هذه الموضوعة جزء من سلسلة:

الخوارج اسم أطلقه مخالفوفرقة قديمة محسوبة على الإسلام كانويسمون أنفسهم بـ"اهل الأيمان"، ظهرت في السنوات الأخيرة من خلافة الصحابي عثمان بن عفان، واشتهرت بالخروج على علي بن أبي طالب بعد معركة صفين سنة 37هـ؛ لرفضهم التحكيم بعد حتى عرضوه عليهم . وقد عهد الخوارج على مدى تاريخهم بالمغالاة في الدين وبالتكفير والتطرف. وأهم عقائدهم: تكفير أصحاب الكبائر، ويقولون بخلودهم في النار، وكفروا عثمان وعلي وطلحة والزبير وعائشة، ويقولون ويحرضون بالخروج على الحكام الظالمين والفاسقين، وهم فرق شتى.. ويلقب الخوارج بالحرورية والنواصب والمارقة والشراة والبغاة والمُحَكِّمة، والسبب الذي من أجله سموا خوارج لأنهم خرجوا على الإمام علي بن أبي طالب ولم يرجعوا معه إلى الكوفة واعتزلوا صفوفه ونزلوا بحروراء في البداية، وسموا شراة لأنهم نطقوا شرينا أنفسنا في طاعة الله، أي بعناها بالجنة، وسموا مارقة، وذلك للحديث النبوي الذي أنبأ بأنه سيوجد مارقة من الدين كما يمرق السهم من الرمية، إلا أنهم لا يرضون بهذا اللقب، وسموا المحكمة لإنكارهم الحَكَمين (عمروبن العاص وأبوموسى الأشعري) ونطقوا لا حكم إلا لله. ولقد توالت الأحداث بعد ذلك بين علي والذين خرجوا عليه، ومحاولته إقناعهم بالحجة، ولكنهم لم يستجيبوا، ثم قيام الحرب وهزيمتهم وهروبهم إلى سجستان واليمن، وبعثهم من حديث وتكوين فرق كانت لها صولات وجولات من حين لآخر على الحكام والأئمة المسلمين.

التعريف بالخوارج

نطق الشهرستاني في الملل والنحل: «كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجياً، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أوكان بعدهم على التابعين لهم بإحسان والأئمة في جميع زمان». وزاد ابن حزم في الفصل في الملل والأهواء والنحل بأن اسم الخارجي يلحق جميع من أشبه الخارجين على الإمام علي أوشاركهم في آرائهم في أي زمن. وهويتفق مع تعريف الشهرستاني. وعهدهم الدكتور علي عبد الفتاح المغربي في كتابه (الفرق الكلامية الإسلامية) بأنهم هم الذين خرجوا على علي بن أبي طالب وهم حزب سياسي ديني، قام في وجه السلطة القائمة من أجل الدين كما فهموه، وهم لا يعدون أنفسهم خارجين عن الدين بل خارجين من أجل الدين، ومن أجل إقامة شرع الله، غير مبالين بما يحدثه ذلك الخروج من فرقة وانقسام وأحداث دامية، وهم مجاهرون بدعوتهم، متمسكين بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، غير مبالين بما يؤدي إليه تطبيق هذا المبدأ، من اغتال المخالفين سراً أوعلناً، ولقد تشبثوا بهذا المبدأ وتطبيقه، حتى أصبح علامة من علاماتهم، وراموا إلى إقامة دولة إسلامية تقوم على الدين وأحكامه.

أسماء الخوارج

أطلق الخوارج على أنفسهم أهل الإيمان، أوجماعة المؤمنين، بينما أطلق عليهم مخالفوهم اسم "الخوارج" لخروجهم على أئمة الحق والعدل، وثوراتهم المتعددة. ولما شاع هذا الاسم، قبلوا به ولكنهم فسروه على أنه: خروج على أئمة الجور والفسق وأن خروجهم إنما هوجهاد في سبيل الله.

وللخوارج أسماء كثيرة، بعضها يقبلونه وبعضها لا يقبلونه، ومن تلك الأسماء:

  1. الخوارج: أشهر أسمائهم، نطق أبوالحسن الأشعري في منطقات الإسلاميين: «والسبب الذي سُمّوا له خوارج؛ خروجهم على علي بن أبي طالب».
  2. الحرورية: نسبة إلى حروراء، بلدة قرب الكوفة. وينطق لمن يعتقد ممضى الخوارج حروري لأن أول فرقة منهم خرجوا على علي بها فاشتهروا بالنسبة إليها وهم فرق كثيرة. ووردت هذه التسمية في قول السيدة عائشة: «أحرورية أنت» نطقته للمرأة التي استشكلت قضاء الحائض والصوم دون الصلاة.
  3. الشراة: نسبة إلى الشراء المذكور في الآية (111) من سورة التوبة. وهم يفتخرون بهذه التسمية ويسمون من عداهم بذوي الجعائل: أي يقاتلون من أجل الجُعْل الذي بذل لهم.
  4. المارقة: وهذه التسمية من خصوم الخوارج، لتنطبق عليهم أحاديث المروق الواردة في السليمين في مروقهم من الدين كمروق السهم من الرمية.
  5. المُحَكِّمة: من أول أسمائهم التي أطلقت عليهم وقيل حتى السبب في إطلاقه عليهم إما لرفضهم تحكيم الحكمين وإما لتردادهم حدثة لا حكم إلا لله.
  6. النواصب: وأما تسميتهم بالنواصب فلمبالغتهم في نصب العداء لعلي بن أبي طالب.
  7. أهل النهروان: نسبة إلى معركة النهروان إحدى المواقع التي خاضوها في ثوراتهم.

خلفية

الخوارج هي فرقة كلامية إسلامية، نشأت في نهاية عهد الخليفة عثمان بن عفان وبداية عهد الخليفة علي بن أبي طالب، نتيجة الخلافات السياسية التي بدأت في عهده. تتصف هذه الفرقة بأنها أشد الفرق دفاعا عن ممضىها وتعصبا لآرائها، كانوا يدعون بالبراءة والرفض للخليفة عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والحكام من بني أمية، كسبب لتفضيلهم حكم الدنيا، على إيقاف الاحتقان بين المسلمين. أصر الخوارج على الاختيار والبيعة في الحكم، مع ضرورة محاسبة أمير المسلمين على جميع صغيرة، كذلك عدم حاجة الأمة الإسلامية لخليفة زمن السلم. لقد وضع الخليفة علي بن أبي طالب منهجا قويما في التعامل مع هذه الطائفة، تمثل هذا المنهج في قوله للخوارج: "ألا إذا لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا" وهذه المعاملة إذا ما التزموا جماعة المسلمين ولم تمتد أيديهم إليها بالبغي والعدوان، أما إذا امتدت أيديهم إلى حرمات المسلمين فيجب دفعهم وكف أذاهم عن المسلمين، وهذا ما عمله أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حين اغتال الخوارج عبد الله بن خباب بن الأرت وبقروا بطن جاريته، فطالبهم رضي الله عنه بقتلته فأبوا، ونطقوا كلنا قتله وكلنا مستحل دمائكم ودمائهم، فسل عليهم رضي الله عنه سيف الحق حتى أبادهم في سقطة النهروان.

في الأوقات المعاصرة، الخوارج مستمرون في الظهور إلى حتى يظهر الدجال معهم من المشرق.

الخوارج هومصطلح تاريخي مقتبس من أحاديث تنسب إلى الرسول محمد وبعض الصحابة، وقد اطلق مصطلح الخوارج على ثلاثة مجموعات من المسلمين خلال فترات زمنية مختلفة، معارضة سياسية تخرج على الحاكم، وطائفة دينية منحرفة تفسر الدين بشكل مغلوط وتستبيح دماء المسلمين، وغلاة متشددين يكفرون المسلمين، واستخدم مصطلح "الخوارج" أيضا من باب تكفير المسلمين المعارضين، فالجماعة السياسية المعارضة المتمردة على الحاكم يتم قتالها وإبادتها بتهمة انتماءها للخوارج وخروجها على الحاكم، وتاريخياً ظهر مصطلح الخوارج بعد فتنه مقتل عثمان خلال الحرب الأهلية الأولى بين علي ومعاوية والزبير ومعارضيهم والتي اغتال فيها 100 ألف مسلم، وتربط المصادر التراثية بين حفظة القرآن في شبة الجزيرة العربية وبين الثوار المصريين الذين قتلوعثمان وبين أهل النهروان واتباع علي المنشقين عنه وتقول انهم خوارج، ويرى بعض المشايخ حتى المعني بالخوارج هم القرامطة الذين سرقوا الحجر الأسود وقتلوا 30 ألف مسلم من أهل مكة والحجاج، ويرى البعض ان الخوارج هم الخارجين من ملة الإسلام الذين يخرجون على المسلمين بالسيف، ويرى آخرون ان مصطلح "الخوارج" باطل وان تلك الأحاديث ضعيفة.

كان أغلب الخوارج من "القراء" أي حفظة القرآن الكريم، وقد بايعوا علي بن أبي طالب بعد مقتل عثمان بن عفان. ثم خرج معاوية في جيش لملاقاة عليّ وكانت مسقطة صفين. كاد جيش معاوية القادم من الشام حتى ينهزم أمام جيش علي القادم من العراق فأمر عمروبن العاص (قائد الجيش الشامي) الجيش: بحمل المصاحف على أسنة الرماح، ثم طلبوا التحكيم لكتاب الله. شعر علي بن أبي طالب حتى هذه خدعة لكنه قبل وقف القتال احتراما للقرآن الكريم وأيضا نتيجة رغبته في حقن الدماء، وبعد توقف القتال والتفاهم على حتى يمثل أبوموسى الأشعري عليا بن أبي طالب ويمثل عمروبن العاص معاوية بن أبي سفيان، وحددوا موعداً للتحكيم وفي طريق عودتهم إلى العراق خرج إثنا عشر ألف رجل من جيش علي يرفضون فكرة التحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان في النزاع. لقد رأوا حتى كتاب الله قد "حكم" في أمر هؤلاء "البغاة" (يقصدون معاوية وأنصاره) ومن ثم فلا يجوز تحكيم الرجال -عمروبن العاص وأبوموسى الأشعري- فيما "حكم" فيه "الله" صاحوا قائلين: "لا حكم إلا لله". ومن هنا أطلق عليهم "المُحَكِّمة". ما كان من عليّ إلا حتى علق على عبارتهم تلك قائلا: "إنها حدثة حق يراد بها باطل". بعد اجتماع عمروبن العاص وأبوموسى الأشعري نتج عنه "تضعيف لشرعية عليّ" و"تعزيز لموقف معاوية"، ازداد المُحَكِّمة يقينا بسلامة موقفهم وطالبوا عليّا برفض التحكيم ونتائجه والتحلل من شروطها، والنهوض لقتال معاوية. ولكن علي بن أبي طالب رفض ذلك قائلا: "ويحكم! أبعد الرضا والعهد والميثاق أرجع،يا ترى؟ أبعد حتى خطناه ننقضه،يا ترى؟ إذا هذا لا يحل". وهنا انشق المُحَكِّمة عن عليّ، واختاروا لهم أميرا من الأزد وهوعبد الله بن وهب الراسبي.

النشأة

لقد كانت نشأة الخوراج نتيجة للأحداث السياسية، واستحوذت تلك الأحداث على اهتمامتهم، فانشغلوا في المقاومة والحروب والثورة على السلطة القائمة، والمعارك التي قامت بينهم وبين مخالفيهم، وفضلاً عن ذلك فهم أصحاب سلوك عملي في العبادة، جميع ذلك جعلهم أهل عمل لا نظر، لذا قل الجانب النظري عندهم، مما يجعل إنتاجهم في المسائل الكلامية قليلاً، لكنه ليس منعدماً، حيث حتى هذه المواقف العملية قد استندت إلى أساس اعتقادي نظري. ولقد ذكر ابن النديم أسماء متحدثيهم، ومنهم اليمان بن رباب وكان أولاً ثعلبياً ثم انتقل إلى قوم البيهسية، وكان نظاراً متحدثاً مصنفاً للخط، وله في ذلك كتاب المخلوق، وكتاب التوحيد، وكتاب أحكام المؤمنين، وكتاب الرد على المعتزلة في القدر، وكتاب الموضوعات، وكتاب إثبات إمامة أبي بكر والرد على المرجئة، وكتاب الرد على حماد بن أبي حنيفة، ومنهم يحيى بن تام بن طليحة الخدري، وكان أباضياً، وله كتاب في المسائل التي جرت بينه وبين جعفر بن حرب، وفي الرد على الغلاة وطوائف الشيعة، ومنهم عبد الله بن يزيد كان أباضياً ومن أكابر الخوراج ومتحدثيهم، وله كتاب في التوحيد، والرد على المعتزلة، والرد على الرافضة، ومن رؤساء الإباضية إبراهيم بن إسحاق الإباضي وله من الخط الرد على القدرية وكتاب الإمامة، ويشير هذا إلى وجود المصنفات الكلامية عند الخوارج وأنهم اهتموا بالرد على مخالفيهم.

ولقد اهتم الخوارج بضرورة حتى تكون فهم الله تعالى أول وأهم جميع شيء، حيث أنها ينبني عليها الإيمان، وفهم الله ورسله وشرعه أمر واجب وضروري ولا يعذر فيه أحد كما هوعند فرقة النجدات من الخوراج، ورأي "المعلومية" من "العجاردة" أيضاً حتى من لم يفهم الله لجميع أسمائه فهوجاهل، بينما تقول "المجهولية" من "العجاردة" حتى من فهم الله ببعض أسمائه لم يجهله، وهذا يبين ضرورة فهم الله جملة أوتفصيلاً، لكن لا خلاف بينهم على ضرورة فهم الله. ولقد فرقت "الحفصية" من الإباضية بين فهم الله وغيره، وبين الشرك والكفر، فمن عهد الله وكفر بما دون ذلك كالرسول والشريعة فهوكافر برئ من الشرك، ومن جهل الله وأنكره فهومشرك. بينما نجد "البيهسية" ترى ضرورة فهم الله ورسله وخطه وفهم الحرام، وما اتى فيه الوعيد، ومن ذلك ما يجب من معهدته تفصيلياً ومنه ما ينبغي حتى يعهد باسمه، لكن الجهل عندهم بالدين أواقتراف الذنوب يؤدي إلى الشرك.

وكل هذه النصوص تشير إلى ضرورة فهم الله وخطه ورسله وشرائعه، على الجملة أوالتفصيل، وأن المقصر في ذلكقد يكون مشركاً عند بعضهم، أوكافراً عند البعض الآخر بينهم. وهذا يعني ضرورة حتى يقوم الإيمان على الفهم، وقد أولوها أهمية خاصة، وجعلوها أساساً للعمل، فنجد "المكرمية" تقول بأن تارك الصلاة كافر لجهله بالله تعالى وكذلك سائر الكبائر، بل لقد وحدوا بين فهم الله تعالى وطاعته بحيث حتى من يعهد الله تعالى لا يقدم على معصيته، وهذا القول قريب من قول سقراط بأن الفضيلة فهم والرذيلة جهل. ويذكر أبوالحسن الأشعري حتى الخواراج لا يرون على الناس فرضاً ما لم تأتهم الرسل وأن الفرائض تلزم بالرسل واحتجوا بقول الله عز وجل: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)، وأنه لا حجة لله على الخلق في التوحيد إلا بالخبر، أي ما يقوم مقام الخبر من إشارة وإيماء.

وعن موقفهم من صفات الله تعالى، فيذكر أبوالحسن الأشعري حتى قولهم في التوحيد مثل قول المعتزلة، وهم جميعاً يقولون بخلق القرآن، وفرقة الإباضية منهم تخالف المعتزلة في الإرادة فقط، فهم يقولون إذا الله سبحانه لم يزل مريداً لمعلوماته التي تكون حتى تكون، ولمعلوماته التي لا تكون ألا تكون، والمعتزلة - إلا بشر بن المعتمر - ينكرون ذلك. ووفقاً لرأي الأشعري يمكن القول بأن الخوراج ترى رأي المعتزلة بعدم زيادة الصفات عن الذات، وأنها ليست شيئاً سوى الذات فهي عين الذات أوأحوال لها أومجرد اعتبارات ذهنية تفهم بها الذات. أما عن موقفهم من القدر وخلق أفعال العباد، فمنهم من يقول بقول المعتزلة ومنهم من يقول بقول أهل السنة.

المبادئ العامة للخوارج

تنوعت فرق الخوراج وقد ذكر عبد القاهر البغدادي حتى فرقها تربوعلى العشرين فرقة، ولا شك حتى كثرة هذه الفرق يعني اختلافها فيما بينها في بعض الأمور التفصيلية، لكن يجمعها بعض المبادئ، ومن أبرز المبادئ التي يقول بها معظم الخواراج:

رأيهم في الإمامة

موضوع الإمامة قد استحوذ على فكر الخوارج، ولم تكن الشيعة وحدها هي التي تهتم بذلك المبدأ، إذ حتى حول هذا المبدأ والاختلاف فيه كانت نشأة الخوارج أيضاً. يرى الخوارج وجوب الإمامة ما عدا فرقة النجدات، ويقول ابن حزم: "اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة وجميع الشيعة وجميع الخوراج على وجوب الإمامة، وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتي بها رسول الله ، حاشا النجدات من الخوارج فإنهم نطقوا: لا يلزم الناس فرض الإمامة إنما عليهم حتى يتعاطوا الحق فيما بينهم". ولقد علق الخوارج أهمية كبيرة على الإمامة، ورأوا في صلاحها صلاحا للأمة، وفي فسادها فساد الأمة، حتى حتى البيهسية منهم يرون أنه إذا كفر الإمام كفرت الرعية بأسرها.

وعن شروط الإمامة فيرى الخوارج أنه يجوز حتىقد يكون الإمام غير قرشياً، وليس بلازم حتىقد يكون الإمام قرشياً، فيذكر الشهرستاني أنهم جوزوا حتى تكون الإمامة في غير قريش، وكل ما ينصبونه برأيهم، وعاشر الناس على ما مثلوا له من العدل واجتناب الجور كان إماماً. وتمسك الخوارج بأن القرآن لم يذكر نسل معينقد يكون منه الإمام، بل اشترط العدل فقط في الحاكم، فيقول الله تعالى: Ra bracket.png إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا Aya-58.png يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً Aya-59.png La bracket.png. فليس في هذا تحديد لقبيلة معينة، عملى هذا فالقرآن لم يشترط حتىقد يكون الإمام من قريش أوغير قريش فالمعنى يشير على العموم، ولا يجوز تخصيصه بقريش احتجاجاً بالحديث الذي ذكره أبوبكر الصديق يوم بيعة السقيفة، وهوقول الرسول : "الأئمة من قريش" وأن ذلك الحديث يخصص لفظ العموم ويقيده، ويجعل الأئمة من قريش، وذلك لورود أحاديث أخرى لا تحمل هذا المعنى ولا تقيد العموم الذي أطلقه القرآن بلا تقييد، وذكروا أحاديث أخرى مخالفة للحديث الذي ذكره أبوبكر منها قول الرسول : "أن أمر عليكم عبد مجدع، يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا" لذا فلا وجه لتقييد العام. وما مضى إليه الخوارج في جواز حتى تكون الإمامة في غير قريش مخالف لرأي الشيعة التي تقول بإمامة علي بن أبي طالب وهوقرشي، ولا تخرج الإمامة من أولاده، وإن خرجت فبظلمقد يكون من غيره، أوبتقية من عنده. وأيضاً خلاف ما مضى إليه أهل السنة والجماعة من حتى من شروط الإمامة حتىقد يكون الإمام قرشياً، واحتجوا بحديث أبوبكر ونطقوا أيضاً بحديث آخر للرسول: "قدموا قريشاً ولا تتقدموها". لكننا نجد من بين متحدثي الأشاعرة من يقول بانتفاء شرط القرشية في الإمامة كالقاضي الباقلاني.

أما عن باقي الشروط اللازم توافرها في الإمام، فلا خلاف كبير بين الخوارج وغيرهم في تلك الشروط، من ضرورة حتىقد يكون عالماً بالدين مجتهداً فيه، وله خبرة بأمر الحروب، وإقامة العدل، علاوة على بعض الشروط العامة التي يجب توافرها فيه، كأنقد يكون مسلماً حراً، وسليم الأعضاء، بالغاً، عاقلاً، وأنقد يكون ذكراً فلا تجوز إمامة امرأة. وجميع الخوارج - فيما يروي عنهم إمام أهل السنة والجماعة أبوالحسن الأشعري - يقولون باستخدام السيف لإزالة أئمة الجور، ومنعهم حتىقد يكونوا أئمة. وتاريخ الخوراج كان تطبيقاً عملياً لذلك الرأي، فقد كانوا يجاهرون به في معظم الأحيان، ويطبقونه حدثا سنحت لهم الفرصة بذلك، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تبرأوا ممن كان يوالي السلطان حتى ولوكان منهم.

موقفهم من علي بن أبي طالب

فرقة الخوراج نشأت من بين مؤيدي علي بن أبي طالب، وأنهم رأوا أنه الإمام الشرعي لمبايعة أهل الحل والعقد له، وحاربوا معه في مسقطة الجمل، وظلوا على تأييدهم له ضد معاوية حتى ظهور التحكيم حيث ظهرت مواقفهم المتناقضة من قبول التحكيم ثم رفضه والخروج على علي لقبوله، وكان هذا هوالخلاف الأول بينهم وبين علي، عملي قبل التحكيم وهم قد رفضوه، وذلك لأنهم يرون حتى علياً هوالخليفة الشرعي ببيعة أهل الحل والعقد له، ومعاوية ليس كذلك، فيجب إذا سالم هووجنده حتى يدخل في طاعة علي الخليفة الشرعي، وأن قوله تعالى: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) يشير على حتى المسالم يدخل تحت إمرة الذي سالم له، وعلى هذا قد أخطأ علي لأنه رضي بالتحكيم ولأنه حكَّم رجلين في النزاع، والواجب عليه حتى لا يحكم الرجال، بل يطلب من معارضيه الدخول في طاعته بلا قيد ولا شرط. أما رأي علي في التحكيم، فقد ذكر أنه تأسى في ذلك بالرسول في يوم الحديبية، ويفهم من هذا حتى علي قد رضى بالتحكيم حقناً للدماء، لكن الخوراج رأت في موافقة علي للتحكيم أنه كان غير متثبت من ولايته لقبوله التحكيم، وأنهم لا يصح حتىقد يكونوا تحت إمرة رجل غير متثبت من بيعته، وأكثر من هذا أنهم ندموا لقتالهم معه أصحاب الجمل لأنهم قتلوا من لا يستحق القتل. ولقد جرت مناقشات بينهم وبين علي، وذلك لمحاولة علي إقناعهم بالحجة، وتروي خط الفرق صورة هذه المناقشات التي ظهر فيها قوة حجة علي ودليله، ورجوع أغلبهم عن موقف المعارضة، وبقاء أقلية منهم على رأيهم. وهم يجمعون على كفر علي بن أبي طالب منذ قبوله التحكيم، واختلفوا في هل كفره شرك أم لا؟!!! وهم يثبتون خلافة أبي بكر وعمر، وينكرون عثمان وعلياً بعد التحكيم، ويكفرون معاوية بن أبي سفيان وعمروبن العاص وأبوموسى الأشعري أقطاب التحكيم.

