الوجادة حتى يجد حديثا أوكتابا بخط إنسان بإسناده فله حتى يرويه عنه على سبيل، ويقول: وجدت بخط فلان، حدثنا فلان ويسنده. والوجَّادة ليست من باب الرواية، وإنما هي حكاية عما وجده في كتاب، وأما العمل بها فمنع منه طائفة كثيرة من الفقهاء والمحدثين أوأكثرهم فيما حكاه بعضهم، ونقل عن الشافعي وطائفة من أصحابه جواز العمل بها.

تعريف

الوجادة لغةً: مصدر وَجَدَ. ينطق عثر مطلوبه، والشيء يجده وجودًا.

الوجادة اصطلاحًا: هي الوقوف على كتابٍ بخط محدِّثٍ مشهور، يُعهد خطه، ويصححه، وإن لم يلقه أويسمع منه.

نطق شمس الدين السخاوي: الوجادة هي ما يجده بخط شخصٍ عاصره أولم يعاصره.

تعريف ابن صلاح: الوجادة هي حتى يقف على كتاب شخصٍ فيه أحاديث يرويها بخطه، ولم يلقه، أولقيه ولم يسمع منه ذلك الذي وجده بخطه، ولا له منه إجازة، ولا نحوه.

صور الوجادة

1- عثور الواجد على كتابٍ له:

وهوعثور الواجد على أحد كتاباته لكنه لا يتذكر أنه خطها أوسمعها.

2- عثور الواجد على كتابٍ يضمن أحاديث من مروياته:

وهوعثور الواجد على كتابٍ يجد فيه ما رواه من أحاديث، لكن مكتوبةً بخط غيره.

3- عثور الواجد على كتابٍ مجازٌ هوبه:

أي عثور الواجد على كتابٍ ينطوي على أحاديث لراوٍ يعهده ويعهد خطه حق الفهم، وسبق حتى أجاز الراوي لذلك الواجد رواية خطه كلها، أوإجاز له رواية بعضٍ من كتاباته، بما فيها الكتاب الذي وجده.

ومن الأمثلة على ذلك عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل.

4- عثور الواجد على كتابٍ ليس له وغير مجازٍ به:

ولها ثلاثة أنواع:

• أن يعثر الواجد على كتاب فيه أحاديث للراوي، ويثق بأن هذا الخط هوخطه.

• أن يعثر الواجد على كتاب فيه أحاديث للراوي، ويثق بأن الكتاب لذلك الشخص، لكنَّ الخط ليس خطه.

واشترط الفهماء لقبول هذه الخط أمانها من التدليس أوالتزوير أوالتغيير، وقبول صحتها.

• أن يعثر الواجد على كتاب فيه أحاديث لمصنِفٍ ما، ولم يتيقن حتى الكتاب لذلك المصنِّف، وأن الخط خطه:

وهنا لا يجوز رواية الكتاب أونسبته لأحد.

طرق القبول بالوجادة

1- تصريح صاحب الكتاب نفسه بأن هذا خطه.

2- رؤية الواجد للمصنِّف وهويخط الكتاب.

3- سماع الواجد من المصنِّف أنه خط ذلك الكتاب.

4- حتىقد يكون مصنف الكتاب الذي وجده الواجد هوأبوه أوجده.

5- النظر في ترجمة المصنِّف، والتأكد من وجود هذا المصنف بين مصنفاته.

6- مقارنة أسانيد المصنِّف في ذلك الكتاب، مع أسانيد شيوخه وتلاميذه.

7- مقارنة الأحاديث الموجودة في الكتاب الموجود، مع ما رواه المصنف في خط الفهماء الآخرين.

8- دراسة المصنف: وذلك بفهم تخصص المصنف واهتماماته ومقارنتها بالأحاديث الموجودة في الكتاب الموجود.

9- التأكد من سلامة الكتاب من التحريف والتزوير. وذلك بمقارنته مع كتابٍ آخر.

تسمية الوجادة رواية

اعترض معظم الفهماء على تسمية الوجادة رواية.

- نطق ابن صلاح بتسميتها "نقلًا". واعترض ابن كثير على تسميتها رواية، فنطق: (والوجادة ليست من باب الرواية).

- وكذلك عمل محمد أحمد شاكر (من المحدثين).

لكن تسمى أحيانًا رواية، ليس من مبدأ الاصطلاح، إنما من مبدأ ما اتى في الكتاب الموجود في الروايات. فتصنف أحاديث الكتاب (إن ثبت صحته) روايات، بينما ما دون ذلك وجادة.

لفظ الوجادة

1- من غير إجازة: عمليه حتى يقول بما يوحي بالوجادة، كأن يقول "وجدت بخط فلان" أو"وجدت بقول فلان" ولا يصح له حتى يقول "حدثنا فلان" أوما شابه ذلك.

2- حتىقد يكون مجازًا من قبل مؤلف المصنف: أجاز السخاوي استعمال صيغ الحديث والنقل طالما كان الواجد مجازًا. فيمكنه حتى يقول "أبلغنا" أو"حدثنا". وخالفه في ذلك ابن صلاح.

3- طالما لم يكن على ثقةً تامة من الخط أوصاحبه: فحينها وحسب ابن جماعة يقول "بلغني" أو"وجدت عن فلانٍ" أويقول "قرأت في كتابٍ أظنه خط فلان" ولا يصح له حتى يقول "نطق فلان" ولا "حدثنا فلان".

حكم الرواية بالوجادة

اختلف الفهماء في حكم الرواية بالوجادة، ورجح معظمهم جوازها، باستثناء حالة عدم التيقن من مؤلف المصنف أومن حتى شابه تزوير، فتلك اتفقوا على عدم جوازها.

القول بالجواز

أ- هنالك عدد من الفهماء أجاز الرواية بالوجادة، ومنهم ومما يشير على قبولهم:

- حديث رواه البخاري عن أبي هريرة حتى النبي نطق: ((لا يزني الزاني حين يزني وهومؤمن...)). وقد كُتب على هامش الصفحة الأيمن، نطق الفربري: وجدته بخط أبي جعفر. والفربري أحد رواة سليم البخاري، وأبوجعفر ورَّاق البخاري. وقد أثبت هذا الدكتور مصطفى البغا بعد رواية الحديث. كما علق عليه ابن حجر العسقلاني.

- ونقل القاضي عياض عن البخاري أنَّه نطق: (افهم أنَّ الرجل لا يصير محدثًا كاملًا في حديثًا إلا بعد أن...، حتى يخط عمن هوفوقه وعمن هومثله وعمن هودونه، وعن كتاب أبيه، يتيقن أنه بخط أبيه دون غيره).

- بينما نطق الغزالي: (والمختار أنه إذا تبين صحة النسخ عند إمامٍ صح التعويل عليه في العمل والنقل). أما مجرد رؤية الخط وعدم التيقن من صاحبه أونسبته إليه فلا يجوز حتى يروي عنه.

- ونقل السيوطي عن الكيا الطبري قوله: (من عثر حديثًا في كتابٍ سليم، جاز له حتى يرويه ويحتج به).

- نطق الصنعاني: (إن تيقن سماعه تفصيلًا لكتابٍ عن شيخ، فلا كلام في جواز الرواية عن ذلك الشيخ).

ب- أدلة القائلين بالجواز:

1- أنَّ رسول الله كان يرسل صُحفًا إلى البلدان المتفرقة فيها كلامه وأوامره.

2- القياس على السماع: نطقوا إذا كان جواز الرواية على السماع سببه التيقن من أنَّ من لفظ الحديث هوشيخه، فإنَّ الرواية بالوجادة سليمة بعد تيقن الواجد أنَّ الحديث في الكتاب من المصنف، جازت روايته.

القول بعدم الجواز

أ- القائلون بعدم الجواز مع أدلة ذلك:

- من القائلين بعدم الجواز ابن أبي شيبة: نطق حدثنا وكيع عن ابن عون عن ابن سيرين نطق: قلتُ لعبيدة، وجدت كتابًا، اقرأه،يا ترى؟ نطق: لا.

