سفالة في عام 1572

سُفالة (Sofala) هي مدينة قديمة مندثرة، كانت ذات حضارة وثراء ومركز تجاري مزدهر وميناء رئيس على ساحل أفريقيا الجنوب شرقي والمطل على المحيط الهندي. وفي الوقت الحاضر لم يبقَ منها سوى بعض الآثار القليلة التي تدل على وجودها. ومسقطها الأثري حاليا يعهد باسم سفالة الجديدة (باللاتينية: Nova Sofala) في موزامبيق.

التاريخ

سفالة واحدة من أقدم الموانئ في جنوبي أفريقيا في القرون الوسطى. وقد كانت في الماضي ميناء رئيس لمملكة مونوموتابا (موتابا) القديمة التي امتدت بين نهري الزامبيزي وليمبوبوبجنوبي أفريقيا على أرض مايسمى اليوم دولة زيمبابوي وموزامبيق.

قامت مدينة سفالة على حافة مصب عريض شكله نهر بوزي وسميت تلك البقعة في الخرائط القديمة البرتغالية باسم «ريودي سفالة». ونشأت سفالة في حوالي عام 700، وعهدها العرب منذ عام 915، وكانت واحدة من مراكز التجارة على الساحل الأفريقي، ثم عهدها التجار من بلاد فارس.

كان لـ «نهر بوزي» دور كبير في مواصلات التجارة ونقطة وصل من سفالة إلى السوق الداخلي في أفريقيا بربطها ببلدة «مانيكا»، ومنها إلى حقول المضى في بلاد زمبابوي الكبرى. وفي القرن العاشر أقام التجار والبحارة الصوماليين من مقديشومركزاً شهيراً للتجارة في سفالة لتبادل الأقمشة والمنسوجات القطنية بالمضى والعاج.. وفي بداية عام 1180 والسنوات التي تلت ذلك، سيطر السلطان سليمان الحسن سلطان كيلوا على سفالة وضمها إلى سلطنة كيلوا (تقع حالياً في تنزانيا) مما جعلها تتأثر وتندمج في الثقافة السواحيلية، وعزز السواحيليون نفوذ التجارة باستغلال نهر بوزي ممراً وطريقاً للمواصلات التجارية بالمراكب النهرية لجلب المضى من المناطق الداخلية في أفريقيا إلى الساحل ، وأصبحت سفالة مسقطاً رئيس لتواجد المضى وتجارته في أفريقيا مما جعل المؤرخ البرتغالي «ثومىٰ لوبيز» (بالبرتغالية: Thomé Lopes‏) والذي رافق المستكشف البرتغالي فاسكودا غاما في رحلته للهند عام 1586أن يصف سفالة بأنها أشبه بمملكة سبأ وأرض المضى وهي نفس الفكرة التي ذكرها الشاعر الإنجليزي «ملتون» Milton في القرن السابع عشر في واحدة من أعماله الأدبية «الفردوس المفقود».

يعتقد حتى اسم سفالة أشتق من اللغة العربية وتعني الأرض السفلى، أي أسفل الساحل الأفريقي الشرقي . لقد أدت تجارة المضى في سفالة إلى ثراء سلطنة كيلوا وغنى سلاطينها ودفعتهم لتمويل وتوسيع الإمبراطورية التجارية السواحيلية على طول الساحل الإفريقي الشرقي، ويذكر التاريخ أنهم رغم الثراء الواسع لم يفرضوا الهيمنة على هذا المركز التجاري بل كانت التجارة والتجار وأهل سفالة يمارسون أعمالهم بكل حرية واستقلالية، فكانت شرايين التجارة تمتد من «مملكة موتابا» حتى مدغشقر عبر مضيق موزمبيق، لذا فإن سلطان كيلوا يملك فقط السلطة القضائية على السكان السواحيليين، أما والي سفالة التابع للسلطنة فلم يكن سوى ما يشبه القنصل منه إلى الحاكم. وقد احتفظت المدينة بحكمها الذاتي مما أدى إلى حريتها وازدهارها.

