محاكمات الخيانة 1794

عودة للموسوعة

نُظمت محاكمات الخيانة 1794 من قبل إدارة ويليام بيت، وكانت تهدف إلى شل الحركة الراديكالية البريطانية في تسعينيات القرن الثامن عشر. وقد اعتُقل أكثر من ثلاثين راديكاليًا في البداية؛ حوكم ثلاثة منهم بتهمة الخيانة العظمى وهم: توماس هاردي وجون هورن توكي وجون ثيلوال. ولكن من باب الرفض لسياسات الحكومة، فقد جرت تبرئتهم من قبل ثلاث هيئات محلفين منفصلة في نوفمبر 1794 ما أدى لفرحة عامة كبيرة. كانت محاكمات الخيانة امتدادًا لمحاكمات الفتنة في عامي 1792 و1793 ضد الإصلاحيين البرلمانيين في جميع من إنجلترا واسكتلندا.

السياق التاريخي

الخلفية التاريخية لمحاكمات الخيانة معقدة: فهي لا تضم فقط جهود الإصلاح البرلماني البريطاني في سبعينيات وثمانينيات القرن الثامن عشر، بل تضم أيضًا الثورة الفرنسية. في السبعينيات والثمانينيات من القرن الثامن عشر، إذ كان هناك جهد بين أعضاء البرلمان أصحاب العقلية الليبرالية لإصلاح النظام الانتخابي البريطاني. وقد صوت عدد صغير بشكل غير متناسب من الناخبين لصالح النواب، وجرى شراء الكثير من المقاعد بكل بساطة. وطالب جميع من كريستوفر ويفيل وويليام بيت الأصغر بمقاعد إضافية لمجلس العموم، ونادى دوق ريتشموند وجون كارترايت إلى إصلاحات جذرية تتضمن: «رواتب النواب، ووضع حد للفساد والمحسوبية في الانتخابات البرلمانية، وبرلمانات سنوية (للتخلص من النواب الفاسدين بسرعة)، وأكثر ما أثار الجدل هودعوتهم لحق التصويت للرجال عامةً». لكن فشلت جميع الجهود وبدا حتى حركة الإصلاح تحتضر في منتصف ثمانينيات القرن الثامن عشر.

بمجرد حتى بدأت الثورة في فرنسا بإظهار قوة التحريض الشعبي، عاد النشاط إلى حركة الإصلاح البريطانية. دارت الكثير من النقاشات السياسية في تسعينيات القرن الثامن عشر في بريطانيا بسبب نشر إدموند بيرك لكتيبه تأملات حول الثورة في فرنسا (1790). فاجأ بيرك أصدقاءه وأعداءه على حد سواء، فبعد دعمه للثورة الأمريكية هاجم الثورة الفرنسية والراديكاليين البريطانيين الذين رحبوا ببدايات هذه الثورة وانتقدهم. بينما رأى الراديكاليون حتى الثورة تشبه الثورة المجيدة في بريطانيا في عام 1688، والتي قيدت صلاحيات النظام الملكي، فقد رأى بيرك بأن التشبيه التاريخي المناسب كان الحرب الأهلية الإنجليزية (1642-1651) التي أعدم فيها تشارلز الأول في 1649. واعتبر حتى الثورة الفرنسية إطاحة عنيفة بحكومة شرعية. وقد جادل في كتيبه تأملات حتى المواطنين لا يمتلكون حق التمرد ضد حكومتهم، لأن الحضارات، ومن ضمنها الحكومات، هي نتيجة الإجماع الاجتماعي والسياسي. فإذا جرى تحدي تنطقيد الثقافة، فستكون النتيجة فوضى لا تنتهي. وكان هناك رد فوري من المؤيدين البريطانيين للثورة الفرنسية، وعلى الأخص ماري ولستونكرافت في كتابها «الدفاع عن حقوق الرجال» وتوماس باين في كتابه «حقوق الإنسان». كانت هذه الفترة نوعًا من الحرب الحيوية والشرسة أحيانًا، والتي يشار إليها الآن باسم «جدال الثورة»، حيث تناول المعلقون السياسيون البريطانيون موضوعات تتراوح بين الحكومة التمثيلية وحقوق الإنسان وانفصال الكنيسة عن الدولة.

