حرب جزر تشينتشا

عودة للموسوعة

حرب جزر تشينتشا، المعروفة أيضًا باسم الحرب الإسبانية-الأمريكية الجنوبية (بالإسبانية: Guerra hispano-sudamericana)، هي تعبير عن سلسلة من المعارك الساحلية والبحرية بين إسبانيا ومستعمراتها السابقة في بيرووتشيلي من عام 1864 إلى عام 1866. بدأ الصراع باستيلاء إسبانيا على جزر تشينتشا الغنية بسماد الغوانوفي واحدة من سلسلة من المحاولات التي نفّذتها إسبانيا في عهد إيزابيل الثانية وذلك لإعادة بسط نفوذها على مستعمراتها السابقة في أمريكا الجنوبية. شهدت الحرب استخدام الدارعات، بما في ذلك سفينة نومانسيا الإسبانية -أول دارعة تبحر حول العالم.

خلفية الأحداث

زاد الإنفاق العسكري زيادة كبيرة في عهد إيزابيل، ونتيجة لذلك، ارتقت إسبانيا إلى مرتبة القوة البحرية الرابعة في العالم. شاركت إسبانيا في مغامرات استعمارية في الخمسينيات والستينيات من القرن التاسع عشر في مناطق مختلفة مثل المغرب والفلبين والمكسيك وجمهورية الدومينيكان (التي أعادت احتلالها لفترة وجيزة).

في نهاية عام 1862، أوفدت إسبانيا بعثة فهمية إلى مياه أمريكا الجنوبية بهدف مبطّن هوتعزيز الانادىءات المالية والقانونية للمواطنين الإسبان المقيمين في الأمريكيتين. كانت البعثة بقيادة الأدميرال لويس هيرنانديز بينزون، وهوسليل مباشر للأخوة بينزون الذين رافقوا كريستوفر كولومبوس في رحلته التي أسفرت عن الاكتشاف الأوروبي الحديث للأمريكيتين. تألّفت سرِيّة بينزون من أربع سفن حربية هي: فرقاطتي البخار المزدوجة تريونفووريسولوسيان، والكورفيت فينسيدورا والمركب الشراعي فيرجن دي كوفادونغا.

وصلت السفن الإسبانية إلى ميناء فالبارايسو، تشيلي، في 18 أبريل 1863. اعترفت إسبانيا باستقلال تشيلي منذ أربعينيات القرن التاسع عشر، وحافظت الدولتان على العلاقات الدبلوماسية. استُقبلت البعثة بحفاوة، وتبادل الأدميرال الزيارات مع السلطات المحلية. غادرت السفن تشيلي في يوليووديًا وانتقلت إلى بيرو. على الرغم من حتى إسبانيا لم تعترف أبدًا باستقلال بيرو(المعلَن عنه في عام 1821)، استُقبلت السرية استقبالًا وديًا في ميناء كالاو. مكثوا في الميناء لبضعة أسابيع ثم أبحروا، متجهين إلى سان فرانسيسكو، كاليفورنيا.

حادثة تالامبو

في أربعة أغسطس 1863، سقط حادث في مغرسة تالامبو، في لمباييكه، بيرو. التفاصيل مجزّأة؛ لكن يُنطق حتى الحادثة تضمّنت شجارًا نشب بين اثنين من المقيمين الإسبان وأربعين مواطن محلي. أسفر عن هذه الحادثة مقتل أحد الإسبان وإصابة أربعة آخرين.

عندما وصلت أنباء الحادث إلى الأدميرال بينزون، عاد مع أسطوله إلى بيروفي 13 نوفمبر وطالب الحكومة بتقديم اعتذار وصرف تعويضات للمواطنين الإسبان المتضررين. ردًا على ذلك، اتخذ البيروفيون موقفًا مفاده حتى هذه الحادثة مسألة من شأن الشرطة المحلية ويُفضّل حتى يعالجها النظام القضائي البيروفي وأنه ليس هناك داعٍ لأي اعتذار. عند هذا المنعطف، قررت الحكومة الإسبانية في مدريد حتى تطالب أيضًا بسداد ديون بيروالناجمة عن حرب الاستقلال، وأوفدت النائب أوزيبيودي سالازار يي مازاريدولتسوية القضية مباشرة مع السلطات البيروفية.

وصل سالازار في مارس عام 1864، حاملًا لقب المندوب الملكي. كانت هذه إهانة متعمّدة لحكومة بيرولأن المندوب هوموظف استعماري، وليس سفيرًا (المستوى الطبيعي للاتصالات الدبلوماسية أثناء المشاورات بين الدول المستقلة). حكم هذا التصرف المزدري على المفاوضات مع وزير خارجية بيرو، جوان أنطونيوريبيرواسترادا، بالفشل.

احتلال جزر تشينتشا

في 14 أبريل 1864، انتقامًا من رفض بيرودفع التعويضات، استولى الأسطول الإسباني على جزر تشينتشا هشّة الدفاع. كانت هذه الجزر المصدر الرئيسي لموارد سماد الغوانوفي بيرو. وضع الإسبان حاكم الجزر البيروفي رامون فالي ريسترا رهن الاعتنطق على متن سفينة ريسولوسيان، واحتلوا الجزر بنحو400 من مشاة البحرية، وحملوا الفهم الإسباني. اعتبرت إسبانيا هذه الجزر أداة مهمة للمساومة، إذ كانت من الأصول الاقتصادية البيروفية الرئيسية وأنتجت ما يقرب من 60% من الإيرادات السنوية للحكومة.

حاصرت السرية الإسبانية أيضًا الموانئ البيروفية الرئيسية، ما عطل التجارة وزاد الاستياء في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية. توقّعت إسبانيا حتى تكون مقاومة بيروضعيفة، إذ اعتقدت إذا قدرات بيروالعسكرية لا تذكر. حتى إنه جرى التفكير لفترة بمقترح لاستبدال جبل طارق -الذي يسيطر عليه البريطانيون- بالجزر. خلال هذا الحصار، خسر الإسبان تريونفوبعد تدميرها بنيران عرَضية.

رفض رئيس الوزراء الإسباني، رامون ماريا ناربايز، الذي عُيّن في الآونة الأخيرة الإجراءات الانفرادية التي اتخذها الأدميرال بينزون وعيّن محله نائب الأدميرال جوان مانويل باريجا، وزير البحرية الأسبق. وُلد الأدميرال باريجا في بيرو، وتوفي والده العميد أنطونيوباريجا في تشيلي عام 1813 أثناء قتاله من أجل إسبانيا خلال حرب الاستقلال التشيلية. سرعان ما غيّر ناربايز رأيه التوفيقي، وأوفد أربع سفن حربية أخرى لتعزيز أسطول المحيط الهادئ.

وصل الأدميرال باريجا إلى بيروفي ديسمبر عام 1864 وافتتح على الفور مفاوضات مع الجنرال مانويل إغناسيودي فيفانكو، الممثل الخاص لرئيس بيروجوان أنطونيوبيزيت. وُقِّعت معاهدة فيفانكو-باريجا في 27 يناير 1865 على متن فرقاطة فيلا دي مدريد. اعتبر الرأي العام في بيروحتى المعاهدة تمسّ بالشرف الوطني لبيرو. عندما رفض الكونغرس البيروفي التصديق عليها، اندلعت انتفاضة عامة وسقطت حكومة الجنرال بيزيت فيسبعة نوفمبر.

الحرب مع تشيلي

في غضون ذلك، تأجّجت المشاعر المعادية للإسبان في الكثير من بلدان أمريكا الجنوبية (بما في ذلك بوليفيا وتشيلي والإكوادور). كان واضحًا لمعظم المراقبين حتى إسبانيا لا تنوي استعادة مستعمراتها السابقة. ومع ذلك، ظلت بيرووالدول المجاورة لها حذرة من أي تحركات قد تنذر بمحاولة لإعادة تأسيس الإمبراطورية الإسبانية. نظرًا إلى مناخ الشك السائد، لم يتفاجأ أحد عندما رسا الزورق الحربي الإسباني فينسيدورا عند ميناء تشيلي للحصول على الفحم، وأعرب الرئيس خوسيه خواكين بيريز حتى الفحم هوإمدادات حرب لا يمكن بيعها لدولة محاربة.

من وجهة النظر الإسبانية، اعتُبر الحظر التشيلي على الفحم دليلًا على حتى تشيلي لم تعد محايدة. ترسّخ هذا بعد حتى غادرت باخرتان بيروفيتان ميناء فالبارايسوتحملان أسلحة ومتطوعين تشيليين متجهين إلى بيرو. وبالتالي اتخذ نائب الأدميرال خوسيه مانويل باريجا إجراء صارمًا وطالب بفرض عقوبات على تشيلي أشد من تلك المفروضة على بيرو. ثم فصل أربع سفن خشبية من سريّته وأوفدها إلى تشيلي، بينما بقيت نومانسيا وكوفادونغا لحراسة كالاو.

وصل الأدميرال باريجا إلى فالبارايسوفي 17 سبتمبر، 1865 على متن سفينته فيلا دي مدريد. وطالب بإلقاء التحية العسكرية على الفهم الإسباني بإطلاق 21 طلقة بالمدفعية. قدّم مطلبه عمدًا في اليوم السابق لليوم الوطني التشيلي (18 سبتمبر). في ظل هذه الظروف، رفض التشيليون هذا الطلب، وأُعلنت الحرب بعد أسبوع في 24 سبتمبر.