خلود صاحب الكبيرة

يذكر أبوالحسن الأشعري إجماع الخوارج على حتى جميع كبيرة كفر، إلا "النجدات" فإنها لا تقول ذلك، وأجمعوا على حتى الله سبحانه يعذب أصحاب الكبائر عذاباً دائماً. وهذا الموقف المتشدد من الخوارج اتجاه أصحاب الذنوب، هونتيجة لاعتبارين: الأول: هوموقفهم المتشدد والمتطرف في الدين، فقد كانوا أهل عبادة وتقوى، وتمسكوا بظواهر النصوص، ولم يقبلوا التهاون أوالتفريط في حد من حدود الله، والثاني: هوجعلهم العمل من الإيمان وركن من أركانه الأساسية، فالإيمان عقد، والعمل أحد أركان هذا العقد، ومن أخل بأحد شروط العقد، سقط العقد كله، وخرج من الإيمان إلى الكفر، وتعويل الخوراج على العمل، لأنهم أهل سلوك عملي، وليس الدين عندهم مجرد اعتقاد نظري، بل لابد من مطابقة السلوك لهذا الاعتقاد، وهم قد جعلوا الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان، وهم موافقون بذلك لرأي المعتزلة ولرأي معظم الفقهاء والمحدثين، لكنهم يؤكدون أهمية العمل، ويقولون بخروج صاحب الكبيرة من الإيمان، وخلدوه في النار. وموقف الخوارج من صاحب الكبيرة وخلوده في النار يوافق رأي المعتزلة، وإن افترقت عنهم المعتزلة في القول بأنه لا يعذب عذاب الكافرين والتوقف عن تسميته، ويخالفون رأي أهل السنة في جواز العفوعن مرتكب الكبيرة وعدم خلوده في النار.

الخوارج الحرورية ومسألة الحاكمية

اتخذ الخوارج قديماً مسألة الحاكمية ذريعة ومطية إلى تكفير العوام والحكام، وإعلان العصيان والخروج على الأمة، وإلزام المسلمين بقاعدة "من لم يكفِّر الكافر فهوكافر"، وهم أول نابتة أهل الأهواء في الإسلام كفروا أهل القبلة بالمعاصي وحكموا بتخليدهم في النار، واستحلوا دماءهم وأموالهم، حتى الصحابة من السابقين الأولين.

وقد خرجوا إلى حروراء وسموا بالحرورية، وسموا "الخوارج" لخروجهم على علي، وزعموا أنه من الخروج في سبيل الله، وسموا أنفسهم الشُّراة لقوله تعالى: Ra bracket.png وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ Aya-207.png La bracket.png (سورة البقرة: 207). وكانوا قسمين:

  1. أحدهما بالعراق في منطقة "البطائح" استولوا على كرمان وفارس وهددوا البصرة، وكان المهلب بن أبي صفرة صاحب البلاء معهم، ومن رجالهم: نافع بن الأزرق وقطري بن الفاتىة.
  2. وثانيهم بجزيرة العرب استولوا على اليمامة، وحضرموت، والطائف ومن أشهر أمرائهم: أبوطالوت، ونجدة بن عامر.

وقد كان أكثر الخوارج من أجلاف الأعراب الذين ألفوا شظف العيش والخشونة، وكانوا عُباداً زهاداً، يقومون الليل ويصومون النهار، كما نطق النبي : "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم"، فلم ينفعهم شيء من ذلك إزاء فساد الأصول والمشارب، حيث غلب عليهم الجهل، فكانوا لا يميزون بين مراتب الأحكام، فكان ما يفسدون في الدين أكثر مما يصلحون. فقد لووا أعناق النصوص، وأساءوا تنزيلها في غير محالها، حيث كفروا المسلمين، وسفكوا دماء الأبرياء، ونهبوا أموالهم، وسبوا نساءهم وذراريهم، وأضعفوا أمر الخلافة، وشغلوا الأمة زمناً بحروبهم. لأن منطلقهم في الفهم والعقيدة كان أعمى عن رؤية الحق. كما نطق الله تعالى: Ra bracket.png قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا Aya-103.png الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا Aya-104.png La bracket.png (سورة الكهف: 103-104).

نطق الإمام الشاطبي في الاعتصام: «ومما يوضح ذلك ما خرجه ابن وهب عن بكير أنه سأل نافعا: كيف من الممكن أن رأي ابن عمر في الحرورية،يا ترى؟ نطق: يراهم شرار خلق الله إنهم انطلقوا إلى آيات أنزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين. فسر سعيد بن جبير من ذلك، فنطق: مما يتبع الحرورية من المتشابه قول الله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) ويقرنون معها: (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) فإذا رأوا الإمام يحكم بغير الحق نطقوا: قد كفر، ومن كفر عدل بربه ومن عدل بربه فقد أشرك، فهذه الأمة مشركون فيخرجون فيقتلون ما رأيت، لأنهم يتأولون هذه الآية. فهذا معنى الرأي الذي نبه عليه ابن عباس، وهوالناشئ عن الجهل بالمعنى الذي هبط القرآن فيه. ونطق نافع: إذا ابن عمر كان إذا سئل عن الحرورية،يا ترى؟ نطق: يكفرون المسلمين، ويستحلون دماءهم وأموالهم، وينكحون النساء في عددهن، وتأتيهم المرأة فينكحها الرجل منهم ولها زوج، فلا أفهم أحداً أحق بالقتال منهم».

وكان أصل بدعتهم التنطع وسوء الفهم، في خلافهم مع علي رضي الله عنه، حيث أنكروا عليه قبول التحكيم، وطلبوا منه الحكم على نفسه بالكفر، أونقض ما أبرمه مع معاوية، ونطقوا: "لاحكم إلا لله" فصار ذلك شعاراً لهم وسموا "المحكِّمة"، وخرجوا على علي رضي الله عنه بعد رجوعه من صفين، انحازوا إلى حروراء، وهم يومئذ اثنا عشر ألف مقاتل، بزعامة عبد الله بن الكواء، وشبث بن ربعي، ثم ناظرهم علي فرجع منهم ابن الكواء مع عشرة من الفرسان، وانحاز الباقون إلى النهروان وأمروا على أنفسهم عبد الله بن وهب الراسبي وحرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية.

وقد غالوا في آرائهم، وجادلوا خصومهم بفصاحة وبيان، وأخذوهم بعنف وقوة، فلما يئسوا منه، اجتمعوا في منزل سليمان بن صرد، وخطب خطيبهم يقول: "أما بعد: فإنه لا ينبغي لقوم يؤمنون بالرحمن، وينيبون إلى حكم القرآن، حتى تكون هذه الدنيا أثر عندهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقول الحق، فاخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها، إلى بعض كور الجبال، أوإلى بعض هذه المدائن، منكرين هذه البدع المضللة".

فكان ذلك منطلق الشر في الأمة، لأنهم فارقوا الجماعة، وخرجوا على السواد الأعظم، كما نطق عمر بن عبد العزيز: "ما تناجى قوم دون جماعتهم إلا كانوا على تأسيس ضلالة".

ومن فواقرهم أنهم التقوا عبد الله بن خباب بن الأرت، فنطقوا له حدثنا حديثاً سمعته عن أبيك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنطق: سمعت أبي يقول، نطق رسول الله: "ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي، فمن استطاع حتىقد يكون فيها مقتولاً فلاقد يكونن قاتلاً" فشد عليه رجل من الخوارج بسيفه فقتله، فجرى دمه فوق ماء النهر كالشراك إلى الجانب الآخر، ثم دخلوا منزله فقتلوا ولده وجاريته أم ولده، ثم عسكروا بالنهروان فسار إليهم علي في أربعة آلاف من أصحابه، فأوفد إليهم على حتى سلموا قاتل عبد الله بن خباب فأوفدوا إليه، إنا كلنا قتله، ولئن ظفرنا بك قتلناك، وناظرهم ابن عباس قبل القتال فيما نقموا على علي من المسائل، ففل من غربهم، ورجع منهم ثمانية آلاف، وبقي منهم أربعة آلاف.

مناظرة ابن عباس للخوارج

لما خرجت الحرورية اجتمعوا في دار - على حدتهم - وأجمعوا حتى يخرجوا على علي بن أبي طالب وأصحاب النبي - - معه، فاستأذن حبر الأمة ابن عباس - رضي الله عنهما - أمير المؤمنين في حتى يحدثهم، فتخوف عليه منهم، فعزم عليه ابن عباس، وخرج إليهم ليجادلهم بالحكمة ويدعوهم بالتي هي أحسن. وقد ورد الخبر عن ذلك من عدة طرق، منها ما أخرجه الإمام عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه، عن عكرمة بن عمار، نطق: حدثنا أبوزميل الحنفي، نطق: حدثنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه، نطق: لما اعتزلت الحرورية فكانوا في دار على حدتهم، فقلت لعلي: يا أمير المؤمنين! أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأحدثهم.

نطق: إني أتخوفهم عليك.

قلت: كلا إذا شاء الله تعالى.

نطق: فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليمانية، نطق: ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة، نطق: فدخلت على قوم لم أر قوماً قط أشد اجتهاداً منهم، أيديهم كأنها ثفن الإبل، ووجوههم مفهمة من آثار السجود.

نطق: فدخلت، فنطقوا: أهلا بك يا ابن عباس! ما اتى بك؟

قلت: جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم هبط الوحي، وهم أفهم بتأويله.

فنطق بعضهم: لا تحدثوه، ونطق بعضهم: والله لنحدثنه.

نطق: قلت: أبلغوني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه، وأول من آمن به وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه؟

نطقوا: ننقم عليه ثلاثاً.

نطق: قلت: وما هن؟

نطقوا: أولهن أنه حكم الرجال في دين الله، وقد نطق الله: ﴿إن الحكم إلا لله﴾ (سورة الأنعام: آية 57).

نطق: قلت: وماذا؟

نطقوا: وقاتل ولم يسب، ولم يغنم، لئن كانوا كفاراً لقد حلت له أموالهم، ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم؟

نطق: قلت: وماذا؟

نطقوا: محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهوأمير الكافرين.

نطق: قلت: أرأيتم إذا قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا تنكرون، أترجعون،يا ترى؟ نطقوا: نعم.