كان عام 1792 هوالسنة العظيمة أوأنوس ميرابيليس لراديكالية القرن الثامن عشر حيث نُشرت أبرز نصوصها، مثل حقوق الإنسان، وكان تأثير الجمعيات الراديكالية في أوجه. في الواقع، انتشرت هذه الجمعيات نتيجة لنشر كتاب حقوق الإنسان. كانت أبرز المجموعات -التي تتكون من حرفيين وتجار وغيرهم من الفئات المتوسطة والدنيا- هي جمعية شيفيلد للمعلومات الدستورية وجمعية لندن للمراسلة (إل سي إس) وجمعية المعلومات الدستورية (إس سي أي). وقد شكلت هذه المجموعات تحالفًا مع جمعية أصدقاء الشعب الأقل حدةً والتي أقلقت الحكومة. عندما ازداد هذا التعاطف، أصدرت الحكومة إعلانًا ملكيًا ضد الكتابات المحرضة على الفتنة في 21 مايو1792. وقد كان هناك أكثر من 100 دعوى قضائية بتهمة الفتنة في السبعينيات من القرن الثامن عشر فقط، وهذه زيادة كبيرة مقارنة ببقية القرن. واتخذت الحكومة البريطانية خطوات أكثر تشددًا للقضاء على الراديكاليين، وذلك خوفًا من حدوث انتفاضة مماثلة للثورة الفرنسية. كما ازداد عدد الاعتنطقات السياسية وعدد الاختراقات للجماعات الراديكالية. وهددت بـ «إلغاء تراخيص أصحاب الحانات الذين واصلوا استضافة مجتمعات النقاش المسيسة وحملة الأدب الإصلاحي»؛ بالإضافة إلى مصادرة بريد «المشتبه بانشقاقهم»؛ ودعمت الجماعات التي خربت المناسبات الراديكالية وهاجمت الراديكاليين من خلال الصحافة. وقد أقرت الحكومة البريطانية قانون الأجانب لعام 1793 من أجل تنظيم دخول المهاجرين إلى بريطانيا العظمى. بشكل أساسي يفرض قانون الأجانب تسجيل الأجانب عند وصولهم والإنضمام لدى القضاء المحلي للسلام. فقد طُلب إلى المهاجرين تقديم أسمائهم ورتبهم ومهنهم وعناوينهم. بشكل عام، خفض قانون الأجانب عدد المهاجرين إلى بريطانيا العظمى خشية حتىقد يكون أحدهم جاسوسًا غير مرغوب به. رأى الراديكاليون هذه الفترة «تأسيس لنظام من الإرهاب، بغيض كما خصائصه، وعملاق في مكانته، وأكثر خبثًا في نزوعه، مما عهدته فرنسا».

مقدمة: محاكمات توماس باين وجون فروست ودانييل آيزاك إيتون

توماس باين

توماس باين

لم تبدأ الإدارة على الفور بمقاضاة جميع منتقديها بعد إصدار الإعلان ضد الكتابات التحريضية. على الرغم من حتى ناشر كتاب باين، جي إس جوردان، قد اتُهم بالتحريض على الفتنة لنشره كتاب حقوق الإنسان في مايو1792، إلا أنه لم يجري توجيه الاتهام إلى باين نفسه إلا بعد الإعلان الملكي. ومع ذلك لم تلاحقه الحكومة بشكل جدي في ذلك الوقت، بصرف النظر عن التجسس عليه ومواصلة حملتها النادىئية ضد «توم المجنون». أجلت محاكمة باين حتى ديسمبر، وقد هرب إلى فرنسا في الأشهر الفاصلة، على ما يظهر بمباركة الحكومة، التي كانت أكثر اهتمامًا بالتخلص من مواطن مزعج كهذا بدلًا من محاكمته شخصيًا. بالإضافة إلى خشيتها حتى يستخدم باين محاكمته كمنبر سياسي، لذا لم ترغب الحكومة في مقاضاة باين شخصيًا.

عندما جرت المحاكمة في 18 ديسمبر 1792، كانت نتيجتها محسومة مسبقًا. إذ بدأت الحكومة، بتوجيه من بيت، تنتقد باين في الصحف لعدة أشهر وكان قاضي المحاكمة قد تفاوض معهم في مرافعات الانادىء في وقت سابق. دافع توماس إرسكين الراديكالي عن باين بالقول إذا كتيبه كان جزءًا من التنطقيد الإنجليزية الفاضلة في الفلسفة السياسية التي تضمنت كتابات جون ميلتون وجون لوك وديفيد هيوم. كما أشار إلى حتى باين كان ببساطة يرد على العمل الفلسفي لأحد أعضاء البرلمان، وهوبيرك. وجادل المدعي العام بأن الكتيب كان يستهدف بوضوح القراء «الذين لا يمكن افتراض حتى عقولهم على دراية بمواضيع من هذا النوع» وأشار إلى حتى ثمن الكتيب الرخيص مرشد على عدم جديته. لم تتكلف النيابة العامة عناء دحض حجج إرسكين. إذ أبلغت هيئة المحلفين القاضي أنهم قرروا بالعمل حتى باين مذنب.

جون فروست

كان جون فروست عضوًا في جمعية المعلومات الدستورية، وهوشريك سابق لبيت، ومحامٍ وصديق لباين. فيستة نوفمبر 1792، ولج في خلاف مع صديق له بشأن الثورة الفرنسية في حانة، وسُمع يقول «المساواة، ودون ملك». وجرى الإبلاغ عن هذا الخلاف من قبل أصحاب الحانة لمخبري الحكومة. وعندما مضى فروست إلى باريس في وقت لاحق من ذلك الشهر، أعربت الحكومة أنه خارج عن القانون لتشجيعه على البقاء في فرنسا. لكن فروست عاد وسلم نفسه للسلطات في تحدٍ للحكومة. بدأت الاقتراحات تتزايد من المصادر الحكومية والراديكالية على حد سواء، فقد كانت الحكومة محرجة من مقاضاة فروست بسبب صداقته السابقة مع بيت. لكن في 27 مايو، قُدم للمحاكمة بتهمة الفتنة. دافع إرسكين عن فروست، بحجة حتى عبارته لم تكن تحريضية، حيث كان موكله مخمورًا وضمن جدال محموم في مكان خاص هوالحانة. وقد زعم المدعي العام حتى فروست «حمل نيته التحريضية معه أينما مضى»، وعليه فقد جرت إدانته.

مراجع

  1. ^ Barrell and Mee, "Introduction", x.
  2. ^ Butler, "Introductory Essay"; Barrell and Mee, "Introduction", xi–xii.
  3. ^ Butler, "Introductory essay," 7; see also Barrell and Mee, "Introduction", xii.
  4. ^ Barrell and Mee, "Introduction", xii.
  5. ^ Barrell and Mee, "Introduction", xiii.
  6. ^ Keen, 54.
  7. ^ "The 1905 Aliens Act | History Today". www.historytoday.com. مؤرشف من الأصل في أربعة يناير 2019. اطلع عليه بتاريخ 16 ديسمبر 2015.
  8. ^ Qtd. in Barrell and Mee, "Introduction", xxi.
  9. ^ Barrell and Mee, "Introduction", xviii.
  10. ^ Qtd. in Barrell and Mee, "Introduction", xix.
  11. ^ Barrell and Mee, "Introduction", xix.
  12. ^ Barrell and Mee, "Introduction", xx.
تاريخ النشر: 2020-06-01 19:44:01
التصنيفات: 1794 في السوابق القضائية, 1794 في القانون البريطاني, 1794 في إنجلترا, أحداث الثورة الفرنسية عام 1794, الخيانة في المملكة المتحدة, عصر التنوير, محاكمات في إنجلترا, محاكمات في بريطانيا العظمى, مقالات يتيمة منذ يناير 2020, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة المملكة المتحدة/مقالات متعلقة, بوابة القانون/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الاتحاد الجزائري يتحدى “الكاف” ويقتني أقمصة لنهضة بركان!

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-21 18:08:19
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 73%

مشاركة مغربية متميزة في معرض جنيف للاختراعات

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-21 18:07:47
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

الحوار الاجتماعي.. نقابة المخارق تطلق النار على حكومة أخنوش

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-21 18:08:27
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 70%

أهلي 2003 يتوج ببطولة دوري الجمهورية

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-04-21 18:07:58
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 43%

إضراب وطني يشل المستشفيات العمومية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-21 18:08:33
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 76%

مقاييس التساقطات المطرية بالمملكة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-21 18:08:22
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 75%

طنجة تتصدر مقاييس أمطار الخير المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-21 18:07:52
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 69%

الزمالك يحفز لاعبيه بقرار جديد قبل مواجهة دريمز

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-21 18:21:32
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

أفيلال يرفض الاستخفاف بترشحه لمنافسة بركة على قيادة الاستقلال

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-21 18:08:38
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 77%

رئيس “الفيفا”: المغرب قوة عالمية في كرة القدم

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-21 18:08:25
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 74%

تحميل تطبيق المنصة العربية