أبو سليمان الخطابي

أبوسليمان حَمْد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي الخطابي الشافعي (319 هـ - 388 هـ / 931م - 988م)، المشهور باسم الخطابي، محدث وفقيه وعالم مسلم من كبار أئمة الشافعية، ولد في مدينة بست (لشكر كاه حاليًا)، وارتحل وطلب الفهم والحديث، فمضى إلى بغداد والبصرة ومكة وخراسان وبلاد ما وراء النهر، وتفقه على الممضى الشافعي، ولقد صنف التصانيف وألف كتابا في شرح الأسماء الحسنى سماه "شأن النادىء"، وشرح سنن أبي داود في "معالم السنن"، وله شرح لكتاب سليم البخاري اسمه "أعلام السنن"، وله كتاب ينهى فيه عن فهم الكلام اسمه "الغنية عن الكلام وأهله"، وكتاب غريب الحديث وكتاب اصطلاح غلط المحدثين، وغيرها من الخط والتصانيف، وكان لغويًا له قصائد شعر، توفي سنة 388 بمدينة بست.

مولده

ولد أبوسليمان الخطابي في مدينة بست لشكر كاه حاليًا وهي مدينة تقع في أفغانستان على شاطئ نهر هلمند، وهي عاصمة ولاية هلمند،، وكان ميلاده في شهر رجب سنة 319 هـ، ينسب لقبهُ الخطابي إلى جدهِ الخطاب، وقيل إنه من نسل الصحابي زيد بن الخطاب، إلا حتى المؤرخ ابن كثير مضى إلى القول بعدم ثبوت ذلك.

طلبه للفهم

أخذ الخطابي الفهم عن فهماء بلده، ثم ارتحل طلبًا للاستزادة وسماعًا للحديث، فكان ينتقل بين بست وسجستان، ثم رحل إلى نيسابور وأقام بها سنتين، وأخذ عن عالمها أبوالعباس الأصم (المتوفي 277 هـ)، وزار بخارى، ورحل إلى بغداد وسمع من إسماعيل بن محمد الصفار (المتوفي 341 هـ)، وأبي عمر الزاهد المعروف بغلام ثعلب، وأحمد بن سليمان النجاد، وأبي عمروالسماك، ومكرم القاضي، وجعفر بن محمد الخلدي، وحمزة بن محمد العقبي، وأبي جعفر الرزاز.

ثم مضى إلى البصرة، وسمع من أبي بكر بن داسة، ومضى إلى مكة وسمع من أبي سعيد بن الأعرابي (المتوفي 340 هـ)، ثم عاد إلى بست واستقر بها. وأخذ الفقه على ممضى الشافعي عن أبي بكر القفال الشاشي (المتوفي 365 هـ)، وأبي علي بن أبي هريرة (المتوفي 345 هـ).

روى عنه الحاكم النيسابوري، وأبوحامد الإسفراييني، وأبونصر محمد بن أحمد البلخي الغزنوي، وأبومسعود الحسين بن محمد الكرابيسي، وأبوعمرومحمد بن عبد الله الرزجاهي، وأبوذر عبد بن أحمد الهروي، وأبوعبيد الهروي اللغوي وأبوالحسين عبد الغافر الفارسي، وجعفر بن محمد بن علي المروذي المجاور، وأبوبكر محمد بن الحسين الغزنوي المقرئ، وعلي بن الحسن السجزي الفقيه، ومحمد بن علي بن عبد الملك الفارسي الفسوي.

مصنفاته

كتاب غريب الحديث
معالم السنن: شرح سنن أبي داود
أعلام الحديث
الغنية عن الكلام وأهله
أعلام السنن في شرح البخاري
كتاب شأن النادىء
كتاب اصطلاح غلط المحدثين
كتاب العزلة

منهجه

في العقيدة

تناول الإمام الخطابي مسائل العقيدة في الكثير من خطه، واختُلِفَ في عقيدته، فقد نسبه البعض إلى الممضى السلفي ونسبه البعض الآخر إلى الممضى الأشعري.

