الدولة العباسية

عودة للموسوعة

الدولة العباسية أوالخلافة العباسية أوالعباسيون هوالاسم الذي يُطلق على ثالث خلافة إسلامية في التاريخ، وثاني السلالات الحاكمة الإسلامية. استطاع العباسيون حتى يزيحوا بني أمية من دربهم ويستفردوا بالخلافة، وقد قضوا على تلك السلالة الحاكمة وطاردوا أبناءها حتى قضوا على أغلبهم ولم ينج منهم إلا من لجأ إلى الأندلس، وكان من ضمنهم عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، فاستولى على شبه الجزيرة الأيبيرية، وبقيت في عقبه لسنة 1029م.

أسس الدولة العباسية رجالٌ من سلالة العباس بن عبد المطلب أصغر أعمام الرسول محمد بن عبد الله، وقد اعتمد العباسيون في تأسيس دولتهم على الفرس الناقمين على الأمويين لاستبعادهم إياهم من مناصب الدولة والمراكز الكبرى، واحتفاظ العرب بها، كذلك استمال العباسيون الشيعة للمساعدة على زعزعة كيان الدولة الأموية. نقل العباسيون عاصمة الدولة، بعد نجاح ثورتهم، من دمشق، إلى الكوفة، ثم الأنبار قبل حتى يقوموا بتشييد مدينة بغداد لتكون عاصمة لهم، والتي ازدهرت طيلة ثلاث قرون من الزمن، وأصبحت أكبر مدن العالم وأجملها، وحاضرة العلوم والفنون، لكن نجمها أخذ بالأفول مع بداية غروب شمس الدولة العباسية ككل، ونقل المعتصم عاصمة الدولة من بغداد إلى سامراء التي اطلق عليها سر من رأى ثم أعيدت إلى بغداد بعد أربعين سنة. عهدت الدولة العباسية عصرها المضىي خلال عهدي هارون الرشيد وابنه المأمون، إذ نشطت الحركة الفهمية وازدهرت ترجمة خط العلوم الإغريقية والهندية والفهلوية إلى اللغة العربية على يد السريان والفرس والروم من أهالي الدولة العباسية، وعمل المسلمون على تطوير تلك العلوم وابتكروا عدة اختراعات مفيدة، كما ازدهرت الفلسفة الإسلامية واكتمل تدوين المذاهب الفقهية الكبرى: الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية عند أهل السنة، والجعفرية والزيدية عند الشيعة، وبرزت الكثير من الأعمال الأدبية والفنية مثل كتاب ألف ليلة وليلة وغيرها، وساهم أهل الكتاب من المسيحيين واليهود والصابئة بهذه النهضة الحضارية، وبرز منهم فهماء وأدباء وفلاسفة كبار.

تنوّعت الأسباب التي أدّت لانهيار الدولة العباسية، ومن أبرزها: بروز حركات شعوبية ودينية مختلفة في هذا العصر، وقد أدّت النزعة الشعوبية إلى تفضيل الشعوب غير العربية على العرب، وقام جدل طويل بين طرفيّ النزاع، وانتصر لكل فريق أبناؤه. وإلى جانب الشعوبية السياسية، تكوّنت فرق دينية متعددة عارضت الحكم العبّاسي. وكان محور الخلاف بين هذه الفرق وبين الحكام العبّاسيين هو«الخلافة» أوإمامة المسلمين. وكان لكل جماعة منهم مبادئها الخاصة ونظامها الخاص وشعاراتها وطريقتها في الدعوة إلى هذه المبادئ الهادفة لتحقيق أهدافها في إقامة الحكم الذي تريد. وجعلت هذه الفرق الناس طوائف وأحزابًا، وأصبحت المجتمعات العباسيّة ميادين تتصارع فيها الآراء وتتناقض، فوسّع ذلك من الخلاف السياسي بين مواطني الدولة العبّاسية وساعد على تصدّع الوحدة العقائدية التي هي أساس الوحدة السياسية. ومن العوامل الداخلية التي شجعت على انتشار الحركات الانفصالية، اتساع رقعة الدولة العبّاسية، ذلك حتى بعد العاصمة والمسافة بين أجزاء الدولة وصعوبة المواصلات في ذلك الزمن، جعلا الولاة في البلاد النائية يتجاوزون سلطاتهم ويستقلون بشؤون ولاياتهم دون حتى يخشوا الجيوش القادمة من عاصمة الخلافة لإخماد حركتهم الانفصالية والتي لم تكن تصل إلا بعد فوات الأوان، ومن أبرز الحركات الانفصالية عن الدولة العباسية: حركة الأدراسة وحركة الأغالبة، والحركة الفاطمية.

انتهى الحكم العباسي في بغداد سنة 1258م عندما أقدم هولاكوخان على نهب وحرق المدينة وقتل أغلب سكانها بما فيهم الخليفة وأبنائه. انتقل من بقي على قيد الحياة من بني العباس إلى القاهرة بعد تدمير بغداد، حيث أقاموا الخلافة مجددًا في سنة 1261م، وبحلول هذا الوقت كان الخليفة قد أصبح مجرد رمز لوحدة الدولة الإسلامية دينيًا، أما في الواقع فإن سلاطين المماليك المصريين كانوا هم الحكّام العمليين للدولة. وكان محيي الخلافة العباسية في القاهرة هوالسلطان الظاهر بيبرس، الذي رغب بأنقد يكون الحاكم المُسلم الذي يُعيد الحياة إلى هذه الخِلافة على حتىقد يكون مقرَّها القاهرة، لِيجعل منها سندًا لِلسلطنة المملوكيَّة التي كانت بِحاجةٍ ماسَّة إلى دعمٍ روحيٍّ يجعلها مهيبة الجانب، بِالرُغم من الفوزات التي حققتها ضدَّ المغول، ولِيُحيط عرشه بِسياجٍ من الحماية الروحيَّة يقيه خطر الطامعين في مُلك مصر والشَّام، ويُبعد عنه كيد مُنافسيه من أُمراء المماليك في مصر الذين اعتادوا الوُصُول إلى الحُكم عن طريق تدبير المُؤامرات، وكي يظهر بِمظهر حامي الخِلافة الإسلاميَّة. لذلك استدعى إلى القاهرة أمير عباسي هوأبوالقاسم أحمد وبايعه وفهماء الديار المصرية بالخلافة، فقلد الخليفة بيبرس البلاد الإسلاميَّة وما ينضاف إليها، وما سيفتحهُ من بلادٍ في دار الحرب، وألبسهُ خُلعة السلطنة. ومُنذ ذلك الوقت عُرف جميع سلطان مملوكي بـ«قسيم أمير المؤمنين». استمرت الخلافة العباسية قائمة حتى سنة 1519م، عندما اجتاحت الجيوش العثمانية بلاد الشام ومصر وفتحت مدنها وقلاعها، فتنازل آخر الخلفاء عن لقبه لسلطان آل عثمان، سليم الأول، فأصبح العثمانيون خلفاء المسلمين، ونقلوا مركز العاصمة من القاهرة إلى القسطنطينية.

العصر العباسي الأول: شباب الدولة وصعودها

الخُلفاء العبَّاسيُّون في بغداد (1258 → 750)

التأسيس (750 - 785)

الأربعة ممالك الكبرى في عام 800 بعد الميلاد : الدولة العباسية وعاصمتها بغداد (أخضر) والدولة الأموية (أخضر فاتح) في الأندلس، وإمبراطورية شارلمان (بنفسجي)، والدولة البيزنطية (بني).

أصيبت الدولة الأموية بالضعف إثر وفاة عاشر خلفائها هشام بن عبد الملك يومعشرة يناير سنة 743م، الموافق فيهتسعة ربيع الأول سنة 125هـ وتعاقب من بعده أربع خلفاء هم الوليد بن يزيد الذي قتلته الأسرة الأموية لانشغاله عن الدولة وأمور السياسة ويزيد بن الوليد وإبراهيم القاسم ومروان بن محمد، وتميزت فتراتهم بانقسام داخلي حاد واستشراء الحروب الداخلية، فضلاً عن الوضع الاقتصادي المتردي، ما ساهم في تقوية الجماعات والأحزاب الدينية والحركات السياسية المعارضة لحكمهم والتي كانت منتشرة بشكل أساسي في العراق وإيران، البعيدة عن حاضرة الخلافة في دمشق. وأبرز تلك الأحزاب التي عارضت بني أمية الحزب القائل بأحقية سلالة علي بن أبي طالب بالخلافة والحزب القائل بأحقية سلالة عباس بن عبد المطلب عم النبي محمد بالخلافة.

كان الحزب الأول قد أطلق عدة ثورات خلال الحكم الأموي، أدت إلى مقتل الكثير من مواليه وقادته، فقتل الحسين بن علي عام 680م وقتل زيد بن علي عام 740م بعد حتى ثار في الكوفة. أما الحزب العباسي فقد تطور تطورًا تدريجيًا والتزم الهدوء طوال عهود القوة الأموية واستغل ضعف الاقتصاد لتفجير ثورته؛ فضلاً عن ذلك يرى الباحث عبد العزيز الدوري حتى العباسيين قد استغلوا أيضًا التمييز العنصري والطبقي الذي كان يمارسه الأمويون بين العرب وغير العرب في الوظائف والضرائب والجيش، فكونوا بذلك قاعدة شعبية عريضة لدى غير العرب خصوصًا في أوساط فلاحي الريف وعمال المدن الفقراء. ومضى الدردوري وعدد آخر من الباحثين العرب والمستشرقين لاستخلاص قاعدة مفادها بأن الدعوة العباسية كانت «ثورة دينية واجتماعية واقتصادية» ويراها البعض أيضًا «ثورة الفرس ضد العرب».

مخطط بناء بغداد وتوسعها بين عامي 767 و912م الموافق 150 و300هـ.

ويمكن إرجاع نضوج الدعوة العباسية إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وابنه إبراهيم الذي سجنه آخر الأمويين مروان بن محمد في مدينة حران إلى حتى توفي عام 746م، فتولى أخاه أبوالعباس شؤون الحركة العباسية بناءً على دعوة أبومسلم الخراساني؛ وقد قام أبومسلم بإعلان قيام الدولة العباسية في خراسان وحارب نصر بن سيار الوالي الأموي فيها وانتصر عليه، ثم احتلّ مدينة مروومنها انتقل أبوالعباس إلى الكوفة في أغسطس سنة 742م بشكل سري، وظل مختفيًا حتى 29 أكتوبر 750م، الموافق فيه 12 ربيع الأول سنة 132هـ حين بايعه أهل الكوفة بالخلافة، لتدخل عملية خلق الدولة العباسية مرحلتها الأخيرة، إذ التقى إثر ذلك الجيش الأموي بقيادة مروان بن محمد وجيش العباسيين بقيادة أبي العباس قرب نهر الزاب شمال العراق بين الموصل وأربيل، وكانت الغلبة للعباسيين، الذي أتموا فتح العراق وانتقلوا منها إلى بلاد الشام فمصر حيث طاردوا فلول الجيش الأموي وقتلوا الخليفة مروان بن محمد في معركة بوصير. وبفتحهم مصر دانت لهم سائر الأمصار التي كانت تابعة للأمويين وتأسست الدولة العباسية، ثالث مراحل تاريخ الخلافة، بعد الراشدية والأموية، وبويع أبوالعباس بالخلافة ولقب بالسفّاح لكثرة سفكه الدماء، خصوصًا لدى دخوله دمشق حاضرة الأمويين، إذ نهب بيوت الأسرة الأموية والمقربين منها وأحرق قصورهم ثم نبش قبور خلفائهم، ولم ينج من الأسرة الأموية سوى عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الذي انتقل إلى المغرب ثم ولج الأندلس فاستقلّ بها مؤسسًا حكمًا أمويًا فيها. أما أبوالعباس السفاح فقد نقل عاصمة الدولة من حران التي كان مروان بن محمد قد نقل إليها عاصمة الدولة الأموية، إلى الكوفة رغم أنه لم يلبث بها إلا قليلاً حتى انتقل للعيش في الأنبار، وإثر وفاته عام 754 ودفنه في الأنبار أخذت البيعة لأخيه أبي جعفر المنصور والذي كان السفاح قد عينه وليًا للعهد.

كانت فترة حكم المنصور توطيدًا لنادىئم الدولة الجديدة، فقضى على الثورات المتلاحقة التي هددتها، وقتل أبومسلم الخراساني مع كونه سبب حصول العباسيين على الخلافة خوفًا من امتداد نفوذه، وقضى على ثورة المدينة المنورة التي والىأهلها محمد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية بالخلافة، وقضى على ثورات شبيهة في البصرة وواسط والأهواز، كما قام بخلع ابن أخيه عيسى بن موسى من ولاية العهد بعد حتى أستغله لسنوات في توطيد حكمه والقضاء على مخالفيه ويصفه الباحث عبد القادر عيّاش بالقول بأن أبوجعفر المنصور أعظم رجل من العباسيين شدة وبأسًا ويقظة وثباتًا، شحن الثغور والأطراق وأمن السبل وعهد بميله إلى الاقتصاد في النفقات حتى امتلأت خزائنه تاركًا لابنه المهدي ثروة جعلته ينفق في سعة. ومن الأعمال العمرانية الهامة التي ارتبطت به تشييده مدينة بغداد على نهر دجلة ونقله عاصمة الخلافة إليها، وظل مقيمًا بها إلى حتى توفي فيسبعة أكتوبر سنة 775م، الموافق فيهستة ذي الحجة سنة 158هـ، في قصر الخلد الذي أشاده لقاء نهر دجلة. أما على الصعيد الديني فقد توفي خلال عهده الإمام أبوحنيفة النعمان مؤسس الممضى الحنفي لدى السنة، وقد تلى المنصور في الخلافة ابنه محمد المهدي والذي اهتم بالخدمات الداخلية فنظم البريد والطرقات وأصلح الزراعة ونقل عن رفاه الشعب وعدالة القضاء الذي كان يرأسه بنفسه، كما نقل عن المهدي ورعه وميله للالتزام بالشريعة، والعناية بالفقراء وأصحاب الأمراض والمساجين في جميع أنحاء الدولة، ممهدًا بذلك بدء العصر المضىي لسلالة آل العباس.

العصر المضىي (785 -847)

هارون الرشيد يستقبل وفد شارلمان؛ بريشة يوليوس كوركت 1846.

توفي المهدي عام 785م وأخذت البيعة لابنه موسى الهادي، غير حتى حكمه لم يطل إذ توفي مسموماً عام 786 مفسحًا المجال أمام أخيه هارون الذي خلع عليه والده لقب «الرشيد» في أعقاب إحدى الغزوات التي انتصر فيها على البيزنطيين، لاستلام السلطة. اهتم هارون الرشيد بالإصلاحات الداخلية فبنى المساجد الكبيرة والقصور الفخمة وفي عهده استخدمت القناديل لأول مرة في إضاءة الطرقات والمساجد، وتطورت العلوم خصوصًا الفيزياء الفلكية والتقنية، وابتكرت عدد من الاختراعات كالساعة المائية. اعتنى الرشيد أيضًا بالزراعة ومأسسة نظامها، فبنت حكومته الجسور والقناطر الكبيرة وحفرت الترع والجداول الموصلة بين الأنهار، وأسس ديوانًا خاصًا للإشراف على تطبيق تلك الأعمال الإصلاحية، ومن أعماله أيضًا تشجيع التبادل التجاري بين الولايات وحراسة طرق التجارة بين المدن، وقد شيّد مدينة الواقفة قرب مدينة الرقة على ضفاف الفرات لتكون مقرًا صيفيًا لحكمه، وقد نقل ابن خلكان حتى الرشيد قد حجّ تسع مرّات وكان يصلي في اليوم مائة ركعة.راسل الرشيد شارلمان، إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة وينسب المؤرخون صداقة قامت بين الرجلين وتبادل الهدايا حتى قدّم الخليفة مفتاح القدس لشارلمان. كذلك فقد اهتم هارون الرشيد بالفتوح وتوسيع رقعة الدولة خصوصًا في القوقاز وآسيا الوسطى والأناضول، وقد سجّل عهده عام 782م (كان حينها ولياً للعهد) آخر محاولة عربية لفتح القسطنطينية، التي استمرت عصيّة على الفتح إلى حتى استطاع السلطان العثماني محمد الثاني فتحها عام 1453م.

دينار عباسي مضىي ضرب في فسطاط مصر عام 823 خلال خلافة المأمون.

خلال بداية خلافته، اعتمد الرشيد على البرامكة وعهد إلى يحيى البرمكي بالوزارات، مانحًا إياه صلاحيات مطلقة، واستمر الوضع على ما عليه حتى عام 805م حين تخوّف الرشيد من امتداد نفوذهم وزيادة أموالهم وميل الناس إليهم، فصادر أموالهم وقتل قادتهم وسجن القسم الأكبر منهم. ويختلف المؤرخون في تصنيف علاقات هارون الرشيد النسائية، فبينما يجزم البعض أنه كان «زير نساء»، يرفض البعض الآخر هذه الفكرة.

توفي هارون الرشيد عام 809م في خراسان وأخذت البيعة لابنه الأمين وفقًا لوصية والده التي نصت أيضًا ان يخلف المأمون أخاه الأمين، إلا حتى الخليفة الجديد سريعًا ما خلع أخاه من ولاية العهد وعين ابنه موسى الناطق بالحق وليًا للعهد، وكان المأمون آنذاك في خراسان، فلما أخذ الفهم بأن أخاه قد خلعه عن ولاية العهد أخذ البيعة من أهالي خراسان وتوجه بجيش لمحاربة أخيه، وقد استمرت الحروب بينهما أربع سنوات، إلى حتى استطاع المأمون محاصرة بغداد والتغلب على الأمين وقتله عام 813م، ظافرًا بالخلافة.

السفير البيزنطي البطريرك يوحنا الرابع القسطنطيني «النحوي» يقف بين إمبراطور الروم «ثيوفيلوس» (يمين) والخليفة العباسي المأمون (يسار) في سنة 829م.

تفرّد عهد المأمون بتشجيع مطلق للعلوم من فلسفة وطب ورياضيات وفلك واهتمام خاص بعلوم اليونان، وقد أسس الخليفة عام 830م جامعة بيت الحكمة في بغداد والتي كانت من كبريات جامعات عصرها، واخترع في عهده الاسطرلاب وعدد من الآلات التقنية الأخرى، وحاول الفهماء قياس محيط الأرض ما يدلّ على الاعتراف بكرويتها من ناحية وتطور العلوم من ناحية ثانية؛ وقد تكون عمليات الترجمة التي رعاها هووحاشيته وولاته، أبرز سمات عهده، إذ نقلت خلالها العلوم والآداب السريانية والفارسية واليونانية إلى العربية، اكتسبت من خلاله اللغة العربية مكانة مرموقة إذ تحولت من لغة شعر وأدب فحسب إلى لغة فهم وفلسفة. وكذلك فقد ساهمت عمليات الترجمة في إرساء منسوب ثقافي عالٍ في الدولة، وقد أثر الانفتاح الثقافي على المعتقدات الدينية، فنطق المأمون بخلق القرآن وأجبر الناس على الحذوفي هذه الصيغة، كما أعرب المعتزلة عقيدة الدولة الرسمية، ثم عهد بولاية العهد قسطًا من الزمن لعلي الرضا الشيعي وأخذ الشعار الأخضر بدلاً من الشعار الأسود، ثم عاد إلى شعار بني العباس الأسود وعيّن أخاه وليًا للعهد. وزار المأمون مصر ودمشق والجزيرة السورية وتوفي ودفن بطرسوس شمال بلاد الشام فيعشرة أغسطس سنة 833م، الموافق فيه 19 رجب سنة 218هـ وأخذت البيعة لأخيه محمد المعتصم بالله الذي بنى مدينة سامراء وفتح عمورية قرب أنقرة مسقط رأس العائلة الإمبراطورية البيزنطية، واستمرت عمليات الترجمة والنهضة الفهمية في عهده كما افتتحها سلفه المأمون، ولعلّ قضاءه على ثورة بابك الخرمي التي أسست دولة شاسعة في أذربيجان وجوارها منذ عهد المأمون أبرز أعماله؛ إذ إذا بابك الخرمي قد مزج بين الإسلام والمجوسية وأسس دينًا هجينًا وعمد إلى إصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية ما ساهم في بقائه عصيًا على الدولة العباسية عشرين عامًا، إلى حتى استطاع القائد الهجري أفشين القضاء عليه، ومن الثورات الأخرى ثورة الزط جنوب العراق وإجلاء المعتصم إياهم إلى الأناضول.

كانت والدة المعتصم هجرية، لذلك فقد أحاط نفسه بالحرس الهجري كما عمل أخوه المأمون مع الفرس، وكان قوام الحرس الهجري بداية عهد المعتصم أربعة آلاف رجل، غير أنه استقدم المزيد من قبائلهم عامًا فعامًا ما آثار قلاقل واضطرابات في بغداد اضطر معها الخليفة لنقل عاصمته إلى سامراء، وإثر وفاته عام 842م بويع ابنه الواثق بالله واستمر في سياسة والده القائمة على استيراد القبائل الهجرية ومنحهم الوظاف العالية في الدولة وجعلهم قوام الجيش عمليًا، وكان الواثق قد خلع على القائد الهجري أشناس لقب «السلطان» ما مهد لضعف الدولة وزوال سيطرة الخلفاء عليها، وإثر وفاته عام 847م بويع أخوه أبوالفضل جعفر المتوكل على الله بالخلافة، والذي يحدد أغلب المؤرخين تاريخ خلافته بدءًا لانحطاط الدولة العباسية.

العصر العباسي الثاني: عصر الحرس الهجري

طلائع الانهيار (847 - 862)

الدول الإسلامية المتعددة التي نشأت بعد ضعف الدولة العباسيّة وزوال هيبة الخلافة في بغداد.

لم يستطع العباسيون الحفاظ على وحدة الدولة كما عمل أسلافهم الأمويين، فاستقلّ عبد الرحمن الداخل بالأندلس منذ قيام الدولة، وفي خلافة الهادي استطاع إدريس بن عبد الله بن الحسن الفرار من مذبحة لحقت بأسرته وأنصارها في المدينة المنورة إثر مطالبة والده بالخلافة، واتجه إلى المغرب حيث أسس الدولة الإدريسية المستقلة وعاصمتها فاس، وفي عهد المأمون تولى إبراهيم بن الأغلب ولاية أفريقية التي تضم ليبيا وتونس وشمال الجزائر، وبقي حكم هذه الولاية محصورًا في ذريته حتى ظهور الدولة الفاطمية، ولم يحفظ بنوالأغلب للخلفاء العباسيين سوى الخطبة وسك اسم الخليفة على النقد، وبذلك فإن الدولة العباسية منذ عهود قوتها لم تحفظ وحدة أراضيها الإدارية، وهوالأمر الذي سيكرس رسميًا وفي جميع جهات الدولة خلال عصور التراجع والانحطاط.

أبرز أوجه عصور الانحطاط، سوى استقلال الولاة والسلاطين في شؤون ولايتهم بل وتأسيسهم دول مستقلة تمامًا في بعضها، كان تدخل الجيش في تعيين الخلفاء. توفي أول السلاطين الأتراك أشناس عام 844م وخلفه وصيف الهجري، وعندما توفي الواثق عام 847م ما كانت مبايعة المتوكل على الله لتتم لولا رغبة السلطان وصيف، في وقت كانت الأسرة العباسية والمقربين منها، تميل لمبايعة محمد بن الواثق بالخلافة.

ضريح الحسين بن علي في كربلاء، ويسميه الشيعة «العتبة الحسينية المقدسة»، كان قد تعرض للهدم خلال خلافة المتوكل على الله عام 850م.

حاول المتوكل على الله الثورة على واقعه، فقتل عددًا من قواد الجيش كابن الزيات وإيناخ، ونقل عاصمة الدولة إلى دمشق عام 858م إلا أنه اضطر العودة إلى سامراء بعد شهرين فقط بضغط الأتراك، وقام أيضًا بتحويل الممضى الرسمي من الممضى المعتزلي إلى الممضى السني الشافعي، ما مثّل نقلة كبيرة لدى الدولة العباسية التي طرأت عليها عدة مراحل من التطورات الدينية، إذ بدأت مع تقارب مع الشيعة وسرعان ما انقلبت عليهم، واعتمدت الاعتزال كعقيدة الدولة منذ عهد المأمون. وكان المتوكل على الله قد أمر عام 850م بهدم ضريح الحسين بن علي في كربلاء وضريح علي بن أبي طالب في النجف ومنع الناس من زيارتهما، كما أمر بهدم جميع الكنائس في العراق ومناطق أخرى وكذلك الكنس اليهودية مع وضع شارات معينة على لباس المسيحيين واليهود ومنعهم من ركوب الخيل، وعلى الرغم من دعواته المتلاحقة للعمل بالشريعة الإسلامية إلا حتى ما أقدم عليه يتنافى مع قواعدها، حيث كفل نظام أهل الذمة الإسلامي حقوقًا وكرامة أوسع لليهود والمسيحيين.

أخيرًا اتفق بعض الجند الأتراك مع ابنه المنتصر بالله على قتله في مجلس شرابه يومعشرة ديسمبر سنة 861م، الموافق فيه ثلاثة شوّال سنة 247هـ غير حتى خلافة المنتصر بالله لم تطل إذ سرعان ما قضى عليه الأتراك بالسم في مايو862م، وبويع أبوالعباس أحمد المستعين بالله ابن المعتصم بالله بالخلافة، لأن رجال السلطان لم يرد حتى يبايع أحد أولاد المتوكل خليفة.

عهد الفتن والحروب الداخلية (862 - 1055)

صحن مسجد ابن طولون مؤسس الدولة الطولونية في القطائع؛ والتي أصبحت جزءاً من القاهرة اليوم، ويعتبر من المساجد الألفية.(**)

شهدت خلافة المستعين بالله قيام الدولة الطاهرية في خراسان، كما استقلت طبرستان تحت حكم الحسن بن زيد الملقب بـ«الداعي إلى الحق»، وحصرت وظيفة السلطان بعائلة بغا الهجري، ما مهد لظهور الفتن بين الأتراك أنفسهم، فحاصر المتمردون قصر الخليفة في سامراء فهرب إلى بغداد، عندها والىالجند الثوّار المعتز بالله خليفة، فأوفد جيشًا بخمسين ألف مقاتل إلى بغداد، التي قام أهلها بخلع المستعين ومبايعة المعتز، حقنًا للدماء، بل حتى المستعين نفسه والىالمعتز، إلا حتى الخليفة الجديد اغتال سلفه.

فارس صفاري، أحد الدول التي نشأت في كنف الدولة العباسية، بلباسه الكامل.

وفي خلافة المعتز بالله قامت الدولة الطولونية في مصر، والتي لم تهجر للخليفة سوى الخطبة والسكة، واستولى يعقوب الصفار على بلاد فارس، ما دفع المؤرخ محمد فريد بك للقول بأن أملاك الخلافة العباسية لا تزيد عن ربع ما كانت قبلاً لدولة بني أمية. ورغم مسالمة المعتز للأتراك وتعيين من شاؤوا في مناصب الدولة العليا، إلا أنهم قد خلعوه عام 870م لتردي الوضع الاقتصادي ونضوب خزينة الدولة، وبايعوا المهتدي بالله بن الواثق بالخلافة، وقد توفي المعتز في سجنه من العطش والجوع.

قلعة حلب، مركز حكم الحمدانيين.
صحن مزخرف يعود للدولة البويهية: على الرغم من انشغال البويهيين بالحروب الداخلية، إلا أنهم هجروا آثارًا تدل على عنايتهم بالفنون.
خزان مياه صناعي في القيروان من عهد الدولة الأغلبية.
قبر البخاري، أحد أشهر من جمع الحديث النبوي في أوزباكستان، كانت وفاته في خلافة المعتمد على الله.

حاول الخليفة الجديد كسر شوكة الأتراك، فقتل قائدهم بايكال بعد أشهر من توليه الخلافة، فقتله الأتراك ولم يمض على خلافته عام واحد بعد؛ وبويع المعتمد على الله بن المتوكل على الله خليفة، وفي عهده ثار الزنوج في البصرة وواسط وعاثوا فسادًا في بغداد نفسها، احتجاجًا على سوء الأوضاع الاقتصادية والمعاملة الاجتماعية الدونية، كما أكمل الطولونيون استقلالهم بمصر مانعين السيادة الاسمية للخليفة المتمثلة بذكر اسمه في الخطبة، وقد استطاع الطولونيون السيطرة على أغلب بلاد الشام فلم يبق للعباسيين سوى العراق. ويعود لخلافة المعتمد وفاة الإمامين بخاري ومسلم الذين اشتهرا بجمع الأحاديث النبوية، وظهور الإسماعيلية.

توفي المعتمد على الله عام 892م، وبويع المعتضد بالله خليفة، وكانت خلافته وخلافة ابنه المكتفي بالله تحسنًا في الأوضاع الاقتصادية والسياسية على السواء، كما استعاد العباسيون مصر وهزموا الإسماعيلية في عدة مواقع، وظهرت الدولة السامانية التي استعادت طبرستان وسيطرت على بلاد فارس وخراسان مع حفظ السلطة الاسمية للخليفة، كما أعيدت عاصمة الدولة إلى بغداد.

وإثر وفاة المكتفي في أغسطس 908م، بويع المقتدر بالله خليفة، إلا أنه خلع مرتين: الأولى لدى بداية عهده وبويع عبد الله بن المعتز إلا أنه اغتال في اليوم التالي خلال الفتن بين أنصاره وأنصار المقتدي، فكانت خلافته يومًا واحدًا ولم يعتبره جميع المؤرخين خليفة، والثانية عام 929م حيث خلعه الجند ورجال الدولة بسبب سيطرة النساء والخدم على الدولة إلا أنه عاد بعد ثلاثة أيام، واستمر في الخلافة حتى اغتال عام 932م خلال معركة بينه وبين مؤنس الهجري أحد قواد الجيش، وأصبح أخاه القاهر بالله خليفة، إلا حتى مؤنس نفسه خلعه بعد عامين وسمل عيناه وسجنه، وفي خلافته ظهرت الدولة البويهية في بلاد فارس وخراسان، كما استقلت تونس والجزائر وليبيا نهائيًا مع ظهور الدولة الفاطمية التي قضت على حكم الدولة الأغلبية، وبنورستم وبنومدرار، والذين وإن استقلوا عمليًا عن الدولة العباسية إلا أنهم حفظوا سيادتها الاسمية.

وفي خلافة الراضي بالله، ظهرت الدولة الإخشيدية في مصر وسيطرت على أجزاء واسعة من بلاد الشام وأصبح نفوذ أمير الأمراء من القوة بحيث أنه عندما توفي الراضي بالله عام 940م لم تتم مبايعة الخليفة مباشرة خلافًا للعهد القائم منذ عهد أبوبكر، بل انتظر أسبوعًا لحين عودة بجكم أمير الأمراء من واسط ومبايعته المتقي لله.

السنوات اللاحقة أصبحت صراعًا على منصب أمير الأمراء، فتوالى بعد بجكم، ابن البريدي الذي خلعه الشعب في بغداد لظلمه، ثم كورتكين فابن رائق، الذي هرب والخليفة إلى الموصل احتماءً لدى الحمدانيين من بطش أبي عبد الله البريدي العائد إلى بغداد؛ ولم يلبث ناصر الدولة بن حمدان حتى اغتال ابن رائق وتولى إمارة الأمراء بنفسه وأعاد الخليفة إلى بغداد، تلاه تورون الذي سجن الخليفة وسمل عينيه وبايع المستكفي بالله عام 944م، إلا أنه خلع عام 946م، وقد توالى في خلافته القصيرة ثلاثة في منصب أمير الأمراء، هم تورون وابن شيرزاد ومعز الدولة بن بويه مؤسسًا الدولة البويهية، وقد خلع معز الدولة الخليفة وعيّن المطيع لله خليفة؛ وقد شهدت خلافته امتداد نفوذ الفاطميين من تونس إلى مصر وبلاد الشام، بحيث أصبح العالم الإسلامي مقسمًا على ثلاثة خلفاء في آن واحد، في قرطبة والقاهرة وبغداد، أضعفهم سلطة خليفة بغداد.

لم تكن خلافة المطيع لله الذي بويع عام 946م مختلفة عما سبقه من عهود، إذ استمرت الحروب بين البويهين والحمدانيين والجند الأتراك، وأغار البيزنطينيون على حدود الدولة واستعادوا أجزاءً من الأناضول وكيليكيا كانوا قد فقدوها سابقًا، وثار الأتراك بقيادة سبكتكين عام 974م على الدولة البويهية وخلعوا الخليفة وبايعوا ابنه الطائع لله، وكانت خلافته تفتقر إلى الاستقرار السياسي مع تتالي الحروب والفتن بين بني البويه من ناحية والأتراك من ناحية ثانية حتى خلعه عام 991م، وبويع إثره القادر بالله خليفة وقد مكث بالحكم أربع عقود، شهدت قيام الدولة الغزنوية وانهيار الخلافة الأموية في الأندلس، واستمرار الحروب بين البويهيين والأتراك، ثم سادت فترة من الهدوء بعد حتى قبض بهاء الدولة البويهي على الحكم، وكذلك في عهد خليفته سلطان الدولة وأخاه شرف الدولة والذي بوفاته، ضعفت الدولة البويهية وعظم أمر الأتراك، ووصلت ذورتها في أواخر خلافة القادر، حين قام أوفدان بن عبد الله البساسيري بالخطبة للخيفة الفاطمي في بغداد، فاستنجد الخليفة العباسي بطغرل بك قائد السلاجقة، فدخل بغداد عام 1055م، وثبت الخليفة العباسي، وابتدأ عصر آل سلجوق في بغداد.

شهدت تلك الفترة أيضًا خصوصًا خلال القرن العاشر هجرة قبائل كردية من جوار بحر قزوين للاستقرار في العراق وشمال بلاد الشام؛ وازدهار هجرة القبائل أدى إلى تعاسة الوضع الاقتصادي والاجتماعي فضلاً عن تكاثر الحروب الداخلية والخارجية. إحدى أمثلة ذلك الدولة العقيلية والدولة المروانية اللتين ورثتا الدولة الحمدانية بعد انهيارها عام 979، وغلب الطابع العربي على الأولى بينما الطابع الكردي على الثانية، وقد اقتتلا طويلاً للسيطرة على الجزيرة السورية، كما قادت الدولة العقيلية حروبًا عدة ضد الدولة البويهية في بغداد. أما الحروب الخارجية، فتتمثل بغارات الإمبراطورية البيزنطية على حلب وأنطاكية واحتلالهما قسطًا من الزمن، بنتيجة تشقق الوضع الداخلي.

العصر العباسي الثالث: عصر آل سلجوق

السلطنة السلجوقية في أوجها (1055 - 1092)

رسم للسلطان السلجوقي ألب أوفدان، الذي بلغت الدولة في عهده أوجها.

وفق أكثر النظريات انتشارًا، فإن السلاجقة هم جمهرة من القبائل الهجرية الرحل المحاربة، كانت تستقر في الصين وانتقلت منها إلى بخارى حيث اعتنقت الإسلام في عهد مؤسسها سلجوق، ثم استطاعت تحت زعامة طغرل بك السيطرة التدريجية على أملاك الدولة الغزنوية ثم الدخول إلى بغداد بناءً على طلب الخليفة، الذي عين طغرل بك سلطانًا وخطب باسمه في 15 ديسمبر سنة 1055م، الموافق فيه 22 رمضان سنة 447هـ، ولقبه «بملك المشرق والمغرب» وزوجه ابنته.

وإثر وفاته عام 1063م، كان طغرل بك قد حقق استقرارًا سياسيًا واقتصاديًا في الأوضاع، وقد خلفه ألب أوفدان الذي امتد حكمه حتى القدس واستطاع عقب فوزه في معركة ملاذكرد تأسيس دولة سلجوقية في الأناضول هي الأولى من نوعها؛ غير أنه اغتال في إحدى معاركه عام 1064م وتلاه ابنه جلال الدولة ملكشاه، الذي شهدت سلطنته وفاة الخليفة القائم بأمر الله بعد خلافة استمرت خمسة وأربعين عامًا تعكس الاستقرار وتحسن الأوضاع المعيشية، وبويع المقتدي بأمر الله بالخلافة. وقد اهتم ملكشاه بالعلوم والفنون وشيّد في بغداد مرصدًا فلكيًا ومسجدًا كبيرًا دعي «جامع السلطان»، وقد برز في عهده أيضًا عمر الخيام وثار القرامطة في البصرة عدة مرات، وبوفاته عام 1092م أخذت الدولة السلجوقية بفقدان قوتها، إذ تفرقت إلى عدة دول مستقلة في بلاد الشام والعراق وبلاد فارس وغيرها، بل تحولت الساحة إلى دسائس وتحالفات بين الملوك السلاجقة ضد بعضهم البعض بهدف توسيع إمارتهم.

لا شكّ حتى تكلفة هذه الحروب الداخلية المستمرة، لم تؤثر فقط على الاستقرار الاجتماعي في البلاد، بل على الوضع الاقتصادي أيضًا بسبب كلفتها الباهظة، ما سهّل تحقيق فوز الحملة الصليبية الأولى عام 1098م، وكان المستظهر بالله حينها يشغل منصب الخليفة منذ عام 1094م.

حروب السلاجقة وغروب دولهم (1092 - 1136)

ملك القدس بالدوين الأول يدخل الرها في فبراير 1098.

استطاعت الحملة الصليبية الأولى تأسيس أربعة ممالك لاتينية في المشرق، هي إمارة الرها وإمارة أنطاكية وإمارة طرابلس ومملكة بيت المقدس، التي كانت تحت سلطة الخلافة الفاطمية مجددًا منذ عام 1096م. لم يستطع السلاجقة ردع الصليبيين عن ساحل بلاد الشام، بيد أنهم صدّوا تقدمهم نحوأنقرة وقلب الأناضول كما أوقفوا تقدمهم تجاه حلب والعراق عمومًا. أما العراق وخلافته فكانا منشغلان بالحروب الداخلية والثورات التي يقودها القرامطة فلم يتم إعناء مقاومة الصليبيين أوردعهم أية أهمية تذكر، وقد نقل أنه في أعقاب سقوط القدس عام 1099م زار وفد من أهالي المدينة الناجين الخليفة المستظهر بالله فاعتذر منهم مبديًا عواطفه، ثم عاد وأوفد عام 1111م جيشًا صغير الحجم بقيادة مودود بعد مضايقة الصليبيين لحلب.

أواخر عهد المستظهر بالله استقرت الأوضاع للسلطان محمد السلجوقي غير حتى وفاته عام 1118م فجّرت الوضع مجددًا بين وريثه محمود السلجوقي وأخاه داود وبعض أعمامه؛ وإثر وفاة الخليفة المستظهر بالله في أغسطس 1118م أصبح المسترشد بالله خليفة، وفي خلافته ظهر عماد الدين زنكي والي الموصل والذي وسع أملاكه ضامًا حلب وحمص، وتلاه ابنه نور الدين زنكي الذي ضم دمشق ومصر. خلال نموالدولة الزنكية كانت حروب السلاجقة الداخلية لا تزال مستمرة فانتصر مسعود السلجوقي على ابن أخيه محمود، وقتل الخليفة المسترشد عام 1135م أثناء محاربة مسعود مدافعًا عن محمود، وأصبح الراشد بالله خليفة من بعده، غير حتى السلطان مسعود السلجوقي سرعان ما خلعه، فهرب الخليفة إلى أصفهان حيث اغتال عام 1136م وأصبح المقتفي لأمر الله خليفة من بعده.

الخلفاء يستعيدون السيطرة على بغداد (1136 - 1242)

الجامعة المستنصرية في بغداد، والمسماة على اسم مؤسسها الخليفة المستنصر.

استطاع المقتفي لأمر الله حتى يستقل بحكم بغداد وجوارها عن السلاجقة المستقلين بمحاربة بعضهم بعض، ودعم الأسرة الزنكية التي بلغت شأنًا عاليًا في محاربة الصليبيين واستطاعت استعادة الرها منهم؛ وعندما توفي عام 1170م بويع ابنه المستنجد بالله بالخلافة، فاستمر بسياسة والده الرامية إلى الحفاظ على استقلال بغداد وجوارها، وأرسى إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية عديدة، وكان في خلافته حتى خطب للعباسيين في مصر على يد الدولة الزنكية بعد وفاة آخر الخلفاء الفاطميين العاضد لدين الله، وبذلك توحدت الخلافة الإسلامية مجددًا؛ كما شهدت خلافته قيام السلطنة الأيوبية بقيادة صلاح الدين الأيوبي الذي سيطر على بلاد الشام والحجاز واليمن ومصر وليبيا، واستطاع صلاح الدين في عهد الخليفة المستضيء بأمر الله استعادة القدس وعدد آخر من المدن التي كانت واقعة تحت سيطرة الصليبيين عام 1187م في أعقاب معركة حطين، وتصدى للحملة الصليبية الثالثة. وتلى المستضيء ابنه الناصر لدين الله، والذي استطاع كما عمل والده وجده، الحفاظ على الجزء الأكبر من العراق مستقلاً تحت إدارته العملية لا إدارة الوزراء أوالجيش، وقد نادى عدد من المؤرخين فترة هؤلاء الخلفاء الذين استقلوبالعراق اسم «فترة استعادة هيبة الخلافة»، وقد توفي الناصر لدين الله، والذي اشتهر بالحكمة والحنكة، بعد خلافة طويلة دامت خمسةً وأربعين عامًا في أكتوبر سنة 1225م.