- ونطق الخطيب البغدادي: قد كره الرواية عن الصحف غير المسموعة من واحدٍ من السلف.

- وذُكر عن عمر بن الخطاب وابن سيرين ووكيع بن الجراح روايات تدل على منع الوجادة.

- ونطق السخاوي: الرواية بالوجادة لم يجوزها أحدٌ من الأئمة إلا ما روي عن البخاري في حكاية نطق فيها: (وعن كتابٍ إليه يتيقن أنه بخط أبيه دون غيره).

ب- أما أدلتهم فهي:

احتجاجهم بأنَّ الوجادة فيها نوعًا من الانقطاع، فشببها بعضهم بالحديث المرسل وبعضهم بالمعلق وبعضهم بالمنبتر. فنطقوا بعد جواز روايتها على سبيل الاتصال. ا

العمل بالوجادة

اختلاف الآراء في العمل بالوجادة أقل منه في اختلافها في الرواية، فأكثرهم كان على جواز العمل.

الجواز

ممن أجازه الشافعي والغزالي وهراسي وابن صلاح والنووي وابن جماعة والأسنوي والعراقي وابن النجار، وغيرهم.

أما الأدلة:

1- ما صححه الصنعاني والألباني من حديث النبي أنه نطق: ((أي الخلق أحب إليكم إيمانًا،يا ترى؟ نطقوا: الملائكة. نطق: وكيف لا يؤمنون وهم عند ربهم. وذكروا الأنبياء. نطق: وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم. نطقوا فنحن. نطق: وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم. نطقوا: فمن يا رسول الله،يا ترى؟ نطق: قوم يأتون بعدكم يجدون صحفًا يؤمنون بها)). وأُخذ من ذلك الحديث حسنة من عمل بالخط المتقدمة بمجرد الوجادة.

2- إجماع الصحابة: وهوإجماعهم على العمل بالخط التي لم يسمعونها من رسول الله .

3- القياس على قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" ويعود سبب هذا، لألا يتوقف العمل بالأحاديث النبوية في القرون المتقدمة، والتي يتوقف فيها الإسناد بعد تدوين الخط.

نطق ابن صلاح: "فإنه لوتوقف العمل فيها على الرواية لانسد باب العمل بالمنقول لتعذر شرط الرواية فيها".

عدم الجواز

لا يرى الجواز بالعمل بها معظم فقهاء المالكية ومحققيهم.

وأدلتهم على ذلك: الانقطاع، وأنه لا يجوز روايتها على سبيل الاتصال. مستدلين بذلك على عدم جواز العمل بالأحاديث المرسلة.

الوجادة في السليمين

أحاديث الوجادة مذكورة في عدد من خط الحديث، ونقل عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عددًا من الأحاديث بطريق الوجادة، وقد ذُكر في الموضوع أحاديث نُقلت بنفس الطريق، وقد ذكر الإمام مسلم ثلاثة أحاديث سليم نُقلت بالوجادة، وجميعها عن طريق أبوبكر بن أبي شيبة. وهي:

1- حدثنا أبوكريب محمد بن العلاء حدثنا أبوأسامة وحدثنا أبوبكر بن أبي شيبة نطق: وجدت في كتابي عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة نطقت: (تزوجني رسول الله لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين...).

2- حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة نطق: وجدت في كتابي عن أبي أسامة، حدثنا هشام وحدثنا أبوكريب محمد بن العلاء حدثنا أبوأسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة نطقت: نطق لي رسول الله : ((إني لأفهم إذا كنت عني راضية وإذا كنت عني غضبى...)).

3- حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة نطق: وجدت في كتابي عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة نطقت: إذا كان رسول الله ليتفقد يقول: ((أين أنا اليوم، أين أنا غدًا)).

انظر أيضا

• فهم مصطلح الحديث

مراجع

• بوابة الأديان
• بوابة الإسلام
• بوابة خط
• بوابة الحديث النبوي