استدل القائلون بأن الخطابي كان سلفياً بأنه أثبت صفة العلوحيث نطق: «فدل ما تلوناه من الآي على حتى الله سبحانه في السماء مستوٍ على العرش،ولوكان بكل مكان لم يكن لهذا التخصيص معنى ولا فيه فائدة، وقد جرت عادة المسلمين خاصتهم وعامتهم بأن يدعوا ربهم عند الابتهال والرغبة إليه ويحملوا أيديهم إلى السماء، وذلك لاستفاضة الفهم عندهم بأن ربهم المدعوفي السماء سبحانه.» ونطق: «زعم بعضهم حتى معنى الاستواء هاهنا الاستيلاء، ونزع فيه إلى بيت مجهول، لم يقله شاعر معروف يصح الاحتجاج بقوله»، واستدلوا أيضًا بإمراره الصفات كما اتىت في قوله: «فأما ما سألت عنه من الصفات، وما اتى منها الكتاب والسنة فإن ممضى السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها.»، ونقل عنه ذلك ابن تيمية في الفتوى الحموية الكبرى. كما حتى الخطابي كان ينتقد فهم الكلام، وألف في ذلك كتاب الغنية عن الكلام وأهله، والذي أرود ابن تيمية مقدمته في كتابه بيان تلبيس الجهمية
واستدل القائلون بأنه كان أشعرياً بقوله عند تفسير قوله تعالى ﴿وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾: «أي قدرته على طيها، وسهولة الأمر في جمعها.» كما استدلوا بتفسيره لقوله تعالى ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾: «أنه يبرز من أمر يوم القيامة أمر عظيم وشدتها ما يرتفع معه سواتر الامتحان، فيتميز عند ذلك أصحاب اليقين والإخلاص، فيُؤذن لهم بالسجود، ووينكشف الغطاء عن أهل النفاق، فتعود ظهورهم طبقًا لا يستطيعون السجود.»

في الحديث

وفاته

بست

مدينة بست، مسقط رأس الإمام الخطابي، ومحل وفاته.

توفي في مدينة بست في يوم السبتسبعة ربيع الآخر سنة 388 هـ، وقد رثاه عدد من الفهماء والأدباء، فرثاه أبومنصور الثعالبي قائلًا:

انظروا كيف من الممكن أن تخُمد الأنوارُ		انظروا كيف من الممكن أن تَسقُطُ الأقمارُ
انظُرُوا هكذا تزُول الرواسي		هَكَذا في الثَّرَى تغيض البحارُ

ورثاه أبوبكر عبد الله بن إبراهيم الحنبلي قائلًا:

وقد كان حمدًا كاسمه حَمدَ الورى		شمائلَ فيها للثناء مَمَادحُ
خلائقُ ما فيها معابٌ لعائبٍ		إذا ذُكِرَت يومًا فهُنَّ مَدَائحُ
تغمده الله الكريم بعفوه		ورحمته واللهُ عافٍ وصافحُ