في الواقع، فإن وضع العراق خلال عهد الناصر لدين الله، كان أفضل بكثير عن سائر أمصار الدولة العباسية؛ فبعد وفاة صلاح الدين الأيوبي عام 1193م ودفنه في دمشق، اقتسم أولاده السبعة عشر سلطنته المترامية الأطراف، وكما عمل السلاجقة من قبلهم، تحارب الأمراء الأيوبيون وشكلوا أحلافًا ضد بعضهم البعض، واستوردوا قبائل هجرية وشركسية دعيت لاحقًا باسم المماليك؛ أما أحوال أقصى المشرق الإسلامي، كبخارى وكابُل وجوارهما، فكانت سيئة هي الأخرى، بسبب تعرضهما للغزووالتخريب من قبل المغول بقيادة جنكيز خان. على حتى ما وصل من أخبار ذلك العصر في العراق وسواه، لا تفيد بأوضاع ثقافية جيدة أودعم للعلوم والفنون من قبل الخلفاء وحاشيتهم، كما كان الحال في عصر الدولة المضىي.

تلى الناصر ابنه الظاهر بأمر الله، لكنه توفي بعد عام واحد فقط، وصارت البيعة لابنه المستنصر بالله عام 1226م وقد أسس الجامعة المستنصرية، ونقل المؤرخون أنه أسس دورًا لضيافة الفقراء وإعتاق الرقيق، وفي خلافته سيطر المغول على بلاد فارس محاذين بذلك العراق.

خلافة المستعصم بالله ونهاية الدولة (1242 - 1258)

هولاكويسجن الخليفة ويمنع عنه الطعام والشراب حتى موته في 20 فبراير سنة 1258م، وقد هجر هولاكوللخليفة صحون وأكواب المضى التي كان يأكل بها فارغة أمامه في السجن.

توفي المستنصر في ديسمبر من سنة 1242م، وتلاه ابنه المستعصم بالله آخر العباسيين في بغداد؛ والذي شهدت خلافته نهاية محطات مهمة في تاريخ الخلافة العباسية؛ منها فشل الحملة الصليبية السابعة والثامنة وهما آخر الحملات الصليبية مما عجل في نهاية تلك الحقبة، وعمومًا فإنه باستثناء الحملة الصليبية الأولى والثالثة والرابعة التي توجهت إلى القسطنطينية لم تحقق أي حملة صليبية نصرًا هامًا وطويل الأمد في المناطق التي استولت عليها. وفي أعقاب الحملة الصليبية الثامنة، كانت أملاك الصليبيين الأساسية في المشرق تقتصر على أنطاكية وطرابلس وعكا كجزر متناثرة وغير متصلة جغرافيًا. كذلك فقد شهدت خلافته نهاية السلطنة الأيوبية عام 1250م بعد وفاة الملك الصالح أيوب واستلام شجرة الدر السلطنة مكانه ثمانين يومًا ليقوم جند زوجها بخلعها والسيطرة على الحكم بانقلاب سلمي. انتخب إثره عز الدين أيبك سلطانًا.

مخطوطة تصور الحصار المغولي لبغداد عام 1258، قبل اقتحامها فيعشرة فبراير سنة 1258م، ويظهر في الصورة نهر دجلة.

أما الحدث الثالث، فتمثل بسقوط بغداد حاضرة الخلافة على يد المغول بقيادة هولاكوخان التتري، حيث سار هولاكوعلى رأس جيش ضخم بأمر من إمبراطور المغول منكوخان الذي أمر ان يخرج معه جميع ذكر قادر على حمل السلاح في الإمبراطورية، ثم انضم للجيش قبائل أرمنية وجورجية وهجرية وفارسية. ويرى المؤرخ آلان دمورجيه حتى الجيش الصليبي المرابط في أنطاكية وطرابلس كان أيضًا من المشاركين في الهجوم.

طالب هولاكوالخليفة المستعصم بالله بالاستسلام، ولكن الخليفة رفض محذرًا المغول من العقاب الألهي الذي سيحلّ بهم طالما هاجموا الخلافة؛ يشير الكثير من المؤرخين بأن أحد مسببات نجاح الهجوم المغولي هوحالة الجيش العباسي الضعيفة وتسريح عدد كبير من جنده لتقليص النفقات خلال تولي ابن العلقمي شؤون الوزارة، فضلاً عن ضعف استحكامات المدينة وعدم تقوية أسوارها؛ يقول ديفيد نيكول بأن الخليفة بالإضافة لفشله بتجهيز آلية الدفاع عن المدينة بشكل جيد، فقد أساء كثيرًا لهولاكوبتهديده إياه، إضافة إلى وثوقه المبالغ فيه لوزيره ابن العلقمي، ما ساهم على تدمير المدينة والخلافة، مع حتى مونكوخان أمر أخاه هولاكوبالمحافظة على الخلافة إذا وافق الخليفة الخضوع لسلطة المغول.

قبل التوجه إلى بغداد، دمر هولاكوقبائل اللور ومن ثم حصّل استسلام الإسماعيليين والمعروفين أيضًا باسم الحشاشين بعد حتى حاصر حاضرتهم قلعة ألموت في شمال إيران على شواطئ بحر قزوين، ورغم ذلك فقد اغتال هولاكوالكثير منهم باستثناء نصير الدين الطوسي وأتباعه والذين لحقوا بجيش هولاكوالمتوجه لمحاصرة بغداد منذ عام 1256م. قسم هولاكوجيشه إلى قسمين، وضرب حصارًا حول بغداد بدءًا من يوم 29 يناير سنة 1258م؛ دمر المغول السدود وقنوات الري ما ساهم في تدمير الزراعة وإفاضة المياه داخل المدينة، ثم إذا قصف الموضوعع والمناجيق سهلت سقوط استحكامات العباسيين الواحدة تلوالأخرى حتى أحاط المغول بالمدينة من جميع جانب يومخمسة فبراير 1258م / 30 محرم 656هـ؛ حاول المستعصم حتى يفاوض المحاصرين لكن هولاكورفض، واقتحم بغداد يومعشرة فبراير 1258 م / أربعة صفر 656هـ، مرتكبين مذابحًا بحق أبنائها، وبحسب بعض المصادر بلغ عدد القتلى من الجند والمدنيين مليوني إنسان بل حتى من حاول من الأهالي الفرار عمد المعول إلى قتله، ويذكر حتى هولاكوأمر بنقل مقر المخيم بسبب روائح الموت المنبعثة؛ كما بدؤوا عمليات سلب ونهب ثم إحراق، فتلفت المخطات وما تحويها وقيل حتى مياه نهر دجلة تحولت إلى اللون الأسود لكثرة ما رمي فيها من أوراق محترقة، وكذلك حال المساجد والقصور والجامعات. أما الخليفة فقد أمر هولاكوبحبسه ثم منع عنه الطعام والشراب حتى توفي في 20 فبراير 1258م، لتزول بذلك الخلافة العباسية في بغداد.

العصر العباسي الرابع: السلطنة المملوكية

الخلافة العباسية في القاهرة (1261 - 1517)



هذه الموضوعة جزء من سلسلة:

مسجد قاني باي الرماح المملوكي في القاهرة التي احتضنت الخلافة العباسية بعد اندثارها في بغداد.

كان قد مضى ثلاث سنوات والعالم الإسلامي دون خليفة، وكانت تلك أطول فترة شغور منذ تأسيس الخلافة في القرن السابع؛ على الرغم من حتى السلطان الأيوبي في دمشق قد والىأبا العباس أحمد خليفة ليضفي الشرعية على سلطنته ويجابه المماليك ذوي القوة المتصاعدة في مصر.

أصبح المماليك في عهود ضعف الدولة العباسية القوام الوحيد للجيش والمنبع الأساسي للسلطة؛ أما مماليك مصر فقد تمّ استقدامهم على يد السلاطين الأيوبيين وهم في الغالب شراكسة بيض، يتم تعليمهم القراءة والكتابة وحفظ القرآن وفنون القتال منذ الصغر. تولى المماليك حكم مصر عام 1250 بعد انقراض السلطنة الأيوبية، ولم يعتمدوا في كثير الأحيان، نظام الحكم الوراثي بل نظام التوافق من ناحية والانقلابات بين زعماء الكتائب من ناحية ثانية، وقد توالى واحدًا وأربعين سلطانًا مملوكيًا في ستة وأربعين ولاية، ووطد المماليك أقدامهم فيها ثم استطاعوا السيطرة على بلاد الشام والحجاز واليمن، مؤسسين بذلك سلطنة واسعة المساحة،

خلفاء قريش من راشدين وأمويين وعباسيين.

كان للمماليك دور بارز في حماية المشرق خلال بداية عهدهم؛ فبعد حتى اجتاح هولاكوبغداد وأسقط خلافتها، اتجه بجيوشه نحوبلاد الشام فاحتلّ نصيبين ثم الرها فحلب ناشرًا من الويلات ما حلّ ببغداد خلال اجتياحه لها. خلال هذه الأثناء خلع سيف الدين قطز السلطان نور الدين علي بن أيبك وقلّد نفسه شؤون السلطنة، ثم حشد الجيش وخرج به من مصر نحوبلاد الشام، حيث كان هولاكوبعد حتى دمر حلب قد أحرق دمشق، وقد التقى الجيشان في معركة عين جالوت في الجليل عام 1261 كانت الغلبة في هذه المعركة الفاصلة للمماليك، وتوفي قطز على طريق العودة إلى مصر وأصبح الظاهر بيبرس سلطانًا من بعده؛ كان بيبرس ناجحًا في معاركه مع الصليبيين ففتح يافا وأنطاكية والقلاع المحيطة بها والتي بقيت عصيّة على الفتح حتى سنة 1268.

وعندما سيطر قطز على دمشق في أعقاب معركة عين جالوت أراد خليفتها التوجه إلى القاهرة لكنه عدل عن رأيه واتجه إلى حلب التي كانت لا تزال تحت حكم الأيوبيين، حيث بايعه أميرها ولقبه الحاكم بأمر الله. غير حتى شهرة هذا الخليفة كانت محدودة فلم يخطب له خارج إمارة حلب على عكس سائر الخلفاء حتى عندما لم تكن لهم أي سلطة، فالخطبة في صلاة الجمعة تعتبر هامة للخليفة، ولذلك فقد عمد أغلب الباحثين إلى إسقاط خليفة حلب من قائمة الخلفاء، واعتبار هذه محاولة إحياء الخلافة. غير حتى المحاولة الناجحة كانت على يد الظاهر بيبرس عام 1262، فبعد حتى أفاده وزراءه وصول الأمير أحمد بن الخليفة الظاهر بأمر الله، عقد بيبرس حفلاً حضره رجال الدولة والشرع أثبت خلاله صحة نسب الأمير ثم تمت مبايعته بالخلافة رسميًا ولقب المستنصر بالله، وأمر بأن يضرب اسمه على النقد ويذكر في خطبة الجمعة.

طلب بيبرس من الخليفة حتى يخط له تفويضًا مطلق الصلاحية في إدارة الدولة وتسيير شؤونها، ومنحه الخليفة هذا التفويض الذي لم يهجر له أية صلاحية، واقتصار دوره كرمز للدولة ومصدر شرعيتها. نصّ التفويض أيضًا على حتى تعمل الدولة على استعادة بغداد وإعادة كرسي الخلافة إليها، وهوما تمّ عملاً عندما خرج الخليفة بنفسه على رأس جيش نحوالعراق، إلا أنه اغتال في إحدى المعارك مع المغول قبل بلوغه بغداد بعد خلافة قصيرة دامت بضع شهور فحسب؛ ويرى عدد من المؤرخين حتى الخليفة الجديد لم يكن راضيًا عن نزوله لبيبرس بالسلطة، وأنه كان يطمح من خلال قيادته الجيش إلى الاطلاع بدور سياسي مستقبلاً. أما في القاهرة فقد بويع الحاكم بأمر الله الثاني بالخلافة ومكث بها ثلاثة عقود.

عمومًا فإن الدولة العباسية بمعنى الدولة قد سقطت مع سقوط بغداد عام 1258، أما الخلافة العباسية فقد استمرت حتى 1517 كرمز للدولة ودورها الديني في كنف الدولة المملوكية؛ ولم تسقط الخلافة العباسية إلا بعد سقوط الدولة المملوكية، ففي أعقاب معركة مرج دابق التي انتصر بها السلطان سليم الأول العثماني على المماليك، توجه بجيشه نحوالجنوب، ففتح أغلب مدن بلاد الشام سلمًا ومنها انعطف نحومصر حيث هزم آخر المماليك الأشرف طومان باي بعد معركة الريدانية قرب القاهرة، وقد اصطحب معه لدى رجوعه من القاهرة آخر الخلفاء العباسيين المتوكل على الله الثالث، والذي تنازل له عن الخلافة وسلّمه رموزها أي بردة النبي محمد وسيف عمر بن الخطاب؛ وبذلك لم تؤول الخلافة من إلى العثمانيين فحسب بل انتهى الفرع الأول من فروع الخلافة كما صنف المؤرخون وهو«الفرع العربي» أوبشكل أكثر دقة «فرع قريش»، إذ إذا جميع الخلفاء السابقين سواء أكانوا من راشدين أوأمويين أوعباسيين ينتمون إلى قبيلة قريش وهي قبيلة النبي محمد، وافتتح الفرع الثاني وهو«فرع آل عثمان».

دول العباسيين بعد زوال خلافتهم (1517 - 1967)

الأمير محمد رضا العباسي، عاشر الحكام العباسيين لإمارة البستك بين عامي 1927 و1944.

نشأت عدد من الدول التي حكمتها السلالة العباسية، بحكم مسقطها ورمزيتها في العالم الإسلامي بعد زوال الدولة العباسية وفي بعض الحالات قامت الإمارات العباسية قبل زوال خلافتها وإن كان بشكل مستقل عنها، كما لم يطلب أحد من هؤلاء الأمراء الحق بالخلافة بعد زوال الخلافة العباسية نهائيًا عام 1517 أوبعد إلغاء الخلافة عام 1922. وعمومًا فإنه لا يزال إلى اليوم، يعيش في مختلف بقاع العالم الإسلامي عدد كبير من الأسر التي تعود بأصلها للأسرة العباسية، ومنها بشكل أساسي في المملكة العربية السعودية واليمن وهجريا وإيران وبلاد الشام ومصر والسودان والهند وباكستان وأفغانستان وأوزباكستان. وعلى الرغم من انقراض آخر دولهم عام 1967 إلا أنه قد برز عدد من العباسيين في مواقع مؤثرة، كالرئيس السوداني عمر حسن البشير والشيخ الشريف ماجد العباس مؤذن المسجد الحرام في مكة وغيرهما.

  • إمارة بهدينان: أقدم الإمارات العباسية المستقلة تأسيسًا، ويعود قيامها إلى عام 1367 في كردستان العراق على يد الملك بهاء الدين العباسي أحد أحفاد الخليفة المستعصم بالله. وكانت مدينة العمادية الواقعة في محافظة دهوك حاليًا عاصمتها وقد تمددت في أوجها لتضم أجزاءً من محافظتي أربيل ونينوى. عاشت هذه الإمارة زمنًا طويلاً، استطاعت فيه الحفاظ على استقلالها رغم كونها تقع على حدود إمبراطوريتين عظيمتين ومتحاربتين بشكل دائم هما الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية الصفوية، وعلى الرغم من ذلك فلم تكن نهايتها على يد إحدى هاتين الإمبراطورتين بل على يد إمارة كردية منافسة وقريبة ومنها هي إمارة سوران عام 1834، وسرعان ما قضى العثمانيون على هذه الإمارة أيضًا وأتبعوها لولاية الموصل العثمانية. هربت الأسرة الحاكمة أحفاد المستعصم بالله إلى حلب وانتقل قسم منهم إلى جيزان واليمن، وهومشهورون إلى اليوم بكنية "آل عاصم".
  • إمارة الجعليين: قامت في شمال السودان المعاصر وينتسبون مباشرة إلى العباس بن عبد المطلب، دون حتىقد يكونوا من ذرية أحد الخلفاء العباسيين في القاهرة أوبغداد. بعد اندثار المماليك هرب قسم من العائلة المالكة إلى السودان حيث أعربوا استقلالهم عام 1588 على يد سعيد أبودبوس؛ وقد اتخذ الجعليون من مدينة شندي عاصمة لهم. توالى على حكم الإمارة سبعة عشر أمير عباسي إلى حتى قضى عليها والي مصر محمد علي باشا خلال فتحه السودان عام 1823، موحدًا بذلك وادي النيل.
  • مملكة الشايقية : قامت في شمال السودان وهم أبناء عمومة الجعليين ويرجع نسبهم إلى شايق بن حميدان أحد أحفاد إبراهيم جعل (الجد الجامع لقبائل الجعليين العباسية) بن الأمير إدريس بن قيس الذي ينتهي نسبه إلى العباس بن عبدالمطلب مباشرة دون حتىقد يكون من ذرية أحفاد الخلفاء، وأعرب الشايقية استقلالهم عن سلطنة سنار في القرن السابع عشر واستمرت مملكتهم حتى عام 1821م حيث سقطت على يد محمد علي باشا أثناء غزوه للسودان.
  • مملكة بهاولبور، قامت في السند عام 1702 على يد الأمير محمد المبارك خان الأول، ويعود استقرار قبائل عباسية في الهند إلى بداية العهد العباسي وهم من المنتسبين مباشرة للعباس بن عبد المطلب دون المرور بالخلفاء؛ تميزت مملكتهم بالرفاه الاقتصادي والاهتمام بالعلوم والآداب خصوصًا العلوم الشرعية، لم يتم القضاء بواسطة الحرب على هذه الإمارة، بل إنه وفي أعقاب استقلال الهند عام 1947 وتقسيمها إلى دولتين هما الهند وباكستان اختار آخر الأمراء العباسيين في بهاولبور الانضمام طوعًا إلى باكستان فيخمسة أكتوبر 1947.
  • إمارة بستك العباسية تأسست عام 1673 على يد الأمير عبد القادر بن الحسن أحد أحفاد هارون الرشيد. ضمت منطقة الأهواز وضفاف الخليج العربي على الجانب الإيراني من الخليج. توالى على حكمها أحد عشر أميرًا حتى قضى عليها شاه إيران محمد رضا بهلوي عام 1967، فكانت بذلك آخر دولة حكمت من قبل السلالة العباسية. وقد انتقلت الأسرة الحاكمة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين.

نظام الحكم

الخليفة

الخليفة هارون الرشيد كما رسم في كتاب ألف ليلة وليلة.

نظام الحكم في الدولة العباسية يستمد شرعيته من الإسلام ويتمثل ذلك بشخص الخليفة الذي هووفق المعتقدات الدينية الإسلامية خليفة النبي محمد مباشرة ويحكم من خلال الشريعة التي أرساها. ينصّ النظام الإسلامي على حتى يختار الخليفة من قبل وجهاء الدولة والمجتمع بكيفية تشبه الانتخاب وذلك مدى الحياة إذا التزم بالحق والعدل ولم يخن الأمانة الموكلة إليه كخليفة، غير حتى هذه الطريقة لم تطبق أبدًا منذ العهد الأموي، حيث أخذ الخلفاء بتعيين ولي للعهد، بل إذا بعضهم عمدوا إلى تسمية أكثر من ولي للعهد في وقت واحد ما ساهم في نشوب الصراع المسلّح بين ولاة العهد، كما حصل بين الأمين والمأمون.

هناك من يشير إلى كون الخلافة منصب ديني لا دنيوي أوجامع بين الطرفين، انطلاقًا من هناك كان الخلفاء العثمانيون ينادون بصيغة "خليفة المسلمين وسلطان العثمانيين"، أي حتى الخليفة هورأس الهرم والإمام الأول دينيًا ويمكن ألا يجمع في منصبه هذا صفة الحكم. غير حتى عددًا آخر من الباحثين يرفضون هذه الفكرة، لكون النبي محمد قد جمع في وقت واحد بين الزعامة والسياسية. وعلى الرغم من النظريتين المتناقضتين فإن الخلفاء العباسيون قد طبقوا كلاهما، إذ قد جمعوا بين الزعامة الدينية والسياسية خلال عهودهم المضىية، ثم عادوا في عصور الانحطاط ليشكلوا رمز الدولة فحسب بما يشبه الجمهوريات البرلمانية في العصر الراهن. ورغم كون أغلب خلفاء آل العباس سواء في بغداد أوالقاهرة لم يتمتعوا بالسلطة، إلا حتى عددًا منهم حاول القبض على زمامها كما عمل المتوكل على الله أوخط بعضهم طوعًا أوكرهًا تنازلاً للسلطان عن صلاحيات الملك كما عمل المستنصر بالله الثاني، ما يشير حتى النظرية الثانية كانت الأكثر انتشارًا في العصر العباسي، قبل حتى تكرّس النظرية الأولى خلال العهد العثماني.

أما الخليفة عندما كان ممسكًا بقبضة الحكم، فقد كان مطلق الصلاحية باستثناء الحدود والضوابط التي وضعتها الشريعة الإسلامية، وإن كان هناك تفاوت واضح في نسب الالتزام بهذه الحدود، حسب جميع خليفة.

السلاطين والولاة

أول لقب حازه الرجل الثاني في الدولة العباسية هو"وزير"، كانت مهمة الوزير خلال عهد القوة العباسية مساعدة الخليفة في إدارة شؤون البلاد والإشراف على تطبيق ما يقرره الخليفة فقط. لاحقًا، وبنتيجة تولي قادة الجيش الأتراك الوزارة مال ولاء الجيش من إنسان الخليفة إلى إنسان قائدهم الوزير، وبالتالي مال ميزان قوة التأثير من الخليفة إلى وزيره الذي أصبح لقبه السلطان، وبات في بعض الأحيان يحصر مهام السلطنة بذريته فقط؛ لم يكتف السلاطين بذلك بل احتكروا السلطة عمليًا وقاموا لا الخلفاء، بتسيير شؤون البلاد والدولة، بل إذا كثيرًا من الخلفاء قضوا قتلاً أواغتيالاً على أيدي سلاطينهم، كما حصل مع المتوكل على الله والمسترشد بالله والمعتز بالله والمقتدر بالله وغيرهم.

حصار إمارة طرابلس على يد المماليك عام 1289.

لم يكن منصب السلطان واحدًا فقط خلال عهود ضعف الدولة، بل إذا ولاة الولايات العباسية، قد تحولوا إلى سلاطين على ولاياتهم يحكمون فيها ويورثون حكمها لذريتهم دون حتى يهجروا للخليفة أوسلطة بغداد بشكل عام، غير الخطبة في صلاة الجمعة وسك اسم الخليفة على النقد؛ إلى غير ذلك لم يكن هناك سلطان واحد بل مجموعة سلاطين مستقلين بشؤونهم الداخلية والخارجية تحت سيادة الخليفة الاسمية، بما يشبه الكونفدرالية في الوقت الحاضر، مع الإشارة إلى تحارب هؤلاء السلاطين وهذه الدول بين بعضها البعض في كثير من الأحيان، بل وتوسعها على حساب بعضها البعض حتى تستولي على بغداد نفسها كما حصل مع الدولة البويهية والدولة السلجوقية.

الجيش

المدق أحد الأسلحة التي كانت مستعملة في العصر العباسي في دكّ أسوار القلاع والحصون.

الجيش العباسي كان جيشًا دائمًا مستقرًا، يقيم أغلب جنده في بغداد إلى جانب الخليفة مع وجود جيوش منفصلة في الولايات، ومن ثم للدول التي نشأت في كنف الدولة العباسية. كان الجيش خلال عهد القوة يأتمر بأمر الخليفة ثم بات خلال عهود الضعف يتحرك بأمر الولاة والسلاطين. لم يكن هناك عسكرية إجبارية في الدولة العباسية، غير حتى جميع ذكر قادر على حمل السلاح يجب عليه الانضمام للجيش عند إعلان الجهاد بما يشبه النفير العام في حالات الحرب؛ والجيش العباسي هوبالمقام الأول جيش عقائدي يقوم على المفاهيم والشرائع الإسلامية والتي أبرزها نشر الإسلام وحماية الخلافة.

كان ينفق على الجيش من خزينة الدولة مباشرة، ولما زاد عدد الجند إلى درجة أثرت على الأسعار والاستقرار المعيشي في بغداد اضطر الخليفة نقل عاصمة الدولة إلى سامراء مسكنًا كتائب جيشه فيها. وفي عهود الضعف اللاحقة لعب الجيش الدور البارز في إدارة دفة الحكم وشكل قادة الجيش جزءًا أساسيًا من الطبقة الحاكمة، بل إذا مهمة الجهاد والدفاع عن حدود الدولة هجرت لجيوش سلاطين الولايات أغلب الأحيان، في حين اهتمّ جيش الخلافة في بغداد بالحروب الداخلية وتعيين الخلفاء والسلاطين وعزلهم. على حتى جيش بغداد قد تبع دومًا لإمرة السلطان مع وجود فصيل مستقل يدعى «حرس الخلافة» ويلقب قائده بـ«مؤتمن الخلافة» يتبع القصر مباشرة. وعمومًا فإن جيوش الولايات كانت أكبر وأقوى من جيش بغداد وحققت إنجازات أعمق كجيشي الدولة الزنكية والدولة الأيوبية.

أما أسلحة الجيش فقد كانت بالنسبة للجندي تقليدية ممثلة بالسيوف والدروع والهروات، وتمتع الجيش بأسلحة أخرى متطورة بمقاييس عصرها كالمنجنيق والمدق والضبر، غير أنه في عصور انحطاط المماليك كان الجيش من ناحية الأسلحة متخلفًا ولم يدخله البارود والسلاح الناري مطلقًا ما سهل سيطرة العثمانيين على البلاد بين عامي 1516 و1517.

فكرة الإنكشارية التي ترعرعت وازدهرت لاحقًا خلال عهد الدولة العثمانية وظلت جيشها الرسمي حتى عهد السلطان محمود الثاني، إنما تأسست في كنف الدولة العباسية، ومنذ فترة مبكرة خلال خلافة المأمون؛ بيد حتى أضخم تطبيق لها كان خلال أواخر أيام الدولة الأيوبية. تقوم فكرة الإنكشارية على شراء عبيد صغار في السن أوأسرهم خلال الحروب ومنحهم في معسكرات خاصة منذ نعومة أظفارهم تربية عسكرية وتدريبًا على حمل السلاح، وتلقينهم العقيدة الإسلامية وحماية الخليفة أوالسلطان، وقد دعي هؤلاء في العصر الأيوبي بالمماليك، واستطاعوا الانقلاب على الأيوبيين أنفسهم وتأسيس سلطنتهم الخاصة؛ أما من ناحية المعارك فعوّل السلاطين عليهم في تحقيق النصر، سواءً في الدولة العباسية حين قضوا على إمارة طرابلس وإمارة أنطاكية التابعتين للصليبيين وصدّوا هجمات المغول وقد اشتهر عن المماليك القوّة في الحرب، أوفي الدولة العثمانية حين فتح السلاطين أغلب أمصارها بواسطتهم، غير حتى طلباتهم المتكررة دفعت الدولة للتخلص منهم خلال سلطنة محمود الثاني في القرن التاسع عشر.

الدين

الإسلام

إحدى مآذن الجامع الأزهر، أسسه الفاطميون كمدرسة للطائفة الإسماعيلية وحوله صلاح الدين الأيوبي إلى مدرسة للسنة بعد توليه مصر عام 1171، ويعتبر من أبرز المراجع الدينية حتى اليوم.
بسملة مزخرفة بشكل إجاصة ترقى لمنتصف القرن الرابع عشر، أي زمن الخلافة العباسية في القاهرة.

يعتبر الدين الإسلامي أحد المقومات الرئيسية التي قامت عليها الدولة العباسية، وقد شهد هذا الدين في كنفها تطورًا كبيرًا كان له الأثر السلبي في بعض الأحيان وأثر إيجابي في أحيان أخرى. فإن انتشار الإسلام بين الشعوب غير المسلمة وفهم هذه الأخيرة للإسلام بطريقتها الخاصة المتأثرة بفلسفاتها ومعتقداتها القديمة، فضلاً عن الاجتهادات الخاصة لبعض الفقهاء، أدى إلى نشوء طوائف ومذاهب عديدة داخل المؤسسة الإسلامية نفسها، بعضها اندثر والبعض الآخر لا يزال حتى اليوم. من الطوائف الإسلامية التي نشأت خلال العهد العباسي المعتزلة والمرجئة والإباضية وغيرهم، كما نشأت عن الطائفة الشيعية عدة طوائف نتيجة اختلافات فقهية أواختلاف حول وراثة منصب الإمام الشيعي فنشأت بذلك الطائفة الإسماعيلية والنصيرية والدرزية. أيضًا فإن بدايات الصوفية نشأت في العصر العباسي وترعرعت فيه مدارسها وتقنياتها المتنوعة وصيغت أدبياتها. ولم تكن العلاقة جيدة بين مختلف الطوائف، رغم حتى الباحثين يسوقون قيامها إلى الغنى الثقافي والتنوع الحضاري، إذ قامت الكثير من الفتن والاقتتالات الطائفية بين مختلف الطوائف وبشكل متواتر طوال تاريخ الدولة ما أثر على وحدتها وولاء مواطنيها.

من أبرز تأثيرات العصر العباسي أيضًا، ظهور وتطور المذاهب والمدارس الفقهية التي حصرت بأربع مدارس كبرى هي الشافعية والمالكية والحنفية والحنبلية، وكانت هذه المدارس شكلاً من أشكال التنوّع في تفسير العقيدة. وغالبًا ما كان الخلفاء يحيطون أنفسهم بقضاة من المذاهب الأربعة كذلك الحال في الجامعات الكبرى المعنية بالشريعة كالجامعة المستنصرية. وتميّز العهد العباسي أيضًا بالاهتمام بجمع الحديث وغربلته بقصد التحقق من مدى دقته وصلته بالنبي محمد، وإن أشهر جامعي الحديث قد برزوا خلال العصر العباسي كالبخاري ومسلم والترمذي وأحمد وغيرهم، مما لا يزال فقهاء الإسلام يعتمدون عليهم إلى اليوم، ما يدلّ على التأثير العميق للعصر العباسي في العلوم الشرعية والفقهية. ونشأت عدة مدراس تختصّ بعلوم الحديث أشهر هذه المدارس مدرسة المدينة المنورة ومدرسة أهل الرأي في العراق، وظهر فهم «قراءات القرآن» في العصر العباسي، منعًا لاختلاف القراءات بحكم تعدد اللهجات، واختير في سبيل ذلك سبعة قرّاء اشتهروا بفهمهم وفضلهم. بل إذا العباسيين حتى في الأزمنة التي كفوا فيها عن رعاية العلوم والفنون لم يكفوا قط عن رعاية المدارس الفقهية وتمويلها، وانطلاقًا من هنا فإن الغزوالمغولي الذي دمر المدن الكبرى وأتلف محتويات المساجد والمخطات في بغداد وحلب ودمشق هجر المسلمين طالما تصفها المستشرقة كارين آرمسترونغ باليتم، ففقهاء العصر المملوكي لمقد يكونوا مهتمين بتطوير الفتاوي والاجتهادات الفقهية بقدر ما كانوا مهتمين بإعادة تجميع ما قد ضاع وفقد منها.

رجل دين درزي، إحدى الطوائف التي نشأت في كنف الدولة العباسية.

على مستوى الطائفة الشيعية، فإن العصر العباسي يعتبر حاسمًا في تكوين معالم هذه الطائفة كما تبدواليوم. إذ إذا الدعوة العباسية وإن قامت على تقارب مع الشيعة إلا أنها سرعان ما انقلبت عليهم، ورغم حتى العباسيين قد حفظوا الإمامة الشيعية قائمة كما تم الاتفاق بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان إلا أنّ أغلب الأئمة الشيعة إما اغتيلوا أوسمموا من قبل الخلفاء، وعلى الرغم من حتى الإمام السادس جعفر الصادق قد حرّم التدخل في شؤون الدولة على الشيعة إلا حتى العلاقة قد ظلت متوترة. الإمام الثاني عشر محمد المهدي اختفى خلال خلافة المعتمد على الله بظروف غامضة، ويعتقد الشيعة حتى اليوم حتى الإمام هوفي حالة غيبة بسبب استشراء الظلم والفساد في المجتمع وأنه سيعود قبل موعد يوم القيامة ليقيم الحكم الإسلامي العادل. في الحقيقة إذا عقيدة غيبة الإمام التي ظهرت في العصر العباسي ستشكل إحدى الركائز الأساسية للطائفة الشيعية ومعتقداتها.

الجدالات الدينية الإسلامية الفلسفية كانت إحدى سمات العصر العباسي خصوصًا في عهود القوة. أبرز هذه الجدالات الدينية الجدل الذي حصل حول أزلية القرآن أوخلقه، إذ نطقت المعتزلة والإباضية بخلق القرآن ودعمهم الخليفة المأمون، في حين نطقت الأشاعرة والسنة بأزلية القرآن. الجدل الدائر لم يحسم بعد، إذ إذا بعض الفرق لا تزال تقول بخلق القرآن استنادًا إلى عدد من آيات القرآن ذاته منها: ﴿قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْ.﴾ في حين حتى أغلب المسلمين يرفضون ذلك استنادًا إلى كون القرآن بوصفه كلام الله جزءًا لا يتجزأ عنه، وإن جعل القرآن مخلوقًا يؤثر على حال الألوهية غير القابلة للتبديل. لطالما قارن المؤرخون وفهماء الدين المقارن بين هذا الجدال والجدال المسيحي في القرن الرابع حول خلق المسيح أوأزليته، وقد عقد مجمع نيقية عام 325 للفصل به وانتهى للقول بأزلية المسيح تمامًا كالقول بأزلية القرآن، بوصف كليهما في دينهما «حدثة الله». الجدال الثاني كان منبعه تضارب التفسير لآية: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى.﴾ حيث مضى البعض للقول بالتفسير الرمزي للآية وتمسك البعض بوجود عرش الله، وأغلب المسلمين من سنة وشيعة اليوم يقرون بالتفسير الرمزي أوالتأويل لهذه الآية دونما تفسيرها حرفيًا. هناك قضايا أخرى كانت محط جدال في العصر العباسي كالجدال حول رؤية الله في يوم القيامة أونفيه والجدل المتعلق حول جنس الملائكة والجدل المتعلق بالجبر والاختيار، وغيرهم من القضايا.

ومع كون الإسلام هودين الدولة، غير أنه لا يمكن تحديد ممضى من مذاهبه أوطوائفه دينًا رسميًا. فخلال خمسة قرون من عمر الخلافة في بغداد، كان دين الدولة يتأثر بطائفة الخليفة، فالمأمون والمعتصم والواثق أعربوا الاعتزال عقيدة الدولة، وقام المتوكل بتعيين الشافعية ممضىًا رسميًا، أما المستعصم بالله فكان يميل نحوالشيعة وكذلك الخلفاء الذين تعاقبوا خلال الدولة البويهية، على عكس الخلفاء الذين تعاقبوا خلال الدولة السلجوقية ومالوا نحوالسنة.

الأديان الأخرى

يهود عراقيون أمام ضريح النبي حزقيال عام 1932: بلغ عدد يهود بغداد عام 1170 أربعين ألفًا.

خلال عصر القوة والازدهار العباسي كانت العلاقة بين الدولة ومواطنيها غير المسلمين تصنف على أنها في أحسن الأوضاع خصوصًا خلال خلافتي المنصور والرشيد، وقد اتى في «المنتجب العاني» لمؤلفه أسعد علي حتى الخلفاء كانوا يحتفلون بالأعياد المسيحية كعيد الميلاد وأحد الشعانين حتى في قصر الخليفة، فيضع الخليفة وحاشيته أكللة من زيتون ويرتدون الملابس الفاخرة، وقد بنيت في بغداد كاتدرائيتان مع تشييد المدينة. ولعلّ أبرز الدلائل والشواهد عن التعايش الديني والعيش المشهجر أشعار أبي زيد الطائي والأخطل التغلبي كذلك ما رواه ابن فضل العمري بكتابه «مسالك الأبصار» وما اتى في كتاب «مسالك الممالك» من وصف للحياة بين المسلمين والمسيحيين في البلاد التي زارها، وقد نقل في كتابه ذاته أنه الرها العباسية وجوارها كان هناك ثلاثمائة دير. كذلك فإن كتابات المؤرخين السريان كالتلمحري وميخائيل الكبير وغيرهما تدلّ عل ذلك، ومراسلات طيموثاوس الأول بطريرك كنيسة المشرق الذي جمعته صداقة مع أبي جعفر المنصور حتى لقبه «أبي النصارى»، ويذكر أيضًا عددًا من الخلفاء والأمراء والولاة كانوا يقيمون خلال تنقلاتهم في الأديرة وقد سجلت أديرة الرصافة ودير زكا ودير القائم قرب البوكمال زيارات لخلفاء عباسيين. كما أنّ العباسيين لم يجبروا القبائل المسيحية العربية كتغلب ونمر وطيء وبني شيبان وقبيلة إياد على الإسلام، وإنما الأسلمة اتىت في القرون اللاحقة التي شهدت اضطهاد الأقليات خصوصًا القرن العاشر.

كان للمسيحيين خاصةً السريان من يعاقبة ونساطرة دور مهم في الترجمة والعلوم والطب، لقد ترجم المسيحيون من اليونانية والسريانية والفارسية، واستفادوا من المدارس التي ازدهرت فيها العلوم قبل قيام الدولة العربية خصوصاً مدارس مدن "الرها ونصيبين وجنديسابور وإنطاكية والإسكندرية" المسيحية والتي خرجت هناك فلاسفة وأطبّاء وفهماء ومشرّعون ومؤرّخون وفلكيّون وحوت مستشفى، مختبر، دار ترجمة، مخطة ومرصد.

وقد وصف الجاحظ وضع المسيحيين خلال العصر العباسي :«إن النصارى متحدثين وأطباء ومنجمين وعندهم عقلاء وفلاسفة وحكماء... وان منهم كتّاب السلاطين وفرّاشي الملوك وأطباء الأشراف والعطّارين والصيارفة... وأنهم أتخذزا البراذين والخيل واتخذوا الشاكرية والخدم والمستخدمين وامتنع كثير من كبرائهم من عطاء الجزية».

أما اليهود فعوملوا كالمسيحيين، ارتقى بعضهم مناصب مرموقة في الدولة، وأصبح حاخام بغداد رأسًا للطائفة اليهودية في العالم بسبب التسامح والرعاية، وبنى الخليفة المعتضد لليهود مدرسة تلمودية في بغداد. وفي عهد الخليفة المستنجد عام 1170 قدر عدد اليهود في بغداد وحدها بأربعين ألفًا، اشتهروا خلالها بالنشاطات الاقتصادية من تجارة وصيرفة على وجه الخصوص.

صورة للصفحتين الأولتين من «المخطوط الفاتيكاني عدد 250»، وهوترجمة عربية لإنجيل الدياسطرون، ويرقى للعصر العباسي.

كذلك حال المندائيون الذين اعتبروا في الفقه من أهل الكتاب، وانتشروا في الأحواز وجنوب العراق وكانت مدينتي واسط وميسان عواصم لهم، وقد نقل وجود أربعمائة مشكينا في ميسان أوائل العصر العباسي، واشتهر منهم عدد من القضاة ورجال الفهم والأدب.

لم يقتصر الأمر على ذلك بل إذا حران وجوارها كانت مركزًا وثنيًا كبيرًا تعبد فيها الكواكب والأفلاك، وقد تسامح الخلفاء الأمويون ومن بعدهم العباسيون مع وثنية أهل حران إلى عهد المأمون. إذ إذا المأمون مرّ حران عام 830 فاغتاظ من الوثنية وطلب من أهلها التحول إلى الإسلام أوإحدى الديانات التي يعترف الإسلام بها، فدخل الحرانيون بالصابئة غير أنهم ظلوا وثنيين ومن هنا يمكن التمييز بين طائفتي صابئة، الصابئة المندائيون في جنوب العراق والصابئة الحرانيون الوثنيون، ويمكن القول حتى الحرانيين لم يقوموا سوى بتغيير شكلي. ظلت حران على هذه الحال إلى حتى دمرها تيمورلنك في القرن الرابع عشر ويذكر أبوالفداء أنها قد تحولت إلى كومة خراب وانقرض دين معتنقيها بعد غزوه هذا. وعلى الرغم من هذا، فيجب الإشارة إلى حتى أتباع الأديان غير الإسلامية حتى خلال هذه الفترة، لم تكن مساواتهم بسائر الرعايا من المسلمين كاملة، فيما يخصّ الزواج أوالميراث أوإنشاء دور العبادة في بعض المراحل.

القسم الأكبر من هذا التعايش تبخر خلال عصور الانحطاط، فهدمت الكنائس ومنع أبناء هذه الأديان من ركوب الخيل ومزاولة بعض الأنشطة التجارية والاقتصادية أوالإقامة في دور مرتفعة، كما أنهم قد عوملوا كرعايا من الدرجة الثانية وأخذ السلاطين والولاة يستبدون بهم وكان البدويقتحمون الكنائس والأديرة لسلبها على ما يذكر المؤرخ ابن بطريق والمسعودي وغيرهما. كانت إحدى نتائج ذلك، هجرة المسيحيين الذين رفضوا اعتناق الإسلام من المدن نحوالجبال، إلى غير ذلك أخذ الموارنة بالنزوح من وادي العاصي باتجاه جبال لبنان العصيّة، وكذلك سجلت حركات هجرة مسيحية نحوطور عابدين وماردين وغيرها من الأماكن المنعزلة. عمومًا لا يمكن حتى يفهم حتى الاضطهادات كانت مستمرة، إذ كانت تخف وتيرتها بين الفنية والأخرى؛ وقد ضمت جميع الأقليات الدينية وفي بعض الأحيان حتى الإسلامية منها. يذكر أنه عندما ولج هولاكوبغداد أمر بعدم التعرض للمسيحيين لكون زوجته مسيحية ومن أتباع كنيسة المشرق الآشورية، وأمر ببناء كاتدرائية في بغداد.