نطق: قلت: أما قولكم: حكم الرجال في دين الله، فإن الله تعالى يقول: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم﴾ إلى قوله: ﴿يحكم به ذوا عدل منكم﴾ (سورة المائدة: آية 95) ونطق في المرأة وزوجها: ﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها﴾ (سورة النساء: آية 35) أنشدكم الله أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم، وإصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم؟

نطقوا: اللهم بل في حقن دمائهم، وإصلاح ذات بينهم، نطق: أخرجت من هذه،يا ترى؟ نطقوا: اللهم نعم.

نطق: وأما قولكم: إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم، أتسبون أمكم عائشة،يا ترى؟ أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها، فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست أم المؤمنين فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، إذا الله يقول: ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزقابل أمهاتهم﴾ (سورة الأحزاب: آية 6) فأنتم مترددون بين ضلالتين، فاختاروا أيتهما شئتم، أخرجت من هذه؟، نطقوا: اللهم نعم.

نطق: وأما قولكم: محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى قريشاً يوم الحديبية على حتى يخط بينه وبينهم كتاباً، فنطق: اخط: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فنطقوا: والله لوكنا نفهم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اخط: محمد بن عبد الله، فنطق: والله إني لرسول الله حقا وإن كذبتموني، اخط يا علي: محمد بن عبد الله، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفضل من علي رضي الله عنه، أخرجت من هذه،يا ترى؟ نطقوا: اللهم نعم، فرجع منهم عشرون ألفاً وبقي منهم أربعة آلاف، فقتلوا.

وذكر الحافظ الهيثمي حتى الإمام الطبراني رواه وأن الإمام أحمد روى بعضه نطق: ورجالهما رجال السليم. وأخرجه الحافظ البيهقي وذكر نحوه وفيه: فرجع من القوم ألفان وقتل سائرهم على ضلالة. وفي روايات أخرى أنهم كانوا أربعة آلاف ثم زادوا حتى صاروا ستة آلاف أوثمانية آلاف على اختلاف الروايات.

وقد قاتلهم علي مع أعلام الصحابة في معركة النهروان عام 36 هـ. وصح عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه وقف على قتلاهم من الأزارقة في أبواب المدائن، فَقَالَ: "كِلابُ النار كِلابُ النار ثلاثاً، شَرُّ قَتْلَى تحت أَدِيمِ السماء، خَيْرُ قَتْلَى من قَتَلُوه"، ثُم قرأ ﴿يوم تبيض وجوه وتسود وجوه﴾ (سورة آل عمران: آية 106). ولذلك نطق علي رضي الله عنه لما رأى ما آلوا إليه: "إنه ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه". وقد أبادهم يومئذ عن بكرة أبيهم، فلم يفلت منهم غير تسعة أنفس، صاروا منهم إلى سجستان واليمن وعمان والجزيرة، ومن أتباعهم كان بقايا الخوارج في الجزيرة. وقد تقرب زعيمهم عبد الرحمن بن ملجم إلى الله، كما زعم، بقتل علي بن أبي طالب، وطعنه وهوفي المسجد يصلي، ومدحه بذلك عمران بن حطان الخارجي. ورغم هزيمتهم في معركة النهروان، فقد ظلوا شوكة في تاريخ الدولة الإسلامية، وكبدوها الويلات في معارك متواصلة، ثم ضعف شأنهم في العصر العباسي. وامتد تأثير أفكارهم إلى العصر الحديث.

أحاديث عن الخوارج

  • روى الإمام البخاري في سليمه أنه قيل للصحابي الجليل سهل بن حنيف: هل سمعت النبي يقول في الخوارج شيئا،يا ترى؟ نطق: سمعته يقول، وأهوى بيده قبل العراق: يخرج منه قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرَمِيّة.
  • روى الإمام البخاري في سليمه عن الصحابي الجليل أبي سعيدٍ الخُدْري أنه نطق: بينما نحن عند رسول الله وهويقسم قسماً -أي يقسم مالاً-، إذ أتاه ذوالخويصرة، وهورجل من بني تميم، فنطق: يا رسول الله اعدل! فنطق: ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل، قد خبتُ وخسرتُ إذا لم أكن أعدل. فنطق عمر: يا رسول الله إئذن لي فيه فأضرب عنقه،يا ترى؟ فنطق: دَعهُ، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم -أي من شدة عبادتهم-، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم -والترقوة هي العظمة الناتئة أعلى الصدر أي يقرأون القرآن ولا يفقهونه-، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية..

نطق أبوسعيد: فأشهدُ أني سمعت هذا الحديث من رسول الله ، وأشهدُ حتى عليا بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه.

  • روى الإمام البخاري في سليمه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه نطق: إذا حدثتكم عن رسول الله حديثاً، فوالله لأن أَخِرّ من السماء أحبّ إليّ من أنْ أكذب عليه، وإني سمعت رسول الله يقول: سيخرج قومٌ في آخر الزمان، أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قَتْلِهِم أجراً لِمَنْ قَتَلَهم يوم القيامة.
  • روى الإمام الترمذي في سُننه بسند حسن عن الصحابي الجليل أبي أُمامة الأنصاري أنه رأى رؤوس الخوارج منصوبة في دمشق، فنطق أبوأمامة -راوياً عن رسول الله -: كلاب النار، شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتلى من قَتَلوه، ثم قرأ: ﴿يوم تبيض وجوه وتسود وجوه﴾ إلى آخر الآية. فقيل لأبي أمامة: أنت سمعته من رسول الله ،يا ترى؟ نطق : لولم أسمعه إلا مرة أومرتين أوثلاثاً أوأربعاً –حتى عدّ سبعاً– ما حَدّثْتُكُموه.
  • وروى الإمام الهيثمي في المُجْمَع بسندٍ رجاله ثقات عن سعيد بن جهمان أنه أتى الصحابي الجليل عبد الله بن أبي أوفى -وكان ضريراً- فسلمّ عليه، فنطق: من أنت؟

فنطق: أنا سعيد بن جهمان نطق: ما عمل والدك؟ رد سعيد: قتلته الأزارقة -وهي من فرق الخوارج- فنطق : لعن الله الأزارقة لعن الله الأزارقة، سمعت رسول الله يقول: كلاب النار فنطق سعيد: الأزارقة وحدهم أوالخوارج كلها؟ نطق بن أبي أوفى: بل الخوارج كلها فنطق سعيد: فإن السلطان يظلم الناس ويعمل بهم ويعمل فتناول بن أبي أوفى بيد سعيد بن جهمان فَغَمَزَها غمزة شديدة، ثم نطق: يا ابن جهمان عليك بالسواد الأعظم، فإن كان السلطان يسمع منك فائته في بيته فأبلغه بما تفهم -أي انصحه وأبلغه ظلم من تحت يديه- فإن قَبِلَ منك وإلا فَدَعْهُ فلست بأفهم منه.

نطق ابن كثير في تفسير قول الله تعالى: ﴿هوالذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يفهم تأويله إلا الله والراسخون في الفهم يقولون آمنا به جميع من عند ربنا وما يذكر إلا أولوالألباب﴾ رقم: (7) نطق ابن كثير: المتشابهات تحتمل دلالتها موافقة المحكم وقد تحتمل شيئا آخر من حيث اللفظ والهجريب لا من حيث المراد، ونطق الإمام أحمد: حدثنا أبوتام حدثنا حماد عن أبي غالب نطق: سمعت أبا أمامة يحدث عن النبي في قوله: ﴿فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه﴾ نطق: هم الخوارج" وفي قوله: ﴿يوم تبيض وجوه وتسود وجوه﴾ سورة آل عمران آية: (106) نطق: «هم الخوارج». ونطق ابن كثير: وهذا الحديث أقل أقسامه حتىقد يكون موقوفا من كلام الصحابي، ومعناه سليم، فإن أول بدعة سقطت في الإسلام فتنة الخوارج، وكان مبدؤهم بسبب الدنيا حين قسم رسول الله غنائم حنين، فكأنهم رأوا في عقولهم الفاسدة أنه لم يعدل في القسمة، ففاجئوه بهذه الموضوعة، فنطق قائلهم -وهوذوالخويصرة - بقر الله خاصرته- اعدل فإنك لم تعدل، فنطق له رسول الله : «لقد خبت وخسرت إذا لم أكن أعدل أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني»، فلما قفا الرجل استأذن عمر بن الخطاب -وفي رواية: خالد بن الوليد- (ولا بعد في الجمع)- رسول الله في قتله، فنطق: «دعه فإنه يخرج من ضئضئ هذا -أي: من جنسه- قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم». ثم كان ظهورهم أيام علي بن أبي طالب، وقتلهم بالنهروان، ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومنطقات ونحل كثيرة منتشرة، ثم نبعت القدرية، ثم المعتزلة ثم الجهمية وغير ذلك من البدع التي أبلغ عنها الصادق المصدوق في قوله: «وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة» نطقوا: من هم يا رسول الله،يا ترى؟ نطق: «من كان على ما أنا عليه وأصحابي». أخرجه الحاكم في مستدركه بهذه الزيادة. وفي رواية عن حذيفة: «إن في أمتي قوما يقرءون القرآن ينثرونه نثر الدقل، يتأولونه على غير تأويله». عن ابن العاص عن رسول الله نطق: «إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا، فما عهدتم منه فاعملوا به، وما تشابه منه فآمنوا به».

«عن جابر بن عبد الله نطق أتى رجل رسول الله بالجعرانة -منصرفه من حنين- وفي ثوب بلال: فضة، ورسول الله يقبض منها يعطي الناس، فنطق: يا محمد اعدل، نطق: «ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل لقد خبت وخسرت إذا لم أكن أعدل» فنطق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق، فنطق: «معاذ الله حتى يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إذا هذا وأصحابه يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية».

قوله صلى الله عليه وسلم: «يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم» نطق القاضي: فيه تأويلان: أحدهما: معناه: لا تفقهه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلوا منه، ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق إذ بهما تقطيع الحروف، الثاني: معناه: لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا يتقبل.

قوله صلى الله عليه وسلم: «يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية» وفي الرواية الأخرى: «يمرقون من الإسلام»، وفي الرواية الأخرى: «يمرقون من الدين» نطق القاضي: معناه: يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ الصيد من جهة أخرى، ولم يتعلق به شيء منه، والرمية هي الصيد المرمي، وهي فعيلة بمعنى مفعولة. نطق: و«الدين» هنا هوالإسلام، كما نطق سبحانه وتعالى: ﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾ ونطق الخطابي: هوالطاعة أي: من طاعة الإمام، وفي هذه الأحاديث مرشد لمن يكفر الخوارج، نطق القاضي عياض -رحمه الله تعالى-: نطق المازري: اختلف الفهماء في تكفير الخوارج، نطق: وقد كادت هذه المسألة تكون أشد إشكالا من سائر المسائل، ولقد رأيت أبا المعالي وقد رغب إليه الفقيه عبد الحق -رحمهما الله تعالى- في الكلام عليها فرهب له من ذلك، واعتذر بأن الغلط فيها يصعب مسقطه؛ لأن إدخال كافر في الملة وإخراج مسلم منها عظيم في الدين، وقد اضطرب فيها قول القاضي أبي بكر الباقلاني، وناهيك به في فهم الأصول، وأشار ابن الباقلاني إلى أنها من المعوصات؛ لأن القوم لم يصرحوا بالكفر، وإنما نطقوا أقوالا تؤدي إليه، وأنا أكشف لك نكتة الخلاف وسبب الإشكال، وذلك حتى المعتزلي مثلا يقول: إذا الله تعالى عالم، ولكن لا فهم له، وحي ولا حياة له. يسقط الالتباس في تكفيره؛ لأنا فهمنا من دين الأمة ضرورة حتى من نطق: إذا الله تعالى ليس بحي ولا عالم كان كافرا، وقامت الحجة على استحالة كون العالم لا فهم له، فهل نقول: إذا المعتزلي إذا نفى الفهم نفى حتىقد يكون الله تعالى عالما، وذلك كفر بالإجماع ولا ينفعه اعترافه بأنه عالم مع نفيه أصل الفهم، أونقول قد اعترف بأن الله تعالى عالم، وإنكاره الفهم لا يكفره، وإن كان يؤدي إلى أنه ليس بعالم، فهذا موضع الإشكال. هذا كلام المازري وممضى الشافعي وجماهير أصحابه الفهماء حتى الخوارج لا يكفرون، وكذلك القدرية وجماهير المعتزلة وسائر أهل الأهواء، نطق الشافعي -رحمه الله تعالى-: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية، وهم طائفة من الرافضة يشهدون لموافقيهم في الممضى بمجرد قولهم، فرد شهادتهم لهذا لا لبدعتهم. والله أفهم.

«عن أبي سعيد الخدري نطق بعث علي رضي الله عنه وهوباليمن بمضىة في تربتها إلى رسول الله فقسمها رسول الله بين أربعة نفر الأقرع بن حابس الحنظلي وعيينة بن بدر الفزاري وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب وزيد الخير الطائي ثم أحد بني نبهان نطق فغضبت قريش فنطقوا أتعطي صناديد نجد وتدعنا فنطق رسول الله صلى الله عليه وسلم إني إنما عملت ذلك لأتألفهم فاتى رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين محلوق الرأس فنطق: اتق الله يا محمد نطق فنطق رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن يطع الله إذا عصيته أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني نطق ثم أدبر الرجل فاستأذن رجل من القوم في قتله يرون أنه خالد بن الوليد فنطق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا من ضئضئ هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم اغتال عاد».

ظهور الخوارج من علامات الساعة الصغرى

من علامات السَّاعَة: خروج بعض الفرق المخالفة لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، ومن هؤلاء فرق الخوارج؛ وقد أبلغ عنهم النبي صلى الله عليه وسلم.

فقد أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه نطق: نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّميَّة"

وقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفات في حديث آخر، وأضاف أنهم من شرار الخلق.

وعن أنس رضي الله عنه نطق: نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيكون في أُمَّتِي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل، ويسيئون العمل، يقرءون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرَّميَّة، لا يرجعون حتى يرتدَّ السهم إلى فُوقه، وهم شرار الخلق والخليقة، طوبى لمَن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله، وليسوا منه في شيء، مَن قاتلهم كان أولى بالله منهم، سيماهم التحالق" فهم قوم يدَّعون الفهم، ويجهدون أنفسهم بالعبادة، لكنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّميَّة.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه نطق: "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهويقسم قسماً، أتاه ذوالخويصرة ، فنطق: يا رسول الله، اعدل، فنطق صلى الله عليه وسلم: ويلك ومَن يعدل إذا لم أعدل، قد خبت وخسرتَ إذا لم أكن أعدل، فنطق عمر: يا رسول الله، ائذن لي فيه فأضرب عنقه،يا ترى؟ فنطق صلى الله عليه وسلم: دَعْهُ، فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يتجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّميَّة، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد تجاوز الفرث والدم، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة ومثل البضعة تدردر، ويخرجون على حين فرقة من الناس" .

فرق الخوارج

انقسمت الخوراج إلى فرق كثيرة يجمعها القول بالتبرأ من عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب. وأهم هذه الفرق: المُحَكِّمة، الأزارقة، النجدات، البيهسية، العجاردة، الثعالبة، الإباضية، والصفرية. والخلاف بين هذه الفرق لم يكن في أمور خطيرة تؤدي إلى الانشقاق وتكوين فرقة مستقلة، بل إذا معظم نزاعاتهم كانت تدور في كثير من الأحيان حول أمور فرعية.

والإمام عبد القاهر البغدادي في كتابه (الفرق بين الفرق) ذكر أنهم: «عشرون فرقة، وهذه أسماؤها: المحكمة الأولى والأزارقة والنجدات والصفرية، ثم العجاردة المفترقة فرقاً منها: الخازمية والشعيبية والمعلومية والمجهولية وأصحاب طاعة لا يراد الله تعالى بها، والصلتية والأخنسية والشبيبية والشيبانية والمعبدية والرشيدية والمكرمية والحمزية والشمراخية والإبراهيمية، والواقفة والإباضية، والإباضية منهم افترقت فرقاً معظمها فريقان: حفصية وحارثية. فأما اليزيدية من الإباضية والميمونية من العجاردة فإنهما فرقتان من غلاة الكفرة الخارجين عن فرق الأمة... وقد اختلفوا فيما يجمع الخوارج على افتراق مذاهبها، فذكر الكعبي في منطقاته: أنّ الذي يجمع الخوارج على افتراق مذاهبها إكفار علي وعثمان والحكمين، وأصحاب الجمل، وكل من رضي بتحكيم الحكمين، والإكفار بارتكاب الذنوب، ووجوب الخروج على الإمام الجائر. ونطق شيخنا أبوالحسن: الذي يجمعهما إكفار علي، وعثمان، وأصحاب الجمل، ومن رضي بالتحكيم وصوّب الحكمين أوأحدهما، والخروج على السلطان الجائر».

أما الإمام الشهرستاني في كتابه (الملل والنحل) ذكر من فرقهم: المُحَكِّمة الأولى والأزارقة والنجدات العاذرية والبيهسية والعجاردة (الصلتية والميمونية والحمزية والخلفية والأطرافية والشعيبية والحازمية) والثعالبة (الأخنسية والمعبدية والرشيدية والشيبانية والمكرمية والمعلومية والمجهولية والبدعية) والإباضية (الحفصية والحارثية واليزيدية) والصفرية الزيادية.

الإباضية

هم أتباع عبد الله بن إباض التميمي، عاش في النصف الثاني من القرن الأول الهجري وهوتلميذ التابعي جابر بن زيد الذي يرى الإباضية المعاصرين أنه المؤسس الأول للممضى وأنهم نسبوا لابن إباض لأنه أول من هجر بالآراء السياسية المعارضة للحكم الأموي. ويذكر عبد الهادي التازي في دراسته «المغرب في خدمة التقارب العربي الإفريقي»، حتى أول دخول الإسلام إلى أنطقيم أفريقيا كان على يد الإباضية الذين كانوا يطاردون من الحكومات السنية التي هيمنت على شمال القارة الإفريقية، فيهاجرون إلى قلب القارة وغربها.

وقد انقسمت الإباضية إلى أربع فرق هم: الحفصية، الحارثية، اليزيدية، وأصحاب طاعة لا يراد بها إلا الله. وقد أجمعوا على حتى من ولج في دين المسلمين وجبت عليه الشرائع والأحكام وقف على ذلك أولم يقف، سمعه أولم يسمعه. كما نطقوا إذا من ورد عليه الخبر، عليه حتى يفهم ذلك بالخبر. ونطق بعضهم: يجوز حتى يخلق الله رسولاً بلا دليل، ويكلف العباد بما أوحى إليه، ولا يجب عليه إظهار المعجزة، كما لا يجب على الله تعالى ذلك إلى حتى يخلق دليلاً ويظهر معجزة أولا يعمل. وهذا يعني أنه يكفي لتصديق الرسول والنبي قوله "أنا نبي" و"أنا رسول". وهذا ما نطقته الكرامية من بعد الإباضية. وهوما ذكر في خط الفرق عن تأثر الكرامية بالخوراج في مسألة النبوة.

وقد عدّ بعض الباحثين في الفرق الإسلامية الإباضية من طوائف الخوارج، ويرجع ذلك إلى ظروف النشأة ومعارضتهم سوياً للحكم الأموي، إلا حتى الإباضية أنفسهم ينفون تلك الصلة بل يمضى الفقيه والمؤرخ العماني سالم السيابي في كتابه «أصول المناهج في تمييز الإباضية عن الخوارج» إلى «أن الخوارج في حكم الإباضية مشركون لأنهم يحرمون بعض ما أحل الله ويحرمون بعض ما أحله الله وينكرون بعض الثوابت الإسلامية في السنة».

ويتحدث السيابي عن موقف الإباضية من الصحابة فيقول إذا الخليفتين أبا بكر وعمر إمامان راضيان سقميان توليا أمر المسلمين بإجماع الأمة، وأن عثمان قد أخذ الإمامة وبايعه المسلمون. ثم يضيف في كتابه «أصول المناهج في تمييز الإباضية عن الخوارج»، حتى بعض المسلمين أخذوا على الخليفة عثمان بن عفان أشياء وانتقدوه في أخرى ثم أنكروا عليه أموراً حتى قتلوه، مؤكداً حتى الإباضية بريئون من دمه وماله. ويتابع: «ثم بايعوا علي بن أبي طالب على ما بايعوا عليه من قبله ثم اختلفوا عليه فشاركوه في سياسته وتلاعبوا بأمره –يقصد مشاركة معاوية له في الحكم-، إلى حتى اتىه منهم من قتله –وهم الخوارج-، وأن الإباضية لم يشاركوا في قتله والحكم لله يوم القيامة».

الأزارقة

هم أتباع نافع بن الأزرق الذي كان من بني حنيفة، وكانوا أشد فرق الخوارج عنفاً وتطرفاً، وأكثرهم عدداً وأعزهم نفراً، وهم الذين تلقوا الصدمات الأولى من ابن الزبير والأمويين، وقد قاتل الخوارج بقيادة نافع قادة عبدالله بن الزبير، وقادة الأمويين تسع عشرة سنة. وقد اغتال نافع في ميدان القتال، ثم تولى بعده نافع بن عبيد الله، ثم قطري بن الفاتىة.

وفي عهد قطري كان الذي يحارب الخوارج من الأمويين داهية قوادهم المهلب بن أبي صفرة، فكان قبل الواقعة التي يتقد بها يثير خلافهم، فتحتدم المناقشة بينهم احتداما شديدا، ثم يلقاهم وهم على هذا الخلاف؛ ولذا أخذ شأن الخوارج يضعف في عهد قطري هذا، لاختلافهم فرقاً من جهة، ولأثر هذا الاختلاف في مواقفهم في ميدان القتال من جهة ثانية، وتألب المسلمين عليهم من جهة ثالثة، وغلظتهم في معاملة مخالفيهم من جهة رابعة.

وقد توالت هزائمهم على يد المهلب ومن اتى بعده من قواد الأمويين حتى انتهى أمرهم.

وقد استند الأزارقة على عدد من المرتكزات العقائدية والفكرية التي اعتبروا حتى الإيمان الكامل لاقد يكون إلا بها وإن كانت مجرد أهواء متطرفة، وبنادىً، وتتمثل فيما يلي:

  • أن مخالفيهم من أمة الإسلام مشركون، ومن لا يسارع منهم إلى اعتناق ممضىهم يستحل دمه وماله، هوونساؤه وأطفاله.
  • كفر الإمام علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ، ونطقوا: إذا الله أنزل في شأنه: Ra bracket.png وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ Aya-204.png La bracket.png (سورة البقرة: 204).
  • إباحة اغتال أطفال المخالفين لهم ونسائهم، وقد زعموا حتى أطفال المشركين في النار وأن حكمهم حكم آبائهم، وكذلك أطفال المؤمنين.
  • زعموا حتى من قام في دار الكفر فكافر لا يسعه إلا الخروج.
  • نطقوا إذا أبا بكر وعمر عملا بكتاب الله وسنة الرسول وكانا نموذجاً صالحاً للحكم الديني، أما عثمان بن عفان فقد ظلَّ صالحاً خلال السنوات الست الأولى من حكمه، ثم خالف بعد ذلك حكم القرآن، وبدّل سنة الرسول ، فأصبح كافراً، أما علي فان سيرته حسنة سقمية، وكان مثالاً للخليفة الصالح حتى نهاية معركة صفين، وقبوله بالتحكيم، فكفر في نظرهم، وصوّبوا عمل عبد الرحمن بن ملجم المرادي في قتله.
  • كفّروا معاوية وعبد الله بن عباس وطلحة والزبير وعائشة ومن كان معهم من أصحاب الجمل.
  • كفّروا جميع من اشهجر في معركة صفّين من الطرفين، وحكموا بخلودهم في النار.
  • لا يحل للأزارقة حتى يجيبوا أحداً من غيرهم إلى الصلاة إذا نادىهم إليها، ولا حتى يأكلوا من ذبائحهم، ولا يتزوجوا منهم، ولا يتوارث الخارجي وغيره.
  • إسقاط الرجم على الزاني إذ ليس في القرآن ذكره.
  • أسقطوا حد القذف عمن قذف المحصنين من الرجال، مع وجوب الحد على قاذف المحصنات من النساء.
  • تجويزهم حتى يبعث الله تعالى نبياً يفهم أنه يكفر بعد نبوته، أوأنه كان كافراً قبل البعثة.
  • التقية غير جائزة لا في قول ولا في عمل خلافاً للشيعة، ولوتعرضت النفس والمال والعرض للأخطار، مستدلين بقوله تعالى: Ra bracket.png أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً Aya-77.png La bracket.png (سورة النساء: 77).
  • من ارتكب كبيرة من الكبائر، كَفَرَ كُفْرَ ملة خرج به عن الإسلام جملة، ويكون مخلداً في النار مع سائر الكفار، خلافاً للمرجئة والمعتزلة، واستدلوا بكفر إبليس، ونطقوا ما ارتكب إلا كبيرة، حيث أُمِر بالسجود لآدم فامتنع.
  • العمل بأوامر الدين من صلاة وصيام وصدق وعدل جزء من الإيمان.
  • ليس الإيمان بالاعتقاد وحده فمن افترض حتى لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ثم لم يعمل بفروض الدين وارتكب الكبائر، فهوكافر.
  • أموال مخالفيهم حلال في كافة الأحوال.
  • جحد الأمانة لمخالفيهم التي أمر الله تعالى بأدائها، ونطقوا إذا مخالفينا مشـركون، فلا يلزمنا أداء أمانتنا إليهم.
  • يرون بتر يد السارق من المنكب في القليل والكثير، ولم يحددوا في السرقة نصاباً.
  • يرون وجوب وجود خليفة لقبوه أمير المؤمنين، واشترطوا فيه حتىقد يكون أصلحهم ديناً سواء أكان قرشياً أم غير قرشي، عربياً أم غير عربي.
  • رأوا وجوب عزل الخليفة إذا سار سيرة لا تتفق ومصلحة المسلمين، بأن جار أوظلم، وإذا لم يعتزل في هذه الحالة، قوتل حتى يقتل.
  • أوجب الأزارقة امتحان من قصد عسكرهم، إذا ادّعى أنه منهم، بأن يُدفع إليه أسير من مخالفيهم، فيؤمر بقتله، فإن قتله صدَّقوا دعواه، وإن لم يقتله، نطقوا إنه منافق ومشرك وقتلوه.
  • اعتزل الأزارقة جمهور المسلمين الذين عرّفوهم باسم أهل الضلالة، فهاجروا من دار الحرب أودار الخاطئين إلى دار الهجرة أودار السلام، وهواسم حاضرتهم التي كانت تتغير كثيراً.
  • إن الإمامة لا تختص بشخص إلا حتى يجتمع فيه الفهم والزهد، فإذا اجتمعا كان إماماً.
  • يجب على المرأة الحائض حتى تؤدي جميع أعمالها العبادية ولا تنقص منها شيئاً.
  • يجوز حتى يبعث الله تعالى نبياً يفهم أنه كافر بعد نبوته، أوكان كافراً قبل بعثته.
  • يحرم على الرجل بتر صلاته حتى ولوسرق سارق ماله، أوفرسه أثناء صلاته.

النجدات

أتباع نجدة بن عامر الحنفي، وكان السبب في رياسته وزعامته حتى نافع بن الأزرق لما أظهر البراءة من القعدة عنه بعد حتى كانوا على رأيه، وسماهم مشركين واستحل اغتال أطفال مخالفيه ونسائهم. ومضىوا إلى اليمامة فاستقبلهم نجدة بن عامر. وأقاموا على إمامة نجدة إلى حتى اختلفوا في أمور نقموها منه، فلما اختلفوا صاروا ثلاث فرق: فرقة صارت مع عطية بن الأسود الحنفي إلى سجستان، وفرقة صارت مع أبي فديك، وفرقة عذروا نجدة في أحداثه وأقاموا على إمامته.

الصفرية

أتباع زياد بن الأصفر، وقيل نسبة إلى عبد الله بن صفار أوالنعمان بن صفر. يقول عبد القاهر البغدادي في كتابه (الفرق بين الفرق): «..وقولهم في الجملة كقول الأزارقة في حتى أصحاب الذنوب مشركون، غير حتى الصفرية لا يرون اغتال أطفال مخالفيهم ونسائهم، والأزارقة يرون ذلك. وقد زعمت فرقة من الصفرية حتى ما كان من الأعمال عليه حدٌّ واقع لا يسمى صاحبه إلا بالاسم الموضوع له كزان وسارق وقاذف وقاتل عمد، وليس صاحبه كافراً ولا مشركاً، وكل ذنب ليس فيه حدٌّ كهجر الصلاة والصوم فهوكفر وصاحبه كافر، وإن المؤمن المذنب يفقد اسم الإيمان في الوجهين جميعاً. وفرقة ثالثة من الصفرية نطقت بقول من نطق من البيهسية: إذا صاحب الذنب لا يحكم عليه بالكفر حتى يحمل إلى الوالي فيحده. فصارت الصفرية على هذا التقدير ثلاث فرق».

ونطق أبوالفتح الشهرستاني عن عقائدهم أنهم: «..لم يُكفّروا القعدة عن القتال إذا كانوا موافقين في الدين والاعتقاد، ولم يُسقطوا الرجم، ولم يحكموا بقتل أطفال المشركين وتكفيرهم وتخليدهم في النار. ونطقوا: التقية جائزة في القول دون العمل. ونطقوا: ما كان من الأعمال عليه حد واقع فلا يتعدى بأهله الاسم الذي لزمه به الحد، كالزنا والسرقة والقذف، فيسمى زانياً سارقاً قاذفاً، لا كافراً مشركاً، وما كان من الكبائر مما ليس فيه حد لعظم قدره مثل: هجر الصلاة والفرار من الزحف فإنه يكفر بذلك..».

العجاردة

العجاردة كلها أتباع عبد الكريم بن عجرد، وكان عبد الكريم من أتباع عطية بن الأسود الحنفي. وكانت العجاردة مفترقة عشر فرق يجمعها القول بأن الطفل يُدعَى إذا بلغ، وتجب البراءة منه قبل ذلك حتى يُدعى إلى الإسلام أويصفه هو. وفارقوا الأزارقة في شيء آخر، وهوحتى الأزارقة استحلت أموال مخالفيهم بكل حال، والعجاردة لا يرون أموال مخالفيهم فيئاً إلا بعد اغتال صاحبه، فكانت العجاردة على هذه الجملة إلى حتى افترقت فرقها.

الميمونية

أصحاب ميمون بن خالد، كان من جملة العجاردة، إلا أنه تفرد عنهم بإثبات القدر خيره وشره من العبد، وإثبات العمل للعبد خلقاً وإبداعاً، وإثبات الاستطاعة قبل العمل، والقول بأن الله تعالى يريد الخير دون الشر، وليس له مشيئة في معاصي العباد.

الثعالبة

هم أتباع ثعلبة بن مُشْكان؛ وهؤلاء كانوا يقولون بإمامة عبد الكريم بن عجرد، ويقولون: إنه كان الإمام، إلى حتى خالفه ثعلبة في التبرؤ من أطفال المسلمين، وبسبب هذا الخلاف، تبرأ أحدهما من صاحبه، وكان يكفر جميع منهما صاحبه.

أصحاب طاعة لا يُراد الله بها

زعم هؤلاء أنه لا يصحُّ وجود طاعات كثيرة ممن لا يريد الله تعالى بها، كما نطق أبوالهذيل وأتباعه من القدرية.

حكم الخوارج

اختلف الفهماء في حكم الخوارج، ومشهور القول فيهم أنهم على قسمين:

  1. أنه كحكم أهل الردة، لأنهم ردوا السنة، وكفّروا الصحابة، واستحلّوا دماء الموحدين.
  2. أنه كحكم أهل البغي، لأنهم خرجوا لطلب الملك فقط، سواء كانت فيه شبهة أم لا، وهم البغاة.

نطق الإمام محيي الدين النووي في شرحه لسليم مسلم: «...قوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً) هذا تصريح بوجوب قتال الخوارج والبغاة، وهوإجماع الفهماء، نطق القاضي (يعني القاضي عياض المالكي): أجمع الفهماء على حتى الخوارج وأشباههم من أهل البدع والبغي متى خرجوا على الإمام وخالفوا رأي الجماعة وشقوا العصا وجب قتالهم بعد إنذارهم، والاعتذار إليهم. نطق الله تعالى: (فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله). لكن لا يجهز على جريحهم ولا يتبع منهزمهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا تباح أموالهم، وما لم يخرجوا عن الطاعة وينتصبوا للحرب لا يقاتلون، بل يوعظون ويستتابون من بدعتهم وباطلهم، وهذا كله ما لم يكفروا ببدعتهم، فإن كانت بدعة مما يكفرون به جرت عليهم أحكام المرتدين، وأما البغاة الذين لا يكفرون فيرثون ويورثون، ودمهم طالما القتال هدر، وكذا أموالهم التي تتلف في القتال، والأصح أنهم لا يضمنون أيضاً ما أتلفوه على أهل العدل طالما القتال من نفس ومال، وما أتلفوه في غير حال القتال من نفس ومال ضمنوه، ولا يحل الانتفاع بشيء من دوابهم وسلاحهم طالما الحرب عندنا وعند الجمهور، وجوزه أبوحنيفة. والله أفهم».