مراجع

^ أبوسعد السمعاني في الأنساب (2/224)
^ مجلة الرسالة، العدد 98 على ويكي مصدر
^ الإمام الخطابي رائد شرح البخاري، مجلة دعوة الحق العدد 207، تاريخ الولوج 24 مايو2016م نسخة محفوظة 17 مارس 2017 على مسقط واي باك مشين.
^ كاميرون يتفقد جنود بلاده بأفغانستان - الجزيرة نسخة محفوظة 17 أبريل 2016 على مسقط واي باك مشين.
^ وفيات الأعيان (2/215)، طبقات الشافعية للإسنوي (1/468) نسخة محفوظة 13 ديسمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
^ طبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط، ل 100،أ)
^ معجم البلدان (3/ 190-192)
^ معجم البلدان (3/ 331-333)
↑ سير أعلام النبلاء جزء 17 من ص: 23 إلى 28 نسخة محفوظة 26 نوفمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
↑ كتاب الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة، لأبي عبد الرحمن الحسن بن عبد الرحمن العلوي ص 33، طبعة دار الوطن، الطبعة الأولى نسخة محفوظة 24 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
^ تذكرة الحفاظ/الطبقة الثالثة عشرة (3/1020) على ويكي مصدر
^ منطق بعنوان: عقيدة السلف في الصفات: معنى قولهم "أمروها كما اتىت"، مسقط عقيدة السلف الصالح نسخة محفوظة 28 سبتمبر 2011 على مسقط واي باك مشين.
^ حاشية ابن القيم على سنن أبي داود، محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، دار الخط الفهمية - بيروت، الطبعة الثانية ، 1415، جـ 13، صـ 25 نسخة محفوظة 11 يناير 2020 على مسقط واي باك مشين.
^ حاشية ابن القيم على سنن أبي داود، دار الخط الفهمية - بيروت، الطبعة الثانية ، 1415، جـ 13، صـ 26، ومختصر الصواعق جـ 2، صـ 381، نقلاً عن كتاب شعار الدين للخطابي
^ مجلة البحوث الإسلامية، العدد السابع والستون - الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1423هـ، البحوث، صفة الاستواء لله عز وجل، الفصل الثالث، المبحث الثاني الرد على المخالفين^{[وصلة مكسورة]}، مسقط الرئاسة العامة للبحوث الفهمية والإفتاء
↑ مجلة البحوث الإسلامية، العدد الثاني عشر - الإصدار: من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1405هـ، بحوث في العقيدة، بيان في إثبات علوالله تعالى ومباينته لخلقه، فصل في تعلق المردود عليه بجمل من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وابن رجب، قول ابن القيم في مختصر الصواعق، الرئاسة العامة للبحوث الفهمية والإفتاء^{[وصلة مكسورة]}
^ كتاب الغنية عن الكلام وأهله، على الموسوعة الكاملة نسخة محفوظةتسعة يناير 2020 على مسقط واي باك مشين.
^ بيان تلبيس الجهمية جـ:1، صـ: 251 - 254
^ المسائل المتعلقة بالأسماء الحسنى عند الأشاعرة، مسقط الدرر السنية نسخة محفوظة 19 أغسطس 2017 على مسقط واي باك مشين.
^ أعلام الحديث جـ 3، صـ 1901
^ أعلام الحديث جـ 3، صـ 1930: 1933
^ معجم الأدباء (4/250)، سير أعلام النبلاء (17/27)، تذكرة الحفاظ (3/1020) نسخة محفوظة 26 نوفمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
↑ كتاب الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة، لأبي عبد الرحمن الحسن بن عبد الرحمن العلوي ص 29، طبعة دار الوطن، الطبعة الأولى نسخة محفوظة 24 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.

معلومات

^ هوأبوعبد الرحمن زيد بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي القرشي العدوي، وأخوعمر بن الخطاب، وقد كان أسن منه، كما أنه أسلم قبله، استشهد في معركة اليمامة سنة 12 هـ
^ نطق في مقدمة كتاب غريب الحديث ص:51: «وأما كتابنا هذا فقد كان خرج لي بعضه وأنا إذ في بخارى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة»
^ نطق المضىي في سير أعلام النبلاء الطبقة التاسعة عشر: «ابن أبي هريرة الإمام شيخ الشافعية أبوعلي، الحسن بن الحسين بن أبي هريرة البغدادي القاضي، انتهت إليه رئاسة الممضى، تفقه بابن سريج ثم بأبي إسحاق المروزي، وصنف شرحا لـ"مختصر المزني"، أخذ عنه: أبوعلي الطبري، والدارقطني وغيرهما، واشتهر في الآفاق، توفي سنة خمس وأربعين وثلاثمائة.» "نسخة مؤرشفة". Archived from the original onخمسة سبتمبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 24 مايو2016. صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)