الثقافة

الشعر

تمثال لأبي نواس (762 -813م / 145 -199هـ) في العاصمة العراقية بغداد.

يعتبر الشعر في العصر العباسي ثالث حلقات الشعر العربي القديم وأكملها. الحلقة الأولى كانت الشعر الجاهلي والثانية كانت صدر الإسلام والعهد الأموي، لتكون الحلقة الثالثة العصر العباسي، حيث بلغ الشعر مبلغًا عاليًا بدعم الخلفاء والأمراء وتحسن أحوال المعيشة. وتخرّج في هذا العصر أبلغ شعراء العربية وأفصحهم ومنهم لا تزال أشعاره تتداول حتى اليوم. ولم يكن تطور الشعر في العصر العباسي تطورًا في مادته أيضًا بل في علومه أيضًا، إذ قد جمع الخليل بن أحمد الفراهيدي أوزان الشعر في خمسة عشر بحرًا ثم أضاف إليها الأخفش بحرًا واحدًا فظهر بذلك فهم العروض بجهود العباسيين. وإن أبرز ما يميز الشعر العباسي تنوّع المواضيع التي طرحها، والتي ضمت جميع أطياف المجتمع ومواضيعه، بل إذا هذه المواضيع يمكن حتى تشكل مرجعًا في دراسة الأحوال الاجتماعية والسياسية خلال مراحل الدولة العباسية المتنوعة؛ فمن مدح الخلفاء خلال عهود القوة والذين قاموا بتقديم الدعم المالي للشعراء، إلى التذمر من ضنك العيش وفقر الحال واستشراء الفساد خلال عهود الضعف، كان الشعر دومًا أبرز الميادين التي تعكس حياة المجتمع، نظرًا لكونه العماد الرئيس للثقافة في العصر العباسي.

أحد أبرز التيارات الشعرية، كان تيار الغزل الماجن، ومن شعراء هذا التيار أبونواس في قصائده المعروفة بالخمريات، وبشار بن برد الذي ولد أواخر العهد الأموي في مدينة البصرة جنوب العراق، ونقل أنه كان مخالطًا للفهماء والشعراء واشتهر بالتردد على الحانات ما ظهر في أدبه شعرًا ماجنًا حتى اغتال بتهمة الزندقة، ومن أشعاره في وصف إحدى المغنيات البغداديات:

أذنــي لـبـعض الحيّ عاشقةٌ والأذن تعشق قبل العين أحيانا
فاسمعيني صوتًا طربًا هزجًــا يزيد الصبا محبًا فيك أشجانـا

وفي لقاء الشعر الماجن، برز الشعر الديني بشكل قوي في العصر العباسي، وقد انقسم الشعر الديني في ذاته إلى تيارات مختلفة؛ منها من امتدح النبي محمد وأركان الإسلام ورموزه، وقد استمرّ هذا التيار سائدًا حتى عهد الخلافة العباسية في القاهرة ومن قصائده المرموقة قصيدة «البردة» للشاعر البوصيري، والتي نظمها في أعقاب خلع النبي محمد لبردته في الحلم على رجلي الشاعر، فعادت إليهما الحياة بعد الشلل، فالقصيدة حسب معتقدات الشاعر، أشبه بشكر للنبي ومدحه ومنها:

مــحـــمــدٌ سيد الكونـين والثقلين والفريقين من عرب ومن عجمِ
هوالحبيبُ الذي ترجى شفاعتــهُ لكل هول من الأهوال مقتـحـــمِ

أما النوع الثاني من الشعر الديني، فهوالتيار الذي غلب عليه الزهد والتأمل الفلسفي في الحياة والله، ولعلّ أبوالعتاهية المولود في الأنبار عام 750 أبرز شعراء هذا التيار، بل إذا البعض من الباحثين يعتبره مؤسسًا لتيار الزهد الشعري كما يعتبرونه قد ارتقى بالشعر الزاهد ليبلغ الفلسفة والحكمة؛ وعندما توفي عام 825 كان قد هجر دووادين عدة في الشعر الزاهد، رغم أنه لم يلتزم في جميع قصائده بقواعد الشعر كالعروض. ومما نطقه أبوالعتاهية في الزهد:

إنما الدنيا فناءٌ، ليس للدنيا ثبوتُ إنما الدنيا كبيتٍ، نسجته العنكبوتُ

وقد بلغ الشعر الزاهد لدى بعض الشعراء كأبوالعتاهية نفسه مبلغًا أنكر من خلاله جدوى الدين واكتفى بالتسليم بالله؛ أما النوع الثالث من الشعر الديني، فهوالتيار الصوفي، وقد تعدد رواده ليس فقط في الدولة العباسية وإنما في الأندلس أيضًا. من الشعراء الصوفيين ابن الفارض المولود في مصر عام 1180 وابن سينا الطبيب والفيلسوف والشاعر المولود في بلاد فارس عام 980، وأبوحامد الغزالي المولود عام 1059 والذي عاصر الاقتتال الطائفي بين المعتزلة والأشاعرة، ومن الشعراء من أسس نمطًا خاصًا من الشعر الصوفي يدعى الشطح، كان من رواده أبويزيد البسطامي.

بعيدًا عن الشعر الديني، فقد استمر الشعراء العباسيين بالافتخار بأنفسهم والاعتداد بما صنعوا أوالافتخار بقبائلهم. نطق الشاعر المتنبي أحد أبرز شعراء العصر العباسي مفتخرًا بمسقطه في المجتمع الذي أخذ الفساد فيه بالانتشار:

مـا مـقـامي بـأرض نـخـلـةٍ إلا كـمـقـام الـمـسـيحِ من الـيـهـودِ
أين فضلي إذا قنعت من الدهــ ــر بعيشٍ معجلِ التنكيــــــــــدِ

وقام صفي الدين الحلي بالسير على عادة العرب القدماء بالافتخار بقبائلهم وقوتهم في ساحات الوغى، وإلى جانب قصائد المدح، فقد كان للهاتى نصيبًا في الشعر العباسي، وأغلب الشعراء قد خطوا في هذا النمط الشعري ومنهم دعبل الخزاعي من مواليد البصرة عام 769 في هاتىه والي الرحبة مالك بن طوق. وإلى جانب المدح والهاتى كان للرثاء دور في الشعر العباسي وأبرز من نظم قصائد الهاتى الشريف الرضي وأبوتمام. ولم يغب الشعر الوصفي الذي درج عليه العرب القدماء عن ساحة الشعر العباسي، بل إذا أغلب الشعراء استهلّوا قصائدهم بوصف الطبيعة أوغيرها من المواضيع قبل الولوج في صلب الموضوع الخاص بقصيدتهم، ولعلّ صفي الدين الحلي وأبي تمام من أبرز شعراء الوصف في ذلك العصر. ومن التيارات الشعرية الأخرى التي انتشرت كان شعر الغزل الذي احتلّ النصيب البارز إذ تتعدد القصائد التي تصف الحبيب وتتغزل بشيمه وأوصافه، والتيار الاجتماعي وأبرز شعرائه ابن فارس وأبوالعلاء المعري، فضلاً عن محاولة تاريخ الأحداث وحل المساجلات الدينية من خلال الشعر.

وإن كان الشعر العباسي هوبالدرجة الأولى شعر عربي، غير أنه قد برز الكثير من الشعراء الذين شادوا بلغات أخرى خصوصًا الفارسية والهجرية ولاقوا دعم الأمراء والسلاطين في مناطقهم. من أمثال هؤلاء جلال الدين الرومي المولود عام 1207 والذي خط بالفارسية وأسس الطريقة المولوية وفي ديوانه المثنوي خمس وعشرون ألف بيت شعر؛ وهناك منصور أبوالقاسم الفردوسي المولود عام 940 مؤلف ملحمة الشاهنامه، ومن الشعراء الذين خطوا بالهجرية يونس الإمري.

الأدب

صفحة مصورة من كتاب كليلة ودمنة، عثر عليها في هرات وهي نسخة فارسية مترجمة عن العربية.
علي بابا داخل الكهف السري، أحد قصص الأدب العباسي؛ بريشة ماكسفيرد باريش عام 1909.
مثال على تطور الكتابة العربية بين القرن التاسع والقرن الحادي عشر: (1) البسملة خطت دون نقط أوشكل. (2) نظام أبي الأسود الدؤلي ويَعتمد على تمثيل الحركات بنقاط حمراء، وتُستعمل النقطتان للتنوين. (3) تطور النظام بتنقيط الحروف. (4) نظام الخليل بن أحمد الفراهيدي المستعمل إلى اليوم، وهووضع رموز مختلفة للحركات فيما تظل النقاط لتمييز الحروف.

كان الأدب أحد المجالات الثقافية البارزة في العصر العباسي، وقد تطورت العلوم الأدبية بشكل كبير فظهر فن السجع وفن المقامات، وهي قصص خيالية لبطل أوحد عادة ما تكون ذات مغازي أوتهدف للمطالبة بإصلاحات معينة؛ وكان أول من صاغها بديع الزمان الهمذاني، وقد غلب عليها التكلف الأدبي، وأحد أشكالها المبتر الآتي في وصف ظلم أحد القضاء للهمذاني: "وأقسم لوأنّ اليتيم سقط في أنياب الأسود، بل الحيّات السود، لكانت سلامته أحسن من سلامته إذا سقط في غيابات هذا القاضي وأقاربه". كما انتشر فن الروايات والقصص ذات العبر ككتاب كليلة ودمنة لابن المقفع والذي مرر من خلاله نقدًا لاذعًا لولاة الأمر على ألسنة محادثة جرى في مملكة الحيوان، رغم حتى النصّ الأصلي قادم من الأدب الفارسي غير أنّ ابن المقفع قد زاد عليه ومن خلال ترجمته لعب دورًا بارزًا في المجتمع العباسي ومنه تحول إلى أدب عالمي. ولابن المقفع كتابات أخرى أدبية تعكس الحالة الثقافية السائدة كمؤلفه «الأدب الصغير». في حين نحا الجاحظ في مؤلفه البخلاء إلى سرد قصص قصيرة وفكاهية حول نوادر البخلاء، وقد نال كتابه نجاحًا عارمًا في أوساط المجتمع العباسي.

خصائص الأدب العباسي، تتميز بفصاحة اللغة المستعملة من ناحية، وتنوع الأساليب الأدبية، فخلال المراحل الأولى من عهد الدولة كان الأدب يستعمل جملاً قصيرة وذات معاني واضحة مبتعدًا عن التكلّف الأدبي أوفنون الخطابة من زخرفة لفظية أوترادف وتضاد وسجع وسواه، ومع ازدهار الدولة وظهور العدد الوفير من الأدباء والشعراء والقصاصة، أخذ تجميل النصوص والعناية بمفرادتها يصبح أمرًا شائعًا بل تحوّل في واقع الأمر، إلى منافسة بين الأدباء وسجالات في بعض الأحيان، كالسجال الذي نشأ أواخر القرن العاشر بين بديع الزمان الهمذاني والخوارزمي، وأحيانًا كانت السجالات تتخذ مواضيع معينة كالنقاش حول أفضلية الديك أوالطاووس أومنافع الكلب ومساوئه، أوإبداء الرأي في السجالات الدينية القائمة والصراعات بين المذاهب والمدارس المتنوعة، حتى شبه البعض تلك الفترة بالنقاشات السفسطائية. ومال عدد من النقاد السالفين والمعاصرين، إلى اعتبار التكلّف الأدبي رغم جماليته، نوعًا من أنواع الضعف حيث يغلب الشكل على المعنى، وتُحدّ الجمل بالقيود اللفظية والزخارف البديعية. وقد تراجع الأدب العباسي بدرجة كبيرة، خلال العصر المملوكي وزمن الخلافة العباسية في القاهرة.

وإلى جانب الأدب المكتوب، انتشر الأدب المحكي ومنه قصص ألف ليلة وليلة التي يندرج تحت إطارها جميع القصص الخيالية التي دونت بالعربية ومنها السندباد البحري وعلي بابا وعلاء الدين والمصباح السحري وغيرها من القصص التي كانت تروى في جلسات السمَر بشكل شفهي وتتناقل على ألسنة الحكواتية حتى تمّ تدوينها في القرن العاشر لمحاولة ضبط النص. ورغم أنتشارها في أوساط العامة غير حتى نصوصها كانت مزخرفة بمجملات العبارات ومطعمة بالأشعار المحلية، ويمكن حتى يدرج تحت هذا التصنيف الأدبي أيضًا قصص الزير سالم وعنترة بن شداد، وهي على الرغم من كونها قصص تاريخية حقيقية إلا أنه قد تم توسيعها وزخرفتها لتناسب الذوق العام. وعندما ترجمت إلى اللغات الأوروبية عام 1704 قصص ألف ليلة وليلة للمرة الأولى لاقت نجاحًا منبتر النظير وقد شرحها وعلّق عليها أكثر من محرر واستمرت دور النشر في أوروبا بإعادة طباعتها حتى 1838، ما دفع الناقدة رنا قباني لاعتبار قصص ألف ليلة وليلة وأدبها ثورة القرن الأدبي في أوروبا. بل وقد أثرت هذه القصص على الكتاب الأوروبيين نفسهم فظهر على سبيل المثال التشابه بين رواية كليوماد في فرنسا وسيرة «الحصان المسحور» العربية، ورواية بيير دوبروفانس المطابقة لسيرة «قمر الزمان» المندرجة ضمن أدب ألف ليلة وليلة أيضًا. ويرى عدد من النقاد حتى مجنون ليلى التي تندرج ضمن الأدب العباسي وتعكس علاقة الغرام بين قيس وليلى، قد اعتمد عليها ويليام شكسبير في مسرحيته "روميووجولييت". عملى الرغم من حتى المسعودي لم يجد لهذه القصص أي أهمية سوى التسلية الهابطة وذلك في كتابه «مروج المضى»، وكذلك ابن حاتم حين أشار إلى انتفاء قيمتها الأدبية، إلا حتى الأدب العباسي قد بلغ ذروة نجاحه عن طريقها، سواءً في الشرق أوفي الغرب.

وتشير رنا قباني حتى سبب نقد مثقفي العباسيين كالمسعودي وابن حاتم لهذا التيار الأدبي، يعود لانتشاره في أوساط العامة ولهجريزه على اهتماماتهم؛ فيغلب قصصه تناول جمال النساء ومكرهنّ وخبثهن، والإشارة إلى البذخ والثروات الطائلة. فهوأدبٌ موجه أساسًا لجمهور ذكوري وفقير. إلى جانب هذا النوع من الأدب انتشر في العصر العباسي أدب الرحلات، وأقبل الناس على هذا النوع الأدبي لما تضمنه من معلومات عن أقطار الدولة البعيدة أوحتى تلك تقع في الصين أوالهند، لفهم طرق حياتهم ومن كتاب أدب الرحلات الإدريسي الذي خط عن جنوب شرق آسيا في القرن الثاني عشر. ولم يكن أدب الرحلات دومًا أدبًا فهميًا دقيقًا فأدخلت عليه الأساطير والمبالغات التي استسيغت في المجتمع كأسطورة بلاد الواق واق والتي ذكر عنها ابن خرداذبة في القرن التاسع أنها كثيرة المضى حتى حتى أهلها يتخذون سلاسل كلابهم وأطواق قرودهم من المضى.

نحواللغة

شهد العصر العباسي تطورًا هامًا في بنية اللغة العربية. إذا أغلب الباحثين يعيدون نشأة النحوالعربي إلى أبوالأسود الدؤلي والذي كان أيضًا أول من وضع النقاط على الحروف في الأبحدية العربية، غير حتى التطور الهام للغة إنما تمّ خلال المراحل اللاحقة للدؤلي، خصوصًا في العصر العباسي، حيث اشتهر فيه أبرز النحاة كعيسى بن العمر الثقفي وأبوعمروبن العلاء والخليل بن أحمد وسيبويه الملقب "إمام العربية"، ويونس بن حبيب والكسائي مؤسس مدرسة الكوفة في النحو، والأصمعي والزمخشري وسواهم. وخلال هذا العصر، أعيد ترتيب الأبجدية بالشكل المتعارف عليه اليوم، بعد حتى كانت مرتبة وفق الترتيب التقليدي للغات السامية. كما ظهر التشكيل بالشكل المتعارف عليه اليوم، وذلك على يد الخليل بن أحمد الفراهيدي. سوى ذلك، فإن اختلاط العرب بالشعوب غير العربية والتفاعل الحضاري بين هذه الشعوب، أدى إلى دخول الكثير من المصطلحات غير العربية إلى هذه اللغة ومنها حدثة بيمارستان الفارسية الأصل والتي تعني المستشفى، وحدثة "عمق" العربية المنحوتة من عمل "عمقو" في السريانية. بل إذا ازدهار العلوم وتطور الآداب دفع إلى ظهور مصطلحات جديدة كالجوهر والحد والجبر والعنصر والترياق وسوها ما دفع البحتري للقول: «أراكم تتحدثون بكلامنا، في كلامنا، بما ليس في كلامنا». وهوما دفع أيضًا إلى ظهور المعاجم والقواميس الخاصة باللغة العربية، مستندة إلى القرآن والشعر الجاهلي بشكل رئيسي، وكان الخليل بن أحمد أول من جمع قاموسًا سماه «العين»، على حتى القواميس اللاحقة قد نالت شهرة أكبر ولا تزال مستعملة حتى اليوم، كلسان العرب لمؤلفه ابن منظور والقاموس المحيط للفيروزآبادي.

وقد أدى هذا الاختلاط أيضًا وبشكل تدريجي، إلى نشوء اللهجات المحلية في العربية خصوصًا خلال عهد الدولة المتأخر؛ ويعود سبب نشوء اللهجات واختلافها إلى اللغات التي كانت سائدة قبلاً، فتأثرت اللهجات الشامية والعراقية بالسريانية واللهجة المصرية بالقبطية أما لهجات المغرب العربي فقد تأثرت باللغتين الأمازيغية والبريرية.

العمارة

مئذنة مسجد المتوكل على الله في عاصمته سامراء، أحد أشكال العمارة العباسية.

اهتم العباسيون خلال عهود قوتهم بالناحية العمرانية عناية واضحة، فأنشؤوا عددًا من المدن الجديدة برمتها، ولعلّ أشهرها عاصمة الدولة بغداد ومن المدن الأخرى التي شيدها العباسيون سامراء والمتوكلية والرحبة في الجزيرة السورية وغيرها. كما قام العباسيون بإنشاء شبكة واسعة من الطرق والجسور خصوصًا في العراق حاضرة الخلافة، وشيدوا المدارس والجامعات والمستشفيات والحمامات العامة في المدن الكبرى وقد ذكر المؤرخ ابن جبير حتى في مدينة دمشق وحدها أكثر من مائة حمام، إضافة إلى التكايا التي تستضيف الفقراء والفنادق المخصصة باستقبال الغرباء عن المدينة؛ كما قام العباسيون بتزويد الطرق العامة سواءً في المدن أوخارجها بصنابير المياه بحيث يستطيع عابر السبيل حتى يرتوي من الطريق مباشرة.

تأثر فن العمارة العباسية بالعمارة العراقية القديمة خصوصًا الأشورية وكذلك العمارة الفارسية، ولعل تصميم بغداد بشكل دائري له أربع أبواب هوأحد أبرز أوجه التأثر بالعمارة الآشورية إذ إذا المدن التي بناها المسلمون سابقًا إما مربعة كالقاهرة أومستطيلة كالفسطاط، ومن العراق انتقل هذا النمط المعماري عن طريق الولاة والسلاطين إلى مصر وبلاد الشام. في حين يشكل استعمال الآجر والطين لبناء القصور بدلاً من الحجارة أبرز تأثرات العمارة العباسية بالعمارة الفارسية خصوصًا خلال العهد الساساني.

تمازجت مع العمارة فنون الزخرفة التي وصفها عدد من النقاد بأنها لغة الفن الإسلامي؛ وقد كانت زخرفة المساجد والقصور والقباب الميدان الأساسي لها، بأشكال هندسية أونباتية عهدتها أوروبا بالاسم الفرنسي «Arabesque» وتعهد اليوم بالزخرفة العربية، وقد انتشر هذا المصطلح في العالم العربي حديثًا للإشارة إلى الزخرفة العباسية، على حتى جذر الحدثة لغويًا يأتي بمعنى «التوريق». كما انتشر في العصر العباسي بنوع خاص الفن التجريدي رغم حتى نشأته كتيار فني تعود للعصور الحديثة، إلا أنّ العباسيين وخلال زخرفاتهم عملوا إلى عزل عنصر الزخرفة كالورقة أوالزهرة عن محيطها، أي عمد الفنان العباسي بتجرديها عن محيطها الطبيعي الذي يعطي إحساسًا بالذبول والفناء مانحًا إياها شعورًا بالداوم والبقاء. وإلى جانب الزخرفة النباتية، درجت زخرفة الأحرف العربية وازدهرت حتى أصبحت فهمًا قائمًا ممثلاً بعلوم الخط العربي، رغم حتى نشأته تعود لما قبل الإسلام. ومن أشهر أنواع الخطوط الخط الكوفي وخط الرقعة. وكذلك وعلى الرغم من عدم استساغة فهماء الدين المسلمين لتصوير الإنسان أوالحيوان، إلا حتى الخلفاء العباسيين قد اعتنوا بالأمر كما تدل جدران القصور المكتشفة في شرق الأردن وسامراء. ويصنف النقاد الزخرفة العباسية بكونها زخرفة «كارهة للفراغ»، إذ يقوم الفنانون برسم الزخارف من الحجم الكبير والمتوسط والصغير بحيث تملأ جميع الفراغات بزخارف ولوكانت متناهية في الصغر. كما اشتهر العباسيون الفسيفساء القادمة من الحضارة البيزنطية.

الموسيقى والغناء

يا ليل الصبّ متى غده، أقيام الساعة موعده،يا ترى؟ فيروز على يوتيوب
—القصيدة للشاعر أبوالحسن الحصري المتوفى عام 1095،

وهي ملحنة وفق طريقة «الموشحات الأندلسية»، أحد فروع الموسيقى العباسية.

العود أحد الآلات الموسيقية الرئيسية في «التخت الشرقي».

نطق ابن خلدون: «ما زال فن الغناء يتدرج عند العرب حتى كمُل أيام بني العباس». ويقول عدد من النقاد: إذا الموسيقى العربية في العصر العباسي بلغت ذروة مجدها من ناحيتي الأداء الغنائي وانتشار العلوم والبحوث والدراسات الموسيقية. واستمرت بغداد حتى منتصف القرن التاسع الميلادي مركزاً حيوياً تنبعث منه إشعاعات النهضة الموسيقية العربية. وقد اقترن تطور الموسيقى بحالة الرخاء الاقتصادي في الدولة خلال عهود قوتها من ناحية، وبدعم الخلفاء غير المنبتر لها منذ مؤسس الدولة أبوالعباس السفاح الذي أحب غناء سلمك الفارسي، مرورًا بالخليفة المأمون الذي كان يروقه بنوع خاص الغناء الإغريقي اليوناني وهومن أمر بترجمة الأصول النظرية للموسيقى إلى العربية فشكل بذلك أساس العلوم الموسيقية النظرية؛ وموسى الهادي الذي كان ابنه عبد الله مغنيًا ويجيد العزف على العود، وهارون الرشيد الذي أنفق ثروة في منح الجوائز للمغنين والملحنين، وكان الخليفة الواثق بالله حسب شهادة المؤرخ حماد بن إسحق الموصلي: بأنه أفهم الخلفاء بهذا الفن، وأنه كان مغنيًا بارعًا وعازفًا ماهرًا على العود. وقد لقي الفن من التشجيع والكرم في بلاطه ما يجعل المرء يظن أنه تحول إلى معهد للموسيقى، بدلا من كونه مجلسًا لأمير المؤمنين.

جارية تنقر على الدف في مجلس سمر.

وقد تمازجت الموسيقى العربية واختلطت، بأنواع الموسيقى السريانية والفارسية وشكلت معها مزيجًا متماسكًا حتى القرن العاشر، حين دخلت وبنتيجة وفود قبائل السلاجقة والأكراد الآلات النفخية، وأخذت تحلّ مكان الآلات الموسيقية الوترية التي كانت العماد الرئيسي للموسيقى العربية، ما دفع عدد من المؤرخين لإبداء استيائهم من هذا التغير. وقد دوّن لنا المؤرخون عددًا من أبرز الفنانين والملحنين الذين تألقوا خلال العصر العباسي في مجالس خلفاء العصر العباسي الأول، وهم: حكم الوادي، وإبراهيم الموصلي، وابن جامع، ويحيى المكي، زلزل، ويزيد حوراء، وفليح بن أبي العوراء، وعبد الله بن دحمان، والزبير بن دحمان، وإسحاق الموصلي، وبرهوم، ومحمد الرف، وزرياب وقمر البغدادية، إلى جانب آخرين. والفن العباسي سابق للفن الأندلسي الممثل في الموشحات الأندلسية وسواها، بل إذا المؤرخين والنقاد يجعلون من الفن الأندلسي متأثرًا بالفن العباسي وكذلك الفن الموسيقي المغربي.

وبنتيجة هذا الاهتمام بالموسيقى ومجالس الطرب، نشأت العلوم الموسيقية فقام الكندي في كتابه «رسالة في خبر تأليف الألحان» باستعمال الحروف والعلامات في تدوين الألحان منشئًا بذلك النوطات، و«كتاب الموسيقى الكبير» للعالم والفيلسوف الفارابي، و«كتاب الأغاني» للأديب أبي الفرج الأصفهاني وقد أهداه لسيف الدولة الحمداني، وكتاب «الأدوار» لصفي الدين الحلي والذي يقول الناقد كروسلي هولاند أنه كان الأساس لجميع ما تبعه من مؤلفات تتناول الجوانب الفهمية في الموسيقى أوالتحلين، وكذلك تطرق ابن سينا الطبيب المعروف في كتابه «الشفاء» لدور الموسيقى في العلاج وأنواع الموسيقى الملائمة لها.

على أنه قد اقترنت مجالس الطرب عادةً بخلاعة جنسية تقوم بها إماء الخليفة أوالسلطان، وكذلك بشرب الخمور، وكلا الأمرين مما لا تبيحهما الشريعة الإسلامية؛ هذا ما دفع عددًا من الفقهاء وفهماء الدين إلى تحريم الموسيقى والغناء، ومضى الباحث رضا العطار بإن أغلب الفقهاء العباسييين حرّموا الموسيقى والغناء وكان أشدهم بذلك أنس بن مالك حتى اعتبر حتى الإنسان لوترنّم لنفسه في خلوته فذلك خطيئة، ويشير العطار حتى أبوحامد الغزالي كان الوحيد ممن أشار صراحة إلى عدم تحريم الشريعة الإسلامية للغناء.

العلوم

العلوم العامة

العالم القديم كما رسمه الإدريسي. كان الشمال في ذلك العصر يرسم أسفل الصورة؛ لاحظ التشابه في الحدود العامة بين الخارطة التي تعود للقرن الثاني عشر والخرائط الحالية.

لم يكن لدى العرب في شبه الجزيرة العربية علومًا متنوعة، ولم يركز الأمويون اهتماماتهم على مجالات متنوعة في العلوم، لذلك فإن تأسيس الفهم العربي عمليًا يعود للعصر العباسي، معتمدًا في البداية على ترجمة أعمال الفلاسفة والفهماء اليونان كأرسطووأفلاطون، وذلك بدعم من الطبقة الحاكمة. وفي الفترة الثانية أصبح الفهماء العباسيون يضيفون ويبتكرون في العلوم النظرية والتقنية على حد سواء. خلال تلك الفترة، كان الجهل والأمية متفشيان في أوروبا بشكل مريع، ولولا جهود الخلفاء وحاشيتهم لكان الفهم الإغريقي القديم قد اندثر تمامًا. يقول في هذا الصدد المؤرخ الفرنسي لومبادر في كتابه «الإسلام في فجر عظمته» الصادر عام 1973 أنه بينما نست أوروبا العلوم، ظل العرب في جامعاتهم يدرسون إقليدس وفيزياء العناصر ومخروطيات أبولونيوس وأرخميدس وبطليموس، ما أدى إلى تحول العربية إلى لغة العلوم العالمية، فأنتج العباسوين فهماءً في الفلك وعلوم الطبيعة والفيزياء والطب ورياضياتيين يصفهم المؤرخ نفسه بأنهم «من الطراز الأول». وقد شاطره ذلك الرأي المؤرخ الفرنسي رونان حيث صرّح: إنّ الفهم حقًا أحد مؤسسات الحضارة الإسلامية، ولم يقم محسنون بتشجيعه فقط، بل إذا الخلفاء قاموا بتأسيسه وتنميته. وتجدر الإشارة إلى حتى أمويي الأندلس قد قاموا أيضًا بتشجيع العلوم، وعن طريق قرطبة، أكثر مما هوعن طريق بغداد انتقلت هذه العلوم نحوأوروبا، باستثناء فترة الحروب الصليبية والسفارات المتبادلة قبلها. وساهمت هذه العلوم لدى انتنطقها في بناء الحضارة الإنسانية الحديثة. ويقول ألكسندر كويريه في هذا الصدد: إن العرب في بغداد وقرطبة كانوا مفهمي الغرب ومربيه. لأنه لم يترجم العرب أعمال اليونان الفلسفية والفهمية إلى العربية وفقط، بل أضافوا إليها مؤلفات برمتها. ولأنه لم يكن هاك في الغرب إنسان يمكنه حتى يفهم خطًا لها صعوبة فيزياء أوماورائيات أرسطوأومؤلف بطليموس «المجسطي». فاللاتينيون بمعزل عن عون الفارابي وابن سينا وابن رشد بشروحهم وتعليقاتهم على هذه المؤلفات، لم يكن ليصلوا يومًا إلى فهم تلك الخط.

غير حتى لومبادر وكويريه، وكذلك جورج مينوا قد أشاروا إلى انهيار شبه تام للعلوم في الدولة العباسية منذ القرن العاشر، ذلك لا يعود فقط لتدهور الاستقرار السياسي وتراجع حال المعيشة، بل لبروز تيارات دينية متشددة استطاعت السيطرة على القصر وأثرت على العلوم بشكل سلبي، وإحدى هذه التيارات كما اتفق المؤرخون الثلاثة المدرسة الحنبلية التي ركزّت على سلبية التعاطي مع أي فهم أوكتاب غير القرآن والسنة، ونحا بعض فهمائها لاعتبار فلسفة ذلك الزمان زندقة، واتى في إحدى أدبيات الحنابلة: لا تفرط في دراسة الكواكب، إلا لمساعدتك على تحديد ساعات الصلاة. لا أكثر من هذا. ويضيف كويريه حتى الفكر العقلي الجدلي الذي كان أحد أبرز مميزات الحضارة قد تراجع مع السلاجقة واختفى مع الاجتياح المغولي وبالتالي كفّ العرب عن البحث والتحديد واكتفوا بالنقد والتقليد.

تشريح العين لحنين بن اسحق من كتابه «المسائل في العين».

ومن أبرز المنجزات الفهمية في العصر العباسي، رسم أول خارطة للعالم بأسره على يد الإدريسي المولود في سنة 1100 وقد ظلّ كتابه «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق»، كتاب الجغرافيا الأول في الشرق والغرب. ومن الفهماء العباسيين البارزين أيضًا، ابن الهيثم المولود عام 965 والذي ألف مائتي كتاب في الطب والفلسفة والرياضيات والفيزياء ولعلّ خطه حول الأشعة وانكسارها وانعكاسها أبرز ميادين كتابته، وقد حاز مؤلفه «المناظر» الذي تفهم به الأشعة شهرة عالمية. ويعود له أيضًا عدد من الابتكارات كصقل العدسات المحدبة والمقعرة. وأيضًا عبد الله البتاني الذي ولد في الرقة وعاش بها عام 850، واشتهر بفهم الرياضيات حيث أكمل تنسيق الزوايات خصوصًا الجيب وجيب التمام والظل، وناقش نظريات بطليموس حول الكواكب وزاد عليها في كتابه «تعديل الكواكب» وكتابه «زيج البتاني». هناك أيضًا ابن سينا المولود في بخارى عام 981 وله مؤلفات في مواضيع شتى أجلّها «القانون في الطب» وهوموسوعة تحتوي خلاصة ما توصل إليه الإنسان في هذا المجال، وقد ظل متداولاً ومتدارسًا في مختلف أصقاع العالم حتى القرن السادس عشر. وفي مجال الصيدلة برز ابن البيطار الذي ولد في الأندلس عام 1197 وطاف أوروبا واستقر في دمشق إلى حتى توفي عام 1248، وساهمت رحلاته في معهدته أنواع النباتات وهجريب عقاقير طبية منها. وقد ألف ابن البيطار عددًا من الخط أبرزها «الجامع في المفردات الطبية»، ويعتبر من رواد طريقة الاستنباط الفهمية، إلى جانب جابر بن حيان العالم الكيميائي الذي نال دعم هارون الرشيد وأسس وتلامذته منهج التجربة في العلوم.

وهناك أيضًا الكندي وهومن أبرز الفلاسفة، والرازي الذي كان له مؤلفات طبية أبرزها «الحاوي» ومؤلفات فلكية ناقش خلالها كروية الأرض وعدم تمركزها في قلب العالم؛ كما اشتهر فهم التاريخ وفق الروايات المتناقلة ومن المؤرخين ابن كثير والمقريزي، وانبثق منه فهم أنساب العرب وتدوين سير أعلامهم ومن الخط الهامة في هذا الصدد كتاب «وفيات الأعيان» لابن خالكان. ومن العلوم التي نشأت أيضًا في كنف العباسيين، فهم الجبر، وكذلك فقد ابتكر الخوارزمي أول لوغاريتم في العالم. ولم يقتصر الأمر على المسلمين، إذ برز الكثير من الفهماء غير المسلمين كثيوفيل بن توما الذي شغل منصب كبير فهماء الفلك لدى الخليفة، وقيس الماروني المؤرخ الذي وضع مؤلفًا أرخ به تاريخ البشرية منذ خلق آدم وحتى خلافة المعتضد، وجرجس بن بختيشوع المولود عام 771 وجبريل بن بختيشوع تلميذه المولود عام 809 وهم أبناء أسرة مسيحية من الأطباء والفهماء وحنين بن إسحاق وابن اخته حبيش بن الأعسم، وعبد المسيح الكندي من القرن التاسع ويوحنا بن ماسويه والذي كان وأبيه قبله، مدير مشفى دمشق خلال خلافة هارون الرشيد، وغيرهم. وفي الواقع، فإنه من الصعب حصر جميع فهماء العباسيين ومؤلفاتهم لكثرتها وتنوعها.

الترجمة

إحدى مخطوطات بيت الحكمة المترجمة إلى العربية.

اهتمّ العباسيون بترجمة الخط والمخطوطات القديمة إلى العربية، فشكل ذلك بداية الثورة الفكرية والحضارية في العصر العباسي. كان العرب يجهلون اللغة اليونانية التي دونت بها أغلب المؤلفات الفهمية القديمة أمثال أرسطووأفلاطون وغيرهما، ومع اهتمام الخلفاء خصوصًا أبوجعفر المنصور وهارون الرشيد وابنه المأمون بالعلوم، عهدوا بعملية الترجمة إلى السريان وبشكل أقل الفرس. وقد كانت الترجمات تتم على مرحلتين، من اليونانية إلى السريانية ومن السريانية إلى العربية. كذلك فقد نقل العرب، الأدب السرياني بكامله إلى لغتهم وقد اعترف المؤلّفون العرب القدماء، كابن أبي أصيبعة، والقفطي، وابن النديم والبيهقي، وابن جلجل وغيرهم، بقصّة غزوالعرب للأدب السريانيّ والمؤلّفات التي ترجمت عن السريانيّة إلى العربيّة في أراتى الدولة العباسيّة والأندلس:

«ازدهرت الترجمة على أيدي السريان في الفترة الواقعة بن عاميّ 750-900. فقد عكفوا على ترجمة أمّهات الخط السريانيّة واليونانيّة والفارسيّة إلى العربيّة، وكان على رأس أولئك المترجمين في بيت الحكمة "حنين بن إسحاق" الطبيب النسطوريّ، فقد ترجم إلى اللغة السريانيّة مائة رسالة من رسائل جالينوس، وإلى العربيّة تسعاً وثلاثين رسالة أخرى، وترجم أيضاً خط المقولات الطبيعيّة والأخلاق الكبرى لأرسطو، وكتاب الجمهوريّة، وكتاب القوانين والسياسة لأفلاطون، فكان المأمون يعطيه مضىاً زنة ما ينقله من الخط. وقام ابنه اسحق في أعمال الترجمة أيضاً فنقل إلى العربيّة من خط أرسطوالميتافيزيقيا والنفس وفي توالد الحيوانات وفسادها، كما نقل إليها شروح الإسكندر الأفروديسي وهوكتاب كان له أثر كبير في الفلسفة الإسلاميّة. وكان قسطا بن لوقا يشرف على الترجمة من اللغات اليونانيّة والسريانيّة إلى العربيّة. وقد أقام المأمون يوحنا بن البطريق الترجمان أميناً على ترجمة الخط الفلسفيّة من اليونانيّة والسريانيّة إلى العربيّة، وتولّى خط أرسطووأبقراط. ولم يكن الخلفاء وحدهم يهتمّون بالترجمة والنقل إلى العربيّة بل نافسهم الوزراء والأمراء والأغنياء، وأخذوا ينفقون الأموال الطائلة عليها، فيقول ابن الطقطقي: إذا البرامكة شجعوا تعريب صحف الأعاجم حتى قيل حتى البرامكة كانت تعطي المعرّب زنة الكتاب المعرّب مضىاً. وبالغ الفتح بن خاقان في إنفاق الأموال على الترجمة والتأليف. وكان عبد الملك بن الزيات لا يقل عنه سخاء في هذا المجال. »

بسبب هذا النشاط، ينحوعدد من الباحثين لاعتبار النشاط السرياني وما رافقها من حركات ترجمات، عنصر أساسي من عناصر خلق "الحضارة العربية"، وساهم ذلك، في الوقت نفسه بإحلال العربية كلغة تخاطب بين السريان بدلاً من السريانية، وذلك في العراق على وجه الخصوص، غير حتى هذه العملية لن تنتهي قبل القرن الثالث عشر.

الاقتصاد

برج مراقبة في منقطة غونسوفي الصين، لمراقبة القوافل التجارية التي تعتبر طريق الحرير وحمايتها. وهوواقع في الجزء الصيني من الطريق.

النظام الاقتصادي في الدولة العباسية، كأي نظام قبل الثورة الصناعية هونظام إقطاعي وقوامه الزراعة. وقد كانت الأراضي الخصبة مقسمة إلى أربع قطاعات: أراضي الدولة التي تعود أرباحها مباشرة للخليفة أوالسلطان أوكبار قادة الجيش، وأراضي الأوقاف التي كانت تشكل ممولاً أساسيًا للمساجد والمدارس الفقهية، وأراضي الإقطاعيات الخاصة حيث تكون مملوكة لمتنفذي المدن ووجهائها، مع وجود نوع رابع قليل الانتشار تمثّل في الملكية الخاصة للأفراد.

كان الفلاحون يعملون كعبيد أوأقنان لدى ملاك الأراضي ويستقرون في قرى صغيرة تبنى بالقرب منها، ويقتاتون من حصتهم من غلال الأرض؛ وإذا ما احتاجوا شيءًا كانوا يشترونه من الباعة المتجولين أوأسواق المدن القريبة، فالحياة القروية كانت مستقرة ومزدهرة وكان يعيقها انعدام الأمن خصوصًا خلال عهود ضعف الدولة، إذ تعرضت الإقطاعيات للغزووالتخريب سواءً من دول مجاورة أومن قطاع الطرق. وقد حاولت الدولة خلال عهد القوة السيطرة على الوضع من خلال توجيهات موسى الهادي وهارون الرشيد؛ وخلال فترات انعدام الأمن أخذ سكان القرى بالنزوح نحوالمدن ما أثر على الاستقرار الاقتصادي.

سوق قصب السكر: عهد العباسيون صناعة السكر منه، وخلال الحملات الصليبية انتقلت الصناعة إلى أوروبا.

أما الصناعة، فكانت بجزء منها تعتمد على الزراعة، كصناعة السكر المستخرج من قصب السكر خصوصًا في مصر والأحواز، أوصناعة المواد الغذائية من مشتقات الحليب وترويجها في المدن، أما الصناعات غير المعتمدة على الزراعة، فكان هناك الصناعات الحربية كالسيوف أونسج الحرير والصوف والكتان وأنواع الأقمشة الأخرى وازدهرت بنوع خاص حياكة السجاد في إيران وبلاد الشام وصناعة الزجاج وزخرفته وإنتاجه بأشكال فنية، وصناعة الورق التي انتقلت من الصين إلى بغداد عن طريق سمرقند على يد يحيى البرمكي وفي خلافة هارون الرشيد، والفخاريات والنحاسيات المتنوعة، فضلاً عن صناعة السفن.

بقايا سوق الغزال، وتظهر في الصورة مئذنة مسجد الخليفة، والذي يعود بناءه لعهد المكتفي بالله (901 -907)، وقد دعي هذا السوق لاحقًا باسم "البازار".

