الاستعمار الهولندي للأمريكتين

عودة للموسوعة

بدأ الاستعمار الهولندي للأمريكتين بتأسيس محطات تجارية ومزارع واسعة هولندية فيهما، وهذا تجاوز النشاطات الاستعمارية الهولندية الأوسع شهرة في آسيا. فبينما بُني أول حصن هولندي في آسيا عام 1600 (في إندونيسيا الحديثة)، يرجع تاريخ الحصون والمستعمرات الأولى على نهر إيسيكويبوفي غويانا إلى عقد التسعينيات من القرن السادس عشر. لم يكن الاستعمار العملي الذي يتضمن استيطان الأراضي الجديدة شائعًا لدى الهولنديين مثل حاله لدى بقية الدول الأوروبية، ففُقدت الكثير من المستوطنات الهولندية أوهُجرت بحلول نهاية القرن السابع عشر، غير حتى هولندا استطاعت حتى تعيد الاستحواذ على سورينام حتى نالت استقلالها في عام 1975، إلى جانب جزر الأنتيل الهولندية التي ما تزال تابعة لمملكة هولندا إلى يومنا هذا.

البر الرئيسي في أمريكا الشمالية

في عام 1602، منحت جمهورية البلدان السبعة المنخفضة ترخيصًا لشركة جديدة متحمسة سُميت باسم شركة الهند الشرقية الهولندية (بالهولندية: Vereenigde Oostindische Compagnie) للقيام بمهمة استكشاف أنهار وخلجان أمريكا الشمالية من أجل إيجاد ممر مباشر إلى الأراضي الهندية. وخلال طريقهم، كُلف المستكشفون الهولنديون بإعلان ملكية هولندا لأي مناطق غير مدونة على الخريطة يصادفونها، مما أدى إلى عدة بعثات استكشافية هامة، وأسس المستكشفون الهولنديون مع الوقت مقاطعة نيونذرلاند (هولندا الجديدة). بحلول عام 1610، كانت شركة الهند الشرقية الهولندية قد فوضت المستكشف الإنجليزي هنري هدسون، الذي اكتشف -خلال محاولة للعثور على الممر الشمالي الغربي إلى الأراضي الهندية- أجزاءً تتبع اليوم للولايات المتحدة وكندا وأعرب ملكية الشركة لها. ولج هدسون خليج نيويورك العلوي بقارب شراعي، واتجه إلى نهر هدسون الذي يحمل اسمه اليوم.

وفي 27 مارس 1614، تخلى برلمان هولندا عن محاولات الاحتكار التقليدية وانتهج أسلوبًا جديدًا وأكثر حرية في استكشاف العالم الجديد وتنميته تجاريًا، من خلال إصدار رخصة عامة لكل من يكتشفون أي ممرات أومرافئ أوبلاد أوأماكن جديدة تنص على «اعتبار المشاريع المذكورة جديرة بالثناء والتشريف ومفيدة لازدهار هولندا، مع التمنيات بأن تكون التجربة حرة ومفتوحة لجميع سكان هذه البلاد، وبذلك دعونا وندعوجميع سكان هولندا إلى المشاركة في البحث المذكور آنفًا».

في عام 1614، قاد أدريان بلوك بعثة استكشافية إلى نهر هدسون الأدنى على متن سفينة تايغر، ثم استكشف النهر الشرقي على متن سفينة أونرست، فأصبح بذلك أول أوروبي معروف يبحر في مضيق هيل غيت بهدف الوصول إلى خليج لونغ آيلاند الصغير. وبذلك أطلِق اسمه على بلوك آيلاند وخليجها الصغير. وعقب عودته إلى أمستردام في عام 1614، وضع بلوك خريطة وأطلق اسم «نيونذرلاند» للمرة الأولى على المنطقة الواقعة بين فرجينيا الإنجليزية وكندا الفرنسية، المنطقة التي حصل في ما بعد على حقوق تجارية حصرية ضمنها من قبل الحكومة الهولندية. وسرعان ما ارتقى بلوك وأصبح المحتكر الأول في مانهاتن.

وبعد بعض البعثات التجارية المبكرة، أسِست المستوطنة الهولندية الأولى في الأمريكتين عام 1615، وهي فورت ناساوعلى جزيرة كاسل آيلاند في نهر هدسون، قرب ألباني في وقتنا الحالي. كانت المستوطنة بشكل أساسي تقوم مقام محطة للتجارة بالفراء مع أبناء قبيلة لينابي المحلية، إلا أنها استعيض عنها في ما بعد بـ«فورت أوراني»، واتخذت كلتا المستوطنتين اسميهما تكريمًا لعائلة أوراني – ناساو.

بحلول عام 1621، كانت هولندا قد منحت ترخيصًا لشركة جديدة، وهي شركة تجارية محتكرة في الأمريكتين وغرب إفريقيا، سُميت شركة الهند الغربية الهولندية (بالهولندية: Westindische Compagnie). وسعت شركة الهند الغربية الهولندية إلى الحصول على اعتراف بها من ضمن مؤسسي العالم الجديد – وهذا ما حازت عليه في نهاية المطاف بتأسيسها لمقاطعة في عام 1623 أطلِق عليها اسم نيونذرلاند. في ذلك العام، بُنيت مستوطنة أخرى سميت أيضًا فورت ناساوعلى ديلاوير قرب مدينة غلوستر في نيوجيرسي.

وفي عام 1624، وصل المستعمرون الأوائل، معظمهم من الوالون وخدمهم من العبيد، إلى نيونذرلاند بالسفن، ورسوا في غوفرنرز آيلاند ثم توزعوا بشكل مبدئي إلى فورت أوراني وفورت فيلهيلموس وكيفيتس هويك. وفي عام 1626، اقتنى مدير شركة الهند الغربية الهولندية، بيتر مينويت، جزيرة مانهاتن من أبناء قبيلة لينابي المحلية وبدأ بتشييد مستوطنة فورت أمستردام، التي نمت حتى أصبحت العاصمة والميناء الرئيسي نيوأمستردام. وتوسعت المستوطنة حتى مناطق محيطة مثل بافونيا وبروكلين وبرونكس ولونغ آيلاند.

وعلى نهر كونيتيكت، اكتمل بناء «فورت هويس دي غويدي هوب» في عام 1633 في المنطقة التي باتت تُعهد اليوم باسم هارتفورد. وبحلول عام 1636، استوطن الإنجليز القادمون من نيوتاون (كامبردج، ماساشوستس في يومنا) على الضفة الشمالية لنهر ليتل ريفر. في معاهدة هارتفورد، سُحبت حدود نيونذرلاند إلى غربي كونيتيكت، واستولى الإنجليز على المحطة التجارية الهولندية بحلول عام 1653.

ولم يبدأ التوسع على طول نهر ديلاوير إلى ما بعد فورت ناساوقبل خمسينيات القرن السابع عشر، عقب الاستيلاء على مستعمرة سويدية كانت قد أسِست في فورت كريستينا عام 1638. هُجرت مستوطنتا فورت ناساووفورت بيفيرسريدي التي لم تعش طويلًا ودُمجتا لتشكلا مستوطنة فورت كاسيمير. وبحلول عام 1655، كانت فورت كريستينا، التي وُجدت ضمن ويلمينغتون الحديثة، قد أعيدت تسميتها إلى فورت ألتينا.

لم يكن جميع سكان نيونذرلاند -وهم أول المستعمرين الأوروبيين في مانهاتن- يُعدون هولنديين من حيث التصنيف العرقي، بل كانوا يعودون بأصلهم إلى الكثير من الدول الأوروبية. فكان قسم كبير من سكان نيونذرلاند -إلى جانب العدد الكبير من الأفارقة الذين جُلبوا في الأصل بصفتهم عبيدًا- يتألف من الوالون والهوغونوتيين والجرمان والاسكندنافيين والإنجليز الذين نُقلوا من نيوإنجلاند.

وفي عام 1664، أبحرت بعثة بحرية إنجليزية أمر بها الأمير جيمس، دوق يورك وألباني (الذي أصبح في ما بعد جيمس الثاني والسابع)، في ميناء نيوأمستردام، مهددة بالهجوم. وبسبب الفارق الكبير في العداد، استسلم المدير العام بيتر ستويفيسانت بعد مفاوضات حول بنود اتفاقية الاستسلام. آنذاك اتخذت المقاطعة اسمًا جديدًا، وهونيويورك (حسب لقب جيمس الإنجليزي). وسميت فورت أوراني باسم فورت ألباني (حسب لقب جيمس الإسكتلندي). ونُقلت ملكية المنطقة الواقعة بين نهر هدسون الأدنى ونهر ديلاوير إلى الملّاك وسميت نيوجيرسي.

أفضت خسارة نيونذرلاند إلى نشوب الحرب الإنجليزية الهولندية الثانية التي امتدت بين عام 1665 وعام 1667. وانتهى هذا النزاع بمعاهدة بريدا، التي اشترطت تخلي الهولنديين عن نيونذرلاند لقاء حصولهم على سورينام.

ومن عام 1673 إلى عام 1674، استحوذ الهولنديون على هذه المناطق مرة أخرى لفترة وجيزة في الحرب الإنجليزية الهولندية الثالثة، ثم استعادتها إنجلترا بمقتضى معاهدة وستمنستر. وفي عام 1674، استولى ربان البحرية الهولندية جوريان أيرنوتسز لفترة قصيرة على حصنين في مستعمرة أكاديا الفرنسية، أعربهما ملكية هولندية جديدة باسم نيوهولندا. غير حتى الحاكم الذي عينه أيرنوتسز، جون رودز، سرعان ما فقد السيطرة على المنطقة بعد مغادرة أيرنوتسز نفسه إلى كوراساوبحثًا عن مستوطنين جدد، ومع بقاء السيطرة العملية على أكاديا في أيدي فرنسا، لم تكن السيادة الهولندية موجودة سوى على الورق إلى حتى تخلت هولندا عن مزاعمها بملكية المنطقة في معاهدات نايميخن.

المراجع

  1. ^ General Charter for Those who Discover Any New Passages, Havens, Countries, or Places; March 27, 1614 نسخة محفوظة 11 أبريل 2019 على مسقط واي باك مشين.
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:49:40
التصنيفات: الاستعمار الهولندي للأمريكتين, القرن 17 في الإمبراطورية الهولندية, هولندا الجديدة, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, بوابة الأمريكيتان/مقالات متعلقة, بوابة هولندا/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

طقس الثلاثاء.. أمطار وثلوج بهذه المناطق من المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-05 12:26:03
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

مقررة أممية: ينبغي لأمريكا لجم إسرائيل بدلا من إلقاء فتات لغزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-05 12:26:09
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 63%

مقررة أممية: ينبغي لأمريكا لجم إسرائيل بدلا من إلقاء فتات لغزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-05 12:26:13
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

طقس الثلاثاء.. أمطار وثلوج بهذه المناطق من المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-05 12:26:07
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية