويبدوأنَّ غرضه كان إعادة الخطبة لِلخليفة العبَّاسي وإسقاط الخِلافة الفاطميَّة، ففطن بِعملهِ قائدٌ تُركيٌّ كبير واتفق مع جماعةٍ من الجُند والقادة على اغتال ناصر الدولة قبل حتى يستفحل خطره، فقصدوه في داره وضربوه بِالسُيُوف حتَّى مات، ثُمَّ قتلوا أخاه، وتتبَّعوا كُل من كان بِمصر من بني حمدان فقتلوهم عن آخرهم، وكان ذلك سنة 465هـ. أمَّا من بقي مُقيمًا بِالشَّام من بني حمدان، فيقول المُؤرِّخ بهاء الدين بن شدَّاد أنَّهم انتقلوا إلى السَّاحل وملكوا صُور وما حولها، فما مرَّ عليهم غير ستِّين أوسبعين سنة حتَّى انقرضوا، إذ لم يعد أحدٌ منهم يقول بأنَّهُ من بني حمدان.

الثقافة والمظاهر الحضاريَّة

سياسيًّا وإداريًّا

سيف الدولة الحمداني (الرجل القابع يمينًا) وهويستمع إلى الناس في مجلسه ويقضي لهم.

كان حاكم الدولة الحمدانيَّة يُلقَّب بِالأمير، وكان يُعيِّن الوُلاة والعُمَّال على ما بين يديه من البلاد التي ولَّاه عليها الخليفة العبَّاسي. وعلى الرُغم من الاستقلال الإداري لِلحمدانيين في الموصل وحلب، إلَّا أنَّ صلتهم بِالخِلافة العبَّاسيَّة لم تنبتر، فاستمرَّ الدُعاء لِلخليفة العبَّاسي على منابر حلب والموصل طيلة هذا العهد، تمامًا كما كان الحال زمن الطولونيين والإخشيديين الذين استقلُّوا بِالأمر، وحافظوا على صلتهم الروحيَّة بِالخلافة لمَّا كان ذلك يصب في خانة المصلحة الإسلاميَّة العُليا. هذا وقد استبدل سعيد الدولة الحمداني الدُعاء لِلعبَّاسيين بِالدُعاء لِلفاطميين كما أُسلف، لمَّا تبيَّن لهُ أنَّ ذلك يُحافظ على كيان الإمارة. وقد ظلَّت علاقة الحمدانيين حسنةً بِالخلافة العبَّاسيَّة على الرُغم من محاولة البُويهيِّين إزالتهم عن إمارتهم لمَّا سيطروا على منطقيد الحُكم في بغداد. وقد تطوَّرت العلاقات الحسنة بين الإمارة الحمدانيَّة والخِلافة العبَّاسيَّة إلى درجةٍ كبيرة، انعكست في شعر الأمير سيف الدولة الحمداني، حيثُ أنشد قائلًا:

ففينا لِدين الله عزٌّ ومنعة وفينا لِدين الله سيفٌ وناصرُ
هُما وأميرُ المُؤمنين شرفٌ أجارهُ لمَّا لم يجد من يُجاورُ

عمد ناصر الدولة إلى تنظيم الأوضاع الداخليَّة لِلإمارة ولِلدولة العبَّاسيَّة حتَّى عندما كان أميرًا لِلأُمراء، فعمل على توطيد الأمن، وضرب بشدَّة على أيدي الفاسدين والعابثين، وقام بِنفسه بِأعباء صاحب الشُرطة، فكان ينظر في الجنايات ويُقيم الحُدود، كما اهتمَّ بِالشُؤون الإداريَّة، فعزل المُوظفين الكِبار وعيَّن مكانهم موظفين يثقُ بهم مثل بدر الخرشني الحاجب، فقد عزلهُ من منصبه وولَّى مكانه أبا بكر أحمد بن خاقان، والمعروف أنَّ هذا المنصب يختص بِتشريفات الخليفة. والواقع أنَّ تولِّي الحمدانيين لِإمرة الأُمراء في بغداد وإمارة الموصل وحلب كان نابعًا في الكثير من الأحيان من إرادةٍ شعبيَّة، إذ أنَّ تولِّيهم تلك المناصب أعاد الأمل إلى العرب باستعادة حيويَّتهم وأهميَّتهم في السياسة الإسلاميَّة العامَّة بعد ابتعادهم طويلًا عن المُشاركة الفعَّآلة في الأحداث السياسيَّة واستبداد العناصر الأعجميَّة - التُركيَّة والفارسيَّة - بِهذا المجال طيلة سنوات.

الاقتصاد

أكداسٌ من مُكعَّبات الصابون الحلبي، أحد أبرز وأشهر الصناعات التي راجت في العهد الحمداني وما زالت صناعتها مُستمرَّة في حلب حتَّى اليوم.
رسمٌ لِأسواق حلب القديمة وعمارتها العتيقة.

شهدت الحياة الاقتصاديَّة في رُبُوع الإمارة الحمدانيَّة ازدهارًا ملحوظًا في الكثير من المجالات؛ فمن ناحية الزراعة كثُرت المزروعات، وتنوَّعت المحاصيل من الحُبُوب والفاكهة والثمار والأزهار، فظهر البُرُّ والشعير والذرة والأرُز والبسلَّة وغيرها، كما ظهرت أنواع عديدة من الفاكهة كالتين والعنب والرُمَّان والبرقوق والمشمش والخوخ والتوت والتُفَّاح والجوز والبندق والحِمضيات، ومن الرياحين والأزهار كالورد والآس والنرجس والبنفسج والياسمين، كما جادت زراعة الأقطان والزيتون والنخيل، وقامت صناعات عديدة على تلك المزروعات مثل زيت الزيتون، والزبيب. كما ظهرت صناعات أخرى كالحديد والرخام والصابون والكبريت والزجاج والسيوف والميناء. وقد نشطت التجارة، وظهر الكثير من المراكز التجارية المهمَّة في حلب والموصل والرَّقَّة وحرَّان وغيرها.

نفَّذ ناصر الدولة مشروعات اجتماعيَّة عدَّة لِتحسين أوضاع السُكَّان المعيشيَّة، وتحقيق الأمن، وبدأ بِإصلاح الأوضاع الاقتصاديَّة المُتردِّية في الدولة العبَّاسيَّة ما حتى جلس على عرش الإمارة. فالأسعار كانت مُرتفعة بِعمل انعدام الأمن والاستقرار، والقيمة الشرائيَّة لِلنُقود مُنخفضة بِسبب تلاعُب الصيارفة والعيارين في عيار الدنانير، فأصلح السكَّة لِضبط العملة والتدقيق في عيارها، وأمر بِتصفية العين والورق، وضرب دنانير سمَّاها «الإبريزيَّة» من أجود عيار، فكان الدينار بِعشرة دراهم، وبيع بِثلاثة عشرة درهمًا. وقد بلغهُ أنَّ الصيارفة يتعاطون الربا، فأحضرهم وحذَّرهم بِإنزال العقاب بهم إذا لم يتوقفوا عن هذا التعامل، وأحلفهم فتحسَّن قبيحُ أمرهم قليلًا، ثُمَّ وضع نظامًا جديدًا لِلمصروفات العامَّة. فحتَّى يُوفِّر الأقوات التي تُصرف على السجُناء عمد إلى التقتير، ولمَّا اشتكى هؤلاء من الجُوع أبدى امتعاضًا كبيرًا دفعهُ إلى إطلاق سراح قسم منهم وقتل الباقين، فخلت السُجون من سُجنائها. وعمد إلى إسقاط أرزاق الجُند المُوالين من المُرتزقة بِحُجَّة توفير الأموال لِلحُروب التي تخوضها الإمارة بِالنيابة على الخِلافة العبَّاسيَّة ضدَّ من يُحاولون الهيمنة عليها وضدَّ الروم، وفرض على الناس الضرائب الباهظة.

والواقع أنَّ الأُمراء الحمدانيين - رُغم ما بذلوه لِلدفاع عن ديار الإسلام ورُغم ميل أهالي الموصل وحلب لهم في الكثير من الأحيان - استغلُّوا مراكزهم ونُفوذهم في سبيل تحسين مصالحهم الشخصيَّة ومصالح الأُسرة الحمدانيَّة ككُل، واتصفوا بِالتبذير. فعندما زوَّج ناصر الدولة ابنتهُ من ابن الخليفة بلغ الصداق نصف مليون درهم، وجعل النحلة مائة ألف دينار، وعندما قصد ابن الخليفة دارهُ بعد عقد القران، نُثرت عليه دُرَّتا دنانير التقطها من كان معه، وأصحاب ناصر الدولة. وبرز مُستغلُّوالفُرص لِلإثراء على حساب العامَّة، فعرض أبوالحُسين عليّ بن مقلة، وهومن الوُزراء المُحترفين، على ناصر الدولة حتى يستوزره ويُطلق يده في جباية الضرائب عن طريق سبعين وكيلًا له جشعين، مُقابل مالٍ يدفعه له، فرحَّب ناصر الدولة بِهذا العرض.