ولأجل ذلك نطق الإمام مالك في سائر أهل البدع: "يستتابون، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم". نطق إسماعيل بن إسحاق: "رأى مالك اغتال الخوارج، وأهل القدر من أجل الفساد الداخل في الدين، كقطاع الطريق، فإن تابوا وإلا قتلوا على إفسادهم". ولا شك في أنهم يستحقون النار، إذا ماتوا على اعتقادهم الباطل في ألفاظ القرآن ومعانيه، ورد السنة السليمة الزائدة جملة، وتكفير جمهور الصحابة، واستحلال دم المسلمين. لقوله : "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية". وقوله: "الخوارج كلاب النار". وقوله: "هم شر الخلق والخليقة". نطق الإمام أبي المظفر الإسفراييني في (التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين): «...والكفر لا محالة لازم لهم لتكفيرهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم».

لكن الإمام جلال الدين السيوطي يورد حتى لفهماء أهل السنة في تكفير الخوراج قولين مشهورين، المعتمد منهما عدم تكفيرهم، لكنهم متفقون على قتالهم على الرغم من أنهم لم يكفروهم، إنما اعتبروهم عصاة وبغاة ومتمردين. لذلك، لا يجوز بعد هزيمتهم في القتال حتى تُغنم أموالهم وتُسبى ذراريهم، ولا يقتل مُدبرهم، ويستندون في ذلك على تصرف الإمام علي معهم في معركة النهروان، ذلك حتى الإمام علي لم يسبِ حريمهم ولم يغنم أموالهم، رغم حتى الذين خرجوا عليه قاتلوه واتهمُوه بالكفر، إلا حتى الإمام علي وفقهاء الصحابة لم يكفروهم، ولم يعتبروهم من أهل الردة الخارجين من الملة. ويعتبر تصرف الإمام علي معهم مستند الشيعة في عدم اعتبارهم كفاراً. ومضى جمع من الشيعة إلى تكفيرهم لأنهم أنكروا ضرورة الطاعة للإمام وحاربوه، ولكن الحكم فيهم بعد قتالهم مختلف فيه.

وقد سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن الخوارج فقيل له: أكفار هم،يا ترى؟ نطق: من الكفر فروا، وفي رواية: أمشركون هم،يا ترى؟ فنطق: من الشرك فروا. فقيل له: أمنافقون هم،يا ترى؟ نطق: المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلاً، فقيل له من هم إذن،يا ترى؟ نطق: إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم ببغيهم علينا، وفي رواية: قوم بغوا علينا فنُصرنا عليهم، وفي رواية: قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا. ذكره عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه، وابن أبي شيبة بسند سليم، والبيهقي في السنن الكبرى، وابن كثير في البداية والنهاية ونطق: فهذا ما أورده ابن جرير وغيره في هذا المقام.

وهناك من الفقهاء والفهماء من كفر الخوارج مستدلاً على ذلك ببعض الأحاديث والاستدلالات. وهناك من الفقهاء والفهماء من يرون عدم تكفير الخوارج، منهم: الإمام الشافعي، القاضي عياض، والباقلاني، والخطابي، وابن بطال، وأبوإسحاق الشاطبي، وغيرهم، فهؤلاء تورعوا عن تكفير الخوارج، واعتبروهم فساقاً غير كافرين.

نطق الإمام النووي في شرح سليم مسلم: «نطق القاضي عياض - رحمه الله تعالى -: نطق المازري: اختلف الفهماء في تكفير الخوارج، نطق: وقد كادت هذه المسألة تكون أشد إشكالاً من سائر المسائل، ولقد رأيت أبا المعالي وقد رغب إليه الفقيه عبد الحق - رحمهما الله تعالى - في الكلام عليها فرهب له من ذلك، واعتذر بأن الغلط فيها يصعب مسقطه؛ لأن إدخال كافر في الملة وإخراج مسلم منها عظيم في الدين، وقد اضطرب فيها قول القاضي أبي بكر الباقلاني، وناهيك به في فهم الأصول، وأشار ابن الباقلاني إلى أنها من المعوصات؛ لأن القوم لم يصرحوا بالكفر، وإنما نطقوا أقوالاً تؤدي إليه، وأنا أكشف لك نكتة الخلاف وسبب الإشكال، وذلك حتى المعتزلي مثلاً يقول: إذا الله تعالى عالم، ولكن لا فهم له، وحي ولا حياة له. يسقط الالتباس في تكفيره؛ لأنا فهمنا من دين الأمة ضرورة حتى من نطق: إذا الله تعالى ليس بحي ولا عالم كان كافراً، وقامت الحجة على استحالة كون العالم لا فهم له، فهل نقول: إذا المعتزلي إذا نفى الفهم نفى حتىقد يكون الله تعالى عالماً، وذلك كفر بالإجماع ولا ينفعه اعترافه بأنه عالم مع نفيه أصل الفهم، أونقول قد اعترف بأن الله تعالى عالم، وإنكاره الفهم لا يكفره، وإن كان يؤدي إلى أنه ليس بعالم، فهذا موضع الإشكال. هذا كلام المازري وممضى الشافعي وجماهير أصحابه الفهماء حتى الخوارج لا يكفرون، وكذلك القدرية وجماهير المعتزلة وسائر أهل الأهواء، نطق الشافعي - رحمه الله تعالى -: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية، وهم طائفة من الرافضة يشهدون لموافقيهم في الممضى بمجرد قولهم، فرد شهادتهم لهذا لا لبدعتهم. والله أفهم».

يقول أبوإسحاق الشاطبي في الاعتصام:
وقد اختلفت الأمة في تكفير هؤلاء الفرق أصحاب البدع العظمى. ولكن الذي يقوى في النظر وبحسب الأثر عدم البتر بتكفيرهم. والدليل عليه عمل السلف الصالح فيهم، ألا ترى إلى خلق علي ـ رضي الله عنه ـ في الخوارج،يا ترى؟ وكونه عاملهم في قتالهم معاملة أهل الإسلام على مقتضى قول الله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما)، فإنه لما اجتمعت الحرورية وفارقت الجماعة لم يهيجهم علي ولا قاتلهم، ولوكانوا بخروجهم مرتدين لم يهجرهم، لقوله عليه الصلاة والسلام: (من بدل دينه فاقتلوه)، ولأن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ خرج لقتال أهل الردة ولم يهجرهم، فدل ذلك على اختلاف ما بين المسألتين.

وأيضاً، فحين ظهر معبد الجهني وغيره من أهل القدر لم يكن من السلف الصالح لهم إلا الطرد والإبعاد والعداوة والهجران، ولوكانوا خرجوا إلى كفر محض لأقاموا عليهم الحد المقام على المرتدين. وعمر بن عبد العزيز أيضاً لما خرج في زمانه الحرورية بالموصل أمر بالكف عنهم على حد ما أمر به علي ـ رضي الله عنه ـ، ولم يعاملهم معاملة المرتدين.

ومن جهة المعنى! إنا وإن قلنا: إنهم متبعون للهوى، ولما تشابه من الكتاب ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، فإنهم ليسوا بمتبعين للهوى بإطلاق، ولا متبعين لما تشابه من الكتاب من جميع وجه، ولوفرضنا أنهم كذلك لكانوا كفاراً، إذ لا يتأتى ذلك من أحد في الشريعة إلا مع رد محكماتها عناداً، وهوكفر. وأما من صدق بالشريعة ومن اتى بها، وبلغ فيها مبلغا يظن به أنه متبع للدليل بمثله، لا ينطق: أنه صاحب هوى بإطلاق . بل هومتبع للشرع في نظره لكن بحيث يمازجه الهوى في مطالبه من جهة إدخال الشبه في المحكمات بسبب اعتبار المتشابهات ، فشارك أهل الهوى في دخول الهوى في نحلته، وشارك أهل الحق في أنه لا يقبل إلا ما دل عليه الدليل على الجملة.

وأيضاً، فقد ظهر منهم اتحاد القصد مع أهل السنة على الجملة من مطلب واحد، وهوالانتساب إلى الشريعة. ومن أشد مسائل الخلاف ـ مثلاً ـ مسألة إثبات الصفات حيث نفاها من نفاها، فإنا إذا نظرنا إلى مقاصد الفريقين وجدنا جميع واحد منهما حائماً حول حمى التنزيه ونفي النقائص وسمات الحدوث، وهومطلوب الأدلة.