ويمكن التمييز بين نوعين من المدن، المدن الكبرى كحلب والقاهرة والمدن الأصغر حجمًا وأقل أهمية كطرابلس؛ أما كبرى المدن فكانت بغداد وقد وصل عدد سكانها في القرن التاسع إلى مليون نسمة، لتكون أكبر مدينة في العالم. وكان في المدن الصغرى السوق مختلطًا لجميع أنواع السلع، أما في المدن الكبرى فكان هناك عدة أسواق: كسوق الوراقين وسوق النجارين وسوق الخضار وسواها، ويشرف على جميع سوق مجموعة من العمال يشرفون على نظافة السوق، والتأكد من عدم غش التجار بالموازين ويشرفون على الآداب العامة، مع تخصيص أماكن لبيع الخمور وغيرها من منكرات الشريعة الإسلامية. كما نظم عمال الصناعة أنفسهم فيما دعي «الطوائف الصناعية» وهي أشبه بالنقابات في عصرنا الحالي، ومهامها الحفاظ على حقوق العاملين في المهنة، وتشرف على تعليم الراغبين بامتهانها أصول المهنة. ومع تراجع وضع الدولة الاقتصادي ازداد الفقر والفاقة ولم تستطع التكايا المخصصة لرعاية الفقراء من أداء واجباتها كما كانت في السابق، وتشير الأدبيات العباسية بعد القرن التاسع إلى انتشار الفساد والرشوة حتى في سلك القضاء. من مسببات الانهيار الاقتصادي تكلفة الحروب المتواصلة سواءً بين السلاجقة أنفسهم أومع الصليبيين، وسوى ذلك فقد ضرب القحط والجفاف العراق وبلاد الشام فترة طويلة وزلزلت المنطقة عدة مرات بهزات أرضية، ومحصلة القول فإن ضعف الدولة العباسية كان في أحد شقوقه اقتصاديًا.

مساحة الدولة المترامية الأطراف، وتمركزها في قلب العالم القديم، جعل من أراضيها معبرًا تجاريًا وممرًا لقوافل البضائع بين الشرق الأقصى وأوروبا، ولعلّ طريق الحرير الذي يعود لفترة قبل الميلاد أشهرها وقد اشتهر بتجارة التوابل والعطور، والطريق الجنوبي نحوأفريقيا حيث كان التجار يسوقون بضائعهم لقاء الحصول على المضى التي اشتهرت به تلك الأصقاع خصوصًا مملكة غانا وقبائل السودان الوثنية، كما نشطت خلال هذا الطريق تجارة الرقيق، وقد ارتبطت الدولة العباسية بعلاقات جيدة مع الممالك المتعاقبة في أثيوبيا حاليًا وأشهرها مملكة النوبة، والتي سمحت للعباسيين التنقيب عن المضى والزمرد في أراضيها، كما كان هناك طريق تجاري بحري يربط البصرة جنوب العراق بالساحل الإيراني ومنه نحوالهند والصين وكانت الرحلة به تستغرق ستة أشهر. كانت الدولة تفرض أتاوات على القوافل، ما أمّن لها بترًا نقديًا ثابتًا للخزينة، غير أنه في زمن الخلافة العباسية في القاهرة، اكتشف البرتغاليون رأس الراتى الصالح، وتحولت مع الاكتشاف الجديد طرق التجارة صوب نصف الكرة الجنوبي، ما عنى آنذاك فقدان الدولة مسقطها كمتحكم بالطرق التجارية، ما أدى إلى زيادة الوضع الاقتصادي خلال العهد المملوكي تدهورًا. وعمومًا فإن العهد المملوكي لم يتميز قط بازدهار اقتصادي، ويضرب المؤرخون مثالاً على ذلك بأن سكان مصر وبلاد الشام قد انخفض إلى الثلث عما كان الوضع عليه قبل استلام المماليك للسلطة. يعود ذلك بشكل رئيسي للفساد المالي واحتكار الثروة والصراعات بين المماليك أنفسهم، فهمًا حتى المماليك قد تمتعوا باستقرار سياسي بعد هزيمة المغول عام 1261 وجلاء الصليبيين عام 1291.

العملة الرسمية هي الدينار، وهومطبوع من معدني المضى والفضة، وكان ولاة الأمر يعمدون إلى خلطه بالقليل من النحاس أوالبرونز بهدف طباعة كميات أكبر من النقد؛ ونظام الضرائب ممأسس وفق الشريعة الإسلامية من خراج وعشور وزكاة، وفي بعض الأحيان كان السلاطين أوالخلفاء يفرضون ضرائب استثنائية لم تنص عليها الشريعة، ما تسبب باعتراض الفقهاء ومنها المكوس؛ وعمومًا فإن الضرائب الإسلامية كانت في الغالب تجبى سنويًا أما المكوس فتجبى شهريًا. أما إنفاق أموال الدولة فكان وفق رؤية السلاطين أوالخلفاء، عملى الرغم من حتى الشريعة قد نظمت طرق الجباية غير أنها لم تنظم طرق الإنفاق، ما ساهم بارتباط طرق الإنفاق بشخصية الحاكم وحاشيته؛ إذا كان مصلحًا ملتزمًا أنفق المال في خدمة الدولة وتحسين مرافقها أوأهمل الأمر كليًا أوجزئيًا، وقد نقل عن نفقات قصور الخلافة بأنها كانت تشكل ثلث واردات الدولة في بعض العهود.

إحدى مصادر الدخل كانت الغزوات، فقد اعتاد العباسيون في عهود القوة تسيير غزوة جميع صيف نحوالتخوم والثقور، ودعيت هذه الغزوات بالصوائف؛ والهدف منها لم يكن توسيع رقعة الدولة بقدر ما كان كسب غنائم وكميات نقد جديدة سواءً عن طرق الصلح بفرض الجزية أوعن طريق الاستيلاء على مقدرات الأماكن المقصودة ونهبها. يمكن ملاحظة ذلك، بأن مساحة الدولة لم تتسع حتى في عهود القوة، كما هوالحال في الدولتين الراشدية والأموية من قبلها والعثمانية من بعدها. مك

المجتمع

سوق لتجارة الرقيق في اليمن خلال القرن الثالث عشر.

المجتمع العباسي كان مقسمًا من ناحيتين، الأولى الناحية الديينية حيث يوجد عامة المسلمون ومن ثم الموالي وهم العبيد المعتقين المسلمين، ومن ثم أهل الكتاب وهم عموم رعايا الأديان التي اعترفت بها الشريعة الإسلامية، وأخيرًا الرقيق وهم العبيد والجواري الذين كانوا يباعوا ويشتروا أويأسروا في عهد الدولة العباسية. أما الناحية الثانية التي صُنف المجتمع خلالها هي الطبقة الاجتماعية على رأسها طبقة الحكام والتي تضم الخلفاء والأمراء والسلاطين والولاة والوزراء وقادة الجيش، وقد تميزت هذه الحقبة بالثراء والبذخ وتذوق الفنون. أما الطبقة الثانية هي طبقة فهماء الدين والفقهاء، الذين كانوا يشكلون أساس النظام القضائي والفقهي والتعليمي بشكل كبير خلال عهود ضعف الدولة. أما الطبقة الثالثة فهي طبقة التجار، وهم بدورهم يقسمون إلى تجار كبار، وغالبًا ما كانت تجارتهم تقوم على الرقيق أوالمجوهرات وغيرهما، ولهؤلاء علاقة وثيقة مع طبقة الحكام؛ والتجار الصغار ويندرج في إطارهم الحرفيين والصناع وأرباب المهن، والذين كانوا العصب الرئيس لحياة المدن. إلى جانب الطبقة الرابعة والتي تضم الفلاحين الأقنان والعبيد، ويضيف بعض الباحثين طبقة أخرى ممثلة بجند الجيش، إذ كانت مهمة الجندية أشبه بمهمة دائمة آنذاك.

كأي مجتمع أهلي، كانت العائلة تعتبر الركيزة الأساس للمجتمع العباسي. يرأس الأسرة كبيرها، ومن حوله زوجاته وأولاده وفي بعض الأحيان أحفاده، إذ إذا الأولاد غالبًا ما يتزوجون في منازل آبائهم، ويعملون في مهن آبائهم ما أدى إلى تخصص العائلات بمهنٍ معينة. أما المرأة في العصر العباسي، يمكن تمييز دورها في حقبتين، الحقبة الأولى نرى آثارًا عديدة لها في الحياة العامة فاشتهرت عدد من المغنيات والشاعرات والأديبات بل والسياسيات كخيزران وزبيدة زوجتا هارون الرشيد واللتين ساق لهما الباحث محمد خريس دورًا أساسيًا في «جعل عصر الرشيد أزهى عصور العهد العباسي»، ويرى عدد من الباحثين حتى انتشار الخلاعة في قصور الخلفاء وأثرياء المجتمع، قد أثر سلبًا على وضع المرأة الاجتماعي خلال تلك الفترة. وفي الفترة الثانية انكفأت المرأة من حديث نحوالمنزل، وأما على صعيد القصر، فقد برزت عدة نساء أيضًا كزوجة المقتدي «شمس النهار»، على ما روى ابن الأثير، وكذلك زوجة طغرل بك والتي «كانت سديدة الرأي فوّضها زوجها أمره في كثير من الأمور فكانت على أحسن تدبير».

الالتزام بالشريعة ومنكراتها، كان متفاوتًا بدوره، فالمجتمع العباسي أساسًا، مجتمع متدين غير حتى الحانات ومجالس السمر العامة ومناطق بيع المشروبات الكحولية كان موجودًا خصوصًا في المدن الكبرى، حيث هناك اختلاط بين مسلمين وغير مسلمين، ممن تبيح شرائعهم الخمر وغيره. يقول الباحث والمفكر المصري قاسم أمين في كتابه «تحرير المرأة» حتى عادة النقاب قد ظهرت وانتشرت في العصر العباسي، تأثرًا من المسلمين بزرداشتيي فارس، وأنه انحصر انتشارها بين نساء المدن والطبقات العليا وليس بين الفلاحات في الريف؛ كذلك فقد ندد أمين بعزل النساء في «الحرملك» معتبرًا أنها عادة عباسية أيضًا. آراء أمين ومن تبعه في هذا الرأي تعتبر محمل نقد من الباحثين المسلمين الآخرين الذي يؤكدون حتى النقاب قد ظهر منذ عهد النبي محمد، وله ركائز في القرآن والحديث النبوي.

كان الفهم متاحًا في المساجد والمدارس خلال عهود القوة واحتضنت بغداد عددًا من أشهر جامعات العالم وأقواها، غير أنه خلال عهود الضعف فإن قلة من الناس فقط كانوا يرسلون أولادهم إلى المساجد لتلقن العلوم، وغالبًا ما كان يكتفى بأكبر أبناء الأسرة؛ ولم يكن الفهم في المساجد وهوما يطلق عليه عامة اسم «كتاتيب» يكفي سوى لتحفيظ القرآن وانطلاقًا منه تعلّم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب.

انظر أيضًا

مصادر

هوامش

  1. ^ أختر, محمد وجيد. "عشرة أشياء لا تعهدها عن الكعبة". MuslimMatters.org. شؤون المسلمين. مؤرشف من الأصل في 29 سبتمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 1 أغسطس 2015.
  2. ^ أبوسلمى الخلال، مسقط الحكواتي، 1 آذار 2011.
  3. ^ المصور في التاريخ، الجزء السادس. تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان، دار الفهم للملايين، صفحة 6-8
  4. ^ طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1436هـ - 2015م). تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشَّام (الطبعة الرابعة). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 93. ISBN .
  5. ^ ابن عبد الظاهر، مُحيي الدين أبوالفضل عبد الله بن رشيد الدين السعدي المصري; تحقيق ونشر: عبدُ العزيز الخويطر (1976). الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر. صفحة 100.
  6. ^ أسباب سقوط الدولة الأموية، مسقط المرجع محمد مدرسي، 22 شباط 2011.
  7. ^ سقوط الخلافة الأموية، سيرة الإسلام، 22 شباط 2011. نسخة محفوظةسبعة مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  8. ^ مضى إلى هذا الرأي جواد العلي في كتابه «تاريخ العرب في الإسلام»، وأحمد أمين في كتابه «فجر الإسلام» والمستشرق كارل بروحدثان في كتابه «تاريخ الشعوب الإسلامية» وعلي حسين خريوطلي في كتابه «عشر ثورات في الإسلام» وأحمد عباس صالح في كتابه «اليمين واليسار في الإسلام»؛ انظر سوريا خلق دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.160
  9. ^ الدعوة العباسية ودورها في نهاية الدولة الأموية، بحوث ودراسات، 22 شباط 2011.
  10. ^ خلافة أبوالعباس السفاح، موسوعة الأسرة المسلمة، 22 شباط 2011.
  11. ^ أبوجعفر المنصور، الحاكم الجاد، مسقط أسرة باوزير العباسية الهاشمية، 22 شباط 2011.
  12. ^ حضارة وادي الفرات، عبد القادر عياش، دار الأهالي، دمشق 1996، ص.270
  13. ^ خلافة أبي جعفر المنصور، الموسوعة المسلمة، 22 شباط 2011.
  14. ^ حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.270-271
  15. حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.275
  16. ^ هارون الرشيد والعصر المضىي للدولة العباسية، مسقط أسرة آل باوزير، 24 شباط 2011.
  17. ^ خلافة هارون الرشيد، سيرة الإسلام، 24 شباط 2011. نسخة محفوظة 19 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  18. ^ عبد الله المأمون، موق أسرة آل باوزير، 24 شباط 2011.
  19. ^ الفكر السرياني وأثره على الفكر العربي، مسقط كنيسة القديسة تريزا في حلب، 24 شباط 2011. نسخة محفوظة 15 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  20. ^ خلق القرآن وقدمه، إسلام أون لاين، 24 شباط 2011. نسخة محفوظة 15 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  21. ^ ثورة بابك الخرمي، الموسوعة العربية، 24 شباط 2011.
  22. ^ ثورة الزط، الموسوعة العربية، 24 شباط 2011.
  23. ^ الدول والإمارات التي استقلت عن الدولة العباسية، تاريخ الإسلام، 25 شباط 2011.
  24. ^ الخلافة العباسية بين القوة والضعف والاستقواء، مسقط مستغانم، 25 شباط 2011. نسخة محفوظةعشرة ديسمبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
  25. ^ سوريا خلق دولة، مرجع سابق، ص.157
  26. ^ الواثق والمتوكل، مسقط محافظة ريف دمشق، 25 شباط 2011.
  27. ^ الشيعة في العصر العباسي، شبكة الشيعة العالمية، 25 شباط 2011. نسخة محفوظة 1 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  28. ^ اتى في الكامل في التاريخ - ابن أثير، مسقط الإيمان، 25 شباط 2011: في هذه السنة أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي وهدم ما حوله من المنازل والدور وأن يبذر ويسقى موضع قبره وأن يمنع الناس من إتيانه فنادى عامل صاحب الشرطة بالناس في تلك الناحية: من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة حبسناه في المطبق! فهرب الناس وهجروا زيارته وحرث وغرس. نسخة محفوظةخمسة أبريل 2020 على مسقط واي باك مشين.
  29. ^ سوريا خلق دولة، مرجع سابق، ص.158. يمكن أخذ فكرة عن الاضطهاد الذي سقط خلال خلافته على أقباط مصر على الاضطهاد الديني وتمييز الأقباط من خلال الزي الإسلامي، تاريخ الأقباط، 25 شباط 2011. نسخة محفوظة 15 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  30. ^ ثورة الزنج، صوت الإسلام، 25 شباط 2011. نسخة محفوظة 13 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  31. ^ عصر المنتصر والمستعين بالله، سيرة الإسلام، 28 شباط 2011. نسخة محفوظة 17 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  32. تاريخ الدولة العليّة العثمانية، محمد فريد بك المحامي، تحقيق إحسان حقي، طبعة تاسعة، بيروت 1982، مقدمة في من ولي الخلافة قبل بني عثمان، ص.49
  33. ^ مقتل الخليفة العباسي المعتز بالله، مفكرة الإسلام، 28 شباط 2011. نسخة محفوظةعشرة مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  34. ^ ثورة الزنج في البصرة، شبكة حنين، 28 شباط 2011. نسخة محفوظة 28 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  35. ^ الخليفة المكتفي بالله، مخطة الإسلام، 28 شباط 2011. نسخة محفوظة 24 فبراير 2020 على مسقط واي باك مشين.
  36. ^ عبد الله بن المعتز، خليفة ليوم وليلة، مخطة البيرة، 28 شباط 2011.
  37. ^ سوريا خلق دولة، مرجع سابق، ص.158
  38. ^ الإمارة، الموسوعة العربية، 28 شباط 2011.
  39. ^ الدولة الحمدانية في الموصل وحلب، مسقط النبأ، 28 شباط 2011.
  40. ^ معز الدولة البهويهي، الموسوعة العربية، 28 شباط 2011.
  41. ^ خلافة الطائع لله، مسقط هدي الإسلام، 28 شباط 2011. نسخة محفوظة 25 فبراير 2020 على مسقط واي باك مشين.
  42. ^ أبوالحارث البساسيري، الموسوعة العربية، 28 شباط 2011.
  43. ^ من أوربان الثاني إلى جورج بوش الثاني، أمير الصوّا، دار الينابيع، دمشق 2004، ص.28
  44. ^ أخبار الدولة السلجوقية. صدر الدين الحسيني. ت. محمد اقبال. دار الآفاق الجديدة: بيروت 1984.
  45. ^ الدولة السلجوقية، سيرة الإسلام، 1 آذار 2011. نسخة محفوظةثمانية مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  46. ^ كتاب «دولة السلاجقة: وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزوالصليبي» لعلي محمد الصلابي، الطبعة الأولى 2006، دار الفهم بيروت - لبنان.
  47. ^ ملكشاه السلجوقي، مسقط حكواتي، 1 آذار 2011.
  48. ^ خلافة المستظهر بالله، مسقط هدي الإسلام، 1 آذار 2011. نسخة محفوظة 25 فبراير 2020 على مسقط واي باك مشين.
  49. ^ سوريا خلق دولة، مرجع سابق، ص.162
  50. ^ المسترشد بالله، مسقط حنين،ستة آذار 2011. نسخة محفوظة 28 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  51. ^ أمير المؤمنين الراشد بالله، إسلام ويب،ستة آذار 2011.
  52. ^ الأيوبيون، اكتشف سوريا، ثلاثة آذار 2011.
  53. ^ أمير المؤمنين الناصر لدين الله، مسقط بني العباس، ثلاثة آذار 2011.
  54. ^ الدولة الأيوبية، مسقط الأسرة المسلمة، ثلاثة آذار 2011.
  55. ^ الجامعة المستنصرية، مسقط آل باوزير، ثلاثة آذار 2011.
  56. ^ خلافة المستنصر بالله، مسقط هدي الإسلام، ثلاثة آذار 2011.
  57. ^ سقوط الدولة الأيوببية وقيام السلطنة المملوكية، مسقط تاريخ مصر،ستة آذار 2011.
  58. ^ ناشيونال جيوكرافيك، إصدار جامعة ميتشيغن، عدد191\1997: «في عام 1253 المحرر الفارسي علاء الدين عطاء الملك الجويني سجل عن تجهيزات هولاكولبعثة بغداد: ضمن سلاح الفرسان كان هناك ألف من خبراء الصواريخ من الصين. وقد تضخم الجيش بجنود قدموا من الإمارات الخاضعة لهم: الأرمن والجورجيين والفرس والأتراك وبحسب أحد التقديرات فإن الجيش وصل تعداده إلى 150,000 رجل.
  59. ^ حملات هولاكونحوالغرب (بالإنجليزية)، جامعة ترانساكسونيا،ستة آذار 2011. نسخة محفوظة 17 سبتمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  60. ^ In Demurger Les Templiers (ص:80-81):«كان العدوالرئيسي للمغول بالشرق الأوسط هم سلطنة المماليك والخلافة العباسية ببغداد، وقد أخذوها عام 1258 واستباحوا أهلها وأبادوا العائلة العباسية المالكة، وشارك ملك أرمينيا الصغرى وجيش من أنطاكيا المغول بتلك المجازر ونهبوا المدينة» In Demurger Croisades et Croisés au Moyen-Age(ص:284):«فرنجة طرابلس وأنطاكيا كانوا مثل جيش أرمينيا الصغرى قد قدموا فروض الولاء والخضوع للمغول وشاركوا معهم معركة بغداد»
  61. ^ David Nicolle
  62. ^ جيوش المغول حتى معركة عين جالوت (بالإنجليزية)، مسقط صفحة استراتيجية،ستة آذار 2011. نسخة محفوظة 22 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  63. ^ سقوط بغداد نهاية الحضارة، الجهراء الثقافية،ستة آذار 2011.
  64. ^ سقوط بغداد بسيوف هولاكوخان، عنكاوا،ستة آذار 2011.
  65. ^ هولاكووجنده هدموا بغداد أم المستعصم بالله، جريدة البشاير،ستة آذار 2011.
  66. ^ نشأة المماليك، سيرة الإسلام،ستة آذار 2011. نسخة محفوظة ثلاثة مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  67. ^ المماليك، الحكواتي،ستة آذار 2011.
  68. ^ العلاقات الخارجية وسقوط دولة المماليك، سيرة الإسلام،ستة آذار 2011. نسخة محفوظة 13 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  69. ^ دولة المماليك، الأسرة المسلمة،ستة آذار 2011.
  70. ^ الملك المظفر قطز، سيرة الإسلام،ستة آذار 2011. نسخة محفوظة 11 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  71. ^ عين جالوت جند الله، سيرة الإسلام،ستة آذار 2011. نسخة محفوظةستة مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  72. ^ الملك الظاهر بيبرس، مسقط اكتشف سوريا،ستة آذار 2011.
  73. ^ بيبرس قاهر التتار، سيرة الإسلام،ستة آذار 2011. نسخة محفوظة 11 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  74. ^ الحاكم بأمر الله، الموسوعة المسلمة،ستة آذار 2011.
  75. ^ هناك من يرى حتى حادث التنازل لم يتم مطلقًا، خصوصًا حتى سليم الأول قد سجن المتوكل على الله الثالث ومن ثم عاد ونفاه إلى مصر، وعدد من الفقهاء شككوا في جدوى التنازل، بل وفي جدوى تولي شؤون الخلافة إنسان من غير قريش، فالخليفة بوصفه أمير المؤمنين وإمام المسلمين عليه حتىقد يكون قريشيًا عملاً بحديث منسوب إلى النبي محمد اتى فيه: «الأئمة من قريش» وقد ذكر في سليم مسلم وفسره النووي بـ«أن الخليفة لا يمكن حتىقد يكون من غير قريش» انظر الإدلة على وجوب الإمامة من قريش، إسلام ويب،ستة آذار 2011. وانظر أيضًا خرافة الخلافة الإسلامية، تاريخ أقباط مصر،ستة آذار 2011. حيث يناقش المؤلف عزت أندرواس فرضية مفادها حتى أحدًا من الخلفاء منذ الأموي لم يلتزم بالخلافة كما نصّ عليها وأوجب شروطها الشرع الإسلامي، على حتى عددًا آخر من الفقهاء ومنذ انتنطق الخلافة إلى بني عثمان قد أفتوا بشرعية ذلك استنادًا إلى حديث آخر للنبي محمد اتى فيه: «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى». نسخة محفوظة 22 فبراير 2020 على مسقط واي باك مشين.
  76. ^ المتوكل على الله الثالث، الموسوعة المسلمة،ستة آذار 2011.
  77. ^ العباسيون خارج العراق، مسقط أسرة آل باوزير العباسية الهاشمية،سبعة آذار 2011.
  78. ^ صور الأشراف، الأمانة العامة لأنساب السادة العباسيين،سبعة آذار 2011.
  79. ^ إمارة بهدينان، مسقط الأشراف العباسيون،سبعة آذار 2011.
  80. ^ نبذة عن الخلافة العباسية، مسقط آل عاصم،سبعة آذار 2011.
  81. ^ الجعليون (بالإنكليزية)، الموسوعة البريطانية،سبعة آذار 2011.
  82. ^ تاريخ وأصول العرب بالسودان-الفحل بن الفقيه الطاهر- تحقيق مهدي بن الفحل- الخرطوم 1396هـ.
  83. ^ "شايقية". ويكيبيديا، الموسوعة الحرة. 2017-03-16. مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 2019.
  84. ^ منطق عن محاضرة د. رحيم يار عباسي عن الامارة العباسية في بهاولبور (بشبه القارة الهندية)، مسقط أسرة آل باوزير العباسية الهاشمية،سبعة آذار 2011.
  85. ^ أمير إمارة بستك العباسية، مسقط بني العباس،سبعة آذار 2011.
  86. ^ العباسيون، الموسوعة العربية،تسعة آذار 2011.
  87. ^ الإسلام وأصول الحكم، عرب بوست،تسعة آذار 2011.
  88. ^ تفويض الوزارة والسلطنة، مسقط الكتاب،تسعة آذار 2011.[وصلة مكسورة]نسخة محفوظةعشرة فبراير 2011 على مسقط واي باك مشين.
  89. ^ مختصر تاريخ الدولة العباسية، سيرة الإسلام،تسعة آذار 2011. نسخة محفوظة 26 فبراير 2020 على مسقط واي باك مشين.
  90. ^ على سبيل المثال نطق السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء: "الخليفة الأمين، سيئ التدبير كثير التبذير ضعيف الرأي أرعن لا يصلح للإمارة، إبتاع الخصيان والغلمان وعالى بهم وصيرهم لخلوته." انظر فساد الخلفاء، إيجي تايم،تسعة آذار 2011. هناك نسخة من كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي في ويكي خط، يمكن الرجوع إليها. نسخة محفوظةعشرة نوفمبر 2012 على مسقط واي باك مشين.
  91. ^ العصر الهجري الأول، الشيرازي،تسعة آذار 2011.
  92. ^ استبداد الأتراك بالخلفاء العباسيين، تاريخ برس،تسعة آذار 2011.
  93. ^ ضعف الدولة العباسية، سيرة الإسلام،تسعة آذار 2011.
  94. ^ عوامل سقوط الدولة العباسية، مسقط الدكتور طارق سويدان،تسعة آذار 2011. نسخة محفوظة 16 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  95. ^ تأسيس سامراء وعمرانها، مسقط سامراء،تسعة آذار 2011.نسخة محفوظة 18 مارس 2012 على مسقط واي باك مشين.
  96. ^ الوزارة في العصر العباسي، سيرة الإسلام،تسعة آذار 2011. نسخة محفوظة ثلاثة أكتوبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
  97. ^ الجيش الأيوبي في عهد صلاح الدين، أرى برس،تسعة آذار 2011.
  98. ^ الجيش العربي الإسلامي، الموسوعة العربية،تسعة آذار 2011.
  99. الإنكشارية، الموسوعة العربية،تسعة آذار 2011. نسخة محفوظةعشرة أكتوبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
  100. ^ ظهور الطوائف الدينية، مجلة البحوث الإسلامية، 11 آذار 2011.
  101. ^ طوائف الشيعة، مسقط الدكتور الحوالي،عشرة آذار 2011.[وصلة مكسورة]نسخة محفوظة 27 ديسمبر 2012 على مسقط واي باك مشين.
  102. ^ تاريخ الصوفية وأهم معتقداتها، المجلس الفهمي،عشرة آذار 2011.
  103. ^ ظهور المدارس الفقهية، إسلام ويب،عشرة آذار 2011.
  104. ^ أئمة الحديث النبوي، اليوم السابع،عشرة آذار 2011.
  105. دراسة في خصائص الحضارة العربية الإسلامية، الدكتور مصباح كامل، 12 نيسان 2011. مسقط: www.aoua.com/vb/attachment.php?attachmentid=3839&d=1116843664
  106. ^ النزعات الأصولية في اليهودية والمسيحية والإسلام، كارين آرمسترونغ، دار الحدثة، دمشق 2005، ص.49
  107. ^ جرائم العباسيين ضد الشيعة، تاريخ الأقباط،عشرة آذار 2011.
  108. النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.51
  109. ^ غيبة الإمام الكبرى، مسقط تبيان،عشرة آذار 2011. نسخة محفوظة 30 سبتمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  110. ^ النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.53
  111. ^ النزاعات الأصولية، مرجع سابق، ص.55
  112. ^ سورة الرعد، 16
  113. ^ خلق القرآن، أشعة الفكر الإباضي، 11 آذار 2011. نسخة محفوظة 24 فبراير 2020 على مسقط واي باك مشين.
  114. ^ رأي المعتزلة في خلق القرآن، شبكة الشيعة العالمية،عشرة آذار 2011. نسخة محفوظةسبعة مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  115. ^ التنزيل ومسألة خلق القرآن، مسقط الحق،عشرة آذار 2011.
  116. ^ سورة طه،خمسة تذكر قضية الاستواء على العرش في سبعة مواضع في القرآن.
  117. ^ تفسير قوله تعالى: الرحمن على العرش استوى، مسقط أهل السنة والجماعة،عشرة آذار 2011. نسخة محفوظة 1 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  118. ^ الرحمن على العرش استوى، مسقط الهادي،عشرة آذار 2011.
  119. ^ فرق المعتزلة: الصعود إلى الدولة، صحيفة الوسط،عشرة آذار 2011.
  120. ^ الدولة البويهية الشيعية، سيرة الإسلام،عشرة آذار 2011. نسخة محفوظة 12 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  121. ^ سوريا خلق دولة، مرجع سابق، ص.147
  122. ^ حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.408
  123. ^ حضارة وادي الفرات، مرج سابق، ص.408
  124. ^ حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.405
  125. ^ دور الحضارة السريانية في تفاعل دور العرب والمسلمين الحضاري نسخة محفوظةخمسة مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  126. الترجمة، الموسوعة العربية، 15 كانون الأول 2010.
  127. ^ هناك الكثير من المدارس والمخطات السريانية الأخرى انظر المدارس والمخطات السريانية من القرن الثالث حتى القرن الثالث عشر، بوابة هجرال،تسعة كانون الأول 2010. نسخة محفوظة 23 فبراير 2020 على مسقط واي باك مشين.
  128. ^ الجاحظ، رسائل الجاحظ، تحقيق عبد السلام هارون، دار الجبل، بيروت 1411\1991 الجزء الاول ص.316
  129. يهود العراق، مجلة ميزبوتاميا،عشرة آذار 2011.
  130. ^ الصابئة في مدينة واسط خلال العصر العباسي، مجلة ميزبوتاميا،عشرة آذار 2011.
  131. ^ حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.230
  132. ^ حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.232
  133. ^ الحرية الدينية في المجتمعات الإسلامية في القرون الوسطى، منبر الحرية،عشرة آذار 2011.
  134. ^ سوريا خلق دولة، مرجع سابق، ص.165
  135. ^ A history of the Crusades", Steven Runciman, p.306
  136. ^ باقة شعر، فيليب الصعبيبي، دار الرسل، جونيه 1995، ص.60
  137. ^ فهم العروض وقوافيه، مسقط النار، 23 آذار 2011.
  138. ^ بشار بن برد، الموسوعة العالمية للشعر العربي، 22 آذار 2011.
  139. ^ باقة شعر، مرجع سابق، ص.62
  140. ^ أدب الطف، ج4، ص126-127 نسخة محفوظةتسعة مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  141. ^ باقة شعر، مرجع سابق، ص.78
  142. ^ باقة شعر، مرجع سابق، ص.97
  143. ^ أبويزيد البسطامي والخلل في شطحات صوفية، شيطلائكة، 22 آذار 2011.[وصلة مكسورة]نسخة محفوظة 13 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  144. ^ مما أنشد صفي الدين الحلي:
    ســـلـــي الرماح العوالي عن معالينا واستشهدي البيضَ، هل خاب الرجا فينا
    لمـــا سـعـيـنـا فـمـا رقّـت عزائـمنــــــا عمـا نـروم ومـــا خـــابـــت مـسـاعينا