العمارة

بِالرُغم من الطابع العسكري والحربي لِدولة الحمدانيين بصفةٍ عامَّة، وإمارة سيف الدولة على نحوٍ خاص؛ فإنَّ ذلك لم يصرف الأمير سيف الدولة عن الاهتمام بالجوانب الحضاريَّة والعُمرانيَّة. فقد شيَّد سيف الدولة قصره الشهير بقصر الحلبة على سفح جبل الجوشن، والذي تميَّز بِروعة بنائه وفخامته وجمال نُقوشه وزخارفه، وكان آية من آيات الفن المعماري البديع، كما شيَّد الكثير من المساجد، واهتم ببناء الحُصون المنيعة والقلاع القويَّة. كان قصر سيف الدولة على سفح جبل الجوشن محور مدينةٍ صغيرةٍ ابتناها حوله جعل فيها القصر والمُستونادىت وخزائن السلاح والاصطبلات وميدان سباق الخيل. واتى سيف الدولة بأحذق المُهندسين وأمهر المُصورين وأبرع البنَّائين والنجَّارين للاعتناء ببناء وفرش هذا القصر على أفخم طراز. وعندما افتُتحت أبواب القصر للمرَّة الأولى كان ذلك مثار الدهشة والإعجاب، لأنَّ الأبواب كانت من البرونز النُحاسي نقشت عليها ألوف التصاوير المُستغربة الجميلة وهي تدور على قواعد من الزُجاج، وكان الداخل من الباب يُقابل قاعات مُتتابعة ملأى بالأعمدة المرمريَّة المُزركشة والمُوشَّاة بِالمضى والفضَّة. وجعل المُصوِّرون أواسط القبب العالية، حيثُ حفروا بين جهة وأُخرى آياتٍ من القُرآن بأحرُفٍ كوفيَّةٍ وأبياتٍ مُختارةٍ لِأعظم الشُعراء. وكان لِلقاعة الكُبرى خمسُ قببٍ بلون اللازورد يحملها مائة واثنان وأربعون عمودًا من المرمر المُزركش بالمضى والفضَّة، تُنيرها أُلوف من النوافذ الزُجاجيَّة المُلوَّنة. وفي وسط كُل عمود خرجت زهريَّات ملأى بِالزُهور والنباتات النادرة، وفي الوسط إفريزٌ عظيم من خشب الأبنوس المُوشَّى بِالمضى جُعل خصيصًا لِجُلوس الأمير ورجاله الأخصاء، وحُفر عليه رسم الأمير منتصرًا على الصحراء. عاش هذا القصر العجيب أقل من عشرين عامًا، فعندما اقتحم نقفور فوقاس حلب ودمَّرها خرَّب قصر الحلبة وملحقاته، وممَّا أخذه ثلاثمائة بدرة من الدراهم وألف وأربعمائة بغل من اصطبلات القصر، ومن خزائن السلاح ما لا يُحصى فقبض جميعها وأحرق الدار فلم تُعمر بعد ذلك.

مدخل مسجد النُقطة في حلب.

اعتنى سيف الدولة بِبناء وتشييد المساجد والجوامع والمشاهد، ومن أبرز آثاره تجديد بناء المسجد الجامع في حلب بعد حتى دمَّره نقفور فوقاس وأحرقه يوم غزا المدينة، وتُوفي سيف الدولة قبل حتى يرى انتهاء أعمال ترميم المسجد، فأكمل العمل ابنه سعد الدولة ومولاه قرغويه. وقرغويه هوالذي بنى الفوَّارة في صحن الجامع، وقد تحدث عنها المُؤرخون. وكان يحف بِجرن الفوارة شريطٌ كتابي نصُّه: «هَذَا مَا أَمَرَ بِعَملِهِ قَرغَوَيه غُلَامُ سَيفِ الدَّولَةِ بِن حَمدَان سَنَة 354»، وقد استمرَّت الكتابة موجودة حتَّى أُزيلت مع تجديد الحوض أيَّام جميل باشا والي حلب العثماني. وكانت القبَّة الفوَّارة التي بناها قرغويه وكُل عمودٍ منها طُوله سبعة أشبار وفيها جُرن رُخامٍ أبيض في غاية الكبر والحسن. ومن أبرز آثار سيف الدولة المعماريَّة التي ما زالت قائمة: مسجد النُقطة، وهومسجدٌ شُيِّد في موضع الصخرة الذي قيل بِأنَّ رأس الإمام الحُسين بن علي وُضع عليها عندما حمله معه موكب ابن زياد من كربلاء إلى الشَّام. فلمَّا فتح سيف الدولة حلب وشمال الشَّام اتخذ الصخرة التي فيها النُقطة ضريحًا وشيَّد عليها قبَّة وبنى حولها مقامًا. ويروي المُؤرِّخ ابن أبي طيء في تاريخه أنَّ سيف الدولة شاد في سنة 351هـ مشهدًا عُرف بـ«مشهد الدكَّة»، وذكر ابن أبي طيء أنَّ سبب إقامة هذا المشهد يرجع إلى أنَّ سيف الدولة كان في إحدى مناظره بداره التي بِظاهر المدينة، فرأى نورًا ينزلُ على المكان الذي فيه المشهد عدَّة مرَّات، فلمَّا أصبح ركب بِنفسه إلى ذلك المكان فوجد حجرًا عليه كتابة: «هذا قبر المُحسن بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب»، فنطق سيف الدولة: «إنَّ هذا موضع قد أذن الله لي في عمارته على اسم أهل البيت». كذلك ابتنى سيف الدولة مقبرةً لِلأُسرة الحمدانيَّة في مدينة ميافارقين، وأعاد تحصين أبواب المدينة وأسوارها، ومنها: «باب القصر العتيق» وقد أعاد بناءه وسماه «باب الميدان» وكان يخرج منه عبر الفصيل إلى بابٍ آخر اسمه «باب الفرح والغم» وقد سُمي بذلك لأنَّهُ يحمل صُورتين تُمثلان الفرح والغم. وكان يُنطق: «إنَّ من يبيتُ في ميافارقين لا يُمكن حتى يعهد الغم، ولابُدَّ حتى يبقى فرحًا باستمرار». هذا وقد اعتنى سيف الدولة بتحصين قلعة حلب وجدَّد أسوارها، ثُمَّ أعاد تحصينها وبنى فيها مواضع جديدة لمَّا انسحب الروم من المدينة، كما جدَّد أسوار المدينة وأبراجها، وأعاد بناءها بعد انسحاب نقفور فوقاس، وكانت بعض الأبواب والأبراج تحمل اسم الأمير الحمداني.

الدين

كان الإسلام هوالدين الغالب على القسم الأكبر من أهالي الموصل وحلب، وكان مُجتمع حلب أكثره على ممضى الإمام أبي حنيفة النعمان، وبعضه الآخر كان شافعي الممضى. أمَّا الحمدانيُّون أنفسهم فكانوا شيعة على الممضى الجعفري. واشتهر الحمدانيُّون بِتسامُحهم مع مذاهب أهل السُنَّة في إمارتهم، فلم يفرضوا التشيُّع على أهالي البلاد، وهجروا الناس على مذاهبهم، فبقيت مذاهب أهل السُنَّة والجماعة مُنتشرةً في أواسط العامَّة، على أنَّ قسمًا ملحوظًا من أهالي حلب والموصل ونواحيهما تشيَّع بِمُرور الوقت نتيجة التثاقف والتعايش السلمي. واشتهرت الإمارة الحمدانيَّة بانعدام المُشاحنات بين أهل السُنَّة والشيعة كما كان الحال في أمصارٍ أُخرى من الأمصار الإسلاميَّة، ممَّا يدُل على أنَّ المُجتمع الحمداني من الناحية العقيديَّة كان مُجتمعًا خاليًا من التعصُّب الممضىي، ومن أبرز الأمثلة على ذلك أنَّ أبي الجود أحمد بن إسحٰق الذي وُلِّي قضاء حلب بعد أبي الحصين عليّ بن عبد الملك الرقِّي كان حنفيّ الممضى. هذا وتنص مصادر على أنَّ القُضاة الذين ولَّأهم سيف الدولة النظر في مظالم الناس كثيرًا ما كانوا من المُقربين منه الذين كانت مُهمتهم تطبيق إرادته تحت حُججٍ مُختلفة. فالقاضي أبوالحصين عليّ بن عبد الملك الرقِّي أفتى: «كلُّ مَن ماتَ، فَلِسَيفِ الدولِة ما تَرَكْ، وعلى أبي الحُصَينِ الدَرَكْ»، أي أنَّه أجاز استيلاء الدولة على ميراث أبنائها من آبائهم بذريعة دعم الخزينة في الحرب ضد بيزنطة؛ فاستجار الناسُ من ناره بالرمضاء، فاضطرَّ سيف الدولة إلى عزله بعد حتى تلكَّأ لِفترة. يذكُرُ بعض المُؤرخين كيف من الممكن أن أنَّ انتنطق الممضى الشيعي إلى حلب كان بانتنطق جماعاتٍ من الشيعة إليها من العراق، فيقول يزيد بن محمد المهلبي: «إنَّ ممضى أهل حلب كان ممضى أهل السُنَّة والجماعة حتى سنة 351هـ عندما نقل إليها سيف الدولة بن حمدان جماعةً من الشيعة مثل الشريف إبراهيم العلوي وغيره، وكان سيف الدولة يتشيَّع فغلب على أهلها التشيُّع، لِذلك الناس على دين مُلوكهم». وذكر مُؤرخون آخرون أنَّ تشيُّع الحمدانيين لم يكن كتشيُّع غيرهم من السُلالات الإسلاميَّة، فكانوا مُعتدلين لا يسُبُّون الصحابة ولا يتبرأون منهم؛ يقول أحمد بن يُوسُف القرماني في تاريخه: «كان بنوحمدان شيعة؛ لكن كان تشيُّعهم خفيفًا، ومُفضّلين قط، ولمقد يكونوا كبني بُويه، فإنَّ بني بُويه كانوا في غاية القباحة سبَّابين». ولهذا استمروا يميلون إلى الخليفة العبَّاسي ويحمونه ويدعون له على المنابر، في حين أنَّهم لمقد يكونوا على وئامٍ مع الفاطميين ولم يتبعوهم إلَّا صاغرين حين أحسوا بالضعف؛ وبسطوتهم عليهم فاضطروا عندئذ إلى إضافة «حيَّ على خير العمل» في آذانهم، ومع ذلك لم تتعصب هذه الدولة الفتية لممضىها التي انتمت إليه. حتَّى أنَّ أحد الباحثين والمُؤرخين المُعاصرين نطق بِأنَّ الحمدانيين كانوا على نهج الشيعة الحقيقي، أي ممضى الإمام جعفر الصادق النقي، «قبل حتى يأتي فُقهاء الشيعة المُتأخرين نوعًا ما عن زمن عليّ رضي الله عنه، أمثال الكليني والقمي والمجلسي والمُفيد وابن بابويه وكاشف الغطاء، ويُضيفوا ويحذفوا في الممضى الشيعي النقي ما لايرضي الله ولا رسوله ». ومن أبرز عُلماء الشيعة في العهد الحمداني: الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي الذي كان وجيهًا عند سيف الدولة، وكان يزوره في داره، وصنَّف له كتاب «التبصُّرة في فضيلة العترة المُطهَّرة»، وعليّ بن عبد الله الناشي البغدادي، والشريف أبوإبراهيم الممدوح الذي ولَّاه سيف الدولة نقابة الطالبيين بِحلب، والحسن بن عليّ بن الحُسين الحرَّاني الحلبي، وغيرهم.

أطلال دير القدِّيس سمعان العمودي: استولى عليه البيزنطيُّون خِلال حُروبهم مع المُسلمين وحوَّلوه إلى حصن، ثُمَّ استرجعهُ سعد الدولة وأعاده كنيسة وديرًا إلى نصارى الشَّام.

أمَّا غير المُسلمين من النصارى واليهود، فقد عاشوا حياةً آمنة مُطمئنَّة في ظل سيف الدولة، على الرغم من الاتجاه العُدواني البيزنطي الذي تمثَّل في الهجمات على الإمارة الحمدانيَّة، لكنَّ سيف الدولة وناصر الدولة حرصا على تحييد المسيحيين واليهود العرب منهم والسُريان على حدٍ سواء، طالما كانوا مقيمين مع المُسلمين، فعاشوا في مزارعهم ومنازلهم الريفيَّة، وتمسَّكوا بِتنطقيدهم الثقافيَّة وحافظوا على لُغاتهم الأصليَّة والطقسيَّة، وهي الآراميَّة والسُريانيَّة والعبرانيَّة، ولم يتعرَّضوا للاضطهاد والمُضايقات. ومن الأحداث البارزة التي تشهد على العلاقة الإسلاميَّة - المسيحيَّة في العهد الحمداني، أنَّ الروم البيزنطيين لمَّا انقضوا على الحُدود الإسلاميَّة وأخذوا ينهشونها رُويدًا رُويدًا، انتزعوا من المسيحيين الشوام كنيسة ودير القدِّيس سمعان العمودي الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة حلب، وحصَّنوها وبذلك تحوَّلت إلى ما يُشبه قلعة حصينة، ومُنذ ذلك الوقت أصبحت تُعهد أحيانًا باسم «قلعة سمعان»، وفي سنة 986م تمكَّن سعد الدولة ابن سيف الدولة من استعادة الدير بعد حصارٍ استمرَّ ثلاثة أيَّام، فأعاده إلى أصحابه الأصليين من نصارى الشَّام.

الحياة الفكريَّة

تمثال أحد فُحُول الشعر العربي الحمداني أبي الطيِّب المتنبي في شارع المُتنبي بِبغداد.
طابع بريدي إيراني بِرسم تخيُّلي لِأبي نصر الفارابي، من كِبار عُلماء البلاط الحمداني.

شهدت الحياة الفكريَّة والثقافيَّة نهضةً كبيرةً ونشاطًا ملحوظًا في ظلِّ الحمدانيين؛ فظهر الكثير من العُلماء والأطبَّاء والفُقهاء والفلاسفة والأُدباء والشُعراء. وتمكَّن سيف الدولة من جعل حلب بيئةً خصبةً لِلعُلوم والآداب والفُنون، فقد فتح قصره لِكُلِّ فنَّانٍ موهوبٍ وأديبٍ لامعٍ وشاعرٍ عظيم، توافدوا عليه من جميع الأقطار الإسلاميَّة، فأصبح البلاط الحمداني مرتع مشاهير العُلماء والأُدباء والشُعراء أمثال المُتنبي وأبي الفتح عثمان بن جني النحوي. وقد أجزل سيف الدولة العطاء لِلشُعراء بِسبب محبَّته لِلشعر وإجادته نظمه، وبادله الشُعراء شعرًا حسنًا، وفنًّا جيدًا. كما كان سيف الدولة يتحبَّب إلى الكُتَّاب والمُصوِّرين ويمنح المُؤرِّخين الشيء الكثير من عطاياه، ممَّا ساهم في تلميع صورته كراعٍ لِلعُلوم والفُنون والآداب بِالإضافة إلى صورته الراسخة كقائدٍ مُجاهد. كما اشتُهِر جماعة من أهل بيته في نظم الشعر كابن عمِّه أبي فراس الحمداني، وهوحينما سقط في أسر الروم في إحدى غزواته، خط أحسن شعره طالبًا من سيف الدولة بحلب حتى يفديه؛ لأنه نشأ في رعايته، ومن شعره في الأَسْر:

ولا تقعـدن عنِّي وقـد سيـم فديتي فلست عـن العمل الكريم بمُقْعَـدِ
فكم لك عنـدي من أيـادٍ وأنعـمٍ حملت بها قدري وأكثرتَ حُسَّدي