انظر أيضا

  • الحشاشون
  • فتنة القرامطة

المصادر

  1. ^ Al-Yaqoubi, Muhammad (2015). Refuting ISIS: A Rebuttal Of Its Religious And Ideological Foundations. Sacred Knowledge. صفحات xvii–xviii. ISBN .
  2. ^ The Balance of Islam in Challenging Extremismنسخة محفوظة 2014-08-02 على مسقط واي باك مشين.| Dr. Usama Hasan| 2012| quilliam foundation
  3. ^ "CIA - The World Factbook". وكالة المخابرات المركزية. June 5, 2013. مؤرشف من الأصل فيستة مايو2019. اطلع عليه بتاريخعشرة يونيو2013.
  4. ^ انظر: المعجم العربي الأساسي ، مادة : خرج.
  5. ^ كتاب: الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني، تأليف: محمد بن علي الشوكاني، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: أبومصعب محمد صبحي بن حسن حلاق، الناشر: مخطة الجيل الجديد، صنعاء - اليمن، الجزء الأول - المجلد الأول، ص: 856.
  6. كتاب: الفرق الكلامية الإسلامية (مدخل ودراسة)، تأليف: علي عبد الفتاح المغربي، الناشر: مخطه وهبة، الطبعة الثانية: 1995م، ص: 169-170.
  7. ^ كتاب: فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، تأليف: غالب بن علي عواجي، الجزء الأول، الناشر: المخطة العصرية المضىية، الطبعة الرابعة: 2001م، ص: 227-228.
  8. ^ كتاب: فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، تأليف: غالب بن علي عواجي، الجزء الأول، الناشر: المخطة العصرية المضىية، الطبعة الرابعة: 2001م، ص: 229-231.
  9. ^ رواه البيهقي وابن أبي شيبة
  10. ^ سؤال رقم 222934: لما حارب علي رضي الله عنه الخوارج،يا ترى؟ - مسقط الإسلام سؤال وجواب نسخة محفوظة 12 أبريل 2016 على مسقط واي باك مشين.
  11. ^ الإسلام سؤال وجواب، سؤال رقم 224779، الخوارج فرقة ضالة، تظهر فترة بعد فترة، ويستمر ظهورها حتى خروج الدجال، "وروى أحمد (6952) والحاكم (8558) عن عَبْد اللهِ بْن عَمْرٍونطق: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا قُطِعَ قَرْنٌ نَشَأَ قَرْنٌ، حَتَّى يَخْرُجَ فِي بَقِيَّتِهِمُ الدَّجَّالُ) وصححه الشيخ أحمد شاكر0 فأفاد الحديث: حتى الخوارج فرقة من فرق الأمة، وأنها سيستمر وجودها إلى آخر الزمان، غير أنها تظهر فترة بعد فترة، وحدثا ظهرت طائفة منهم قُطعت، وانتهى أمرها، ثم تظهر طائفة أخرى.... إلى غير ذلك، حتى يخرج الدجال في آخرهم. وقد وردت في الخوارج نصوص كثيرة، وآثار عن السلف، تتحدث عن صفاتهم، وجملة ذلك: أنهم أحداث الأسنان (صغار السن)، سفهاء الأحلام، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، أي: لا يفهمونه ولا يصل إلى قلوبهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه. يقتلون أهل الإيمان، ويدعون أهل الأوثان، ويطعنون على أمرائهم، ويشهدون عليهم بالضلال، يدعون إلى كتاب الله، وليسوا منه في شيء، ولا يرون لأهل الفهم والفضل مكانة، ويظنون أنهم أفهم منهم بالله ورسوله وكتابه، ويتشددون في العبادة، ويجتهدون فيها أشد الاجتهاد، ولكن مع جهل وقلة فقه، يكفرون جميع من ارتكب كبيرة من المسلمين0 فهذه صفاتهم كما اتىت في الأحاديث ، وذكرها الفهماء." نسخة محفوظة 28 يناير 2018 على مسقط واي باك مشين.
  12. ^ شرح النووي على مسلم نسخة محفوظة 13 نوفمبر 2016 على مسقط واي باك مشين.
  13. ^ ابن النديم، الفهرست، ص: 258-259.
  14. كتاب: الفرق الكلامية الإسلامية (مدخل ودراسة)، تأليف: الدكتور على عبد الفتاح المغربي، الناشر: مخطه وهبة، الطبعة الثانية: 1995م، ص: 177-179.
  15. ^ أبوالحسن الأشعري، منطقات الإسلاميين واختلاف المصلين، ج1، ص: 175 و179.
  16. ^ أبوالحسن الأشعري، منطقات الإسلاميين واختلاف المصلين، ج1، ص: 183.
  17. ^ أبوالحسن الأشعري، منطقات الإسلاميين واختلاف المصلين، ج1، ص: 194.
  18. ^ الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص: 179.
  19. ^ أبوالحسن الأشعري، منطقات الإسلاميين واختلاف المصلين، ج1، ص: 186 و206.
  20. ^ أبوالحسن الأشعري، منطقات الإسلاميين واختلاف المصلين، ج1، ص: 203.
  21. ^ عبد القاهر البغدادي، الفرق بين الفرق، ص: 94-95.
  22. ^ كتاب: الفرق الكلامية الإسلامية (مدخل ودراسة)، تأليف: الدكتور على عبد الفتاح المغربي، الناشر: مخطه وهبة، الطبعة الثانية: 1995م، ص: 172-177.
  23. ^ ابن حزم، الفصل في الملل والنحل، ج4، ص: 87.
  24. ^ الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص: 171.
  25. ^ الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص: 157.
  26. ^ الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص: 195.
  27. ^ الجويني، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، ص: 426-427.
  28. ^ ابن خلدون، المقدمة، ص: 174.
  29. ^ أبوالحسن الأشعري، منطقات الإسلاميين واختلاف المصلين، ج1، ص: 179-204.
  30. ^ أبوالحسن الأشعري، منطقات الإسلاميين واختلاف المصلين، ج1، ص: 167.
  31. ^ أبوالحسن الأشعري، منطقات الإسلاميين واختلاف المصلين، ج1، ص: 168.
  32. ^ د. علي عبد الفتاح المغربي، الفرق الكلامية الإسلامية مدخل ودراسة، ص: 176-177.
  33. "الحاكمية وظاهرة الغلوفي الدين". وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية. مؤرشف من الأصل في أربعة يناير 2018.
  34. "الاعتصام للإمام الشاطبي". شبكة إسلام ويب. مؤرشف من الأصل في أربعة يناير 2018.
  35. ^ "نادىة ضد التطرف". جريدة الحياة اللبنانية. مؤرشف من الأصل في 22 أبريل 2020.
  36. ^ كتاب: الخلفاء الراشدون مواقف وعبر، إعداد: عبد العزيز بن عبد الله الحُمَيدي، الناشر: دار الدعوة، تاريخ النشر: 2005م، ص: 674-676.
  37. ^ "مسند أحمد بن حنبل". شبكة إسلام ويب. مؤرشف من الأصل في أربعة يناير 2018.
  38. إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (1422 هـ/ 2002م). تفسير القرآن العظيم، تفسير سورة آل عمران، تفسير قوله تعالى: هوالذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات الجزء الثاني [تفسير ابن كثير]. دار طيبة. صفحات 7 وما بعدها.
  39. ^ يحيي بن شرف أبوزكريا النووي (1416 هـ/ 1996م). شرح النووي على سليم مسلم، كتاب الزكاة باب ذكر الخوارج وصفاتهم حديث رقم: (1063) (الطبعة دار الخير). صفحة 130 و131.
  40. ^ يحيي بن شرف أبوزكريا النووي (1416 هـ/ 1996م). شرح النووي على سليم مسلم، كتاب الزكاة باب ذكر الخوارج وصفاتهم حديث رقم: (1064) (الطبعة دار الخير). صفحة 131 وما بعدها.
  41. ^ في "سنن أبي داود" و"سنن ابن ماجه" و"مستدرك الحاكم" و"مسند أحمد"
  42. ^ (متفق عليه)
  43. ^ كتاب: التجسيم عند المسلمين: ممضى الكرامية، تأليف: سهير محمد مختار، الناشر: شركة الإسكندرية للطباعة والنشر، سنة النشر: 1971م، ص: 143.
  44. ^ دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين(الخوارج والشيعة)-أحمد محمد جلي-مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية/الرياض -ص: 69.
  45. ^ كتاب: الفرق بين الفرق، تأليف: عبد القاهر البغدادي، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، الناشر: مخطة دار التراث/القاهرة-طبعة/2007م، ص: 81.
  46. ^ كتاب: الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم، تأليف: عبد القاهر البغدادي، دراسة وتحقيق: محمد عثمان الخشت، الناشر: مخطة ابن سينا، ص: 72.
  47. "أهم فرق الخوارج". مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية. مؤرشف من الأصل في 1 يناير 2018.
  48. "سلطنة عمان الهادئة.. كيف من الممكن أن يتعايش المتصارعون تحت حكم الإباضية؟". مسقط شبابيك. مؤرشف من الأصل فيتسعة أكتوبر 2018.
  49. ^ كتاب: التجسيم عند المسلمين: ممضى الكرامية، تأليف: سهير محمد مختار، الناشر: شركة الإسكندرية للطباعة والنشر، سنة النشر: 1971م، ص: 143-145.
  50. ^ كتاب: تاريخ المذاهب الإسلامية، تأليف: محمد أبوزهرة، الناشر: دار الفكر العربي، ص: 77-76.
  51. ^ انظر: منطقات الإسلاميين واختلاف المصلين، للإمام أبي الحسن الأشعري، تح: أحمد جاد، دار الحديث القاهرة، ص:59-60. والملل والنحل للشهرساني، صححه وعلق عليه الأستاذ فهمي محمد، دار الخط الفهمية، ص:113-115.
  52. ^ كتاب: الفرق بين الفرق، تأليف: عبد القاهر البغدادي، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، الناشر: مخطة دار التراث/القاهرة-طبعة/2007م، ص: 97-98.
  53. ^ كتاب: الملل والنحل، تأليف: أبوالفتح الشهرستاني، الناشر: دار ابن حزم/بيروت-الطبعة الأولى/2005م، ص: 89.
  54. ^ "شرح النووي على مسلم (باب التحريض على اغتال الخوارج)". شبكة إسلام ويب. مؤرشف من الأصل فيعشرة يونيو2019.
  55. ^ "إدريس بن الضاوية: الخوارج سماتهم وجامع أفكارهم". وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية. مؤرشف من الأصل فيعشرة يونيو2019.
  56. ^ كتاب: التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، تأليف: الإمام الكبير أبي المظفر الإسفراييني، تحقيق: كمال يوسف الحوت، الناشر: عالم الخط، الطبعة الأولى: 1983م، ص: 45.
  57. ^ كتاب: الأسس الدينية للأصولية في الأديان الإبراهيمية، تأليف: فكري جواد عبد، وعبد الأمير كاظم زاهد، الناشر: دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع، 2017م، ص: 110.
  58. ^ كتاب: سطوة النص خطاب الأزهر وأزمة الحكم، تأليف: بسمة عبد العزيز، الناشر: دار صفصافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى: 2016م، ص: 223.
  59. ^ "البداية والنهاية". شبكة إسلام ويب. مؤرشف من الأصل في أربعة يناير 2018.
  60. ^ "شرح النووي على مسلم (باب ذكر الخوارج وصفاتهم)". شبكة إسلام ويب. مؤرشف من الأصل في 20 أكتوبر 2018.

وصلات خارجية

  • «الأزارقة» أشد فرق الخوارج عنفاً وتطرفاً
  • "المُحَكِّمة".. الخوارج رواد التكفير والتطرف
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:29:59
التصنيفات: خوارج, جماعات إسلاموية, علم الكلام, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, صفحات لا تقبل التصنيف المعادل, مقالات للتدقيق العلمي منذ أبريل 2019, جميع المقالات التي تحتاج لتدقيق علمي, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ الإسلامي/مقالات متعلقة, بوابة السياسة/مقالات متعلقة, بوابة إسلام سياسي/مقالات متعلقة, بوابة علم الكلام/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, صفحات تستخدم خاصية P244, صفحات تستخدم خاصية P227

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

120 ألفًا زيادة في 30 يومًا.. تعرف على عدد السكان في مصر حتى اليوم

المصدر: المصري اليوم - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:44
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

أول تراجع بأسعار الذهب فى منتصف تعاملات اليوم.. عيار 21 يسجل 1075جنيها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:53
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 46%

بايدن: بوتين يدرس استخدام الأسلحة الكيميائية وزيلينسكي مُصر

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:22:05
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

البورصة المصرية.. صعود المؤشر الرئيسى 1.32% بختام تعاملات منتصف الأسبوع

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:55
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 37%

قائمة الممنوعات للجماهير فى مباراة مصر والسنغال.. إنفوجراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:56
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 40%

الصحة تكشف أماكن انتشار التطعيم ضد شلل الأطفال بالمحافظات 27 مارس

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:58
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 38%

انطلاق المؤتمر الدولي للسياحة والضيافة والتراث في الفيوم

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:39
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 66%

تعرف على مواعيد تشغيل خطوط المترو طوال شهر رمضان

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:22:03
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 43%

فنانة شهيرة تشكو: مش لاقية العيش

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:48
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 58%

سجل 4.92 جنيه.. تعرف على أسعار الريال السعودي اليوم

المصدر: المصري اليوم - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:43
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 69%

الصحة: انخفاض معدلات تردد مرضى كورونا بالمستشفيات بنسبة 50%

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:57
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 45%

الحكومة تعلن مد العمل ببرنامج تحفيز الطيران حتى 31 أكتوبر 2022

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:58
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 50%

موعد فتح وغلق بوابات استاد القاهرة للجماهير في مباراة مصر والسنغال

المصدر: المصري اليوم - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:42
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

أسعار الذهب ترتفع 15 جنيها وعيار 21 يسجل 1090 جنيها للجرام

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:59
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 37%

«سارعوا بالشراء».. شعبة الذهب توجه نصائح مهمة للمواطنين (فيديو)

المصدر: المصري اليوم - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:21:45
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 59%

مصر تؤكد رفضها أية إجراءات أحادية تقوض حل الدولتين

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:22:04
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

مجلس الوزراء يوافق على مشروع الموازنة العامة للعام المالى 2022/2023

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-22 15:22:00
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 41%

تحميل تطبيق المنصة العربية