    انظر صفي الدين الحلي، الموسوعة العالمية للشعر العربي، 23 آذار 2011. نسخة محفوظة 16 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.

  145. ^ حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.97
  146. ^ باقة شعر، مرجع سابق، ص.79
  147. ^ باقة شعر، مرجع سابق، ص.103
  148. ^ كتاب البديع لابن المعتز، المخطة الإسلامية الكاملة، 23 آذار 2011.
  149. ^ ابن المقفع مسقط الخيمة، 23 آذار 2011. نسخة محفوظة 16 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  150. الأدب في العصر العباسي، الموسوعة العربية،عشرة نيسان 2011.
  151. أساطير أوروبا عن الشرق، رنا قباني، دار طلاس 1997، ص.47
  152. ^ أساطير أوروبا عن الشرق، مرجع سابق، ص.48
  153. أساطير أوروبا عن الشرق، مرجع سابق، ص.49
  154. ^ أساطير أوروبا عن الشرق، مرجع سابق، ص.85
  155. أساطير أوروبا عن الشرق، مرجع سابق، ص.14
  156. ^ أساطير أوروبا عن الشرق، مرجع سابق، ص.15
  157. ^ موسوعة عباقرة الإسلام في النحوواللغة والفقه، الدكتور رحاب خضر عكاوي، الجزء الثالث، دار الفكر العربي، بيروت، الطبعة الأولى 1993
  158. ^ تطور اللهجات الغربية (بالإنجليزية)، مسقط بي بي سي،تسعة نيسان 2011.
  159. الموسيقى العربية في العصر العباسي، تاريخ الموسيقى العربية، 13 نيسان 2011.
  160. الموسيقى في العصر العباسي، مسقط حكواتي، 13 نيسان 2011.
  161. ^ الموسيقى والغناء عند المسلمين، خط إسلامية، 13 نيسان 2011.
  162. ^ أحد مسببات التحريم التشدد في تفسير بعض الآيات، كالآية المتقبسة من سورة لقمان: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ، وقد نطق الإمام جعفر الصادق في معرض تفسيره الآية: ومنه الغناء، وقد اتى في تفسير الطبري: حدثني يونس بن عبد الأعلى، نطق: أبلغنا ابن وهب، نطق: أبلغني يزيد بن يونس، عن أبي صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير، عن أبي الصهباء البكري، أنه سمع عبد الله بن مسعود وهويسأل عن هذه الآية:(ومن الناس من يشترى لهوالحديث ليضل عن سبيل الله بغير فهم) فنطق عبد الله: الغناء، والذي لا إله إلا هو، يرددها ثلاث مرات. انظر تفسير الطبري، الموسوعة الكاملة، 13 نيسان 2011. غير حتى بعض الفقهاء أعادوا حللوا الغناء لعدم وجود نصّ صريح في القرآن بتحريمه. نسخة محفوظة 28 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  163. ^ الكنيسة والفهم، تاريخ الصراع بين العقل الديني والعقل الفهمي، جورج مينوا، دار الأهالي، دمشق 2005، ص.110
  164. ^ تاريخ الصراع بين العقل الفهمي والعقل الديني، مرجع سابق، ص.111
  165. تاريخ الصراع بين العقل الديني والعقل الفهمي، مرجع سابق، ص.225
  166. ^ تاريخ الصراع بين العقل الفهمي والعقل الديني، مرجع سابق، ص.110-111 أورد المؤلف عددًا آخر من الاقتباسات.
  167. ^ الإدريسي يبني جسور التواصل بين الحضارات عن طريق الخرائط، مجلة الشندغة، ثلاثة نيسان، 2011.
  168. ^ ابن الهيثم..العالم الأسطوري، سيرة الإسلام، ثلاثة نيسان 2011. نسخة محفوظةسبعة أبريل 2020 على مسقط واي باك مشين.
  169. ^ البتاني..بطليموس العرب، مسقط موهوبون، ثلاثة نيسان 2011.[وصلة مكسورة]نسخة محفوظة 23 مارس 2015 على مسقط واي باك مشين.
  170. ^ جابر بن حيان.. مؤسس فهم الكيمياء، مجلة الشندغة، ثلاثة نيسان 2011.
  171. ^ حلب و10 آلاف سنة من عمر الزمن، أرض الحضارات، ثلاثة نيسان 2011. نسخة محفوظةخمسة أكتوبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
  172. ^ حركة الترجمة ودورها، تاريخ الإسلام، 17 نيسان 2011. نسخة محفوظة 14 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  173. الفكر السرياني وأثره في الحضارة العربية الإسلامية، كنيسة القديسة تريزيا بحلب، 14 كانون الأول 2010. نسخة محفوظة 2 أكتوبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
  174. ^ مصر ـ المطران يوحنا إبراهيم يتناول الترجمات بين السريانية والعربية في مؤتمر المخطوطات المترجمة، مسقط قنسرين، 15 كانون الأول 2010. نسخة محفوظة 15 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  175. ^ دور الحضارة السريانية في تفاعل دور العرب والمسلمين الحضاري، الصوت العربي الحر، 15 كانون الأول 2010.
  176. ^ الزراعة عند العرب، التراث العربي الإسلامي، 17 نيسان 2011.
  177. ^ خصائص الحضارة العباسية، الحضارة العباسية، 17 نيسان 2011.
  178. ^ الخزف في العصر العباسي، مسقط قلقيلية، 17 نيسان 2011. نسخة محفوظةسبعة مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  179. ^ مدينة بغداد، تاريخ العراق، 17 نيسان 2011.
  180. ^ الحركة النقابية، إسلام أون لاين، 17 نيسان 2011.
  181. ^ سوريا خلق دولة، مرجع سابق، ص.172
  182. ^ نظام الجباية، مسقط الشيرازي، 17 نيسان 2011.
  183. ^ عصر ابن سينا السياسي، مسقط خط، 17 نيسان 2011.
  184. ^ طبقات المجتمع العباسي، نيل وفرات، 17 نيسان 2011. نسخة محفوظة 13 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  185. ^ المرأة والمشاركة السياسية في الدولة العربية الإسلامية-الصفحة الثالثة، مركز جنين للدراسات، 18 نيسان 2011.
  186. ^ المرأة والمشاركة السياسية في الدولة العربية الإسلامية - الصفحة الرابعة، مركز جنين للدراسات، 19 نيسان 2011.
  187. ^ النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.185

ملاحظات

  • * تعددت ألقاب الخاصة بالرجل الثاني في الدولة العباسية، فهي بدأت «وزير»، ومن ثم تحولت إلى «سلطان» ومكث هذا اللقب مستعملاً زمانًا طويلاً حتى استبدل بلقب «أمير الأمراء» ومن ثم «ملك المشرق والمغرب».
  • ** المسجد الألفي، هوالمسجد الذي مضي على بناءه أكثر من ألف عام.

وصلات خارجية

  • سلسلة التاريخ السياسي للدولة العباسية.
  • مسقط أسرة آل باوزير العباسية الهاشمية.
تاريخ النشر: 2020-06-01 20:53:13
التصنيفات: دول وأقاليم تأسست في 750, دول وأقاليم انحلت في 1517, الدولة العباسية, العراق في الخلافة العباسية, انحلالات القرن 13 في أفريقيا, انحلالات سنة 1258 في آسيا, انحلالات عقد 1510 في آسيا, إمبراطوريات سابقة, تأسيسات القرن 8 في أفريقيا, تأسيسات سنة 750, تاريخ السعودية, دول أفريقيا الوسيطة, دول تاريخية إسلامية, دول سابقة في آسيا, دول سابقة في أوروبا, دول سابقة في العالم الإسلامي, دول في الأناضول القروسطية, دول وأقاليم انحلت في 1258, دول وأقاليم تأسست في 1261, دول وأقاليم تأسست في عقد 750, سلالات حاكمة عربية, سلالات حاكمة مسلمة, قادة دول, صفحات تستخدم خطا زمنيا, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, جميع المقالات ذات الوصلات الخارجية المكسورة, مقالات ذات وصلات خارجية مكسورة منذ يوليو 2017, مقالات بلدان سابقة تحتاج للصيانة, Pages using deprecated image syntax, صفحات بها بيانات ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P138, صفحات تتجاهل قيم ويكي بيانات, صفحات تستخدم قالب:ص.م بلد سابق مع وسائط غير معروفة, صفحات لا تقبل التصنيف المعادل, صفحات بها وصلات إنترويكي, صفحات تستخدم خاصية P214, صفحات تستخدم خاصية P244, صفحات تستخدم خاصية P227, بوابة تاريخ الشرق الأوسط/مقالات متعلقة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ الإسلامي/مقالات متعلقة, بوابة الدولة العباسية/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, مقالات مختارة, صفحات مختارة بدون رقم النسخة, الصفحات التي لا تقبل ربط البوابات المعادل

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

إزالة 3 حالات تعدِ وبناء بدون ترخيص بـ”سنورس”

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:49
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 66%

دورة إرشاد أسري لـ100 فتاة من المقبلات على الزواج ببني سويف

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:51
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

هل صيام يوم عرفة فرض على كل مسلم؟.. دار الإفتاء تجيب

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:46
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 70%

قيادات الكنيسة تهنئ محافظ بني سويف بعيد الأضحي المبارك

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:52
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

رفع حالة الاستعداد بمستشفى بني سويف التخصصي

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:50
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

إدارة الحوار الوطنى تعلن قرارات الاجتماع الأول لمجلس الأمناء

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:36
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 69%

هل يجوز إفطار يوم من أيام العشر من ذي الحجة ؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:46
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 70%

الكويت.. ضبط 9يمارسون الرذيلة بمقابل مادي

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:55
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 69%

روسيا تسجل 44 وفاة و3150 إصابة بكورونا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:32
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 65%

كيف استغل عبد الصبور شاهين خطبة الجمعة ليهاجم نصر حامد أبوزيد؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:42
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 61%

اللواء محمد منصور: التهديدات تقتضي تحصين الجبهة الفلسطينية الداخلية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:33
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 50%

نص خطبة عيد الأضحى المبارك 1443 وفق ما أعلنته وزارة الأوقاف المصرية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:46
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

«مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى المبارك».. محاضرة بثقافة بني سويف

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:43
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 52%

غدًا.. «معلومات الوزراء» يبحث وثيقة ملكية الدولة بقطاع النقل

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:38
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

العراق يسجل 4819 إصابة جديدة بكورونا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:31
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 58%

«ثقافة البحر الأحمر» تناقش كيفية التصدى للإرهاب والتطرف

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:43
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 54%

كيف ارتفعت الإيرادات الضريبية خلال 11 شهرًا؟ المالية تجيب

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:39
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 56%

من هو ناظم الزهاوي المرشح الأبرز لخلافة جونسون؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-06 18:21:33
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

تحميل تطبيق المنصة العربية