هذا وقد اجتمع في بلاط سيف الدولة أشهر اللُغويين والنحويين في زمانه مثل أبي علي الفارسي، وابن خالويه، وابن جني، فضلاً عن الفيلسوف الكبير أبونصر مُحمَّد الفارابي الذي خط في الطب والمنطق والسياسة والرياضيَّات والكيمياء والموسيقى. ويذكر الثعالبي أنَّهُ لم يجتمع بِباب أحد من مُلُوك المُسلمين بعد الخُلفاء ما اجتمع بِباب سيف الدولة من شُيوخ الشعر وعُلماء الدهر، كما يذكر الغزولي أنَّهُ قد اجتمع لهُ ما لم يجتمع لِغيره من المُلُوك، فكان خطيبهُ ابن نباتة السعدي، ومفهمه ابن خالويه، ومُطربه الفارابي، وطبَّاخه كشاجم، وخازن كُتبه الخالديَّان والصنوبري، ومدّاحه المُتنبي والسلامي والوأواء الدمشقي والببغاء والنامي وابن نباتة السعدي والصنوبري وغيرهم. ولقد تخرَّج في ندوة سيف الدولة كثيرٌ من فهماء العصر العبَّاسي الثاني، كما كانت هذه الندوة سببًا في صقل كثير من المواهب الشعريَّة، وفي مُقدِّمة الذين تخرَّجوا في ندوة الأمير من الأُدباء؛ المحرر الشاعر أبوبكر الخوارزمي، شيخ أُدباء نيسابور، الذي كان يقول: «ما فتق قلبي وشحذ فهمي وصقل ذهني وأرهف لِساني وبلغ هذا المبلغ بي إلَّا تلك الطرائف الشاميَّة، واللطائف الحلبيَّة التي علقت بحفظي، وامتزجت بأجزاء نفسي». ولم تكن ندوة سيف الدولة مدرسة لِتخريج المُترددين عليها وحسب، بل تتلمذ عليها بعض كِبار الأُدباء الذين كانوا يلتقطون ما يصدر عنها من بدائع وذخائر، عملى سبيل المِثال كان الصاحب بن عبَّاد، وهوصاحب ندوة لا تقل كثيرًا عن ندوة سيف الدولة، كان يحرص - فيما يقول الثعالبي - على تحصيل الجديد من الشعر الذي يصدر عن شُعراء الندوة الحمدانيَّة ويستملي الطارئين عليه من حلب ما يحفظونه من البدائع واللطائف، حتى خط دفترًا ضخم الحجم كان لا يُفارق مجلسه. وكان من نُجوم هذه الندوة اللَّامعين؛ أبونصر الفارابي، الذي لُقِّب في الفلسفة بِـ«المُعلِّم الثاني». وقد ساهم أهل الذمَّة في الازدهار الثقافي والحضاري في رُبوع الدولة الحمدانيَّة، حيثُ كان كبير أطبَّاء سيف الدولة عيسى الرقي مسيحيًّا، وكان الأمير يجزل له العطاء ويُعطيه أربعة أرزاق أوأربعة مُرتبَّات، فقد نطق عنه ابن أبي أُصيبعة في كتابه «طبقات الأطباء»: «إنَّ سيف الدولة كان يُعطي عطاءً لِكُلِّ عملٍ، وكان عيسى الرَّقِّي يأخذ أربعة أرزاق: رزقًا بسبب الطب، ورزقًا بسبب ترجمة الكُتُب من السُرياني إلى العربي، ورزقين بسبب فهمين آخرين». كما لمع من المسيحيين تحت رعاية سيف الدولة مُهندسون ورياضيَّاتيُّون وفلكيُّون، وأشهرهم ديونيسيوس بطريرك اليعاقبة، والمُجتبى الأنطاكي، وقيس الماروني.

الجيش

نموذج عن الجُندي الأعرابي من المُشاة الرمَّاحين (حملة الرماح).
فارسٌ مملوك من رُماة النشَّاب.

جهد سيف الدولة بِتوفير المال والرجال لكي يستطيع الاستمرار في قتال وجهاد البيزنطيين ودفعهم بعيدًا عن حُدود الديار الإسلاميَّة، فجنَّد مُقاتلين من القبائل العربيَّة الضاربة في الجزيرة الفُراتيَّة والشَّام من بني عُقيل ونُمير وكلاب، وقد شكَّلوا العمود الفقري لِقُوَّاته المُسلَّحة، كما جنَّد المُتطوِّعة الذين رغبوا في الجهاد ضدَّ البيزنطيين، هذا إلى جانب العُنصر الأعجمي؛ كالتُرك والدَّيلم، وقد تبوَّأ بعضهم مراكز قياديَّة، أمثال نجا وقرغويه ولؤلؤ. واستغلَّ الشُعُور الديني لِإقناع جُنُوده بِأنَّهم يُؤدُّون فريضة الجهاد بِقتال الروم، كما استغلَّ طمعهم الماديّ في الحُصُول على الغنائم، لِيحُثَّهم على القتال، كما كان يُغدق عليهم ما يتخلَّف في ميدان القتال من الأموال والأسلاب. واشتهر غلمانه بِشدَّة البأس في القتال، وكان يلقى الجمع الكثير بِالعدد اليسير. تألَّف الجيش الحمداني من فِرقٍ عسكريَّةٍ من الفُرسان والمُشاة من حملة الأقواس والسِّهام، وقد شكَّلت طليعة الجُيُوش. كان الفُرسان يحملون الرَّايات المُلوَّنة والمُزخرفة بِالآيات القُرآنيَّة والنُقُوش، ويُغطُّون أبدانهم، شأن المُشاة، بِالتُرُوس الضخمة، ويحملون بِأيديهم الرِّماح الطويلة والأقواس التي يرمون بها النشَّاب. واستخدم الجيش الحمداني آلاتٍ ذات أصواتٍ حادَّةٍ يقؤعونها أثناء الحرب، فتقوم بِعملٍ مُزدوجٍ: إثارة الحماس في نُفُوس الجُند المُسلمين، والرُّعب في نُفُوس الجُند البيزنطيين، حيثُ تختلط أصواتها بِأهازيج الجُند الحماسيَّة وبِهدير الإبل التي تحمل معدَّات الحرب، كما تُثيرُ الفزع في خُيُولهم، فتجمح وتهرُب. واستخدم أفراد الجيش الحمداني من الأسلحة: الرماح الطويلة والسُيُوف والأقواس الضخمة والفُؤوس والجواشن (الدُروع الكبيرة) واللَّت (عمود طويل مُربَّع) المُضرَّس والمُستوفي والمناطق والتجافيف (جلال الحصان الواقي). وشكَّل الخيل عُنصُرًا هامًّا في القتال، حتَّى اختار منها سيفُ الدولة أندرُها وأكثرُها أصالة، وكان لهُ حصانٌ مشهورٌ أبتر عندَّهُ يُدعى «الفحَّى» نسبةً إلى سواد لونه. ويذخر شعر المُتنبِّي، وهوشاعر الحرب الحمدانيَّة، بِوصف الخيل وآداب الفُروسيَّة ما يدُل على أنَّ فُرسان سيف الدولة هجروا أثرًا فاعلًا في نفسه. وابتكر سيف الدولة حركة القفز وخصَّص لها كتيبة كان أفرادُها من الشجاعة، حتَّى أنهم كانوا يقومون بِالقفز من قمَّةٍ إلى قمَّة حتَّى ينقضُّون على العدوّ وينالون منه، لكنَّ سيف الدولة سرَّح أفراد هذه الكتيبة بعد ذلك لِتعارُضها من آداب الفُروسيَّة على الأغلب. كان الجيش الحمداني يدخل المعركة وفق خطَّةٍ مُحكمة ومدروسة بِدقَّة، ويخضع أفراده لِنظامٍ صارمٍ، وقد أعدُّوا لِكُلِّ أمرٍ عُدَّته، وتداركوا كُلَّ خلل، ونظَّموا الخدمة اليوميَّة، وأخذوا بِنظام الكشَّافة والطلائع، فكانوا جُنودًا غلاظًا جبابرةً يستميتون في المعارك والاحتفاظ بِالنصر، ومن العسير حتى يتقهقروا أويرتدُّوا أوانتزاع أيُّ مسقطٍ منهم إذا كان يحميه ألف جُندي.

قائمة الأُمراء الحمدانيين

أُمراء الموصل

اللقب والكِنية الاسم سنوات الحُكم
أبومُحمَّد
ناصر الدولة
الحسن بن أبي الهياتى عبدُ الله بن حمدان التغلبي 318 - 358هـ
930 - 969م
أبوتغلب
عُضد الدولة
الغضنفر فضلُ الله بن الحسن بن أبي الهياتى التغلبي 358 - 369هـ
969 - 979م
أبوطاهر إبراهيم بن الحسن بن أبي الهياتى التغلبي 379 - 389هـ
981 - 991م
أبوعبد الله الحُسين بن الحسن بن أبي الهياتى التغلبي 379 - 389هـ
981 - 991م

أُمراء حلب

اللقب والكِنية الاسم سنوات الحُكم
أبوالحسن
سيفُ الدولة
عليّ بن أبي الهياتى عبدُ الله بن حمدان التغلبي 333 - 356هـ
944 - 967م
أبوالمعالي
سعد الدولة
شريف بن عليّ بن أبي الهياتى عبدُ الله التغلبي 356 - 381هـ
967 - 991م
أبوالفضائل
سعيد الدولة
سعيد بن شريف بن عليّ التغلبي 381 - 392هـ
991 - 1002م
أبوالحسن عليّ بن سعيد بن شريف التغلبي 392هـ
1002م
أبوالمعالي شريف بن سعيد بن شريف التغلبي 394هـ
1004م

انظر أيضًا

  • الشيعة في سوريا
  • قائمة السلالات الإسلامية الشيعية

المراجع

بِاللُغة العربيَّة

  1. ^ مُصطفى، شاكر (1993). موسوعة دول العالم الأسلامي ورجالها، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الفهم للملايين. صفحة 352.
  2. ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 42.
  3. جحا، شفيق; البعلبكي، مُنير; عُثمان، بهيج (1999م). المُصوَّر في التاريخ (الطبعة التاسعة عشرة). بيروت، لُبنان: دار الفهم للملايين. صفحة 22 - 23.
  4. ^ جحا، شفيق; البعلبكي، مُنير; عُثمان، بهيج (1999م). المُصوَّر في التاريخ (الطبعة التاسعة عشرة). بيروت، لُبنان: دار الفهم للملايين. صفحة 27.
  5. ^ الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 12.
  6. ^ السَّامر، فيصل (1970). الدولة الحمدانية في الموصل وحلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بغداد - العراق: مطبعة الأمان. صفحة 44.
  7. زين الدين، مُحمَّد. . مركز الرسالة. صفحة 176. ISBN . مؤرشف من الأصل في ثلاثة أبريل 2019. اطلع عليه بتاريخ 29 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 2016م.
  8. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 201. ISBN .
  9. البلاذريّ، أحمد بن يحيى بن جابر بن داود (1988م). فُتوح البُلدان. بيروت - لُبنان: دار ومخطة الهلال. صفحة 186 - 187.
  10. ^ السَّامر، فيصل (1970). الدولة الحمدانية في الموصل وحلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بغداد - العراق: مطبعة الأمان. صفحة 55.
  11. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 203. ISBN .
  12. ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 238 - 239.
  13. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 348.
  14. ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 368 - 369.
  15. ^ السَّامر، فيصل (1970). الدولة الحمدانية في الموصل وحلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بغداد - العراق: مطبعة الأمان. صفحة 74.
  16. ^ الطبري، أبوجعفر مُحمَّد بن جُرير; تحقيق مُحمَّد أبوالفضل إبراهيم (1387هـ - 1967م). تاريخ الرُسل والمُلوك، الجُزء العاشر (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: دار المعارف. صفحة 9.
  17. ^ الطبري، أبوجعفر مُحمَّد بن جُرير; تحقيق مُحمَّد أبوالفضل إبراهيم (1387هـ - 1967م). تاريخ الرُسل والمُلوك، الجُزء العاشر (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: دار المعارف. صفحة 32.
  18. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 480.
  19. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 483 - 484.
  20. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 209. ISBN .
  21. ^ الحمداني، أبوفراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون; تحقيق: خليل الدويهي (1414هـ - 1994م). (PDF) (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الكتاب العربي. صفحة 128. مؤرشف من الأصل (PDF) فيثمانية يناير 2020.
  22. ^ الطبري، أبوجعفر مُحمَّد بن جُرير; تحقيق مُحمَّد أبوالفضل إبراهيم (1387هـ - 1967م). تاريخ الرُسل والمُلوك، الجُزء العاشر (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: دار المعارف. صفحة 43.
  23. ^ الطبري، أبوجعفر مُحمَّد بن جُرير; تحقيق مُحمَّد أبوالفضل إبراهيم (1387هـ - 1967م). تاريخ الرُسل والمُلوك، الجُزء العاشر (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: دار المعارف. صفحة 109 - 111.
  24. ^ منطق من إعداد الشبكة الإسلامية (9 رجب 1428هـ - 23 تمُّوز (يوليو) 2007م). "القرامطة والباطنية عبر التاريخ: ملفات متنوعة". شبكة طريق الإسلام. مؤرشف من الأصل فيثمانية يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 30 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 2016م.
  25. ^ الطبري، أبوجعفر مُحمَّد بن جُرير; تحقيق مُحمَّد أبوالفضل إبراهيم (1387هـ - 1967م). تاريخ الرُسل والمُلوك، الجُزء العاشر (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: دار المعارف. صفحة 113.
  26. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 549.
  27. ^ الطبري، أبوجعفر مُحمَّد بن جُرير; تحقيق مُحمَّد أبوالفضل إبراهيم (1387هـ - 1967م). تاريخ الرُسل والمُلوك، الجُزء العاشر (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: دار المعارف. صفحة 123.
  28. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 212. ISBN .
  29. ^ ابن تغري بردي، أبوالمحاسن جمالُ الدين يُوسُف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي; قدَّم لهُ وعلَّق عليه: مُحمَّد حُسين شمسُ الدين (1413هـ - 1992م). النُجوم الزاهرة في مُلوك مصر والقاهرة، الجُزء الثالث (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 147 - 150.
  30. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 547.
  31. ^ الطبري، أبوجعفر مُحمَّد بن جُرير; تحقيق مُحمَّد أبوالفضل إبراهيم (1387هـ - 1967م). تاريخ الرُسل والمُلوك، الجُزء العاشر (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: دار المعارف. صفحة 138.
  32. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 214. ISBN .
  33. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 5. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  34. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 573.
  35. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 36 - 37. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  36. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 639 - 640.
  37. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 38، 55 - 56. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  38. ^ "الدولة الحمدانية في الموصل وحلب". annabaa.org. مؤرشف من الأصل في 23 مارس 2018. اطلع عليه بتاريخ 01 نوفمبر 2016.
  39. ^ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)/مبدأ لدولة وولاية أبي الهياتى عبد الله بن حمدان على الموصل./i863&d1155447&c&p1 "فصل: مبدأ لدولة وولاية أبي الهياتى عبد الله بن حمدان على الموصل.|نداء الإيمان" تحقق من قيمة |مسار أرشيف= (مساعدة). www.al-eman.com. مؤرشف من الأصل في أربعة نوفمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 01 نوفمبر 2016.
  40. ^ عدوان, أحمد (1981). الدولة الحمدانية. ليبيا: المنشأة الشعبية للنشر والتوزيع والإعلان والمطابع. صفحة 135.
  41. ^ "الدولة الحمدانية | مسقط سيرة الإسلام - إشراف د/ راغب السرجاني". islamstory.com. مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 02 نوفمبر 2016.
  42. ^ عدوان, أحمد (1981). الدولة الحمدانية. المنشأة الشعبية للنشر والتوزيع والإعلان والمطابع. صفحة 139.
  43. ^ عدوان, أحمد. الدولة الحمدانية. المنشأة الشعبية للنشر والتوزيع والإعلان والمطابع. صفحة 141.
  44. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 290 - 291. ISBN .
  45. ^ ابن العبري، أبوالفرج گريگوريوس بن هٰرون الملطي; تحقيق: أنطون صالحاني اليسوعي (1415هـ - 1994م). تاريخ مُختصر الدُول (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الرَّائد اللُّبناني. صفحة 53.
  46. الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 27 - 28.
  47. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 112.
  48. ^ "الحمدانيون والمقاطعات الجنوبية ـ الغربية لأرمينيا". ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية. 2016-07-04. مؤرشف من الأصل في 04 نوفمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 02 نوفمبر 2016.
  49. ^ أحمد عدوان (1981م). الدولة الحمدانية (الطبعة الأول). ليبيا: المنشأة الشعبية للنشر والتوزيع والإعلان والمطابع. صفحة 148.
  50. ^ عدوان, أحمد (1981). الدولة الحمدانية. ليبيا: النشأة الشعبية للنشر والتوزيع والإعلان والمطابع. صفحة 161.
  51. ^ "ناصر الدولة | الموسوعة العربية". www.arab-ency.com. مؤرشف من الأصل في 27 مارس 2020. اطلع عليه بتاريخ 02 نوفمبر 2016.
  52. ^ "الخط - تاريخ الإسلام المضىي - الطبقة الرابعة والثلاثون - سنة اثنتين وثلاثين - الحرب بين توزون والمتقي". library.islamweb.net. مؤرشف من الأصل في أربعة نوفمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 02 نوفمبر 2016.
  53. ^ "البويهيون يتسلمون منطقيد الحكم في بغداد سنة 334هـ". www.alrased.net. مؤرشف من الأصل في أربعة نوفمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 03 نوفمبر 2016.
  54. ^ "معز الدولة البويهي | الموسوعة العربية". www.arab-ency.com. مؤرشف من الأصل فيثمانية أكتوبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 03 نوفمبر 2016.
  55. ^ ابن خلدون، أبوزيد وليُّ الدين عبدُ الرحمٰن بن مُحمَّد الحضرمي الإشبيلي; تحقيق: خليل شحادة (1408هـ - 1988م). (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الفكر. صفحة 717. مؤرشف من الأصل في أربعة مايو2019. اطلع عليه بتاريخ 27 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2015م.
  56. ^ عدوان, أحمد (1981). الدولة الحمدانية. المنشأة الشعبية للنشر والإعلان والتوزيع والمطابع. صفحات 137–170.
  57. ^ "الدولة الحمدانية في الموصل وحلب". annabaa.org. مؤرشف من الأصل في 23 مارس 2018. اطلع عليه بتاريخ 07 نوفمبر 2016.
  58. ^ "الدولة الحمدانية.. درع الإسلام". annabaa.org. مؤرشف من الأصل في 28 نوفمبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 07 نوفمبر 2016.
  59. ^ أبوالفداء, اسماعيل. "2". المختصر في أخبار البشر. سوريا. صفحة 110.
  60. ^ "مقتل عزالدين بختيار". alhibr1.com. مؤرشف من الأصل فيتسعة نوفمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 08 نوفمبر 2016.
  61. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 380 - 382. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  62. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 360 - 361.
  63. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 392. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  64. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 401 - 402. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  65. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 366 - 367.
  66. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 255 - 256. ISBN .
  67. ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 177 - 188. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  68. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 260 - 261. ISBN .
  69. ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 106 - 107.
  70. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 132.
  71. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 108.
  72. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 133.
  73. ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 111.
  74. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 264. ISBN .
  75. ^ التنُّوخي، القاضي أبوعلي المُحسن بن عليّ; تحقيق: عبُّود الشالجي (1995). (PDF) (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار صادر. صفحة 240. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  76. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 112.
  77. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 269. ISBN .
  78. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 113.
  79. الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 30.
  80. ابن سعيد الغرناطي المغربي، نورُ الدين أبوالحسن عليّ بن موسى بن مُحمَّد بن عبد الملك; تحقيق: زكي مُحمَّد حسن، وشوقي ضيف، وسيِّدة كاشف (1953). المُغرِّب في حُلى المغرب، الجُزء الأوَّل، القسم الخاص بِمصر (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: مطبعة جامعة فؤاد الأوَّل. صفحة 194 - 195.
  81. ^ زيود، مُحمَّد أحمد (1409هـ - 1989م). العلاقات بين الشَّام ومصر في العهدين الطولوني والإخشيدي 254 - 358هـ (الطبعة الأولى). دمشق - سوريا: دار حسَّان للطباعة والنشر. صفحة 311 - 315.
  82. ^ ابن خلِّكان، أبوالعبَّاس شمسُ الدين أحمد بن مُحمَّد بن إبراهيم بن أبي بكر البرمكي الإربلي; تحقيق: إحسان عبَّاس (1977). وفيَّات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، الجُزء الخامس. بيروت - لُبنان: دار صادر. صفحة 59.
  83. ^ ابن سعيد الغرناطي المغربي، نورُ الدين أبوالحسن عليّ بن موسى بن مُحمَّد بن عبد الملك; تحقيق: زكي مُحمَّد حسن، وشوقي ضيف، وسيِّدة كاشف (1953). المُغرِّب في حُلى المغرب، الجُزء الأوَّل، القسم الخاص بِمصر (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: مطبعة جامعة فؤاد الأوَّل. صفحة 198.
  84. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 117 - 118.
  85. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 164.
  86. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 265. ISBN .
  87. ^ الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 31 - 32.
  88. ^ العريني، السيِّد الباز (1982). الدولة البيزنطية 323-1081م (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النهضة العربيَّة. صفحة 417 - 418.
  89. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 174.
  90. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 120.
  91. ^ الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 32.
  92. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد (1990). تاريخ الأنطاكي. طرابُلس، لُبنان. صفحة 78.
  93. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد (1990). تاريخ الأنطاكي. طرابُلس، لُبنان. صفحة 78 - 79.
  94. ^ الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 33.
  95. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 121.
  96. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 200.
  97. ^ العريني، السيِّد الباز (1982). الدولة البيزنطية 323-1081م (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النهضة العربيَّة. صفحة 419.
  98. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد (1990). تاريخ الأنطاكي. طرابُلس، لُبنان. صفحة 83 - 84.
  99. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 209.
  100. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد (1990). تاريخ الأنطاكي. طرابُلس، لُبنان. صفحة 85.
  101. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 299. ISBN .
  102. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 266. ISBN .
  103. ^ الحمداني، أبوفراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون; تحقيق: خليل الدويهي (1414هـ - 1994م). (PDF) (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الكتاب العربي. صفحة 11 - 12. مؤرشف من الأصل (PDF) فيثمانية يناير 2020.
  104. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 243.
  105. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 197. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  106. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 244 - 245.
  107. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 247.
  108. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 247 - 248.
  109. ^ ابن كثير، أبوالفداء إسماعيل بن عُمر القُرشي البصري الدمشقي; تحقيق عبدُ الله بن عبد المُحسن التُركي (1418 هـ - 1997م). البداية والنهاية، الجزء الحادي عشر (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان. صفحة 253.
  110. ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 140 - 141.
  111. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 255 - 256.
  112. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد (1990). تاريخ الأنطاكي. طرابُلس، لُبنان. صفحة 85 - 86.
  113. ^ ابن العبري، أبوالفرج گريگوريوس بن هٰرون الملطي; تحقيق: أنطون صالحاني اليسوعي (1415هـ - 1994م). تاريخ مُختصر الدُول (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الرَّائد اللُّبناني. صفحة 59 - 60.
  114. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 124.
  115. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد (1990). تاريخ الأنطاكي. طرابُلس، لُبنان. صفحة 87 - 88.
  116. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 177. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  117. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد (1990). تاريخ الأنطاكي. طرابُلس، لُبنان. صفحة 93.
  118. ^ العريني، السيِّد الباز (1982). الدولة البيزنطية 323-1081م (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النهضة العربيَّة. صفحة 447.
  119. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 303.
  120. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 190 - 191. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  121. ^ الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 37.
  122. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 131 - 132.
  123. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 192 - 193. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  124. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 310. ISBN .
  125. ^ ابن العبري، أبوالفرج گريگوريوس بن هٰرون الملطي; تحقيق: أنطون صالحاني اليسوعي (1415هـ - 1994م). تاريخ مُختصر الدُول (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الرَّائد اللُّبناني. صفحة 64.
  126. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد (1990). تاريخ الأنطاكي. طرابُلس، لُبنان. صفحة 113 - 114.
  127. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 264 و271.
  128. ^ الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 39 - 40.
  129. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 146.
  130. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 255. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  131. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 319. ISBN .
  132. ^ ابن خلِّكان، أبوالعبَّاس شمسُ الدين أحمد بن مُحمَّد بن إبراهيم بن أبي بكر البرمكي الإربلي; تحقيق: إحسان عبَّاس (1977). وفيَّات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، الجُزء الثاني. بيروت - لُبنان: دار صادر. صفحة 61.
  133. ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 150 - 152.
  134. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 294.
  135. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 159.
  136. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 159 - 160.
  137. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 322. ISBN .
  138. ^ ابن تغري بردي، أبوالمحاسن جمالُ الدين يُوسُف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي; قدَّم لهُ وعلَّق عليه: مُحمَّد حُسين شمسُ الدين (1413هـ - 1992م). النُجوم الزاهرة في مُلوك مصر والقاهرة، الجُزء الرابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 21.
  139. ^ الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 50.
  140. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد (1990). تاريخ الأنطاكي. طرابُلس، لُبنان. صفحة 194 - 195.
  141. ^ الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 51.
  142. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 163.
  143. ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 422 - 423، و447 - 448.
  144. ^ ابن القَلانسي، أبويعلى حمزة بن أسد بن عليّ بن مُحمَّد التميمي الدمشقي (1908). (PDF). بيروت - ولاية بيروت، الدولة العثمانية. صفحة 34 - 38. مؤرشف من الأصل (PDF) في 17 مايو2020.
  145. ^ الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 53 - 55.
  146. ^ ابن الأثير الجزري، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجُزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 449 - 450.
  147. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 168.
  148. ^ الأزدي، علي بن ظافر بن الحُسين; تحقيق: تميمة الروَّاف (1405هـ - 1985م). أخبار الدولة الحمدانيَّة بِالموصل وحلب وديار بكر والثُغور (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار حسَّان. صفحة 57.
  149. الأنطاكي، يحيى بن سعيد (1990). تاريخ الأنطاكي. طرابُلس، لُبنان. صفحة 325 - 326.
  150. ^ أبوالفداء، إسماعيل بن علي بن محمود الأيُّوبي. (PDF). الجُزء الثاني. القاهرة - مصر: المطبعة الحُسينيَّة المصريَّة. صفحة 189 - 190. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 11 نيسان (أبريل) 2019.
  151. ^ ابن شدَّاد، أبوالمحاسن بهاءُ الدين يُوسُف بن رافع بن تميم الأسدي المُوصلِّي; تحقيق: يحيى زكريَّا تعبير (1991). (PDF) (الطبعة الأولى). دمشق - سوريا: وزارة الثقافة السُوريَّة. صفحة 311. مؤرشف من الأصل (PDF) في 11 أبريل 2019. اطلع عليه بتاريخ 11 نيسان (أبريل) 2019.
  152. ^ العتباني, طاهر (13 ذوالقعدة 1430هـ - 1 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2009م). "تاريخ الشيعة". شبكة الألوكة. مؤرشف من الأصل في 22 أكتوبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 2 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2016م.
  153. ^ العطَّار, رضا. Al-Attar-35-Hamdani-1.htm "أضواء على الدولة الحمدانية – الحلقه الأولى: مقتبس من (الحضارة الانسانية) لمؤلفه آدم منز" تحقق من قيمة |مسار أرشيف= (مساعدة). مؤرشف من الأصل في ثلاثة أكتوبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 2 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2016م.
  154. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 38. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  155. ^ السَّامر، فيصل (1970). الدولة الحمدانية في الموصل وحلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بغداد - العراق: مطبعة الأمان. صفحة 245.
  156. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 233. ISBN .
  157. "الدولة الحمدانية". سيرة الإسلام. 16 تمُّوز (يوليو) 2008م. مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 2 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2016م.
  158. ^ ابن مسكويه، أبوعلي أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب; تحقيق: سيِّد كسروي حسن (1424هـ - 2003م). (PDF) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 31. مؤرشف من الأصل (PDF) في 16 ديسمبر 2019.
  159. ^ الصولي، أبوبكر مُحمَّد بن يحيى بن عبد الله; تحقيق: جـ. هيورث دن (1399هـ - 1979م). (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار المسيرة. صفحة 238 و241. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019.
  160. ^ الصولي، أبوبكر مُحمَّد بن يحيى بن عبد الله; تحقيق: جـ. هيورث دن (1399هـ - 1979م). (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار المسيرة. صفحة 234. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019.
  161. قجَّة, مُحمَّد (29 آب (أغسطس) 2005م). "العمارة في عصر سيف الدولة الحمداني". الجماهير: نبض حلب، العدد: 11910. مؤرشف من الأصل في 23 نوفمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 2 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2016م.
  162. ^ العاملي، السیِّد حسین یوسف مکِّي، تاریخ مشهد الإمام الحسین (علیه السلام) فی حلب، مجلة: الموسم، السنة 1413، صفحة: 126-128. نسخة محفوظة 27 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  163. ^ كامِل الغَزِّي، نهر المضى في تاريخ حلب، الجزء: 2 صفحة: 212. نسخة محفوظة 28 سبتمبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
  164. ^ الشیخ مُحمَّد صادق مُحمَّّد الکرباسي، تاريخ المراقد (الحسين وأهل بيته وأنصاره)، الجزء السادس، صفحة: 116. نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  165. قجَّة, مُحمَّد (2 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2010م). "العمارة في عصر سيف الدولة الحمداني". مجلَّة الباحثون العدد 42. مؤرشف من الأصل في 23 نوفمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 2 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2016م.
  166. ^ "العُصُور التي تعاقبت على العلويين". المخطة الإسلاميَّة العلويَّة. مؤرشف من الأصل في 22 أبريل 2018. اطلع عليه بتاريخ 27 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2016م.
  167. الشُمَّري, علي (شعبان - رمضان 1420هـ). "الدولة الحمدانية في الموصل وحلب". سلسلة دول الشيعة (4). مجلَّة النبأ، العدد 39 - 40. مؤرشف من الأصل في 23 مارس 2018. اطلع عليه بتاريخ 27 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2016م.
  168. ^ سمَّان, نجمُ الدين (31 آب (أغسطس) 2016م). "حلب.. ما بين طُغاتِهَا وغُزَاتِها". شبكة جيرون. مؤرشف من الأصل في 27 نوفمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 27 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2016م.
  169. ^ الطبَّاخ الحلبي، مُحمَّد راغب بن محمود بن هشام; تنقيح: مُحمَّد كمال (1408هـ - 1988م). (الطبعة الثانية). حلب - سوريا: دار القلم العربي. صفحة 249 - 253. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019.
  170. ^ البالي الغُزّي الحلبي، تام بن حسين بن محمد بن مصطفى (1419هـ). (الطبعة الثانية). حلب - سوريا: دار القلم العربي. صفحة 155. مؤرشف من الأصل في 11 أبريل 2017.
  171. ^ نصر الله، إبراهيم (1403هـ - 1983م). حلب والتشيُّع (الطبعة الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الوفاء. صفحة 25.
  172. ^ العاصي، هاشم أحمد (29 كانون الثاني (يناير) 2007م). "الشيعة الحمدانيون والواقع المعاصر". مجلَّة دُنيا الوطن. صفحة 3. مؤرشف من الأصل في 27 نوفمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 27 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2016م.
  173. ^ نصر الله، إبراهيم (1403هـ - 1983م). حلب والتشيُّع (الطبعة الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الوفاء. صفحة 33 و83.
  174. ^ زيتون، جوزيف (23 أيَّار (مايو) 2016م). "آثارنا المسيحية: دير القديس سمعان العمودي". مؤرشف من الأصل فيستة أكتوبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 27 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2016م.
  175. أيُّوب، إبراهيم رزق الله (2001). التاريخ العبَّاسي السياسي والحضاري (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: الشركة العالميَّة لِلكتاب. صفحة 175. ISBN .
  176. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1429هـ - 2008م). تاريخ الطولونيين والأخشيديين والحمدانيين (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 287. ISBN .
  177. ^ ابن العديم، كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العُقيلي; وضع حواشيه: خليل المنصور (1417هـ - 1996م). زبدة الحلب في تاريخ حلب، الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 130.

بِلُغاتٍ أجنبيَّة

  1. ^ Kennedy, Hugh N. (2004). (الطبعة الثانية). Harlow, UK: Pearson Education Ltd. صفحة 265–266. ISBN . مؤرشف من الأصل في 27 أغسطس 2019.
  2. ^ Canard, Marius (1986). "Ḥamdānids". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume III: H–Iram. Leiden and New York: BRILL. صفحة 126. ISBN . مؤرشف من الأصل في 24 مارس 2019.
  3. ^ Fields, Philip M. (1987). . Albany, New York: State University of New York Press. صفحة 7. ISBN . مؤرشف من الأصل في 29 أبريل 2016.
  4. ^ Canard, Marius (1997). "ʿĪsā b. al-S̲h̲ayk̲h̲". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume IV: Ira–Kha. Leiden and New York: BRILL. صفحة 89. ISBN . مؤرشف من الأصل في 14 أبريل 2020.
  5. ^ Canard, Marius (1986). "Ḥamdānids". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume III: H–Iram. Leiden and New York: BRILL. صفحة 126. ISBN . مؤرشف من الأصل في 24 مارس 2019.
  6. ^ Kennedy, Hugh N. (2004). (الطبعة الثانية). Harlow, UK: Pearson Education Ltd. صفحة 266. ISBN . مؤرشف من الأصل في 27 أغسطس 2019.
  7. ^ Canard, Marius (1986). "Ḥusayn b. Ḥamdān". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume III: H–Iram. Leiden and New York: BRILL. صفحات 619–620. ISBN . مؤرشف من الأصل في 24 فبراير 2015.
  8. ^ Kennedy, Hugh N. (2004). (الطبعة الثانية). Harlow, UK: Pearson Education Ltd. صفحة 267. ISBN . مؤرشف من الأصل في 27 أغسطس 2019.
  9. ^ Bianquis, Thierry (1997). "Sayf al-Dawla". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume IX: San–Sze. Leiden and New York: BRILL. صفحة 104. ISBN . مؤرشف من الأصل في 14 أبريل 2020.
  10. ^ Canard, Marius (1986). "Ḥamdānids". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume III: H–Iram. Leiden and New York: BRILL. صفحة 129. ISBN . مؤرشف من الأصل في 24 مارس 2019.
  11. ^ Bianquis, Thierry (1997). "Sayf al-Dawla". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume IX: San–Sze. Leiden and New York: BRILL. صفحة 115. ISBN . مؤرشف من الأصل في 14 أبريل 2020.
  12. ^ Bianquis, Thierry (1997). "Sayf al-Dawla". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume IX: San–Sze. Leiden and New York: BRILL. صفحة 113. ISBN . مؤرشف من الأصل في 14 أبريل 2020.
  13. ^ Kennedy, Hugh N. (2004). (الطبعة الثانية). Harlow, UK: Pearson Education Ltd. صفحة 273. ISBN . مؤرشف من الأصل في 27 أغسطس 2019.
  14. ^ Rambaud, Alfred (1870). . Paris A. Franck. صفحة 39. مؤرشف من الأصل فيثمانية يناير 2020.
  15. ^ Canard, Marius (1986). "Ḥamdānids". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume III: H–Iram. Leiden and New York: BRILL. صفحة 772. ISBN . مؤرشف من الأصل في 24 مارس 2019.
  16. ^ Rambaud, Alfred (1870). . Paris A. Franck. صفحة 426. مؤرشف من الأصل فيثمانية يناير 2020.
  17. ^ Humphreys, Stephen (2010). "Syria". In Robinson, Charles F. (المحرر). The New Cambridge History of Islam, Volume I: The Formation of the Islamic World, Sixth to Eleventh Centuries. Cambridge and New York: Cambridge University Press. صفحة 538. ISBN .
  18. ^ The description of this ceremony survives in De Ceremoniis, 2.19. McCormick (1990), pp. 159–163
  19. ^ Un empereur byzantin au dixieme siecle: Nicephore Phocas. p 251 نسخة محفوظة 04 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  20. ^ Bianquis, Thierry (1997). "Sayf al-Dawla". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume IX: San–Sze. Leiden and New York: BRILL. صفحات 108–109. ISBN . مؤرشف من الأصل في 14 أبريل 2020.
  21. ^ Kennedy, Hugh N. (2004). (الطبعة الثانية). Harlow, UK: Pearson Education Ltd. صفحة 280. ISBN . مؤرشف من الأصل في 27 أغسطس 2019.
  22. ^ El Tayib, Abdullah (1990). "Abū Firās al-Ḥamdānī". In Ashtiany, Julia; Johnstone, T. M.; Latham, J. D.; Serjeant, R. B.; Smith, G. Rex (المحررون). ʿAbbasid Belles-Lettres. Cambridge: Cambridge University Press. صفحة 326. ISBN .
  23. ^ Kazhdan, Alexander Petrovich, المحرر (1991). The Oxford Dictionary of Byzantium. New York and Oxford: Oxford University Press. صفحات 317–318. ISBN .
  24. ^ Whittow, Mark (1996). . Berkeley and Los Angeles, California: University of California Press. صفحة 353. ISBN . مؤرشف من الأصل في 18 أغسطس 2019.
  25. ^ Canard, Marius (1986b). "Luʾluʾ". The Encyclopedia of Islam, New Edition, Volume V: Khe–Mahi. Leiden and New York: BRILL. صفحة 820. ISBN . مؤرشف من الأصل في 15 أغسطس 2016.
  26. ^ Un empereur byzantin au dixieme siecle: Nicephore Phocas. p 210 - 211 نسخة محفوظة 04 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  27. ^ Un empereur byzantin au dixieme siecle: Nicephore Phocas. p 224 نسخة محفوظة 04 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.

وصلات خارجيَّة

  • الحمدانيون (317 - 406هـ \ 929 - 1015م). أمراء الثُغُور الأشاوس. إعداد رحاب مُحمَّد فقيه، الجامعة اللُبنانيَّة.
  • الحمدانيون والمُقاطعات الجنوبيَّة ـ الغربيَّة لِأرمينيا. مُلحق أزتاك العربي لِلشُؤون الأرمنيَّة.
  • هل تُعيد إيران إحياء الدولة الحمدانيَّة بين الموصل وحلب،يا ترى؟ الاتحاد پرس، بِقلم عبد الوهَّاب عاصي.
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:18:04
التصنيفات: دول سابقة في الشرق الأوسط, إمارات سابقة, دول وأقاليم تأسست في 930, دول وأقاليم انحلت في 1003, الجزيرة الفراتية في العصر العباسي, تأسيسات 930 في آسيا, تأسيسات سنة 890, تاريخ الموصل, تاريخ تركيا, تاريخ حلب, حمدانيون, دول إسلامية سابقة, دول وأقاليم انحلت في عقد 1000, دول وأقاليم تأسست في عقد 890, سلالات حاكمة عربية, سلالات حاكمة مسلمة شيعية, صفحات برابط تشعبي خاطئ, CS1: long volume value, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات بلدان سابقة تحتاج للصيانة, صفحات بها وصلات إنترويكي, قالب تصنيف كومنز بوصلة كما في ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P214, صفحات تستخدم خاصية P227, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة الشام/مقالات متعلقة, بوابة العراق/مقالات متعلقة, بوابة شيعة/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ الإسلامي/مقالات متعلقة, بوابة الدولة العباسية/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, مقالات مختارة, الصفحات التي لا تقبل ربط البوابات المعادل

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

العلماء يكتشفون دلائل على وجود نهر جليدى حديث فوق سطح المريخ

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:24:10
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 36%

تنفيذ 4 مشروعات بقطاع الصحة فى سوهاج بـ1.1 مليار جنيه.. صور

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:23:55
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 48%

أول تعليق من أمريكا على مذكرة اعتقال بوتين

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:21:34
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 57%

ارتفاع إنتاج مصر من حديد التسليح إلى 7.8 مليون طن خلال 11 شهرًا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:23:59
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 38%

سفير مصر فى فيينا: قدرات مصر السياحية واعدة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:21:41
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

مواعيد قطارات السكة الحديد فى الوجهين البحرى والقبلى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:24:01
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 37%

دعاء الفجر.. أبرز ادعية الصباح اليوم السبت 18 مارس 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:21:42
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

كيف تصلى التراويح جماعة فى البيت خلال شهر رمضان.. إنفوجراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:24:08
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 49%

أسعار مواد البناء.. سعر الحديد والأسمنت اليوم السبت 18 مارس 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:21:36
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 54%

 التعاون الإسلامي تدعم حق شعب جامو وكشمير في تقرير المصير

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:22:17
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 53%

هجوم لـ«طالبان» على موقع لتنظيم «داعش خرسان» فى أفغانستان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:22:29
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 65%

تشيلسى يستضيف إيفرتون فى مواجهة قوية بالدورى الإنجليزى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:23:49
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 40%

الثلاثاء.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر رمضان المبارك

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:21:40
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

رئيس وزراء فلسطين: غياب المساءلة وراء تكرار الاحتلال لعمليات القتل

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:22:29
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 55%

الصحة العالمية: كورونا 2023 سيكون مثل الإنفلونزا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:21:37
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 63%

طوارئ بغرف عمليات المرور لمواجهة تداعيات تقلبات الطقس على الطرق

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:23:52
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 35%

بالأسماء.. إعلان الفائزين بعضوية مجلس نقابة الصحفيين

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:24:04
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 38%

سعر الريال السعودى اليوم السبت 18 مارس 2023 فى البنوك المصرية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:21:33
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 69%

أول تعليق من فيريرا بعد وداع الزمالك دورى أبطال أفريقيا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:21:49
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 57%

قبل رمضان 2023.. اسعار الفراخ والبانية والبيض اليوم في بورصة الدواجن

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:22:37
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 57%

الشئون الإسلامية بمكة تنهى جميع تجهيزات رمضان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:22:27
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 60%

حظك اليوم.. جميع الأبراج الفلكية السبت 18 مارس 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:21:32
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 50%

النتيجة الكاملة لانتخابات التجديد النصفي بنقابة الصحفيين 2023

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:22:21
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 61%

مواعيد الصلاة اليوم السبت 18 مارس 2023 فى محافظات مصر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 06:21:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

تحميل تطبيق المنصة العربية