أمر رئيس الوزراء الإسباني الجديد ليوبولدوأودونيل (الذي حل محل ناربايز) الأدميرال باريجا بالانسحاب، لكن الأدميرال الإسباني اختار تجاهل الأمر المباشر. لم يكن لديه قوات يحاول الإرساء معها، لذا قرر فرض حصار على الموانئ التشيلية الرئيسية. كان هذا الإجراء غير قابل للتطبيق، إذ إذا فرض حصار على الساحل التشيلي البالغ طوله 1800 ميل (2900 كيلومتر) يحتاج أسطولًا أكبر بعدة مرات مما كان تحت تصرف باريجا. رغم ذلك، تسبب الحصار المفروض على ميناء فالبارايسوبضرر اقتصادي كبير للمصالح التشيلية والأجنبية على حد سواء، ما دفع أساطيل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة -اللتين بقيتا على الحياد- إلى إصدار احتجاج رسمي.

معركة بابودوالبحرية

حتى قبل تحالف تشيلي وبيرورسميًا، نالت إسبانيا هزيمة بحرية نكراء في معركة بابودوالبحرية في 26 نوفمبر 1865. خلال هذه الاشتباكات، استولت الكورفيت التشيلية إزميرالدا على المركب الشراعي الإسباني كوفادونغا، وأسرت الطاقم واستولت على مراسلات الأدميرال الحربية. كانت هذه الهزيمة إهانة كبيرة للأدميرال باريجا، فانتحر بعد يومين على متن سفينته. بعد موت الأدميرال، تولّى العميد البحري كاستومينديز نونيز -الذي نال بسرعة ترقية إلى لواء بحري- القيادة العامة للأسطول الإسباني في المحيط الهادئ.

المراجع

  1. ^ Tucker 1967، صفحة 1431.
  2. ^ Guinot 2009، صفحات 307–308.
  3. ^ Farcau 2000، صفحة 17.
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:49:05
التصنيفات: حرب جزر تشينتشا, 1864 في إسبانيا, 1864 في بيرو, 1864 في تشيلي, 1865 في إسبانيا, 1865 في بيرو, 1865 في تشيلي, 1866 في الإكوادور, 1866 في إسبانيا, 1866 في بوليفيا, 1866 في بيرو, 1866 في تشيلي, الاستعمار الإسباني في الأمريكيتين, تاريخ أمريكا الجنوبية, نزاعات في 1864, نزاعات في 1865, نزاعات في 1866, بوابة ملاحة/مقالات متعلقة, بوابة الحرب/مقالات متعلقة, بوابة تشيلي/مقالات متعلقة, بوابة بوليفيا/مقالات متعلقة, بوابة إسبانيا/مقالات متعلقة, بوابة بيرو/مقالات متعلقة, بوابة الإكوادور/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الرعاية الصحية تعلن نجاح أول قسطرة قلبية بمستشفى رأس سدر بجنوب سيناء

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:13
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 66%

الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بالعيد العاشر لجلوس البابا تواضروس الثاني

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:12
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 64%

جون كيري: التغيرات المناخية تهدد بارتفاع منسوب المياه في السواحل

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:09
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

نقابة سامير تدق أجراس الخطر بخصوص استمرار إغلاق المصفاة المغربية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:27
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 82%

توقيع اتفاقية تعاون مشترك في مجالات الحوار والتسامح والأخوة الإنسانية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:11
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

حمدالله: لم يسبق لي رؤية مثل هذه الأجواء الأخوية داخل المنتخب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:29
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 73%

كسر في ماسورة غاز بمصر الجديدة  

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:15
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 65%

حزب المؤتمر يختتم أنشطته في «COP27»

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:08
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

دار الإفتاء توضح حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:05
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 51%

100 مليون شجرة.. تخصيص 3 مليارات جنيه للمبادرة خلال 7 سنوات |إنفوجراف

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:19
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

محامي كهربا: أزمة اللاعب تنتهي خلال أيام.. وسيدفع نصف الغرامة فقط

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:18:51
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 37%

رسميا: ساديو ماني يغيب عن مونديال قطر بسبب الإصابة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:24
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 70%

رغم تطمينات الركراكي.. شبح الإصابة يُلاحق زياش قبل المونديال

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:19:55
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 65%

فقرة ترفيهية في مران الأهلي.. وتخفيف الحمل البدني

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 12:18:50
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 40%

تحميل تطبيق المنصة العربية