وصول البرتغاليين

أول من وصل إلى سفالة من الغربيين ذلك المستكشف والجاسوس البرتغالي «بيرودا كوفيلها» (بالبرتغالية: Pêro da Covilhã‏) في عام 1485، وسافر برا متنكراً بوصفة تاجر عربي، وخط تقريره السري إلى لشبونه في وصف سفالة بقوله (... إنها متجر مضىي...). وفي عام 1501 استُكشفت سفالة من البحر وحدد مسقطها بواسطة القائد «سانشودي توفار» (بالبرتغالية: Sancho de Tovar‏)، وفي عام 1502 وصلها «بيدروأفونسودي أغويار» (بالبرتغالية: Pedro Afonso de Aguiar‏) (وهناك رواية أخرى تقول بأنه فاسكودا غاما بنفسه) وقاد السفن البرتغالية الأولى لترسوا في ميناء سفالة بحث القائد البرتغالي الذي وصل أولاً (سواء كان بيدروأوفاسكودي غاما) عن حاكم سفالة «الشيخ يوسف» والذي كان على خلاف مع سلطان كيلوا بسبب حتى الوزير «الأمير إبراهيم» قام بخلع وقتل سلطان كيلوا الشرعي «الفضيل» ثم تولى الحكم مما جعل حاكم سفالة «يوسف» يرفض الاعتراف به، ثم درس عن وسيلة لنفض سيادة كيلوا على سفالة، ورسم طريق لجعلها مستقلة، وعندها التفت يميناً ويساراً ولم يجد سوى البرتغاليين وما يملكون من قوة بحرية، فقرر التحالف معهم لأنه يرى حتى من الأفضل حتى يبني صداقات معهم بدلاً من العداء، لهذا عقد معاهدة تحالف وتجارة مع مملكة البرتغال. وفي عام 1505 مٌنح البرتغالي «بيرودي أنايا» (بالبرتغالية: Pêro de Anaia‏) والموفد من قبل الملك «مانويل» ملك البرتغال إذناً من «الشيخ يوسف» لإقامة مركز تجارة دائم وحصن بالقرب من مدينة سفالة أسموه «حصن القديس كاتانو» (بالبرتغالية: São Caetano‏). وفي بداية شهر سبتمبر عام 1505 رست سفن «بيروأنايا» (والتي هي جزء من الأسطول السابع البرتغالي) على ساحل سفالة، وشرعوا في بناء مركز تجارة وحصن ، وعندما اكتمل هذا البناء أعتبرت سفالة أول مستعمرة برتغالية على أرض موزامبيق والثانية في شرق أفريقيا بعد كيلوا. لقد بنى «أنايا» الحصن من حجارة استوردت من أوروبا ثم استخدمت حجارة هذا الحصن لاحقاً في بناء كاتدرائية «بييرا» Beira عاصمة أقليم سفالة الحالية في موزامبيق.

لم يدم حصن البرتغاليون مدة طويلة، فقد قضت الحمى على معظم رجال الحامية والتي يعتقد أنها الملاريا. وفي نهاية عام 1507 قام القائد البرتغالي الجديد لسفالة «فاسكوغوميز دي أبريو» (بالبرتغالية: Vasco Gomez de Abreu‏) باحتلال لجزيرة موزامبيق القريبة من سفالة، ثم نقل بالتدريج معظم حامية سفالة وعسكرها وطاقمها إلى هذه الجزيرة مما أدى إلى خفض كبير في قوة حصن سفالة

التأثيرات الأخرى

اقليم سفالة في موزامبيق

بالرغم من حتى تجارة المضى قد جلبت الثراء للتجار وازدهار التجارة إلا حتى أهل سفالة كانوا يقولون لولا المضى لتجنبت سفالة السواحيليين والبرتغاليين. والمشكلة الأخرى حتى المدخل لحوض مصب سفالة ظهرت به عوائق لا تسمح بسير المراكب نتيجة لوجود رأس من الرمال ممتداً وداخلاً في تلك المياه (مصرف رملي) مما أدى إلى التأثير بصورة مباشرة على الملاحة ولاتستطيع المراكب الإبحار فيه إلا في حالة المد العالي فقط حيث تغمر المياه هذا الرأس الرملي وغيره من تلك الامتدادات الرملية المتحركة التي تشكل وتكون أحواضاً من المياه تعوق الملاحة وتنموفيها نباتات المانجروف، ولهذا أصبحت سفالة تعبير عن مستنقعات من المياه الراكدة يتكاثر فيها بعوض الملاريا بشكل كبير، ولهذا السبب عانى البرتغاليون في سفاله من هذا الأمر مما جعلهم يستولون على جزيرة موزمبيق والإقامة هناك وبناء ميناءهم البديل للتجارة وبيع العبيد، وبالإضافة إلى هذه المصيبة التي حلت بالبرتغاليين قابلتهم المشكلة الثانية ألا وهي استنزاف حقول المضى القديمة حيث لم يتسقطوا ذلك عند وصولهم بل كانوا يحلمون ببناء ميناء المضى وكانت الصدمة التي خيبت آمالهم وأضاعت فرصة تحقيق الثروات الطائلة من التجارة فيه. لقد انتقل إنتاج المضى إلى الشمال، وقامت بلدات لسوق هذا المعدن الثمين على الساحل مثل بلدتي كويليماني Quelimane وأنجوشه .

مدينة جديدة

إن الرمال المتحركة وحدود مصب « نهر بوزي » جعلت البحر يجرف معظم سفالة القديمة. هناك القليل من الآثار في سفالة الجديدة باقية وشاهدة على حضارة إندثرت. لقد كانت سفالة في فترة أوج ازدهارها تعبير عن بلدتين واحدة قريبة من الماء على مسطح رملي، والأخرى مرتفعة على أرض جيدة. وحيث حتى سفالة القديمة غرقت في مياه المحيط، لهذا قامت بلدة جديدة في شمالها في عام 1890 سميت «بييرا» Beira مالبثت حتى أصبحت مدينة حديثة في عام 1907 وعاصمة لإقليم سفالة أحد أنطقيم موزمبيق الذي تبلغ مساحته 68,018 كيلومتر مربع، ويصل عدد سكانه إلى 1,676,131 نسمة حسب إحصاء عام 2006 . وتعتبر مدينة «بييرا» مدينة كبرى ترتيبها الثانية في جمهورية موزمبيق، وتبعد عن مدينة سفالة الأثرية شمالاً بنحو35 كيلومتراً.

روابط خارجية

[1]

[2]

المراجع

  1. ^ The Horizon history of Africa, Volume 1 page 143
  2. ^ Portuguese chronicler جواودي باروس (Dec. I, Lib. 10, Cap. 2 (p.388ff.))
  3. ^ For an account of the Sofala-Manica gold connection, see Ethiopia Oriental of Fr. João dos Santos (1609), reprinted in Theal, Vol. 7, p.3ff.
  4. ^ Thomé Lopes, 1504: p.163 نسخة محفوظة 07 أبريل 2017 على مسقط واي باك مشين.
  5. ^ https://web.archive.org/web/20200329071850/http://www.encyclopedia.com/topic/nova_sofala.aspx. مؤرشف من الأصل في 29 مارس 2020. مفقود أوفارغ |title= (مساعدة)
  6. ^ Newitt, M.D. (1995) A History of Mozambique. Bloomington: Indiana University Press
  7. ^ 16th C. chronicler Gaspar Correia insists it was Aguiar; Osório, only mildly corroborated by جواودي باروس, suggests Gama.
  8. ^ João de Barros (1552–59) Décadas da Ásia: Dos feitos, que os Portuguezes fizeram no descubrimento, e conquista, dos mares, e terras do Oriente..
  9. ^ Newitt, 1995: p.10
  10. ^ "Total Population By Provinces - 2006". المعهد الوطني للإحصاء   . مؤرشف من الأصل فيعشرة فبراير 2012. اطلع عليه بتاريخ 15 يونيو2008.
  11. ^ http://www.mozambiquebackers.com/provinces/sofala.html

إحداثيات:

تاريخ النشر: 2020-06-01 22:46:47
التصنيفات: تاريخ موزمبيق, مرافئ وموانئ موزمبيق, مستعمرات برتغالية سابقة, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, صفحات تحتوي مراجع ويب بدون عنوان, صفحات تحتوي مراجع ويب برابط تشعبي فقير, وصلات إنترويكي بحاجة لمراجعة, الإحداثيات في ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P214, صفحات تستخدم خاصية P227, بوابة الإمبراطورية البرتغالية/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ/مقالات متعلقة, بوابة موزمبيق/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

النائب العام يستقبل سفير دولةَ أستراليا لدى القاهرة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-15 18:19:37
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

أسعار الذهب في نهاية تعاملات اليوم.. عيار 21 بـ1695 جنيها - أي خدمة

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-15 18:20:28
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

محمد فؤاد يعلن وصوله إلى ألمانيا لإحياء حفل غنائي في برلين - فن

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-15 18:20:28
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 57%

الرئيس السيسى يتسلم رسالة خطية من رئيس كينيا

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-15 18:20:44
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

رئيس «الأسقفية» يفتتح سينودس الإسكندرية لعام 2023  - أخبار مصر

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-15 18:20:24
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 68%

يهم المغاربة.. وزارة الأوقاف تحدد مبلغ مصاريف الحج لموسم 1444 هـ

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-15 18:19:40
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 70%

وزارة البترول: لدينا 27 اتفاقية للبحث عن البترول والغاز فى مصر

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-15 18:20:39
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 57%

رسميا.. المنتخب المغربي يلاقي البرازيل في أول ظهور بعد "مونديال قطر"

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-15 18:20:31
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 55%

أسعار المحروقات تنخفض !

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-15 18:19:49
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 79%

الإرهاب والفكر المتطرف.. توقيف سبعة أشخاص من خلية "الفيء" بفاس

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-15 18:20:35
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 67%

مقترح قانون يدعو لتمكين الناخب من تسجيل أفراد عائلته إلكترونيا

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-15 18:19:42
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية